انتهى ما في مصنف عبد الرزاق بلفظه، ولكن عبارة إمام الوهابية هي: (عن ابن عباس أنه رأى رجلا انتفض حين سمع حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات استنكارا لذلك فقال) وقصده بالصفات أن الرجل المستمع لم يؤمن بأن الله تعالى له رجل ويضعها في النار، واستنكر ذلك فوبخه ابن عباس! فمن أين له العلم بذلك، فقد يكون الرجل صحابيا جليلا استنكر على راوي الحديث هذا التجسيم، وقام من المجلس اعتراضا.
ثم إن قول ابن عباس مجمل لا يدل على أنه قصد بالهلاك ذلك الرجل الذي انتفض أو تأفف ونكت ثيابه، تبرأ! فقد يكون قصد بعض رواة الحديث.
وهل يستحق صحابي أو تابعي الحكم بالهلاك والكفر لأنه نهض ونكت ثيابه حتى لا يتحمل مسئولية حديث يراه كاذبا أو يشك فيه؟!
ثم إن عبارة ابن عباس التي في مصنف عبد الرزاق فيها كلمة (من) وليس فيها كلمة (رقة) التي نقلها إمام الوهابيين، ولو قلنا إن أصلها (يجدون رقة) لم يستقم المعنى أيضا، لأن مقتضى مقابلتها بقوله (ويهلكون عند متشابهه) أن يقول (يرقون عند محكمه) لا أن يقول: يجدون رقة عند محكمه.
كما أنه لا معنى مفهوما لقوله (ما فرق من هؤلاء) الخ. فإن في كلام ابن عباس تصحيفا وإبهاما.
ولكن مع ذلك ينبغي أن نشهد لإمام الوهابيين بأنه في هذا الموضوع أذكى من الذهبي، لأن حديث ابن عباس الذي استشهد به أكثر قربا من هدفه، وإن كان لا دلالة فيه عليه!
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والشجر على إصبع، والماء على إصبع، والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة) الآية. وفي رواية لمسلم والجبال والشجر على إصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك أنا الله، وفي رواية للبخاري (يجعل السماوات على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع) إلى آخره. انتهى. وراجع إن شئت في المجلد الثاني من العقائد الإسلامية روايات هذه القصة المزعومة التي تدعي أن أحد حاخامات اليهود علم نبينا صلى الله عليه وآله التجسيم!!
تبنى إمام الوهابية هذه الأحاديث وتعمق في الغوص على معانيها، واستخراج لآليها، فاستنبط منها تسع عشرة مسألة عقائدية، قدمها إلى المسلمين ليوحدوا الله تعالى على أساسها فقال: فيه مسائل:
الأولى: تفسير قوله: والأرض جميعا قبضته يوم القيامة.
الثانية: أن هذه العلوم وأمثالها باقية عند اليهود الذين في زمنه لم ينكروها ولم يتأولوها.
الرابعة: وقوع الضحك الكثير من رسول الله (ص) عنده، لما ذكر الحبر هذا العلم العظيم.
الخامسة: التصريح بذكر اليدين، وأن السماوات في اليد اليمنى والأرضين في الأخرى.
السادسة: التصريح بتسميتها الشمال.
السابعة: ذكر الجبارين والمتكبرين عند ذلك.
الثامنة: قوله: كخردلة في كف أحدهم.
التاسعة: عظمة الكرسي بنسبته إلى السماوات.
العاشرة: عظمة العرش بنسبته إلى الكرسي.
الحادية عشرة: أن العرش غير الكرسي والماء.
الثانية عشرة: كم بين كل سماء إلى سماء.
الثالثة عشرة: كم بين السماء السابعة والكرسي.
الرابعة عشرة: كم بين الكرسي والماء.
الخامسة عشرة: أن العرش فوق الماء.
السادسة عشرة: أن الله فوق العرش.
السابعة عشرة: كم بين السماء والأرض.
الثامنة عشرة: كثف كل سماء خمسمائة سنة.
التاسعة عشرة: أن البحر الذي فوق السماوات، بين أسفله وأعلاه مسيرة خمسمائة سنة. انتهى!
