الصفحة 210
مشاهدته. قلنا قد أسلفنا مشاهدة قوم من أوليائه، على أنّ نفي رؤيته لا يدلّ على نفي وجوده، ولا يقدح فيه قول المنحرف عنه بجحوده، إذ ليس طرق العلم محصورة في المشاهدة، فإذا دلّت البراهين على إمامته ووجوده لم تكن غيبته عن الأبصار مانعة عن تولّده، وأكثر المواليد إنّما تثبت بالشياع وهي حاصلة هنا من الشيعة، وكيف ينكر وجوده لعدم مشاهدته؟ والأبدال موجودون ولا يشاهدون.

قال [ابن] ميثم في شرحه للنهج: قد نقل أنّهم سبعون رجلاً، منهم أربعون بالشام وثلاثون في سائر البلاد. وفي الحديث عن عليّ (عليه السلام): الأبدال بالشام والنجباء بمصر والعصائب بالعراق يجتمعون فيكون بينهم حرب..)(1).

ومنها: ما روي في التفسير المنسوب للإمام العسكري (عليه السلام)، عن أبي محمّد الحسن بن عليّ (عليه السلام) في حديث عن فتح مكّة(2) ".. فلما حُتم قضاء الله بفتح مكّة واستوسقت له - [أي للنبيّ] - أمّر عليهم عتاب بن أسيد، فلمّا اتّصل بهم خبره قالوا: إنّ محمّداً لا يزال يستخف بنا حتّى ولّى علينا غلاماً حدث السنّ بن ثماني عشرة سنة، ونحن مشايخ ذوي الأسنان وجيران حرم الله الآمن وخير بقعة على وجه الأرض.

وكتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعتاب بن أسيد عهداً على مكّة، وكتب في أوّله: من محمّد رسول الله إلى جيران بيت الله الحرام وسكّان حرم الله، أمّا بعد، فمن كان منكم بالله مؤمن وبمحمّد رسوله في أقواله مصدّقاً وفي أفعاله مصوّباً ولعليّ أخي محمّد رسوله نبيه، صفيّه ووصيّه وخير خلق الله بعده موالياً، فهو منّا وإلينا. ومن كان لذلك أو لشيء منه مخالفاً فسحقاً وبعداً لأصحاب السعير، لا يقبل الله شيئاً من أعماله وإن عظم وكبر، يصليه نار جهنّم خالداً مخلّداً أبداً.

____________

1- الصراط المستقيم 2 / 243 ـ 244 الفصل 6 الباب 11.

2- تفسير العسكري (عليه السلام) ـ بحار الأنوار 21 / 121.


الصفحة 211
وقد قلّد محمّد رسول عتّاب بن أسيد أحكامكم ومصالحكم، وقد فوّض إليه تنبيه غافلكم وتعليم جاهلكم وتقويم أود مضطربكم وتأديب من زال عن أدب الله منكم; لما علم من فضله عليكم من موالات محمّد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن رجحانه في التعصّب لعليّ وليّ الله، فهو لنا خادم وفي الله أخ ولأوليائنا موالياً ولأعدائنا معاد، وهو لكم سماء ظليلة وأرض زكية وشمس مضيئة، قد فضّله الله على كافّتكم بفضل موالاته ومحبّته لمحمّد وعليّ والطيبين من آلهما، وحكّمه عليكم يعمل بما يريد الله فلم يخلّيه من توفيقه، كما أكمل من موالاة محمّد وعليّ شرفه وحظّه، لا يؤامر رسول الله ولا يطالعه بل هو السديد الأمين، فليطمع المطيع منكم بحسن معاملته شريف الجزاء وعظيم الحياء، وليتوقّ المخالف له شديد العذاب وغضب الملك العزيز الغلاّب، ولا يحتجّ محتجّ منكم في مخالفته بصغر سنّه; فليس الأكبر هو الأفضل، بل الأفضل هو الأكبر، وهو الأكبر في موالاتنا وموالاة أوليائنا ومعادات أعدائنا، فلذلك جعلناه الأمير عليكم والرئيس عليكم، فمن أطاعه فمرحباً به، ومن خالفه فلا يبعد الله غيره.

قال: فلمّا وصل إليهم عتاب وقرأ عهده ووقف فيهم موقفاً ظاهراً نادى في جماعتهم حتّى حضروه، وقال لهم: معاشر أهل مكّة، إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) رماني بكم شهاباً محرقاً لمنافقكم، ورحمة وبركة على مؤمنكم، وإنّي أعلم الناس بكم وبمنافقكم.. ففعل والله كما قال وأعدل وأنصف وأنفذ الأحكام مهتدياً بهدى الله غير محتاج إلى مؤامرة ولا مراجعة"(1).

