هذا جبرائيل يخبرني عن اللّه ما احب ابا بكر وعمر الا مؤمن تقي، ولا ابغضهما الا منافق شقي، ثم ساق له حديثين من هذا الجنس. انتهى(1).
هـ- وفي حديث «ان اللّه ليتجلى للناس عامة ويتجلى لابي بكر خاصة»، يقول الذهبي في ترجمة علي بن الحسن المكتب اني اقطع بان هذا الحديث من وضع هذا الشويخ علي القطان، ويقول الدارقطني ان علي بن الحسن كان يضع الحديث(2).
و- وفي ترجمة وضاع آخر:
احمد بن بكر البالسي: قال ابن عدي: روى مناكير عن الثقات.
ثم ساق له ثلاثة احاديث منها: عن حجاج عن ابن جريج عن عطاء عن ابي سعيد مرفوعا قال: من ابغض عمر فقد ابغضني، ومن احبه فقد احبني، عمر معي حيث حللت، وانا مع عمر حيث حل، حدثناه محمد بن حمدون النيسابوري حدثنا احمد، قال ابو الفتح الازدي: احمد البالسي كان يضع الحديث(3).
____________
1 - ميزان الاعتدال: ج 1 ص 54.
2 - ميزان الاعتدال: ج 3 ص 120.
3 - ميزان الاعتدال: ج 1 ص 86.
هذه نماذج فقط، يلاحظ عليها انها سارية وفق مبدا «قلب الحديث» و «تبديل المواقع». لقد عمدهؤلاء فقلبوا احاديث ثابتة بحق الامام علي (ع) ووصفوها باسماء آخرين، بل الامر نفسه تحقق مع القاب الشهرة كالصديق والفاروق فهي الالقاب التي اطلقها رسول اللّه (ص) على امير المؤمنين، ولقدجاءت هذه الاحاديث في الكثير من الكتب، انظر مثلا:
عن ابي ذر وسلمان قالا: اخذ النبي (ص) بيد علي (ع) فقال: ان هذا اول من آمن بي، وهذا اول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الاكبر، وهذا فاروق هذه الامة يفرق بين الحق والباطل، وهذايعسوب المؤمنين والمال يعسوب المنافقين(2).
____________
1 - ميزان الاعتدال: ج 1 ص 348.
2 - انظر: السنن الكبرى للنسائي: ج 5 ص 106 و ص 107 ح 8395، الرياض النضرة ج 3 ص 100 سنن ابن ماجه ج 1 ص 44 ح 120، تاريخ الطبري ج 2 ص 310، ترجمة الامام علي 7 في تاريخ دمشق ج 1 ص 61،فرائد السمطين ج 1 ص 248، الاصابة ج 4 ص 171 رقم 994، الاستيعاب ج 4 ص 170، اسد الغابة ج 6ص 270، فيض القدير ج 4 ص 358، مجمع الزوائد ج 9 ص 102، كنز العمال ج 11 ص 616 ح 32990 وص 610 ح 32897، الدر المنثور ج 7 ص 53، الصواعق المحرقة ص 125، كفاية الطالب ص 123، ذخائرالعقبى ص 56، التفسير الكبير للفخر الرازي 27/57.
اما حديث التجلي فانه والعياذ باللّه نوع من التجسيم وحاشا للّه ان نقول بتجسيمه، واما حديث من ابغض عمر فقد ابغضني، فاننا لو نظرنا الى كل احاديث من احب عليا فقد احبني فانها بدات بالحب اولا وانتهت بمن ابغض او كره ولكن جاء الوضاعون فوضعوا: من ابغض عمر فقدابغضني، والافتعال واضح على هذا (الحديث) لان الرسول (ص) في كل كلامه يبدا حديثه في ترغيب الناس فيتكلم عن الحب والعواطف ولكنه في هذا الحديث بدا بالبغض والتنافر، وهو ممايبعد صدوره عنه (ص)، اما الشطر الثاني من الحديث (اي عمر معي حيث حللت) فانه حديث آخربحق الامام علي (ع) اخذه الوضاعون وعندما قلبوا الحديث الاول الصقوا هذا الحديث الثاني تكملة للحديث الاول، وهذا الحديث ايضا مما قد اتفق عليه العلماء وهو ان الرسول (ص) قال: علي معي وانا مع علي، وعلي مني وانا من علي.
اما حديث مباهاة رب العالمين في عشية عرفة بعمر فلقد اغنانا عن رده جواب الذهبي وهو احداقطابهم الذي نفاه وصفه بانه نكرة جدا.
