الصفحة 410

أما إخواننا السنيون فيرون أن مصادرهم المعتمدة فوق البحث العلمي، فصحيح البخاري برأيهم كتاب معصوم من الجلد إلى الجلد، بل هو عندهم أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، ورواياته قطعة واحدة، فإما أن تأخذها وتؤمن بها كلها، أو تتركها كلها! وبمجرد أن تحكم بضعف رواية واحدة من البخاري فإنك ضعفته كله... وصرت مخالفا للبخاري ولأهل السنة والجماعة!

وينتج عن ذلك أن الباحث الشيعي يمكن أن يبحث جديا في رواية من كتاب الكافي وغيره من المصادر المعتبرة عند الشيعة، ويتوصل إلى التوقف في سندها أو تضعيفه، فلا يفتي بها، ولا يضر ذلك بإيمانه وتشيعه. بينما السني محرم عليه ذلك، وإن فعل فقد تصدر فيه فتاوى الخروج عن المذاهب السنية، وقد يتهم بالرفض ومعاداة الصحابة!

ولا بد أن يعرف الدكتور القفاري وأمثاله أن شهادة مؤلف الكتاب الحديثي بصحة كتابه، إنما هي اجتهاده الشخصي وهي حجة عليه وعلى مقلديه فقط.

ويبقى من حق المجتهد الآخر أن يبحث ويصحح ما صححه مؤلف أو يضعفه. وقد يتأثر بالمؤلف وتصحيحاته أو تضعيفاته وقد لا يتأثر، والحجة الشرعية في النهاية بينه وبين الله تعالى هي اجتهاده، وليس اجتهاد صاحب الصحيح.

وليت القفاري التفت إلى الكلام العلمي الذي نقله عن المرحوم الشيخ جعفر الجناجي (كاشف الغطاء) عندما قال (والمحمدون الثلاثة كيف يعول في تحصيل العلم عليهم، وبعضهم يكذب رواية بعض.. ورواياتهم بعضها

الصفحة 411
يضاد بعضها..) فالشيخ الجناجي يقول: لا يمكن للمجتهد أن يقلدهم ويقول حصل لي العلم بصحة الحديث من شهادة الكليني أو الصدوق أو الطوسي، لأن كلا منهم اجتهد فصحح أو ضعف، وبقي على المجتهد أن يجتهد في علم الفقه وفي الحديث والجرح والتعديل، يصحح أو يضعف..

ونفس هذا الكلام يجب أن يقوله إخواننا السنة في صحاحهم ومصادر حديثهم، فقد اجتهد أصحابها وشهدوا بصحتها، والباحث فيها لا يحصل له العلم بصدور الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله من شهادة البخاري مثلا، لأن فيه أحاديث متعارضة متضادة لا يمكن الجمع بينها لأن بعضها يكذب بعضا، فلا بد للمجتهد أن يبحث بنفسه ويصحح أو يضعف.. والعوام في كل عصر يقلدون في تصحيح الأحاديث وتضعيفها علماء ذلك العصر من المجتهدين أهل الخبرة..

هذا هو الوضع الطبيعي لأتباع كل دين، وهذا هو المنهج العلمي السليم الذي يقره العقل والمنطق..

أما القول بأنه يجب على الأمة أن تقفل على نفسها باب الاجتهاد في تصحيح أحاديث نبيها إلى يوم القيامة، وتقلد مؤلفي ستة كتب أو خمسين كتابا، فهو بدعة عباسية ومرسوم من مراسيمهم، لكن إخواننا ما زالوا يتمسكون به خوفا على تجسيمهم وإسرائيلياتهم من فتح باب البحث العلمي والاجتهاد! أو إذا فتحوه أوجبوا تقلد الشيخ ناصر الألباني لأنه وهابي!

إنهم أحرار إذا أرادوا الجمود على هذه الكتب أو تلك، ولكن نرجوهم أن لا يتصورا أصحاب الرأي الآخر بدوا لا يفهمون، ولا يتخيلوا أن الحرية العلمية التي يتبناها علماء الشيعة منقصة ومسبة، ودليل على بطلان مصادرهم

الصفحة 412
وأحاديثهم، كما فعل هذا القفاري لعدم تأمله في معنى كلمات المجتهدين المتخصصين!!

أما اعتراضه الذي سماه (الاعتراض الأكثر صعوبة) لماذا دونت الكتب الأربعة عند الشيعة عن أصول رويت عن الأئمة ولم تدون عن الأئمة مباشرة؟

فهو يدل على قلة خبرته بتاريخ الحديث وتدوينه، فإن هذا الإشكال يتوجه إلى تدوين الصحاح الستة وغيرها من مصادر إخواننا، لأن أئمتهم منعوا تدوين الحديث أكثر من قرن من الزمان، ثم دونوا كتبهم من محفوظات الرواة المرضيين عند الدولة!.

