وقال عبد الله بن قدامة: وأما قضية بدر فإنها منسوخة فإنهم اختلفوا فيها فأنزل الله تعالى: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله)(2).
وقال علاء الدين المارديني الشهير بابن التركماني في مصرف الغنيمة: وإنها كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يضعها حيث يراه ممن شهد الوقعة وممن لم يشهدها حتى نزل قوله تعالى: ( واعلموا أنما غنمتم من شيء) قلت: مراده إن قوله تعالى يسألونك عن الأنفال منسوخة وهو قول جماعة منهم ابن عباس, وقال: مكي في الناسخ والمنسوخ أكثر الناس على أنها محكمة واختلفوا في معناها فقال ابن عباس في رواية أخرى عنه هي محكمة وللإمام أن ينفل من الغنائم ما شاء لمن يشاء لبلاء أبلاه وأن يرضخ لمن لم يقاتل إذا كان فيه صلاح للمسلمين وقيل الأنفال أنفال السرايا انتهى كلامه فكأنه تعالى قال ما غنمتم من شئ سوى النفل فالله خمسه إلى آخره - وظاهر ما ذكره البيهقى في هذا الباب من حديث ابن عباس وعبادة يدل على أن الآية نزلت في تنفيل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا في أهل الغنيمة وهذا هو الحقيقة المفهومة من قوله تعالى: (قل الأنفال لله) الآية. فظهر بهذا أن الغنيمة كانت للمسلمين وانه عليه السلام كان ينفل منها وان ذلك محكم ثابت لم ينسخ(3).
وقد نفى علماء كثيرون من المتقدمين والمتأخرين نسخ آية الأنفال بشدة واعتبروها من المحكمات , قال جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي القرشي البغدادي: ذكر الآية الأولى, قوله تعالى: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال
____________
(1)فتح القدير ج:2 ص285 سورة الأنفال, بحث في الأنفال أول الأمر. (2)المغني ج:10 ص462 كتاب الجهاد وفرضه على الكفاية, الغنيمة لمن حضر الواقعة, والشرح الكبير ج:10 ص519 كتاب: الجهاد وفرضه على الكفاية. (3)الجوهر النقي ج:6 ص291 باب: مصرف الغنيمة في ابتداء الإسلام, طبع ونشر: دار الفكر.
والثاني: ما يفضل من الغنائم بعد قسمتها كما روى عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فغنمنا إبلا فأصاب كل واحد أثني عشر بعيرا ونفلنا بعيرا بعيرا فعلى هذا هي محكمة لأن هذا الحكم باق إلى وقتنا هذا, والعجب ممن يدعي أنها منسوخة فإن عامة ما تضمنت أن الأنفال لله والرسول والمعنى أنهما يحكمان فيها وقد وقع الحكم فيها بما تضمنته أية الخمس وإن أريد أن الأمر بنفل الجيش ما أراد فهذا حكم باق فلا يتوجه النسخ بحال ولا يجوز أن يقال عن آية: إنها منسوخة إلا أن يرفع حكمها وحكم هذه ما رفع فكيف يدعي النسخ, وقد ذهب إلى نحو ما ذكرته أبو جعفر ابن جرير الطبري(1).
قلت: ومما اتفقوا عليه أن الله عز وجل جعل لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم الأنفال خالصة له وخاصة به لا يشاركه فيها أحد, والأنفال للإمام القائم من بعده , وقد أقر فقهاء أهل السنة هذا إلا أننا نختلف معهم في المراد بالإمام القائم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فالإمام عندنا لا يكون إلا بالنص, وعندهم
____________
(1)نواسخ القرآن ص: 164باب: ذكر الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة الأنفال, الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت.
11- معاني ومصاديق الأنفال عند أتباع آل البيت عليهم السلام
قال الشيخ المفيد قد الله سره: كانت الأنفال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصة في حياته, وهي للإمام القائم مقامه من بعده خالصة , كما كانت له عليه وآله السلام في حياته, قال الله عز وجل: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين), وما كان للرسول عليه السلام من ذلك فهو لخليفته القائم في الأمة مقامه من بعده. والأنفال كل أرض فتحت من غير أن يوجف عليها بخيل ولا ركاب, والأرضون الموات وتركات من لا وارث له من الأهل والقرابات, والآجام, والبحار, والمفاوز, المعادن, وقطايع الملوك.
وقال قدس الله سره: روى عن الصادق عليه السلام أنه قال: نحن قوم فرض الله تعالى طاعتنا في القرآن, لنا الأنفال, ولنا صفو الأموال. يعني بصوفها ما أحب الإمام من الغنائم, واصطفاه لنفسه قبل القسمة: من الجارية الحسناء, والفرس الفاره, والثوب الحس، وما أشبه ذلك من رقيق, أو متاع على ما جاء به الأثر من هذا التفسير عن السادة عليهم السلام.
وقال قدس الله سره: وليس لأحد أن يعمل, في شيء مما عددناه من الأنفال إلا بإذن الإمام العادل, فمن عمل فيها بإذنه فله أربعة أخماس المستفاد منها,
وقال الشريف المرتضى قدس الله سره: الأنفال خالصة لرسول الله- صلى الله عليه وآله- في حياته, وللإمام القائم بعده عليه السلام. وتحقيق هذه المسألة: أن الأنفال خالصة للنبي صلى الله عليه وآله في حياته, وهي للإمام القائم مقامه من بعده, وإنما أضاف هذه الأنفال إلى الله تعالى وإن كانت للرسول صلى الله عليه وآله على الوجه الذي تقدم بيانه من التعظيم والتفخيم. والحجة في ذلك: إجماع الفرقة المحقة.
وقال قدس الله سره: وأن صفوة الأموال من الأنفال خاصة للنبي صلى الله عليه وآله وللإمام. وتحقيق هذه المسألة: أن كل شيء يصطفيه ويختاره النبي صلى الله عليه وآله والإمام القائم مقامه بعده لنفسه من الغنائم قبل القسمة من جارية حسناء, أو فرس فاره, أوثوب حسن بهي فهو له عليه السلام. والحجة فيه إجماع المتقدم(2).