ومما تجدر الاشارة اليه في هذا السياق جراة الذهبي وتشدده في رفض كل احاديث فضائل الخلفاء الثلاثة، وفضائل معاوية.
ثانيا: وضع الاحاديث في فضائل معاوية:
وضعت في فضائل معاوية احاديث كثيرة، وقام الماجورون ومن يسمون انفسهم بالعلماء بكتابة وتاليف كتب عن احوال وفضائل معاوية، نذكر هنا قسما منها:
أ- قال ابن حجر في الصواعق المحرقة في تطهير الجنان واللسان ص 15:
جاء عن ابن عباس انه قال: جاء جبرئيل الى النبي (ص) فقال:
يامحمد استوص بمعاوية، فانه امين على كتاب اللّه ونعم الامين هو.
ورجاله رجال الصحيح الا واحدا ففيه لين، والاخر قال الحافظ الهيثمي: لا اعرفه!
هذا نص كلام ابن حجر، ولقد ذكرنا آنفا اننا اذا اردنا ان نعرف الوضع في السند فاننا نلاحظ فيه راويا مجهولا لايعرف، ومن هنا ادخل الوضاعون مثل هذه الاحاديث في فضائل معاوية.
اقرا هذه الخزعبلة العجيبة وهي من المصدر السابق ونفس الصفحة، وسوف اترك الحكم لك!
ان عون بن مالك كان قائلا نائما بمسجد باريحاء، فانتبه فاذا اسد يمشي اليه، فاخذ سلاحه فقال له الاسد: صه انما انا ارسلت اليك برسالة لتبلغها، قلت: من ارسلك؟ قال: اللّه ارسلني اليك لتعلم معاوية انه من
رواه الطبراني عن عون بن مالك.
ب- جاء في ترجمة احد محدثي هذه الفضيلة.
أ- ابراهيم بن زكريا ابو اسحاق العجلي البصري الضرير المعلم.
قال ابو حاتم: حديثه منكر، وقال ابن عدى: حدث بالبواطيل، وقال: ياتي عن مالك باحاديث موضوعة، عنه: محمد بن مصطفى، حدثنا محمد بن عبيد القرشي، حدثنا ابراهيم بن زكريا، عن مالك، عن عبد اللّه بن دينار، عن ابن عمر، ان جعفرا اهدى الى النبي (ص) سفرجلا فاعط ى معاوية ثلاثة فقال: القني بهن في الجنة.
ج- عن(1) خارجة بن زيد عن ابيه مرفوعا قال رسول اللّه (ص): ياام حبيبة، للّه اشد حبالمعاوية منك كاني اراه على رفارف الجنة، يقول الذهبي في ترجمة محمد بن رجاء، روى عن عبد الرحمن بن ابي الزناد خبرا باطلا في فضل معاوية اتهم بوضعه(2).
نكتفي بهذا، واما ما صح عن النبي (ص) انه قاله بحق معاوية وثبت عند العلماء صحته سندا ومتنافهو انه (ص) قال: اذا رايتم معاوية على
____________
1 - ميزان الاعتدال: ج 1 ص 31، لسان الميزان ج 1 ص 50 (قال ابن حبان: هذا الحديث موضوع لا اصل له).
2 - ميزان الاعتدال: ج 3 ص 545 رقم 7517.
وهذا الحديث ينفي كل فضيلة لمعاوية ويقدح به الى حد ان الرسول (ص) امر بقتله اذا رؤي على منبر رسول اللّه (ص) ولكن من يفعل هذا؟
اخرج احمد عن طريق عبد اللّه بن بريدة قال: دخلت انا وابي على معاوية فاجلسنا على العرش ثم اتينا بالطعام، فاكلنا، ثم اتينا بالشراب، فشرب معاوية ثم ناول ابي قال (ابي): ماشربته منذ حرمه رسول اللّه (ص)(2).
ماتقول لمن سموه اميرا للمؤمنين ولمن اتفقت عليه الجماعة بانه امين على الوحي وله فضائل جمة، وهو يشرب المسكر الذي حرمه اللّه ورسوله، هل يحتمل انه لم يكن سمع بتحريم الخمر؟
ثالثا: وضع الاحاديث في فضائل المدن وقصة الابدال:
قام الامويون بوضع كم هائل من الفضائل التي امروا بها الوضاع
____________
1 - رواه البلاذري في تاريخه الكبير ورجاله رجال الصحاح واخرجه ابن حجر في تهذيب التهذيب: ج 7ص 324 بالاسناد الى ابي سعيد الخدري بطريق رجاله كلهم ثقات، ورواه الطبراني في تاريخه: ج 11 ص 357وتاريخ بغداد: ج 12 ص 181، وكنوز الحقائق للمناوي ص 10، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد: ج 1ص 348 وغيرها.
