لأن اللعن لا يصدر منهم إلا بعد علمهم بنضوب الخير من الملعون ومن صلبه!
فقد روى الكليني في الكافي ج 5 ص 569:
(عن سدير قال: قال لي أبو جعفر (الإمام محمد الباقر عليه السلام):
يا سدير بلغني عن نساء أهل الكوفة جمال وحسن تبعل، فابتغ لي امرأة ذات جمال في موضع، فقلت: قد أصبتها جعلت فداك، فلانة بنت فلان ابن محمد بن الأشعث بن قيس. فقال لي: يا سدير إن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن قوما فجرت اللعنة في أعقابهم إلى يوم القيامة!
وأنا أكره أن يصيب جسدي جسد أحد من أهل النار!). انتهى.
وفي مجمع البيان في تفسير قوله تعالى: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم)، وقال أبو جعفر عليه السلام: أما داود عليه السلام فإنه لعن أهل أيلة لما اعتدوا في سبتهم، وكان اعتداؤهم في زمانه، فقال اللهم ألبسهم اللعنة مثل الرداء ومثل المنطقة على الحقوين فمسخهم الله قردة، وأما عيسى فإنه لعن الذين أنزلت عليهم المائدة، ثم كفروا بعد ذلك!). انتهى.
الأخ العاملي حفظه الله، كنت في مدينة نيويورك قبل أسبوع تقريبا، وجمعنا حديث عابر في بيت أحد الأخوة، مع أحد طلبة العلم (كما سمى نفسه)، وامتد الحديث إلى حرب القوقاز، فقال (طالب العلم) وبكل ثقة:
فقاطعته: من هم الطابور الخامس يا شيخ؟
قال: هم الروافض، لعنهم الله، أولئك المحرفون للقرآن.
قلت: أنا رافضي يا شيخ، وعقيدتي بالقرآن أنه مصان من التحريف.
وسكت، والحضور ينتظرون جوابه.
قال: ربما تقول هذا تقية!!
قلت: ولماذا أتقيك، هل أنت حاكم هذه المدينة أم أنا موظف في شركتك؟.
قال: آسف.. ولكن علماء (دينكم) يقولون أنه محرف، وهم يخفون عنكم عقيدتهم!
وطال الحديث، ووعدته أن أرسل له بعض الكتب والمقالات... وفعلت.
ونقل لي أنه أوصى أحد الأخوة في نيويورك بأن يبلغوا فلانا (أنا) بأن فلانا (هو) قد غادر المدينة فلا يرسل لي أي شئ!
وقيل لي أنه (أي الشيخ) حذر جماعته ممن يحسنون التقية ويجيدون التمثيل (وضرب لهم مثلا بعرفج).
هذا مثال واحد فقط. لا يكذب الرائد أهله.
الفصل الخامس
محاولات تحريف مكشوفة من.. خليفة النبي!!!
محاولات تحريف مكشوفة من.. خليفة النبي!!!
قال الله تعالى: (الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم.
ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم. ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم. والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) - التوبة 97 - 100 - روى الحاكم في مستدركه ج 3 ص 305:
(عن أبي سلمة ومحمد بن إبراهيم التيمي قالا: مر عمر بن الخطاب برجل وهو يقول: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه.. إلى آخر الآية، فوقف عليه عمر فقال انصرف، فلما انصرف قال له عمر: من أقرأك هذه الآية؟!
فقال: انطلقوا بنا إليه فانطلقوا إليه فإذا هو متكئ على وسادة يرجل رأسه فسلم عليه فرد السلام، فقال: يا أبا المنذر!
قال: لبيك.
قال: أخبرني هذا أنك أقرأته هذه الآية؟!
قال: صدق، تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وآله.
قال عمر: أنت تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وآله؟!
قال: نعم أنا تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وآله. ثلاث مرات كل ذلك يقوله. وفي الثالثة وهو غضبان: نعم والله!! لقد أنزلها الله على جبريل وأنزلها جبريل على محمد، فلم يستأمر فيها الخطاب ولا ابنه!!
فخرج عمر وهو رافع يديه وهو يقول: الله أكبر الله أكبر!!).
- ورواه في كنز العمال ج 2 ص 605 وقال:
(أبو الشيخ في تفسيره، ك، قال الحافظ ابن حجر في الأطراف: صورته مرسل.
قلت: له طريق آخر عن محمد بن كعب القرظي مثله أخرجه ابن جرير وأبو الشيخ، وآخر عن عمر بن عامر الأنصاري نحوه، أخرجه أبو عبيد في فضائله، وسنيد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه هكذا. صححه، ك) انتهى.
- ولكن ابن شبة روى القصة في تاريخ المدينة ج 2 ص 707، بنحو آخر فقال:
حدثنا معاذ بن شبة بن عبيدة قال حدثني أبي عن أبيه عن الحسن: قرأ عمر رضي الله عنه (والسابقون الأولون من المهاجرين الذين اتبعوهم بإحسان،
فقال عمر: والسابقون الأولون من المهاجرين الذين اتبعوهم بإحسان!
وقال عمر: أشهد أن الله أنزلها هكذا!!