وفي الرواية مواضع للإستشهاد:

قوله (صلى الله عليه وآله): "يعمل بما يريد الله فلم يخلّيه من توفيقه، كما أكمل من موالاة محمّد (صلى الله عليه وآله)

____________

1- التفسير المنسوب للإمام العسكري (عليه السلام): 554 ح 329 عن عليّ بن الحسين (عليه السلام)، وفي نسخ عن الحسن بن عليّ، وبحار الأنوار 23 / 121، وتفسير البرهان 1 / 144.


الصفحة 212
وعلي (عليه السلام) شرفه وحظّه، لا يؤامر رسول الله ولا يطالعه بل هو السديد الأمين"، فإنّه دالّ على أنّ تصرّفات عتاب بن أسيد لم تكن عن طريق توصيات ووصايا قولية وأوامر لفظية من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بل كانت عبر تسديد الإلهام من النبيّ (صلى الله عليه وآله)، كما هو الحال في الأبدال والأوتاد، وكما ورد نظير ذلك في النوّاب الأربعة في الغيبة الصغرى، حيث إنّهم كانوا سفراء لا رواة، وكما ورد نظير ذلك في أصحاب الإمام المهدي الثلاثمائة والثلاثة عشر في كيفية تلقّيهم برامج وأنشطة الحكم الذي يزاولونه.

ويعضد هذا المفاد قوله في آخر الرواية: "ففعل والله كما قال وأعدل وأنصف وأنفذ الأحكام مهتدياً بهدى الله غير محتاج إلى مؤامرة ولا مراجعة"، وهذا تكرار في التصريح أنّ إنفاذه للأحكام لم يكن بأوامر لفظية ولا مراجعة قولية سماعية، وهذا من خواصّ منظومة الحكومة الخفية، حكومة الأبدال والأوتاد والنقباء والأركان، وقد بيّن (صلى الله عليه وآله) أنّ وصول عتاب لهذا المقام هو بسبب الدرجة الخاصّة التي وصل إليها من موالاة ومحبّة النبيّ ووصيّه وآلهما (عليهم السلام)، ومعادات أعدائهم، وأنّه فاق في ذلك كلّ أهل مكّة آنذاك، ومن ثمّ حظي بهذا المقام الخاصّ كما ورد نظيره في النواب الأربعة. وعتاب مع صغر سنّه خاطب أهل مكّة كما حكى (عليه السلام) قوله تقريراً له: "وأنّي أعلم الناس بكم وبمنافقكم".

ونموذج عتاب بن أسيد يدلّل على أنّ الحكومة الخفية السرّية تظلّ قائمة موجودة في ضمن الحكومة المعلنة، بل إنّ عتاب بقي أميراً على مكّة في عهد خلافة أبي بكر، ممّا يشير إلى اختراق الحكومة الخفية للأنظمة الأُخرى.

ومنها: ما رواه الصدوق في الأمالي بسنده عن الأعمش، عن الصادق (عليه السلام)، قال: "لم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة لله فيها، ظاهر مشهور أو غائب مستور، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة لله فيها، ولولا ذلك لم يُعبد الله.


الصفحة 213
قال سليمان: فقلت للصادق (عليه السلام): فكيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب المستور؟ قال: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب"(1).

ولا يخفى دلالة الرواية على أنّ الغيبة بمعنى التستّر والخفاء والسرّية، لا الزوال والذهاب والابتعاد والإقصاء، كما أنّ التشبيه بالشمس إذا سترها السحاب صريح في ذلك في أنّه يقوم بكلّ أدواره إلاّ أنّه بنحو متستّر خفي.

ونظير هذه الرواية ما رواه الصدوق في إكمال الدين، والطبرسي في الاحتجاج عن الكليني عن إسحاق بن يعقوب أنّه ورد من الناحية المقدّسة على يد محمّد بن عثمان: ".. وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب.."(2).

ونظير ما رواه الصدوق في إكمال الدين أيضاً بإسناده عن جابر بن عبدالله الأنصاري، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) في حديث عن الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام) وأنّ آخرهم المهدي ويغيب عن شيعته وأولياءه: ".. قال جابر يا رسول الله فهل ينتفع الشيعة به في غيبته؟ فقال (صلى الله عليه وآله): اي والذي بعثني بالنبوّة أنّهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جلّلها السحاب"(3).

