(ومن المعلوم لمن له عناية بالقرآن أن جمهور اليهود لا تقول إن عزير (كذا) ابن الله، وإنما قاله طائفة منهم كما قد نقل أنه قال: فنحاص بن عازورا، أو هو وغيره!!
وبالجملة إن قائلي ذلك من اليهود قليل، ولكن الخبر عن الجنس، كما قال: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم، فالله سبحانه بين هذا الكفر الذي قاله بعضهم وعابه به. فلو كان ما في التوراة من الصفات التي تقول النفاة إنها تشبيه وتجسيم، فإن فيها من ذلك ما تنكره النفاة وتسميه تشبيها وتجسيما بل فيها إثبات الجهة وتكلم الله بالصوت وخلق آدم على صورته وأمثال هذه الأمور، فإن كان هذا مما كذبته اليهود، وبدلته كان إنكار النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، وبيان ذلك أولى من ذكر ما هو دون ذلك!!
فكيف والمنصوص عنه موافق للمنصوص في التوراة!! فإنك تجد عامة ما جاء به الكتاب والأحاديث في الصفات موافقا مطابقا لما ذكر في التوراة!!
وقد قلنا قبل ذلك إن هذا كله مما يمتنع في العادة توافق المخبرين به من غير مواطأة وموسى لم يواطئ محمدا ومحمد لم يتعلم من أهل الكتاب، فدل ذلك على صدق الرسولين العظيمين وصدق الكتابين الكريمين!!
وقلنا إن هذا لو كان مخالفا لصريح المعقول لم يتفق عليه مثل هذين الرجلين اللذين هما وأمثالهما أكمل العالمين عقلا، من غير أن يستشكل ذلك وليهما المصدق ولا يعارض بما يناقضه عدوهما المكذب، ويقولان إن إقرار محمد صلى الله عليه وسلم لأهل الكتاب على ذلك من غير أن يبين كذبهم، فيه دليل على أنه ليس مما كذبوه وافتروه على موسى، مع أن هذا معلوم بالعادة.
ما هو جنس القدح في عيسى ومحمد كان تواطؤهم على الكذب فيه ممكنا، فأما إذا قالوا: ما هو من جنس القدح في موسى فيمتنع تواطؤهم على ذلك في العادة، مع علمهم بأنه يقدح في موسى!! انتهى.
وواقع اليهود يفضح ابن تيمية:
قال الباحث الدكتور الشلبي في كتابه مقارنة الأديان ج 1 ص 267:
يروي التلمود: أن الله ندم لما أنزله باليهود وبالهيكل، ومما يرويه التلمود على لسان الله قوله: تب لي لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي. وليست العصمة من صفات الله في رأي التلمود، لأنه غضب مرة على بني إسرائيل فاستولى عليه الطيش، فحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية، ولكنه ندم على ذلك بعد أن هدأ غضبه، ولم ينفذ قسمه، لأنه عرف أنه فعل فعلا ضد العدالة. ويقرر التلمود: أن الله هو مصدر الشر كما أنه مصدر الخير...
وقال الدكتور الشلبي في ص 192 تحت عنوان: اليهود والألوهية عموما:
على أن مسألة الألوهية كلها، سواء اتجهت للوحدانية أو للتعدد، لم تكن عميقة الجذور في نفوس بني إسرائيل، فقد كانت المادية والتطلع إلى أسلوب نفعي في الحياة من أكثر ما يشغلهم، وإذا تخطينا عدة قرون فإننا نجد الفكر
نحن نؤمن بما في القرآن والسنة يا عاملي، فإن كان ما في التوراة المحرفة موافقا لما عندنا أخذنا به، لأنه أصلا من عندنا! هل فهمت؟.
(كنت فاكرهم نواصب طلعوا يهود...!) لا لوم عليكم بعد اليوم إذا طعنتم بأهل البيت عليهم السلام، وعلى رأسهم بطل الإنسانية الخالد علي بن أبي طالب، حيث أطار سيفه ذو الفقار برؤوس أسيادكم وحاخاماتكم في بدر وحنين، وخيبر والخندق... مساكين!
