الصفحة 126
230 ـ نزلت في قريش، حين صدّوا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عن مكة(1).

(202) قوله تعالى: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم}(2).

231 ـ عن الحسين بن محمد، بإسناده الى عبدالرحمن بن كثير، قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن قول اللّه عزوجل: (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم).

قال: " نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة، فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين (عليه السلام)، فألحَدوا في البيت بظلمهم الرسول (صلى الله عليه وآله) ووليّه (عليه السلام)، فبُعداً للقوم الظالمين "(3).

(203) قوله تعالى: {الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربُّنا اللّه}(4).

232 ـ عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلاّم بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول اللّه تبارك وتعالى: (الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربُّنا اللّه)، قال: " نزلت في رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، وعلي، وجعفر، وحمزة، وجرت في الحسين (عليهم السلام) أجمعين "(5).

(204) قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ـ الى قوله تعالى ـ عذاب يوم عقيم}(6).

233 ـ عن أبي عبداللّه (عليه السلام): " أن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أصابته خصاصة، فجاء الى رجل من الأنصار، فقال له: هل عندك من طعام؟

فقال: نعم، يا رسول اللّه، وذبح له عتاقاً، وشواه، فلما أدناه منه تمنّى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أن يكون معه علي وفاطمة والحسن، والحسين (عليهم السلام).

فجاء أبو بكر وعمر، ثم جاء علي (عليه السلام) بعدهما، فأنزل اللّه في ذلك: (وما أرسلنا من

____________

1- تفسير القمي، ج2، ص83.

2- الحج، الآية: 25.

3- الكافي، الكليني، ج1، ص348، ح44.

4- الحج، الآية: 40.

5- الكافي، الكليني، ج8، ص337، ح534.

6- الحج، الآية: 52 ـ 55.


الصفحة 127
قبلك من رسول ولا نبي) ولا مُحدّث (إلا اذا تمنّى ألقى الشيطان في أمنيته) يعني فلاناً وفلاناً (فينسخ اللّه ما يلقي الشيطان) يعني لما جاء علي (عليه السلام) بعدهما (ثم يُحكم اللّه أياته) يعني بنصرة أمير المؤمنين (عليه السلام) ".

ثم قال: (ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة) يعني فلانا وفلانا (للذين في قلوبهم مرض) قال: الشك (والقاسية قلوبهم) الى قوله: (الى صراط مستقيم) يعني الى الإمام المستقيم ".

ثم قال: (ولايزال الذين كفروا في مِرية منه) أي في شك من أمير المؤمنين (عليه السلام) (حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم) قال: العقيم: الذي لا مثل له في الأيام(1).

(205) قوله تعالى: {والذين هاجروا في سبيل اللّه ـ الى قوله تعالى ـ إن اللّه لعليم حليم}(2).

234 ـ حدثنا محمد بن هَمام، عن محمد بن اسماعيل، عن عيسى بن داود، عن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليه السلام)، في قول اللّه عزوجل: (والذين هاجروا في سبيل اللّه ثم قتلوا أو ماتوا) الى قوله: (إن اللّه لعليم حليم).

قال: " نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) خاصة "(3).

(206) قوله تعالى: {لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه ـ الى قوله تعالى ـ على الله يسير}(4).

235 ـ حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن اسماعيل، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا الامام موسى بن جعفر عن أبيه (عليهما السلام)، قال: " لما نزلت هذه الآية: (لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه). جمعهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: يا معاشر المهاجرين

____________

1- تفسير القمي، ج2، ص85.

2- الحج، الآية: 58 ـ 59.

3- تأويل الآيات، ج1، ص348، ح35.

4- الحج، الآية: 67ـ70.


الصفحة 128
والانصار، ان الله تعالى يقول (لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه) والمنسك هو الامام لكل أمة بعد نبيها، حتى يدركه نبي، ألا وأن لزوم الامام وطاعته هو الدين، وهو المنسك، وهو علي بن أبي طالب (عليه السلام) امامكم بعدي، فاني أدعوكم الى هداه فانه على هدى مستقيم.

فقام القوم يتعجبون من ذلك، ويقولون: والله اذن لننازعن الامر، ولا نرضى طاعته أبداً وان كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) المفتون به.

فأنزل الله عز وجل: (وادع إلى ربك انك لعلى هدى مستقيم * وان جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون * الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون * ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والارض ان ذلك في كتاب ان ذلك على الله يسير)(1).