ومنها: ما ورد في التوقيع الشريف من الناحية المقدّسة للشيخ المفيد الذي رواه الطبرسي في الاحتجاج: ".. فإنّا نحيط علماً بأنبائكم ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالذلّ (بالزلل) (بالإذلال) الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً، ونبذوا العهد المأخوذ منهم وراء ظهورهم، كأنّهم لا يعلمون.

____________

1- البحار 52 / 92.

2- إكمال الدين / ج2 ص162، والبحار / ج52 ص92.

3- البحار 36 / 250.


الصفحة 214
إنّا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء، فاتّقوا الله جلّ جلاله وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم، يهلك فيها من حمّ أجله، ويُحمى عنها من أدرك أمله، وهي إمارة لأزوف حركتنا ومباثّتكم بأمرنا ونهينا، والله متمّ نوره ولو كره المشركون، اعتصموا بالتقية.."(1) ثمّ ذكر الحجّة (عج) سلسلة من الأحداث المستقبلية وكيفية التدبير فيها.

ومفاد التوقيع الشريف ناصّ على تصدّيه (عج) لتدبير الأُمور بنحو خفي، وتمام مراقبته للأحداث صغيرها وكبيرها والبرامج المتّخذة فيها، وأنّه لولا هذه الإدارة والتدبير الخفي لاستأصل الأعداء كيان المؤمنين.

وفي التوقيع الثاني ابتدأ نسخته: "من عبد الله المرابط في سبيله إلى مُلهَم الحقّ ودليله"، وقد تضمّن قوله (عج): ".. ويأتيك نبأ منّا بما يتجدّد لنا من حال، فتعرف بذلك ما نعتمده من الزلفة إلينا.."، ثمّ ذكر (عج) جملة من الحوادث وكيفية التدبير فيها، وقال: "وآية حركتنا من هذه اللوثة حادث بالحرم المعظّم من رجس منافق مذمّم مستحلّ للدم المحرّم، يعمد بكيده أهل الإيمان ولا يبلغ بذلك غرضه من الظلم لهم والعدوان; لأنّنا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء، فليطمئنّ بذلك من أوليائنا القلوب، وليثقّوا بالكفاية منه وإن راعتهم بهم الخطوب، والعاقبة بجميل صنع الله سبحانه تكون حميدة لهم ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب.. ولو أنّ أشياعنا وفّقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخّر عنهم اليمن بلقائنا"(2).

ومفاد التوقيع الشريف نظير سابقه في رصده (عج) للأحداث وتدبيرها قبل

____________

1- الاحتجاج للطبرسي 2 / 598.

2- الإحتجاج الطبرسي / ج2 ص600 وص602.


الصفحة 215
وقوعها، ولا سيما صدر التوقيع حيث عبّر (عج) عن نفسه الشريفة بالمرابط في سبيل الله الدالّ على قيامه (عج) الشريف في رأس الهرم للتصدّي لتدبير الأحداث، إذ الرباط هو الجهاد في سبيل الله لحفظ الثغور عن أن ينفذ منها الأعداء.

وفي حديث رواه النعماني في غيبته بسنده عن أبي جعفر محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين (عليهم السلام) في تفسير هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}(1)، قال (عليه السلام): "سيكون ذلك ذرّية من نسلنا المرابط.." الحديث(2).

ومنها: صحيحة معاوية بن وهب، قال: "سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ عند كلّ بدعة تكون من بعدي يكاد بها الإيمان ولياً من أهل بيتي موكّلاً به يذبّ عنه، ينطق بإلهام من الله ويعلن الحقّ وينوّره، ويردّ كيد الكائدين، يُعبّر عن الضعفاء، فاعتبروا يا أولي الأبصار، وتوكّلوا على الله"(3).

ومنها: ما ذكره الوحيد البهبهاني في تعليقته على منهج المقال في ترجمة علي بن المسيب عن بعض الكتب المعتمدة، أنّه أُخذ من المدينة مع الكاظم (عليه السلام) وحبس معه في بغداد وبعد ما طال حبسه واشتدّ شوقه إلى عياله قال (عليه السلام) له: "اغتسل فاغتسل، فقال: غمّض فغمّض، فقال: افتح ففتح فرآه عند قبر الحسين (عليه السلام) فصلّيا عنده وزارا، ثمّ قال: غمّض وقال افتح فرآه معه عند قبر الرسول (صلى الله عليه وآله)، فقال: هذا بيتك فاذهب إلى عيالك وجدّد العهد وارجع إليّ، ففعل فقال: غمّض وافتح، قال فرآه معه فوق جبل قاف وكان هناك من أولياء الله أربعون رجلاً، فصلّى وصلّوا مقتدين به، ثمّ قال غمّض وقال افتح، ففتح فرآه معه في السجن"(4). وهذه الرواية تشير وتعزّز أنّ

____________

1- سورة آل عمران 3: 200.

