ومن يريد تهذيب نفسه لابدّ أن يصنع لها هذه الخلوة، والتفكير فيها بحرية لمحاسبتها، وخير طريق لهذه الخلوة والمحاسبة أن يواظب على قراءة هذه الادعية المأثورة التي تصل بمضامينها إلى أغوار النفس، مثل أن يقرأ في دعاء أبي حمزة الثمالي(1) رضوان الله تعالى عليه:
«أي ربِّ، جلّلني بسترِكَ، واعفُ عن توبيخي بكرمِ وجهِكَ».
فتأمّل كلمة «جلّلني...»، فإنّ فيها ما يثير في النفس رغبتها في كتم ما تنطوي عليه من المساوئ، ليتنبّه الانسان إلى هذه الدخيلة فيها، ويستدرجه إلى أن يعترف بذلك حين يقرأ بعد ذلك:
«فلو اطّلع اليومَ على ذنبي غيركَ ما فعلتُه، ولو خفتُ تعجيلَ العقوبةِ لاجتنبتُه».
____________
(1) مصباح المتهجد: 582.
«فَلكَ الحمدُ على حلمِكَ بعدَ علمِكَ، وعلى عفوِكَ بعدَ قُدرتِكَ».
ثم يوحي الدعاء إلى النفس سبيل الاعتذار عمّا فرط منها على أساس ذلك الحلم والعفو منه تعالى، لئلاّ تنقطع الصلة بين العبد وربّه، ولتلقين العبد أنّ عصيانه ليس لنكران الله واستهانة بأوامره، إذ يقول:
«ويحملُني ويجرِّئني على معصِيتكَ حلمُكَ عنّي، ويدعوني إلى قلّةِ الحياءِ سترُكَ عليَّ، ويسرِّعني إلى التوثُّبِ على محارمِكَ معرفَتِي بسَعةِ رحمتِكَ وعظيمِ عفوِكَ».
وعلى أمثال هذا النمط تنهج الادعية في مناجاة السرّ، لتهذيب النفس، وترويضها على الطاعات وترك المعاصي.
ولا تسمح الرسالة هذه بتكثير النماذج من هذا النوع، وما
ويعجبني أن أورد بعض النماذج من الادعية الواردة باسلوب الاحتجاج مع الله تعالى لطلب العفو والمغفرة، مثل ما تقرأ في دعاء كميل بن زياد:
«وليتَ شِعري يا سيّدِي ومولايَ، أتسلّطُ النارَ على وجوه خرَّت لعظمتِكَ ساجدةً، وعلى ألسُن نطقت بتوحيدِكَ صادقةً، وبشكرِكَ مادِحةً، وعلى قلوب اعترفَت بالهيّتِك محققةً، وعلى ضمائِرَ حوت مِنَ العلم بكَ حتّى صارت خاشعَةً، وعلى جوارحَ سعَت إلى أوطانِ تعبُّدِكِ طائعةً، وأشارت باستغفارِكَ مذعنةً؟! ما هكذا الظنُّ بكَ، ولا أُخبرنَا بفضلِكَ».
كرّر قراءة هذه الفقرات، وتأمَّل في لطف هذا الاحتجاج وبلاغته وسحر بيانه، فهو في الوقت الذي يوحي للنفس الاعتراف بتقصيرها وعبوديّتها، يلقِّنها عدم اليأس من رحمة الله تعالى وكرمه، ثم يكلِّم النفس بابن عم الكلام، ومن طرف خفي، لتلقينها واجباتها العليا، إذ يفرض فيها أنها قدّ قامت بهذه الواجبات كاملة، ثمّ يعلِّمها أنّ الانسان بعمل هذه الواجبات يستحق التفضل من الله بالمغفرة، وهذا ما يشوِّق المرء إلى أن يرجع إلى نفسه فيعمل ما يجب أن
ثمّ تقرأ أُسلوباً آخر من الاحتجاج من نفس الدعاء:
«فهبني يا إلهي وسيِّدي وربِّي صبرتُ على عذابِكَ فَكيفَ أصبرُ على فراقِكَ، وهبني يا إلهي صبرتُ على حرِّ نارِكَ فكيفَ أصبرُ عن النظرِ إلى كَرامتِكَ».
وهذا تلقين للنفس بضرورة الالتذاذ بقرب الله تعالى، ومشاهدة كرامته وقدرته، حبّاً له وشوقاً إلى ما عنده، وبأنّ هذا الالتذاذ ينبغي أن يبلغ من الدرجة على وجه يكون تأثير تركه على النفس أعظم من العذاب وحرّ النار، فلو فرض أنّ الانسان تمكَّن من أن يصبر على حر النار فإنّه لا يتمكَّن من الصبر على هذا الترك، كماتفهمنا هذه الفقرات أنّ هذا الحب والالتذاذ بالقرب من المحبوب المعبود خير شفيع للمذنب عند الله لان يعفو ويصفح عنه.