2 - مسند احمد بن حنبل: ج 6 ص 476 حديث 22432.
الشام:
أ- روى احمد وابو داود واليعقوبي، وغيرهم ان رسول اللّه (ص) قال: عليكم بالشام، فانها خيرة اللّه في ارضه، يجتبى اليها خيرته من عباده، ان اللّه قد توكل بالشام واهله.
ب- وفي حديث آخر:
الشام صفوة اللّه في بلاده يجتبى اليها صفوته من عباده، فمن خرج من الشام الى غيرها فبسخطه ومن دخلها من غيرها فبرحمته.
ج- وفي حديث عن ابي هريرة رفعه الى النبي (ص): اربع مدائن من مدائن الجنة، مكة والمدينة وبيت المقدس ودمشق، واما مدائن النار فالقسطنطينية وطبرية وانطاكية وصنعاء(1).
____________
1 - نقلا عن كتاب اضواء على السنة المحمدية او دفاع عن الحديث، محمود ابو ريه ص 129.
الابدال:
مصطلح جديد جاء به الامويون محاولة منهم لذر الرماد في اعين المسلمين، على ان الامويين رجالا ونساء، ان لم نقل انهم افضل من اهل البيت وصحابة رسول اللّه فانهم يوازونهم في الفضل، وذلك تلافيا للوضع الذي اوجدوه بقتلهم اصحاب رسول اللّه (ص) خصوصا ممن كانوا مع اميرالمؤمنين (ع)، وان المسلمين سوف ينصرون ويرزقون ويمطرون بهؤلاء الابدال، وعليه فان الخروج على الشام واميرها سوف يرفع النصر والرزق عن المسلمين. وقد انطلت هذه الحيلة على الكثير من بسطاء المسلمين واعتقدوا بصحتها.
عندما عاد معاوية من صلحه مع الامام الحسن (ص) خطب بالناس وذكرهم بنفسه واعط ى الاشارة المتفق عليها مع الوضاعين بعد سماعهم كلمة الابدال والشروع في وضع الاحاديث لهذه الفرية.
روى الواقدي:
ان معاوية لما عاد من العراق الى الشام بعد بيعة الحسن سنة 41هـ خطب فقال: ايها الناس ان رسول للّه قال انك ستلي الخلافة من بعدي!! فاختر الارض المقدسة! فان فيها الابدال!
وقد اخبرتكم فالعنوا ابا تراب (يقصد علي بن ابي طالب). فلما كان من الغد كتب كتابا، ثم جمعهم، فقراه عليهم، وفيه: هذا كتاب كتبه امير
أ- عن عبادة بن الصامت: الابدال في هذه الامة ثلاثون رجلا قلوبهم على قلب ابراهيم خليل الرحمن كلما مات رجل ابدل اللّه مكانه رجلا.
وعنه ايضا: الابدال في امتي ثلاثون بهم تقوم الارض وبهم تنصرون وبهم تمطرون.
ب- عن عوف بن مالك: الابدال في اهل الشام بهم ينصرون وبهم يرزقون.
ج- عن انس بن مالك: الابدال اربعون رجلا واربعون امراة كلما مات رجل ابدل اللّه مكانه رجلا، وكلما ماتت امراة ابدل اللّه مكانها امراة.
ولقد نفى الكثير من العلماء صحة هذه الاحاديث وهذه الروايات وقالوا بانها روايات باطلة سنداومتنا، كما ان اهل الحديث المحققين قد تكلموا في اسانيد احاديث الابدال هذه، ومنهم الحافظ ابن الجوزي الذي حكم بوضعها وتابعه على ذلك ابن تيمية وكذلك السخاوي.
____________
1 - اضواء على السنة المحمدية او دفاع عن الحديث، محمود ابو رية ص 130.
رابعا: وضع احاديث ضد امير المؤمنين (ع) واهل بيته: والسب العلني واللعن.
أ- قال ابن عساكر: كان اول عمل عمله معاوية بعد ان استولى على الحكم ان كتب لعماله في جميع الافاق بان يلعنوا عليا على المنابر(1).
ب- يقول الحجوي في ترجمة معاوية (ومن اقبح مايذكر في تاريخه سبه لعلي كرم اللّه وجهه، ولولا انه في صحيح مسلم، ماصدقت بوقوعه منه، ماادري ماوجه اجتهاده فيه حتى كان سنة من بعده)(2).