2- الغيبة للنعماني: 199.

3- الكافي 1 / 54.

4- منتهى المقال ترجمة عليّ بن المسيب، ومنتهى الآمال 2 / 326 نقلاً عن تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج المقال: 95 حرف (العين).


الصفحة 216
الحكومة الخفية كانت لدى جميع المعصومين يديرونها.

وهناك إشكال أثارته العديد من مدارس المعرفة الحديثة ضدّ أبناء الإمامية حول تعريف الإمامة الإلهية، وهو يوجّه إلى وجود مثل هذه المنظومات الغيبية التي تقوم بالهداية الإيصالية في مراتبها المختلفة، وحاصله أنّ هذا البيان لحقيقة الإمامة ولهذه المنظومة يقترب من عقائد الصوفية والعرفاء، حيث إنّهم يعتقدون بوجود سلسلة من المراتب المترتّبة على هيئة هرم له مركز في الأعلى هو القطب، وقد يقال له الغوث أو الإمام، وإنّ عالم الأرواح والنفوس متشابك ومترابط وجوداً على هذه الهيئة الهرمية.

وبعبارة أُخرى: يهدف المستشكل إلى القول بأنّ هذا الاعتقاد بحقيقة الإمامة هو من تأثير الصوفية.

والجواب: إنّ الموجود عن الصوفية لا يتجاوز بذوره عن القرن الثالث، بل إنّ بلورته كنظرية جاءت في أواخر القرن السابع وبدايات القرن الثامن، والروايات الواردة في ما نذكره بل الآيات في هذا المجال أسبق بكثير من هذا التأريخ، وقد أشرنا إلى أنّ حقيقة الإمامة إنّما نهتدي إليها من الآيات والروايات، فلا يكون من التأثير الصوفي على الفكر الشيعي، بل هو من تأثير الحكمة الشيعية على الفكر الصوفي كما تقدّم.

هذا وعندما نتأمّل في كتاب الإحياء للغزالي الذي تأثّر به كثيراً ابن عربي، نلاحظ ذلك أنّه بالروايات المنقولة عن أهل البيت (عليهم السلام) من مصادر الحديثية للشيعة، وأنّ في جملة المباحث يحاول أن يستقي ويبني نظرياته على ضوء ما يستظهره من تلك الروايات المفصلية في بحوثهم، هي روايات أهل البيت،

الصفحة 217
وأنّهم على أساس هذا خالفوا الجمهور في الكثير من متبنياتهم الكلامية..

بالإضافة إلى كلّ ما تقدّم: وجود الروايات المتواترة وبألسنة متعدّدة وطوائف متنوّعة - كما ذكر العلاّمة في مقالات تأسيسية - تثبت الهداية الإيصالية للإمام (عليه السلام)، من قبيل ما ورد في ذيل آية: {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}(1).

ومن ثمّ نفهم الحسّاسية البالغة عند فقهاء السنّة ومحدّثيهم من صوفيتهم حيث تجرّ أُطروحاتهم إلى الفكر الشيعي وتقترب منه، وتجعل من مبدأ الإمامة الشيعي ضرورة، فحاولوا الطعن عليهم بأنّهم متأثّرون بالاتّجاه الباطني وهو الشيعة، مستهدفين بذلك تجريد الأُطروحة من الدليل والشرعية.

فقد جاءت الباطنية في كلماتهم في سياق الذمّ وأنّها منقصة، ومن ثمّ نسبوها إلى الأئمّة، حتّى قال بعضهم: إنّ نسبة الباطنية إلى عليّ (عليه السلام) محتملة، وأمّا نسبتها إلى جعفر بن محمّد (عليه السلام) فلا ريب فيه.

وقد غفل هؤلاء عن أنّ ما ذُكر إقرار بأصالة الفكرة لدى الإمامية وإنّ فكرة الخفاء والباطنية هي أُطروحة الشيعة لا من مستورداتهم، سوى أنّ هذه الفكرة قبلتها الشيعة بالشكل الذي مرّ، وهو حفظ التوازن بين البطون والظهور وعدم تغليب أحدهما على حساب الآخر.