أما نحن فإن أئمتنا من أهل البيت عليهم السلام كانوا حاضرين بيننا إلى سنة 260 هجرية حيث غاب الإمام المهدي عليه السلام، فكانوا هم حجج الله على المسلمين بنص النبي صلى الله عليه وآله وكان الشيعة يرجعون إليهم في تصحيح الأحاديث وتلقي معالم دينهم، وكان الرواة والعلماء يكتبون عنهم من زمن علي عليه السلام إلى القرن الثالث، وبعد هذا التاريخ قام عدد من العلماء بجمع الأصول المكتوبة عنهم في موسوعات..

فكتبنا الأربعة وغيرها مأخوذة باليد عن أصحاب الأئمة عليهم السلام، وسند أئمتنا إلى جدهم صلى الله عليه وعليهم هو المسمى بسلسلة الذهب، المقدسة عند جميع المسلمين، والتي قال عنها الإمام أحمد بن حنبل: (لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لأفاق من جنونه).

قال في هامش مسند زيد بن علي ص 440:

أورد صاحب كتاب تاريخ نيسابور أن عليا الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق لما دخل نيسابور كان في قبة مستورة على بغلة شهباء وقد شق

الصفحة 413
بها السوق، فعرض له الإمامان الحافظان أبو زرعة وأبو مسلم الطوسي ومعهما من أهل العلم والحديث ما لا يحصى فقالا: يا أيها السيد الجليل ابن السادة الأئمة، بحق آبائك الأطهرين وأسلافك الأكرمين إلا ما أريتنا وجهك الميمون ورويت لنا حديثا عن آبائك عن جدك أن نذكرك به. فاستوقف غلمانه وأمر بكشف المظلة وأقر عيون الخلايق برؤية طلعته، وإذا له ذؤابتان معلقتان على عاتقه والناس قيام على طبقاتهم ينظرون ما بين باك وصارخ، ومتمرغ في التراب، ومقبل حافر بغلته وعلا الضجيج، فصاحت الأئمة الأعلام: معاشر الناس، أنصتوا واسمعوا ما ينفعكم ولا تؤذونا بصراخكم، وكان المستملي أبا زرعة ومحمد بن أسلم الطوسي، فقال علي الرضا رضي الله عنه: حدثني أبي موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه زين العابدين عن أبيه شهيد كربلا عن أبيه علي المرتضى قال حدثني حبيبي وقرة عيني رسول الله صلى الله عليه وآله قال حدثني جبريل عليه السلام قال حدثني رب العزة سبحانه وتعالى قال: لا إله إلا الله حصني، فمن قالها دخل حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي. ثم أرخى الستر على المظلة وسار، قال فعد أهل المحابر وأهل الدواوين الذين كانوا يكتبون فأنافوا على عشرين ألفا. قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لأفاق من جنونه! فهل يفيق النائمون؟!! وهل يصحو السكارى؟!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 14 - 6 - 1999 - الواحدة ظهرا:

؟


الصفحة 414

فأجابه (العاملي): لا تفقد أعصابك يا مشارك وافهم ما تقرأ.

لقد اتهمنا القفاري بالتجسيم واستدل على ذلك بما نقلته عنه، ومصادره ليس فيها للشيعة إلا أعيان الشيعة، وبعد مراجعته لم أجد فيه دليلا ولا شاهدا على ما ذكر!

أنا قلت في هذا الموضوع لم يستند إلى مصادرنا، وقولي صحيح، ولم أقل في كل كتابه، بل نقل أحيانا من مصادرنا، وذكرت لكم مثلا من تحريفاته فأغمضت عنه!

أما رواية القفاري اللاحقة عن الكافي رد عليك وعليه، فإنها تنص على أن أئمة الشيعة عليهم السلام ردوا أفكار التجسيم سواء نسبت إلى هشام أم غيره! فكيف ينسب إليهم التجسيم؟

على أن نسبة التجسيم إلى هشام غير صحيحة وفيها بحث لعدد من العلماء، وكتابة لي، لعلي أنشرها لتعرف أنها تهمة ملفقة، ألصقوها به لأنه كان من كبار المناظرين عن الإمامة في بلاط الرشيد!

كتب (القطيف) بتاريخ 15 - 6 - 1999. السابعة والنصف مساءا:

الوهابية مجسمون، هذا ما درسناه في كتب التوحيد في المدارس.

هل تنكرونه الآن؟.