والنتيجة عنده: أن الله تعالى له يدان وأصابع بالمعنى المادي الحسي، وأن النبي صلى الله عليه وآله أقر هذا المعنى المادي ليدي الله تعالى وأصابعه ولم يتأوله، وأن الله تعالى موجود في منطقة فوق العالم على عرشه، وأن المسافة بيننا وبين (ذات الله) محددة بكذا سنة من السير، مشيا على الأقدام!!.
بل يمكن لنا بناء على رأي إمام الوهابية أن نحسب المسافة إلى عرش الله تعالى ومكان وجود ذاته والعياذ بالله، بالكيلومتر ونرسل إليها سفينة فضائية!!
ونترك الفتوى في ذلك إلى محدث العصر الشيخ ناصر الألباني!!!
ومن الطريف أن هذا الحديث الذي أقام عليه ابن عبد الوهاب توحيده، قد تضمنت رواياته أن عرش الله تعالى تحمله أوعال! وهو نسخة عما وصف اليهود به ربهم في التوراة المحرفة!.
من هذين النصين لإمامهم ابن عبد الوهاب والنصوص الكثيرة لأتباعه، يطمئن الباحث بأن مذهبهم في التوحيد هو نفس مذهب مجسمة اليهود، ثم مجسمة الحنابلة وابن تيمية والذهبي، فهم:
أولا: يرفضون التأويل لأنه لا مجاز بزعمهم في القرآن والسنة، فكل الألفاظ يجب أن تحمل على معناها اللغوي المادي ولا يجوز أن تحمل على معان مجازية، أو تؤول أو تشوش على حد تعبيرهم! فعندما يقول القرآن أو
- قال الشيخ ابن باز في فتاويه ج 4 ص 382: الصحيح الذي عليه المحققون (؟) أنه ليس في القرآن مجاز على الحد الذي يعرفه أصحاب فن البلاغة، وكل ما فيه فهو حقيقة في محله. انتهى. وما أدري كيف يجرؤ عالم على إنكار وجود المجاز في القرآن، أي في اللغة العربية، التي نزل بها القرآن، ثم ينسب ذلك إلى المحققين الذين نرجوه أن يذكر لنا نصف واحد منهم! بل كيف يستطيع إنسان أن يعيش مع الناس ومع عائلته إذا حمل كلامهم كله على الحقيقة، وماذا يفعل بمن يقول له: قرت عينك؟ فهل يسبه لأنه دعا عليه بسكون عينه والموت؟!
وغاية ما وصلت إليه أساليبهم الجدلية في الاستدلال على نفي المجاز في القرآن ما تقدم من كلام ابن تيمية، ومفاده أن ظاهر الآية إن كان غير مراد فهو باطل، ولا يجوز أن نقول إن ظاهر القرآن باطل، فلا بد أن يكون مرادا!!
ولكنها مغالطة مكعبة، في معنى الظاهر، ومعنى البطلان، ومعنى الوجود في القرآن! ذلك لأنا بقولنا ظاهر الآية غير مراد نكون نفينا هذا المعنى عن القرآن فكيف يكون موجودا فيه؟! ولأن الباطل هو تصورنا الخاطئ لمعنى الآية وليس شيئا موجودا في القرآن.
ولأن الظاهر المنفي بقرينة لفظية أو عقلية لا يبقى ظاهرا، بل يصير خيالا، بل إن الظاهر الحقيقي للكلام هو المعنى المتبادر المستقر، أما الظاهر بنظرة أولى الذي يزول بالقرينة، فهو كالفجر الكاذب الذي ما يلبث أن يزول ويعم
ولكن المسكونين بالظاهر الحسي والفهم المادي يستعملون لإثبات مزاعمهم الجدل المكعب، بل قد يستعملون المسدس!
ثانيا: أنهم يحرمون السكوت عن تفسير هذه الصفات وتفويض أمرها إلى الله تعالى، لأن ذلك يؤدي بزعمهم إلى التعطيل والإلحاد، وقد تقدم قول ابن تيمية (فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد)!
وهذا معناه أنهم يحرمون أي تأويل أو تفسير معنوي لآيات الصفات، ويحرمون تفويضها أيضا ويوجبون على المسلمين تفسيرها بالمعنى الحسي المادي!