وقال الشيخ الطوسي قدس الله سره: الأنفال كانت لرسول الله- صلى الله عليه وآله- خاصة في حياته, وهي لمن قام مقامه بعده في أمور المسلمين. وهي كل أرض خربة قد باد أهلها عنها, وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب أو يسلمونها هم بغير قتال, ورؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام والأرضون الموات التي لا أرباب لها, وصوافي الملوك وقطائعهم مما كان في أيديهم من غير وجه الغضب, وميراث من لا وارث له. قال قدس الله سره: وله أيضا من الغنائم قبل أن تقسم: الجارية الحسناء, والفرس الفاره, والثوب المرتفع, وما أشبه ذلك مما لا
____________
(1)المقنعة ص:278 كتاب: الزكاة والخمس والجزية, الباب:37 الأنفال. (2)رسائل المرتضى ج:1 ص228, جوابات المسائل الموصليات الثالثة, حكم الأنفال.
وقال ابن إدريس الحلي قدس الله سره: الأنفال هي جمع نفل, ونفل يقال: بسكون الفاء وفتحها, وهو الزيادة, وهي كل أرض خربة باد أهلها, إذا كانت قد جرى عليها ملك أحد, وكل أرض ميتة خربة لم يجر عليها ملك لأحد وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب, الإجياف: السير السريع, أو أسلمها أهلها طوعا بغير قتال, ورؤوس الجبال, وبطون الأودية, والآجام التي ليست في أملاك المسلمين, بل التي كانت مستأجمة قبل فتح الأرض, والمعادن التي في بطون الأودية, التي هي ملكه, وكذلك رؤوس الجبال, فأما ما كان من ذلك في أرض المسلمين, ويد مسلم عليه, فلا يستحقه عليه السلام, بل ذلك في الأرض المفتوحة عنوة, والمعادن التي في بطون الأودية مما هي له, والأرضون الموات التي لا أرباب لها, وصوافي الملوك وقائعهم التي كانت في أيديهم, لا على وجه الغصب, وميراث من لا وارث له ومن الغنائم قبل أن تقسم(2)...
وقال المحقق الحلي قدس الله سره في الأنفال: وهي ما ستحقه الإمام من الأموال على جهة الخصوص, كما كان للنبي صلى الله عليه وآله, وهي خمسة: الأرض التي تملك من غير قتال, سواء انجلى أهلها أو سلموها طوعا والأرضون, سواء ملكت ثم باد أهلها, أو لم يجر عليها ملك كالمفارز, وسيف البحار ورؤوس
____________
(1)النهاية ص:199 كتاب: الزكاة, بال: الأنفال, وأنظر المبسوط للشيخ الطوسي ج:1 ص:263 كتاب: الزكاة, الأنفال ومن يستحقها. (2)السرائر ج:1 ص497 باب: في ذكر الأنفال ومن يستحقها, الأنفال: معناها ومصاديقها وأحكامها.
ونقل العياشي قدس الله سره, في تفسيره عن بشير الدهان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله فرض طاعتنا في كتابه فلا يسمع الناس جهلا، لنا صفو المال ولنا الأنفال ولنا كرائم القرآن، ولا أقول لكم إنا أصحاب الغيب، ونعلم كتاب الله وكتاب الله يحتمل كل شيء، إن الله أعلمنا علما لا يعلمه أحد غيره، وعلما قد أعلمه ملائكته ورسله، فما علمته ملائكته ورسله فنحن نعلمه.
ونقل عن أبى الصباح الكنانى قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا الصباح نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال، ولنا صفو المال، ونحن الراسخون في العلم ونحن المحسودون الذين قال الله في كتابه: (أم يحسدون الناس على ما آتيهم الله من فضله).
ونقل عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال سمعته يقول: إن الفيء والأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هرقة دم أو قوم صالحوا أو قوم أعطوا بأيديهم، وما كان من أرض خربة أو بطون الأودية، فهذا كله من الفيء فهذا لله وللرسول، فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث يشاء وهو للإمام من بعد الرسول.
ونقل عن أبى بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لنا الأنفال، قلت: وما الأنفال؟ قال: منها المعادن والآجام وكل أرض لا رب لها، وكل أرض باد أهلها فهو لنا.
____________
(1)شرائع الإسلام ج:1 ص136 كاب: الخمس.
وقال: وفى رواية أخرى عن احدهما عن أبان بن تغلب عن أبى عبد الله عليه السلام قال: كل مال لا مولى له ولا ورثة له فهو من أهل هذه الآية (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله وللرسول).
ونقل عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه واله أقطع عليا عليه السلام ما سقى الفرات؟ قال: نعم وما سقى الفرات، الأنفال أكثر ما سقى الفرات، قلت: وما الأنفال؟ قال: بطون الأودية ورؤوس الجبال والآجام والمعادن، وكل أرض لم يوجف عليها خيل ولا ركاب، وكل أرض ميتة قد جلا أهلها وقطايع الملوك(1).
وقال السيد الطباطبائي قدس الله سره: قوله تعالى: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول) إلى آخر الآية. الأنفال جمع نفل بالفتح وهو الزيادة على الشيء، ولذا يطلق النفل والنافلة على التطوع لزيادته على الفريضة، وتطلق الأنفال على ما يسمى فيئا أيضا وهي الأشياء من الأموال التي لا مالك لها من الناس كرؤوس الجبال، وبطون الأودية، والديار الخربة، والقرى التي باد أهلها، وتركة من لا وارث له، وغير ذلك كأنها زيادة على ما ملكه الناس فلم يملكها احد وهي لله ولرسوله، وتطلق على غنائم الحرب كأنها زيادة على ما قصد منها فإن المقصود بالحرب والغزوة الظفر على الأعداء واستئصالهم فإذا غلبوا وظفر بهم فقد حصل المقصود، والأموال التي غنمه المقاتلون والقوم الذين أسروهم زيادة على أصل الغرض(2).
____________
(1)تفسير العياشي ج:1 ص16 ح7 في علم الأئمة من بالتأويل, وص: 247ح155 وص: 49 ح21 سورة النساء, قوله تعالى: أم يحسدون الناس..., وج:2 ص47 ح7 و48 ح11 وح12 سورة الأنفال, قوله تعالى: (يسألونك عن الأنفال). (2)تفسير الميزان ج:9 ص5 سورة الأنفال.
12- ملخص تركة الرسول صلى الله عليه وآله
قد حاول القاضي أبو يعلى تلخيص ما تركه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فقال: فأما صدقات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمحصورة, لأنه قبض عنها فتعينت.