لقد شهد إمامك ابن تيمية بأن كل ما في التوراة من تجسيم فهو مطابق لما في (السنة)!! وهذا يعني أن كل ما يعارضه يجب رده، وهذا هو مسلككم عمليا، فأنتم تردون كل الأحاديث التي تنفي الرؤية بالعين، وتنفي تجسيم الله تعالى والشبيه له!! وتأخذون بما!! ثبت ذلك ولو كان ضعيفا، كحديث لقيط العقيلي في العماء، وحديث أم الطفيل عن معبودكم الشاب الأمرد، الأجعد الشعر، المدلل، اللابس نعلين من ذهب! وحديث الأوعال والأسد والثور التي تحمل عرشه، كما في التوراة، وحديث العرش وطقطقته وصريره وأزيزه، لأن خشبه جديد كخشب محمل الجمل الجديد! وحديث أنه يفضل من العرش أربع أصابع، حتى يقعد معبودكم فيها إلى جانبه من يحبه... إلخ.
فالتوراة في عقيدتكم هي الأساس يا مشارك، والسنة يجب أن تخضع لها!!
بل إنكم تردون آيات القرآن من أجل التوراة!!
وعندما لا تستطيعون تأويلها تستعينون بالطلمنكي وبيزيد بن هارون، كما استعنت أنت هنا لتفسير (تكالبت حججك) براشد الهندي، المسمى الإماراتي!! فحدثني بصراحة يا مشارك، عن نصوص التوراة التي أخذتم منها عقيدتكم، ودع عنك القرآن والسنة لأهلهما!!
كثير مما تتلبس به ليس مما نعتقد به ولم يثبت، ولكن أسلوبك قد تم فضحه سابقا، يا عاملي.
أولا: أول مرة أسمع بكتاب كهذا (العقل في فهم القرآن)! الأخ مشارك..
هل سمعت به من قبل؟ هل ثبت أن لابن تيمية كتاب (كذا) كهذا، حتى ندخل في النقاش أصلا؟
ليس لابن تيمية (رض) كتاب بهذا الاسم يا عاملي.. من من الناس لا يعرف كتب شيخ الإسلام الذي هدم دين اليهود كما هدم دين إخوانهم.
يبدو أن الكتاب من تأليف: جورج عبد السميع لنكون الطرسوسي ابن إليزبث الثالثة!!
الحمد لله أن كتاب إمامكم صار برأيكم مثل مؤلفات جورج، وإيتان، ونتنياهو، لأنه مفرط في أفكاره اليهودية!! إسألوا أهل الخبرة بكتب إمامكم، وتأكدوا من كتبه قبل أن تنفضحوا!.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أحسنت أيها العاملي، وجزاك الله خير الجزاء، وسدد الله رميتك، وجعلك ممن ينتصر به لدينه.
جائزة، لمن يعرف أي كتاب من كتب ابن تيمية جاء فيه هذا الاعتراف القنبلة!! ومن حققه من الوهابيين، وأين طبع؟!! وإذا عرفه مشارك المتخصص في كتب إمامه فجائزته أكبر!
(واسم الكتاب درء التعارض بين العقل والقرآن، وقد طبعوه في السعودية طبعة محققة باسم: العقل في فهم القرآن، وهو موجود في برنامج مجموعة كتب ابن تيمية!).
يبدو أنك تجحد ردود شيخ الإسلام ابن تيمية على المجسمين الأول من أجدادك الروافض كهشام بن عبد الحكم وغيرهم، فلا تفضح نفسك أكثر من هذا كما فضحناك سابقا في موضوع القفاري.
الثابت من كتب ابن تيمية جميعها أنه ينكر التجسيم يا عاملي، وأما دعواك وافتراءك أن ابن تيمية يثبت صحة ما في التوراة المحرفة إلا قصة عزير،
وأما هذه الروايات فأنت قبل غيرك تعرف أنها ضعيفة عندنا: (وحديث أم الطفيل عن معبودكم الشاب الأمرد الأجعد الشعر المدلل اللابس نعلين من ذهب! وحديث تحمل عرشه الأوعال والأسد والثور الذي هو في التوراة!
وحديث العرش وطقطقته وصريره وأزيزه، لأن خشبه جديد كخشب محمل الجمل الجديد! وحديث أنه يفضل من العرش أربع أصابع حتى يقعد معبودكم فيها إلى جانبه من يحبه.! إلخ). ولكن متى كان صاحب الهوى، منصفا؟
لقد نقلت لك من كتب ابن تيمية نصوصا فيها الكفاية لكل منصف!!
وأعيد لك هنا بعضها، وحكم عقلك، أو ليحكم بيننا ثالث!