وهذا الإصرار العجيب يفتح على الوهابيين بابين كبيرين من الإشكالات:
الباب الأول: باب الآيات والأحاديث التي تخالف مذهبهم فعندما يلتزمون بوجوب التفسير بالظاهر وحرمة التأويل، ويفسرون قوله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)، بأن الله وجود منظور مرئي تنظر إليه العيون وتراه، فمن حقنا أن نسألهم: ماذا تصنعون بمثل قوله تعالى: (لا تدركه الأبصار)، وقوله تعالى: (لن تراني)، وقوله تعالى: (ليس كمثله شئ)؟
ولكنهم يجيبونك بأن المسألة سهلة، لأنا نتحول هنا إلى متأولين ولكن بطرق ملتوية لا يكون فيها ممسك علينا بأنا صرنا متأولة، فنؤول كل ما يخالف مذهبنا بغير ظاهره، ونحرم تفسيره بالظاهر! فنقول إن الأبصار لا تدركه، يعني لا تحيط به، أو لا تدركه لصغر حجمنا وكبر حجمه، فلا
وإذا قلت لهم: إذا فسرتم قوله تعالى: استوى على العرش، بأن الله تعالى موجود جالس على العرش، فماذا تصنعون بقوله تعالى: وهو معكم أينما كنتم؟ فإن هذه الآية تنقض مقولتكم بأنه تعالى موجود في مكان محدد من الكون، وتدل على أن وجوده من نوع آخر غير نوع الكون! بل كما قال علي عليه السلام: مع كل شئ لا بملابسة، وغير كل شئ لا بمباينة.
فيقولون لك: المسألة سهلة، نهرب من الاعتراف بالمعية ومن تأويلها معا، ونتهم الذين يحتجون بها بأنهم ينكرون علو الله تعالى على عرشه ويريدون إثبات سفوله.. وهذا ما فعله مفتيهم الشيخ ابن باز فقال في فتاويه ج 2 ص 89:
والذي عليه أهل السنة في ذلك أن الله سبحانه موصوف بالمعية على الوجه الذي يليق بجلاله، مع إثبات استوائه على عرشه وعلوه فوق جميع خلقه وتنزيهه عن مخالطته للخلق، ولما كانت الجهمية والمعتزلة يحتجون بآيات المعية على إنكار العلو ويزعمون أنه سبحانه بكل مكان، أنكر عليهم السلف ذلك وقالوا: إن هذه المعية تقتضي علمه بأحوال عباده واطلاعه عليهم، مع كونه فوق العرش. انتهى.
وقد تعلم ابن باز من الذهبي وابن تيمية فأول صفة المعية بالعلم، وحمل مسؤولية تأويلها للسلف حتى لا يسجل أحد عليه أنه صار متأولا، ثم برر تأويل السلف بأنهم اضطروا إلى ارتكاب التأويل الحرام، ليردوا على الذين أنكروا علو الله تعالى وأرادوا إثبات سفوله!!
وهكذا حل ابن باز مشكلة الآية فلم تمس يده التأويل، بل وجد شخصا يؤول له وارتضى تأويله والحمد لله، وهو الطلمنكي!.
ثم أيد فتواه بالإجماع الذي نقله الطلمنكي على أن جميع المسلمين من أهل السنة يعتقدون بأن الله تعالى وجود محسوس قاعد فوق عرشه! أي كما يقول اليهود بلا أدنى فرق!
وإذا تكلم الطلمنكي الذي قدمه الشيخ ابن باز إلى العالم الإسلامي فعلى الجميع أن يقبلوا ويسكتوا ويغمضوا عيونهم عن جميع الآيات والأحاديث، وآراء جميع العلماء وألوف المصادر!!.
والباب الثاني من الإشكالات أكبر وأعظم، وهو باب التجسيم: فعندما يقولون: إن الله تعالى له يد وعين ووجه، وهو جالس على عرشه بهذه الصفات المادية، فقد جعلوه جسما وصاروا عابدين لجسم!.