ولا يخفى لطف هذا النوع من التعجُّب والتملّق إلى الكريم الحليم قابل التوب وغافر الذنب.
ولا بأس في أن نختم بحثنا هذا بإيراد دعاء مختصر جامع لمكارم الاخلاق، ولما ينبغي لكلّ عضو من الانسان وكلّ صنف منه أن يكون عليه من الصفات المحمودة:
____________
(1) البلد الامين: 349.
«إنّ الله عزّوجلّ لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه، فاذا دعوت فأقبل بقلبك ثمّ استيقن بالاجابة»(1).
35 ـ أدعية الصحيفة السجّادية
بعد واقعة الطف المحزنة، وتملُّك بني أميّة ناصية أمر الامَّة الاسلامية ـ فأوغلوا في الاستبداد، وولغوا في الدماء، واستهتروا في تعاليم الدين ـ بقي الامام زين العابدين وسيِّد الساجدين (عليه السلام)جليس داره محزوناً ثاكلاً، وجليس بيته لا يقربه أحد، ولا يستطيع
____________
(1) الكافي 2/343.
فاضطرّ أن يتّخذ من أسلوب الدعاء ـ الذي قلنا أنّه أحد الطرق التعليمية لتهذيب النفوس ـ ذريعة لنشر تعاليم القرآن، وآداب الاسلام، وطريقة آل البيت، ولتلقين الناس روحية الدين والزهد، وما يجب من تهذيب النفوس والاخلاق.
وهذه طريقة مبتكرة له في التلقين، لا تحوم حولها شبهة المطاردين له، ولا تقوم بها عليه الحجّة لهم، فلذلك أكثر من هذه الادعية البليغة.
وقد جمعت بعضها «الصحيفة السجادية» التي سميت بـ «زبور آل محمّد»، وجاءت في أُسلوبها ومراميها في أعلى أساليب الادب العربي، وفي اسمى مرامي الدين الحنيف، وأدق أسرار التوحيد والنبوّة، وأصح طريقة لتعليم الاخلاق المحمدية والاداب الاسلامية.
وكانت في مختلف الموضوعات التربوية الدينية، فهي تعليم للدين والاخلاق في أسلوب الدعاء، أو دعاء في أُسلوب تعليم للدين والاخلاق، وهي بحقّ ـ بعد القرآن، ونهج البلاغة ـ من أعلى أساليب البيان العربي، وأرقى المناهل الفلسفية في الالهيات
فمنها: ما يعلّمك كيف تمجِّد الله وتقدّسه، وتحمده وتشكره، وتتوب إليه.
ومنها: ما يعلِّمك كيف تناجيه، وتخلو به بسرّك، وتنقطع إليه.
ومنها: ما يبسط لك معنى الصلاة على نبيّه ورسله وصفوته من خلقه، وكيفيتها.
ومنها: ما يفهمك ما ينبغي أن تبرّ به والديك.
ومنها: ما يشرح لك حقوق الوالد على ولده، أو حقوق الولد على والده، أو حقوق الجيران، أو حقوق الارحام، أو حقوق المسلمين عامّة، أو حقوق الفقراء على الاغنياء وبالعكس.
ومنها: ما ينبّهك على ما يجب ازاء الديون للناس عليك، وما ينبغي أن تعمله في الشؤون الاقتصادية والمالية، وما ينبغي أن تعامل به أقرانك وأصدقاءك وكافّة الناس، ومن تستعملهم في مصالحك.
ومنها: ما يجمع لك بين جميع مكارم الاخلاق، ويصلح أن يكون منهاجاً كاملاً لعلم الاخلاق.
ومنها: ما يعلّمك كيف تصبر على المكاره والحوادث، وكيف
ومنها: ما يشرح لك واجبات الجيوش الاسلامية، وواجبات الناس معهم، إلى غير ذلك ممّا تقتضيه الاخلاق المحمَّدية والشريعة الالهية، وكلّ ذلك بأُسلوب الدعاء وحده.
والظاهرة التي تطغو على أدعية الامام عدّة أمور:
الاول: التعريف بالله تعالى وعظمته وقدرته، وبيان توحيده وتنزيهه بأدق التعبيرات العلمية، وذلك يتكرّر في كلّ دعاء بمختلف الاساليب، مثل ما تقرأ في الدعاء الاوّل:
«الحَمدُ لله الاوَّلِ بلا أوَّل كانَ قبلَهُ، والاخِرُ بلا آخِر يكونُ بعدهُ، الذي قَصُرت عن رؤيتِهِ أبصارُ الناظِرينَ، وعَجَزَت عن نعتِهِ أوهامُ الواصفينَ، إبتدَعَ بقدرتِهِ الخلقَ ابتداعاً، واخترعَهُم على مشيئتِه اختِراعاً».