وعندما نتأمّل كلمات الغزالي وابن عربي نلحظ أنّ المقاطع المفصلية في بحوثهما مأخوذة من روايات أهل البيت (عليهم السلام)، وقد يستعملان نفس العبائر في كثير من الأحيان، ولذا خالفا الجمهور في التنظير لمتبنّياتهما الكلامية مع وجود تحفّظات على كثير ممّا ذهبا إليه.

____________

1- سورة التوبة 7: 105.


الصفحة 218
كما ذكر العلاّمة في مقالات تأسيسية في إثبات الهداية الإيصالية للإمام في كثير من الآيات، من قبيل: {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}(1) من أنّ الإمام يشهد أعمال أُمّته وهو واضح في الهداية الإيصالية، بل تدلّ على وجود المنظومة الهرمية، ومن قبيل {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد}(2) الدالّ على أنّ دور الهادي هو الهداية الإيصالية، ومن قبيل الروايات الدالّة على أنّ الإمام يحضر على الصراط في الحشر والنشر.

ويوافق هذا اضطراب الأُطروحة الصوفية في الإمامة والولاية، مع ضمور ما انتهوا إليه بالقياس إلى ما ورد في الروايات ممّا يشفّ عن أنّهم ليسوا أصحاب النظرية.

ولابدّ من التنبّه إلى أنّ واحدة من ألوان الاختراق الفكري هي مسخ المفاهيم عن حقيقتها واستبدالها بمحتوى آخر، ويأخذ هذا اللون من الاختراق طابع الثبات في الذهنية العامّة في بعض حالاته، فتقع الأُمّة في شرك التحريف من دون أن تشعر; وذلك لأنّ عملية المسخ لم تأت معلنة وإنّما متلبّسة بصورة الحقّ، حيث استغلّ القائمون بهذه المهمّة فكر العلاقات بين المعاني والمعاني وبين ألفاظها مع المعاني كذلك أو وحدها، بعد التفاتهم إلى أنّ اللفظ يكتسب حسناً من معناه الحسن نتيجة العلقة الوطيدة بين اللفظ والمعنى، والكناية والاستعارة والمجاز العقلي مرتبط كلّه بهذا المجال الذي ذكرناه، وهو معبّر عن بعد إيجابي في اللغة.

ولكن البعض قد يستفيد من لفظ محبّب إلى القلوب أو ذي قداسة وحرمة لمحبوبيّة أو حرمة محتواه، بتفريغه من محتواه واستبدال المعاني بمعاني أُخر، فضلاً عن تقنيع المعاني بألفاظ أُخرى ووضع محتوى جديد له لا يمتّ إلى الدين

____________

1- سورة التوبة 7: 105.

2- سورة الرعد 13: 7.


الصفحة 219
بصلة، كاستعمال العدالة في الظلم الخاصّ، ومن ثمّ قيل: من أجل تحريف الدين يكفي مسخ المعاني دون التلاعب بالألفاظ(1).

كما يمكن أن يكون ذلك واحدة من حِكَم ومبرّرات حرمة التعرّب بعد الهجرة، وهو يشمل استيطان بلاد الكفر وما يسمّى بالمهجر مطلقاً، وهو الوقوع في عملية مسخ في محتوى الدين. وعلى هذا الأساس كانت أوّل مهمّة لابدّ أن ينجزها الباحث هي التأكّد من ضبط معنى اللفظ قبل أن يدخل في التفاصيل.

وواحدة من الألفاظ التي تعرّضت لهذا النوع من المسخ للمعنى كلمة الباطن و(الغيب)، حيث أصبحت تعبّر عن اتّجاه منحرف فاقد للشرعية، فوصمت اللفظتين بهذا الطابع السلبي، ومن هنا فإنّ فكرة البطن في الفكر الشيعي وإن كانت حقيقة لكون أئمّة أهل البيت هم المطّلعين على اللوح المحفوظ والكتاب المبين والكتاب المكنون، ولكن بالمعنى الذي مرّ، تحديده مع العلاقة التي ألفتنا إليها بين البطن والظهر.