هل تنكرون أنكم تقولون إن الله له جسم ويد ورجلان وعينان وأنف وغيره من الصفات البشرية؟

* *


الصفحة 415

وكتب (حسين الشطري) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 18 - 7 - 1999، الخامسة مساء - موضوعا بعنوان (تحريف الوهابية للكتب)، قال فيه:

إن الذي يتتبع الكتب التي يعاد طبعها في هذا العهد يجد أن الكثير منها يتعرض للتحريف والتمويه والتزوير والزيادة والنقصان. وإليك أيها الأخ المسلم أمثلة جلية على تحريف الوهابية لكل ما لا ينسجم مع عقيدتهم المنحرفة في حلقات:

يقول ناشر كتاب: (تبين كذب المفتري علي أبي الحسن الأشعري في ص (د)، عن تحريفات الوهابية والحشوية للكتب: (... من عادة الحشوية أن يترصدوا الفرص لإفناء أمثال هذه الكتب إما بحرقها علنا يوم يكون لهم شوكة وسلطان، وإما بسرقتها من دور الكتب، أو بوضع مواد متلفة فيها، وإما بتشويهها بطرح ما يخالف عقولهم منها عند نسخها، أو الكشط والشطب في نسخها الأصلية...).

وهذه جريمة كبرى وخيانة صريحة للدين وللأمة. فيكون من واجبنا وواجب كل مسلم بل كل حر في العالم فضح هؤلاء الخائنين والمنحرفين ومراقبتهم ومحاسبتهم بشدة.

ومن المجاهدين في هذا المجال السيد الطيب الجزائري، قد لاحظ ما لعبته اليد الأثيمة بكتاب (الصواعق المحرقة)، فقابل بين طبعة سنة 385 هـ وبين طبعة سنة 1312 ه، وقد جدد الطبعة المتأخرة بالأفست، وجعل في أولها جدولا بقائمة التحريفات بين النسختين...

ومن جملة ما ذكره من التحريفات:


الصفحة 416
1 - في ص 20 في قوله: (صراط علي مستقيم) حذفت كلمة (علي).

2 - إسقاط عبارة: (ذكر علي عبادة) من ص 74.

3 - إسقاط عبارة من ص 76 وهي: (وأخرج الطبراني عنه قال: كانت لعلي ثمانية عشر منقبة ما كانت لأحد في هذه الأمة).

4 - أسقاط عبارة من ص 87 وهي: (وفي رواية للحاكم: فقلنا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ قال: (اللهم صل علي محمد وآل محمد) الخ.

إلى غير ذلك مما ذكره السيد الطيب الجزائري في جدوله المفصل فمن أراد فليراجع.

فكتب (تلميذ التلميذ) بتاريخ 18 - 7 - 1999 - السابعة مساء:

وكيف ينتصرون يا أخي العزيز الشطري لباطلهم إلا بطمس الحقائق؟

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا مدينة العلم وعلي بابها)

وكتب (العاشر من رمضان) 18 - 7 - 1999 - السابعة والنصف مساء:

والله لا يعرف طمس الحقائق والتدليس غيركم يا من التزمتم التقية دينا ومذهبا (فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله).

نصر من الله وفتح قريب.


الصفحة 417

فأجابه (تلميذ التلميذ) في مساء اليوم نفسه، الثامنة إلا ربعا:

لقد ذكر الأخ الشطري نماذج مما فعلتم يا وهابية فإذا لم يكن هدفكم هو الانتصار لباطلكم بطمس الحقائق فلماذا تحرفون الكتب؟ ولو كنتم على الحق فعلا فلا داعي للتحريف وطمس الحقائق.

أجب يا تن رمضان.

وكتب (الشطري) بتاريخ 20 - 7 - 1999:

بعد التحية والسلام إن دعواك بلا دليل لقد ذكرنا دليلنا فما هو دليلك؟؟

وكتب (الشطري) أيضا بتاريخ 21 - 7 - 1999، الثامنة صباحا:

الأخ العاشر، بعد التحيه والسلام، نحن في انتظار دليلك..

كتب (حسين الشطري) في شبكة (أنا العربي) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الخامسة مساء:

تتمة للموضوع: تحريف الوهابية للكتب (حلقة ثانية)، قال فيه:

من الكتب التي امتدت إليها الأيادي الأثيمة وحرفته كتاب صحيح البخاري، ولا نريد أن نتتبع الطبعات المختلفة لصحيح البخاري وماذا عملت بها هذه الأيادي الخائنة، وإنما نشير هنا فقط إلى التحريفات التي بين نسخة ابن حجر العسقلاني والنسخة المعروفة الآن.

فالتقديم والتأخير في الروايات المستفاد من شرح فتح الباري حيث يقوم شرح قوله في هذه الرواية على شرحه في تلك، وكذا الاختلاف المستفاد مما يقتطعه من الكتاب ليعلق عليه يعد بالمئات... ولا تجد الآن أي نسخه توافق نسخة ابن حجر في هذه الاختلافات سواء كانت بالسند أو في المتن..


الصفحة 418
ونحن نضرب عن هذه الاختلافات صفحا.. لأنها تحتاج إلى تأليف ضخم خاص فيها، بل نكتفي بذكر أمثلة من الاختلافات هنا:

1 - الموارد التي اقتطعها ابن حجر من صحيح البخاري وعلق عليها وشرحها مطيلا تارة ومختصرا أخرى... ولكننا لا نجد لهذه المقتطعات المشروحة أثرا في الصحيح المتداول الآن فأين ذهبت؟ وأين هي الأحاديث التي أقتطعت منها؟ اليد الأمينة التي لعبت بالكتب هي التي تدري.

