البابا لا يحب القرآن لأنه ليس فيه تجسيم ابن تيمية!
البابا في عصرنا يصر على التجسيم وينتقد التوحيد عند المسلمين!!
ويبحث عن (إله) مثل معبود ابن تيمية!! حبذا لو أجابه الشيخ مشارك!
جاء في كتاب (العبور إلى الرجاء، للبابا يوحنا بولس الثاني):
والعبور إلى الرجاء هو التسجيل الكامل لأول وأشمل حوار مع البابا للصحافي الإيطالي الكبير فيتوري ميسوري، لمناسبة ذكرى مرور خمس عشرة سنة على اعتلائه السدة البابوية. قال في الكتاب المذكور:
بين (خلفاء القديس بطرس) يظهر أمام آلات التصوير والتسجيل ليجيب على أسئلة ترك اختيارها لمبادرة حرة من قبل صحافي. وبعدما حصر البث بالمحطة الأولى ليلة الذكرى، عرضت تلك المقابلة في كبريات المحطات العالمية.
ويروي فيتوري ميسوري قصة المقابلة التي تمت بعدما قدم عشرين سؤالا خطيا تشمل مختلف الموضوعات والقضايا الكبرى، وتلقى مخطوطة الأجوبة عليها من مكتب البابا في نهاية شهر نيسان 1994. كما أن البابا وضع عنوان هذا الكتاب بنفسه.
الوثيقة:
نقتطف هنا جواب الحبر الأعظم على سؤالين، يتصل أولهما بالعلاقة مع الدين الإسلامي، في حين يتصل الثاني بعلاقة المسيحية بالدين اليهودي، وقد
السؤال الأول: ما الفرق بين إله المسلمين وإله المسيحيين؟
الجواب: لا شك في أن القارية مختلفة عندما يتعلق الأمر بالكنيس والمسجد حيث مجتمع الذين يعبدون الإله الواحد. نعم، صحيح ما تقوله، فالأمر يختلف في ما يتعلق بهاتين الديانتين التوحيديتين، بدء بإسلام.
ففي الاعلان المجمعي (في عصرنا) الآنف الذكر، يمكننا أن نقرأ ما يأتي (وتنظر الكنيسة أيضا بتقدير إلى المسلمين الذين يعبدون الله الواحد، الحي القيوم، الرحمن القدير، الذي خلق السماء والأرض)، إن المؤمنين بالتوحيد هم بنوع خاص الأقرب إلينا. أتذكر حدثا من أحداث شبابي يوم كنا نزور دير القديس مرقس في فلورنسا، فقد وقفنا مندهشين معجبين أمام جدرانيات فردا انجليكو. في تلك الأثناء انضم إلينا رجل راح يشاطرنا إعجابنا بذلك الراهب والفنان العظيم، غير أنه ما لبث أن أضاف: ولكن ما من شئ هنا يبلغ مدى جمال توحيدنا الإسلامي! لم يمنعنا ذلك التصريح من أن نكمل زيارتنا رفقة ذلك الرجل، وأن نتابع معه نقاشا وديا.
لقد تذوقت سلفا في تلك المناسبة ما يمكن أن يكون عليه الحوار بين المسيحية والإسلام والذي حاولنا أن نطوره منهجا منذ المجمع.
من يطالع القرآن، وكان ملما بالعهدين القديم والجديد يتبين له جليا ما وقع فيه للوحي الإلهي من اختزال. ومن المستحيل ألا يلحظ عدم مقاربة ما قاله الله عن ذاته بلسان الأنبياء أولا في العهد القديم، ثم وبشكل نهائي بواسطة ابنه في العهد الجديد. الغني الذي يتجلى في كشف الله لذاته، والذي يشكل تراث العهدين القديم والجديد، كل ذلك قد تغاضى عنه الإسلام!!
ليس الإسلام دين فداء، فلا مجال فيه للصلب! يذكر عيسى، ولكن ليس إلا بوصفه نبيا، يمهد لخاتمة جميع الأنبياء محمد. كذلك ورد ذكر السيدة مريم البتول، ولكن لا ذكر لمأساة الفداء. لذلك تختلف نظرة الإسلام عن المسيحية، لا على الصعيد اللاهوتي فحسب، بل أيضا على الصعيد الإنتروبولوجي.
