وكتب (الوجه الآخر) في شبكة هجر، بتاريخ 30 - 8 - 1999، التاسعة والربع صباحا، موضوعا بعنوان (لا أرغب أن تكون الساحة ميدان عراك بين السنة والشيعة؟؟؟؟) قال فيه:
أتمنى من الأخوة من الشيعة والسنة أن يتخذوا من الساحات مكانا لتداول الآراء والمناقشة النزيهة التي يراد منها الوصول إلى نتيجة من كلا الطرفين، لا أن تكون الساحة موقع (كذا) لتبادل السباب والشتائم والألفاظ التي لا تناسب عصرنا، عصر التطور؟؟؟؟
ينبغي أن نتطور حتى في نقاشنا باتخاذ أساليب مهذبة وألفاظ مناسبة.
تحياتي.
الوجه الآخر يطلب النقاش الهادئ
طلب الأخ المسمى (الوجه الآخر) النقاش الهادئ، فناقشه العاملي وآخرون!! وصادف أن أفرط في موضوع فحذفته الشبكة، فاستاء كثيرا ودخل في نقاش شديد مع المراقب، ولكنه لم يصل في نقاشه إلى الألفاظ المبتذلة كما وصل بعضهم.
كتب (الوجه الآخر) في ساحة النقاش الإسلامية، بتاريخ 2 - 9 - 1999، الثانية والربع صباحا، موضوعا بعنوان (دعوة خاصة لمن يريد النقاش الهادئ في أي موضوع)، قال فيه:
تحياتي.
فكتب (العاملي) بتاريخ 2 - 9 - 1999، الثانية والنصف صباحا:
وعليكم السلام ورحمة الله، وأقترح إن أحببت أن تختار موضوعا من بحث لي في (تعويم الاجتهاد) الموجود في الموقع.. وشكرا.
وكتب (الوجه الآخر) بتاريخ 2 - 9 - 1999، السادسة والنصف صباحا:
وعليكم السلام يا أخي العاملي وعلى الرحب والسعة، فهل تريد أن تناقش في هذا الموضوع أم مجرد اقتراح؟.؟ تحياتي.
فكتب (العاملي) بتاريخ 2 - 9 - 1999، الثامنة صباحا:
نعم أردت أن نناقش، فاختر موضوعا محددا منه إن سمحت، وليكن نقاشنا ضمنه بعبارات محددة غير مبهمة ولا عامة. وشكرا.
وكتب (الوجه الآخر) في 2 - 9 - 1999، الثامنة والنصف صباحا:
أشكر لك هذا التجاوب، ولو سمحت لي بفرصة حتى أراجع الموضوع جيدا وأحدد منه نقطة. تحياتي.
وكتب (الوجه الآخر) بتاريخ 3 - 9 - 1999، الثامنة مساء:
الأخ العزيز... العاملي... ماذا تقصدون من قولكم: إن التشيع، انتقل من خارج أضواء السياسة، إلى تحت أضواء السياسة بعد الثورة الإسلامية في
ثم إن فكرة التعويم، نسبتم إلى أن الشيعة سرت فيهم، هذه الفكرة، وعزوتم ذلك إلى ما يكتبه الكتاب الشيعة عن مبادئ الإسلام أو التشيع...
فأنتم اعتبرتم ما يكتبه الشيعة اجتهادا... فأنا لا أوافقكم الرأي في ذلك حيث إن الاجتهاد الذي يدور حوله الكلام هو الاجتهاد بالمعنى الأخص، وهذا لا يدعيه أغلب كتاب الشيعة، فالكتاب الشيعة، أو المفكرون الشيعة، عندما يكتبون لا يكتبون بما هم مجتهدون بالمعنى الأخص وإن أبدوا آراءهم ونظرياتهم بل يكتبون بما هم - إن صح التعبير - مجتهدون بالمعنى الأعم وهذا بخلافه عند الكتاب السنة، يكتبون بما هم مجتهدون بالمعنى الأخص.
وبنظري أنه ليس كل من أبدى رأيا أو فكرة في مسألة من مسائل الدين فهو مجتهد...!!!!
وإلا يلزم أن يكون جل الكتاب مجتهدون (كذا) وهذا لا يقول به أحد.
تقبل تحياتي.
وكتب (العاملي) بتاريخ 4 - 9 - 1999، العاشرة صباحا:
المقصود من أن مذهب التشيع صار بعد الثورة الإيرانية تحت الأضواء، أن العالم الغربي والشعوب الإسلامية أخذت تسأل عن هذا المذهب وأتباعه، فهي تريد أن تعرف عنه من زوايا اهتماماتها السياسية والفكرية والروحية..
