(281) قوله تعالى: {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون * وقالوا ءألهتنا خير أم هو ماضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون}(1).
327 ـ محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن محمد بن عمر الحنفي، عن عمر بن قائد، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: بينما النبي (صلى الله عليه وآله) في نفر من أصحابه اذ قال: " الان يدخل عليكم نظير عيسى بن مريم في أمتي ".
فدخل أبو بكر، فقالوا: هو هذا؟
فقال: " لا ".
فدخل عمر، فقال: هو هذا؟
فقال: " لا ".
فدخل علي (عليه السلام) فقالوا: هو هذا؟
فقال: " نعم ".
فقال قوم: لعبادة اللات والعزّى أهون من هذا، فأنزل الله عز وجل: (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون * وقالوا ءألهتنا خير) الآيات(2).
328 ـ روى سادات أهل البيت، عن علي (عليه السلام)، قال: " جئت الى النبي (صلى الله عليه وآله) يوماً، فوجدته في ملأ من قريش، فنظر الي، ثم قال: ياعلي، انمامثلك في هذه الامة كمثل عيسى بن مريم، أحبّه قوم فأفرطوا في حبه فهلكوا، وأبغضه قوم وأفرطوا في بغضه فهلكوا، واقتصد فيه قوم فنجوا، فعظم ذلك عليهم وضحكوا، وقالوا: شبهه بالانبياء والرسل " فنزلت هذه الآية(3).
(282) قوله تعالى: {أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون * أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم
____________
1- الزخرف، الآية: 57ـ58.
2- تأويل الآيات، ج2، ص567، ح39.
3- مجمع البيان، الطبرسي، ج9، ص80.
329 ـ محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن محمد بن حمّاد الشاشي، عن الحسين بن أسد الطغاوي، عن علي بن اسماعيل الميثمي، عن الفضيل بن الزبير، عن أبي داود، عن بريدة الاسلمي: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لبعض أصحابه: " سلمّوا على عليٍّ بإمرة المؤمنين ".
فقال رجل من القوم: لا والله لا تجتمع النبوة والامامة في أهل بيت أبداً.
فأنزل الله عزو وجل: (أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون * أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بل ورسلنا لديهم يكتبون)(2).
سورة الدخان
(283) قوله تعالى: {ان شجرت الزقوم * طعام الأثيم * كالمُهل يغلي في البطون * كغلي الحميم * خُذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم * ثم صُبّوا فوق رأسه من عذاب الحميم * ذق إنّك أنت العزيز الكريم}(3).
330 ـ (ان شجرت الزقوم * طعام الاثيم)، نزلت في أبي جهل بن هشام، قوله تعالى: (كالمهل) قال: الصفر المذاب: (يغلي في البطون * كغلي الحميم)، وهو الذي قد حمي وبلغ المنتهى، ثم قال: (خذوه فاعتلوه)، أي اضغطوه من كل جانب، ثم أنزلوا به: (الى سواء الجحيم)، ثم يصب عليه ذلك الحميم، ثم يقال له: (ذق إنّك
____________
1- الزخرف، الآية: 79ـ80.
2- تأويل الآيات، ج2، ص572، ح48.
3- الدخان، الآية: 43ـ49.
فلفظه خبر ومعناه حكاية عمن يقول له ذلك، وذلك أن أبا جهل كان يقول: أنا العزيز الكريم، فيعّير بذلك في الاخرة(1).
سورة الجاثية
(284) قوله تعالى: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات}(2).
331 ـ حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن أيوب بن سليمان، عن محمد ابن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عزّوجل: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات)، الآية، قال: ان هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وحمزة بن عبد المطلب، وعبيدة بن الحارث، هم الذين آمنوا، وفي ثلاثة من المشركين عتبة، وشيبة ابني ربيعة، والوليد بن عتبة، وهم الذين اجترحوا السيئات(3).
____________
1- تفسير القمي، ج2، ص 292.
2- الجاثية، الآية 21.
3- تأويل الآيات، ج2، ص577، ح6.
سورة الأحقاف
(285) قوله تعالى: {قل ماكنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع الا ما يوحى إليّ وما أنا إلا نذير مبين}(1).