فقال أبي: (أشهد أن الله أنزلها هكذا، ولم يؤامر فيها الخطاب ولا ابنه)!!
وقال في هامشه: في منتخب كنز العمال 2: 55:
عن عمرو بن عامر الأنصاري أن عمر بن الخطاب قرأ:
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين...
وروى في نفس المرجع 2: 56: عن أبي سلمة ومحمد بن إبراهيم التيمي قالا.. برواية الحاكم المتقدمة، ثم قال: وانظر تفسير ابن كثير 4: 228).
انتهى.
- وروى في كنز العمال ج 2 ص 597:
(عن عمرو بن عامر الأنصاري أن عمر بن الخطاب قرأ: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان.
فرفع الأنصار ولم يلحق الواو في الذين، فقال زيد: والذين اتبعوهم بإحسان.
فقال عمر: الذين اتبعوهم بإحسان.
فقال زيد: أمير المؤمنين أعلم!!
فقال عمر: ائتوني بأبي بن كعب، فسأله عن ذلك؟
فقال أبي: والذين اتبعوهم بإحسان، فجعل كل واحد منهما يشير إلى أنف صاحبه بإصبعه، فقال أبي: والله أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تتبع الخبط!!
أبو عبيد في فضائله، وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه.
- وقال في هامشه: الخبط بفتح الخاء والباء - الورق ينفض بالمخابط ويجفف ويطحن) انتهى.
- وقال السيوطي في الدر المنثور ج 3 ص 269:
(قوله تعالى: والسابقون الأولون... الآية.
أخرج أبو عبيد وسنيد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن حبيب الشهيد عن عمرو بن عامر الأنصاري أن عمر بن الخطاب قرأ: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان.
فرفع الأنصار ولم يلحق الواو في الذين!.
فقال له زيد بن ثابت: والذين.
فقال عمر: الذين؟
فقال زيد أمير المؤمنين أعلم!
فقال عمر رضي الله عنه: ائتوني بأبي بن كعب، فأتاه فسأله عن ذلك، فقال أبي: والذين. فقال عمر رضي الله عنه: فنعم إذن نتابع أبيا. (وقد حذف منه المشادة بينهما كما رأيت)!!
- ثم قال السيوطي: وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي قال: مر عمر رضي الله عنه برجل يقرأ: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، فأخذ عمر بيده فقال: من أقرأك هذا؟
قال: أبي بن كعب.
قال: لا تفارقني حتى أذهب بك إليه.
قال: نعم.
قال: وسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.
قال: لقد كنت أرى أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا!!
فقال أبي: تصديق ذلك في أول سورة الجمعة: وآخرين منهم لما يلحقوا بهم.
وفي سورة الحشر: والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان.
وفي الأنفال: والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم.
- وأخرج أبو الشيخ عن أبي أسامة ومحمد بن إبراهيم التيمي قالا: مر عمر بن الخطاب برجل وهو يقرأ والسابقون الأولون... وأورد رواية الحاكم). انتهى.
نفهم من هذه الروايات الصحيحة عندهم، أن الخليفة يرى أن قريشا كلها فوق الجميع، ولا يجوز أن يساوى بها أحد!! (لقد كنت أرى أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا) وكان يرى أن وجود الواو في الآية يجعل الأنصار على قدم المساواة مع المهاجرين!
فالحل أن تقرأ الآية المئة من سورة التوبة: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان..)، فترفع كلمة الأنصار وتحذف الواو بعدها وتكون جملة (الذين اتبعوهم) صفة للأنصار، ليكون المعنى: أن الله رضي عن المهاجرين وعن أتباعهم من الأنصار!!
والخليفة عمر يريد أن يجعلهم تابعين لهم!!
- أما زيد بن ثابت (الأنصاري؟) فقد سلم للخليفة: (فقال له زيد بن ثابت: والذين. فقال عمر: الذين؟ فقال زيد: أمير المؤمنين أعلم!) ولو وقف زيد في وجه الخليفة ولم يخف من سطوته، لربح المعركة، لأن كل الأنصار سيقفون إلى جانبه، وسيؤيدهم أهل البيت عليهم السلام، وعدد من المسلمين الذين لا يسمحون للخليفة أن يحرف آية من كتاب الله تعالى!!
ولكن زيدا صغير السن ضعيف الشخصية، وقد وبخه عبد الله بن مسعود يوما بأنه نشأ مع صبيان اليهود وكان يلعب معهم! بل المرجح عندي أن يكون أبوه يهوديا وأمه أنصارية، لأنه كان يعرف العبرية، ولأن ابن شبة قال في تاريخ المدينة ج 3 ص 1008: (حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن ابن إسحاق، عن أبي الأسود - أو غيره - قال: قيل لعبد الله ألا تقرأ على قراءة زيد؟ قال: ما لي ولزيد ولقراءة زيد، لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة، وإن زيد بن ثابت ليهودي له ذؤابتان)!!
أما أبي بن كعب فمع أنه يخاف سطوة الخليفة عمر ويداريه كثيرا.. لكنه أكبر منه سنا، وله مكانته في الأنصار، وهو من صحابة النبي المقربين، وحافظ القرآن من عهده، ولذا استطاع أن يقف مقابل الخليفة في مسألة تمس كيان الأنصار!.
