فقال: نعم، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأعطاه ديناراً، وقال: ياعلي اذهب فابتع لاهلك طعاماً.
فخرج من عنده فلقيه المقداد بن الاسود (رحمه الله) وقاما ماشاء الله أن يقوما وذكر له حاجته، فأعطاه الدينار وانطلق الى المسجد، فوضع رأسه فنا، فانتظره رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يأت، ثم انتظره فلم يأت، فخرج يدور في المسجد، فاذا هو بعلي (عليه السلام) نائماً في المسجد فحركه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقعد، فقال له: ياعلي، ماصنعت؟
فقال: يا رسول الله، خرجت من عندك فلقيني المقداد بن الاسود، فذكر لي ماشاء الله أن يذكر فأعطيته الدينار.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما أن جبرئيل (عليه السلام) قد أنبأني بذلك، وقد أنزل الله فيك كتاباً (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفحلون) "(1).
سورة الممتحنة
(323) قوله تعالى: {ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون اليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يُخرجون الرسول وإيّاكم أن تؤمنوا باللّه ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تُسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضلّ سواء السبيل * إن يثقفوكم يكونوا لكم
____________
1- تأويل الآيات، ج2، ص679، ح5.
375 ـ نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، ولفظ الآية عام، ومعناه خاص، وكان سبب ذلك أن حاط بن بلتعة كان قد أسلم وهاجر الى المدينة، وكان عياله بمكة، وكانت قريش تخاف أن يغزوهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فصاروا الى عيال حاطب، وسألوهم أن يكتبوا الى حاطب يسألونه عن خبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهل يريد أن يغزوا مكة، فكتبوا الى حاطب يسألونه عن ذلك، فكتب اليهم حاطب: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريد ذلك، ودفع الكتاب الى امرأة تسمى صفية، فوضعته في قرونها ومرّت، فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره بذلك.
فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) والزبير بن العوام في طلبها فلحقاها، فقال لها أمير المؤمنين (عليه السلام): " أين الكتاب؟ ".
فقالت: مامعي شيء، ففتشاها فلم يجدا معها شيئاً، فقال الزبير: ما نرى معها شيئاً، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " والله ماكذبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا كذب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على جبرئيل (عليه السلام)، ولا كذب جبرئيل على الله جل ثناؤه، والله لتظهرن الكتاب أو لاوردن رأسك الى رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقالت: تنحيا حتى أخرجه، فأخرجت الكتاب من قرونها، فأخذه أمير المؤمنين (عليه السلام) وجاء به الى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ياحاطب ماهذا؟ ".
فقال حاطب: والله ـ يا رسول الله ـ مانافقت ولا غيرت ولا بدلت، واني أشهد أن لا اله الا الله وأنك رسول الله حقاً، ولكن أهلي وعيالي كتبوا الي بحسن صنع قريش اليهم فأحببت أن أجازي قريشاً بحسن معاشرتهم.
فأنزل الله جل ثناؤه على رسوله (صلى الله عليه وآله): (ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم، أولياء تلقون إليهم بالمودة ـ الى قوله تعالى ـ لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة
____________
1- الممتحنة، الآية: 1-3.
(324) قوله تعالى: {وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فئاتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون}(2).
376 ـ في قوله تعالى: (وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار) يقول: يلحقن بالكفار الذين لا عهد بينكم وبينهم، فأصبتم غنيمة (فئاتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون).
وكان [سبب نزول] ذلك أن عمر بن الخطاب كانت عنده فاطمة بنت أبي أمية بن المغيرة، فكرهت الهجرة معه، واقامت مع المشركين، فنكحها معاوية بن أبي سفيان، فأمر الله رسوله (صلى الله عليه وآله) أن يعطي عمر مثل صداقها(3).
(325) قوله تعالى: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله ان الله غفور رحيم}(4).
377 ـ محمد بن يعقوب: عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " لما فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكة بايع الرجال، ثم جاء النساء يبايعنه، فأنزل الله عز وجل: (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله ان الله غفور رحيم) فقالت هند: أما الولد فقد ربينا صغاراً وقتلتهم كباراً، وقالت أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت عند عكرمة بن أبي جهل: يا رسول الله، ماذلك المعروف الذي أمرنا الله به أن لا نعصيك فيه؟
____________
1- تفسير القمي، ج2، ص 361.
2- الممتحنة، الآية: 11.
3- تفسير القمي، ج2، ص 363.
4- الممتحنة، الآية: 12.
فقالت: يا رسول الله، كيف نبايعك؟
فقال: اني لا اصافح النساء، فدعا بقدح من ماء فأدخل يده ثم أخرجها، فقال: ادخلن أيديكن في هذا الماء فهي البيعة "(1).