فتقرأ دقيق معنى الاول والاخر، وتنزُّه الله تعالى عن أن يحيط به بصر أو وهم، ودقيق معنى الخلق والتكوين.
ثمّ تقرأ اسلوباً آخر في بيان قدرته تعالى وتدبيره في الدعاء 6:
«الحمدُ لله الَّذي خَلقَ الليلَ والنهارَ بقوَّتِهِ، وميَّز بينَهما بقدرتِهِ، وجعَلَ لكلٍّ منهُما حدّاً محدوداً، يُولجُ كلَّ واحد منهما في صاحِبه،
إلى آخر ما يذكر من فوائد خلق النهار والليل، وما ينبغي أن يشكره الانسان من هذه النعم.
وتقرأ أُسلوباً آخر في بيان أنّ جميع الامور بيده تعالى في الدعاء 7:
«يَا مَن تُحَلُّ بهِ عُقدُ المكارِهِ، وَيا من يُفثأُ بهِ حدُّ الشدائِدِ، وَيا مَن يُلتمَسُ منهُ المخَرجُ إلى روحِ الفرَجِ، ذلَّت لقدرتِكَ الصعابُ، وتسبَّبَت بلطفِكَ الاسبابُ، وجرَى بقُدرَتِكَ القضاءُ، ومضَت على إرادَتِكَ الاشياءُ، فَهي بمشيئَتِكَ دونَ قولِكَ مؤتمرةٌ، وبإرادتِكَ دونَ نهيكَ منزجزةٌ».
الثاني: بيان فضل الله تعالى على العبد، وعجز العبد عن أداء حقّه مهما بالغ في الطاعة والعبادة، والانقطاع إليه تعالى، كما تقرأ في الدعاء 37:
«اللّهمَّ إنّ أحداً لا يبلُغُ مِن شكرِكَ غايةً إلاّ حصَلَ عليهِ من
وبسبب عظم نِعم الله تعالى على العبد التي لا تتناهى يعجز عن شكره، فكيف إذا كان يعصيه مجترئاً، فمهما صنع بعدئذ لا يستطيع أن يكفِّر عن معصية واحدة، وهذا ما تصوّره الفقرات الاتية من الدعاء 16:
«يَا إلهي لَو بكيتُ إليكَ حتّى تسقُطُ أشفارُ عينَيّ، وانتحبتُ حتّى ينقطعَ صوتِي، وقمتُ لكَ حتّى تتنشّرَ قدَمايَ، وركعتُ لكَ حتّى ينخلعَ صُلبي، وسجدتُ لكَ حتّى تتفقّأَ حدقتايَ، وأكلتُ ترابَ الارضِ طولَ عمري، وشربتُ ماءَ الرمادِ آخرَ دهرِي، وذكرتُكَ في خلالِ ذلكَ حتّى يكلَّ لساني، ثمّ لم أرفع طرفِي إلى آفاقِ السماءِ استحياءً منكَ، ما استوجبتُ بذلكَ محوَ سيِّئة واحدة من سيّئاتي».
الثالث: التعريف بالثواب والعقاب والجنة والنار، وأنّ ثواب الله تعالى كلّه تفضُّل، وأنّ العبد يستحق العقاب منه بأدنى معصية يجترئ بها، والحجّة عليه فيها لله تعالى.
وجميع الادعية السجّادية تلهج بهذه النغمة المؤثّرة، للايحاء
«حجّتكَ قائمةٌ لا تدحضُ، وسلطانكَ ثابتٌ لا يزولُ، فالويلُ الدائمُ لمن جنحَ عنكَ، والخيبةُ الخاذلةُ لمن خابَ منكَ، والشقاءُ الاشقى لمن اغترَّ بكَ، ما أكثرَ تصرّفُهُ في عذابِكَ، وما أطولَ تردُّدُه في عقابِكَ، وما أبعد غايتُه من الفرجِ، وما أقنطَهُ من سهولَةِ المخرجِ، عدلاً من قضائِكَ لا تجورُ فيهِ، وإنصافاً من حكمكَ لا تحيفُ عليهِ، فقد ظاهرتَ الحججَ، وأبليت الاعذارَ».
ومثل ما تقرأ في الدعاء 31:
«اللّهمَّ فارحم وحدتِي بينَ يديكَ، ووجيبَ قلبي من خشيتِكَ، واضطرابَ أركاني من هيبتكَ، فقد أقامتني ـ يا ربِّ ـ ذنوبي مقامَ الخزي بفنائِكَ، فإن سكتُّ لم ينطق عنّي أحدٌ، وإن شفعتُ فلستُ بأهلِ الشفاعةِ».