ابن تيمية يصرح بأن الله تعالى جسم موجود في مكان وله أعضاء وله شبيه!!!
- قال في كتاب تلبيس الجهمية ص 624 - 626:
قلت: أبو عبد الله الرازي: من أعظم الناس منازعة للكرامية حتى يذكر بينه وبينهم أنواع من ذلك وميله إلى المعتزلة والمتفلسفة أكثر من ميله إليهم، وقال ليس في الحنابلة من أطلق لفظ الجسم. لكن نفاة الصفات يسمون كل من أثبتها مجسما بطريق اللزوم، إذ كانوا يقولون أن الصفات لا تقوم إلا بجسم وذلك أنهم اصطلحوا في معنى الجسم على غير المعنى المعروف في اللغة، فإن الجسم في اللغة هو البدن...
ومعبود ابن تيمية موجود في مكان معين من الكون!!!
- قال في كتيب الاستقامة ص 126: فإن عامة أهل السنة وسلف الأمة وأئمتها لا ينفون عنه الأين مطلقا!!! لثبوت النصوص الصحيحة الصريحة عن النبي (ص) بذلك سؤالا وجوابا، فقد ثبت في الصحيح عنه أنه قال للجارية: أين الله؟. قالت: في السماء. وكذلك قال ذلك لغيرها.
وقال له أبو رزين العقيلي: أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق عرشه على الماء، ومن نفى الأين عنه يحتاج إلى أن يستدل على انتفاء ذلك بدليل...!!
ونقول قد وردت الآثار الثابتة بإثبات لفظ المكان فلا يصح نفيه مطلقا، وزعم ابن تيمية أن النبي (ص) أقر عقيدة اليهود بالله تعالى وأخذ منهم!! -
وزعم ابن تيمية أن السلف كلهم مجسمة، مثله!!
- قال في منهاج السنة ج 2 ص 563:
فهذا المصنف الإمامي (يقصد العلامة الحلي في كتابه منهاج الكرامة، الذي ألف ابن تيمية منهاج السنة ردا عليه) اعتمد على طريق المعتزلة ومن تابعهم من أن الاعتماد في تنزيه الرب عن النقائص على نفي كونه جسما، ومعلوم أن هذه الطريقة لم (يرد) بها كتاب ولا سنة ولا هي مأثورة عن أحد من السلف، فقد علم أنه لا أصل لها في الشرع...!!
معبود ابن تيمية ليس جسدا، ولكنه جسم!!
- قال في تلبيس الجهمية ص 619: وقال بعضهم: قد قال الله تعالى:
(واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا) فقد ذم الله من اتخذ إلها جسدا والجسد هو الجسم فيكون الله قد ذم من اتخذ إلها هو جسم، فيقال له هذا باطل من وجوه: أحدها: أن هذا إنما يدل على نفي أن يكون جسدا لا على نفي أن يكون جسما، والجسم في اصطلاح نفاة الصفات أعم من الجسد...
معبود ابن تيمية ليس له كف ء ومثيل.. ولكن له شبيه!!!
- وقال في ص 543 منه:
وأما التمثيل فقد نطق القرآن بنفيه عن الله في مواضع كقوله: (ليس كمثله شئ) وقوله: (هل تعلم له سميا) وقوله: (ولم يكن له كفوا أحد) وقوله:
(فلا تجعلوا لله أندادا) وقوله: (فاعبدوه واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا) أي: نظيرا يستحق مثل اسمه، ويقال مساميا يساميه! انتهى!.
فهل يكفيك هذا يا مشارك؟ أم تريد أضعافه؟!!!
أما الأحاديث الضعيفة وغير المعقولة التي أقام عليها ابن تيمية عقيدته فهي كثيرة، وكلها صححها، ومنها حديث (العماء)، ومنها (خلق الله آدم على صورته) ومنها أحاديث العرش التي تشبه نصوص التوراة.. إلخ. فماذا تريد منها، حتى أخبرك في أي كتاب اعتمد عليه ابن تيمية؟!!!.
أعود فأقول: حكم عقلك، أو ليحكم بيننا ثالث!