سورة الصّف
(326) قوله تعالى: {إنّ الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص}(2).
378 ـ محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبيد، ومحمد بن القاسم، قالا جميعاً: حدثنا الحسين ابن الحكم، عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: (ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص) قال: نزلت في علي وحمزة وعبيدة بن الحارث (عليهم السلام) وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة وأبي دجانة الانصاري (رضي الله عنهم)(3).
____________
1- الكافي، ج5، ص527، ح5.
2- الصف، الآية: 4.
3- تأويل الآيات، ج2، ص 685، ح1.
سورة الجمعة
(327) قوله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً قل ماعند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين}(1).
379 ـ كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي بالناس يوم الجمعة، ودخلت ميرة وبين يديها قوم يضربون بالدفوف والملاهي، فترك الناس الصلاة ومروا ينظرون اليهم، فأنزل الله تعالى: (وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً قل ماعند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين)(2).
380 ـ عن تفسيرمجاهد، وأبي يوسف يعقوب بن سفيان، قال ابن عباس، في قوله تعالى: (وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا اليها وتركوك قائماً): ان دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة، فنزل عند أحجار الزيت، ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه، فنفر الناس اليه الا علي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام) وسلمان وأبو ذر والمقداد وصهيب، وتركوا النبي (صلى الله عليه وآله) قائماً يخطب على المنبر، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " لقد نظر الله يوم الجمعة الى مسجدي، فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لاضرمت المدينة على أهلها ناراً، وحصبوا بالحجارة كقوم لوط، ونزل فيهم: (رجال لا تلهيهم تجارة)(3) الآية "(4).
____________
1- الجمعة، الآية: 11.
2- تفسير القمي، ج2، ص 367.
3- النور، الآية: 37.
4- المناقب، ابن شهر اشوب، ج2، ص 146.
سورة المنافقون
(328) قوله تعالى: {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنّك لرسول الله والله يعلم إنّك لرسوله والله يشهد انّ المنافقين لكاذبون}(1).
381 ـ عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، قال له طاوس اليماني: أخبرني عن قوم شهدوا شهادة الحق وكانوا كاذبين؟
قال: " المنافقون حين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) (نشهد انك لرسول الله) فأنزل الله عز وجل (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم إنّك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) "(2).
(329) قوله تعالى: {سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ان الله لايهدي القوم الفاسقين}(3).
382 ـ عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: " ان الله تعالى قال لمحمد (صلى الله عليه وآله): (ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم)(4)، فاستغفر لهم مائة مرة ليغفر لهم فأنزل الله: (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم)، وقال: (ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره)(5)، فلم يستغفر لهم بعد ذلك، ولم يقم على قبر أحد منهم "(6).
____________
1- المنافقون، الآية: 1.
2- الاحتجاج، الطبرسي، ص329.
3- المنافقون، الآية: 6.
4- التوبة، الآية: 80.
5- التوبة، الآية: 84.
6- تفسير العياشي، ج2، ص100،ح92.
سورة التغابن
(330) قوله تعالى: {فاتقوا الله مااستطعتم}(1).
383 ـ عن تفسير وكيع، حدثنا سفيان بن مرة الهمداني، عن عبد خير، قال: سألت علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن قوله تعالى: (اتقوا الله حق تقاته)(2)، قال: " والله ماعمل بها غير أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، نحن ذكرنا الله فلا ننساه، ونحن شكرناه فلن نكفره، ونحن أطعناه فلم نعصه، فلما نزلت هذه قالت الصحابة: لانطيق ذلك، فأنزل الله تعالى (فاتقوا الله مااستطعتم) "(3).
سورة التحريم
(331) قوله تعالى: {ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم * قد فرض اللّه لكم تَحِلَّة أيمانكم واللّه مولاكم وهو العليم الحكيم * وإذ أسرَّ النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلمّا نبَّأت به وأظهره اللّه عليه عرَّف بعضه وأعرض
____________
1- التغابن، الآية: 16.
2- آل عمران، الآية: 102.
3- المناقب، ابن شهر اشوب، ج2، ص177.
384 ـ أخبرنا الشيخ السعيد أبو عبد الله محمد بن محمد ابن النعمان، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن اسماعيل، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثني محمد بن محمد بن عبد العزيز، قال: وجدت في كتاب أبي عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: وجدت حفصة رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع أم ابراهيم في يوم عائشة، فقالت: لاخبرنها.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أكتمي ذلك وهي علي حرام ".
