الصفحة 100

سورة هود


(155) قوله تعالى: {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون}(1).

174 ـ عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " أخبرني جابر بن عبداللّه: أن المشركين كانوا اذا مروا برسول اللّه (صلى الله عليه وآله) حول البيت طأطأ أحدهم رأسه وظهره ـ هكذا ـ وغطّى رأسه بثوبه حتى لا يراه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، فأنزل اللّه عزّوجل: (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون) "(2).

(156) قوله تعالى: {فلعلك تارك بعض ما يوحي اليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أُنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير واللّه على كل شيء وكيل}(3).

175 ـ عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، والحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن عمار بن سويد، قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السلام) يقول في هذه الآية: (فلعلك تارك بعض ما يوحي إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أُنزل عليه كنز أو جاء معه ملك).

فقال: " إن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لما نزل قُديداً، قال لعلي (عليه السلام): يا علي، إني سألتُ ربي أن يُوالي بيني وبينك ففعل، وسألت ربي أن يؤاخي بيني وبينك ففعل، وسألت ربي أن يجعلك وصيّي ففعل.

فقال رجلان من قريش: واللّه لصاعٌ من تمر في شَنٍّ بال أحبُّ إلينا مما سأل محمد ربه، فهلاّ سأل ربه مَلكاً يعضده على عدوه، أو كنزاً يستغني به عن فاقته؟! واللّه ما

____________

1- هود، الآية: 5.

2- الكافي، الكليني، ج8، ج144، ح115.

3- هود، الآية: 12.


الصفحة 101
دعاه الى حق ولا باطل إلا أجابه اليه.

فأنزل اللّه تبارك وتعالى: (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك) الى آخر الآية "(1).

176 ـ عن جابر بن أرقم، عن أخيه زيد بن أرقم، قال: إن جبرئيل الروح الامين نزل على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) عَشية عرفة، فضاق بذلك صدر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) مخافة تكذيب أهل الإفك والنفاق، فدعا قوماً أنا فيهم فاستشارهم في ذلك ليقومَ به في الموسم، فلم ندرِ ما نقول له وبكى (صلى الله عليه وآله)، فقال له جبرئيل يا محمد، أجزِعتَ من أمر اللّه؟

فقال: " كلا ـ يا جبرئيل ـ ولكن قد عَلِم ربي ما لقيتُ من قريش، إذ لم يُقِروا لي بالرسالة حتى أمرني بجهادهم، وأهبطَ إليّ جُنوداً من السماء فنصروني، فكيف يقرون لعلي من بعدي؟! " فانصرف عنه جبرئيل فنزل: (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك) "(2).

(157) قوله تعالى: {أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه}(3).

177 ـ قال عُبّاد بن عبداللّه الأسدي: سمعت علياً يقول وهو على المنبر: " ما من رجل من قريش إلا وقد نزلت فيه آية أو آيتان ".

فقال رجل ممن تحته: فما نزل فيك أنت؟

فغضب ثم قال: " أما إنك لو لم تسألني على رؤوس الأشهاد ما حدثتك.

ويحك، هل تقرأ سورة هود.

ـ ثم قرأ علي (عليه السلام) (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على

____________

1- الكافي، الكليني، ج8، ص378، ح572.

2- تفسير العياشي، ج2، ص141.

3- هود، الآية: 17.


الصفحة 102
بيّنة، وأنا الشاهد منه "(1).

(158) قوله تعالى: {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان اللّه يريد أن يغويكم}(2).

178 ـ عن أبي الطفيل، عن أبي جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) في قوله: (ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم)

قال: " نزلت في العباس "(3).



سورة يوسف


(159) قوله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعوا إلى اللّه على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان اللّهِ وما أنا من المشركين}(4).

179 ـ عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بُريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، في قوله تبارك وتعالى: (قل هذه سبيلي أدعوا إلى اللّه على بصيرة أنا ومن اتبعني).

قال: " يعني علياً (عليه السلام) أول من اتّبعه على الايمان به والتصديق له بما جاء به من عند اللّه عزّوجل، من الأمة التي بُعث فيها ومنها واليها قبل الخَلق، ممن لم يُشرك باللّه قط، ولم يلبس إيمانه بظلم وهو الشرك "(5).