332 ـ أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه محمد بن خالد البرقي، عن خلف بن حمّاد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: " قد كان الشيء ينزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيعمل به زماناً، ثم يؤمر بغيره فيأمر به أصحابه وأمته، قال أناس: يارسول الله، انك تأمرنا بالشيء حتى إذا اعتدناه وجرينا عليه، أمتنا بغيره؟
فسكت النبي (صلى الله عليه وآله) عنهم، فأنزل الله عليه: (قل ماكنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إليّ وما أنا إلا نذير مبين) "(2).
333 ـ شرف الدين النجفي، قال: روي مرفوعاً، عن محمد بن خالد البرقي، عن أحمد بن النضر، عن أبي مريم عن بعض أصحابنا، رفعه الى أبي جعفر وأبي جعفر (عليه السلام)، قالا: " [لما] نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله): (قل ماكنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم)، يعني في حروبه، قالت قريش: فعل مانتبعه، وهو لايدري ما يفعل به ولا بنا؟
فأنزل الله تعالى: (إنا فتحنالك فتحاً مبيناً)(3).
____________
1- الاحقاف، الآية: 9.
2- المحاسن، ص299، ح1.
3- الفتح، الآية: 1.
(286) قوله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه احساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً}(2).
334 ـ محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء والحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لما حملت فاطمة بالحسين (عليهما السلام)، جاء جبرئيل الى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: ان فاطمة ستلد غلاماً تقتله أمتك من بعدك; فلما حملت فاطمة بالحسين (عليهما السلام) كرهت حمله، وحين وضعته كرهت وضعه ".
ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): " لم تر في الدنيا ام تلد غلاماً تكرهه، لكنها كرهته لما علمت بأنه سيقتل، وفيه نزلت هذه الآية: (ووصينا الإنسان بوالديه احساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً) "(3).
(287) قوله تعالى: {والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي})(4).
335 ـ قوله تعالى: (والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي)، الآية قال: نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر(5).
(288) قوله تعالى: {وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرءان فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولَّوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنّا سمعنا كتاباً أُنزل من بعد موسى مُصدقاً لِما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم * يا قومنا أجيبوا داعي اللّه وأمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويُجركم من عذاب أليم * وَمن لا يُجب
____________
1- تأويل الآيات، ج2، ص578، ح2.
2- الاحقاف، الآية: 15.
3- الكافي، ج1، ص386، ح3.
4- الاحقاف، الآية: 17.
5- تفسير القمي، ج2، ص 297.
336 ـ قوله تعالى: (واذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرءان) الى قوله تعالى: (فلما قضي)، أي: فرغ (ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا ياقومنا إنا سمعنا) الى قوله تعالى: (أُولئك في ضلال مبين)، فهذا كله حكاية عن الجن، وكان سبب نزولها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج من مكة الى سوق عكاظ، ومعه زيد بن حارثة، يدعو الناس الى الاسلام، فلم يجبه أحد، ولم يجد من يقبله، ثم رجع الى مكة، فلما بلغ موضعاً [يقال] له: وادي مجنة تهجد بالقران في جوف الليل، فمر به نفر من الجن، فلما سمعوا قراءة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، استمعوا له، فلما سمعوا قراءته، قال بعضهم لبعض: (أنصتوا)، يعني اسكتوا: (فلما قضي)، أي فرغ: (ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا ياقومنا انا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم * يا قومنا أجيبوا داعي الله وأمنوا به)، الى قوله تعالى (أُولئك في ضلال مبين)، فجاءوا الى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأسلموا وامنوا، وعلمهم شرائع الاسلام، فأنزل على نبيه: (قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجن)(2)، السورة كلها، فحكى [الله] عز وجل قولهم وولى عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكانوا يعودون الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل وقت، فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يعلمهم ويفقههم، فمنهم مؤمنون وكافرون وناصبون، ويهود ونصارى ومجوس، وهم لد الجان(3).
____________
1- الاحقاف، الآية: 29 ـ 32.
2- الجن، الآية: 1.
3- تفسير القمي، ج2، ص 298.
سورة محمد
(289) قوله تعالى: {والذين أمنوا وعملوا الصالحات وأمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفّر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم * ذلك بأن الذين كفروا اتّبعوا الباطل وأنّ الذين أمنوا اتبعوا الحق من ربهم}(1).