____________

1- الاعتراضات على الشيعة في قضية البطون:

1 ـ توسعة مع إغراق في الجانب الغيبي للأئمّة; وذلك لاستحكام الجانب الحسّي المادّي لأصحاب الاعتراض. 2 ـ تطبيق الظاهر على الغيب بغرض التناسب بينهما بالشكل الذي مرّ; وذلك لحصر أصحاب الاعتراض الشريعة ومعارف الدين في ظاهر الألفاظ وإنكار العملي غير اللساني للتأويل الحقّ. 3 ـ تصوير المنظومة الهرمية وأنّ قطبها الإمام (عليه السلام) ; وذلك لحصر أصحاب الاعتراض آليات وأدوات الإدارة والتدبير للنظام البشري بما يكون على السطح المعلن الرسمي.


الصفحة 220

الفائدة الرابعة:

إنّ القضايا التي تعرّض لها موسى مع الخضر قد وقعت بنفسها له من قبل، فوضع أُمّه له في اليم يشبه خرق السفينة من جهة تعرّضها للغرق ولم تغرق.. وقتله للقبطي وهو لم يكن مقصوداً يشبه قتل الخضر للغلام، واستسقائه لبنات شعيب وعدم أخذه الأجرة مع جوعه وضناه الشديد على ذلك كإصلاح الحائط من دون أخذ الأجرة مع جوعهما. فهذه الأُمور الثلاثة التي حصلت للخضر كانت قد حصلت له مثيلاتها ممّا يكشف عن موازاة بين ما وقع لكلّ منهما.

وهذا مصداق لما قيل في بحوث المعرفة من أنّ كلّ إنسان في كلّ حادثة تقع له تكون مورداً لاستغرابه قد وقعت له حادثة شبيهة لها من قبل ولم يستغرب منها; لأنّه كان عارفاً بأسبابها آنذاك، ولكنّه غفل عنها عند الاستغراب الآن، بل كلّ ما سيقع للإنسان في مستقبل أيامه وفي البرزخ وعرصات يوم القيامة كلّها يندرج في قوله تعالى: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا}(1).

وقد ظهرت تفسيرات متعددة لهذه الموازاة:

أوّلها: تفسير أهل المعنى والذوق: أن يُري الله تعالى عباده أنّ سرّ القدرة هو تكرّر ما يجري في السابق على أساس وحكمة.

وثانيها: تفسير المفسّرين: لأجل إعلام موسى أنّ علمه محدود وأنّ الإحاطة الكلّية محجوبة عنه. وهذا التفسير مقبول على شرط أن لا يتنافى مع العصمة.

ولكن كلا التفسيرين ناقصان، ومن ثمّ نقدّم تفسيراً ثالثاً مقتبساً من القرآن متمّماً لهما وهو:

إنّ هناك تطابقاً بين عالم القضاء والقدر والإرادات التكوينية، أي بين السنن

____________

1- سورة البقرة 2: 25.


الصفحة 221
الكونية الإلهية، وبين الشريعة بحسب الظاهر، وأنّهما جميعاً تسعيان لغاية واحدة ولا تتخلّف في الجميع.

ومن ثمّ يفهم قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}(1) وقوله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}(2)، ورتّب على ذلك ما في قوله تعالى: {لاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ}(3). إذ يتصوّر هؤلاء أنّهم نقضوا إقامة الشريعة الظاهرة بمكرهم ودسائسهم، فأجابهم القرآن بأنّ عملهم هذا وإن كان رأس فتنة الشرّ ومكرهم تكاد تزول الجبال منه كما هو الحال في شر إبليس، إلاّ أنّه في مجموع نظام الخلقة يصبّ في تحقيق أغراض الشريعة الظاهرة من دون أن يشعروا، إذ الإرادات التكوينية تأخذ مجالها نحو غايتها، وهي في نفسها غاية الشريعة بحسب الدرجتين، وهذا لا يعني نفي شرّية عملهم ولا نفي شرّية إبليس ولا مشروعيته، إلاّ أنّ الباري تعالى يوظّفه في منظومة الخير كما هو الحال في العقرب والأفعى والذئب.

وهذا العالم هو عالم القضاء القدر والإرادات التكوينية قد يعبّر عنه بعالم الملائكة كما في لغة القرآن، وقد يعبّر عنه بعالم العقول والنفوس الكلّية كما في لغة الاصطلاح الفلسفي، حيث جعل العقل الأخير والعقول التي قبله تعبيراً عن القضاء، والنفس الكلّية تعبيراً عن لوح القدر، وقد يعبّر عنه بعالم الأنوار والأرواح والنفوس، مع مغايرة الثالث للثاني بأنّه أدنى درجة، كما استقرّ عليه الاصطلاح عند أهل المعرفة، أخذاً له من الشرع وهو عالم الولاية.