2 - زيادة كلمة (الصديق) في نسخ البخاري الآن، وعدمها في نسخة ابن حجر.

* *

وكتب (العاملي) في شبكة (أنا العربي) بتاريخ 31 - 7 - 1999 التاسعة مساء موضوعا بعنوان (تفسير ابن كثير واحد من عشرات الكتب التي حرفها النواصب!!). قال فيه:

تفسير ابن كثير واحد من عشرات الكتب التي حرفها النواصب!!

أعجبني نقاش العلماء والفضلاء الباحثين مع الأخ الهندي المدعو راشد الإماراتي، الذي حاول أن يبعد آية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا...) عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، حسدا لما خصه الله ورسوله به..

وكان مما ذكروه في نقاشهم كلام ابن كثير في تفسيره، وتصحيحه للحديث الذي يؤيد أنها نزلت في علي عليه السلام، وقول ابن كثير عن سنده (لا يقدح به).

فحرف النواصب قوله فجعلوه (لا يفرح به) وبقيت النسخ الأخرى شاهدة على تحريفهم!!


الصفحة 419
بل يشهد عليه أن عبارة (لا يفرح به) لم يستعملها أحد من المحدثين أبدا، وإنما هي من ابتكارات النواصب في تحريفاتهم!

وقد رأيت من المناسب أن أفتح موضوعا لنقدم فيه نماذج من تحريفاتهم لتفسير ابن كثير!!

وأبدأ بنموذج في تفسير آية المودة في القربى، حيث نقل القسطلاني في إرشاد الساري في شرح البخاري قطعة عن ابن كثير، وعندما قايستها بما هو مطبوع في تفسيره، وجدت فيها عدة تحريفات منكرة!!.

- قال القسطلاني في إرشاد الساري ج 7 ص 330:

باب قوله تعالى: إلا المودة في القربى، أي أن تودوني لقرابتي منكم، أو تودوا أهل قرابتي...

ثم ذكر القسطلاني قول ابن عباس، وقال: فحمل الآية على أن توادوا النبي صلى الله عليه وسلم من أجل القرابة التي بينه وبينكم، فهو خاص بقريش. ويؤيده أن السورة مكية...

وأما حديث ابن عباس أيضا عند ابن أبي حاتم... فقال ابن كثير:

إسناده ضعيف فيه متهم...

ولا ننكر الوصاة بأهل البيت واحترامهم وإكرامهم، إذ هم من الذرية الطاهرة التي هي أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخرا وحسبا ونسبا، ولا سيما إذا كانوا متبعين السنة الصحيحة، كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه، وعلي وآل بيته وذريته، رضي الله عنهم أجمعين، ونفعنا بحبهم.

انتهى.


الصفحة 420
فانظروا إلى تفسير ابن كثير المطبوع لتروا أن النواصب خانوا الأمانة العلمية، وحرفوا عباراته بضعة تحريفات، وحذفوا منه عبارات المدح لأهل البيت عليهم السلام، وهذا أمر مطرد في جميع مجلداته.

ويمكن للباحث أن يقايس بين ما نقله عنه شراح البخاري وغيره، وبين ما هو مطبوع، ليضع يده على فضيحة ضخمة ارتكبها أتباع ابن تيمية!!

* *

وكتب (الموسوي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 1 - 2 - 2000 الخامسة مساء موضوعا بعنوان (لا تشتروا الطبعات السعودية فهي مزورة. هدية للأخ العزيز بيروتي). قال فيه:

وأنا في طور إعداد موضوع حول موارد من التحريف التي نالت صحاح أهل السنة وكتبهم الحديثية، كنت أفكر مع نفسي في مدى تصديق الآخرين لما سأستنتجه، فإن هذا أمر ثقيل لا يمكن للعامة من أهل السنة أن يصدقوا به، فهو يعني مساسا بنزاهة علمائهم، وهو يعني أيضا فتح باب لا يمكن إغلاقه يشكك في كل ما عندهم بإمكانية التحريف فيه والتلاعب به.

وسأقدم لهذا بقصة سمعتها من العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي ينقلها عن الدكتور صادق آينه وند (وهو دكتور إيراني متخرج من جامعة دمشق، وأظن أنه لا يزال يسكن في الشام) وقد سمعها بدوره من مسؤول في المكتبة الظاهرية بدمشق الغنية بالمخطوطات، حيث أنه كان يلعن ناصر الدين الألباني، وقد شرح موقفه هذا بالقول:

(بما أنه كان شخصية معروفة فقد استغل موقعه فترة تواجده في دمشق، وكان يذهب إلى قسم المخطوطات الذي لا يسمح للدخول فيه إلا للنادر من

الصفحة 421
الأفراد، وكان يقوم خلسة بتمزيق بعض الصفحات التي لا تعجبه مضامينها، وما أكثر الكتب المخطوطة التي مزق صفحاتها، فلا بارك الله فيه).