وكثرة التساؤلات عن التشيع والشيعة أمر ملموس. أما ما سميناه مشكلة (تعويم الاجتهاد) عند السنة والشيعة، فيرجع إلى مسألتين فقهيتين هما:
2 - وهل توجد شروط لمن يجوز له أن يتصدى للقيادة باسم الإسلام؟
وحيث إنه لا يمكن القول إن الإسلام فتح الباب على مصراعيه لكل من له شئ من المعرفة ليكتب في مسائله ويقدمها إلى المسلمين على أنها هي الإسلام، أو رأي الإسلام!
ولا يمكن القول إن الإسلام ترك القيادة مفتوحة لكل من يريد أن يؤسس حركة ويتصدى لقيادة مجتمع صغير أو كبير باسم الإسلام. فلا بد من بحث هذه الشروط فقهيا، وتوعية المسلمين على تطبيقها، حفظا لعقيدة الإسلام وشريعته ومسيرته.
ومنعا للفوضى الفكرية والسياسية. ومن أجل حصر البحث أرجو أن تختار مسألة منهما لتكون محور النقاش، وشكرا.
فكتب (الوجه الآخر) بتاريخ 7 - 9 - 1999، العاشرة والنصف مساء:
تحية طيبة يا أخي العاملي، وأنا آسف جدا على التأخير، وذلك لسبب بعض الظروف القاهرة وأرجو أن يكون النقاش في خصوص ما نسبتموه من تعويم الاجتهاد عند الشيعة... فلقد قلت لكم من قبل أن فكرتي هي أن هذه الفكرة لم تكن عند الشيعة كما هي عند السنة، بل كل ما في الأمر هو أن الاجتهاد له معنيان معنى أعم، ومعنى أخص وما هو عند السنة هو الاجتهاد بالمعنى الأخص. وما هو عند الشيعة هو بالمعنى الأعم. تحياتي.
وكتب (العاملي) بتاريخ 8 - 9 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحا:
وهم الذين سميت استنباطهم (الاجتهاد بالمعنى الأخص) ويقابله الاجتهاد بالمعنى الأعم، وهو ما يكتبه الكتاب والمؤلفون في قضايا الفكر الإسلامي والمسائل والمشاكل الإسلامية، ويقدمونه إلى المسلمين الشيعة على أنه من الإسلام والتشيع.. ولا بأس بهذا الاصطلاح.. لكن لنعبر عن المجتهد بالمعنى الأخص بالمرجع، وعن غيره بالكاتب أو الخطيب أو المجتهد بالمعنى الأعم.
وهنا سؤال أساسي وهو:
أن المرجع هو الذي يحدد مجال استنباطه وما يجوز له الاجتهاد فيه وما لا يجوز، وهل يقدمه إلى الناس على أنه من الدين، أو أنه احتياط منه.. إلخ.
لأن مسألة حدود الاجتهاد مسألة فقهية، فلا بد أن يجتهد فيها.
فمن الذي يحدد مجال الكتابة والخطابة للكاتب أو الخطيب أو المجتهد بالمعنى الأعم؟
ومن الذي يحدد الأسلوب الذي يقدم به نتاجه للناس، ومتى يجب عليه أن ينص لهم أن هذا رأيي الشخصي وراجعوا مرجع تقليدكم، حتى لا يكون تغريرا بهم، ودعوة منه إلى تقليد نفسه؟!
لا بد لنا من القول إن المجتهد هو الذي يحدد ذلك، لأنه مسألة فقهية. فلا شرعية لكتابات الكاتب وخطابة الخطيب غير المجتهد إلا إذا كانت ضمن الخطوط الجائزة له بفتوى مرجع تقليده.
والنتيجة أن غير المجتهد إنما هو شارح ومنظر لمسائل الدين ضمن الصلاحية والحدود التي يفتي له بها المرجع. فهل يعرف الكتاب والخطباء الشيعة هذه الحقيقة، ويتقيدون بها؟
وهل يتم توعية الناس على هذا الميزان لقبول الكتابة والخطابة أو ردها؟
إنه ما لم يتحقق هذا الوعي العام عند الكتاب والخطباء والجمهور، فسيبقى تأثير التعويم السني للاجتهاد في الدين مقيما في أوساطنا!!
أرجو أن تنظر إلى مشكلة السنيين الخطيرة في اجتهاد من هب منهم ودب في مسائل الدين العقيدية والفقهية، ودعوة الناس إلى اجتهاده!!