وهذا العالم ذو درجات متسلسلة تكويناً وقد عبّر عنه الفلاسفة بالنظام العليّ

____________

1- سورة البقرة 2: 9.

2- سورة الأنفال 8: 30.

3- سورة فاطر 35: 43.


الصفحة 222
والعلمي ونظام الوجوب والعلم، مع استثناء لوح القدر حيث لا يكون مبرماً.

وقد لوحظ على الحكماء بأنّ فهمهم وإحاطتهم بهذه العوالم محدودة، ومن ثمّ لم يعكسوا لنا إلاّ صورة نظام جامد يفتقد الحياة، ومن ثمّ لم يتفاعل الناس معهم كما تفاعل مع الأنبياء والأوصياء ومن بعدهم أهل المعنى، حيث قدّموا صورة مفعمة بالحياة لتلك العوالم، وأعطوا صورة عنها بأنّها موجودات حية مختارة، مع حفظ الفارق أيضاً بين تصوير العرفان والدين، في حين لم يتمكّن الحكماء إلاّ بتقديم كلّيات تؤمن حالة من المعرفة من بعيد لا أكثر.

والمتكلّم اعتمد على الحسن والقبح وفيه حيوية العقل العملي، ومن ثمّ كان واحداً من امتيازاته.

وبعبارة أُخرى: إنّ الفلاسفة وإن قبلوا أنّ الملائكة موجودات حيّة مختارة، ولكنّهم في الوقت نفسه قالوا بأنّها أسباب تكوينية لا تتخلّف، مع تركيزهم على هذه الزاوية في عموم كلماتهم، ومن ثمّ فسّروا الأمر في: {لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ}(1) و {هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}(2) والأمر بالسجود لآدم، بأنّها ليست أمراً اصطلاحياً، وإنّما بالأسباب التكوينية التي لا تتخلّف، وهي لفتة صحيحة وغير صحيحة بمعنى آخر:

فهي صحيحة: من جهة أنّه ليس هناك أوامر اعتبارية وإنشاءات وشريعة ظاهرة.

وهي غير صحيحة: من جهة أنّها أوامر حقيقية، فلا مبرّر لتأويلها بالسبب الموهم لانعدام الاختيار وإن كان الفلاسفة لا ينفون الاختيار، وإنّما هي شريعة كونية في الإرادات الإلهية التكوينية، وقد ورد عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): "إنّ

____________

1- سورة التحريم 66: 6.

2- سورة الأنبياء 21: 27.


الصفحة 223
حكم الله في أهل السماء والأرض واحد"(1)، فهم مختارون حقيقة، وإمكان المخالفة موجودة وباب التكامل مفتوح، فقد ورد أنّهم يزدادون بعبادتهم لربّهم علماً.

نعم: المخالفة لا تكون بالمعصية; فإنّ القرآن صريح في أنّهم لا يعصون، كما أنّهم لم يتوفّروا على داعي المعصية - كما جاء في الحديث الشهير - وهي الشهوة والغرائز الحيوانية، وإنّما تتحقّق المخالفة بترك الأولى الناشئ من محدودية العلم بسبب محدودية وجودهم، فيقعون في مخالفة الواقع الأوّلي.

وتصوير إمكان المخالفة في عالم النفوس الكليّة أوضح، حيث إنّها تحتاج إلى تأمّل وروية في أخذ قرار العلم، بالإضافة إلى محدودية الوجود واختلافها في درجة العلم مع الملائكة التي من سنخ العقول.

وبهذا العرض يمكن أن نفهم اعتراضهم (أتجعل فيها)، وقضية فطرس وعشرات الروايات التي يظهر منها تخلّف الملائكة عن الصواب، لكن بنحو ترك الأولى لا المعصية، بل إنّ الموجود كلّما تجرّد كلّما كان أقوى وجوداً وصفة ومنها الاختيار والحياة، فالملائكة أشدّ اختياراً وحياةً، ومع تصوير القدرة البشرية لابدّ أن تكون هذه القدرة موجودة هناك وبنحو أرقى وأشدّ.

وبعد كلّ هذا يتّضح أنّ فكرة الأمر والنهي متصوّرة في عالم الملائكة بشقّيه العقلي والنفسي، فلا داعي للتأمّل، بل بهذا العرض يتبين الوساطة في الفيض، وفي قوس النزول أيضاً علّة اختيارية، ما به الوجود لا ما منه الوجود; فإنّه خاصّ به تعالى. وقد قرّر ذلك في مباحث الفلسفة أيضاً، إلاّ أنّ نمط البحث العقلي النظري لا يترقّى في تصويره إلى بيان أنّ نظام الأسباب في حين كونه نظام وجوب; فهو بأفعال اختيارية تنفيذاً للأمر الإلهي.