(207) قوله تعالى: {يا أيها الناس ضرب مثل ـ الى قوله تعالى ـ ضعف الطالب والمطلوب}(2).

236 ـ عن محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن عبد الرحمن بن الاشل بيّاع الانماط، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " كانت قريش تلطخ الاصنام التي كانت حول الكعبة بالمِسْك والعَنْبر، وكان يغوث قبال الباب، وكان يعوق عن يمين الكعبة، وكان نسر عن يسارها، وكانوا اذا دخلوا، خرّوا سجّداً ليغوث، ولا ينحنون، ثم يستديرون بحيالهم الى يعوق، ثم يستديرون بحيالهم الى نسر، ثم يلبّون، فيقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، ألا شريك هو لك، تملكه وما ملك ".

قال: " فبعث الله ذباباً أخضر، له أربعة أجنحة، فلم يبق من ذلك المسك والعنبر شيئاً الا أكله، فأنزل الله عز وجل: (يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف

____________

1- تأويل الآيات، ج1، ص349، ح37.

2- الحج، الآية: 73.


الصفحة 129
الطالب والمطلوب) "(1).



سورة المؤمنون


(208) قوله تعالى: {أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفِردَوسَ هم فيها خالدون}(2).

237 ـ حدثنا محمد بن عمر الحافظ، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله التميمي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه، علي بن الحسين، عن أبيه الحسين عن علي (عليهم السلام)، قال: " (والسابقون السابقون * أولئك المقربون)(3) فيّ نزلت ".

وقال (عليه السلام) في قوله تعالى: (اولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) "فيّ نزلت"(4).

(209) قوله تعالى: {قل رب اما تريني ما يوعدون ـ الى قوله تعالى ـ لقادرون}(5).

238 ـ حدثنا علي بن العباس، عن الحسن بن محمد، عن العباس بن أبان العامري، عن عبد الغفار، باسناده، يرفعه الى عبد الله بن عباس، وعن جابر بن عبد الله، قال

____________

1- الكافي، الكليني، ج4، ص542، ح11.

2- المؤمنون، الآية: 10 ـ 11.

3- الواقعة، الآية: 10 ـ 11.

4- عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج2، ص65، ح288.

5- المؤمنون، الآية: 93ـ95.


الصفحة 130
جابر: اني كنت لادناهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قالا: سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو في حجة الوداع بمنى، يقول: " لأعرفنكم بعدي ترجعون كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، ولايم اللّه، ان فعلتموها لتعرفني في كتيبة يضاربونكم ".

قال، ثم التفت خلفه، ثم أقبل بوجهه، فقال: " أوعليّ، أوعليّ ".

قال: حدثنا أن جبرئيل غمزه، وقال مرة أخرى، فرأينا أن جبرئيل قال له، فنزلت هذه الآية: (قل رب إما تريني ما يوعدون * رب فلا تجعلني في القوم الظالمين * وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون)(1)



سورة النور


(210) قوله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء الا أنفسهم ـ الى قوله تعالى ـ ان كان من الصادقين}(2).

239 ـ عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: ان عباد البصري سأل أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا حاضر: كيف يلاعن الرجل المراة؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " ان رجلا من المسلمين أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: يارسول الله، أرأيت لو أن رجلا دخل منزله، فوجدمع امرأته رجلا مجامعها، ما كان يصنع؟ قال: " فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فانصرف ذلك الرجل، وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من إمرأته ـ قال ـ فنزل عليه الوحي من عند الله تعالى بالحكم فيهما، فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى لك الرجل فدعاه فقال له: أنت الذي رأيت مع

____________

1- تأويل الآيات، ج1، ص355، ح8.

2- النور، الآية: 6ـ9.


الصفحة 131
امرأتك رجلا؟

فقال: نعم.

فقال له: انطلق فأتني بأمرأتك، فان الله تعالى قد أنزل الحكم فيك وفيها ".

قال: " فأحضرها زوجها، فأوقفهما رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال للزوج: اشهد أربع شهادات بالله انك لمن الصادقين فيما رميتها به ـ قال ـ فشهد، ثم قال له: اتق الله، فان لعنة الله شديدة; ثم قال له: اشهد الخامسة أن لعنة الله عليك ان كنت من الكاذبين ـ قال ـ فشهد،ثم أمر به فنحي، ثم قال للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله أن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به ـ قال ـ فشهدت، ثم قال لها: أمسكي; فوعظها، وقال لها: اتق الله، فإن غضب الله شديد; ثم قال لها اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك ان كان زوجك من الصادقين فيما رماك به ـ قال ـ فشهدت ـ قال ـ ففرق بينهما، وقال لهما: لا تجتمعا بنكاح أبداً بعدما تلاعنتما "(1).