وهي ثمانية: أحدهما: - هي أول أرض ملكها رسول الله صلى الله عليه آله وسلم- من وصية مخيريق اليهودي من أموال بني النضير.
حكي الواقدي: أن مخيريق اليهودي كان حبرا من علماء بني النضير, آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد, وكانت له سبعة حوائط.
وهي: المثيب , والصافية, والدلال, وحسني, وبرقة, والأعوان, والمشربة, فوصى بها لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وقاتل معه بأحد حتى قتل.
الصدقة الثانية: أرضه من الأموال بني النضير بالمدينة, وهي أول أرض أفاءها الله على رسوله فأجلاهم عنها وكف عن دمائهم, وجعل لهم ما حملته الإبل من أموالهم إلا الحلقة - وقي السلاح- فخرجوا بما استقلت إبلهم إلى الشام وخيبر, وحصلت أرضهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما كان ليامين بن عمير, وأبي سعد بن وهب فإنهما أسلما قبل الظفر, فأحرز لهما إسلامهما جميع أموالهما.
ثم قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سوى الأرضيين من أموالهم على المهاجرين الأولين, دون الأنصار, إلا سهل بن حنيف, وأبا دجانة سماك بن خرشة فإنهما ذكرا فقرا, فأعطاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبس الأرض على نفسه, فكانت من صدقاته, يضعها حيث شاء, وينفق منها على أزواجه ثم سلمها عمر إلى العباس وعلي رضوان الله عليهما ليقوما بمصرفها.
الصدقة الثالثة, والرابعة, والخامس: ثلاث حصون من خيبر, وكانت خيبر ثمانية حصون: ناعم, والقموص, وشق, والنطاة, والكتيبة, والوطيح, والسلالم,
وكان أعظم حصون خيبر, وأكثرها ملا وطعاما وحيوانا.
ثم شق, والنطاة, والكتيبة.
فهذه الحصون الستة فتحها عنوة.
ثم افتتح الوطيح والسلام لم, وهو آخر فتوح خيبر صلحا بعد أن حاصرهم, وملك من هذه الحصون الثمانية: ثلاثة حصون: الكتيبة, والوطيح, والسلالم. أما الكتيبة: فأخذها بخمس الغنيمة.
وأما الوطيح, والسلالم: فهما مما أفاء الله عليه, لأنه فتحهما صلحا.
فصارت هذه الحصون الثلاثة - خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتصدق بها وكانت من صدقاته.
وقسم الخمسة الباقية بين الغانمين.
الصدقة السادسة: النصف من فدك.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما افتتح خيبر خافه أهل فدك.فصالحوه, بسفارة محيصة بن مسعود, على أن له نصف أرضهم ونخيلهم. يعاملهم عليه, ولهم النصف الآخر. فصار النصف منها من صقاته معاملة مع أهلها بالنصفى من ثمرها, والنصف خالص لهم إلى أن جلاهم عمر فيمن أجلاه من أهل الذمة عن الحجاز, فقوم فدك, ودفع إليهم نصف القسمة, فبلغ ذلك ستين ألف درهم. وكان الذي قومها مالك ابن التيهان, وسهل بن أبي حثمة, وزيد بن ثابت, فصار نصفها من صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم, ونصفها لكافة المسلمين. ومصرف النصفين الآن سواء.
الصدقة السابعة: الثلث من وادي القرى, لأن ثلثها كان لبني عذرة وثلثاها لليهود. فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على نصفه. فصارت أثلاثا: ثلثها لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو صدقات - وثلثها لبني عذرة إلى أن أجلاهم عمر عنها, وقوم حقهم منها, فبلغت قيمته تسعين ألف دينار, فدفعها عمر إليهم وقال لبني عذرة: إن شئتم أديتم نصف ما أعطيت ونعطيكم النصف, فأعطوا خمسة وأربعين ألف دينار, فصار نصف الوادي لبني عذرة, والنصف الآخر: الثلث منه في صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم, والسدس منه لكافة المسلمين, ومصرف جميع النصف سواء.
الصدقة الثامنة: موضع بسوق بالمدينة يقال له مهزور, أستقطعها مروان من عثمان.فنقم بها الناس عليه.فاحتمل أن يكون إقطاع تضمين لا تمليك , ليكون له في الجواز وجه.فأما ما سوى هذه الصدقات الثمانية من أمواله, فذكر الواقدي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورث من أبيه عبد الله أم أيمن الحبشية, واسهما بركة خمسة أجمال , وقطعة من غنم, ومولاه شقران وابنه صالحا, وقد شهد بدرا. وورث من أمه آمنة بنت وهب دارها التي ولد فيها بمكة في شعب بني علي. وورث من زوجته خديجة بنت خويلد دارها بمكة بين الصفا والمروة خلف سوق العطارين, وأموالا(1).
قلت: وقد ذكر أهل الأخبار والسير بأنه كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أفراس: لزاز, والظيرب, واللخيف(2).
____________
(1)الأحكام السلطانية ص:199. (2)تاريخ الطبري ج:3 ص173, وطبقات ابن سعد ج:1 ص490.
وكان للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة تدعى دلدل أول بغلة رئيت في الإسلام, أهداها له المقوقس وأهدى له معها حمارا يقال له غفير, فكانت البغلة قد بقيت حتى زمن معاوية(1).
وكان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عشرون لقحة وكانت التي يعيش بها أهل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يراح إليه كل ليلة بقربتين عظيمتين من لبن فيها لقاح غزار: الحناء, والسمراء, والعريمن, والسعدية, والبغوم, واليسيرة, والريا(2).
وكان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم سبع منائح: عجوة, وزمزم, وسقيا, وبركة, وورسة, وأطلال, وأطراف(3).
وكان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم سيوف منها: سيفا يدعى قلعيا, وسيفا يدعى بتارا, وسيفا يدعى الحتف, والمخذم, ورسوب شهد به بدرا, والقضيب, وذو الفقار غنمه يوم بدر (غير سيف الإمام علي عليه السلام ذو الفقار)(4).
وكان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم دروع, منها: درع يقال لها السعدية, ودرع يقال لها فضة, ودرع يقال لها ذات الفضول, وترس(5).