بيد أن التدين الإسلامي يستحق كل تقدير، فلا يمكننا مثلا إلا نعجب بالأمانة على الصلاة. إذ أن الذي يسمي الرب (الله) يجثو على ركبته غير آبه بالزمان أو بالمكان، مستغرقا في الصلاة مرات عديدة في النهار. هذه الصورة تبقى نموذجا لمن يعترفون بالله الحق، وبخاصة لأولئك المسيحيين الذين يهجرون كاتدرائياتهم الرائعة ويصلون قليلا، أو لا يصلون مطلقا. انتهى.
أقول: السبب في تهمة البابا للإسلام بأنه اختزل التصور الذي قدمته كتب اليهود والنصارى عن الله تعالى، بل بيت القصيد عنده وإشكاله الأساسي على الإسلام: أن القرآن يقرر أن الله تعالى ليس كمثله شئ، وأنه غير متجسد في وجود مادي في السماء أو الأرض، وبتعبيره لكنه في النهاية إله متعال عن العالم، ذو جلال، لا (إلهنا معنا عمانوئيل). ولكن الظاهر أن البابا لم يقرأ البخاري وكتب ابن تيمية!! ليرى أن ما يريده من نزول الله تعالى وصعوده وتجسده موجود فيها، وأن هذا البلاء الذي ابتلى به اليهود والنصارى، قد سرى إلى أمتنا الإسلامية!!.
اليهود والنصارى كفار يا عاملي. ولكن الجهمية والحلولية أشد كفرا منهم، فتأمل!
ليس كلامنا في الجهمية والحلولية، بل في البابا الذي يريد معبودا مجسما، كما يقول عمانوئيل!!! فقدم له معبود إمامك ابن تيمية، فقد يعجبه فيصير معك، أو تصير معه يا مشارك!!.
ليس عندنا إلا ما في كتاب الله وسنة رسوله يا عاملي، واطرح موضوعك عن الصفات وسترى من يعرف الله، ومن يعرف العدم. انتهى.
وهكذا أبى مشارك أن يدخل في بحث الصفات مقارنة بما عند البابا، لأن صفات معبوده عين ما يطلبه البابا!! ولأن البابا أخذ توحيده من اليهود، وابن تيمية أخذه منهم أيضا!!
الفصل السادس
تناقضات ابن تيمية وأتباعه في التوحيد والصفات!
عناوين المواضيع:
تناقضات ابن تيمية وأتباعه في التوحيد والصفات!
الأخ العزيز العاملي أعزه الله وأدام توفيقه.
ما هو رأيكم بعلم السيد السقاف؟ حيث أجد جنابكم تهتمون بكتاباته ومؤلفاته. والسلام عليكم.
الأخ عرفج المحترم، بعد السلام عليكم، العلامة حسن السقاف حافظ وباحث على المذهب الأشعري، الذي يمثل أكثرية المسلمين في العالم.. وأتباع ابن تيمية يرددون دائما أنهم يمثلون المسلمين وأهل السنة والجماعة! والسلف الصالح!!.
وأبحاث السقاف ردود تخصصية عليهم، تظهر أمرين مهمين:
الأول: أنهم لا يمثلون السلف ولا أهل المذاهب السنية حتى الحنابلة، بل هم امتداد لخط ضعيف في تاريخ المسلمين بدأ بكعب الأحبار ووهب بن منبه، ثم نما في عهد بني أمية، ثم التف أفراده حول مذهب الإمام أحمد بن حنبل وعرفوا فيما بعد بمجسمة الحنابلة! ثم كاد وجودهم ينتهي فأحياه ابن تيمية!
الثاني: أن فكرهم العقائدي والفقهي لا يقوم على منهج وأصول مدونة مستدل عليها.. بل هو مذهب عقيدي وفقهي التقاطي تكثر فيه التناقضات..
والشيخ سفر الحوالي في كتابه (منهج الأشاعرة) مثل لواحد من علمائهم الكذابين. (راجع ما كتبه العاملي بتاريخ 21 - 8 - 1999 تحت عنوان:
السقاف يفضح المستوى العلمي لإمامهم الشيخ سفر الحوالي).