ومثل ما تقرأ في الدعاء 39:
«فإنّكَ إن تكافـني بالحقِّ تهلكني، وإلاّ تَغَمـَّدني برحمتكَ
الرابع: سوق الداعي بهذه الادعية إلى الترفّع عن مساوئ الافعال وخسائس الصفات، لتنقية ضميره وتطهير قلبه، مثل ما تقرأ في الدعاء 20:
«اللّهمَّ وفِّر بلطفك نيّتي، وَصَحِّح بما عندكَ يقيني، واستصلح بقدرتكَ ما فسدَ منّي...
اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآلِ محمّد، ومتِّعني بهدىً صالح لا استبدلُ به، وطريقةِ حقٍّ لا أزيغُ عنها، ونيّةِ رشد لا أشكُّ فيها.
اللّهمَّ لا تدع خصلةً تُعابُ منّي إلاّ أصلحتَها، ولا عائبةً أؤنَّبُ بها إلاّ حسَّنتَها، ولا أكرومةً فيَّ ناقصةً إلاّ أتممتَها».
الخامس: الايحاء إلى الداعي بلزوم الترفُّع عن الناس وعدم التذلّل لهم، وألاّ يضع حاجته عند أحد غير الله، وأنّ الطمع بما في أيدي الناس من أخسِّ ما يتّصف به الانسان، مثل ما تقرأ في الدعاء 20:
«ولا تفتنّي بالاستعانةِ بغيركَ إذا اضطررتُ، ولا بالخشوع
ومثل ما تقرأ في الدعاء 28:
«اللّهمَّ إنّي أخلصتُ بانقطاعي إليكَ، وصرفتُ وجهي عمَّن يحتاجُ إلى رفدكَ، وقلبتُ مسألتي عمّن لم يستغن عن فضلكَ، ورأيتُ أنّ طلبَ المحتاجِ إلى المحتاجِ سَفَهٌ من رأيهِ، وضلَّةٌ من عقلِهِ».
ومثل ما تقرأ في الدعاء 13:
«فَمَن حاوَلَ سدّ خلّتِهِ من عندِكَ، ورامَ صرفَ الفقرَ عَن نفسِهِ بكَ، فقد طلبَ حاجَتَه في مظانِّها، وأتى طلبتَهُ من وجِهها، ومن توجَّهَ بحاجتِهِ إلى أحد من خلقِكَ، أو جعلَهُ سببَ نُجحِها دونَك، فقد تعرَّض للحرمانِ، واستحقَّ منكَ فوتَ الاحسانِ».
السادس: تعليم الناس وجوب مراعاة حقوق الاخرين، ومعاونتهم، والشفقة والرأفة من بعضهم لبعض، والايثار فيما بينهم، تحقيقاً لمعنى الاخوّة الاسلامية، مثل ما تقرأ في الدعاء 38:
«اللّهمَّ إنّي أعتذرُ إليكَ من مظلوم ظُلِمَ بحضرتي فَلم أنصرهُ، ومِن معروف أسديَ إليَّ فلم أشكرهُ، ومِن مسيء اعتذرَ إليَّ فلم
إنّ هذا الاعتذار من أبدع ما ينبِّه النفس إلى ما ينبغي عمله من هذه الاخلاق الالهية العالية.
وفي الدعاء 39 ما يزيد على ذلك، فيعلِّمك كيف يلزمك أن تعفو عمَّن أساء إليك، ويحذِّرك من الانتقام منه، ويسمو بنفسك إلى مقام القدّيسين:
«اللّهمَّ وأيَّما عبد نالَ منِّي ما حظرتَ عليهِ، وانتهكَ منِّي ما حجرتَ عليهِ، فمضَى بظلامتِي ميّتاً، أو حصلت لي قِبَلَهُ حَيّاً، فاغفر لَهُ ما ألمَّ بهِ منِّي، واعفُ لهُ عمّا أدبرَ بهِ عنِّي، ولا تقفهِ على ما ارتكبَ فيَّ، ولا تكشفهُ عمّا اكتسبَ بي، واجعل ما سمحتُ به منَ العفوِ عنهم، وتبرَّعتُ من الصدقةِ عليهم، أزكى صدقاتِ المتصدِّقينَ، وأعلى صِلاتِ المتقرِّبينَ، وعوِّضني من عفوي عنهُم عفوَكَ، ومن دعائِي لهم رحمتَكَ، حتّى يسعَدَ كلُّ واحد منّا بفضلِكَ».
