الصفحة 310

وبعبارة أُخرى : نحن نسأل الإقطاع الرأسمالي أو الإقطاع الأموي والعباسي ما الفرق بين الكمال والمدح؟ وما الفرق بين النقص والذم؟ وما الفرق بين الملائم والشيء والحسن؟

يقولون : هناك فرق بين الملائم والشيء الحسن ، وهناك فرق بين الشيء غير الملائم والذم ، وهذه مغالطة انطوت للأسف على جملة من الفلاسفة الإسلاميين لقرون عديدة .

والردّ على هذه الشبهة هو : هل إنّك سمعت أنّ إنساناً يمدح إنساناً لنقص؟ أم أنّ الإنسان يمدح للكمال ، وإذا كان المدح أمراً أدبياً خيالياً ، كما هو حال بعض الشعراء الذين يصوّرون الأسود على أنّه أبيض ، والأبيض على أنّه أسود ، فهل هذا يغيّر من الواقع شيئاً؟ وهل هذا يحوّل النقص إلى كمال؟ وهل يتحوّل الجوع إلى شبع؟ وهل يتحوّل الاضطهاد إلى سلم؟ وهل يتحوّل الإيذاء إلى راحة؟ وهل يتحوّل الضيق والخناق إلى حرية؟ المدح والثناء نفس الحمد، فهل نحمد الله ما هو نقص فيه؟

طبعاً لا ، وإنّما نحمده على ما هو كمال فيه ، فلا يمكن أن ينفصل المدح عن الكمال إلاّ من شخص مهرّج أو مغالط أو من يتّخذ من الدجل منهجاً ، فإذا كان المدح لصيق العدالة فلا بدّ أن تكون العدالة ملازمة للكمال ، بل العدالة هي عين الكمال ، إذن العدل أمر واقعي في كلّ المجالات ، والعدالة التي ليست كمالا هي ليست عدالة ، ولا يمكن أن لا يكون الكمال عدلا ، وكيف يكون النقص عدلا؟

الظلم أيضاً ملازم للنقص ، وبالتالي الذمّ يكون ملازماً للنقص وملازماً للظلم ، وحينئذ لا يمكن أن يكون التعسّف قانوناً ، ويجب أن يخضع القانون للكمال ، لا أن يخضع الكمال للقانون ، القانون يجب أن يؤمّن الكمال لا العكس ، أيّ قانون هذا إنّه قانون الغابات وقانون الأنياب وامتصاص الثروات والخيرات ، وحتّى


الصفحة 311

الحيوانات تمتلك قانوناً معيّناً ، وهذا ما نشاهده في الأفلام التي ينتجها الغرب ، حتّى السبعية لها قانون ، فكلّما كان السبع أقوى كلّما تمكّن أكثر ، ولا تستطيع الدول الغربية بإقناع شعوبها بخلاف العدل ; لأنّ العدل أمر فطري ، ولا زالت الشعوب الأوربية ترفض الصهيونية رغم كلّ الجهود والإمكانيات الضخمة من أجل التسويق للصهيونية إلاّ أنّهم اصطدموا بالفطرة عند الإنسان الأوربي .


الصفحة 312

الصفحة 313

المحاضرة الرابعة

ضوابط العدل ومنطلقاته

محاور المحاضرة :

أوّلا : العدالة في القرآن الكريم .

ثانياً : اختلاف الأمر الاعتباري عن الأمر التكويني .

ثالثاً : هل كلّ قانون عدل؟

رابعاً : محورية العدل في خطاب سيد الشهداء(عليه السلام) .

خامساً : تسرّب فكرة أنّ العدل أمر أدبي للفقه الإمامي .

سادساً : الأشاعرة : العدل بمعنى المدح التخيّلي الفرضي .

سابعاً : نسأل الأشاعرة : ما هي ضابطة العدل؟

ثامناً : هل الإنسان مركز التقنين أم الله؟

تاسعاً : العدالة الحقوقية تكوينية وليست وليدة التقنين .

عاشراً : الله جعل للإنسان المعادلة التي تحقق سعادته .

العدالة في القرآن الكريم

إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْىِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(1) ، أمر الله بعناوين ثلاثة ، ونهى عن عناوين ثلاثة في هذه

____________

1- النحل (16) : 90 .


الصفحة 314

الآية ، وفي آية أُخرى قال تعالى : {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(1) ، فجعل القيام بالقسط مقارناً للشهادة الأُولى ، وقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْم عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}(2) ، وقال تعالى : {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}(3) ، فكون العدالة من الصفات الإلهية ، ومن أصول الدين ، ومن أصول المجتمع الديني هذا أمر بيِّن في آيات القرآن الكريم ، والعدل هو العنوان الذي نادى به سيد الشهداء(عليه السلام) ، وكان محوراً من محاور ثورته(عليه السلام) ، وجعله من علل نهضته .

محورية العدل أم القانون؟

تكلّمنا سابقاً عن إشكالية هل العدل هو المدار أم القانون والتقنين هو المدار؟ وهل العدل حقيقة تكوينية واقعية عينيّة خارجية ثابتة أم أنّ العدل في أيّ مجال من المجالات أمر أدبي اعتباري يقنّنه المقنّن في ظلّ اعتبار قانوني يُفترض ويُعتبر ويُنشأ ويُتعاقد عليه؟

اختلاف الأمر الاعتباري عن الأمر التكويني

الأمر الاعتباري غير الأمر التكويني ، الأمر التكويني له وجود فيزيائي ، ويقابله وجود ما وراء الفيزياء الماديّة ، مثل : عوالم البرزخ وعوالم الآخرة .

والوجود الاعتباري في العلوم أمر يُفترض في الذهن ويُتصوّر ، فإذا كان لأجل أغراض ومصالح يكون اعتباراً هادفاً له ثمرات ، ولدينا منظومة من العلوم

____________

1- آل عمران (3) : 18 .

2- المائدة (5) : 8 .

3- الرحمن (55) : 9 .


الصفحة 315

والمسائل تقوم على الاعتبار ، فمثلا : علم القانون يقوم على الاعتبار ، وعلوم اللغة جانب كبير منها يقوم على الاعتبار ; لأنّ ألفاظ أي لغة لها ارتباطها مع المعنى بتعاقد أبناء تلك اللغة ، وإلاّ فما الرابط بين هذه اللفظة والمعنى؟

فالرابط بين اللفظة والمعنى ارتباط أدبي اعتباري وليس ارتباطاً تكوينياً ، كذلك سائر علوم اللغة من الصرف والنحو والبلاغة والاشتقاق ، كلّ تلك العلوم علوم اعتبارية .