تناقضات الألباني وابن تيمية!
اطلعت على موضوع كتبه السقاف، في تناقضات الألباني مع إمامه ابن تيمية! وهو أمر لم يجرأ عليه أحد من أتباع ابن تيمية قبله!
وبما أن مسائل العقيدة ليست كمسائل الفقه التي لا يضر اختلاف المجتهدين فيها.. فإن على أتباع الإمامين ابن تيمية والألباني، أن يحددوا موقفهم ويأخذوا بعقيدة الإمام القديم أو الإمام الجديد! وأن يفسروا سبب هذه الجرأة الألبانية على إمامهم السوري!
في ما يلي نص رسالة (البشارة والاتحاف بما بين ابن تيمية والألباني في العقيدة من الاختلاف):
أما بعد: فهذه رسالتنا المسماة ب (النقول الواضحة الجلية في عرض إنكار الألباني في العقيدة على ابن تيمية) أعرض فيها بعض ما وقفت عليه من مسائل عقائدية في التوحيد وقع الخلاف فيها بين ابن تيمية والألباني بشكل
وكان السبب في تأليفها أنني التقيت بشاب ألباني المشرب فقال لي: لماذا تخالف الإمام ابن تيمية في بعض مسائل العقيدة وتشنع عليه؟!
فقلت له: هذا السؤال يجب أن توجهه إلى شيخك الألباني قبل أن توجهه لي، فإنه هو من جملة المشنعين والرافضين لبعض عقائد ابن تيمية في مسائل عديدة، ربما لو جمعها الإنسان زادت على مائتي مسألة!
فقال: معقول؟! يا ليتني أقف عليها.
فقلت له: أنا أكتب لك رسالة في بعضها، ثم أتفرغ بإذن الله تعالى لتجميعها كلها ووضعها في كتاب كبير، أعرض لك فيه جميع المسائل العقائدية التي وقع الخلاف فيها بين مثل ابن تيمية وابن القيم والشوكاني ومن يقلدهم، أو كان على مشربهم كالألباني وبعض من يدعي السلفية!!
هداهم الله تعالى إلى الحق وإلى الطريق المستقيم....
(قول ابن تيمية بقدم العالم بالنوع!)
1 - فصل في عرض الخلاف الواقع بين ابن تيمية والألباني في قضية قدم العالم بالنوع وحوادث لا أول لها وهي من مسائل أصول الاعتقاد.
ذكر ابن تيمية في عدة مواضع من كتبه بأن الحوادث لا أول لها مع كونها مخلوقة لله تعالى!! من تلك المواضع الكثيرة قوله:
1 - في (موافقة صحيح منقوله لصريح معقوله) على هامش (منهاج سنته 1 - 245) ما نصه: (قلت: هذا من نمط الذي قبله، فإن الأزلي اللازم هو نوع الحادث لا عين الحادث) انتهى.
3 - وقال ابن تيمية أيضا في (موافقة صحيح منقوله لصريح معقوله 2 - 75) ما نصه: (وأما أكثر أهل الحديث ومن وافقهم فإنهم لا يجعلون النوع حادثا بل قديما) انتهى.
قلت: وقد أثبت العلماء ذلك على ابن تيمية (1) ومنهم الحافظ ابن حجر في (شرح صحيح البخاري) (13 - 410) إذ قال عند ذكره لحديث (كان الله ولا شئ معه) ما نصه: (وهو أصرح في الرد على من أثبت حوادث لا أول لها من رواية الباب، وهي من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية، ووقفت في كلام له على هذا الحديث يرجح الرواية التي في هذا الباب على غيرها مع أن قضية الجمع بين الروايتين تقتضي حمل هذه على التي في بدء الخلق لا العكس، والجمع يقدم على الترجيح بالاتفاق) انتهى من ( الفتح) فتأمل.
هامش:
(1) ولا يمكن التفلت من هذا الأمر أو إنكاره وقد بسطناه بسطا موسعا في رسالتنا (التنبيه والرد على معتقد قدم العالم والحد) فارجع إليها فإنها مهمة جدا.