وأخيرا نجمل ما تركه رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم على النحو التالي:
____________
(1)تاريخ الطبري ج:3 ص174, وطبقات ابن سعد ج:1()ص491. (2)تاريخ الطبري ج:3 ص175, طبقات ابن سعد ج:1 ص494 و494. (3)تاريخ الطبري ج:3 ص176, طبقات ابن سعد ج:1 ص495. (4)تاريخ الطبري ج:3 ص178. (5)المصدر السابق.
1 - الهبات: من بينها ما وهبته الأنصار للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو كل ما ارتفع عن الماء من أرضيهم الزراعية, عندما هاجر إليهم صلى الله عليه وآله وسلمت(1).
2- الحوائط السبع لمخر يق اليهودي: اللاتي وهبها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم, وكان قد أوصى بجميع أملاكه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل استشهاده بأحد (مخر يق من أحبار اليهود وعلمائهم بالتوراة, ومن أيسر بني قينقاع, أسلم على يد النبي صلى الله عليه وآله سلم في أول الهجرة عندما نزل قبا قريبا من المدينة)(2).
3- أرض بني النضير: وهي واديان يهبطان من حر, تنصب منهما مياه عذبة(3).
4- والثلث من وادي القرى: وهي قرى على طريق حاج الشام, فتحهما النبي صلى الله عليه وآله سلم عنوة, غنم منها أموال كثيرة, وترك النخل والأرض في أيدي اليهود, عاملهم على نحو ما عامل عليه أهل خيبر(4).
5- الصدقات الثمان: بسوق المدينة, ويسمى مهزور واديا في العالية سكنته بنو قريظية(5).
6- وأرض خيبر: وهي تشتمل على ثمانية حصون منيعة بها مزارع ونخل كثير فتح النبي صلى الله عليه وآله وسلم نصفها عنوة والنصف الآخر صلحا, قسمها على ستة وثلاثين سهما, وجعل كل سهم مائة سهم: لرسول الله
____________
(1)الأموال لأبي عبيد ص: 282 باب: الإقطاع من كتاب أحكام الأرضين. (2)راجع الطبقات الكبرى ج:1 ص502, والأحكام السلطانية للماوردي ص:169, والاكتفاء ج:2 ص303, وإمتاع الأسماع ص:46. (3)معجم البلدان مادة: بطحان. (4)فتح البلدان ج:1 ص: 39 و40, ومغازي الواقدي ج: ص710, وإمتاع الأسماع ص: 332. (5)الأحكام السلطانية للماوردي ص:170, ومعجم البلدان مادة: خيبر.
7- وأرض فدك التي نحلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لابنته فاطمة الزهراء عليها السلام: وكان نصفها خالصا للرسول صلى الله عليه وآله سلم , ولأنه لم يوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب, وسببها لما فرغ صلى الله عليه وآله سلم من خيبر, قذف الله الرعب في قلوبهم فبعثوا إليه يصالحونه على النصف فقبل ذلك منهم, وهي قرية بالحجاز بينها وبين المدينة مسير يومين أو ثلاثة على اختلاف الروايات, وكان واردها السنوي كثيرا جدا يصل ما بين أربعة وعشرين ألف دينار, وسبعين ألف دينا على حسب اختلاف السنين, وكان نخيلها مثل نخيل الكوفة في زمان ابن أبي الحديد المعتزلي(2).
8 - ودار ورثها صلى الله عليه وآله سلم عن أمه آمنة, ودار وأموال ورثها عن زوجته خديجة, بالإضافة إلى ما ورثه صلى الله عليه وآله وسلم عن أبيه عبد الله ولعل بقي منه شيئا, وترك ثلاثة أفراس, وبغلة وحمار, وعشرون لقحة حلوب, وسبع منائح, وسبعة سيوف, وثلاثة دروع وترس, ودوره بالمدينة المنورة بما فيها من أثاث ومتاع, ولباسه صلى الله عليه آله وغير ذلك.
نكتفي بما استعرضناه, وقد أخذنا فكرة عامة عن تركة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الضخمة التي استولى عليها أبو بكر وعمر, والتي كانت فاطمة الزهراء عليها السلام تطالب بها, وقد طالبت بنو هاشم أيضا بحقها في الخمس, وكان على رأس المطالبين بحقهم أمير المؤمنين عليه السلام, والعابس بن عبد
____________
(1)فتوح البلدان ج:1 ص29, الأموال لأبي عبيد ص:56. (2)معجم البلدان مادة فدك, وشرح نهج البلاغة ج:9 ص5 وج16 ص236.
مصير تركة النبي صلى عليه وآله بعد رحيله
13- اعتراف عصابة قريش بأنها حرمت العترة حقها
بعدما تعرفنا على تركة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الضخمة جدا, وعلى مصادر تكون هذه الثروة, نتعرف الآن على اغتصاب حزب السقيفة حزب قريش برئاسة أبي بكر وعمر لهذه الثروة من أصحابها الشرعيين وهم أهل بيت النبي صلوات الله عليه وآله وسلم, كما نتعرف على مطالبة الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام بحقها في تركة أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفدك وخمس الغنائم وغير ذلك, وكيف حرمها أبو بكر وعمر حقها حتى ماتت غاضبة عليهما.
فبعد استيلاء أبي بكر على الخلافة لم يجد مالا كافيا يصرفه على تشييد سلطانه ووجد الأموال التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصرف منها على شؤون الدولة الإسلامية قد انتقلت بصورة طبيعية وتلقائية إلى أهل بيته عليهم السلام بحسب الأحكام الشرعية, لأن ما تركته صلى الله عليه وآله وسلم ليس له وارث غير ابنته فاطمة وأهل بيته عليهم السلام, فرأى أن بقاء تلك التركة في يد فاطمة وأهل البيت عليهم السلام تشكل خطرا جديا على سلطانه, وأنها قد تستخدم في إرجاع حقهم في الخلافة سيما وقد امتنوا عن مبايعته واعتزلوه هو وحزبه
فقد روى الطبراني بسنده عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب أنه قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جئت أنا وأبو بكر إلى علي فقلنا: ما تقول في ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: نحن أحق الناس برسول الله صلى الله عليه وآله.
قال: فقلت: والذي بخيبر؟
قال: والذي بخيبر. قلت: والذي بفدك؟
قال: والذي بفدك.
فقلت: أما والله حتى تحزوا رقابنا بالمناشير فلا(1).