____________

1- كشف الغمة، الاربلي، ج1، ص315.

2- هود، الآية: 34.

3- تفسير العياشي، ج2، ص144، ح17.

4- يوسف، الآية: 108.

5- الكافي، الكليني، ج5، ص14، ح1.


الصفحة 103

سورة الرعد


(160) قوله تعالى: {ويقول الذين كفروا لولا أُنزل عليه أية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد}(1).

180 ـ حدّثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق ((رحمه الله))، قال: حدثنا أبو أحمد عبدالعزيز بن يحيى البصري، قال: حدثنا المغيرة بن محمد، قال: حدثني ابراهيم بن محمد بن عبدالرحمن الأزدي سنة ست عشرة ومائة، قال: حدثنا قيس بن ربيع ومنصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عبّاد ابن عبداللّه، قال: قال علي (عليه السلام): " ما نزلت من القرآن آية إلا وقد علمتُ أين نزلت، وفيمن نزلت، وفي أي شيء نزلت، وفي سهل نزلت أو في جبل ".

قيل: فما نزل فيك؟

فقال: " لولا أنكم سألتموني ما أخبرتكم، نزلت فيّ هذه الآية: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) فرسول اللّه (صلى الله عليه وآله) المنذر، وأنا الهادي الى ما جاء به "(2).

181 ـ قال ابن شهر آشوب: صنّف أحمد بن محمد بن سعيد كتاباً في قوله تعالى: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) أنها نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام)(3).

(161) قوله تعالى: {كذلك أرسلنك في أُمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذي

____________

1- الرعد، الآية: 7.

2- الامالي، الصدوق، ص227، ح13.

3- المناقب، ج3، ص83.


الصفحة 104
أوحينا اليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب}(1).

182 ـ عن قتادة ومقاتل وابن جُريح، في قوله تعالى: (كذلك أرسلنـك في أُمة..) نزلت في صلح الحديبية حين أرادوا كتابَ الصلح فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): " اكتب: بسم اللّه الرحمن الرحيم ".

فقال: سُهيل بن عمرو والمشركون: ما نعرف الرحمن إلا صاحب اليَمامة ـ يعنون مُسيلمة الكذاب ـ اكتب: باسمك اللّهم، وهكذا كان أهل الجاهلية يكتبون. ثم قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): " اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول اللّه "، فقال مشركوا قريش: لئن كنت رسول اللّه ثم قاتلناك وصددناك لقد ظلمناك، ولكن اكتب: هذا ما صالح محمد بن عبداللّه، فقال أصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): دعنا نقاتلهم.

قال: " لا، ولكن اكتبوا كما يريدون "، فأنزل اللّه عزّوجل (كذلك أرسلناك في أُمّة) الآية.

وعن ابن عباس: أنها نزلت في كفار قريش حين قال لهم النبي (صلى الله عليه وآله): اسجدوا للرحمن قالوا: وما الرحمن!(2).

(162) قوله تعالى: {ويقول الذين كفروا لست مرسلاً قل كفى باللّه شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب}(3).

183 ـ عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بعض أصحابنا، قال: كنت مع أبي جعفر (عليه السلام) في المسجد أحدثه، إذ مرّ بعض وُلْدِ عبداللّه بن سلاّم، فقلت: جُعلت فداك، هذا ابن الذي يقول الناس: عنده علم الكتاب.

____________

1- الرعد، الآية: 30.

2- مجمع البيان، الطبرسي، ج6، ص450.

3- الرعد، الآية: 43.


الصفحة 105
فقال: " لا، إنما ذاك علي بن أبي طالب (عليه السلام) نزلت فيه خمس آيات، إحداها: (قل كفى باللّه شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) "(1).

184 ـ عن عبداللّه بن محمد، عمن رواه، عن الحسن بن علي بن النعمان، عن محمد بن مروان، عن الفضيل بن يَسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول اللّه عزّوجل: (قل كفى باللّه شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب).

قال: " نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، إنه عالِم هذه الأمة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) "(2).