كيف سيصدق العوام من أهل السنة هذه القصة ولا يعدونها من مفتريات الشيعة؟ بل كيف سيصدقون التزوير في كتب قد مات مؤلفوها قبل عشرة قرون؟ إذ كلما ازداد الفاصل الزمني بيننا وبين من ينسب إليهم التزوير كان وقع الاستنتاج أثقل وأصعب، والكثير يميل إلى إحسان الظن بالغير، ويقول لعل من تأخر قد جنى على من سبقه! فنحن نعيش في هذا العصر افتراءات على أشخاص ونعرف كذبهم فكيف سنصدق بعض الأمور المشينة التي تنسب إلى علماء مضوا قبل قرون؟؟!

ولكن ما أن وقعت عيني على كتاب (نصيحة لإخواننا علماء نجد) من تأليف يوسف بن السيد هاشم الرفاعي الكويتي (الذي قدم له الدكتور محمد سعيد البوطي، وهو من مطبوعات (دار اقرأ) في دمشق، وقد طبع منه ألفا نسخة في طبعته الأولى عام 1420 هـ - 2000 م) حتى رأيت فيه ضالتي المنشودة التي تجعل التصديق بالتحريف والتزوير أسهل، فها نحن نعيش في القرن العشرين حيث عصر الاتصالات والانفتاح، وهؤلاء الوهابية عاكفون على تحريف كتب التراث وكتب علماء أهل السنة، وما سأنقله عبارة عن مقطع من الكتاب حيث وجه فيه مؤلفه الرفاعي (وهو من أهل السنة) رسالة إلى علماء نجد ينصحهم فيها تصحيح مواقفهم، وقد بلغت عدد فقرات الكتيب 57 فقرة، والفقرة السادسة والعشرون عنونها باسم (تزوير التراث)، وإليكم ما قاله:


الصفحة 422
26 - تزوير التراث: دأبتم على أن تحذفوا ما لا يعجبكم ويرضيكم من كتب التراث الإسلامي التي لا تستطيعون منع دخولها المملكة لأن عامة المسلمين يحتاجون إليها، وفي هذا اعتداء شرعي وقانوني على آراء المؤلفين من علماء السلف الصالح الذين لا يستطيعون مقاضاتكم في الدنيا بل عند الديان في الآخرة... ومما حذف أو غير وزور:

1 - كتاب (الأذكار) للإمام محيي الدين النووي وذلك في طبعة (دار الهدى) بالرياض سنة 1409 هجرية بتحقيق عبد القادر الأرناؤوط الشامي، استبدل (ص 295) عنوان فصل في زيارة قبر الرسول (ص) بعنوان:

فصل في زيارة مسجد رسول الله (ص) مع حذف عدة أسطر من أول الفصل وآخره، وحذف قصة العتبي التي ذكرها الإمام النووي بكاملها.

وهذا اعتداء جائر على المؤلف وكتابه، ولما روجع المحقق أجاب بأن وكلاءهم هم الذين غيروا وبدلوا، ولدي صورة بخط يده بذلك.

2 - حذفت عبارات لا تعجبكم من حاشية الصاوي على تفسير الجلالين.

3 - حذف الفصل الخاص بالأولياء والأبدال والصالحين من حاشية (ابن عابدين الشامي) في الفقه الحنفي.

4 - حذف الجزء العاشر من الفتاوى لابن تيمية وهو الخاص بالتصوف في طبعتكم الأخيرة للفتاوى.

5 - حاول الشيخ ابن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد (سابقا) أن يستدرك على ما لا يعجبه في كتاب (فتح الباري بشرح البخاري) للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني فأصدر مع معاونيه (ثلاثة أجزاء) ثم توقف عن التعليق. وقد فتح باب شر بهذه التعليقات.


الصفحة 423
6 - فسح إلى أبي بكر الجزائري بأن يعمل تفسيرا للقرآن الكريم يكون بديلا ومنافسا لتفسير الجلالين، ولبس على الناس أنه هو ليتم ترويجه على العامة. المصدر السابق ص 52.

وسأواصل بإذن الله نقل بعض الفقرات المهمة الأخرى من الكتاب في مواضيع جديدة، ففي الكتاب العديد من النقاط التي تستحق النقل والإثارة.

أخي العزيز بيروتي: أرجو أن يكون هذا الموضوع مفيدا لموقع الوهابية، كما أرجو أن تسعوا إلى اقتناء الكتاب (نصيحة لإخواننا علماء نجد) من دار اقرأ في دمشق - شارع مسلم البارودي - بناء فندق سلطان - رقم الهاتف:

2239031 فاكس: 2248243 - ص. ب 5957 وإنزال الكتيب كاملا في موقع الوهابية.

علما بأن يوسف الرفاعي لديه كتاب آخر نافع في هذا المجال اسمه (الرد المحكم المنيع).