ولمعرفة خطرها لك أن تفرض أن بلدا يجيز فتح العيادات والمعالجة لكل من عنده شئ من علم الطب ويستطيع أن يقنع الناس بمراجعة عيادته!! إنه مرض حقيقي، ولكنه مرض باسم الدين!! وهو يسري إلينا نحن الشيعة الذين عرفنا بأننا مقيدون في أمور الدين بالرجوع إلى مراجعنا بصفتهم خبراء متخصصين!!
وكتب (الوجه الآخر) بتاريخ 9 - 9 - 1999، الثانية عشرة وعشر دقائق صباحا:
السلام عليكم، تحياتي لك يا أخي العاملي، والكلام نفس الكلام، فإن الشيعة لا يعتبرون رأي الكاتب، ولا رأي الخطيب ولا المفكر كرأي المرجع، بل نجد في أحيان كثيرة أن الشيعة يستفتون المراجع عن كتابات الكتاب وكلمات الخطباء فيظهر أنه في المرتكز الشيعي، وفي الذهنية الشيعية هو ما قلته في أول الأمر من أن المفكر غير
وكتب (العاملي) بتاريخ 9 - 9 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحا:
الحمد لله أننا متفقون على الأصول التي يجب اتباعها في فهم الدين من المراجع الخبراء المتخصصين، وأسلوب تقديمه إلى الأمة، في الحدود والخطوط التي يحددونها.
ولكن المشكلة في الواقع العملي، وأن هذه الثقافة لم تتعمم في مجتمعاتنا الشيعية، ولم تتبلور في أذهان كثير ممن يؤمنون بها!! ولذلك ترى أن من الممكن لشخص غير مرجع، وربما غير طالب علم، ولا خبير بفرع من فروع المعرفة الإسلامية، أن يقنع وسطا من الناس بأفكاره وفهمه للإسلام، ويشكل جماعة صغيرة، أو حزبا ويقودهم، ويفصلهم عن التلقي المباشر والكامل عن مرجع تقليدهم!!
بل يمكنه أن يقنعهم بأن التقليد مسألة فتيا وهي مسألة شخصية، أما العمل للإسلام (بقيادته طبعا) فهو المسألة الأصلية. وهنا تختلط مسألة التلقي الديني بمسألة حق القادة الدينية.. فما تعليقك على ذلك؟
وكتب (الوجه الآخر) بتاريخ 11 - 9 - 1999، العاشرة صباحا:
السلام عليكم أخي العاملي تحية طيبة وبعد، أرجو المعذرة للتأخير عن إجابتكم وذلك لأن الساحة قامت بحذف اسمي مؤقتا ولم أعلم لماذا؟؟؟؟؟؟
وأراه عاد اليوم وأيضا لم أعلم لماذا؟؟؟؟
سوف أجيبك في القريب العاجل. تحياتي.
وكتب (موسى العلي) في شبكة هجر الثقافية بتاريخ 30 - 8 - 1999، الحادية عشرة صباحا، موضوعا بعنوان (إلى الوجه الآخر، ما هذه الحملة؟) ومن قال لك أننا نريد طمس الحقائق التاريخية!!، قال فيه:
الأخ الوجه الآخر، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في البداية أهلا وسهلا بك في ساحة النقاش.
أستغرب من هجومك علينا، وهذه الحملة!! من قال لك أننا حذفنا مواضيع للصديقة الزهراء عليها السلام طمسا للحقائق، ما هذا الكلام!!
تثبت جيدا هداك الله، قبل أن تطرح هذا الكلام! ومواضيع وخطب السيدة الزهراء عليها السلام موجودة، ورواد الساحة الفضلاء يجيبونك!
وأنا أعرف جيدا، من تقصد؟ أنت تقصد موضوع الأحسائي الذي كتبه حيث كان عنوان الموضوع (من قتل الزهراء) وكان موضوعه مجرد أخبار بذكرى وفاتها، ويتساءل من أهل السنة لماذا لايحتفلو (كذا) بذكرى وفاتها.
أين الحقائق التاريخية التي نريد طمسها في حذف هذا الموضوع!! ماذا قال كاتب الموضوع حتى نطمس هذه الحقائق؟!
أما لماذا تم حذفه؟ فقد تم حذفه بناء على ضوابط ساحة النقاش الإسلامية التي تنص على عدم طرح عناوين تستفز الآخرين.