جعلوا العدل أمراً اعتبارياً خدمة لمصالحهم

هذا يقع الكلام في هل أنّ العدل وأحكام العدل ، مثل : لزوم العدل وضرورة العدل من الأُمور الاعتبارية؟ بمعنى هل أنّ العدل من الأُمور التي يتّفق عليها الناس ، ويضعونها في قانون كما يشاؤون؟ كما هو حال اللفظ والمعنى حيث يمكن أن يتغيّر أمرها ، كما غيَّر أتاتورك حروف اللغة التركية من حروف عربية إلى حروف لاتينية .

هذا الجدل في الفكر البشري قديم وحديث ، وأصحاب الإقطاع المالي قد تبنّوا رأي أنّ العدل أمر اعتباري خدمة لمصالحهم ; وذلك تسخيراً للأُمور الفكرية لخدمة مصالحهم المادية ، ومن أجل بسط قدرتهم في المجتمع .

هل كلّ قانون عدل؟

وقد حدث هذا الأمر في اليونان ، كما حدث في أيام حكم بني أمية ، حيث سخّروا العديد من الأقلام والشخصيات العلمية للترويج لمثل هذه الأفكار من أجل خدمة مصالحهم ، وهم يريدون أن يجعلوا العدل أمراً أدبياً اعتبارياً حتّى يكون المدار على القانون ، فيقنّنون ما أرادوا وما يخدم مصالحهم ، ويجعلون هذا القانون ملزماً ، وبذلك تتحقق مصالحهم فتكون العدالة متمثّلة في تطبيق القانون


الصفحة 316

الذي وضعوه ، والخروج على القانون الظالم في منطقهم خروج على العدالة ـ كما يزعمون ـ وحينئذ يكون المدار على القانون لا العدل، ومن ثمّ وضعواقاعدة: "كل قانون عدل" ، وهذا القانون عندما يكون بأيدي ذوي القدرة والنفوذ يقنّنون فيه ما يشاؤون ، والخارج على القانون يعتبر خارج عن العدالة ، ويحاسب ، ويكون إرهابياً وعنجهياً وخارجاً عن القانون ، بينما إذا جعلنا العدالة هي المدار فتكون القاعدة "كلّ عدل قانون ، وليس كلّ قانون عدلاً" ، فحينئذ أيّ قانون من القوانين إذا لم يتوافق مع العدل يكون هباءً منثوراً ; لأنّ المدار على العدل .

ومتى يكون المحور هو العدل في الفكر البشري والفكر القانوني والفكر السياسي والفكر الفلسفي والفكر الثقافي؟ يكون العدل هو المدار إذا جعلنا للعدل عينية خارجية ، ورفضنا فكرة أنّ العدل أمر اعتباري .

محورية العدل في خطاب سيد الشهداء(عليه السلام)

وهذا ما نلمسه في خطابات سيد الشيهداء(عليه السلام) التي كانت تُعنى بتعبئة وعي الأُمّة بهذه الصحوة ، حيث كان العدل هو المحور في فكر سيد الشهداء(عليه السلام) ، بينما السلطة الأموية كانت تتشبّث بقوانين ظالمة وتجعلها هي المدار ، وتجعل سيرة الخلفاء الذين سبقوا هي الشرعية بينما الحقيقة والواقع أنّ العدل هو المحور ، وسيد الشهداء(عليه السلام) حاول أن ينسف هذه النظرية التي كانت تحاول أن تجعل القوانين هي الحاكمة حتّى ولو كانت قوانين لا صلة لها بالعدل .

تسرّب فكرة أنّ العدل أمر أدبي للفقه الإمامي

مرّ بنا قولهم : إنّ العدل أمر أدبي ، والتقبيح للظلم أيضاً أمر أدبي اعتباري ، وقد تسرّبت هذه الفكرة الخاطئة إلى الفقه الإمامي نتيجة تأثّر بعض فلاسفة الإمامية ، مثل : ابن سينا بهذه الفكرة .


الصفحة 317

ابن سينا من الفرقة الإسماعيلية

وكان والد ابن سينا من الفرقة الإسماعيلية ، وهي من فرق الشيعة ، وابن سينا كان يتمتّع بنبوغ وقدرة فكرية كبيرة ، وقد ولد بعد قرن من مدرسة أبي الحسن الأشعري الذي تتّبعه أكثر المذاهب الإسلامية من غير المذهب الإمامي ، وقسم آخر من المسلمين يتّبع المذهب المعتزلي .

تأثير ابن سينا على قافلة الفلاسفة من بعده

وكان ابن سينا النابغة الذي وصفه البعض لشدّة نبوغة أنّه واحد لا ثاني له ، وإن كنت لا أعتقد فيه هذا ، ولكن من المسلم أنّه نابغة ، مع ذلك تأثّر ابن سينا وقال : حسن العدل وقبح الظلم ليس أمراً بديهياً ، وبعد تأثّر ابن سينا تأثّرات قافلة الفلاسفة من بعده ، وحتّى فلاسفة الإمامية تأثّروا بهذا الرأي ، وتسرّب هذا الرأي إلى الكتب الفقهية ، ولكن بحمد الله فإنّ الأكثرية من الفقهاء لم يتأثّروا بهذه الشبهة .

استقلال المذهب الإمامي عن الأنظمة الحاكمة

وقد سخّرت السلطات الحاكمة هذه الأفكار في خدمة بقائها وسيطرتها على الأُمور ، وقد تميّز المذهب الإمامي بأنّه مذهب مستقل فكرياً ، ومتحرّر من سيطرة الأنظمة الحاكمة .

رأي الأشعري في حسن العدل وقبح الظلم

أبو الحسن الأشعري كان ممّن تبنّى رأي أنّ العدالة ليس لها حقيقة عينية ، وإنّما هي أمر فرضي أدبي .

والحسن له معان ثلاث : المعنى الأول : هو الكمال .

والمعنى الثاني : هو الملائمة ، أي : ما يستحسنه الإنسان ، وأمّا ما لا يلائمه فهو ما ينفر منه ويستقبحه ، فالملائم حسن للطبع .


الصفحة 318

والمعنى الثالث : هو المدح ، وقال : إنّ المدح هو أمر تخيّلي فرضي أدبي . وهذه المعاني الثلاثة للحسن يقابلها معاني القبح بمعنى النقص ، والقبح في مقابل الكمال وهو أمر تكويني وليس أمراً افتراضياً أدبياً ، والقبح بمعنى الشيء المنفّر للطبع ، والقبح بمعنى الذم .