فأخبرت حفصة عائشة بذلك فأعلم الله نبيه (صلى الله عليه وآله)، فعرف حفصة انها أفشت سره، فقالت له: من أنبأك هذا؟
قال: " نبأني العليم الخبير ".
فالى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من نسائه شهراً، فأنزل عز اسمه: (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما).
قال ابن عباس: فسألت عمر بن الخطاب: من اللتان تظاهرتا على رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
فقال: حفصة وعائشة(2).
385 ـ حدثنا علي بن عبيد ومحمد بن القاسم، قالا: حدثنا حسين بن حكم، عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز وجل: (فان الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين)، قال: نزلت في علي (عليه السلام) خاصة(3)
____________
1- التحريم، الآية: 1-5.
2- الامالي، الشيخ الطوسي، ج1، ص150.
3- تأويل الآيات، ج2، ص699، ح4.
سورة الملك
(332) قوله تعالى: {فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون}(2).
387 ـ حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن المغيرة بن محمد، عن أحمد بن محمد بن يزيد، عن اسماعيل بن عامر، عن شريك، عن الاعمش، في قوله عز وجل: (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون}، قال: نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)(3).
____________
1- تحفة الابرار في مناقب الائمة الاطهار، ص 115 (مخطوط).
2- الملك، الآية: 27.
3- تأويل الآيات، ج2، ص704، ح5.
سورة القلم
(333) قوله تعالى: {ن والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون}(1).
388 ـ عن تفسير يعقوب بن سفيان، قال: حدثنا أبو بكر الحميدي، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، في خبر يذكر فيه كيفية بعثة النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائم يصلي مع خديجة، اذ طلع عليه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال له: ماهذا يامحمد؟
قال: " هذا دين الله ". فامن به وصدقه، ثم كانا يصليان ويركعان ويسجدان، فأبصرهما أهل مكة ففشى الخبر فيهم أن محمداً قد جن، فنزل (ن والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون)(2).
(334) قوله تعالى: {وإن لك لاجراً غير ممنون * وإنّك لعلى خلق عظيم * فستبصر ويبصرون * بأييكم المفتون * ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين * فلا تطع المكذبين * ودّوا لو تُدهن فيدهنون * ولا تطع كل حلاف مهين * همّاز مَشّاء بنميم * مَنّاع للخير معتد أثيم * عُتُل بعد ذلك زنيم}(3).
389 ـ محمد بن العباس: عن عبد العزيز بن يحيى، عن عمرو بن محمد بن تركي، عن محمد بن الفضل، عن محمد بن شعيب، عن دلهم بن صالح، عن الضحاك بن مزاحم، قال: لما رأت قريش تقديم النبي (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) واعظامه له، نالوا من علي (عليه السلام)، وقالوا: قد افتتن به محمد (صلى الله عليه وآله) ; فأنزل الله تبارك وتعالى: (ن والقلم وما يسطرون) قسم أقسم الله تعالى به (ما أنت بنعمة ربّك بمجنون * وإن لك لأجراً غير ممنون * وإنّك لعلى خلق عظيم * فستبصر ويبصرون * بأييكم المفتون * إنّ ربّك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) وسبيله: علي بن أبي طالب (عليه السلام).
390 ـ عن علي بن العباس، عن حسن بن محمد، عن يوسف بن كليب، عن خالد،
____________
1- القلم، الآية: 1-2.
2- المناقب، ابن شهر اشوب، ج2، ص14.
3- القلم، الآية: 3-13.
391 ـ أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عمّن حدثه، عن جابر، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من مؤمن الا وقد خلص ودي الى قلبه [وما خلص ودي الى قلب أحد] الا وقد خلص ود علي الى قلبه، كذب ـ ياعلي ـ من زعم أنه يحبني ويبغضك، قال: فقال رجلان من المنافقين: لقد فتن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذا الغلام; فأنزل الله تبارك وتعالى: (فستبصر ويبصرون * بأييكم المفتون * ودّوا لو تدهن فيدهنون * ولا تطع كل حلاف مهين) قال: نزلت فيهما الى آخر الآية "(2).
(335) قوله تعالى: {وان يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون انّه لمجنون * وما هو إلا ذكر للعالمين}(3)
392 ـ عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحجال، عن عبد الصمد بن بشير، عن حسان الجمال، قال: حملت أبا عبد الله (عليه السلام) من المدينة الى مكة، قال: فلما انتهينا الى مسجد الغدير نظر في ميسرة الجبل، فقال: " ذاك موضع قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ".