قلت: فالمتدبر في هذه الرواية يجد أن عمر بن الخاطب خاطب أمير المؤمنين علي عليه السلام بلهجة بعيدة كل البعد عن روح الشريعة والأخلاق الإسلامية, وإلا فما معنى قوله: أما والله حتى تحزوا رقابنا بالمناشير فلا ! أليس هذا تصميم منهم على حرمان العترة عليها السلام من حقها في تركة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟ أيعقل أن يدعي أمير المؤمنين عليه السلام ما ليس له بغير حق ؟! وقد شهد الله تعالى له بالطهارة في كتابه المجيد.
وأما قول أمير المؤمنين عليه السلام: نحن أحق الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, إشارة منه إلى النصوص الشرعية, وقد استعرضنا قسما منها فيما سبق.
____________
(1)المعجم الأوسط للطبراني ج: 5 ص288, تحقيق: إبراهيم الحسيني طباعة ونشر: دار الحرمين, ومجمع الزوائد ج:9 ص39 باب: في ما تركه صلى الله عليه وسلم.
وقد استولى أبو بكر وعمر بعد ذلك على كل التركة بدون مجوز شرعي , وأدعى أبو بكر: بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يورث, ما تركه صدقة.
فعن عوانة بن الحكم أن أبا بكر دفع إلى علي عليه السلام آلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودابته وحذاءه وقال : ما سوى ذلك صدقة(1).
14- فاطمة والمطالبة بتركة أبيها صلى الله عليه وآله
لما بلغ سيدة النساء فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استيلاء الخليفة الأول على تركة أبيها أرسلت إليه تطالبه بإرجاع حقها في الميراث وغير ذلك.
فعن أبي الطفيل قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله أرسلت فاطمة - عليها السلام - إلى أبي بكر : أنت ورثت رسول الله صلى الله عليه وآله أم أهله ؟
قال: فقال: لا, بل أهله.
قالت: فأين سهم رسول الله صلى الله عليه وآله؟
قال : فقال أبو بكر : إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله- يقول: إن الله عز وجل إذا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه جعله للذي يقوم من بعده, فرأيت أن أرده على المسلمين.
قالت: فأنت وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله أعلم(2).
قلت: إن أبا بكر وعمر كانا قد صمما على اغتصاب حق أهل البيت عليهم السلام لأسباب معينة, وقد اتضح ذلك في الحوار الذي دار بينهما وبين أمير
____________
(1)الأحكام السلطانية للماوردي ص: 171, والأموال لأبي يعلى ص: 186. (2)مسند الإمام أحمد ج:1 ص4 ح14, وسنن أبي داود ج:3 ص50 كتاب الخراج, وتاريخ الذهبي ج:1 ص346, وتاريخ ابن كثير ج:5 ص289.
فأهل البيت عليهم السلام كانت حجتهم قوية, ومستندهم في ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم, وأبي بكر يعلم معارضته لتك النصوص, ولذلك وقوع في حرج شديد, فكان في كل مرة يتعلل بشيء يناقض فيه نفسه.
انظر بالله عليك إلى تناقضه في هذه الرواية, لما قالت له فاطمة عليها السلام: أنت ورثت رسول الله صلى الله عليه وآله أم أهله؟
قال: لا, بل أهله...
أليس هذا اعتراف منه بأن فاطمة ورثت أباها صلى الله عليه وآله سلم كما يرثه ولده وأهله إذا مات, فلماذا يا ثرى يمنعها من أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!
وأما قوله: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: إن الله عز وجل إذا أطعم نبيا تعطمة ثم قبضه جعله للذي يقوم من بعده... هذا الإدعاء مردود عليه من عدة وجوه.
الأول: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعله لولي الأمر من بعده بالحق, وقد اغتصب أبو بكر الخلافة من صاحبها الشرعي, وكانت بيعته فلتة باعترافه هو وكبار المهاجرين والأنصار, فكيف جاز له التصرف في تركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدون إجازة أصحابها الشرعيين؟!
الثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد نصب أمير المؤمنين علي عليه السلام خليفة في غدير خم وحاكما شرعيا على الأمة, فيكون الإمام علي عليه السلام أولى بالتصرف فيما تركه النبي صلى الله صلى عليه وآله وسلم , وأهل البيت عليهم السلام لم يدعوا أكثر من ذلك.
وكأن أبا بكر يريد أن يقول لفاطمة عليها السلام: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعلها للذي يقوم بالأمر من بعده (كما هو المفروض فيما لو استلم الأمر الإمام علي عليه السلام) وبما أنه قد أزيح عن منصبه وتوليت مكانه فرأيت أن أرده على المسلمين , فقالت له فاطمة عليها السلام على سبيل الاستنكار والتشكي والتظلم: فأنت وما سمعت من رسول الله أعلم!!
فمن تجرأ على أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالاختلاق ولم يخشى الله عز وجل , فلا يتوقع منه بعد ذلك أن يراعي ما دون حرمته صلى الله عليه وآله وسلم كائنا من كان, ولذلك ماتت فاطمة عليها السلام وهي غاضبة على أبي بكر وأوليائه.
15- خروج فاطمة مع زوجها عليهما السلام للمطالبة بحقها
فقد دلت الأخبار على أن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله سلم طالبت بحقها مرات عدة, فكانت ترسل إلى أبي بكر كما سمعت , ثم ذهبت هي وزوجها وعمه العباس للمطالبة بحقها.
أخرج بن سعد في طبقاته: جاءت فاطمة إلى أبي بكر تطلب ميراثها, وجاء العباس بن عبد المطلب يطلب ميراثه, وجاء معه علي -عليه السلام- فقال أبو بكر: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-: لا نورث ما تركناه ?دقة, وما كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- يعول فعلي.
فقال علي - عليه السلام-: (وورث سليمان داود) وقال: (يرثني ويرث من آله يعقوب).
قال أبو بكر: هو هكذا وأنت والله تعلم مثل ما أعلم.
فقال علي - عليه السلام-: هذا كتاب الله ينطق! فسكتوا وانصرفوا(1).
لقد أفحم أمير المؤمنين عليه السلام أبا بكر في هذه المرة بالقرآن الكريم, فراح يقول له: هو هكذا.