185 ـ عن علي بن عابس، قال: دخلت أنا وأبو مريم على عبداللّه بن عطاء، قال أبو مريم: حدِّث علياًبالحديث الذي حدثتني عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) جالساً إذ مرّ عليه ابن عبداللّه بن سلام، قلت: جعلني اللّه فداك، هذا ابن الذي عنده علم الكتاب؟

قال: " لا، ولكنه صاحبكم علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي نزلت فيه آيات من كتاب اللّه عزّوجل (ومن عنده علم الكتاب)، (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه)(3)، (إنما وليكم اللّه ورسوله)(4) الآية(5).



سورة الحجر


(163) قوله تعالى: {لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم ولا تحزن عليهم

____________

1- بصائر الدرجات، الصفّار، ص234، ح11.

2- بصائر الدرجات، الصفّار، ص236، ح18.

3- هود، الآية: 17.

4- المائدة، الآية: 55.

5- المناقب، ابن شهرآشوب، ص314.


الصفحة 106
واخفض جناحك للمؤمنين}(1).

186 ـ عن حماد، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول اللّه (لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم)

قال: " ان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) نزل به ضَيقة، [فاستسلف من يهودي] فقال اليهودي: واللّه مالمحمد ثاغية ولا راغية(2)، فعلام أسلفه؟

فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): إني لأمين اللّه في سمائه وأرضه، ولو ائتمنني على شيء لأدّيته اليه ـ قال ـ فبعث بدرقة(3) له، فرهنها عنده، فنزلت عليه (لا تمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا)(4)(5).

(164) قوله تعالى: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين}(6).

187 ـ عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني جميعاً، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غِياث، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السلام): " يا حَفص إن من صبر صبرَ قليلاً، ومن جزع جَزَع قليلاً، ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك، فإن اللّه عزّوجل بعث محمداً (صلى الله عليه وآله)، فأمره بالصبر والرفق، فقال: (واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً * وذرني والمكذبين أُولي النعمة)(7)، وقال تبارك وتعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يُلقَّها إلا الذين صبروا وما يُلقَّها إلا ذو حظ عظيم)(8) فصبر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) حتى نالوه بالعظائم ورَموه بها، فضاق صدره، فأنزل اللّه عزّوجل عليه: (ولقد نعلم

____________

1- الحجر، الآية: 88.

2- الثاغية: الشاة، والراغية: الناقة.

3- الدَرَقة: تُرس من الجلد.

4- طه، الآية: 131.

5- تفسير العياشي، ج2، ص251، ح42.

6- الحجر، الآية: 97 ـ 98.

7- المزمل، الآية: 10 ـ 11.

8- فصلت، الآية: 34 ـ 35.


الصفحة 107
أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين)(1).



سورة النحل


(165) قوله تعالى: {أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون * ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون}(2).

188 ـ نزلت لما سألت قريش رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أن ينزِّل عليهم العذاب، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: (أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه) وقوله: (ينزل الملائكة بالروح من أمره) يعني بالقوة التي جعلها اللّه فيهم(3).

(166) قوله تعالى: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لا يبعث اللّه من يموت بلى وعداً عليه حقّا ولكن اكثر الناس لا يعلمون ـ الى قوله تعالى ـ وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين}(4).

189 ـ في قوله تعالى: (وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لا يبعث اللّه من يموت بلى وعداً عليه حقاً ولكن اكثر الناس لا يعلمون) قال: حدثني أبي، عن بعض رجاله، رفعه الى أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: " ما تقول الناس فيها؟ ".

قال: يقولون: نزلت في الكفار.

____________

1- الكافي، الكليني، ج2، ص71، ح3.

2- النحل، الآية: 1 ـ 2.

3- تفسير القمي، ج1، ص382.

4- النحل، الآية: 38 ـ 39.


الصفحة 108
فقال: " إن الكفار كانوا لا يحلفون باللّه، وإنما نزلت في قوم من أمة محمد (صلى الله عليه وآله)، قيل لهم: ترجعون بعد الموت قبل القيامة، فحلفوا أنهم لا يرجعون، فردّ اللّه عليهم فقال: (ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين) يعني في الرجعة، يردّهم فيقتلهم ويشفي صدور المؤمنين منهم "(1).

(167) قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي اليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}(2).