ونحن قلنا له يجب عليك مراعاة الضوابط واختيار عناوين مناسبة وتستطيع إعادة الموضوع، بل أكثر من خلال توثيقه بالكتب التاريخية، واختيار عنوان مناسب لذلك ولكننا نستغرب من هذا التظلم!! حتى أنه اعتبرني ممن آذى السيدة الزهراء!
وكتب (زرارة) في شبكة الساحة العربية، بتاريخ 21 - 3 - 1999، الواحدة ظهرا، موضوعا بعنوان (السنة والشيعة وساحة الطرشان؟؟)، قال فيه:
إن الساحة الإسلامية والساحة السياسية أشبه ما تكون بساحة حرب، يمارس كل فريق وفرد فيهما أسلوب ما تمارسه أجهزة الأنظمة المستبدة المحاربة إزاء أسراها من الطرف المضاد، فالشتائم والسباب في كل ركن وزاوية فيهما، ومحاولة الانتقاص من الأصول والمعتقدات عند كل طرف شئ بات يرهق الوجدان والفكر والضمير، ويقتل الشعور والإحساس بمحبة الآخرين!..
هنالك غالبية من الكتاب لا زالوا يملكون فكر النفي، أو بعبارة أخرى نفي الآخر، ويشهرون أسلحة فتاكة من الأدلة والقرائن التي تجوز تكفير ولغي (كذا) الآخر لأنه فقط مخالف في الفكر والمذهب والأيدلوجية السياسية أو الدينية.. من منا لا يشعر بالإرهاق والتعب النفسي وتنامي روح الكراهية عندما يقرأ مواضيع تتصل بحوار الطرشان خصوصا بين السنة والشيعة؟؟..
والملاحظة العجيبة أن تلك المواضيع تتكرر ربما عشرات المرات بنفس الأدلة والبراهين، عند كل طرف لا تختلف عن السابق في شئ سوى في العناوين والأسماء. ألا يظن أولئك أنهم مسؤولون؟!.. ماذا استفاد كل طرف منا عندما جيش كل قواه ومناصريه طيلة الأيام والأشهر الماضية؟
على العكس من الساحة الأدبية وساحة الأصدقاء وساحة الكمبيوتر، فهناك تبادل المعرفة والمودة والمنفعة. فهل كتب علينا أن نتراشق مدى الدهر وكل يدمي قلب الآخر؟..
أنا لا أدعو إلى عدم الحوار والنقاش طالما هو بناء، ويؤدي إلى نتيجة قد تغير من شخصية القارئ وعقلية الكاتب نحو الأفضل. لكني أرغب أن يتجنب الكتاب مواضيع الشحن النفسي التي تؤدي إلى اليأس والرغبة في الانتقام - بعد كل حوار مختل القيم والموازين - من الآخرين.
أنا شخصيا تجنبت الدخول في مثل تلك النقاشات التافهة، وحتى أني لا أقرأ الآن تلك المواضيع، لكني أجد نفسي في حيرة كبيرة.. فسابقا كان حوار الطرشان يدور في الساحة الإسلامية - على زعم أنها إسلامية وإلا فهي عندي ساحة التعذيب - أما اليوم فالساحة السياسية أصبحت نسخة مطابقة لساحة الطرشان.. فأين المفر.. فأنا والكثيرون مللنا وسئمنا حتى سقمنا!
فيا من لا زال يناقش ويحاور نفسه، قل لي وربك متى تنتهي وتبحث عن الدواء بدل الداء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
آداب الحوار
كتب (محمد علي) في شبكة الساحة بتاريخ 27 - 5 - 1999، الثانية ظهرا، موضوعا بعنوان (أخلاقية الحوار)، قال فيه:
للحوار آداب لا بد أن يبتني عليه ويتحرك فيه، وإلا لانقلب الحوار إلى خوار، والنقاش إلى كماش، وهذه النتيجة لا يرتضيها عاقل، لأن بها عزل الإنسانية، ولبس ثوب الحيوانية التي قانونها البقاء للأقوى.
ولكنه وإن كان قانونا إلا أنه لا يتناسب مع العقل البشري الذي له القابلية على تفتيت الحجر الصم وتحويله إلى ينابيع من العطاء الزلال.. الذي ينفذ بين أضيق المسالك ليفتح به صدورا قد شحنت بالبغضاء ويستبدلها بالرحابة والانشراح، وهذا ما نجده في المحاورة التي جرت بين نبينا الخليل إبراهيم (ع) وبين عمه آزر، وإن كان البعض من المفسرين يذهب إلى أنه أبوه!!