(211) قوله تعالى: {إنّ الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم}(2).

240 ـ انما نزلت في مارية القبطية، وما رمتها به عائشة(3).

(212) قوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم ان الله خبير بما يصنعون}(4).

241 ـ عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن سعد الاسكاف، عن أبي جعفر (عليه السلام)،قال: " استقبل شاب من الانصار امرأة بالمدينة، وكان النساء يتقنعنَّ خلف اذانهن، فنظر اليها وهي مقبلة، فلما جازت نظر اليها، ودخل في زقاق قد سماه ببني فلان، فجعل ينظر خلفها، واعترض وجهه عظم

____________

1- الكافي، ج6، ص163، ح4.

2- النور، الآية: 11.

3- تفسير القمي، ج2، ص99.

4- النور، الآية:30.


الصفحة 132
في الحائط، أو زجاجة، فشق وجهه، فلما مضت المرأة، نظر فاذا الدماء تسيل على صدره وثوبه، فقال: والله لاتين رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولاخبرنه.

قال: فأتاه، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال له: ماهذا؟

فأخبره، فهبط جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون)(1).

(213) قوله تعالى: {ويقولون أمنا بالله وبالرسول وأطعنا ـ الى قوله تعالى ـ فاولئك هم الفائزون}(2).

242 ـ حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)،قال: " نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، وعثمان، وذلك أنه كان بينهما منازعة في حديقة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ترضى برسول الله (صلى الله عليه وآله)؟

فقال عبد الرحمن بن عوف له: لا تحاكمه الى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فانه يحكم له عليك، ولكن حاكمه الى ابن شيبة اليهودي.

فقال عثمان لامير المؤمنين (عليه السلام): لا أرضى الا بابن شيبة، فقال ابن شيبة: تأتمنون رسول الله على وحي السماء، وتتهمونه في الاحكام! فأنزل الله على رسوله: (واذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم) الى قوله: (أُولئك هم الظالمون)، ثم ذكر الله أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: (انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم) الى قوله: (فاولئك هم الفائزون) "(3).

243 ـ حدثنا محمد بن الحسين بن حُميد، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز وجل: (ويقولون أمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما اولئك بالمؤمنين) الى قوله

____________

1- الكافي،الكليني، ج5، ص521، ح5.

2- النور، الآية: 47ـ52.

3- تفسير القمي، ج2، ص107.


الصفحة 133
تعالى: (منهم معرضون).

قال: " انما نزلت في رجل اشترى من علي بن أبي طالب (عليه السلام) أرضاً، ثم ندم، وندّمه أصحابه، فقال لعلي (عليه السلام): لاحاجة لي فيها.

فقاله: قد اشتريت ورضيت، فانطلق أخاصمك الى رسول الله (صلى الله عليه وآله).

فقال له أصحابه: لا تخاصمه الى رسول الله (صلى الله عليه وآله).

فقال: انطلق أخاصمك الى أبي بكر، وعمر، أيهما شئت، كان بيني وبينك.

قال علي (عليه السلام): لا والله، ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيني وبينك، فلا أرضى بغيره.

فأنزل الله عز وجل هذه الآيات (ويقولون أمنا بالله وبالرسول وأطعنا) الى قوله: (وأولئك هم المفلحون) "(1).

(214) قوله تعالى: {والقواعد من النساء الـتي لايرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم}(2).

244 ـ نزلت في العجائز اللاتي قد يئسن من المحيض والتزويج، أن يضعن الثياب، ثم قال: (وأن يستعففن خير لهن)، قال: أي لا يظهرن للرجال(3).

(215) قوله تعالى: {ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت أبائكم أو بيوت أمهاتكم ـ الى قوله تعالى ـ ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً}(4).

245 ـ في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: (ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرجٌ).

قال: " وذلك أن أهل المدينة، قبل أن يسلموا كانوا يعتزلون الاعمى والاعرج والمريض، وكانوا لا يأكلون معهم، وكان الانصار فيهم تيه وتكرم، فقالوا: ان الاعمى

____________

1- تأويل الآيات، ج1، ص367،ح19.

2- النور، الآية: 60.

3- تفسير القمي، ج2، ص108.

4- النور، الآية 61.