وما أبدع هذه الفقرة الاخيرة، وما أجمل وقعها في النفوس الخيِّرة، لتنبيهها على لزوم سلامة النيّة مع جميع الناس، وطلب السعادة لكلّ أحد حتّى من يظلمه ويعتدي عليه.
36 ـ عقيدتنا في زيارة القبور
وممّا امتازت به الامامية العناية بزيارة القور ـ قبور النبي والائمّة عليهم الصلاة والسلام ـ وتشييدها، وإقامة العمارات الضخمة عليها، ولاجلها يضحّون بكلّ غال ورخيص، عن إيمان وطيب نفس.
ومردّ كلّ ذلك إلى وصايا الائمّة، وحثِّهم شيعتهم على الزيارة، وترغيبهم فيما لها من الثواب الجزيل عند الله تعالى، باعتبار أنّها من أفضل الطاعات والقربات بعد العبادات الواجبة، وباعتبار أنّ هاتيك القبور من خير المواقع لاستجابة الدعاء والانقطاع إلى الله تعالى.
وجعلوها أيضاً من تمام الوفاء بعهود الائمة، إذ «أنّ لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الاداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما
وفي زيارة القبور من الفوائد الدينية والاجتماعية ما تستحقّ العناية من أئمتنا، فإنّها في الوقت الذي تزيد من رابطة الولاء والمحبة بين الائمة وأوليائهم، وتجددّ في النفوس ذكر مآثرهم وأخلاقهم وجهادهم في سبيل الحق، تجمع في مواسمها أشتات المسلمين المتفرِّقين على صعيد واحد، ليتعارفوا ويتآلفوا، ثمّ تطبع في قلوبهم روح الانقياد إلى الله تعالى، والانقطاع إليه، وطاعة أوامره، وتلقِّنهم في مضامين عبارات الزيارات البليغة الواردة عن آل البيت حقيقة التوحيد والاعتراف بقدسيّة الاسلام والرسالة المحمّدية، وما يجب على المسلم من الخلق العالي الرصين، والخضوع إلى مدبِّر المكائنات، وشكر آلائه ونعمه، فهي من هذه الجهة تقوم بنفس وظيفة الادعية المأثورة التي تقدَّم الكلام عليها.
بل بعضها يشتمل على أبلغ الادعية وأسماها، كزيارة (أمين الله)، وهي الزيارة المرويّة عن الامام زين العابدين (عليه السلام) حينما زار قبر جدّه أمير المؤمنين (عليه السلام) (2).
____________
(1) كامل الزيارات: 122، الكافي 4/567.
(2) كامل الزيارات: 39.
فهي بحق من أرقى الادب الديني بعد القرآن الكريم ونهج البلاغة والادعية المأثورة عنهم، إذ أودعت فيها خلاصة معارف الائمة (عليهم السلام) فيما يتعلّق بهذه الشؤون الدينية والتهذيبية.
ثمّ إنّ في آداب أداء الزيارة أيضاً من التعليم والارشاد ما يؤكِّد من تحقيق تلك المعاني الدينية السامية، من نحو رفع معنوية المسلم، وتنمية روح العطف على الفقير، وحمله على حسن العشرة والسلوك، والتحبّب إلى مخالطة الناس، فإنّ من آدابها ما ينبغي أن يصنع قبل البدء بالدخول في المرقد المطهَّر وزيارته.
ومنها ما ينبغي أن يصنع في أثناء الزيارة وفيما بعد الزيارة، ونحن هنا نعرض بعض هذه الاداب، للتنبيه على مقاصدها التي قلناها:
من آدابها:
1 ـ أن يغتسل الزائر قبل الشروع بالزيارة ويتطهَّر، وفائدة ذلك فيما نفهمه واضحة، وهي أن ينظِّف الانسان بدنه من الاوساخ، ليقيه من كثير من الامراض والادواء، ولئلاّ يتأفّف من روائحه الناس، وأن يطهِّر نفسه من الرذائل.
وقد ورد في المأثور أن يدعو الزائر بعد الانتهاء من الغسل، لغرض تنبيهه على تلكم الاهداف العالية فيقول: «اللّهُمَّ اجعل لِي نوراً وطهوراً، وحِرزاً كافياً من كلِّ داء وسقَم، ومن كلِّ آفة وعاهة، وطهِّر به قلبي وجوارحي، وعظامي ولحمي ودمِي، وشعري وبشري ومخِّي وعظمي، وما أقلَّت الارضُ منِّي، واجعل لِي شاهِداً يومَ حاجَتي، وفقرِي وفاقَتِي»(1).
2 ـ أن يلبس أحسن وأنظف ما عنده من الثياب، فإنّ في الاناقة في الملبس في المواسم العامّة ما يحبّب الناس بعضهم إلى بعض، ويقرِّب بينهم، ويزيد في عزّة النفوس والشعور بأهميّة الموسم الذي يشترك فيه.