آزر كان وزيرا لنمرود قرابة ال (25) سنة، وهم يعبدون الأصنام ويكفرون بالرحمن، فلما أراد إبراهيم (ع) أن يرشد الضال ويأمر المغرور، لم يستخدم الأسلوب الخشن، ولا العبارات (اليابسة) التي تجعل الطرف المقابل يستنكف من الاستجابة بل استخدم أسلوبا مرنا ذا طابع إنساني..
تفوح منه رائحة العطف والمودة والحنان، ومع ذلك لم يكن آزر متأدبا في حواره، ولم يتعامل بالأسلوب العلمي، ومع ما لاقاه إبراهيم (ع) من الجفوة والجبروت لم يكن إلا متسامحا وواعدا بالخير.
ولنبقى (كذا) في رحاب الحوار العلمي المؤدب الذي اعتمده النبي (ع):
الآية 42 من سورة مريم (إذ قال إبراهيم لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع
وأما الثانية فقوله (ع) لم تعبد وقد أنشأها للحاضر أو المستقبل وقد غض البصر عن السنين التي قضاها آزر في الشرك والضلال وهي أسلوب الجب عن الماضي الأسود حينما تريد أن تهدي الضال.
والآية 43، قال: (يا أبت إني قد جائني من العلم...) وقد صدر الحوار بكلمة الأبوة التي تحرك المشاعر) ولكن لا حياة لمن تنادي (وتلاحظ التواضع في أسلوبه عندما قال له) إني قد جاءني من العلم (ولم يقل له إني قد جاءني العلم فالتواضع أمام الغير أول علامات تأسيس البنية التحتية للرضا بك. والآية 44، وبها (يا أبت لا تعبد الشيطان...) وقد صدرها بالأبوة أيضا. ثم نهاه عن عبادة الشيطان في مقابل عبادة الرحمن، فالرحمن المطلق الرحمة للمؤمن وغيره فكيف تعبد غيره.
والآية الأخيرة التي ينهي إبراهيم خطابه بها هي: (يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن..).
وأنت معي تلاحظ التكرار في عبارة (يا أبت) وما لها من وقع مع تكرارها للذي يحمل قلبا واعيا ويبلغه بأنه يخاف عليه عذاب الرحمن (يا للعجب) لم يقل له عذاب الشديد (كذا) أو المنتقم وذلك لأن عذاب الرحمن سيكون شديدا لأنه طالما عفا ورحم، ولذا ورد عن النبي (ص) (إحذر من الحليم إذا غضب).
هنا انتهى كلام إبراهيم (ع)، ولنستمع إلى كلام آزر، ولنلاحظ هل كان يحمل روح الحوار البناء أم لا؟ ففي الآية 46، يقول آزر: (قال
ثم يعود إبراهيم إلى ساحة الحوار من جديد ليقول أنا لا تزعزعني التهديدات والتوعدات عما أنا عليه من الانفتاح على الغير واحترامهم، إما كأخ لك في الدين وإما كنظير لك في الخلق، فلماذا أسلب حقهم في التعبير عن أنفسهم فقال: (سلام عليك سأستغفر لك ربي).
ولم تأخذ الجاهلية المقيتة مأخذها منه ولا العصبية بل اعتمد السلام والمحبة مع عدوه في المبدأ، ولم يغلق الباب في وجهه ويطرده كما نفعل نحن اليوم مع أهلنا وإخواننا وأصدقائنا في الدين والقومية والمذهب!!
بل قال له (سأستغفر) إن تبت ورجعت.
وكتب (سهير) في شبكة هجر، بتاريخ 29 - 8 - 1999، التاسعة مساء، حول النية والإخلاص موضوعا بعنوان (لماذا النقاش ولماذا التعب؟!..
الرجاء ترك الساحة فورا.) قال فيه:
في طريقنا نحن المشاركين نحو الغاية والهدف الأساس، عشرات اللوائح ومئات التفرعات المنحرفة عن الجادة.
فإذا ما انشغلنا عن الطريق، سنضل الطريق، نعم سنضلها، وويل لمن ضلها في اختيار. فأرجلنا العقول، وطريقنا النقاش، والغاية هو الله سبحانه.
أذكر نفسي أولا وأذكر إخوتي وأحبتي في الله ثانيا، أننا موقوفون ومسؤولون عن كل ما نقول ونتبنى من رأي أمام الذي هو بصير في نقده
فإذا كان ذاك، فالرجاء ترك الساحة فورا، وإلا لماذا النقاش ولماذا التعب؟!