تقول لهم: ما دمتم رفضتم التأويل، والتفويض، والمجاز، وأوجبتم التفسير بظاهر اللغة الحسي، فقد وقعتم في التشبيه والتجسيم، شئتم أم أبيتم!
يقولون: لا، نحن مصرون على تفسير صفات الله تعالى بالمعنى الظاهري الحسي، وفي الوقت نفسه نرفض التجسيم الذي تقولون إنه يلزم من هذا التفسير، لأن الله تعالى ليس كمثله شئ!.
تسألهم: بالله عليكم أرشدونا كيف تؤمنون برب جالس على كرسي وله يد ورجل ووجه وعين، وينزل إلى السماء الدنيا بذاته، ويفرح ويضحك ويغضب، وخلق آدم على صورته فهو على صورة آدم... إلى آخر الصفات التي تعدونها، وكل ذلك بالمعنى الظاهر الحسي، ثم لا يكون شبيها بالموجودات المادية المحسوسة المحدودة بزمان ومكان!!.
يقولون لك: الأمر سهل، نضيف إلى كل صفة عبارة (كما يليق بجلاله) فنقول: له عين بالمعنى المادي الظاهر، ولكن ليست مثل عيون مخلوقاته، بل كما يليق بجلاله! وله يد ورجل ووجه، وكلها بالمعنى الظاهر الحسي، ولكن ليست مثل جوارحنا، بل كما يليق بجلاله!
وهكذا يتصورون أن حل الإشكالات العلمية والفلسفية يتم بمسحة المسيح بقولهم كما يليق بجلاله، كما حلوا التأويل بالطلمنكي! ولكن أي جلال أبقوا لمعبودهم الذي جعلوا له أعضاء مادية، وجعلوه محدودا بزمان ومكان وحركة، بل قالوا: إنه يفنى إلا وجهه؟! سبحانه وتعالى عما يصفون.
محاولاتهم إخفاء عقيدتهم في تجسيم معبودهم!
روى ابن خزيمة في كتابه التوحيد ص 225 - 230:
عن عبد الله بن الحرث قال: اجتمع ابن عباس وكعب فقال ابن عباس:
إنا بنو هاشم نزعم أو نقول: إن محمدا رأى ربه مرتين، قال فكبر كعب حتى جاوبته الجبال! فقال: إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى صلى الله عليهما وسلم!. انتهى.
ومن الواضح أن تكبير كعب الأحبار (حتى جاوبته الجبال)! يدل على أن إثبات رؤية النبي صلى الله عليه وآله لربه كان مطلبا مهما عند كعب، وأنه كان يبحث عمن يوافقه عليه ولا يجد.. فلما وافقه ابن عباس كما تزعم الرواية، صرخ بصوت عال من فرحه، لأن ذلك يوافق مصادره اليهودية في تجسيد الله تعالى، وجلوسه على عرشه، ونزوله إلى الأرض، ومصارعته ليعقوب! إلى آخر افتراءات اليهود على الله تعالى!!.
ويؤيد ذلك أن السهيلي روى هذا الحديث في الروض الأنف ج 2 ص 156 عن كعب وليس عن ابن عباس.
وقد اشتغل الوضاعون بوضع أحاديث التجسيم، لأن الدول كانت تشجعها! واعترفت مصادر الجرح والتعديل بوضع عدد كبير منها!.
أحاديث التجسيم والتشبيه دسها في لحيته مجوس عبادان!
قال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج 3 ص 15: حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي قال: كان حماد بن سلمة لا يعترف بهذه الأحاديث، أي في الصفات، حتى أخرج مرة إلى عبادان فجاء وهو يرويها، فسمعت عباد بن صهيب يقول: إن حمادا كان لا يحفظ، وكانوا يقولون: إنها دست في لحيته. وقد قيل: إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه. انتهى.
وأنكر الإمام مالك كل أحاديث التشبيه والتجسيم!
قال الذهبي في سيره ج 8 ص 103: أبو أحمد بن عدي: حدثنا أحمد بن علي المدائني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن جابر، حدثنا أبو زيد بن أبي
لم يزل عاملا لهؤلاء حتى مات. انتهى.