337 ـ قوله تعالى: (والذين أمنوا وعملوا الصالحات): نزلت في أبي ذر و سلمان وعمار والمقداد، ولم ينقضوا العهد (وأمنوا بما نزل على محمد)، أي ثبتوا على الولاية التي أنزلها الله: (وهو الحق)، يعني أمير المؤمنين (عليه السلام): (من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم) أي حالهم.
ثم ذكر أعمالهم فقال: (ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل) وهم الذين اتبعوا أعداء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام): (وأن الذين أمنوا اتبعوا الحق من ربهم)(2).
(290) قوله تعالى: {أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم}(3).
338 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: (كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم) " نزلت في المنافقين "(4).
____________
1- محمد، الآية: 2ـ3.
2- تفسير القمي، ج2، ص 301.
3- محمد، الآية: 14.
4- مجمع البيان، الطبرسي، ج9، ص151.
(291) قوله تعالى: {ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوامن عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال ءانفاً اولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم}(1).
339 ـ قوله تعالى: (ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوامن عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال ءانفاً) فانها نزلت في المنافقين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن كان إذا سمع شيئاً منه لم يؤمن به ولم يعه، فاذا خرجوا، قالوا للمؤمنين ماذا قال محمد آنفاً؟
فقال الله تعالى: أُولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم)(2).
(292) قوله تعالى: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم}(3).
340 ـ محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي العباس المكي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " ان عمر لقي علياً (عليه السلام)، فقال له: أنت الذي تقرأ هذه الآية: (بأييكم المفتون)(4) وتعرض بي وبصاحبي؟
فقال: أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أمية؟
(فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) ; فقال: كذبت، بنو أمية أوصل للرحم منكم، ولكنك أبيت الا عداوة لبني تيم وبني عدي وبني أمية "(5).
341 ـ (تفسير الثعلبي) في تفسير قوله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم) أن الآية نزلت في بني أمية وبني المغيرة(6).
(293) قوله تعالى: {ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}(7).
____________
1- محمد، الآية: 16.
2- تفسير القمي، ج2، ص 303.
3- محمد، الآية: 22.
4- القلم، الآية: 6.
5- الكافي، ج8، ص103، ح76.
6- العمدة، ابن البطريق، ص454، ح946.
7- محمد، الآية: 28.
(294) قوله تعالى: {أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم}(2).
343 ـ محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن جعفر بن محمد بن عمارة، قال: حدثني أبي، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه)، قال: " لما نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) يوم غدير خم قال قوم: ما باله يرفع بضبع ابن عمه! فأنزل الله تعالى: (أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم) "(3).
(295) قوله تعالى: {ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول}(4).
344 ـ أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن ابراهيم العلوي، قال: حدثني أبي قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسني الرازي في منزله بالري، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام) عن أبيه، عن ابائه (عليهم السلام)، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال:
____________
1- تأويل الآيات، ج2، ص589، ح17.
2- محمد، الآية: 29.
3- تأويل الآيات، ج2، ص590، ح18.
4- محمد، الآية: 30.
سورة الفتح
(296) قوله تعالى: {إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر}(5).
345 ـ عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " لم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: اني أخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم، حتى نزلت سورة الفتح، فلم يعد الى ذلك الكلام "(6).
(297) قوله تعالى: {سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون الا قليلا * قل للمخلفين من الاعراب ستدعون الى قوم أولي بأس
____________
1- يونس، الآية: 39.
2- البقرة، الآية: 247.
3- البقرة، الآية: 179.
4- أمالي الطوسي، ج2، ص108.
5- الفتح، الآية: 1-2.
6- تفسير العياشي، ج2، ص120، ح12.
346 ـ ثم ذكر الاعراب الذين تخلفوا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: (سيقول لك المخلفون من الاعراب شغلتنا أموالنا)، الى قوله تعالى: (وكنتم قوماً بوراً)(2)، أي قوم سوء، وهم الذين استنفرهم في الحديبية.
ولما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى المدينة من الحديبية غزا خيبر فاستأذنه المخلّفون أن يخرجوا معه، فأنزل الله: (سيقول المخلفون إذا انطلقتم الى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون الا قليلا).