190 ـ ذكر في (تفسير يوسف القطان)، عن وكيع، عن الثوري، عن السُدي، قال: كنت عند عمر بن الخطاب إذ أقبل عليه كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وحُييّ بن أخطب، فقالوا: إن في كتابكم: (وجنة عرضها السموات والأرض)(3) اذا كان سعةُ جنة واحدة كسبع سماوات وسبع أرضين، فالجِنان كلها يوم القيامة أين تكون؟

فقال عمر: لا أعلم.

فبينا هم في ذلك إذ دخل علي (عليه السلام)، فقال: " في أيّ شيء أنتم؟ " فألقى اليهود المسألة عليه، فقال (عليه السلام) لهم: " خبّروني أن النهار إذا أقبل الليل أين يكون [والليل اذا أقبل أين يكون]؟ ".

قالوا له: في علم اللّه تعالى يكون.

فقال علي (عليه السلام): " كذلك الجنان تكون في علم اللّه ".

فجاء علي (عليه السلام) الى النبي (صلى الله عليه وآله) وأخبره بذلك، فنزل (فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) "(4).

(168) قوله تعالى: {يعرفون نعمت اللّه ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون}(5).

____________

1- تفسير القمي، ج1، ص385.

2- النحل، الآية: 43.

3- التوبة، الآية: 122.

4- المناقب، ابن شهرآشوب، ج2، ص352.

5- النحل، الآية: 83.


الصفحة 109
191 ـ عن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محمد الهاشمي، قال: حدثني أبي، عن أحمد بن عيسى، قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) في قوله عزّوجل: (يعرفون نعمت اللّه ثم ينكرونها).

قال: " لما نزلت: (إنما وليكم اللّه ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكوة وهم راكعون)(1) اجتمع نفرٌ من أصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في مسجد المدينة، فقال بعضهم لبعض: ما تقولون في هذه الآية؟

فقال بعضهم: إن كَفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها، وإن آمنّا فهذا ذُلّ حين يتسلّط علينا ابن أبي طالب فقالوا: قد عَلمنا أن محمداً (صلى الله عليه وآله) صادق فيما يقول، ولكن نتولاّه ولا نطيع علياً فيما أمرنا، فنزلت هذه الآية: (يعرفون نعمت اللّه ثم ينكرونها) يعني ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) (وأكثرهم الكافرون) بالولاية "(2).

(169) قوله تعالى: {وأوفوا بعهد اللّه اذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم اللّه عليكم كفيلاً إن اللّه يعلم ما تفعلون * ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم}(3).

192 ـ قال أبو عبداللّه (عليه السلام): " لما نزلت الولاية، وكان من قول رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بغدير خُمّ: سلِّموا على علي بإمرة المؤمنين.

فقالوا: أمِنَ اللّه أو من رسوله؟

فقال: اللّهم نعم، حقاً من اللّه ومن رسوله.

فقال: إنه أمير المؤمنين وإمام المتقين، وقائد الغرّ المحجلين، يقعده اللّه يوم القيامة على الصراط، فيدخل أولياءه الجنة، ويُدخل أعداءه النار، وأنزل اللّه عزوجل

____________

1- المائدة، الآية: 55.

2- الكافي، الكليني، ج1، ص354، ح77.

3- النحل، الآية: 91 ـ 92.


الصفحة 110
(ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم اللّه عليكم كفيلاً إن اللّه يعلم ما تفعلون) يعني: قولَ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): من اللّه ورسوله، ثم ضرب لهم مثلاً، فقال: (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم) "(1).

(170) قوله تعالى: {من كفر باللّه من بعد إيمانه إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من اللّه ولهم عذاب عظيم}(2).

193 ـ عن علي بن ابراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مَسعدة بن صدقة، قال: قيل لأبي عبداللّه (عليه السلام): إن الناس يروون: أن علياً (عليه السلام) قال على منبر الكوفة: أيها الناس، إنكم ستدعون الى سبِّي، فسبُوني، ثم تُدعون الى البراءة مني فلا تبرءوا مني.

قال: " ما أكثر ما يكذب الناس على علي (عليه السلام)!! " ثم قال: " إنما قال: إنكم ستدعون الى سبّي فسبّوني، ثم تدعون الى البراءة منّي وإني لعلى دين محمد (صلى الله عليه وآله)، ولم يقل: ولا تبرءوا منّي ".