فكتب (العاملي) بتاريخ 29 - 8 - 1999، الثامنة ليلا:
أحسنت يا أخ سهير.. فالعمر لا يتسع للعب، والكون من حولنا خلق كل شئ فيه بالحق والجد.. ومن كان يريد اللعب، فلماذا يكون لعبه بالدين ومفاهيمه ومواضيعه؟!
ومن أراد المشاركة في النقاش فلا بد له من بصيرة في ما يقول، وبصيرة في نيته من قوله.
اللهم سددنا، وارزقنا خلوص النية..
وكتب (المأمن بالله) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 29 - 11 - 1999 التاسعة صباحا، موضوعا بعنوان (ملاحظات للباحث لا بد منها)، قال فيه:
وبعد، ملاحظات للباحث لا بد منها (كتب الشيعة):
1 - الثقة والتوكل على الله تعالى: وهي نقطة الانطلاق في البحث، فقد أعطى الله سبحانه وتعالى الإنسان نور العقل والعلم، وجعل أمر الاستفادة منه بيد الإنسان، فمن أهمل ذلك النور ولم يشعله لكشف الواقع، سيظل يعيش في ركام من الجهل والخرافات والضلال، بخلاف الذي يستثمر عقله وينميه، والفرق بين الاثنين يرجع إلى سبب واحد، وهو الثقة وعدمها، فالذي يشعر بالضعف والانهزام لا يستفيد من عقله، أما الذي يثق بالله تعالى وبما أعطاه
وإن كبار علمائنا لم يتوصلوا إلى ما توصلتم إليه فما هي قيمتكم أمام جهابذة العلماء؟! (وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا) الأحزاب 67.
2 - التجنب من خداع الذات: بمعنى منع تسرب الحقيقة إلى العقل، فقد يكون ذلك بإغلاق منافذ النفس المطلة على الواقع الخارجي، فيتعصب ويمتنع عن سماع أحاديث المعرفة والأفكار الأخرى وقراءة الكتب وغير ذلك، وأي نوع من أنواع الانفتاح على الثقافات الأخرى، فكل دعوى تأمر بالانغلاق وعدم البحث وتحصيل المعرفة، فإنها دعوى تقصد تكريس الجهل وإبعاد الناس عن الحق، إن ما يقوم به؟... من تحصن بعدم الاطلاع على كتب الشيعة، وعدم مجالسة أفراد الشيعة المتفهمة والمتفكرة (أي المجتهدين) هو أسلوب العاجز، وهو منطق غير سليم، وقد عارض القرآن الكريم هذه الفكرة بقوله:
(قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) البقرة / 111.
3 - تقوية الإرادة أمام تيارات الشهوة، وخطوط ضغط المجتمع الذي ينفر من كل من يخالفه أو يتمرد عليه: فلا بد من مواجهة هذه الضغوط بالصبر والعزيمة، لأن الحق لم يكن امتدادا للمجتمعات وإفرازات طبيعة الإنسان، وهذا تاريخ أنبياء الله تعالى فقد لاقوا أشد أنواع العذاب من مجتمعاتهم، فكانوا (كذا) بنو إسرائيل يقتلونهم... قال تعالى (وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون) الزخرف / 7.
أ - حب الذات: وهو شر داء، يصيب كل إنسان، فمنه تنعكس كل صفة ذميمة مثل الحسد والحقد والعناد، فعندما يجعل الإنسان أفكاره ومعتقداته جزءا من ذاته وكيانه حتى ولو كانت خرافية لا يمكن أن يتقبل أي نقد لها، لأنه يعتبر نقدها نقدا لذاته وكيانه، فبغريزة الدفاع عن النفس وحبها يستبسل في الدفاع عنها من غير وعي وفهم، وأحيانا يتعصب لفكرة لأنها تجلب له نفعا أو تدفع عنه ضرا يتلون معها ويحامي عنها، ويرفض بذلك كل الأفكار حتى ولو كانت حقيقتها ظاهرة للعيان، وقد يحب الفكرة أيضا لأنها تنسجم مع هواه أو هوى مجتمعه فلا يتنازل عنها.
ب - حب الآباء: وهو يبعث الإنسان في تقليدهم من غير تفكر وتدبر، فتحت داعي الاحترام والخشية بالإضافة إلى الوراثة والتربية يسلم المرء تسليما مطلقا بأفكارهم وعقائدهم، وهذا من أعظم الحجب التي تمنع الإنسان من اكتشاف الحقيقة. قال تعالى (... حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون) المائدة 104.