أغلب ما ذكرته هنا يا عاملي هو من عقيدتنا الصحيحة التي نثبتها، ولنبدأ بالنقل الأول الذي نقلته (قال في كتاب تلبيس الجهمية ص 624 - 626):
قلت: أبو عبد الله الرازي من أعظم الناس منازعة للكرامية حتى يذكر بينه وبينهم أنواع من ذلك وميله إلى المعتزلة والمتفلسفة أكثر من ميله إليهم، وقال ليس في الحنابلة من أطلق لفظ الجسم. لكن نفاة الصفات يسمون كل من أثبتها مجسما بطريق اللزوم إذ كانوا يقولون أن الصفات لا تقوم إلا بجسم، وذلك أنهم اصطلحوا في معنى الجسم على غير المعنى المعروف في اللغة، فإن الجسم في اللغة هو البدن، فما المشكلة في هذا النقل عندك؟
ابن تيمية يذكر هنا رأي الرازي ورأي نفاة الصفات، وأنت على مذهب شيخك الحافظ المحدث السقاف تنسب هذا الكلام لابن تيمية لأنه نقله عنهم!
أهذا منطق يا عاملي؟ إذا استخدمنا هذا المنطق فنقول إنك أيضا تقول بهذا الكلام لأنك نقلت الكلام! هل توافقني في ضعف استدلالك بهذا الكلام ضد ابن تيمية؟
الحمد لله الذي كشف لي أنك لا تقوى لك!! وأنك اتهمت الشيعة بما تتصف أنت به! لقد حاولت الهروب من الاعتراف بالحق باستعمال التدليس!
فكان هروبك غاليا عليك!! فقد نسبت الكلام في إثبات الجسمية إلى الرازي، وجعلت ابن تيمية ناقلا له فقط!! مع أنك وكل من راجع الكتاب يعرف أن الرازي أورد وجوها عديدة في نفي الجسمية والصفات المادية لله تعالى.. وأن إمامك ابن تيمية حاول إبطالها وإثبات أنه جسم!!
انتهى.
أما كلام ابن تيمية الذي أردت تلبيسه علينا فهو في صفحة 625 من الكتاب المذكور، وهذا نصه:
قال الشيخ رحمه الله - يعني ابن تيمية - قلت: أبو عبد الله الرازي من أعظم الناس منازعة للكرامية حتى يذكر بينه وبينهم أنواع من ذلك، وميله إلى المعتزلة والمتفلسفة أكثر من ميله إليهم، وقال: ليس في الحنابلة من أطلق لفظ الجسم، لكن نفاة الصفات يسمون كل من أثبتها مجسما بطريق اللزوم، إذ كانوا يقولون أن الصفات لا تقوم إلا بجسم، وذلك أنهم اصطلحوا في معنى الجسم على غير المعنى المعروف في اللغة، فإن الجسم في اللغة هو البدن، وهم يسمون كل ما يشار إليه جسما، فيلزم على قولهم أن كل ما جاء به الكتاب والسنة وما فطر الله عليه عباده وما قاله سلف الأمة وأئمتها تجسيما، وهذا لا يختص بطائفة لا الحنابلة ولا غيرهم، بل يطلقون لفظ المجسمة والمشبهة على أتباع السلف كلهم. انتهى.
فاسمح لي أن أقول: إنك أردت أن تموه علينا (بدون خجل) وتريد أن تنسب عبارة ابن تيمية التي فيها إثبات أنه جسم إلى الرازي؟!!! والعجيب أنك ما زلت تتهم الشيعة بما هو فيك!!
صدقني كل يوم أزداد بأنكم لا عقل ولا نقل، وإنما عقنقل.
ذكر ابن تيمية: أن الرازي ونفاة الصفات يقولون: إن من أثبت الصفات فهو من المجسمة، ويرد ابن تيمية أن من أثبت الصفات ليس من المجسمة.
فالرازي يقول: أن من أثبت الصفات مجسم، وهو لا يثبت الصفات فهو ليس مجسم (كذا). وابن تيمية يقول: أن من أثبت الصفات ليس مجسما، فهو يثبت الصفات ولا يقول عمن أثبت الصفات أنه مجسم.
أسألك: هل الكلام الذي جعلته بين قوسين ونسبته إلى الفخر الرازي هو كلامه، وقد نقله ابن تيمية، أم هو كلام ابن تيمية نفسه؟!!!
أما الفخر الرازي فهو مثبت للصفات، لكنه ينفي تجسيم إمامك، وهو كبقية المسلمين يقول إن إثبات الصفات لله تعالى لا يستوجب إثبات الجسمية له!! فلماذا جعلت الرازي معطلا كالجهمية؟!!. انتهى فلم يجب مشارك!!.