وهذا النص يدل بوضوح على أن الحكام الأمويين كانوا يتبنون أحاديث الرؤية والتجسيم، وأن الإمام مالك ذم الراوي بأنه كان عاملا مطيعا لهم حتى مات.. فأحاديثه ليست حجة لأنه كان موظفا ينشر أحاديث الدولة!!
وقد حاول الذهبي تمييع إنكار مالك، فاتهمه بالجهل بالأحاديث! مع أنه أقدم من كل أصحاب الصحاح! قال الذهبي بعد ما تقدم: قلت: أنكر الإمام ذلك، لأنه لم يثبت عنده ولا اتصل به فهو معذور، كما أن صاحبي الصحيحين معذوران في إخراج ذلك، أعني الحديث الأول والثاني لثبوت سندهما، وأما الحديث الثالث فلا أعرفه! انتهى.
تريد أن تثبت شيئا على كعب من خلال حديث، ثم تقوم بتضعيف الحديث وتبقي الاستدلال على كعب، فهنيئا لك عقلك، ولكني سامحتك في الدقيقتين التي استغرقتها في قراءة دررك وافتراءاتك، ولكن لم أجد حكاية أخرى من حكايات ألف ليلة وليلة، فلماذا!؟
إنما أوردت حديث كعب، لأنه ثبت عندي أن ابن عباس كان ضد التجسيم، وكان ينفي رؤية النبي صلى الله عليه وآله لربه بالعين. والرواية التي يصححها إمامك ابن خزيمة ليست صحيحة، وإن كنت تقبل تصحيحاته فاقبل حكمه عليك بالضلال، لأنك تقول إن الضمير في (صورته) عائد إلى الشخص المشتوم الذي قال له النبي صلى الله عليه وآله: (لا تقبح صورته فإن الله خلق آدم على صورته) أي على صورة من تقبح وجهه، لا على صورة الله سبحانه.
ثم ما رأيك بتكذيب الإمام مالك لكل أحاديث الرؤية والتجسيم؟
لماذا قفزت عن ذلك؟!
من أين أخذت من كلامي ما قولتني به، أيها الكذاب؟
إنها التقية التي تشنع بها على الشيعة!
والحمد لله أنه اضطرك لأن تستعملها في معبودك!!!.
أحسنت يا عاملي.
هذا ما قاله ابن تيمية، أيها الكذاب:
على صورته ليس في الصحيح، فهذا من أبين الباطل، فإن اللفظ الذي في الصحيح من غير وجه: على صورته، وأما قوله: على صورة الرحمان فيروى عن ابن عمر، وفيه كلام قد ذكرناه مع ما قاله عامة طوائف الناس، في هذا الحديث في غير هذا الموضع، ويشتمل على أمور باطلة، وهي في أنفسها مخالفة للشرع والعقل، مثل ما فيه من أن ملكا من الملائكة وهو العقل الفعال مبدع لجميع ما تحته من المخلوقات، أو أن الملائكة يسمونها العقول والنفوس أبدع بعضها بعضا، أو أن عالم الشهادة هو المحسوسات، وعالم الغيب المعقولات، أو أن تفسير القرآن هو مثل تعبير الرؤيا، وأمثال ذلك).
ارجع لكتاب بغية المرتاد لتجد التفصيل هناك، فكيف تفتري علينا، ألا تعلم عاقبة الكذب، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار!
أولا: هذب لسانك، وصحح العبارة التي نقلتها عن ابن تيمية وانقلها كاملة، قبل أن أنقلها أنا!.
ثانيا: إن ابن تيمية، وابن باز، والألباني، صححوا رواية: (على صورة الرحمن)!! فإن كنت تخالفهم، فالحمد لله..
وإليك هذه الهدية اليهودية الأب والأم من عقائد إمامك، حيث يدافع عن تجسيم اليهود ويقول إن الله تعالى لم يعب عليهم تجسيمهم فهو حق! بل عاب عليهم فقط قولهم إن عزيرا ابن الله، وهو قول جماعة قليلة منهم!!