ج - حب السلف، إن النظرة القدسية للعلماء السابقين والعظماء تدعو الإنسان إلى تقليدهم مطلقا والاتكال على أفكارهم، فالاستسلام لهذا التقليد مدعاة لعدم فهم الحقيقة، فلم يجعل الله تعالى عقولهم حجة علينا، وإنما عقل كل إنسان حجة عليه، فلا يمنعنا احترامنا لهم من مناقشة أفكارهم والتدقيق فيها... ومعرفة على أي نحو نسير.
وغير ذلك من الملاحظات العلمية التي لا بد من أن يضعها الباحث نصب عينيه قبل الشروع في البحث، وهذا مع التجرد التام والتسليم المطلق إذا ظهر الحق، وبالإضافة إلى طلب العون والتضرع إلى الله تعالى لكي ينير القلب بنور الحق (اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا أتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه).
يا رب ساعدني على أن أقول كلمة الحق في وجه الأقوياء، وأن لا أقول الباطل لأكسب تصفيق الضعفاء..، وأن لا أرى الناحية الأخرى من الصورة، ولا تتركني اللهم أتهم خصومي بأنهم خونة لأنهم اختلفوا معي في الرأي...
يا رب علمني أن أحب الناس كما أحب نفسي، وعلمني أن أحاسب نفسي كما أحاسب الناس، وعلمني أن التسامح هو أكبر مراتب القوة، وأن حب الانتقام هو من مظاهر الضعف... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكتب (شمس لن تغيب) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 20 - 12 - 1999، الحادية عشرة ليلا، موضوعا بعنوان (كيف تكون مجادلا بارعا؟!)، قال فيه:
إذا كان الحق معك فإن من واجبك أن تقول كلمة الحق.. وتدافع عنه.. فإن أعطت ثمارها كان بها، وإلا فأنت لست مسؤولا أن تدخل الإيمان قسرا في قلوب الناس. والسؤال.. هل تريد أن تكون مجادلا بارعا؟ ومن منا لا يريد؟ وقبل أن أجيب على هذا التساؤل لا بد أن أطرح
السؤال: ماذا هو الغرض من الجدال؟ ماذا ستستفيد لو جادلت؟
ثم.. لماذا تريد أن تثبت للطرف الآخر أنه على خطأ؟ لكي تنتصر عليه؟
إنه إذن، انتصار سحيق. أليس كذلك؟ أم تريد إقناعه؟ فمن طبيعة الإنسان أن لا يقتنع بشئ وقت الجدال.
بينما لو تنازل الإنسان... فإن تنازله كسب للجدال وليس خسارة له، فما الجدوى من الجدال إذن؟ على أن مجرد ترك الجدال له أجر كبير.. يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من ترك المراء، وهو محق، يبنى له بيت في ربض الجنة) (1) ويضيف صلى الله عليه وآله قائلا (وأنا زعيم) أي أنه صلى الله عليه وآله يضمن له ذلك. ولعل البعض يستغرب من ذلك، إذ كيف يستتبع ترك الجدال الحصول على الجنة؟
إلا أننا إذا قدرنا خطورة الجدال على العلاقات الإنسانية في المجتمع نعرف لماذا كان لتركه هذا الثواب العظيم.. فكم من صداقات تمزقت بسبب جدال على (بطيخ) أو مراء على (بصل)؟
يقول الإمام الحسن عليه السلام: (لا تمارين حليما ولا سفيها، فإن الحليم يقليك والسفيه يؤذيك) (2)
السفيه قد يسكت عنك إذا غلبته في الجدال، ولكنه يبحث عن أي طريقة لينتقم لنفسه منك.. أما الحليم فهو يتركك بعد الجدال.
وفي حديث آخر: (إياكم والخصومة فإنها تشغل القلب وتورث النفاق وتكسب الضغائن) إذن الجدال حتى لو كان الحق معك، ليس الأسلوب الأفضل لكسبه، لأنك بالجدال قد تربح نقاشا ولكنك تخسر الأصدقاء..
(في صغري كنت أحب الجدال، ولما ذهبت إلى الجامعة درست المنطق لأستعين به على ذلك، ودرست المناظرة وطرق الجدال وأوشكت أن أؤلف كتابا في هذا الموضوع.. وبعد كل ذلك توصلت إلى نتيجة واحدة هي: لكي تكسب الجدال تجنبه، فإنه زلزال مدمر).
وقد ورد عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام:
(إياكم والمراء والخصومة فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان، وينبت (كذا) النفاق) (3).