رحم الله والديك يا عاملي، لقد بينته على حقيقته التي ينكرها!
أتحداك يا عاملي يا من تتهرب كثيرا وكثيرا، أن تثبت أن ابن تيمية أو أحدا من السلف يقول لفضة (كذا) (جسم) لله تعالى مع ذكر المصدر بالضبط لكتبه أو لمصدر من الصحاح عندنا... ثم يجب أن تعلم أن كثرة
اقرأ ما نقلته من كلام ابن تيمية من كتبه في موضوع خاص في هذا الموقع، ففيه تصريح بذلك في أكثر من مكان. وانظر بشكل خاص كتابه تلبيس الجهمية والعقيدة الحموية وكتابه درء التناقض.. فهي والحمد لله غنية بتجسيمه، ومحاولته رد أدلة الرازي والحلي وغيرهما على نفي الجسمية والأين والمكان والجهة والأعضاء، عن الله تعالى!!!
أحسنت يا عاملي.
ابن تيمية وأتباعه ينفون وجود المجاز في اللغة العربية!!
يزعم أتباع ابن تيمية أن الله تعالى جسم وله أعضاء وجوارح حقيقية!
ويفسرون آيات وأحاديث صفاته عز وجل بظاهر اللفظ الحرفي الحسي، فيقولون إن لله تعالى يدا، بل أيدي، وأعين، وأرجل!! لأنه تعالى قال (يد الله فوق أيديهم) وقال لموسى (فإنك بأعيننا)!! إلى آخره.. ولا يقبلون تفسير عامة المسلمين لليد بالقدرة والقوة والنعمة، لأن القرآن نزل بلغة العرب، واستعمل التعبيرات المجازية المتعارفة في لغتهم، بل في لغات العالم!!
وقد جرى حوارات متعددة مع علمائهم في هذا الموضوع.. وهذه نماذج منها:
من الواضح أن الأساس التنظيري الذي قام عليه مذهب المجسمة القدماء والجدد، هو مقولة: ضرورة حمل الألفاظ على ظاهرها، فهذه هي كل الأساس التنظيري لمذهبهم، وقد أخذوا هذا التنظير في فترة متأخرة من المذهب الظاهري الذي أسسه داود الأصفهاني، وروج له في المغرب وبقيت آثاره في مؤلفات ابن حزم الظاهري. وبما أن وجود التجسيم كأفكار ومذهب كان قبل المذهب الظاهري، فيكون الأساس العلمي الذي تبنوه لمذهبهم مولودا بعد المذهب! وبالتعبير العلمي (أساسا التقاطيا) شبيها بالمذهب الشيوعي الذي ولد أولا وتعصب له أتباعه، وبعد مدة تبنوا التنظير له بالمادية التاريخية (الديلكتيك) فالتقطوها وجعلوها (أساسا علميا) للشيوعية...
وهكذا يقرر ابن تيمية أن تشبيه الله تعالى بخلقه لا مانع منه! والتفسير بالتجسيم يجب أن يكتم!! وأن معبوده موجود في منطقة فوق السماء التي نراها، وأنه وجود مادي جالس على العرش، وأنه متناه من جهة تحت، أما من جهة فوق فليس فوقه شئ إلا الهواء! وأنه يتحرك وينزل بذاته إلى الأرض!
ولا يقول إنه يصعد كما قال أستاذه ابن خزيمة.. إلى آخر مقولاته الغريبة!
تعالى الله وتقدس عنها!!
قال الشيخ ابن باز في فتاويه ج 4 ص 382:
الصحيح الذي عليه المحققون (أي محققين يا شيخ؟!) أنه ليس في القرآن مجاز على الحد الذي يعرفه أصحاب فن البلاغة، وكل ما فيه فهو حقيقة في محله. انتهى.
وما أدري كيف يجرؤ عالم على إنكار وجود المجاز في القرآن، أي في اللغة العربية، التي نزل بها القرآن، ثم ينسب ذلك إلى المحققين الذين نرجوه أن يذكر لنا نصف واحد منهم!
بل كيف يستطيع أن يعيش مع الناس ومع عائلته إذا حمل كلامهم كله على الحقيقة، وماذا يفعل بمن يقول له: قرت عينك؟ فهل يفتي بجلده لأنه دعا عليه بسكون عينه والموت؟!!.... إلى آخر ما جاء في مقاله.