الأشاعرة : العدل بمعنى المدح التخيّلي الفرضي

وقد بنى الأشاعرة مذهبهم أنّ حسن العدل يعتمد على المعنى الثالث ، وأنّه ليس بناء على المعنى الأوّل ولا الثاني ـ حسبما يدّعون ـ وقبح الظلم ليس بمعنى النقص ، وليس بمعنى أنّ الإنسان ينفر ويتبرّم منه ، وإنّما هو بمعنى الذم ، بينما الإمام الحسين(عليه السلام) يصرّح بهذه الحقيقة المتمثّلة بـ "إنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياة مع الظالمين إلاّ برماً"(1) ، أي : أنّ الظلم أمر تكويني ، والفكر الأشعري يقول أنّ الإنسان قد يتعوّد على الظلم فلا ينفر منه ، ويتأقلم ويتعوّد عليه ، وفي الفكر الغربي أيضاً هو كذلك ، ونحن لا نتكلّم على مستوى الشعارات الغربية ، وإنّما على مستوى الحقيقة الغربية ، حيث الظلم موجود في التمييز العنصري وتفضيل العنصر الأبيض ، وإن لم يكن هذا الأمر معلناً ، ولكنّه موجود .

نسأل الأشاعرة : ما هي ضابطة العدل؟

ومن ثمّ فإنّ الأشاعرة بنوا على أنّ ما أمر الله به فهو حسن وما نهى عنه فهو قبيح ، أي : أنّ العدل ليس له حقيقة خارجية ، فليس هناك ضابطة للعدل ، وإنّما الضابطة إذا أمر الله عزّ وجل ، ولا يقولون : إنّ الله يأمر بغير العدل ، ولكن المبنى عندهم أنّ العدل نفسه لا يمتلك حقيقة خارجية ، وإنّما أمر الله هو العدل ونهى الله هو الظلم بحسب مشيئة الله ، وربّما يستدلّون بهذه الأدلة ، وهي : أنّه ليس هناك

____________

1- ميزان الحكمة 4 : 1515 ، الحديث 9785 .


الصفحة 319

قانون وأدلة تحكم الله تعالى ، بل هو الحاكم على كلّ القوانين ، وهذا صحيح ، ولكن كيف يتمّ تفسير "هو الحاكم على القوانين" ، هل المقسود أنّ القوانين ليس لها سنّة من ذاتها؟

الله تعالى ، والهدف والغاية

ويشبّثون بدليل آخر ، وهو : أنّ الله تعالى غنيّ عن اتّخاذ الهدف والغاية ، والفاعل إنّما يفعل شيئاً لهدف أو غاية ، ولكن الله غنيّ عن الغاية ، وأنّ الله يفعل ما يفعل ليس لغاية ; لأنّه غير محتاج إلى الغاية ، فالحكمة هي ما فَعَلَ الله تعالى ، لا أنّ هناك غاية من البدء يسير الفعل الإلهي نحوها .

العدالة ، وتعذيب البريء ، والإنعام على المجرم

ويقولون : "لو عذّب الله المقتول البريء لكان ذلك هو العدل ، ولو أنعم على السفّاح الغاشم لكان ذلك هو العدل ، لكن سنّته جرت أن ينعم على المظلوم ، ويعذّب الظالم باعتبار أنّ الله مالك كلّ شيء ولا يملكه شيء"(1) ، وفي ظلّ هذه الأدلة التي ذكروها نشأت مدرسة القدرية ، وهي مدرسة قديمة ، ولكنّها تبلورت بعد ذلك بصورة أوضح ، وحاولوا تطعيمها بأُطُر علميّة في ظلّ المدرسة الأشعرية .

هل ما يقع تكويناً يوافق إرادة الله ؟

يزيد عندما خاطب العقيلة زينب(عليها السلام) كان يخاطبها من منطلق أنّ الله أعطاه الملك ، واستناداً إلى هذا المنطق ، وهو أنّ ما يقع تكويناً هو الصحيح ، وهو الموافق لإرادة الله .

وهذه الشبهات توجب ضعف الأُمّة وإجهاضها وتخاذلها تجاه قضاياها

____________

1- راجع أدلة الأشاعرة هذه والردّ عليها إلى دلائل الصدق 2 : 346 ، 431 .


الصفحة 320

الإسلامية ، وفي خطاب عبيد الله بن زياد للعقيلة(عليها السلام) : "كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيتك؟ فقالت : ما رأيت إلاّ جميلا ، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجّ وتخاصم ، فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أُمّك يابن مرجانه"(1) ، فهو ينطلق من هذا المنطلق ، ولو قلنا بهذا المنطق فسيكون قتل الأنبياء شيئاً صحيحاً وشيئاً يريده الله ; لأنّه أمر تحقق في الخارج ، وكان حقيقة لا يمكن نكرآنها، وهذا التفيسر غير الصحيح للقضاء والقدر يعتبر أنّ ما يقع هو الصحيح ; لأنّ الله لا يفعل إلاّ ما هو حسن ، وهذا فعل الله ، إذن هذا الفعل فعل حسن ، ومن ثمّ نشأت مدرسة الجبرية ومدرسة القدرية والمرجئة ، وهذا الاتّجاه يخلط الحابل بالنابل في الموازين العقائدية والقانونية والحقوقية ، وهذه المدرسة تخدم السلطات الظالمة بفكرها الذي يبرر الظلم ، ومن ثمّ فقد عمدت السلطات الظالمة للترويج لهذه الأفكار .

خطورة دعم السلطات الظالمة للأفكار المنحرفة

وعندما جاء ابن سينا كان يدور جدل في أنّ حسن العدل وقبح الظلم أمر بديهي أم أمر فرضي؟ فقال : ابن سينا : إنّ العدل أمر اعتباري فرضي وليس أمراً بديهياً حقيقياً ، وهنا تتبيّن خطورة دعم السلطات الظالمة للأفكار غير المستقيمة وآثارها الخطيرة على الأُمّة .

إعداد الأئمة للكوادر الثقافية لمواجهة الفكر المنحرف

الأئمة(عليها السلام) خلال الفترة التي عاصروا فيها الحكومات الظالمة ناهضوا تلك الحكومات ، التي كانت تمثّل الدولة العظمى ، ومع ذلك استطاعوا ـ رغم تلك

____________

1- بحار الأنوار 45 : 115 ، تاريخ الحسين بن علي سيد الشهداء(عليه السلام) ، باب الوقائع المتأخّرة عن قتله(عليه السلام) .


الصفحة 321

الظروف الصعبة ـ أن يربّوا طائفة من الأُمّة على الوعي العقائدي الثقافي المبني على الأُسس السليمة ، وهذا الأمر بمثابة المعجزة التي تحققت رغم الإمكانيات الضخمة التي تمتلكها الأجهزة الحاكمة آنذاك .