ثم نظر في الجانب الاخر، فقال: " ذاك موضع فسطاط أبي فلان وفلان وسالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة بن الجراح، فلما رأوه رافعاً يده، قال بعضهم: انظروا الى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون، فنزل جبرئيل بهذه الآية: (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون انّه لمجنون * وما هو إلا ذكر للعالمين) "، ثم
____________
1- تأويل الآيات، ج2، ص711، ح3.
2- المحاسن، ص151، ح71.
3- القلم، الآية: 51-52.
سورة الحاقة
(336) قوله تعالى: {وتعيها أذن واعية}(2).
393 ـ عن علي بن عبد الله، عن ابراهيم بن محمد الثقفي، عن اسماعيل بن بشار، عن علي بن جعفر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: " جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى علي (عليه السلام) وهو في منزله، فقال: ياعلي، نزلت علي الليلة هذه الآية: (وتعيها أذن واعية) واني سألت الله ربي أن يجعلها أذنك، وقلت: اللهم اجعلها اذن علي، ففعل "(3).
394 ـ عن الاصبغ بن نباتة، في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال فيه: " والله أنا الذي أنزل الله فيّ (وتعيها أذن واعية) فانا كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا ومن يعيه، فاذا خرجنا قالوا: ماذا قال آنفاً؟ "(4).
(337) قوله تعالى: {فأمّا مَن أُوتي كتابه بيمينه}(5).
395 ـ محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز وجل: (فأما من أوتي كتابه بيمينه) الى آخر الكلام: " نزلت في علي (عليه السلام)، وجرت في
____________
1- التهذيب، الشيخ الطوسي، ج3، ص263، ح746.
2- الحاقة، الآية: 12.
3- تأويل الآيات، ج2، ص716، ح6.
4- تفسير العياشي، ج1، ص14، ح1.
5- الحاقة، الآية: 19-23.
(338) قوله تعالى: {ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين * وإنّه لتذكرة للمتقين * وإنّا لنعلم أنّ منكم مكذبين * وإنّه لحسرة على الكافرين * وإنّه لحق اليقين}(2).
396 ـ عن معاوية بن عمار، عن الصادق (عليه السلام)، ـ في خبر ـ " لما قال النبي (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه; قال العدوي: لا والله ما أمره الله بهذا، وما هو الا شيء يتقوله، فأنزل الله تعالى: (ولو تقوّل علينا بعض الاقاويل) الى قوله: (وإنّه لحسرة على الكافرين) يعني محمداً (وإنّه لحق اليقين) يعني به علياً (عليه السلام) "(3).
سورة المعارج
(339) قوله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع * من الله ذي المعارج}(4).
397 ـ لما اصطفت الخيلان يوم بدر، رفع أبو جهل يديه فقال: اللهم أقطعنا الرحم، وأتانا بما لا نعرفه، فأجنه العذاب، فأنزل الله عز وجل: (سأل سائل بعذاب واقع)(5).
____________
1- تأويل الآيات، ج2، ص717، ح10.
2- الحاقة، الآية: 44-51.
3- المناقب، ابن شهر اشوب، ج3، ص37.
4- المعارج، الآية: 1-3.
5- تفسير القمي، ج2، ص 385.
فقال: يا بن أخي، لقد سألت عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، لقد سألت جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن مثل هذا الذي قلت فقال: " أخبرني أبي، عن جدي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: لما كان يوم غدير خم، قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطيباً، ثم دعا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخذ بضبعيه، ثم رفع بيده حتى رئي بياض ابطيهما، وقال للناس، ألم أبلغكم الرسالة؟ ألم أنصح لكم؟
قالوا: اللهم نعم.
قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه.
قال: ففشت هذه في الناس، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فرحّل راحلته، ثم استوى عليها، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) اذ ذاك بالابطح، فأناخ ناقته، ثم عقلها، ثم أتى النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال: يا عبد الله، انك دعوتنا الى أن نقول: لا اله الا الله ففعلنا، ثم دعوتنا الى أن نقول: انك رسول الله ففعلنا والقلب فيه مافيه، ثم قلت لنا: صلوا فصلينا، ثم قلت لنا: صوموا فصمنا، ثم قلت لنا: حجوا فحججنا، ثم قلت لنا: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فهذا عنك أم عن الله؟
فقال له: بل عن الله، فقالها ثلاثاً، فنهض وانه لمغضب، وانه ليقول: اللهم ان كان ما يقوله محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء، تكون نقمة في أولنا واية في آخرنا، وان كان مايقول محمد كذباً فأنزل به نقمتك، ثم ركب ناقته واستوى عليها، فرماه الله بحجر على رأسه، فسقط ميتاً، فانزل الله تبارك وتعالى: (سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع * من الله ذي المعارج) "(1).
____________
1- تأويل الآيات، ج2، ص722، ح1.