ثم قال: (قل للمخلفين من الاعراب ستدعون الى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فان تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً).
ثم رخص عز وجل في الجهاد، فقال: (ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار)، ثم قال: (ومن يتول يعذبه عذاباً أليماً)(3).
ثم قال: (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم)، يعني فتح خيبر: (ولتكون أية للمؤمنين)(4).
ثم قال: (وأُخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديراً)(5)، ثم قال: (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم)(6)، أي بعد أن أممتم من المدينة الى الحرم، وطلبوامنكم الصلح، بعد أن كانوا يغزونكم
____________
1- الفتح، الآية: 15-16.
2- الفتح، الآية: 11-12.
3- الفتح، الآية: 17.
4- الفتح، الآية: 20.
5- الفتح، الآية: 21.
6- الفتح، الآية: 24.
(298) قوله تعالى: {لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله ءامنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً}(2).
347 ـ وأنزل في تطهير الرؤيا التي راها رسول الله: (لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله ءامنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً) يعني فتح خيبر، لان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما رجع من الحديبية غزا خيبر(3).
(299) قوله تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من اللّه ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مَثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فأزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعدَ اللّه الذين أمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً}(4).
348 ـ حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى، يقول الله تبارك وتعالى: (الذين ءاتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم)(5)، يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لان الله عز وجل قد أنزل عليهم في التوراة والانجيل والزبور صفة محمد (صلى الله عليه وآله) وصفة أصحابه، ومبعثه ومهاجره، وهوقوله تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلا من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك
____________
1- تفسير القمي، ج2، ص 315.
2- الفتح، الآية: 27.
3- تفسير القمي، ج2، ص 317.
4- الفتح، الآية: 29.
5- البقرة، الآية: 146.
سورة الحجرات
(300) قوله تعالى: {ياأيها الذين أمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم}(2).
349 ـ روي عن ابن كدينة الاودي، قال: قام رجل الى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فسأله عن قول الله عز وجل: (ياأيها الذين أمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) فيمن نزلت؟
قال: " في رجلين من قريش "(3).
350 ـ نزلت في وفد بني تميم، كانوا إذا قدموا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقفوا على باب حجرته، فنادوا: يامحمد، أخرج الينا، وكانوا إذا خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) تقدموه في المشي، وكانوا إذا كلموه رفعوا أصواتهم فوق صوته، يقولون: يامحمد; يا محمد; ماتقول في كذا وكذا؟
____________
1- تفسير القمي، ج1، ص 32.
2- الحجرات، الآية: 1.
3- الاختصاص، المفيد: ص 128.
(301) قوله تعالى: {إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون}(2).
351 ـ كان قوم من سفهاء بني تميم، أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يامحمد، أخرج الينا نكلمك.
فغم ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وساءه ماظهر من سوء أدبهم، فأنزل الله تعالى: (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون)(3).
(302) قوله تعالى: {يا أيها الذين أمنوا ان جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين}(4).
352 ـ انها نزلت في مارية القبطية ام ابراهيم، وكان سبب ذلك أن عائشة قالت لرسول الله (صلى الله عليه وآله): ان ابراهيم ليس هو منك، وانما هو من جريج القبطي فانه يدخل اليها في كل يوم.
فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقال لامير المؤمنين (عليه السلام): " خذ هذا السيف وأتني برأس جريج ".
فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) السيف، ثم قال: " بأبي أنت وأمي يا رسول الله، انك إذا بعثتني في أمر أكون فيه كالسفود المحمي في الوبر،فكيف تأمرني، أثبت فيه أم أمضي على ذلك؟ ".
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): " بل تثبت " فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام) الى مشربة أم ابراهيم، فتسلق عليها، فلما نظر اليه جريج هرب منه وصعد النخلة، فدنا منه أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقال له: " انزل " فقال: ياعلي، ما هاهنا أناس، اني مجبوب، ثم كشف
____________
1- تفسير القمي، ج2، ص 318.
2- الحجرات، الآية: 4.
3- ربيع الابرار، الزمخشري، ج2، ص305.
4- الحجرات، الآية: 6.