____________
(1) كامل الزيارات: 186.
3 ـ أن يتطيَّب ما وسعه الطيب، وفائدته كفائدة أدب لبس أحسن الثياب.
4 ـ أن يتصدَّق على الفقراء بما يعنَّ له أن يتصدَّق به، ومن المعلوم فائدة التصدُّق في مثل هذه المواسم، فإنّ فيه معاونة المعوزين، وتنمية روح العطف عليهم.
5 ـ أن يمشي على سكينة ووقار غاضّاً من بصره، وواضح ما في هذا من توقير للحرم والزيارة، وتعظيم للمزور، وتوجّه إلى الله تعالى، وانقطاع إليه، مع ما في ذلك من اجتناب مزاحمة الناس ومضايقتهم في المرور، وعدم إساءة بعضهم إلى بعض.
6 ـ أن يكبِّر بقول: «الله أكبر»، ويكرّر ذلك ما شاء، وقد تُحدَّد في بعض الزيارات إلى أن تبلغ المائة، وفي ذلك فائدة إشعار النفس بعظمة الله، وأنّه لا شيء أكبر منه، وأنّ الزيارة ليست إلاّ لعبادة الله
7 ـ وبعد الفراغ من الزيارة للنبي أو الامام يصلّي ركعتين على الاقل، تطوّعاً وعبادة لله تعالى، ليشكره على توفيقه إياه، ويهدي ثواب الصلاة إلى المزور.
وفي الدعاء المأثور الذي يدعو به الزائر بعد هذه الصلاة ما يفهم الزائر أنّ صلاته وعمله إنّما هو لله وحده، وأنه لا يعبد سواه، وليست الزيارة إلاّ نوع التقرّب إليه تعالى زلفى، إذ يقول:
«اللّهمَّ لكَ صلَّيتُ، ولكَ ركعتُ، ولَكَ سجدتُ وحدَكَ لا شريكَ لكَ، لانّه لا تكون الصلاةُ والركُوعُ والسجودُ إلاّ لَكَ، لانَّكَ أنتَ الله لا إلهَ إلاّ أنتَ.
اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآلِ محمّد، وتقبَّل منِّي زيارَتِي، وأعطِني سؤلِي، بمحمَّد وآلهِ الطاهرينَ»(1).
وفي هذا النوع من الادب ما يوضّح لمن يريد أن يفهم الحقيقة عن مقاصد الائمة وشيعتهم تبعاً لهم في زيارة القبور، وما يلقم المتجاهلين حجراً حينما يزعمون أنّها عندهم من نوع عبادة القبور،
____________
(1) المصباح للكفعمي 2/158.
وأغلب الظن أنّ غرض أمثال هؤلاء هو التزهيد فيما يجلب لجماعة الامامية من الفوائد الاجتماعية الدينية في مواسم الزيارات، إذ أصبحت شوكة في أعين أعداء آل بيت محمَّد، وإلاّ فما نظنهم يجهلون حقيقة مقاصد آل البيت فيها.
حاشا أولئك الذين أخلصو لله نيّاتهم، وتجرّدوا له في عباداتهم، وبذلوا مهجهم في نصرة دينه أن يدعوا الناس إلى الشرك في عبادة الله.
8 ـ ومن آداب الزيارة: أن يلزم للزائر حسن الصحبة لمن يصحبه، وقلّة الكلام إلاّ بخير، وكثرة ذكر الله، والخشوع، وكثرة الصلاة، والصلاة على محمّد وآل محمّد، وأن يغضّ من بصره، وأن يعدو إلى أهل الحاجة من إخوانه إذا رأى منقطعاً، والمواساة لهم، والورع عمّا نُهي عنه، وعن الخصومة، وكثرة الايمان، والجدال الذي فيه الايمان.
ثمّ أنّه ليست حقيقة الزيارة إلاّ السلام على النبي أو الامام
غير أنّ الاولى أن يقرأ فيها المأثور الوارد من الزيارات عن آل البيت، لما فيها ـ كما ذكرنا ـ من المقاصد العالية والفوائد الدينية، مع بلاغتها وفصاحتها، ومع ما فيها من الادعية العالية التي يتّجه بها الانسان إلى الله تعالى وحده.
37 ـ عقيدتنا في معنى التشيُّع عند آل البيت
إنّ الائمّة من آل البيت (عليهم السلام) لم تكن لهم همّة ـ بعد أن انصرفوا عن أن يرجع أمر الاُمَّة إليهم ـ إلاّ تهذيب المسلمين، وتربيتهم تربية صالحة كما يريدها الله تعالى منهم، فكانوا مع كلِّ من يواليهم ويأتمنونه على سرّهم يبذلون قصارى جهدهم في تعليمه الاحكام الشرعية، وتلقينه المعارف المحمدية، ويعرّفونه ما له وما عليه.