وقال في هذه المسألة الحافظ ابن دقيق العيد أيضا كما في (الفتح) (12 - 202) ما نصه: (وقع هنا ممن يدعي الحذق في المعقولات ويميل إلى الفلسفة (2) فظن أن المخالف في حدوث العالم لا يكفر لأنه من قبيل مخالفة
هامش:
(2) ينبغي التنبيه هنا إلى أن ابن تيمية كان معاصرا للحافظ ابن دقيق العيد قائل هذه العبارة، لا سيما والحافظ الذهبي يقول في رسالته (زغل العلم) ص 23 عند الكلام على المنطق والفلسفة وما أشبه ذلك: (فما أظنك في ذلك تبلغ رتبة ابن تيمية ولا والله تقاربها وقد رأيت ما آل أمره إليه من الحط عليه والهجر والتضليل والتكفير والتكذيب بحق وبباطل فقد كان قبل أن يدخل في هذه الصناعة منورا مضيئا على محياه سيما السلف ثم صار مظلما مكسوفا). انتهى.
- - - - - - - -
وقد أنكر ابن تيمية في (نقد مراتب الاجماع) ص 168 أن يكون هناك إجماع على (أن الله لم يزل وحده ولا شئ معه غيره) وقد رد كلام ابن تيمية هذا الإمام المحدث العلامة الكوثري رحمه الله تعالى هناك بما يليق به.
رد الألباني عقيدة ابن تيمية بقدم العالم:
قال الألباني في (صحيحته) (1 - 208) عن حديث: (إن أول شئ خلقه الله تعالى القلم ما نصه: (وفيه رد أيضا على من يقول بحوادث لا أول لها، وأنه ما من مخلوق إلا ومسبوق بمخلوق قبله، وهكذا إلى ما لا بداية له،
ولقد أطال ابن تيمية... الكلام في رده على الفلاسفة إثبات حوادث لا أول لها، وجاء في أثناء ذلك بما تحار فيه العقول، ولا تقبله أكثر القلوب). ثم قال الألباني بعد ثلاثة أسطر: (فذلك القول منه غير مقبول، بل هو مرفوض بهذا الحديث، وكم كنا نود أن لا يلج ابن تيمية. هذا المولج، لأن الكلام فيه شبيه بالفلسفة وعلم الكلام). فتأمل!!
وقال الألباني في (شرحه المختصر) للعقيدة الطحاوية (طبع المكتب الإسلامي الطبعة الأولى (1398 ه - 1978 م) ص 35 ما نصه: ( فإني أقول الآن: سواء كان الراجح هذا أم ذلك، فالاختلاف المذكور يدل بمفهومه على أن العلماء اتفقوا على أن هناك أول مخلوق، والقائلون بحوادث لا أول لها مخالفون لهذا الاتفاق، لأنهم يصرحون بأن ما من مخلوق إلا وقبله مخلوق، وهكذا إلى ما لا أول له، كما صرح بذلك ابن تيمية في بعض كتبه، فإن قالوا العرش أول مخلوق، كما هو ظاهر كلام الشارح، نقضوا قولهم بحوادث لا أول لها. وإن لم يقولوا بذلك خالفوا الاتفاق: فتأمل هذا فإنه مهم، والله الموفق) انتهى.
فالآن لمن نصغي في تصحيح هذه المسألة العقائدية التي هي من أصول الدين؟ لابن تيمية أم للألباني؟!!. ومن الذي أخطأ منهما؟.
وهل أدركتم الخلاف الواقع بينهما في هذه المسألة التوحيدية؟
(قول ابن تيمية بفناء النار ودخول أهلها الجنة!!)
2 - ابن تيمية يقول (إن النار تفنى) والألباني يخطئه فيها ويقول إنها لا تفنى وهي مسألة عقائدية خطيرة.