ثم إنه قد يكون الفرد العادي مجادلا، أما الرسالي العامل في سبيل الله فلا ينبغي أن يكون كذلك.. فإذا كنت حامل رسالة، ووقف أمامك شخص وذكر لك عشرين دليلا ضدك، أو ضد رسالتك فلا ينبغي مجادلته في ما أتى به من أدلة، اتركها جانبا، واذهب إلى أصل الموضوع وكأنك لم تسمعها أساسا، اذكر كلمتك واتركها تتفاعل بداخله.
____________
(1) الترغيب والترهيب ج 1 ص 131.
(2) بحار الأنوار ج 13 ص 406.
(3) بحار الأنوار ح 73 ص 339.
لا يوجد إنسان يحترم قيمه ومثله العليا إلا وهو رجل سليم في طريقة النقاش، بعيدا عن خوض الجدال مع أحد. ذلك أن من يحترم نفسه لا يضيع وقته في الجدال التافه، وإذا رأى الطرف الآخر يريد أن يجادل ولا يستهدف الوصول إلى الحق، يترك الكلام معه، ولماذا الجدال أساسا؟ فأما أن يخسر
من الأفضل في النقاش أن نسلم بالأمور التافهة لمحدثنا، ونتمسك بالحجج القوية الدامغة، وهذا فن عظيم ينبغي أن نتعلمه.
ولا ننسى هنا أن في ذهن كل إنسان معادلة يتحرك من خلالها، فنحاول عند دخولنا في نقاش مع أحد، أن نؤكد على الجانب الآخر من المعادلة، فليس من الصحيح دائما أن علينا لكي نقنعه بشئ، أن ننسف الجانب الذي يؤمن به هو، بل يكفي ترجيح جانب من المعادلة في ذهنه حتى يتحرك بالشكل الذي نريده نحن، فكل إنسان يتحرك بناء على وجود ميزان في ذهنه، إذ يؤمن بشئ في مقابل شئ آخر، فلأن هذه الكفة قد نزلت عنده، حاول أن ترمي ثقلك في الحوار في الكفة الخفيفة، دون التعرض لإثقال الكفة الأخرى عنده. وفي الحقيقة إن الذي يمارس الجدال يهين نفسه، بتعريضها لإهانة والآخرين.
يقول الإمام علي عليه السلام: (إياك والمراء، فإنك تغري نفسك بالسفهاء).
ويقول عليه السلام في حديث آخر: (لا تماري (كذا) فيذهب بهاؤك).
فهل يمكن لأحد أن يدخل في جدال إلا ويهين نفسه؟!
وكما قلنا آنفا فإن من خطورة الجدال أنه يقطع الصداقات ويمزق الإخاء.
وقد يحدث ذلك من دون أن يفصح الطرف الآخر بذلك والسبب هو الجدال!
يقول الإمام الهادي عليه السلام: (المراء يفسد الصداقات القديمة، ويحلل العقدة الوثيقة).
ما هو المطلوب؟؟؟؟
قد يتساءل البعض: إذا كان المطلوب منا أن نكون مستمعين جيدين، وأن لا نجادل، فهل يعني ذلك أن علينا أن نخيط أفواهنا، ونتحول إلى أشرطة تسجيل... والجواب بالطبع كلا: إن القرآن الكريم يقول: (وجادلهم بالتي أحسن) سورة النحل آية 125.
ليس المطلوب أن لا تناقش، بل المطلوب أن تناقش بالتي هي أحسن، لا بالتي هي أسوأ!
هنا مجموعة شروط تحقق الجدال السليم وهي:
ليكن هدفك من الجدال (الحق)، وعندما تدافع في الجدال عن شئ تراه صحيحا فلا يكونن محور جدالك هو الدفاع عن النفس بل الدفاع عن الحق.
لا تهين (كذا) الطرف الآخر، ولا تسخر منه حتى لو كانت آراؤه خاطئة.
وفي جدالك بالتي هي أحسن لا تخرج من الموضوع لكي تتناول شخص المجادل معك، فعوضا أن تتكلم في الموضوع.. تقول له مثلا أنت لا تفهم، أنت جاهل.. وهكذا. لا تكن بذيئا معه.. فلا تستعمل الكلمات النابية، وتجنب بشكل دائم الزوايا الحادة في بالنقاش.
أكد على الجانب الذي تؤمن به أنت، دون وضع المتفجرات في الجانب الذي به الطرف الآخر، لأنه حتما سيدافع عن وجهة نظره.