ولا يعتبرون الرجل تابعاً وشيعة لهم إلاّ إذا كان مطيعاً لامر الله،
____________
(1) آل عمران: 169.
ولا يعتبرون حبّهم وحده كافياً للنجاة، كما قد يمنّي نفسه بعض من يسكن إلى الدعة والشهوات، ويلتمس عذراً في التمرّد على طاعة الله سبحانه، إنّهم لا يعتبرون حبهم وولاءهم منجاة إلاّ إذا اقترن بالاعمال الصالحة، وتحلّى الموالي لهم بالصدق والامانة والورع والتقوى.
«يا خيثمة، أبلغ موالينا أنّه لا نغني عنهم من الله شيئاً إلاّ بعمل، وأنّهم لن ينالوا ولايتنا إلاّ بالورع، وإنّ أشدّ الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلاً ثمّ خالفه إلى غيره»(1).
بل هم يريدون من أتباعهم أن يكونوا دعاة للحق، وأدلاّء على الخير والرشاد، ويرون أنّ الدعوة بالعمل أبلغ من الدعوة باللسان: «كونوا دعاة للناس بالخير بغير ألسنتكم، ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع»(2).
ونحن نذكر لك الان بعض المحاورات التي جرت لهم مع بعض اتباعهم، لتعرف مدى تشديدهم وحرصهم على تهذيب أخلاق
____________
(1) الكافي 2/140.
(2) الكافي 2/64.
1 ـ محاورة أبي جعفر الباقر (عليه السلام) مع جابر الجعفي:
«يا جابر، أيكتفي من ينتحل التشيُّع أن يقول بحبنا أهل البيت؟! فو الله ما شيعتنا إلاّ من اتّقى الله وأطاعه.
وما كانوا يعرفون إلاّ بالتواضع، والتخشُّع، والامانة، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والبر بالوالدين، والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والايتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكفّ الالسن عن الناس إلاّ من خير، وكانوا أُمناء عشائرهم في الاشياء.
فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله عزّوجل أتقاهم وأعملهم بطاعته.
يا جابر، والله ما نتقرّب إلى الله تبارك وتعالى إلاّ بالطاعة، وما معنا براءة من النار، ولا على الله لاحد من حجّة، من كان لله مطيعاً فهو لنا ولي، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدو، وما تنال ولايتنا إلاّ بالعمل والورع»(1).
____________
(1) الكافي 2/60.
أبو جعفر (عليه السلام): «أيجيء أحدكم إلى أخيه فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه؟».
سعيد: ما أعرف ذلك فينا.
أبو جعفر (عليه السلام): «لا شيء إذن».
سعيد: فالهلاك إذن!
أبو جعفر (عليه السلام): «إنّ القوم لم يعطوا أحلامهم بعد»(1).
3 ـ محاورة أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) مع أبي الصباح الكناني:
الكناني لابي عبد الله: ما نلقى من الناس فيك؟!
أبو عبد الله: «وما الذي تلقى من الناس؟» الكناني: لا يزال يكون بيننا وبين الرجل الكلام، فيقول: جعفري خبيث.
أبو عبد الله: «يعيّركم الناس بي؟!».
الكناني: نعم أبو عبد الله: «ما أقل والله من يتّبع جعفراً منكم، إنّما أصحابي
____________
(1) الكافي 2/139.
4 ـ ولابي عبدالله (عليه السلام) كلمات في هذا الباب نقتطف منها مايلي:
أ ـ «ليس منّا ـ ولا كرامة ـ من كان في مصر فيه مائة ألف أو يزيدون، وكان في ذلك المصر أحد أورع منه»(2).
ب ـ «إنّا لا نعدّ الرجل مؤمناً حتّى يكون لجميع أمرنا متّبعاً ومريداً، ألا وإن من اتباع أمرنا وإرادته الورع، فتزيَّنوا به يرحمكم الله»(3).
جـ ـ «ليس من شيعتنا من لا تتحدَّث المخدَّرات بورعه في خدورهن، وليس من أوليائنا من هو في قرية فيها عشرة آلاف رجل فيهم خلق لله أورع منه»(4).
د ـ «إنّما شيعة جعفر مَن عفّ بطنه وفرجه، واشتد جهاده، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه ; فإذا رأيت أولئك فأُولئك
____________
(1) الكافي 2/62.
(2) الكافي 2/63.
(3) الكافي 2/63.
(4) الكافي 2/64.