قال ابن تيمية، في كتابه العقل في فهم القرآن ص 89:
ومن المعلوم لمن له عناية بالقرآن أن جمهور اليهود لا تقول إن عزير (كذا) ابن الله، وإنما قاله طائفة منهم كما قد نقل أنه قال فنحاص بن أزورا، أو هو وغيره. وبالجملة إن قائلي ذلك من اليهود قليل، ولكن الخبر عن الجنس كما قال: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم. فالله سبحانه بين هذا الكفر الذي قاله بعضهم وعابه به. فلو كان ما في التوراة من الصفات التي تقول النفاة: إنها تشبيه وتجسيم، فإن فيها من ذلك ما تنكره النفاة وتسميه تشبيها وتجسيما، بل فيها إثبات الجهة، وتكلم الله بالصوت، وخلق آدم على صورته، وأمثال هذه الأمور، فإن كان هذا مما كذبته اليهود وبدلته، كان إنكار النبي صلى الله عليه وسلم لذلك وبيان ذلك أولى من ذكر ما هو دون ذلك، فكيف والمنصوص عنه موافق للمنصوص في التوراة، فإنك تجد عامة ما جاء به الكتاب والأحاديث في الصفات موافقا مطابقا لما ذكر في التوراة!!! انتهى.
فهل رأيت أنه يعتبر كل أنواع التجسيم الموجودة في التوراة حقا!! ما عدا أن عزيرا ابن الله! ويزعم أن النبي صلى الله عليه وآله قد أقر ذلك؟!!.
يا مشارك بالله عليك، هل تعرف نسب ابن تيمية، وإلى أي قبيلة عربية ينتمي، أريده منك بسند صحيح! وأعرف أنك لا تجيب!!!.
لماذا تتهرب من النقاش أيها الحبر الأعظم؟ هل تريدنا أن نبدأ بالصفات؟
توحيد الألوهية؟ لا يخلو منه مكان!! حدد نقطة للنقاش، ولا تهرب كعادتك.
بارك الله فيك أيها الأخ العاملي.
كنت فاكرهم نواصب من قبل. الجماعة طلعوا يهود!! سبحان الله.
ويقولون: الشيعة تأخذ من اليهود!!! وابن تيمية يقول (والمنصوص عنه موافق للمنصوص في التوراة، فإنك تجد عامة ما جاء به الكتاب والأحاديث في الصفات موافقا مطابقا لما ذكر في التوراة)!
يظهر أنه دارس للتوراة بشكل مستفيض!!.
هذه عبارة ابن تيمية التي بترها مشارك وزعم أن إمامه لا يصحح حديث:
(على صورته)!!.
قال ابن تيمية في بغية المرتاد ص 214: قلت: ليس المقصود هنا الكلام المفصل على ما في هذا الكلام وأمثاله، فإن علماء المسلمين قد بينوا من ذلك ما فيه كفاية، وقد تكلمنا في غير هذا الموضع على ما شاء الله تعالى من ذلك... والكلام الجملي. إلخ.
إن ابن تيمية هنا في معرض رد من يضعف (على صورته)، ويشهد لذلك أنه صححه في مواضع عديدة من كتبه!
فانظر إلى مشارك (الثقة الأمين) كيف حور كلام إمامه ووصل موضوعا بموضوع ليوهمنا أن ابن تيمية يضعف رواية (على صورته!!) وفي أسوأ الحالات، فابن تيمية تكلم هنا بما يشعر التضعيف، ولكنه صححه دائما وبنى عليه عقائده، فهل أن مشاركا لا يعرف ذلك؟!!
ونقول: بعض الناس يكذبون، وعيونهم من زجاج لا تنكسر!!
أحسنت أيها العاملي، وشدد الله وطأتك على هذا المتغطرس أمام الحقائق!
ولم يزعجني منه تهريجه وتخريفه، وإنما أزعجني تربيته وتأديب من أدبه على هذا الخلق الرفيع!
فإذا خاطب الرجال قال كذاب.. منافق، ودون أن يحير جوابا صادقا!!
يا عاملي حتى لا أتهمك بما أنت أهله من الكذب، أثبت لي بالكتاب والجزء والصفحة تصحيح ابن باز، والألباني، وابن تيمية، لحديث صورة الرحمن، وشرحهم له.