أي هذا هو رأي الأول والأخير لن أتراجع عنه مهما كان من الآيات والبيينات الدالة على أن الأنبياء يورثون, وأنت والله تعلم مثل ما أعلم, أنت تعلم أنه لا يمكنني أن أعطيكم تركة الرسول صلى الله عيه وآله وسلم, فسكتوا حين سكت عنهم أمير المؤمنين عليه السلام وانصرفوا.
وعن أنس بن مالك أن فاطمة عليها السلام أتت أبا بكر فقالت: لقد علمت الذي ظلمتنا أهل البيت من الصدقات وما أفاء الله علينا من الغنائم في القرآن الكريم من سهم ذوي القربى.
ثم قرأت عليه قوله تعالى: (واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) الآية, فقال لها أبو بكر: بأبي أنت وأمي ووالد ولدك, السمع والطاعة لكتاب الله ولحق رسول الله صلى الله عليه وآله سلم وحق قرابته, وأنا أقرأ من كتاب الله الذي تقرئين منه, ولم يبلغ علمي منه أن هذا السهم من الخمس مسلم إليكم كاملا, قالت أفلك هو وأقربائك؟
قال: لا, بل انفق عليكم منه وأصرف الباقي في مصالح المسلمين, قالت: ليس هذا حكم الله(2).
____________
(1)الطبقات ج:2 ص315 ذكر ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ترك, وكنز العمال ج:5 ص365 كتاب: الخلافة مع الإمارة من قسم الأفعال, وسيل الهدى والرشاد للصالحي الشامي ج:12 ص370 الباب الرابع عشر: في حكم تركته صلى الله عليه وسلم وما خلف. (2)تاريخ المدينة المنورة لابن شبة النميري ج:1 ص 209 أزواج الرسول(صلى الله عليه وآله) يوسطن عثمان لدى الصديق لميراثهن, وتاريخ الإسلام للذهبي ج:1 ص347, وشرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد المعتزلي ج:16 ص230.
في هذه الرواية تجد أن الخليفة يقر بحق أهل البيت عليهم السلام في سهم ذي القربى من الخمس بقوله: ولم يبلغ علمي منه أن هذا السهم من الخمس مسلم إليكم كاملا إلى غير ذلك.
لكنه يريد أن يعطيهم منه بقدر ما يراه هو, لا بما نص عليه الشرع!!
وتتهمه فاطمة الزهراء عليها السلام وهي الصادقة المصدقة بأنه ظلم أهل البيت عليهم السلام.
وأنا والله أتعجب من فعل ابن أبي قحافة, ومن أوليائه كيف يدافعون عنه, وهو يعترف لهم ويقر على نفسه بالمخالفة!!
فإن كان أهل البيت عليهم السلام أصحاب حق, فلماذا يمنعهم حقهم, وإن لم يكون أصحاب حق , فكيف جاز له أن يعطيهم بعضه دون بعض الآخر؟!
وإذا كان صادقا في مبلغ علمه فلماذا لا يشاور الصحابة في ذلك, وهذا وأهل البيت عليهم السلام أعلم من الجميع بالقرآن والسنة. وقد أشارت الصديقة الطاهرة عليها السلام إلى ظلم أبي بكر أيضا في هذه الرواية, بقولها: ليس هذا حكم الله.
16- رفض أهل البيت عليهم السلام أن يأخذوا دون حقهم
المتتبع لسيرة أهل البيت عليهم السلام يجدهم يستعملون الحكمة في منازعة خصومهم واسترداد حقوقهم الشرعية.
فعندما عرض عليهم أبو بكر وعمر شيئا من تركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, ومن حقهم في الخمس رفضوا أن يأخذوا دون حقهم.
فعن عبد الرحمن بن أبي يعلى قال: لقيت عليا عند أحجار الزيت, فقلت له بأبي وأمي ما فعل أو بكر وعمر في حقكم أهل البيت من الخمس...
فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام: إن عمر قال: لكم حق ولا يبلغ علمي إذا كثر أن يكون لكم كله, فإن شئتم أعطيتكم منه بقدر ما أرى لكم.
فأبينا عليه إلا كله, فأبى أن يعطينا كله(1).
وروى عن أبن عباس أنه, قال: سهم ذي القربى لقربى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد كان عمر عرض من ذلك علينا عرضا فرأيناه دون حقنا فرددناه وأبينا أن نقبله(2).
وحسب الأخبار قد يكون البعض من بني هاشم أخذ شيئا من سهم ذي القربى لفاقة شديدة حلت به, لكن غير الخمسة أصحاب الكساء عليهم السلام كما هو معلوم من هذا الخبر وغير.
ويؤيده ما روي عن ابن عباس أنه , قال : كان عمر يعطينا من الخمس نحوا مما كان يرى أنه لنا فرغبنا عن ذلك وقلنا: حق ذوي القربى خمس الخمس.
فقال عمر: إنما جعل الله الخمس لأصناف سماها.
فأسعدهم بها أكثرهم عددا وأشدهم فاقة.
قال: فأخذ ذلك منا ناس وتركه ناس(3).
____________
(1)مسند الإمام الشافعي ص:187 باب: قسم الفيء, وكتاب الأم للشافعي أيضا ج:4 ص156 كتاب: الوصايا, سن تفريق القسم, ومختصر المزني إسماعيل المزني ص:151 كتاب: الخمس والأنفال, وشرح معاني الآثار لأحمد بن محمد بن سلمة الأزدي ج:3 ص238 كتاب: السير, باب: سهم ذوي القربى, والبيهقي في سننه ج:6 ص344 باب: سهم ذي القربى. (2)مسند أحمد ج:1 ص224 و320, وشرح معاني الآثار لأحمد بن محمد بن سلمة الأزدي ج:3 ص308 كتاب: وجوه الفيء وقسم الغنائم..., أخبار صفي النبي صلى الله عليه سلم, وسنن البيهقي ج:6 ص345, وسنن أبي داود ج:2 ص51 كتاب: الخراج, وسنن النسائي ج:2 ص177, وكنز العمال ج:4 ص517 ح:11528 باب: في أحكام الجهاد, الخمس, وعون المعبود العظيم آبادي ج:8 ص143 كتاب:الخراج والفيء والإمارة, باب: في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذوي القربى. (3)كنز العمال ج:2 ص305, الأموال لأبي عبيد ص:335.