ج- اخرج مسلم عن طريق عامر بن سعد بن ابي وقاص قال: امر معاوية سعدا فقال: ما منعك ان تسب ابا تراب، فقال: انما ذكرت ثلاثا قالهن رسول اللّه (ص) فلن اسبه ولان تكون لي واحدة منهم احب الي من حمر النعم(3).
____________
1 - تاريخ ابن عساكر: ج 2 ص 47، المستدرك للحاكم ج 1 ص 358 و ص 385، تاريخ الطبري ج 5 ص 167و ص 168، الكامل في التاريخ لابن الاثير ج 3 ص 413، تاريخ الخلفاء للسيوط ي ص 190، شرح النهج لابن ابي الحديد ج 1 ص 356 و ص 361، العقد الفريد ج 4 ص 365، ونقله في الغدير ج 10 ص 264 عن ارشادالساري في شرح صحيح البخاري للقسطلاني ج 4 ص 368، تحفة الباري في شرح صحيح البخاري للانصاري مطبوع بذيل ارشاد الساري.
2 - الفكر السامي: ح 1 ص 276، تاريخ التشريع للفضلي ص 85.
3 - صحيح مسلم: ج 2 ص 120، الترمذي ج 12 ص 171، تاريخ ابن الاثير ج 8 ص 77.
هـ- لما مات الحسن بن علي (ع) حج معاوية فدخل المدينة واراد ان يلعن عليا على منبر رسول اللّه (ص) فقيل له: ان ههنا سعد بن ابي وقاص ولا نراه يرضى بهذا(2).
و- روى ابن الاثير عن شهر بن حوشب انه قال: اقام اي معاوية خطباء يشتمون عليا (ع) ويقعون فيه(3).
ز- عن عمرو بن العاص: ان رسول اللّه (ص) قال: ان آل ابي طالب ليسوا لي باولياء(4).
ح- لنقرا ترجمة احد ثقاتهم، وهو عندهم من الحفاظ المكرمين والثقات، مانال هذه الدرجة الابميله عن علي (ع).
ابراهيم بن يعقوب بن اسحان السعدي ابو اسحاق الجوزجاني:
كان احمد بن حنبل يكاتبه ويكرمه اكراما شديدا، قال النسائي:
ثقة، قال الدارقطني: كان من الحفاظ المصنفين والمخرجين الثقات، قال ابن عدي: كان شديد الميل الى مذهب اهل دمشق في الميل على علي، قال الدارقطني بعد ان ذكر توثيقه: لكن فيه انحراف عن علي، اجتمع على بابه
____________
1 - فضائل الصحابة من فتح الباري تحقيق عبد الفتاح شبل: ص 142.
2 - العقد الفريد: ج 2 ص 301 و ص 144، المستطرف ج 1 ص 54.
3 - اسد الغابة: ج 1 ص 134، الاصابة ج 1 ص 77.
4 - فجر الاسلام: ص 261.
اما ماجاء عن رسول اللّه (ص) فيمن سب عليا (ع):
عن ابن عباس قال: اشهد باللّه لسمعته من رسول اللّه (ص) يقول: من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب اللّه ومن سب اللّه عزوجل اكبه اللّه على منخريه. اخرجه ابو عبد اللّه الجدلي، ولقد جاء هذاالحديث بطرق متعددة وبالفاظ مختلفة فراجع(2).
____________
1 - تهذيب التهذيب: ج 1 ص 185.
2 - المستدرك على الصحيحين: ج 3 ص 130 ح 4615 و ح 4616 و ص 131 ح 4619، مسند احمد ج 4ص 534 ح 15530 و ج 7 ص 455 ح 26208، وخصائص النسائي ضمن السنن ج 5 ص 133 ح 8476،الرياض النضرة ج 3 ص 109 و ص 110، فرائد السمطين ج 1 ص 301 ح 240، المرقاة في شرح المشكاة ج 10ص 474، ذخائر العقبى ص 66، نور الابصار ص 80 و ص 110، كفاية الطالب ص 82، الفصول المهمة ص 125، كنز العمال ج 13 ص 165 ح 36503، تاريخ دمشق في ترجمة الامام علي (ع) ج 3 ص 294ح 1323، اسد الغابة ج 4 ص 240 رقم 3953، الاصابة ج 2 ص 542 ح 5886، الاستيعاب ج 2 ص 530، مسندابي يعلى الموصلي ج 2 ص 109 ح 770، المطالب العالية لابن حجر العسقلاني ج 4 ص 63 ح 3966،الصواعق المحرقة لابن حجر ص 123، فيض القدير ج 6 ص 18 ح 8266.