أثر أخلاقيات أهل البيت(عليهم السلام) على شيعتهم بعد عدّة قرون

نلاحظ أنّ بعض البدو والفلاّحين الشيعة ، كما هو واضح في شيعة العراق الطيّبين البسطاء ، لديهم من الأخلاقيات التي اكتسبوها من أهل البيت(عليهم السلام) ما لا يمتلكه الكثير ممّن دخلوا الجامعات وعاشوا الحضارات ، ونلاحظ أنّ الشيعة لا يستحلّون دماء الآخرين وإن اعتدي عليهم ، وهذا ما يحصل في العراق اليوم ، وهذه التربية المثالية هي تربية أهل البيت(عليهم السلام) ، وهذه التربية التي يعيشها الشيعة في العراق ليست تربية المرجعية في النجف فحسب ، وإنّما هي تربية موروثة من الأئمة(عليهم السلام) ، هذا في وقت الذي نرى فيه أنّ لغة القصاص والانتقام هي اللغة السائدة في كلّ مكان ، وفي كلّ يوم يراق الدم الشيعي في العراق ، ولا زال الشيعة ـ هناك ـ يفتحون باب الحوار ، وهذه هي تربية سيد الشهداء(عليه السلام) ، والشعارات التي يطلقها الغرب ، مَن الذي يجسّمها ويجسّدها؟ أتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام) هم الذين يجسّدون هذه الشعارات الإنسانية ، وهذه ظواهر برهانية وإعجازية ; لأنّ البشرية التي وصلت إلى هذا الأفق من الشعارات والقوانين التي تنادي بها ، من الحريّة والسلم المدني والمحافظة على حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ، يأتي هذا المجتمع البسيط على سجيّته وفطرته يجسّد كلّ هذه المعاني العالية .

العدل له وجود تكويني

الآن سننطلق للمحور الأوّل لبحث العدالة الاجتماعية ، فنقول : إنّ العدل من أصول الدين ، وهل من الممكن أن تكون أصول الدين أموراً اعتبارية؟! والعدل


الصفحة 322

الذي هو صفة من صفات الله ، هل من الصحيح أن تكون هذه الصفة أمراً اعتبارياً؟! بل صفات الله أُمور تكوينية ، إذا كان في صميم اعتقادنا وبداية رؤيتنا أنّ العدل صفة كعلم الله وكحياة الله وكقدرة الله وغيرها من الصفات الفعلية والذاتية هذه الصفات من صميم التكوين ، إذن العدل له وجود تكويني ، كما في منطق أهل البيت(عليهم السلام) الذي يقول : "بالعدل قامت السماوات والأرض"(1) .

المدح الصادق يلازم الكمال ، والذم الصادق يلازم النقص

المدح غير الكمال هذه المغالطة طرحها الأشعري ، وهل يمكن للإنسان أن يمدح النقص؟! وهذا يستلزم أن ننكر الكمال وننكر النقص ، وننكر كلّ هذه الأُمور الخارجية ، وكذلك الأمر بالنسبة للذم فلا يمكن أن نفكّك بين الذم والنقص ، الإنسان يدرك الكمال ، ومن ثمّ ينجذب المدح للكمال ، والمدح يعتبر إخباراً صادقاً عن الكمال ، هذا إذا كان المدح صادقاً ، أمّا إذا كان كاذباً فهو ليس كذلك ، والمدح الصادق يعبّر عن تقرير علمي مطابق للحقيقة ، والمدح معلومة من المعلومات تنبىء عن الكمال ، والذم الحقيقي هو معلومة صادقة تُنبىء عن النقص .

الحقوق الإلهية قبل سن القانون

والذين قالوا : إنّ من دون القانون لا ترسم الحقوق ، ومن دون رسم منظومة الحقوق لا يستتب العدل ، كلامهم هذا ينطوي على مغالطة ناشئة من وجود حقوق اعتبارية بعد رسم منظومة القانون ، يعني : وليدة للقانون ، لكن هناك منظومة للحقوق هي في الواقع قبل القانون ، يعني : حقوق إلهية تكوينية .

____________

1- تفسير كنز الدقائق 12 : 553 ، ذيل آية {وَالَّسمَاءَ رَفَعَهَا } .


الصفحة 323

لابدّ من نظرة شاملة لحقوق الإنسان

نحن لسنا ماديين حتّى نحصر الحقوق في حقوق الطبيعة ، ولسنا غرائزيين وجنسيين حتّى نحصر الحقوق في الحقوق الغرائزية ، بل نسلّم برؤية تكوينية بأنّ الإنسان ذو طبقات متعدّدة ، فيه الغرائز الجنسية ، وفيه العقل ، وفيه الوهم ، وفيه الخيال ، وفيه القلب ، وفيه الضمير ، وفيه الوجدان ، وهو شبيه بمنبنى ذي طبقات ، وكلّ قوّة من قوى الإنسان لها حقوق ، وليس من الصحيح أن ننظر إلى طبقة من طبقات الإنسان ونهمل باقي الطبقات ، وهذه الرؤية تؤثّر في أُسس الحقوق وأُسس القانون بين المدرسة الإسلامية والمدرسة الغربية ، وبين المدرسة الإمامية والمدارس الأُخرى ، هذه كلّها أُسس للانطلاق .

العدل في تنمية قوى الإنسان

فمثلا : من العدل أن ينمّي الإنسان كلّ قواه ، ولا ينمّي قوّة على حساب القوى الأُخرى ، فليس من الصحيح أن ينمّي الجانب الغريزي ويهمل الجوانب الأُخرى كالجانب العقلي ـ مثلا ـ أو إذا اهتمّ بالجانب العقلي فيجب أن يعطي الجانب الغريزي حقّه أيضاً .

هل الإنسان مركز التقنين أم الله؟

إمّا أن نجعل الإنسان مركزاً للتقنين والحقوق ، أو نجعل المنطلق في تقنين الحقوق هو الله عزّ وجل ، والصحيح ـ طبعاً ـ في النظر الإسلامي أن يكون المنطلق هو الله عزّ وجلّ وليس الإنسان ، وهذا فرق بين الرؤية الحقوقية الإسلامية وبين الرؤية الحقوقية غير الإسلامية ، أو بتعبير أدق هناك فرق بين الرؤية الحقوقية الإديانية التي تشمل اليهود والنصارى الذين من المفترض أن يجعلوا محور


الصفحة 324

الحقوق هو الله تعالى ، وبين المدارس الوضعية التي جعل الإنسان هو مدار الحقوق .