ثبت أن ابن تيمية يقول بفناء النار ويدعي أن في المسألة نزاعا معروفا عن التابعين ومن بعدهم فيها، والكل منا يعرف أن هذه المسألة من مسائل العقيدة لأنها لا تذكر في باب الوضوء من كتب الفقه ولا في باب الحيض والنفاس ولا في غير ذلك من الأبواب كالإجارة والنكاح وغيرها!! فإذن هي من مسائل أصول الاعتقاد ومع ذلك جرى الخلاف فيها بين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم من جهة وبين الألباني من جهة أخرى. وإليك ذلك باختصار:
1 - قال الألباني في مقدمة كتاب (رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين 14 بفناء النار) لمحمد بن اسما عيل الأمير الصنعاني (3) ص 7 ما نصه:
(فأخذت في البطاقات نظرا وتقليبا، عما قد يكون فيها من الكنوز بحثا وتفتيشا، حتى وقعت عيني على رسالة للإمام الصنعاني، تحت اسم (رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار) في مجموع رقم الرسالة فيه (2619)، فطلبته، فإذا فيه عدة رسائل، هذه الثالثة منها، فدرستها دراسة دقيقة واعية، لأن مؤلفها الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى رد فيها على شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ميلهما إلى القول بفناء النار، بأسلوب علمي رصين دقيق، (من غير عصبية مذهبية . ولا متابعة أشعرية ولا معتزلية) كما قال هو نفسه رحمه الله تعالى في آخرها.
وقد كنت تعرضت لرد قولهما هذا منذ أكثر من عشرين سنة بإيجاز في (سلسلة الأحاديث الضعيفة) في المجلد الثاني منه (ص 71 - 75) بمناسبة
وكنت توهمت يومئذ أنه يلتقي فيها مع ابن القيم في قوله الآخر، فإذا بالمؤلف الصنعاني يبين بما نقله عن ابن القيم أن الرد المشار إليه إنما يعني الرد على من قال بفناء الجنة فقط من الجهمية دون من قال بفناء النار! وأنه هو نفسه أعني ابن تيمية يقول بفنائها، وليس هذا فقط! بل وأن أهلها يدخلون بعد ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار!!
وذلك واضح كل الوضوح في الفصول الثلاثة التي عقدها ابن القيم لهذه المسألة الخطيرة في كتابه (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح) (2 - 167 - 228)، وقد حشد فيها (من خيل الأدلة ورجلها، وكثيرها وقلها، ودقها وجلها، وأجرى فيها قلمه، ونشر فيها علمه وأتى بكل ما قدر عليه من قال وقيل، واستنفر كل قبيل وجيل) كما قال المؤلف رحمه الله، ولكنه أضفى بهذا الوصف على ابن تيمية، وابن القيم أولى به وأحرى، لأننا من طريقه عرفنا رأي ابن تيمية، في هذه المسألة، وبعض أقواله فيها.
وأما حشد الأدلة المزعومة وتكثيرها، فهي من ابن القيم وصياغته، وإن كان ذلك لا ينفي أنه تلقى ذلك كله أو جله من شيخه في بعض مجالسه) انتهى. فتأملوا!!
وقال الألباني أيضا في مقدمة (رفع الأستار) ص 25 ما نصه: (فكيف يقول ابن تيمية: (ولو قدر عذاب لا آخر له لم يكن هناك رحمة البتة)!
أليس هذا من أكبر الأدلة على خطأ ابن تيمية وبعده هو ومن تبعه عن الصواب في هذه المسألة الخطيرة؟!) انتهى كلام الألباني.
قلت: ومن رجع إلى كتاب (الأرواح) لابن القيم، وما كتبه الألباني في مقدمة (رفع الأستار) يتحقق أن الألباني مخالف لابن تيمية وابن القيم ومن تبعهما في هذه المسألة العقائدية التي وصفها بأنها خطيرة، لا سيما وقد صرح بقوله كما تقدم.
(أليس هذا من أكبر الأدلة على خطأ ابن تيمية وبعده هو ومن تبعه عن الصواب في هذه المسألة الخطيرة؟!).
ومن العجيب الغريب أننا رأينا في هذه الأيام كتابا لرجل معاصر مقلد لابن تيمية وهو يرد فيه على الألباني تعديه بزعمه على ابن القيم وابن تيمية سماه ( القول المختار لبيان فناء النار) واسم مؤلفه: عبد الكريم صالح الحميد (طبع مطبعة السفير - الرياض الطبعة الأولى 1412 ه)!!