رأيت طلبك وسوء أخلاقك في وقت متأخر، فخذ إليك - فعلا - رأي إمامك ابن باز، والرأي المضاد له لإمامك المجسم الكبير ابن خزيمة..
ويصلك الباقي إن شاء الله تعالى.. ولا ينفع معك لا دليل ولا حسن أخلاق، فأسأل الله أن يؤدبك بما أنت أهله:
- قال ابن باز في فتاويه ج 4 ص 368، فتوى رقم 2331:
سؤال 1: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (ص) أنه قال: (خلق الله آدم على صورته ستون ذراعا)، فهل هذا الحديث صحيح؟
رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم. وهو حديث صحيح، ولا غرابة في متنه فإن له معنيان (كذا):
الأول: أن الله لم يخلف آدم صغيرا قصيرا كالأطفال من ذريته، ثم نما وطال حتى بلغ ستين ذراعا، بل جعله يوم خلقه طويلا على صورة نفسه النهائية طوله ستون ذراعا.
والثاني: أن الضمير في قوله (على صورته)، يعود على الله، بدليل ما جاء في رواية أخرى صحيحة (على صورة الرحمن) وهو ظاهر السياق، ولا يلزم على ذلك التشبيه، فإن الله سمى نفسه بأسماء سمى بها خلقه ووصف نفسه بصفات وصف بها خلقه، ولم يلزم من ذلك التشبيه، وكذا الصورة، ولا يلزم من إتيانها لله تشبيهه بخلقه، لأن الاشتراك في الاسم وفي المعنى الكلي لا يلزم منه التشبيه فيما يخص كلا منهما، لقوله تعالى (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير). انتهى.
وهكذا تقول فتوى الشيخ ابن باز بأن آدم على صورة الله تعالى، والله على صورة آدم، وأن هذا ليس تشبيها أبدا أبدا!!
ويمكنك يا مشارك أن تفتي بمثلها، فتنفي شخصا عن أولاد آدم فتقول: إن فلانا على صورة آدم، وآدم على صورته، ولكنه لا يشبه آدم أبدا أبدا!!
إن أصل مشكلة الوهابيين أنهم مضطرون في إثبات مذهبهم إلى قلب معاني كلمات اللغة العربية!
فالأمر دائر عندهم بين أن يقلبوا ألفاظ اللغة، أو ينقلب مذهبهم!!
ويا لبؤس مذهب إذا اعتدلت الكلمات انقلب، وإذا انقلبت معانيها اعتدل
قصة حديث (فإن الله خلق آدم على صورته)!!
روت العامة، أن النبي صلى الله عليه وآله سمع شخصا يقول لآخر: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فقال له: لا تقبح وجهه، فإن الله خلق آدم على صورته. وقد تمسك بعضهم بهذا القول وزعم أنه موافق لما عند اليهود من أن الله تعالى خلق آدم على صورته، وأنه تعالى على صورة البشر!
أما نحن، فروينا عن أئمتنا عليهم السلام أن مقصود النبي صلى الله عليه وآله: أن صورة أخيك هي الصورة التي اختارها الله تعالى لأبيك آدم عليه السلام، فلا تقبحها. فالضمير في (صورته) يرجع إلى المشتوم، لا إلى الله تعالى.
وقد وافقنا عدد من علماء السنيين في تفسير الحديث، ومن أشهرهم ابن خزيمة المجسم المحبوب عند ابن تيمية، صاحب الهجوم على عائشة لنفيها رؤية الله تعالى، الذي يسمونه إمام الأئمة، لأنه أستاذ البخاري ومسلم وغيرهم!!