17- حقوق فاطمة الزهراء عليها السلام
إن حقوق فاطمة الزهراء بنت النبي صلى الله عليه وآله سلم المالية , تتمثل في ثلاث مطالب رئيسية: حقها فيما ترك أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله سلم (جمع ما تركه بالمدينة المنورة وغيها وقد اصطلح عليها حزب قريش فيما بعد بصدقات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم).
حقها: في خمس الغنائم.
حقها: في النحلة (فدك).
حقها: فيما تبقى من خمس خيبر (المتفرع عن حقها في خمس الغنائم).
فيكون مجموع ما كانت تطالب به فاطمة عليها السلام من الأموال التي استولى عليها الخليفة الأول أربع مطالب كانت تخاصم من أجل الحصول عليها.
فعن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عليهم السلام أن أبا بكر منع فاطمة -عليها السلام- وبني هاشم سهم ذوي القربى, وجعله في سبيل الله, في السلاح والكراع(1).
وقد تقدم محاورة الزهراء عليها السلام مع أبي بكر ومخاصمته في رواية أنس بن مالك.
وفي خصوص النحلة قد روي عن أبي سعيد الخذري: لما نزلت (وآت ذا القربى حقه) دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة عليها السلام وأعطاها فدك(2).
____________
(1)نهج البلاغة ابن أبي الحديد ج:4 ص81. (2)الدر المنثور للسيوطي ج:4 ص177 وقد تقدم تخريجه مبحث ما تركه صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي خبر طويل رواه البخاري عن عائشة جاء في آخره: وكانت فاطمة -عليها السلام- تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة فأبى أبو بكر عليها ذلك(1)...
18- فاطمة عليها السلام ومطالبتها بفدك
يظهر من الأخبار بأن فاطمة عليها السلام قد خاضت جولات عدة في مخاصمة أبي بكر في شأن فدك والإرث وحقها في الخمس.
ففي فتوح البلدان: إن فاطمة رضي الله عنها قالت لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: أعطني فدك فقد جعلها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- لي, فسألها البينة فجاءت بأم أيمن ورباح مولى النبي (صلى الله عليه وآله) فشهدا لها بذلك, فقال: إن هذا الأمر لا تجوز فيه إلا شهادة رجل وامرأتين(2).
قلت: فإن هذا الحكم فيه مخالفة صريحة لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!!
ستقف على هذا المعنى قريبا إن شاء الله تعالى.
وقد روى ابن أبي الحديد عن أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال: أخبرنا أبو زيد قال: حدثنا هارون بن عمير, قال: حدثنا الوليد, عن ابن أبي لهيعة, عن أبي الأسود, عن عروة, قال: أرادت فاطمة أبا بكر على فدك وسهم ذوي القربى, فأبى عليها, وجعلهما في مال الله تعالى.
____________
(1)صحيح البخاري ج:4 ص96 باب: فرض الخمس. (2)فتوح البلدان ج:1 ص35 ح113 وح114 الطبعة: سنة 1379هجرية, مطبعة لجنة البيان العربي, الناشر: مكتبة النهضة - القاهرة, وشواهد التنزيل لقواعد التفضيل في آيات النازلة في أهل البيت عليهم السلام عبيد الله بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني ج:1 ص444 تحقيق: الشيخ باقر المحمودي, الطبعة الأولى: سنة1411هجرية, وشرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد ج:16 ص214 و16 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل يورث أم لا؟.
قال أبو بكر: وأخبرنا أبو زيد, قال حدثنا أحمد بن معاوية, عن هيثم, عن جويبر, عن أبي الضحاك عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عليه السلام, أن أبا بكر منع فاطمة عليها السلام وبني هاشم سهم ذوي القربى, وجعله في سبيل الله في السلاح والكراع.
وقال أبو بكر: حدثنا أبو زيد, عن هارون بن عمير, عن الوليد بن مسلم, عن إسماعيل بن عباس, عن محمد بن السائب, عن أبي صالح, عن مولى أم هانيء, قال: دخلت فاطمة عليها السلام علي أبي بكر بعد ما استخلف, فسألته ميراثها من أبيها, فمنعها, فقالت له: لئن مت اليوم من كان يرثك؟
قال: ولدي وأهلي, قالت: فلم ورثت أنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دون ولده وأهله؟
قال: فما فعلت يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! قالت: بلى, إنك عمدت إلى فدك, وكانت صافية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذتها, وعمدت إلى ما أنزل الله من السماء فرفعته عنا, فقال: يا بنت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-, لم أفعل, حدثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الله تعالى يطعم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الطعمة ما كان حيا, فإذا قبضه الله إليه رفعت, فقالت: أنت ورسول الله أعلم, ما، ا بسائلتك بعد مجلسي. ثم انصرفت. وفي لفظ عن أبي الطفيل قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت فاطمة إلى أبي بكر أأنت ورثت رسول الله أم أهله؟ فقال: لا بل أهله, فقالت: فأين سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبو بكر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله إذا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه جعله للذي يقوم من بعده فرأيت أن أرده على المسلمين, قالت فأنت وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي لفظ: عن عائشة: قالت: كلمت فاطمة أبا بكر في ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: أترثك ابنتك, ولا أرث أبي؟ فقال: بأبي أنت وبابي أبوك, إنه كان يقول: لا نورث ما تركنا صدقة. وقد روى علماء أهل السنة والجماعة هذا الخبر بألفاظ مختلفة لكنها متقاربة المعنى ومنهم من اختصر الخبر ومنهم رواه بأكمله(1).
قلت: قالت فاطمة عليها السلام لـه ذلك على سبيل التعجب والاستغراب بعد اليأس من الحصول على حقها, وكثرت المطالبة, وطول المخاصمة, والشكاية, والتظلم, ورأت أن لا فائدة في المطالبة بقدر ما تقيم به الحجة عليه وعلى أوليائه, لأن من تجرئ بمثل هذا لا يرجى منه خير.