ويمكننا أن نجمل ما في الكتاب بنقل خلاصته المهمة وهي من (ص 13 - 14): قال عبد الكريم صالح الحميد - مقلد ابن تيمية - في رده على الألباني ما نصه:
(فصل: الباعث لكلامنا في هذه المسألة: كنت أسمع من يقول: في كتب ابن القيم أشياء ما تصلح مثل حادي الأرواح وغيره، والبعض يقول: لعل ذلك قبل اتصاله بشيخه أو أنه دخل عليه من ابن عربي ولا أدري ما المراد ولكني أنفي أن يكون في كتب ابن القيم شئ ما يصلح! حتى وصلت إلى نسخة (رفع الأستار) للصنعاني وفيها مقدمة الألباني وتعليقه، فلما قرأت
وقال: حتى بلغ بهما الأمر إلى تحكيم العقل فيما لا مجال له فيه كما يفعل المعتزلة تماما. حتى زعم أن تأويل المعتزلة والأشاعرة لآيات وأحاديث الصفات كاستواء الله على عرشه ونزوله إلى السماء ومجيئه يوم القيامة وغير ذلك من التأويل أيسر من تأويل ابن القيم النصوص من أجل القول بفناء النار.
وقال: فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية زلت به القدم فقال قولا لم يسبق إليه ولا قام الدليل عليه. وغير ذلك من طعن الألباني وقدحه على الشيخ وتلميذه في مقدم (رفع الأستار).
فلذلك كتبت في المسألة دفاعا عنهما وبيانا بأن الحق معهما (4) وأنا على بصيرة من ذلك حيث دعوت للمباهلة من أول المسألة.
- - - - - - -
هامش: (4) أي أن هذا المؤلف يقول بفناء النار أيضا!! فما حكم الألباني عليه؟!! ولو غلط الشيخ وتلميذه في هذه المسألة لم يوجب ذلك ولا بعض ما قاله الألباني، كيف والحق والصواب معهما في ذلك، وقد تكلما فيه دفاعا عن الإسلام كما تقدم فرضي الله عنهما وجزاهما خير الجزاء. فأنا أهيب بمن تعجل في الانكار أن يراجع الصواب ويدع الاصرار). انتهى كلام خصم الألباني عبد الكريم الحميد فتأملوا!!
حاول أن ينفي فيها القول بفناء النار عن ابن تيمية، مع أنه ثابت عنه كالشمس كما قال الألباني حفظه الله!!.
ومنه يتبين أنهم يموجون في العقيدة ويضطربون كاضطراب الريح!! وهم متنازعون في هذه المسألة الاعتقادية!! فنقول الآن:
أين الحق في هذه المسألة العقائدية هل هو عند ابن تيمية وابن القيم القائلين بفناء النار؟ أم عند الألباني القائل ببقائها؟!!
ولماذا يختلف هؤلاء في أصول العقيدة فيما بينهم، وينعون على غيرهم الاختلاف والمباينة عنهم في أصول عقيدتهم؟!!
تنبيه مهم:
ينبغي أن نعلم أن القول بفناء النار هو رأي الجهم بن صفوان كما تجد ذلك في (لسان الميزان) (2 - 334 السطر الرابع من أسفل الطبعة الهندية) في ترجمة أبي مطيع البلخي، فالجهم بن صفوان هو سلف من يقول بفناء النار!
(قول ابن تيمية بأن الله قد يستقر على ظهر بعوضة!!)
3 - فصل: ابن تيمية يثبت استقرار الله على العرش ويجوز استقراره على ظهر بعوضة والألباني يخالف عقيدة الاستقرار هذه ويعتبرها بدعة!!
إعلم أن ابن تيمية يقول باستقرار الله - سبحانه وتعالى عما يقول - على العرش والألباني يخالف ذلك فيقول بأنه لا يجوز اعتقاد الاستقرار وإليك ذلك مختصرا:
هامش: لا يستطيع أي إنسان عاقل أن ينكر ذلك، ولا أن يقول ليس هذا كلام ابن تيمية إنما هو نقل، وذلك لأن ابن تيمية مقر مقرر لهذا الكلام لم ينكره بل هو حاض عليه!! فقد ذكر ابن القيم في كتابه (إجتماع الجيوش الإسلامية) ص 88 طبعة هندية ما نصه: (كتابا الدارمي - النقض على بشر المريسي والرد على الجهمية - من أجل الكتب المصنفة في السنة وأنفعها، وينبغي لكل طالب سنة مراده الوقوف على ما كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة أن يقرأ كتابيه، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية... يوصي بهما أشد الوصية ويعظمهما جدا، وفيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما) انتهى.. وقد أثبت هذه الفقرة حامد الفقي على خلف صفحة الغلاف الداخلي لكتاب (رد الدارمي على بشر المريسي) فتنبه.