فقال له السائل: أرأيت إن اختار القَتْل دون البراءة.

فقال: " واللّه، ماذاك عليه، وماله إلا ما مضى عليه عمّار بن ياسر حيث أكرهَهُ أهل مكة وقلبه مطمئن بالايمان، فأنزل اللّه عزّوجل [فيه]: (إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان)، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) عندها: يا عمّار، إن عادوا فعُد، فقد أنزل اللّه عزوجل عُذرك، وأمرك أن تعودَ إن عادوا "(3).

(171) قوله تعالى: {وضرب اللّه مثلاً قرية كانت أمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم اللّه فأذاقها اللّه لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون}(4).

194 ـ نزلت في قوم كان لهم نهر يقال له (الثرثار) وكانت بلادهم خصبة كثيرة الخير، وكانوا يستنجون بالعجين، ويقولون: هو ألين لنا، فكفروا بأنعم اللّه واستخفوا، فحبس

____________

1- تفسير القمي، ج1، ص389.

2- النحل، الآية: 106.

3- الكافي، الكليني، ج2، ص173، ح10.

4- النحل، الآية: 112.


الصفحة 111
اللّه عنهم الثرثار، فجدِبوا حتى أحوجهم اللّه الى أكل ما كانوا يستنجون به، حتى كانوا يتقاسَمُون عليه(1).

(172) قوله تعالى: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}(2).

195 ـ عن الحسين بن حمزة، قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السلام) يقول: " لما رأى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ما صُنع بحمزة بن عبدالمطلب، قال: اللّهم لك الحمد، واليك المشتكى، وأنت المستعان على ما أرى، ثم قال: لئن ظفرتُ لأمثلنّ ولأمثلن.

قال: فأنزل اللّه: ((وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين)

فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): أصبِرُ، أصبر "(3).



سورة الاسراء


(173) قوله تعالى: {ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً}(4).

196 ـ عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شِمْر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " كان نوح (عليه السلام) اذا أصبح وأمسى يقول: أشهد أنه ما أمسى بي من نعمة في دين أو دنيا فإنها من اللّه، وحده لا شريك له، له الحمد عليّ بها والشكر كثيراً، فأنزل اللّه: (إنه

____________

1- تفسير القمي، ج1، ص391.

2- النحل، الآية: 126.

3- تفسير العياشي، ج2، ص274، ح85.

4- الاسراء، الآية: 3.


الصفحة 112
كان عبداً شكوراً) فهذا كان شُكره "(1).

(174) قوله تعالى: {وءات ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيراً}(2).

197 ـ عن أبان بن تغلب، قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السلام): كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أعطى فاطمة فَدَك؟

قال: " كان وقَفَها، فأنزل اللّه (وءات ذا القربى حقه) فأعطاها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) حقها ".

قلت: رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أعطاها؟

قال: " بل اللّه أعطاها "(3).

(175) قوله تعالى: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولاً ميسوراً}(4).

198 ـ نقلاً عن كتاب الشيرازي: أن فاطمة (عليها السلام) لما ذكرت حالها وسألت جارية، بكى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فقال: " يا فاطمة، والذي بعثني بالحق، إن في المسجد أربعمائة رجل مالهم طعام ولا ثياب، ولولا خشيتي خصلة لأعطيتك ما سألت: يا فاطمة، إني لا أريد أن ينفكَّ عنك أجركِ الى الجارية، وإني أخاف أن يخصمك علي بن أبي طالب يوم القيامة بين يدي اللّه عزوجل اذا طلب حقّه منك ".

ثم علمها صلاة التسبيح، فقال أمير المؤمنين: " مَضيتِ تُريدين من رسول اللّه الدنيا فأعطانا اللّه ثوابَ الآخرة ".

قال ابو هريرة: فلما خرج رسول اللّه من عند فاطمة أنزل اللّه على رسوله: (وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها) يعني عن قرابتك وابنتك فاطمة (ابتغاء)

____________

1- تفسير القمي، ج2، ص14.

2- الاسراء، الآية: 26.

3- تفسير العياشي، ج2، ص287، ح47.

4- الاسراء، الآية: 28.