كما أرجو أن لا تحرمنا أخي العزيز المزيد من مواضيعكم القيمة مثل موضوع هل أوصى أبو بكر لعمر.

* *

وكتب (بيروتي) بتاريخ 2 - 3 - 2000 السابعة مساء:

أساليب متعددة لتحريف الحقائق. السيد محمد الكثيري.

الحديث عن التحريف السلفي للتراث الإسلامي حقيقة موضوعية لا غبار يحجب رؤيتها. ولكي يصار إلى معالجة هذه الظاهرة الخطيرة المستفحلة في تاريخ الإسلام المعاصر، ويأخذ أبناء الصحوة الإسلامية حذرهم، ليعيش من عاش على بينة.


الصفحة 424
فما أكثر التزييف والتحريف وقلب الحقائق في هذه الحضارة الغربية المهيمنة.

لكن الأمر هنا خطير جدا لا يمكن أن يتغافل أو يسكت عنه، لأنه يتعلق بالدين والعقيدة. وسنحاول أن نذكر بعضا من أساليبهم في التحريف وقلب الحقائق. مع إيراد الأمثلة على ذلك من خلال إنتاجهم الفكري وسلوكهم الدعوي العملي. وأول ما يلاحظه المرء وهو يقرأ كتبهم وهم يردون على خصومهم، طعنهم في الأحاديث التي يرويها خصومهم ويعتمدونها في معتقداتهم.

وهذا الطعن يكاد يكون منصبا على السند، فترى الكاتب السلفي يهرع إلى كتاب الجرح والتعديل ليؤكد أن فلانا الراوي مطعون وقد قدحه رجال الجرح والتعديل. ويورد أقوالهم فيه. مع العلم - وهذا حاصل - أن المحقق السلفي، يغض طرفا نهائيا عن أقوال المدح والتعديل التي قد توجد لنفس الراوي.

ولكن لما كان الغرض هو الإسقاط، فإنه لا يأتي بما يدل على خلافه.

علما بأن أقوال علماء الجرح والتعديل قد تختلف وتتناقض في وصف شخص أو راو وبالتالي لا يمكن الجزم النهائي بعدم عدالته. حتى يصار إلى رفض الحديث أو تضعيفه.

الطعن في السند:

ويجب أن نشير هنا إلى ملاحظة وحقيقة تاريخية مهمة وهي أن أغلب علماء الجرح والتعديل قد كانوا حنابلة أو ممن يتعاطف مع عقائد الحنابلة وآرائهم الفقهية.


الصفحة 425
وعليه فلا بد من وضع علامة استفهام كبيرة حول الاستنجاد بكتب الجرح والتعديل، ونخص بالذكر ميزان الاعتدال للذهبي والذي يكثر السلفيون الاستشهاد به.

كما يجب أن نعرف أن هذه الطريقة لو طبقت على مجمل الأحاديث المروية عن الرسول (ص) فستجد أنه من النادر أن نحصل على حديث يسلم رواته جميعا من القدح والجرح أو إشكال ما آخر. ولو اتبع أصحاب المذاهب الفقهية والأصولية هذا الأسلوب وعملوا به بصرامة ودقة لانهارت الكثير من قواعدهم المذهبية في الأصول والفروع.

أما إذا أخذنا بهذا الأسلوب وعالجنا به، ومن خلاله، الأحاديث التي بنى عليها السلفيون عقائدهم فلن يبقى للسلفيين مستمسك من حديث أو تفسير يمكنه أن يشكل عمودا فقريا لمذهبهم.

فمعتمداتهم الحديثية موصوفة بأنها واهية ومكذوبة عن الرسول (ص)، خصوصا ما جاء منها عن متأسلمة اليهود والنصارى. لأنهم كانوا يتكلمون عن معتقداتهم وليس عن عقائد الإسلام.

وهذا الأسلوب في التركيز على السند وقدحه يلجأون إليه كثيرا وهم يخاصمون الشيعة الإمامية ويردون عليهم، خصوصا عندما يستند هؤلاء إلى ما رواه أصحاب السنن والصحاح من أحاديث تصب في تأييد عقائد الإمامية.

الترجيح دون مرجح:

ويتفرع عن هذا الأسلوب طريقة الاستدلال وإيراد الأحاديث التي يكون في سندها ضعف حقا، وعدم ذكر الأحاديث الأخرى في نفس الموضوع والباب.


الصفحة 426
وقد يكون الحديث ضعيفا بلفظ معين لكنه يروى بلفظ آخر صحيح وسنده قوي. وقد أشار الدكتور البوطي لهذه الطريقة حين علق على تضعيف الشيخ ناصر الدين الألباني (سلفي كبير معتمد في تحقيق الأحاديث، وولاؤه لأبناء عبد العزيز) لحديث رواه بلفظ معين. يقول البوطي: (وإنما هو ضعيف بهذا اللفظ فقط، أما أصل الحديث فقد رواه البخاري بطريق صحيح ... وإذا كان للحديث الواحد طريقان فلا ينبغي الاقتصار وتخريجه على ذكر الضعيف منهما لما فيه من الإيهام) (اللامذهبية، ص 163 ).