وكذلك صرح بلفظة الاستقرار التي لم ترد في كتاب ولا في سنة ابن عثيمين، حيث قال في (شرح لمعة الاعتقاد) ص 41: (وهو استواء حقيقي معناه العلو والاستقرار...) انتهى.
رد الألباني على ذلك:
قلت: وقد رد الألباني عقيدة الاستقرار هذه التي يقول بها ابن تيمية ومقلدوه بكل صراحة في مقدمة (مختصر العلو ص 17 الطبعة الأولى) 1401 ه حيث قال:
فهل الحق في هذه المسألة والصواب مع ابن تيمية الذي يثبت الاستقرار أم مع الألباني الذي ينفيه؟!! ولماذا يختلفان في هذا الأصل العقائدي الخطير؟!
ومن منهما الذي أصابه في توحيد الأسماء والصفات الاختلال؟!!
(قول ابن تيمية بأن الله يقعد النبي إلى جنبه على العرش!!)
4 - فصل: ابن تيمية وابن القيم يقولان بقعود الله على العرش والألباني ينكر عقيدة القعود.
قال الحافظ أبو حيان في تفسيره (النهر الماد) (6) (1 - 254) ما نصه:
(وقرأت في كتاب لأحمد بن تيمية هذا الذي عاصرنا وهو بخطه سماه كتاب العرش: أن الله تعالى يجلس على الكرسي وقد أخلى منه مكانا يقعد فيه معه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تحيل عليه التاج محمد بن علي بن عبد الحق البارنباري وكان أظهر أنه داعية له حتى أخذه منه وقرأنا ذلك فيه).
انتهى. فتأمل!!
قلت: كتاب العرش هذا غير الرسالة العرشية المطبوعة.
- - - - - - - - -
هامش: (6) طبع دار الفك - معتمد الطباعة والنشر والتوزيع: دار الجنان ومؤسسة الكتب الثقافية الطبعة الأولى 1407 ه 1987 م.
انتهى كلام ابن القيم من كتابه (بدائع الفوائد).
- - - - - - - - -
هامش: (7) ما شاء الله على هذه العقيدة!! وهنيئا لك يا ابن القيم بها!
ألا يعتبر هذا من الاطراء المذموم الذي ينهى من يدعي السلفية غيرهم عنه؟! والذي نهانا عنه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والذي فيه التشبيه بعقيدة النصارى القائلين أن لله ولد!!.
ورحم الله البوصيري حيث قال:
ومن المؤسف له جدا أن بعض المعاصرين الذين لا يميزون بين النقير والفتيل!! يذكر هذا عن ابن القيم ويعتبرها خصوصية عجيبة وغريبة!! فيا للغرابة ويا للعجب!! ولا حول ولا قوة إلا بالله!!
(8) قلت: الصواب برقم (865) من الطبعة الثانية سنة (1404 ه) والنظر التعليقات على كتاب (البرهان في رد البهتان والعدوان) [ الذي
إنكار الألباني لذلك ورده عليه:
إعلم أن الألباني رد هذه العقيدة في مقدمة (مختصر العلو) ص 20 حيث قال: (قلت: وقد عرفت أن ذلك لم يثبت عن مجاهد، بل صح عنه ما يخالفه كما تقدم.
وما عزاه للدار قطني لا يصح إسناده كما بيناه في (الأحاديث الضعيفة) (870) (8) وأشرت إلى ذلك تحت ترجمة الدار قطني الآتية. وجعل ذلك قولا لابن جرير فيه نظر).
ثم قال الألباني في آخر تلك الصحفية. وخلاصة القول: إن قول مجاهد هذا - وإن صح عنه - لا يجوز أن يتخذ دينا وعقيدة، ما دام أنه ليس له شاهد من الكتاب والسنة، فيا ليت المصنف إذ ذكره عنه جزم برده وعدم صلاحيته للاحتجاج به، ولم يتردد فيه). انتهى كلام الألباني فتأمل!!.