الصفحة 134
لايبصر الطعام والاعرج لا يستطيع الزحام على الطعام، والمريض لا يأكل كما يأكل الصحيح فعزلوا لهم طعامهم على ناحية، وكانوا يرون عليهم في مؤاكلتهم جناحاً، وكان الاعمى و المريض يقولون: لعلنا نؤذيهم اذا أكلنا معهم، فاعتزلوا مؤاكلتهم.

فلما قدم النبي (صلى الله عليه وآله) سألوه عن ذلك، فأنزل الله: (ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً) "(1).

246 ـ انها نزلت لما هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى المدينة، وآخى بين المسلمين، من المهاجرين والانصار، وآخى بين بكر وعمر، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، وبين طلحة والزبير، وبين سلمان وأبي ذر، وبين المقداد وعمار، وترك أمير المؤمنين (عليه السلام)، فاغتم من ذلك غمّاً شديداً، فقال: " يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، لم لا تؤاخي بيني وبين أحد؟ " فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " والله ـ ياعلي ـ ما حبستك الا لنفسي، أما ترضى أن تكون أخي وأنا أخوك في الدنيا والاخرة؟

وأنت وصيي ووزيري، وخليفتي في أمتي، تقضي ديني، وتنجز عداتي، وتتولى غسلي، ولا يليه غيرك، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، الا أنه لانبي بعدي " فاستبشر أمير المؤمنين بذلك فكان بعد ذلك اذا بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحداً من أصحابه في غزاة، أو سرية، يدفع الرجل مفتاح بيته الى أخيه في الدين، ويقول له: خذ ماشئت، وكل ماشئت ; فكانوا يمتنعون من ذلك حتى ربما فسد الطعام في البيت، فأنزل الله: (ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً)، يعني ان حضر صاحبه، أو لم يحضر، اذا ملكتم مفاتحه(2).

(216) قوله تعالى: {إنّما المؤمنون الذين أمنوا بالله ورسوله ـ الى قوله تعالى ـ فاذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم}(3).

____________

1- تفسير القمي، ج2،ص108.

2- تفسير القمي، ج2، ص109.

3- النور، الآية: 62.


الصفحة 135
247 ـ في قوله تعالى (انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله) الى قوله تعالى: (حتى يستأذنوك) فانها نزلت في قوم كانوا اذا جمعهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لامر من الامور، في بعث يبعثه أو حرب قد حضرت، يتفرقون بغير اذنه، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك(1).

248 ـ في قوله تعالى: (فاذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم)، قال: نزلت في حنظلة بن أبي عياش(2) وذلك أنه تزوج في الليلة التي في صبيحتها حرب أحد، فاستأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقيم عند أهله، فأنزل الله هذه الآية: (فأذن لمن شئت منهم)، فأقام عند أهله، ثم أصبح وهو جنب، فحضر القتال واستشهد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " رأيت الملائكة تغسل حنظلة بماء المزن، في صحائف فضة، بين السماء والارض " فكان يسمى غسيل الملائكة(3).

(217) قوله تعالى: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً ـ الى قوله تعالى ـ أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}(4)

249 ـ أخبرنا أبو منصور زيد بن طاهر، وبشار البصري، قالا: قدم علينا بواسط أبو الحسين محمد بن يعقوب الحافظ، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عدي، عن محمد بن علي الآيلي، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن عبد الله بن محمد بن أبي مريم، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن علي، عن أمه فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (عليهما السلام)، قالت: " علي سيدي (صلوات الله وسلامه عليه) قرأ هذه الآية: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً) ـ قالت فاطمة ـ فجئت النبي (صلى الله عليه وآله) أن أقول له: ياأباه، فجعلت أقول: يارسول الله.

____________

1- تفسير القمي، ج2، ص109.

2- والصحيح ابن أبي عامر، انظر أسد الغابة، ج2، ص69.

3- تفسير القمي، ج2، ص110.

4- النور، الآية: 63.


الصفحة 136
فأقبل علي، وقال: يابنية، لم تنزل فيك ولا في أهلك من قبل، قال: أنت مني، وأنا منك، وانما نزلت في أهل الجفاء، وان قولك: ياأباه، أحب الى قلبي، وأرضى للرب، ثم قال: أنت نعم الولد، وقبل وجهي، ومسحني من ريقه، فما احتجت الى طيب بعده "(1).



سورة الفرقان


(218) قوله تعالى: {وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك ـ الى قوله تعالى ـ بكرة وأصيلا}(2).