أخي العاملي: شيعة أبي ذر، أحفاد الشهيدين الأول والثاني، أحفاد شرف الدين والصدر، السلام عليكم جميعا.
ذكرت: (هل يقولون كما قال أكثر المسلمين: إن كلمة (وجهه) هنا مجازية بمعنى ذاته، أو بمعنى رسله وأوصيائهم؟ أم يصرون على أن معنى الوجه هو الوجه الحقيقي المادي ويلتزمون بأن كل الله تعالى يفنى ويهلك إلا وجهه؟!
سبحانه وتعالى عما يصفون هنا تقف سفينة الوهابيين وكل المجسمين، وتتعطل محركاتها بالكامل، وتعصف بهم العواصف، ويغرقون إلى الأذقان، ولكنهم مع ذلك يصرون على منطقهم مهما كانت النتيجة)!.
حصلت لي قصة وتحاورت مع أحد خريجي جامعة الإمام محمد بن سعود، وهو حاصل على درجة الدكتوراه في مسألة الصفات، وتمسك الرجل بحرفية القرآن والتجسيم، فألقيت عيه الآية المباركة (كل شئ هالك إلا وجهه) فكأنه لم يسمعها من قبل!! سكت الرجل ولم يتكلم!! قلت له: تصبح على خير، يا أخي، وغادرت المكان.
صفات معبود الوهابيين وإمامهم!!
- قال الشيخ ابن باز في فتاويه ج 4 ص 131:
التأويل في الصفات منكر ولا يجوز، بل يجب إقرار الصفات كما جاءت على ظاهرها اللائق بالله جل وعلا، بغير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وعلى هذا سائر أهل العلم من أصحاب النبي (ص) ومن بعدهم أئمة المسلمين كالأوزاعي والثوري ومالك وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق. انتهى.
وليت الشيخ ابن باز سمى لنا واحدا من الصحابة أجرى الصفات على ظاهرها الحسي، وليته ذكر نصا عن واحدا للتابعين أو تابعي التابعين الذين سماهم، فقد تتبعنا أقوالهم في الصفات فلم نجد فيها مسألة الحمل على الظاهر الحسي! إلا عند قدماء المجسمة من اليهود، مثل كعب الأحبار ووهب ومقاتل، ومن قلدهم!
وقد سأل أحد المسلمين مرجعهم في الحديث الشيخ ناصر الدين الألباني، السؤال التالي كما ورد في فتاوي الألباني ص 509:
سؤال: هل العقيدة التي يحملها السلفيون هي عقيدة الصحابة؟ وإن هناك من الناس من يزعم إن كانت عقيدة الصحابة فأتونا ولو بصحابي واحد يقول في الصفات نؤمن بالمعنى ونفوض الكيف.
جواب: هل هناك صحابي تأول تأويل الخلف، نريد مثالا أو مثالين؟!
استقر، وقال أبو عبيدة صعد، وأولت المعتزلة الاستواء بالاستيلاء، وأما أهل السنة فيقولون: الاستواء على العرش صفة الله بلا كيف، يجب على الرجل الإيمان به ويكل العلم فيه إلى الله. وسأل رجل مالك بن أنس عن قوله:
الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ فأطرق مالك رأسه مليا وعلاه الرحضاء ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا ضالا، ثم أمر به فأخرج. انتهى.
فانظر إلى جواب هذا العالم الوهابي لهذا السائل العادي، فهو يناقش سائله بأنك إن قلت لا يوجد صحابي حمل الصفات على الظاهر الحسي كالوهابيين، فإنه لا يوجد صحابي وافق مذهب المتأولين!.
وللسائل أن يجيبه: ما دام الصحابة لم يوافقوا الوهابيين ولا المتأولين، فالصحيح إذن هو مذهب التفويض؟!.
ثم كيف ينكر الألباني تأويل الصحابة كعائشة وابن عباس وابن مسعود، فضلا عن أهل البيت عليهم السلام، وتأويل التابعين الذي ذكرنا منه نماذج في المذهب الأول، ومنه تأويل أبي سعيد لنزول الله تعالى بنزول رحمته كما تقدم، وتأويل مالك لذلك بنزول أمره، كما سيأتي.
وأخيرا، لم يجد الألباني مؤيدا لمذهبه الوهابي إلا مقاتلا الفارسي المجوسي تلميذ اليهود المجسمين، وابن الكلبي المشهود عليه من الجميع بعدم الوثاقة!.