إهمال الماديين لروح الإنسان

ويا ليتهم يضعون الإنسان بكلّ طبقاته نصب أعينهم ، بل هم يهتمّون بالطبقة البدنية من الإنسان ويهملون باقي الطبقات الروحية والعقلية ، وإن كانت هناك مدارس روحية غربية قد خطت خطوات كبيرة في هذا الجانب ، إلاّ أنّ هؤلاء الماديين لا يعترفون بالروح ، فهم في صراع دائم مع الحالة الروحية والوجدانية ، وفي سنة 2001 أعلنت الأمم المتحدة أنّ شعارها هو مقاومة الأمراض الروحية والعقلية ; لأنّ أكبر نسبة من الأمراض الروحية والعقلية وقعت في الغرب بشكل مذهل وحدّث ولا حرج ، والأرقام تقرأ في كلّ يوم عن الأزمات الروحية التي يمرّ بها العالم الغربي ، مثل : تفشّي الجريمة ، وتفكّك الأُسرة ، وتقطّع الأوصال الروحية ، وما شابه ذلك أرقام كبيرة .

النظرة غير المتوازنة للإنسان كارثة

ومنشأ هذه الأزمة أنّهم جعلوا مدار الحقوق هو الإنسان ، مع إغفالهم لبعض طبقات الإنسان ، وتركيزهم على طبقات أُخرى ، إذن هناك حقوق اعتبارية ، وهناك حقوق تكوينية لا تحتاج إلى تقنين .

سلبيات جعل الإنسان هو المدار في التقنين

الغرائز لها نقائص ولها كمالات ، هل كمال كلّ قوّة ينكر؟ لا ، هل نقص كلّ قوّة ينكر؟ لا ، سواء كاف من قوى الطبيعة .

الآن هم يحاولون أن لا يجعلوا الإنسان وحده مداراً للحقوق ، بل يضيفون إليه


الصفحة 325

الطبيعة الخضراء والطبيعة الحيوانية والهوائية والنباتية وما يحيط بالإنسان من كائنات أُخرى في هذه المنظومة الحقوقية ، ولو يفتح للإنسان الباب على مصراعيه سيدمّر الطبيعة التي تحيط به ويعيش فيها ، وبالتالي سيدمّر نفسه بيده ، والسبب هو عدم وجود توازن في مدار الحقوق والتقنين .

العدالة الحقوقية تكوينية وليست وليدة التقنين

إذن العدالة الحقوقية ليست وليدة التقنين ، وفي الأساس العدالة الحقوقية تكوينية ; ولذلك هم يلمسونها بأنفسهم بأنّ تشريع حقّ الصناعة بلغ ما بلغ سيدمّر لنا البشرية ، وتشريع الاستئثار بالمال سينحر الطبقات المحرومة في المجتمع ، وسيخلق الإرهابيين والعنف ، وإذا جعلنا التقنين الخاضع للميول والمصالح هو المدار فعلينا أن نتحمّل التبعات والآثار السلبية ، إذن العدالة لها وجود تكويني ، والحقوق لها وجود تكويني .

الله جعل للإنسان المعادلة التي تحقق سعادته

العدالة هي وصول كلّ ذي كمال إلى كماله ، وذو الكمال الذي نعنيه : أنّه غير متوفّر على الكمال الآن .

الله تعالى هو محور العدل ; لأنّه عالم بالخلق : {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}(1) ، الله جعل المعادلة التي توفّر السعادة للإنسان وهو أعلم بها ، ومن هنا جاء الحديث الذي يقول : "لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت"(2) ، وقال أبو

____________

1- الملك (67) : 14 .

2- الكافي 1 : 179 ، الحديث 10 ، كتاب الحجة ، باب أنّ الأرض لا تخلو من حجه .


الصفحة 326

الحسن(عليه السلام) : "إنّ الأرض لا تخلو من حجّة"(1) ; لأن البشر لا زالوا يعيشون النقص ، ويكتشفون أنّهم مخطئون ، ولكن المعصوم لا يخطىء ، ولولا وحي الله والعلم اللدنّي عند الأئمة لحفظ الأرض لساخت الأرض بمن عليها .

____________

1- الكافي 1 : 179 ، الحديث 9 ، كتاب الحجة ، باب أنّ الأرض لا تخلو من حجة .


الصفحة 327

المحاضرة الخامسة
العدالة والتوازن ورأي الأكثرية

محاور المحاضرة :

أوّلا : الأرحام تتجاوز الأُسرة إلى العشيرة والقبيلة .

ثانياً : العدالة والسعادة .

ثالثاً : الأفعال الإلهية تنطلق من موازين دقيقة جدّاً .

رابعاً : لابدّ من التوازن في كلّ علاقة .

خامساً : لا ينبغي أن تُحَكَّم الأعراف على العدالة .

سادساً : الأكثرية ليست دائماً حليفة الصواب .

سابعاً : متى نحتاج إلى الاعتبار القانوني في إدراك العدالة ؟

ثامناً : بنية الحقوق التكوينية قبل مرحلة التقنين .

تاسعاً : ملكية الله وملكية الرسول وذي القربى .

عاشراً : سيطرة الإقطاع الأموي على المناصب الحساسة .

الأرحام تتجاوز الأُسرة إلى العشيرة والقبيلة

قال تعالى : {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْىِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(1) ، كما مرّ بنا أنّ هذه الآية تشير إلى أصول

____________

1- النحل (16) : 90 .


الصفحة 328

النظام الاجتماعي وأصول العدالة الاجتماعية ، وهي ثلاثة أصول ركّزت الآية عليها ، وهي العدل والإحسان وصلة الأرحام ، وصلة الأرحام ليست فقط في نطاق الأُسرة خلافاً لما ينادى به هذه الأيام من أنّ العشيرة لا محلّ لها في الحياة العصرية الحديثة ، وأنّ ديّة العاقلة كانت مناسبة لذلك المجتمع القديم في الجزيرة العربية باعتباره مجتمع عشائر وقبائل ، وليست مناسبة للحياة العصرية الحديثة ، وقد تأثّر بعض من هو في وسطنا التخصصي بمثل هذه الشبهات ، القرآن الكريم يؤكّد أنّ صلة الأرحام مهمّة جدّاً ، وهي تشمل العشيرة والقبيلة ، ولا تقتصر على الأُسرة ، ولقد عفا أمير المؤمنين (عليه السلام) عن بعض القبائل التي في العراق ، والمنحدرة من الجزيرة العربية ، فيما له الحق في العفو ضمن صلاحياته ، وعلل ذلك بقوله : "لرحم لهم تمسّني" ، مع أنّها شجرة طويلة من الأفخاذ النسبية .