قال في كتابه التوحيد طبعة مكتبة الكليات الأزهرية ص 37:
قال أبو بكر (يعني بذلك نفسه) توهم بعض من لم يتحر العلم أن قوله:
على صورته يريد صورة الرحمن، عز ربنا وجل عن أن يكون هذا معنى الخبر، بل معنى قوله: خلق آدم على صورته، الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم المضروب والمشتوم، أراد صلى الله عليه وسلم أن الله خلق آدم على صورة هذا المضروب الذي أمر الضارب باجتناب وجهه بالضرب، والذي قبح وجهه فزجره صلى الله عليه وسلم أن يقول: ووجه من أشبه وجهك، لأن وجه آدم شبيه وجه بنيه، فإذا قال الشاتم لبعض بني آدم: قبح الله وجهك
وقد رويت في نحو هذا لفظة أغمض معنى من اللفظة التي ذكرناها في خبر أبي هريرة، وهو ما حدثنا يوسف بن موسى، قال: ثنا جرير، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقبحوا الوجه، فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن، وروى الثوري هذا الخبر مرسلا غير مسند، حدثناه أبو موسى محمد بن المثنى، قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن عطاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقبح الوجه، فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن، قال أبو بكر: وقد افتتن بهذه اللفظة التي في خبر عطاء عالم ممن لم يتحر العلم، وتوهموا أن إضافة الصورة إلى عبد الرحمن في هذا الخبر من إضافة صفات الذات، فغلطوا في هذا غلطا بينا، وقالوا مقالة شنيعة مضاهية لقول المشبهة، أعاذنا الله وكل المسلمين من قولهم.!
والذي عندي في تأويل هذا الخبر إن صح من جهة النقل موصولا فإن في الخبر عللا ثلاثا، إحداهن: أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده، فأرسل الثوري ولم يقل عن ابن عمر، والثانية: أن الأعمش مدلس، لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت، والثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضا مدلس، لم يعلم أنه سمعه من عطاء. فإن صح هذا الخبر مسندا بأن يكون الأعمش قد سمعه من حبيب بن أبي ثابت، وحبيب قد سمعه من عطاء
والدليل على صحة هذا التأويل أن أبا موسى محمد بن المثنى قال: ثنا أبو عامر عبد الملك ابن عمر قال: ثنا المغيرة وهو ابن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله آدم على صورته، وطوله ستون ذراعا). الخ.
انتهى كلام ابن خزيمة!
ونحن نقبل منه تأويله لهذا الحديث لأنه موافق للمنطق ومذهبنا، لكن الوهابيين تبنوا نص الحديث الذي فيه (على صورة الرحمن) ونسبوا إلى
انتهى.
ومع أن الشيخ مشارك هو الذي طلب رأي ابن تيمية وابن باز في الحديث المزعوم، لكنه غاب هو ومشاركوه! ولم يجيبوا بشئ..
على عادتهم، عندما يحشرهم الحق!.
تورط ابن تيمية في القول بقدم العالم مع الله تعالى!!
من كلام شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى:
1) فكان ما احتج به أئمة الفلاسفة على قدم العالم لا يدل على قدم شئ من العالم، بل إنما يدل على أصول أئمة السنة والحديث المعتنين بما جاء به الرسول وكان غاية تحقيق معقولات المتكلمين والمتفلسفة، يوافق ويعين ويخدم ما جاءت به الرسل، ومن لم يقل بذلك من المتكلمين بل قال: بامتناع دوام الحوادث لم يكن عنده فرق بين قبوله لها وقدرته عليها، وكان قول الذين قالوا من هؤلاء بأنه يتكلم بمشيئته وقدرته كلاما يقوم بذاته، أقرب إلى المعقول والمنقول ممن يقول أن كلامه مخلوق، أو أنه يقوم به كلام قديم، من غير أن يمكنه أن يتكلم بقدرته أو مشيئته وكل قول يكون أقرب إلى المعقول والمنقول، فإنه أولى بالترجيح مما هو أبعد عن ذلك من الأقوال، والله تعالى أعلم [ ج 6 ص 283 ].
2) ومن هنا يظهر أيضا أن ما عند المتفلسفة من الأدلة الصحيحة العقلية فإنما يدل على مذهب السلف أيضا، فإن عمدتهم في قدم العالم على أن الرب لم يزل فاعلا، وأنه يمتنع أن يصير فاعلا بعد أن لم يكن، وأن يصير الفعل ممكنا له بعد أن لم يكن، وأنه يمتنع أن يصير قادرا بعد أن لم يكن، وهذا وجميع ما احتجوا به إنما يدل على قدم نوع الفعل، لا يدل على قدم شئ من العالم لا فلك ولا غيره [ 6 - 300 ].