فانظر إلى بؤس هذا المذهب الذي يدعي أنه وارث السلفية وحامل رايتها والضارب وجوه المسلمين بسيفها، كيف فتش مرجعه في الحديث وبحث في المصادر وطرق أبواب السلف من الصحابة والتابعين، فلم يجد أحدا منهم
- وقال الألباني في فتاويه ص 516:
سؤال: هل أن مذهب السلف هو التفويض في الصفات؟.
جواب: قال ابن حجر العسقلاني وهو أشعري: إن عقيدة السلف فهم الآيات على ظاهرها دون تأويل ودون تشويش، إذا آمنا برب موجود لكن لا نعرف له صفة من الصفات... وحينئذ كفرنا برب العباد حينما أنكرنا الصفات بزعم التفويض. انتهى.
ويلاحظ أن سؤال السائل عن تفويض السلف، وينبغي أن يكون الجواب بذكر رأي أحد من السلف يفسر الصفات بالظاهر ولا يفوضها، ولو كان شخصا واحدا، ولكن الألباني لم يأت له بمثال من السلف، لأنه لا يوجد كما رأيت في نصوصهم!
وجاء بدل ذلك بشهادة ادعاها لأحد علماء خلف خلف الخلف، لأن ابن حجر متوفى سنة 582 ه يعني في أواخر القرن السادس!.
ثم من حقنا أن نطالب الألباني بنص شهادة ابن حجر ومصدرها؟؟! فقد ذكرها بلا مصدر وخلطها بكلامه!.
أما ابن حجر فرأيه مخالف لما ذكره عنه الألباني، ومعروف عنه حملته الشديدة على أجداد الألباني من الحنابلة المجسمين.
هذا عن أكبر عالمين عند الوهابيين في عصرنا!!
أما إمام الوهابيين محمد بن عبد الوهاب، فلم أطلع له على بحث معمق في التوحيد أو الصفات، وكتابه المسمى (التوحيد) يبدو أنه ألفه على عجل،
ولم أجد فيه حول الصفات إلا موردين فقط، ولكنهما كافيان لإثبات أنه يعتقد مادية معبوده، أعاذنا الله!.
المورد الأول في ص 130، ونذكر نصه كاملا لاختصاره، قال:
باب من جحد شيئا من الأسماء والصفات وقول الله تعالى: وهم يكفرون بالرحمن.. الآية، قال البخاري في صحيحة علي: حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله. وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس أنه رأى رجلا انتفض حين سمع حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات استنكارا لذلك فقال: ما فرق هؤلاء، يجدون رقة عند محكمه ويهلكون عند متشابهه. انتهى. ولما سمعت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الرحمن أنكروا ذلك، فأنزل الله فيهم (وهم يكفرون بالرحمن) فيه مسائل:
الأولى: عدم الإيمان بجحد شئ من الأسماء والصفات.
الثانية: تفسير آية الرعد.
الثالثة: ترك التحديث بما لا يفهم السامع.
الرابعة: ذكر العلة أنه يفضي إلى تكذيب الله ورسوله ولو لم يتعمد المنكر.
الخامسة: كلام ابن عباس لمن استنكر شيئا من ذلك وأنه أهلكه. انتهى.
ويبدو بالنظرة الأولى أن استشهاده بحديث علي عليه السلام، وحديث ابن عباس أمر عادي، ولكن المطلع على عقائد المجسمين واستدلالهم يطمئن بأنه
قال الذهبي في سيره ج 10 ص 602: فأما خبر أم الطفيل، فرواه محمد بن إسماعيل الترمذي وغيره: حدثنا نعيم، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال: أن مروان بن عثمان حدثه، عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل امرأة أبي بن كعب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه في صورة كذا، فهذا خبر منكر جدا، أحسن النسائي حيث يقول: ومن مروان بن عثمان حتى يصدق على الله!
وهذا لم ينفرد به نعيم، فقد رواه أحمد بن صالح المصري الحافظ، وأحمد بن عيسى التستري، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب، عن ابن وهب قال أبو زرعة النصري: رجاله معروفون.