فالآن من هو المحق: ابن تيمية وابن القيم اللذان يثبتان قعود الله على العرش وإقعاد سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) يوم القيامة بجنبه؟
أم الألباني النافي لذلك الذي يقول: (لا يجوز أن يتخذ هذا دينا وعقيدة)؟! تفكروا في الأمر جيدا!! وأفيدونا يرحمكم الله؟!
(ابن تيمية يكذب حديثا متفقا على صحته في علي عليه السلام!!)
5 - فصل: الألباني يصف ابن تيمية بأنه جرئ على تكذيب الحديث الصحيح.
أورد ابن تيمية حديثا في (منهاج سنته: 4 / 86) فيه فضل سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، فادعى بأنه لم يصح اعتمادا على ابن حزم حيث قال ابن تيمية: (وأما قوله: (من كنت مولاه فعلي مولاه) فليس هو في الصحاح، لكن هو مما رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته) ثم قال نقلا عن ابن حزم بزعمه (قال: وأما (من كنت مولاه فعلي مولاه) فلا يصح من طريق الثقات أصلا). انتهى.
قلت: هذا الحديث متواتر نص الذهبي على ذلك في (سير أعلام النبلاء) (8 - 335).
رد الألباني على ابن تيمية في هذه المسألة:
قال الألباني في (صحيحته 5 - 263): (فمن العجيب حقا أن يتجرأ شيخ الإسلام ابن تيمية على إنكار هذا الحديث وتكذيبه في (منهاج السنة) (4 - 104) كما فعل بالحديث المتقدم هناك).
ثم قال في الأخير: (فلا أدري بعد ذلك وجه تكذيبه للحديث، إلا التسرع والمبالغة في الرد على الشيعة...). انتهى كلام الألباني فتأمل!!
تنبيه مهم جدا:
الألباني لا يعول على تصحيح ابن تيمية ولا على تضعيفه للأحاديث بل ينصح طلاب العلم أن ليعولوا عليه أيضا ويؤكد الألباني عليهم ذلك!
فالألباني يقول بصراحة: ارجعوا لي في الحديث ولا ترجعوا إلى شيخ الإسلام! ابن تيمية!! فيا للعجب!!
فعلى من ينبغي أن يعول طلاب العلم؟ على تصحيحات وتضعيفات ابن تيمية أم الألباني؟! انتهى.
(ابن تيمية ينكر المجاز في اللغة!!)
6 - فصل: ابن تيمية ينكر المجاز وبعض المتعصبين له يبالغون فينكرون المجاز في القرآن والألباني يثبته.
إعلم يرحمك الله تعالى أن ابن تيمية أنكر المجاز وبين بطلان تقسيم اللفظ إلى حقيقة ومجاز كما أثبت بطلان قول من قال (إن اللفظ إذا لم يكن معه قرينة دل على أنه حقيقة وإن لم يدل إلا معها فهو مجاز) وله في ذلك نصوص كثيرة منها قوله في كتاب (الإيمان) ص 109 (9): (وقولهم: اللفظ إن دل بلا قرينة فهو حقيقة، وإن لم يدل إلا معها فهو مجاز، فقد تبين بطلانه) انتهى.
وتلميذ ابن تيمية وهو ابن القيم يعتبر المجاز في كتابه (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة طاغوتا فيقول (كما في مختصر الصواعق المرسلة أول الجزء الثاني) ما نصه:
(فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات وهو طاغوت المجاز)!
مع أن اسم كتاب ابن القيم مجازي لأن كتابه ليس صواعق!!
ومن راجع قواميس اللغة لن يجد أن معنى صواعق هو كتاب أو مصنف لابن القيم!! مع أن ابن القيم متناقض في هذه المسألة لأنه أثبت المجاز في القرآن وجاء له بأمثلة، وكذا في لغة العرب بكل توسع في كتابه (الفوائد المشوقة إلى علوم القرآن وعلم البيان).
أنظر (الفوائد المشوقة) ص 10 - 12 وما بعدها! وتأمل! فيا للعجب!!