____________
(1)أنظر: تاريخ المدينة لابن شبة النميري ج:1 ص198 العباس وفاطمة يسألان أبا بكر ميراثهما من النبي صلى الله عليه وسلم, وص:211 أزواج الرسول يوسطن عثمان لدى الصديق لميراثهن, تحقيق: فهيم محمد شلتوت, مطبعة: قم, الناشر: درا الفكر, وتاريخ اليعقوبي ج:2 ص127 المشبهون برسول الله صلى الله عليه وآله, ومسند الإمام أحمد ج:1 ص 10 مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه, وشرح معاني الآثار ج:3 ص308 كتاب: السير, أخبار صفي النبي صلى الله عليه وسلم, وسنن الترمذي ج:3 ص81 ح1658 أبواب: السير, باب: ما جاء في تركة النبي صلى الله عليه وسلم, والسنن الكبرى للبيهقي ج:6 ص302 كتاب: قسم الفيء والغنيمة, باب: بيان مصرف أربعة أخماس الفيء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنها تجعل حيث كان..., والمعجم الأوسط للطبراني ج:4 ص104 من اسمه عثمان, تحيق: إبراهيم الحسيني, الطابع والناشر: دار الحرمين, ومسند أبو يعلى الموصلى ج:1 ص40 ح37 وج:2 ص119 ح6752 تحقيق: حسين سليم أسد الطابع والناشر: دار المأمون للتراث, وبلاغات النساء لابن طيفور ص: 14 كلام فاطمة وخطبتها, وفتح الباري شرح صحيح البخاري ابن حجر العسقلاني ج:6 ص140 كتاب: فرض الخمس, والطبقات الكبرى محمد بن سعد ج:2 ص314 ذكر ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ترك, وتركة النبي (صلى الله عليه وآله) لحماد بن إسحاق بن إسماعيل بن زيد البغدادي ص:81 تحقيق: أكرم ضياء العمري, الطبعة الأولى:1404 هجرية, وكتاب الفتن لأبي عبد نعيم بن حماد المروزي ص:41 تحقيق: سهيل زكار, الطبعة:1414 هجرية, الناشر: دار الفكر- بيروت, ومعجم البلدان لياقوت الحموي ج:4 ص 239 الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت, والمبسوط لشمس الدين السرخسي ج:12 ص30 كتاب: الوقف, والبداية والنهاية لابن كثير ج:5 ص311 سنة إحدى عشرة من الهجرة, بيان رواية الجماعة لما رواه الصديق ومواقفهم على ذلك, والسيرة لابن كثير أيضا ج:4 ص574 رواية الجماعة لما رواه الصديق ومواقفهم على ذلك, وشرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد المعتزلي ج:16 ص231 و232 الفصل الأول: فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم, وكنز العمال للمتقي الهندي ج:5 ص585 ح14040 كتاب: المواعظ من حرف الميم, وص: 637 ح14121 الباب: الأول في خلافة الخلفاء, خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه, وفيض القدير شرح الجامع الصغير ج:2 ص 260 ح1674 تحقيق: أحمد عبد السلام الطبعة: الأولى 1415 هجرية, إلى غير ذلك من المصادر.
19- شهادة أم أيمن لفاطمة سلام الله عليها
قبل أن نستعرض شهادة أم أيمن من كتب أهل السنة والجماعة, نتكلم في ترجمتها بشيء من التفصيل اليسير للتعرف على منزلها أولا, فنقول: من هي أم أيمن التي شهدت لفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن أباها صلى الله عليه وآله وسلم أعطاها فدكا؟ فأم أيمن رضي الله تعالى عنها هي مولاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم وحاضنته, فإن أمه ماتت وهو ابن ست أو سبع أو ثمان سنين فاحتضنته أم أيمن, ودايته (قال: الزمخشري جعلها أما لأن الداية تدعى أما لقيامها مقام الأم), كان صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ( أم أيمن أمي بعد أمي ), وهي أم أسامة بن زيد واسمها بركة كان صلى الله عليه وآله ورثها وخمسة أجمال وقطعة غنم فاعتق صلى الله عليه وآله وسلم أم أيمن حين تزوج خديجة, فتزوجها عبيد بن يزيد من بني الحارث بن الخزرج فولدت له أيمن فقتل يوم خيبر شهيدا, وكان زيد بن حارثة لخديجة فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وآله فاعتقه رسول الله صلى الله عليه وآله وزوجه أم أيمن بعد النبوة فولدت له أسامة بن زيد, قال صلى الله عليه وآله وسلم: (من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة فليتزوج أم أيمن), فإن رسول الله صلى الله عليه وآله لما بعث كان أول من دعا زوجته خديجة، ثم مكفوله وابن عمه عليا عليه السلام، ثم مولاه زيدا، ثم أم أيمن خادمته, وكانت عنده صلى عليه وآله وسلم ودائع فلما أراد الهجرة أودعها عند أم أيمن وأمر عليا أن يردها على أهلها, وهاجرت أم أيمن الجهرتين واختف في هجرتها إلى الحبشة, وبايعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وقد بشرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة, وروي كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لأم أيمن: ( يا أمه, وكان إذا نظر إليها قال هذه بقية أهل بيتي), وكان صلى الله عليه وآله وسلم يزورها كثيرا في بيتها احتراما وتكريما لها.
فعن انس رضي الله عنه قال: ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم أيمن زائرا وذهبت معه فقربت إليه شرابا فإما كان صائما وإما كان لا يريده فرده فأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم تصاخبه...
وعن أنس أيضا قال: قال أبو بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها فلما انتهينا إليها بكت فقالا لها ما يبكيك ما عند الله خير لرسوله قال فقالت ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله ولكن أبكي أن الوحي انقطع من السماء قال فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها.
وأم أيمن رضي تعالى عنها هي التي أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طيرا مشويا بين رغيفين, فقال صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير فجاء الإمام علي عليه السلام فأكل معه.
وهي التي كانت مع فاطمة الزهراء عليها السلام ليلة زفافها تحرسها حتى دخل عليها زوجها أمير المؤمنين علي عليه السلام فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وآله بخير...
وهي التي زينت عائشة بنت أبي بكر ليلة زفافها قبل أن يدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, قالت أم أيمن: أنا قينت عائشة.
وهي التي أمرت باتخاذ النعش للنساء, رأت ذلك في الحبشة, ويظهر في الأخبار أن أول امرأة وضعت في النعش فاطمة سلام الله عليها, وقد روى ابن أبي شيبة الكوفي عن طارق بن شهاب قال: قدمت أم أيمن من الحبشة وهي أمرت بالنعش للنساء.
وكانت أم أيمن تسقي المجاهدين, وكان رجال من المشركين قد أذلقوا المسلمين بالرمي: منهم حيان بن العرقة وأبو أسامة الجشمى, فجعل النبي صلى