صلة الأرحام من أجل التكافل الاجتماعي

القرآن الكريم لا يعزّز النزعة القبائلية والعشائرية ، وإنّما يعزّز التكافل الاجتماعي في هذه العشيرة أو تلك القبيلة ، الحسين(عليه السلام) كان قد نادى بالعدالة الاجتماعية ، والآية المذكورة وثيقة الصلة بالعدالة الاجتماعية ، مضافاً إلى أنّ العدل أصل بنيوي ، فضلا عن أن يكون أصلا اعتقادياً أو أخلاقياً في كلّ الأبواب .

التعصّب الإيجابي والتعصّب السلبي

الآية لم تقتصر على الأُسرة ، وإنّما أطلقت لفظ ذي القربى ، وهي تهدف إلى أن تقوّي الأواصر والصلة بالأرحام ، أمّا العصبيّة الممقوتة فتتبيّن من خلال هذا الحديث ، حيث سئل علي بن الحسين(عليهما السلام) عن العصبيّة ، فقال : "العصبيّة التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين ، وليس من


الصفحة 329

العصبيّة ، أنّ يحبّ الرجل قومه ، ولكن من العصبيّة أن يعين قومه على الظلم"(1) ، إذن إذا تعصّبت لقومك حرصاً على خدمتهم أو أداء حقوقهم أو المطالبة بحقوقهم فليست تلك عصبيّة ، بل هي نزعة غرسها الله في الإنسان .

الحسين في مواجهة الظلم

فالآية الكريمة تؤكّد على ثلاثة أصول إيجابية في مقابل ثلاثة أصول مدمّرة للمجتمع المتمثّلة في قوله تعالى {وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْىِ}(2) ، وقال أبو عبد الله الحسين(عليه السلام) : "عباد الله إنّي عُذت بربّي وربّكم أن ترجمون ، أعوذ بربّي وربّكم من كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب"(3) ، الحسين(عليه السلام) يطلب العون والمدد من الله في مواجهة الاستكبار والظلم .

العدالة والسعادة

انتهينا إلى أنّ العدل له واقعيّة وحقيقة ، وأنّ بالعدل يقنّن القانون ، ومن الخطأ أن يكون القانون هو المحور بدلا من العدل ، وهناك من يطرح أنّ العدل هو أنشودة وسيمفونية الضعفاء والمحرومين ، أمّا الأقوياء فلا ينشدون العدالة ، وإنّما ينشدون القانون ، وقد قلنا : إنّ العدل له واقعية ; لأنّ العدل هو وصول كلّ ذي قابلية إلى كماله المنشود أو كماله المقرر في التكوين من قبله تعالى ، الله قرر لكلّ موجود مسيراً للوصول إلى كمال معيّن .

وسنرى أنّ هناك نوعاً من التقارب بين السعادة والعدالة ، وهل أنّ السعادة هي العدالة أم أنّ لها تعاريف أُخرى؟ باعتبار أنّ العدالة هي التي تؤمِّن وصول كلّ ذي

____________

1- ميزان الحكمة 5 : 1992 ، الحديث 13038 .

2- النحل (16) : 90 .

3- الكامل في التاريخ 4 : 63 .


الصفحة 330

كمال إلى كماله ، والكمال أمر ملائم للإنسان فيه الراحة وفيه السعادة ، ووصول الإنسان إلى كمال يعتبر حقاً طبيعياً وفرّه الله تعالى للإنسان ، وهذا الأمر لا يحتاج إلى قانون ، والمفروض أن يكون القانون هو فرع للعدالة البشرية ، والعدالة هي وصول كلّ ذي قابلية إلى كماله المنشود ، والعدالة مرتبطة بعناصر تكوينية ، فالعدل لا يتوقف على وجود جمعيّة وطنية أو برلمان أو دستور أو غير ذلك ، ومن ثمّ يكون الإجحاف والحرمان والاضطهاد أُمور ملموسة تكوينياً عند أفراد المجتمع ، وُضِع الدستور أم لم يوضع ، رسم الدستور الطريق الصحيح أو لم يرسم ، إذن العدالة ليست أمراً اعتبارياً فرضياً ، وإنّما العدالة أصل .

الأفعال الإلهية تنطلق من موازين دقيقة جدّاً

وفي الشبهة الثالثة قالوا : إنّ الله يفعل ما يفعل ، كيفما يشاء ، ولا يحكم الله عزّ وجل قانون معيّن ، بل هو يخلق القوانين الكونية ـ فضلا عن القوانين غير الكونية ، وهي القوانين الاعتبارية والفرضية ـ هذا صحيح ، ولكن هذا لا ينفي وجود موازين مخلوقة من الله عزّ وجل ; لأنّ نفس الذات الإلهية هي أعلى ما يمكن أن يكون من نظام في المعرفة بالنظام الربوبي ، وإذا أردنا أن نجد نظاماً متكاملا ضمن موازين لا متناهية في الدقّة فهو نفس الذات الإلهية ، والذات الإلهية لها أسماء وصفات ، وقد ورد في الدعاء "وأيقنت أنّك أنت أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة ، وأشدّ المعاقبين في موضع النكال والنقمة ، وأعظم المتجبّرين في موضع الكبرياء والعظمة"(1) ، ففي موضع معيّن أيّ الاسمين يحكم ، هل هو اسم الرحمن أم اسم المنتقم؟ القابض أم الباسط المحيي أم المميت؟ وكلّ هذه الأُمور تمثّل نظاماً ، وليس الأمر أمراً اعتباطيّاً .

____________

1- دعاء الافتتاح .


الصفحة 331

لابدّ من التوازن في كلّ علاقة

{الرَّحْمَنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ* خَلَقَ الاِْنسَانَ* عَلَّمَهُ الْبَيَانَ* الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَان* وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ* وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ* أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ* وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}(1) ، فالتوازن مطلوب في كلّ علاقة ، وفي كلّ تعامل ، وفي كلّ شيء ، وهذا التوازن مطلوب حتّى في علوم الكيمياء والفيزياء في المعادلات الكيميائية والفيزيائية ، فهذا التوازن له صيغة وإطار وقالب ، قال أمير المؤمنين(عليه السلام) : "بالعدل قامت السماوات والأرض"(2) .

إذن كلّ ما طابق العدل ينبغي أن يكون قانوناً ، وليس كلّ قانون يجب أن نعتبره عدلا ، ويجب أن لا تنطلي علينا هذه المغالطة ، والقانون ينبغي أن يرسم السعادة للبشرية ، فكيف تُرسم السعادة للبشرية بغير العدل إذا كان هذا القانون يخالف العدل؟!