والحقيقة أن هذا ليس إيهاما فقط إنما تحريفا (كذا) وكتما للحق. ولعل الشائع لديهم اليوم هو انتقاء الأحاديث الخاصة التي تدعم مذاهبهم الفروعية والأصولية. وعدم الذكر أو التعرض لغيرها لدرجة تجعل القارئ لا يعلم بوجود سوى ما ينشرونه في كتبهم. وانظر مثلا عندما يتكلمون عن صفة صلاة النبي (ص) فإنك لن تجد حديثا يخالف ما عليه المذهب الحنبلي، وإن كان صحيح السند عند غيرهم، بل ذكرته الصحاح لدى أهل السنة والجماعة.

وإذا ما تم ذكر بعضها أو التعرض له، فلأجل الطعن في سنده وتجريح رواته.

لا شك أنه سيطول بنا المقام، لو أردنا أن نأتي بالأمثلة على كل ما ذكرناه من كتب السلفية. فالمهم عندنا أن يعلم القارئ هذا الأسلوب. ويعرف خلفيته ونتائجه. ففي أغلب الأبواب والمواضيع التي ينتصر السلفية فيها لرأي مخصوص أو عقيدة متميزة تجد عشرات الأحاديث والنصوص التي تخالف ما يذهبون إليه، وهذه النصوص تكون في الغالب على الأعم صحيحة. لذلك

الصفحة 427
حذار أن يصار إلى اعتبار عدم إيرادها من طرف هؤلاء الدعاة، عدم وجودها بالمرة. فهذا تجاوز وقفز على الحقائق. ولقد سمعنا شيخ السلفية الكبير (ابن تيمية) قبل قليل وهو يدعي عدم وجود أي نص أو قول يؤول في الصحابة وآيات الصفات. ولما رجعنا إلى أقرب تفسير وجدنا العكس تماما.

التحريف المباشر للنصوص والأقوال:

ومن الأساليب التحريفية الأخرى التي يستخدمها دعاة السلفية اليوم بكل وقاحة وتجني (كذا) على العلم والحقيقة. وتحريفهم نصوص وأقوال علماء الإسلام فقد يعمدون وهم في مقام الاستدلال على فكرة أو اعتقاد معين، إلى إيراد أقوال العلماء وخصوصا ذوي الشهرة العلمية منهم ويجعلونها بمثابة استشهادات داعمة ومقوية لما يريدون إيصاله للقارئ. ولما يراجع المحقق هذا النقل يجد أن هؤلاء الأئمة المنقول عنهم بريئون مما نسب إليهم. وأن ما فعله دعاة السلفية هو التحريف المباشر لكلامهم. بالحذف أو التقديم والتأخير.

على وزن من يستدل على عقاب المصلين بقوله تعالى (فويل للمصلين)، وقد كشف الدكتور البوطي وهو يناقش بعضهم حول: دعوى تحريم التقليد التي يدعون إليها اليوم ويستدلون عليها بألف دليل ودليل على أنهم تصرفوا في نصوص للشاطبي وابن حزم، واقتطفوا من كلامهما بطريقة فجة غير علمية ما نصروا بهم دعوتهم. مما يجعل القارئ يعتقد بأن علماء الإسلام مجمعون على هذا الأمر.

يقول البوطي بعد ما أورد كلامهم وكيفية نقلهم عن الأئمة وما حذفوه من كلامهم وما أثبتوه:) لا بد أن نتوجه إلى من لا يزال يثق بهذا الرجل (ناصر الدين الألباني) وبطانته، من جماعات المسلمين ومثقفيهم سائلين

الصفحة 428
ومستفسرين: ما حكم من يعمد إلى مثل هذه العبارة لأحد المؤلفين: (فما ذهب إليه ابن حزم حيث قال إن التقليد حرام و... إنما يتم فيمن له ضرب من الاجتهاد) فيحذف ما الموصولة من صدر العبارة ويحذف خبرها الآتي من ورائها ثم يأخذ حشو هذه العبارة وحدها مستشهدا بها عازيا إياها لذلك المؤلف ليعزز بها دعواه؟!.. وقد رأيت فيما مضى صنيعه المشابه لهذا بكلام الشاطبي رحمه الله.

ويضيف الدكتور قائلا: لو كان جهلا - وما هو بجهل - لقلنا: هي زلة وسيتعلم الرجل بعدها. ولو كان سهوا - وما هو بسهو - لقلنا ما أعجبه صدفة! سهو وجاء على قدر المدعي تماما!!