38 ـ عقيدتنا في الجور والظلم
من أكبر ما كان يعظِّمه الائمة (عليهم السلام) على الانسان من الذنوب العدوان على الغير والظلم للناس، وذلك إتّباعاً لما جاء في القرآن الكريم من تهويل الظلم واستنكاره، مثل قوله تعالى: (وَلا تَحسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعمَلُ الظَّالِمُونَ إنَّما يُؤَخِّرُهُم لِيَوم تَشخَصُ فِيهِ الابصَارُ) (2).
وقد جاء في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) ما يبلغ الغاية في بشاعة الظلم والتنفير منه، كقوله ـ وهو الصادق المصدَّق ـ من كلامه في نهج البلاغة برقم 219:
«واللهِ لَو أعطِيتُ الاقالِيمَ السَّبعةَ بِمَا تَحتَ أفلاكِها على أن أعصِي اللهَ في نَملَة أسلُبُهَا جِلبَ شَعِيرة ما فَعَلتُ».
وهذا غاية ما يمكن أن يتصوَّره الانسان في التعفُّف عن الظلم، والحذر من الجور، واستنكار عمله.
____________
(1) الكافي 2/183.
(2) إبراهيم: 42.
إنّ هذا هو الادب الالهي الرفيع الذي يتطلَّبه الدين من البشر.
نعم، إنّ الظلم من أعظم ما حرَّم الله تعالى، فلذا أخذ من أحاديث آل البيت وأدعيتهم المقام الاوّل في ذمّه وتنفير أتباعهم عنه.
وهذه سياستهم (عليهم السلام)، وعليها سلوكهم حتّى مع من يعتدي عليهم، ويجترئ على مقامهم.
وقصّه الامام الحسن (عليه السلام) معروفة في حلمه عن الشامي الذي اجترأ عليه وشتمه، فلاطفه الامام وعطف عليه، حتّى أشعره بسوء فعلته(1).
وقد قرأت آنفاً في دعاء سيد الساجدين من الادب الرفيع في العفو عن المعتدين، وطلب المغفرة لهم، وهو غاية ما يبلغه السموّ
____________
(1) مناقب ابن شهر آشوب 4/19.
بل عند الائمّة أنّ المبالغة في الدعاء على الظالم قد تعدّ ظلماً، قال الصادق (عليه السلام): «إنّ العبد ليكون مظلوماً فما يزال يدعو حتى يكون ظالماً»(1)، أي: حتّى يكون ظالماً في دعائه على الظالم بسبب كثرة تكراره.
يا سبحان الله، أيكون الدعاء على الظالم إذا تجاوز الحد ظلماً؟ إذن ما حال من يبتدئ بالظلم والجور، ويعتدي على الناس، أو ينهش أعراضهم، أو ينهب أموالهم، أو يشي عليهم عند الظالمين، أو يخدعهم فيورّطهم في المهلكات، أو ينبزهم ويؤذيهم، أو يتجسّس عليهم؟ ما حال أمثال هؤلاء في فقه آل البيت (عليهم السلام)؟!
إنّ أمثال هؤلاء أبعد الناس عن الله تعالى، وأشدّهم إثماً وعقاباً، وأقبحهم أعمالاً وأخلاقاً.
____________
(1) الكافي 2/250.
39 ـ عقيدتنا في التعاون مع الظالمين
ومن عظم خطر الظلم وسوء مغبّته أن نهى الله تعالى عن معاونة الظالمين والركون إليهم (وَلاَ تَركنُوا إلى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ومَالَكُم مِن دُونِ اللهِ مِن أولياءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ) (1).
هذا هو أدب القرآن الكريم، وهو أدب آل البيت (عليهم السلام)، وقد ورد عنهم ما يبلغ الغاية من التنفير عن الركون إلى الظالمين، والاتّصال بهم، ومشاركتهم في أي عمل كان، ومعاونتهم ولو بشق تمرة(2).
ولا شك أنّ أعظم ما مُني به الاسلام والمسلمون هو التساهل مع أهل الجور، والتغاضي عن مساوئهم، والتعامل معهم، فضلاً عن ممالاتهم ومناصرتهم وإعانتهم على ظلمهم.
وما جرَّ الويلات على الجامعة الاسلامية إلاّ ذلك الانحراف عن جدد الصواب والحق، حتى ضعف الدين بمرور الايام، فتلاشت قوّته ووصل إلى ما عليه اليوم، فعاد غريباً، وأصبح المسلمون أو ما يسمّون أنفسهم بالمسلمين: وما لهم من دون الله أولياء ثم لا ينصرون حتى على أضعف أعدائهم، وأرذل المجترئين عليهم،
____________
(1) هود: 113.
(2) وسائل الشيعة 17/183.