قلت: بلا ريب قد حدث به ابن وهب وشيخه وابن أبي هلال، وهم معروفون عدول، فأما مروان، وما أدراك ما مروان؟ فهو حفيد أبي سعيد بن المعلى الأنصاري، وشيخه هو عمارة بن عامر بن عمرو بن حزم الأنصاري، ولئن جوزنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، فهو أدرى بما قال، ولرؤياه في المنام تعبير لم يذكره صلى الله عليه وسلم، ولا نحن نحسن أن نعبره، فأما أن نحمله على ظاهره الحسي، فمعاذ الله أن نعتقد الخوض في ذلك بحيث أن بعض الفضلاء قال: تصحف الحديث، وإنما هو: رأي رئية بياء مشددة، وقد قال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا
وما قاله الذهبي هو الذي يقصده إمام الوهابيين، فقد عقد الباب تحت عنوان (باب من جحد شيئا من الأسماء والصفات) ليقول: إن الإيمان بكل صفات الله تعالى واجب وإنكار شئ منها كفر، وبما أن عددا من صفات الله تعالى على مذهبه يلزم منها التجسيم، لذا تحدث عن وجوب كتمان ذلك إلا عن أهله، واستشهد بروايتين عن علي عليه السلام وابن عباس تجوزان كتمان هذا العلم!!.
وهو أيضا نفس ما قاله الذهبي عن (العلم المباح) أي المحظور، من تسمية الشئ بضده، ثم أفتى الذهبي بوجوب حصره بأهله وهم خواص العلماء بزعمه فقال: (والعلم المباح لا يجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء)!
وذلك شبيه بالعلم الذي يحصره اليهود والنصارى برؤساء الإكليروس أي كبار الكرادلة والحاخامات!!.
والنتيجة التي يهدفون إليها من توظيف هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وآله وعليا عليه السلام، وابن عباس، وأبا هريرة، كلهم مجسمون كالوهابيين وأنهم كانوا يكتمون صفات الله تعالى ويأمرون بكتمانها!!.
أما حديث أبي هريرة فقال عنه الناشر في هامش سير أعلام النبلاء في نفس الموضع: أخرجه البخاري 1 - 191، 192 (وفي طبعتنا ج 1 ص 8) في العلم: باب حفظ العلم، من طريق إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أخي، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم. قال الحافظ: وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه، ولا يصرح به خوفا على نفسه منهم، كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان، يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية، لأنها كانت سنة ستين للهجرة، واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة.
انتهى.
فقصد أبي هريرة بشهادة ابن حجر وشهادة النصوص الأخرى المشابهة والقرائن، أنه كان يكتم ما قاله النبي صلى الله عليه وآله في انحراف الأمة من بعده، وسبب كتمانه خوفه من السلطة! وأين هذا صفات الله الحسية إلا عن خواص العلماء كما زعموا؟!!
وأما حديث علي عليه السلام فقد علق عليه في هامش سير النبلاء أيضا بقوله: أخرجه عنه البخاري في صحيحه 1 - 199 (وفي طبعتنا ج 1 ص 41) في العلم: باب حفظ العلم، في العلم: باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا، من طريق عبيد الله بن موسى، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، عن علي. انتهى.
وهو يقرر قاعدة عامة هي أن التعليم والمخاطبة ينبغي أن يكونا متناسبين مع مستوى المخاطبين، ولا دلالة فيه ولا إشارة على ارتباطه بصفات الله تعالى أو بغيرها من المواضيع، وإن كنت أرجح أيضا أن معناه قريب من معنى الحديث المتقدم.. فمن أين حكموا أن عليا عليه السلام يقصد كتمان الصفات، وأنه كان وهابيا مجسما يكتم لوازم مذهبه عن المسلمين كما يفعلون!!
وأما حديث ابن عباس فقد تفرد به عبد الرزاق في مصنفه ج 11 ص 422 ولم أجده في أي مصدر غيره على كثرة ما راجعت، ورواه بعد حديث أبي هريرة في قصة المناظرة المزعومة بين الجنة والنار، قال:
عن معمر، عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وعرتهم؟ فقال الله للجنة: إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي، أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما ملؤها، فأما النار فإنهم يلقون فيها وتقول هل من مزيد، فلا تمتلئ حتى يضع رجله، أو قال قدمه فيها، فتقول: قط، قط، قط، فهنالك تملأ وتنزوي بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحدا، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها ما شاء.
أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس عن أبيه قال: سمعت
رجلا يحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة هذا، فقام رجل فانتقض، فقال ابن