ونعود فنسأل هؤلاء الإخوة: ما هو حكم الله فيمن ينطق نصوص المؤلفين بعكس ما قالوا كي يوهموا الناس بأن لهم مستندا على صدق دعاويهم؟ ما هو حكم الإسلام فيمن يفعل ذلك؟ (2) ولكن الدكتور لا يجرؤ على وصفهم بالكذب، وتحريف تراث المسلمين لكن يتمنى لو لم يحشر في هذه الزاوية الضيقة: يقول " كان بوسعي أن أضرب صفحا عن كشف هذا التزييف العجيب والخطير، وأن أمر من جنب هذا اللغو بترفع وإعراض.. ولكن أمانة الله والعلم والخلق تدعوني إلى أن أنبه جماعات المسلمين إلى هذا الصنيع العجيب الذي يتلبس به من يدعون الناس إلى اتباعهم، وإلى ائتمانهم على دينهم، ورواية الأحاديث عن نبيهم، وقد أكون متجنيا في كلامي هذا، فليعمد القراء إلى كتاب (حجة الله البالغة) في المكان والصفحة المشار إليهما ثم ليأخذوا كتاب (المذهبية المتعصبة في البدعة)

الصفحة 429
(الرد السلفي على البوطي) وليفتحوا صفحة 287 وليقرأوا ثم ليقارنوا... ثم ليأخذوا من ذلك العبرة التي ينبغي أن يأخذها أي عاقل.

الغاية تبرر الوسيلة:

ولقد أثبت الدكتور في أكثر من موقع كذب بعض دعاة السلفية الكبار وتحريفهم في النقول بشكل مباشر وصريح. وكأنهم يؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة. فما داموا وصلوا إلى الحق، فلا مانع من الكذب على العلماء وتزوير كلامهم ليتماشى مع دعاويهم. والغريب هنا حقا، هو استشهادهم بقول عالم أو فقيه في مسألة معينة واعتماد هذا القول والاستشهاد به. في الوقت نفسه الذي يكون السلفيون قد حكموا على نفس العالم أو الفقيه بالضلال والكفر. لأنه معطل أو أنه يختلف معهم في مسألة عقائدية. وقد شكا الدكتور البوطي كذلك من كذبهم عليه وهو حي يرزق. كما أثبت كذب المعصومي الكاتب السلفي على الدهلوي (1).

الحذف والتحوير عند النقل:

ويتكلم السيد الميلاني وهو يناقش كتاب (المرتضى) لأبي حسن الندوي السلفي الهندي المعاصر، عن تحريف وتحوير معتمد في النقل عند الاستدلال.

فالكاتب الندوي ينقل عن ابن كثير ويقول قال ابن كثير. ولما يدقق الباحث الميلاني في هذا النقل يقول: (إلا أننا لما راجعنا الجزء والصفحة المذكورتين وجدنا عنوان ابن كثير هكذا: فصل في مواخاة النبي صلى الله عليه وآل وسلم بين المهاجرين والأنصار. ولم نجد فيه هذا النص المذكور من المؤلف!!

ومن شاء فليراجع. النص هو (قال ابن كثير؟ آخى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبين سهل بن حنيف) (2).


الصفحة 430
وفي هذا الكتاب الذي كتبه المؤلف لغرض في نفسه، الكثير من التحويرات واللف والدوران الذي لا يعلم إلا الله سبحانه وتعالى الغرض منه.

فالعنوان المرتضى (أو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. ولكن ثلث الكتاب مدح وبيان مواقف رجال آخرين. وما تبقي ليس إلا إعادة كتابة بعض الأحداث المهمة في تاريخ الإسلام، وفقا لما يراه أتباع المذهب السلفي.

تنقية كتب التراث من النصوص والأحاديث المخالف للمذهب:

أما أخطر الطرق التي يسلكونها في عملية التحريف هذه، فهي محاولاتهم الجادة والمتكررة لتنقية كتب التراث الإسلامي من كل ما يخالف العقيدة السلفية. وبما أنهم يملكون الأموال الضخمة ويستطيعون إعادة طباعة هذه الكتب والمصادر، وشراء سكوت أصحاب المطابع. فإنهم خطوا خطوات مهمة في هذا المجال. وقد ظهرت هذه التنقية والغربلة لتراث المسلمين في أشكال متعددة منها:

1 - حذف الأحاديث غير المرغوب فيها من المصادر والكتب. وإعادة طبعها دون الإشارة إلى ذلك، وقد انتبه المحقق الكوثري وهو يراجع كتاب (الأسماء والصفات للبيهقي) إلى أن الحديث الذي ذكره أبو بكر الصامت الحنبلي وقال رواه عبد الله بن أحمد في السنة. قد اختفى من النسخة المطبوعة، ويقول الشيخ الكوثري (ولم أجده في المطبوع فلعل المشرفين على طبعه حذفوه استضعافا له) (3).

وإذا كان هذا الحديث أعدم لأنه يشنع عليه. فإن حديث (الدار) الذي رواه أغلب أهل السنن، ينتصر لعقيدة الإمامية الشيعة لذلك فقد اختفى من الطبعة الثانية من كتاب حياة محمد للدكتور محمد حسين هيكل. وقيل إن