250 ـ في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: (الا أفك افتراه) قال: " الافك: الكذب " وأعانه عليه قوم آخرون " يعنون أبا فكيهة، وحبراً، وعداساً، وعابساً مولى خويطب، وقوله: (أساطير الاولين أكتتبها) فهو قول النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة، قال: أساطير الاولين أكتتبها محمد، فهي تملى عليه بكرة وأصيلا "(3).

(219) قوله تعالى: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة ـ الى قوله تعالى ـ وكان ربك بصيراً}(4).

251 ـ محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن اسماعيل

____________

1- المناقب، المغازلي، ص364، ح411.

2- الفرقان، الآية: 4ـ5.

3- تفسير القمي، ج2، ص 111.

4- الفرقان، الآية: 20.


الصفحة 137
العلوي، عن عيسى بن داود النجار، قال: حدثني مولاي أبو الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليهم السلام)، قال: " جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم أجمعين)، فأغلق عليهم الباب، فقال: يا أهلي وأهل الله، ان الله عز وجل يقرأ عليكم السلام، وهذا جبرئيل معكم في البيت، ويقول: ان الله عز وجل يقول: اني قد جعلت عدوكم لكم فتنة، فما تقولون؟

قالوا: نصبر ـ يا رسول الله ـ لامر الله، وما نزل من قضائه، حتى نقدم على الله عز وجل، ونستكمل جزيل ثوابه، وقد سمعناه يعد الصابرين الخير كله; فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى سمع نحيبه من خارج البيت، فنزلت هذه الآية: (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيراً) أنهم سيصبرون، أي سيصبرون كما قالوا (صلوات الله عليهم أجمعين) "(1).

(220) قوله تعالى: {ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلاناً خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد اذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا}(2).

252 ـ روي عن الباقر والصادق (عليهما السلام): " ان هذه الآيات نزلت في رجلين من مشايخ قريش، أسلما بألسنتهما وكانا ينافقان النبي (صلى الله عليه وآله)، وآخى بينهما يوم الاخاء، فصد أحدهما صاحبه عن الهدى، فهلكا جميعاً، فحكى الله تعالى حكايتهما في الاخرة، وقولهما عندما ينزل عليهما من العذاب، فيحزن ويتأسف على ما قدم، ويتندم حيث لم ينفعه الندم "(3).

(221) قوله تعالى: {أرأيت من اتّخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا}(4).

____________

1- تأويل الآيات، ج1، ص372، ح3.

2- الفرقان، الآية، 27ـ29.

3- نهج البيان "مخطوط"، ص208.

4- الفرقان، الآية: 43.


الصفحة 138
253 ـ نزلت في قريش، وذلك أنه ضاق عليهم المعاش، فخرجوا من مكة، وتفرقوا، فكان الرجل اذا رأى شجرة حسنة أو حجراً حسناً، هويه فعبده، وكانوا ينحرون لها النعم، ويلطخونها بالدم، ويسمونها سُعْد صَخرة، وكانوا اذا أصابهم داء في ابلهم واغنامهم، جاءوا الى الصخرة، فيمسحون بها الغنم والابل، فجاء رجل من العرب بإبل له، يريد أن يتمسح بالصخرة لإبله، ويبارك عليها، فنفرت إبله وتفرقت، فقال الرجل شعراً:


أتـيـنا الى سعـد ليجمع شملنافـشـتـتنا سعد فما نحن من سعد
ومـا سـعد الا صخـرة بتنوفةمن الارض لا تهدي لغي ولا رشد

ومر به رجل من العرب، والثعلب يبول عليه فقال شعراً:


ورب يـبـول الثُعلُبانُ بـرأسهلـقد ذل من بالت عليه الثعالب(1)

(222) قوله تعالى: {ألم تر الى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكناً}(2).

254 ـ نزل النبي (صلى الله عليه وآله) بالجحفة، تحت شجرة قليلة الظل، ونزل أصحابه حوله، فتداخله شيء من ذلك، فأذن الله تعالى لتلك الشجرة الصغيرة حتى ارتفعت وضللت الجميع، فأنزل الله تعالى: (ألم تر الى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكناً)(3).

(223) قوله تعالى: {وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً}(4).

255 ـ محمد بن العباس، قال حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن ابراهيم بن محمد

____________

1- تفسير القمي، ج2، ص 114.

2- الفرقان، الآية: 45.

3- المناقب، ابن شهر اشوب، ج1، ص135.

4- الفرقان، الآية: 54.