لا ينبغي أن تحكم الأعراف على العدالة

أمّا الأعراف فهي قوانين ، وقد لا تكون مكتوبة ، ولكن ثقافة المجتمع مبنيّة عليها ، فمن الأمثلة التي يمكن أن نطرحها هنا هي : مسألة الرئيس في الدول الأوربية ، فلا يوجد قانون مكتوب يمنع وصول الأسوَد إلى سدّة الحكم ، ولكن من المستحيل أن يكون الأسود رئيساً لدولة أوربية ، والسبب هو العرف ، فالعرف له قوّة كبيرة يطبّقها المجتمع ، حتّى لولم يكن هذا العرف مدوّناً ، إذن الأعراف تمثّل قانوناً نافذاً متجدّراً أقوى نفوذاً من القانون المكتوب ، وهذه الأعراف هي كذلك ما دامت هي قانون على النحو التطبيقي الفعلي ، ولكن يجب أن لا تحكم على

____________

1- الرحمن (55) : 1 ـ 9 .

2- تفسير كنز الدقائق 12 : 553 ، ذيل آية {وَالَّسمَاءَ رَفَعَهَا } .


الصفحة 332

العدالة ، مع أنّها متجذّرة ويرتبط بها المجتمع بشدّة ، وتحكيم العدالة ينطلق من منطلق أنّها تكوينية ، أمّا الأعراف فإنّها أُمور اعتبارية يتواضع عليها المجتمع ، وتختلف من مجتمع لآخر .

الأكثرية ليست دائماً حليفة الصواب

في النظرية الإسلامية ، لا سيّما في فكر أهل البيت(عليهم السلام) إنّ الأكثرية ليست دائماً حليفة الصواب ; لأنّ هذه الأكثرية قد تبنى على أعراف مريضة ، وقد تشكّل هذه الأعراف أغلالا للمجتمع ، قال تعالى : {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الاُْمِّىَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالاِْنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالاَْغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}(1) ، فالأعراف المريضة تمثّل إصراً وأغلالا ، وقد خلّص الرسول(صلى الله عليه وآله)مجتمعه من هذا الإصر وهذه الأغلال ، وهذا الدور سيمارسه الإمام الحجّة بن الحسن عجّل الله فرجه .

الأعراف قد تخرج عن نطاق الفطرة

هناك هوّة كبيرة بين الشعارات التي ترفعها الشعوب والحكومات الغربية وبين الأعراف السائدة عندهم . نعم ، هم بشر ولديهم فطرة إنسانية ، ولكن هذا لا ينفي وجود الأعراف الخارجة عن الفطرة بصورة قويّة في ذلك المجتمع .

الإدراك العقلي للعدالة له حدود

العدالة في كلّ مجالاتها السياسية والمالية والاجتماعية وغيرها لها بُعد

____________

1- الأعراف (7) : 157 .


الصفحة 333

تكويني بحيث يدركها العقل وتدركها الفطرة الإنسانية ، ولكن هذا الإدراك له حدود ، وما وراء تلك الحدود يقصر العقل وتقصر الفطرة عن إدراك العدالة ، وحينئذ تأتي الحاجة إلى الاعتبار القانوني .

متى نحتاج إلى الاعتبار القانوني في إدراك العدالة؟

إذن تأتي الحاجة إلى الاعتبار بعد أوّليّات وبديهيّات الفطرة الإنسانية في إدراك العدالة ، وفي حسن العدل وقبح الظلم ، وحسن الصدق وقبح الكذب ، وحسن الإحسان وقبح الإساءة ، وهي مجموعة من الأُصول السلوكية التي تدركها الفطرة ، بعد ذلك تأتي الحاجة إلى الاعتبار القانوني ; لأنّ هناك أفعالا غير واضحة في النظام الاجتماعي والنظام الفردي والنظام الأسري ، ولابدّ لأهل الخبرة في تنظيم النظام الاجتماعي بأن يتدخّلوا لبيان العدالة في هذه الأُمور ، سواء على صعيد البشرية أو على صعيد الإدارة والتدبير .

التقنين الإلهي والتقنين الوضعي

وهذا التقنين قد يكون بشرياً وضعياً ، وقد يكون إلهيّاً سماوياً ، والشرع يحترم العقل في الوصول إلى العدالة ، ويُسمى بـ "بناء العقلاء" ، ولكن هذا يكون في مساحات معيّنة ، وبعد هذه المساحات يصل العقل إلى مساحات لا يدرك فيها العدالة ، وهنا لابدّ من صوابيّة الرؤية الكونية بحيث يكون الإيمان بوجود خالق للكون والبشر .

بنية الحقوق التكوينية قبل مرحلة التقنين

وهنا البحث حسّاس جدّاً ، فالعدل يرسم لإعطاء الحقوق قبل مرحلة التقنين ، وهنا بنية الحقوق التكوينية ، فهل بنية الحقوق التكوينية منطلقها البارىء سبحانه


الصفحة 334

وتعالى أو منطلقها الإنسان هناك عدّة مدارس ، منها : المدرسة الإنسانية أو المدرسة الذاتية ، وهي : مدرسة تنطلق من ذات الإنسان بغض النظر عن النظام الاجتماعي .

الرؤية الإسلامية للعدالة

وهنا يبدأ البحث في كيفية الوصول إلى العدل في النظرية الإسلامية ، عندنا أنّه بدون جعل المالكية والحق الأوّل لله لن تستتب العدالة بتاتاً في البشر ; لأنّ نظام التكوين يبدأ من الله ثمّ إلى خلقه ، فلابدّ أنّ نظام الحقوق ونظام التقنين ونظام التدبير يتطابق مع نظام التكوين ، وإذا تطابق فستكتب العدالة ، وتتحقق السعادة للإنسانية ، وإذا تمّ مخالفة هذا الأصل الأصيل الذي ترتكز عليه العدالة فلن تعيش البشرية السعادة أبداً ، وستخسر البشرية السعادة .

الملكيّة الحقيقية لله

والملكيّة بالذات وقبل كلّ شيء لله سبحانه وتعالى ، ولذلك قال سيد الشهداء(عليه السلام) : "أعوذ بربّي وربّكم من كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب"(1) ، وهنا يشير سيد الشهداء إلى أنّ الظلم السائد في النظام الاجتماعي آنذاك بسبب عدم تحكيم هذا الأصل الأصيل ، وهو مالكيّة الله للكون وما فيه .

الظاهرة اليزيدية والظاهرة الأموية تمثّلان المدرسة الذاتية التي لا تنطلق من أنّ مالك الملوك هو الله ، وإنّما تضع في هذا الموضع شخصاً آخر ، ومنهج أهل البيت(عليهم السلام) يرتكز على أنّ الملك لله والحق لله لا للفرد، وإذا سلّمنا أنّ الملك للّه والحقّ للّه فإنّ كلّ قانون وكلّ مبدأ لا ينطلق من التشريع الإلهي فهو فاقد

____________

1- الكامل في التاريخ 4 : 63 .