____________

1- نهج البلاغة الخطبة القاصعة.


الصفحة 224
ويتّضح أنّ المطلب الذي أوقع البحث العقلي في التقريب الناقص للموضوع وإلى حدّ قد ينعكس منه الجبر وأنّ القضية ذات نظام ذاتي لا يمكن الخروج عنه، نظير ما قالته اليهود من أنّ يد الله مغلولة، هو اعتمادهم على لغة العقل وحده منفصلاً عن النقل.

والمؤسف أنّ البعض لم يرض بالنقلة الإيجابية التي خطاها صدر المتألّهين في حكمته حيث طعّمها بالقرآن والسنّة، آخذاً عليه أنّه خروج عن منهج البحث الفلسفي الذي يتطلّب التمحّض في العقليات.

ولا نقصد بذلك التفكيك في العمل بالنقل بمعزل عن العقل، وأنّما الغرض هو التنبيه على عدم الجمود على القواعد الفلسفية والعرفانية والكلامية مع ضرورة الخوض فيها، وأنّها بدونها تكون عملية التفقّه في العقائد سطحية، لكن اللازم الترقّي بالتوغّل أكثر في روايات أهل البيت لاكتشاف المعارف التي قصرت المناهج عن الوصول إليها، مع أنّها مدلّلة بنكات بينة في الروايات، لكن لم يحصل التنبّه إليها في العلوم العقلية، بل جملة كثيرة مترامية من المسائل لم تعنون في البحوث العقلية.

وبعد كلّ هذا، اتّضح نظام عالم الملائكة وأنّه مختار ومتكامل ومعصوم، ووقوع المخالفة لإرادة المولى بنحو ترك الأولى بسبب الجهل الممكن تلافيه، ومن ثمّ أمكن تعقّل الأمر والنهي الحقيقيين فيه، وأنّه لا يختلف عن البشر إلاّ في قضية الشهوة والغرائز، ويشترك معه في باقي الخصوصيات. وهذا ما يستفاد من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في بيان أمرالله الملائكة بالسجود لآدم وإباء ابليس: "فمن ذا بعد إبليس يَسلَمُ على الله بمثل معصيته؟ كلاّ، ما كان الله سبحانه ليدخل الجنّة بشراً بأمر أخرج به منها ملكاً، إنّ حُكمَه في أهل السماء وأهل الأرض لواحد، وما

الصفحة 225
بين الله وبين أحد من خلقه هوادة في إباحة حِمىً حرّمه على العالمين"(1) فصريح كلامه (عليه السلام) أنّ الأحكام الإلهية بحسب دائرة الدين واحدة لأهل النشأة الأرضية والنشآت الأُخرى، فدين الله واحد في العوامل وليس يخصّص بدار الدنيا، وكلامه (عليه السلام) يشير إلى قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا}(2).

ومن ثمّ نقول: إنّ هذا النظام الملائكي قد كلّف بشريعة مطابقة لشريعة السنن الإلهية الكونية والظاهرة، بعد التذكير بأنّنا قد انتهينا من تصوير الشريعتين الظاهرة والكونية في نظام التكوين، بأنّها شريعة واحدة والوسيلة في التلقّي والتطبيق مختلفة، بيان ذلك:

إنّ الشريعة الظاهرة عبارة عن صفحة نازلة قد دوّن فيها كلّ ما في عالم التكوين في قوس الصعود والنزول ونشأة الدنيا وهي الواقعة بين القوسين، نهاية الأوّل وبداية الثاني، وبهذا التصوير يفهم قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْء}(3)، فإنّه يدلّ بوضوح على عدم وجود شرعة أجنبية عن شرعة الظاهر.

وبهذا نصل إلى نتيجة وهي: إنّ القضايا التكوينية التي واجهها موسى قبل لقائه بالخضر المشابهة للقضايا التي شاهدها مع الخضر، أيضاً مطابقة لشريعة الظاهر بنفس البيان، سوى أنّ القضايا التي واجهها موسى أوّلاً حديث ضمن المسار التكويني، والتي واجهها ثانياً مع الخضر حدثت على أساس الشريعة الكونية.

____________

1- نهج البلاغة ـ الخطبة القاصعة.

2- سورة آل عمران 3: 83.

3- سورة النحل 16: 89.