الصفحة 335

للمصداقية والشرعية ، ولا يمثّل قانوناً عادلا .

لا تتحقق العدالة من خلال المدرسة الذاتية أو الإنسانية

وإذا جعل المحور هو الذاتية أو الإنسانية فلن تكتب العدالة للبشرية ، الآن توجد مافياً المخدّرات ومافيا الجنس ومافيا السلاح التي تنشأ من الإقطاع الدولي الذي يفتح باب الحروب من أجل أن يسوّق سلاحه ، ومن أجل الربح ، ومن خلال ممارسة الجنس غير المشروع يفتح هذا الباب الذي يهدم أخلاقيات الأُسرة والمجتمع ، وتربك السلامة الروحية والصحة البدنية والأمن الاجتماعي ، وليكن كلّ ذلك ، المهم أن يربحوا من هذا الفساد الأخلاقي ، وكذلك المخدّرات التي تشل الطاقات البشرية والعلمية والعقلية عند شرائح كبيرة من المجتمع ولتذهب البشرية للجحيم ، المهم أن يربحوا ، وليكن بعد ذلك ما يكون .

ملكيّة الله وملكيّة الرسول وذي القربى

إذن الأصل الأوّل في كلّ الحقوق يتبيّن من خلال هذه الآية في سورة الحشر ، يقول الله تعالى : {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَىْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاَْغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}(1) ، الثروات الطبيعية ، بل كلّ الثروات هي ملك لله تعالى ، واللام الواردة في الآية الكريمة هي لام الملكيّة ، وتصرّف وملكيّة ذي القربى ليست ملكيّة قيصرية أو كسروية ، قال تعالى : {وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} ، ولم يقل ولليتامى ، ليبيّن أنّ المصرف سيكون للطبقات المحرومة توزيعاً عادلا ، قال تعالى : {كَىْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاَْغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} ، أي : كي لا يكون

____________

1- الحشر (59) : 7 .


الصفحة 336

حقّاً مستأثراً عند هؤلاء الأغنياء يتداولونه بينهم .

الحق لله ثمّ للرسول ثمّ لذي القربى

إذا أرادت البشرية أن لا يستأثر أُولي القوّة والنفوذ عليها يجب عليها الرجوع إلى مبدأ : "إنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون ، أعوذ بربّي وربّكم من كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب"(1) فالحق لله ثمّ للرسول ثمّ لأُولي القربى ، لِمَ؟ لكي تستتب العدالة ; ولكي لا يكون المال دولة بين الأغنياء منكم ; ولكي تتهيّأ فرص للمحرومين حتّى ينالوا حقهم ، والله عندما يعطي شخصاً مّا ثروة يعطيها إيّاه لكي يكون عنصراً فعّالا في المجتمع لا لكي يحتكر هذه الثروة ، ويمنع الحقوق الشرعية التي يستحقّها أهلها .

سيطرة الإقطاع الأموي على المناصب الحسّاسة

والقرآن يتحدّى البشرية أنّ العدالة لن تستتب إلاّ إذا كان أُولوا القربى هم أصحاب التدبير ، وهذا ما شاهدناه في التاريخ ، فلمّا أتى الخليفة الأوّل بدأ التمييز في العطاء بين المسلمين ، وبين زوجات النبي وغيرهن ، وبدأت سياسة التفريق في العطاء(2) ، وبدأ إدخال الإقطاع الجاهلي الأموي القديم ، حيث ولّي يزيد بن أبي سفيان على الشام ، وهو أخو معاوية بن أبي سفيان ، وهو من الطلقاء ، ويولّى على قطاع كبير من البلاد الإسلامية ، ممّا أسّس للإقطاع بصورة قويّة في المجتمع الإسلامي ، وبعد أن مات يزيد بن أبي سفيان تمّ تولية معاوية بن أبي سفيان إرضاءً لشجرة الإقطاع الأموي في عهد الخليفة الثاني ، وتمّ تولية الطلقاء في مناصب حسّاسة ، وفي قيادة الجيوش الإسلامية فعاد الإقطاع بأشرس ما يمكن ، إلى أن

____________

1- الكامل في التاريخ 4 : 63 .

2- من حياة الخليفة عمر بن الخطاب : 180 .


الصفحة 337

وصلت النوبة إلى يزيد بن معاوية الذي شرب الخمر واستحلّ الدماء وهدم الكعبة ، وصار لهذه الطبقة الإقطاعية الأولوية حتّى على المهاجرين والأنصار في تولّي المناصب الحسّاسة .

تطبيق العدالة من خلال دور ذوي القربى

وفي المقابل تمّ التضييق على المَوالي غير العرب فمُنعوا من الزواج من العرب في عهد الخليفة الثاني ، ومُنعوا من دخول عاصمة المسلمين وهي المدينة المنوّرة ، وفي عهد الخليفة الثالث زادت مثل هذه الممارسات بصورة كبيرة ممّا أدّى إلى انفجار الأوضاع ، ثمّ جاء دور أمير المؤمنين(عليه السلام) الذي أعاد العدل إلى نصابه فلم يفرّق بين الأبيض والأسود ، ولا بين العربي والأعجمي ، فأعاد سنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وهذا هو دور أُولي القربى ، وهو التوزيع العادل للطبقات المحرومة حتّى لا يكون دولة بين الأغنياء ، وهنا يمثّل سيد الشهداء(عليه السلام) ضمير العدالة وضمير الإنسانية النابض ، ولمّا سفك دمه بثّ الحياة في العدالة والمطالبة بها .


الصفحة 338

الصفحة 339

المحاضرة السادسة
العدالة ودور الخليفة في الأرض

محاور المحاضرة :

أوّلا : هدف الحسين(عليه السلام) من الخروج على بني أمية .

ثانياً : هل القدرة هي مصدر الاستحقاق؟

ثالثاً : هل يجب إخضاع القانون للأخلاق؟

رابعاً : العبودية لله تؤسّس للعدالة .

خامساً : إنّي جاعل في الأرض خليفة .

سادساً : الخليفة هو الشخص المصطفى من الله .

سابعاً : مفهوم أهل القرى في القرآن الكريم .

ثامناً : خليفة الله يد الله ، وعين الله ، ووجه الله في الأرض .

تاسعاً : الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف يتصدّى لأُمور المسلمين في غيبته ، ولكن في الخفاء .

عاشراً : أهمية الحكم السرّي في مجريات الأُمور .

هدف الحسين(عليه السلام) من الخروج على بني أمية

قال تعالى : {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْىِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(1) ، وقال سيد الشهداء(عليه السلام) من ضمن نداءاته

____________

1- النحل (16) : 90 .