ولكن التغيير الذي أراده الخليفة في الآية، ومواقف الخليفة من الأنصار في حياة النبي صلى الله عليه وآله، وفي السقيفة وبعدها، وتأكيده وشهادته أن الآية نزلت بدون واو.. كلها تدل على أن المسألة كانت جدية وحامية، وأن أبيا كان يتكلم وهو مسنود بإجماع الأنصار واستعدادهم للدفاع عن هذا الامتياز الذي منحهم إياه الله تعالى حتى لو احتاج الأمر إلى السلاح، كما تذكر بعض المصادر!
ومما يوجب الدهشة هنا شهادة عمر بأن الآية نزلت بدون واو، وأن الله مدح الأنصار فيها بأنهم تابعون للمهاجرين!!
قال عمر (أشهد أن الله أنزلها هكذا - ابن شبة - ج 2 ص 707).
فإذا كان قول عمر هذا اجتهادا من عنده، لأن مكانة قريش برأيه عند الله أعلى من مكانة الأنصار، فوامصيبتاه من هذه الجرأة على تحريف آية من كتاب الله!!
وإن كان صادقا، فلماذا تراجع بمجرد شهادة أبي بن كعب وتأكيده؟!
إن قول أبي شهادة في مقابل شهادة، والشهادتان المتعارضتان تتكافآن وتتساقطان، ويجب الرجوع إلى شهادات الصحابة...
فلماذا لم يسأل عمر عددا من المهاجرين والأنصار عن الآية التي نزلت بالأمس قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله بشهور؟!
وكيف خضع لشهادة أبي بن كعب؟ ثم كيف أمر بكتابتها في القرآن على ما قال ابن كعب ولم يطلب حتى شاهدا آخر معه عليها؟!
ولكن الله تعالى حفظ كتابه، وهو القائل إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون.
بما أنك استشهدت بتفسير ابن كثير فلك التفسير منه:
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم.
يخبر تعالى عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ورضاهم عنه بما أعد لهم من جنات النعيم المقيم، قال الشعبي: السابقون الأولون من المهاجرون والأنصار من أدرك بيعة الرضوان عام الحديبية، وقال أبو موسى الأشعري وسعيد بن المسيب ومحمد بن سرين والحسن وقتادة هم الذين صلوا إلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم وقال محمد بن كعب القرظي.
مر عمر بن الخطاب برجل يقرأ هذه الآية (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار) فأخذ عمر بيده فقال: من أقرأك هذا؟ فقال: أبي بن كعب.
قال: نعم. قال: وسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:
نعم.
قال: لقد كنت أرى أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا.
فقال أبي: تصديق هذه الآية في أول سورة الجمعة (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم).
وفي سورة الحشر (والذين جاءوا من بعدهم) الآية.
وفي الأنفال) والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا معكم) الآية.
ورواه ابن جرير قال: وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرؤوها برفع الأنصار عطفا على (والسابقون الأولون).
فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.
فيا ويل من أبغضهم أو سبهم أو أبغض أو سب بعضهم!!
ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم أعني الصديق الأكبر والخليفة الأعظم، أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويبغضونهم ويسبونهم. عياذا بالله من ذلك.
وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة وقلوبهم منكوسة، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن إذ يسبون من رضي الله عنهم؟
وأما أهل السنة فإنهم يترضون عمن رضي الله عنه، فيسبون من سبه الله ورسوله ويوالون من يوالي الله ويعادون من يعادي الله وهم متبعون لا
أشهد أنك يا عمر ما فهمت قصة الآية!!
وأنك نقلت عن ابن كثير الذي بتر روايتها، فصار نقلك حجة عليك لا لك!
كل العلم يا عمر في (الواو) الذي أراد أن يحذفه صاحبك عمر، لتصير كلمة الأنصار مجرورة، وتصير اتبعوهم صفة للأنصار، يعني الأنصار الذين اتبعوا المهاجرين!! حتى لا يكونوا بزعمه في صف المهاجرين!!
أراد أن يجعل الأنصار أتباع المهاجرين، ويلغي موضوع التابعين كليا..
وحلف أن الآية نزلت هكذا!! هل فهمت؟!!
لا أدري من أدخلك بعقله حتى تفهم ما يجهله هو؟ والآية صريحة في رضي الله عن السابقين من المهاجرين والأنصار.
ومن يكره الخير للآخرين إذا كان الله رزقهم جميعا هذا الفضل؟!
وعموما من تبعهم أي السابقون هم الذين يرضى الله عنهم. وأنتم جعلتموهم كفار (كذا) وتركتم هداهم وطريقهم. ألا ترى بأنها معضلة كبيرة؟
أما اتهامك لأحدهم فهذا تعدي (كذا) على حدود المغفرة والرضى الإلهي لهم!
عفوا... الآية المباركة: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم).
أتيت بتفسير لها عن ابن كثير وقلت: يخبر تعالى عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ورضاهم عنه بما أعد لهم من جنات النعيم المقيم، قال الشعبي: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار من أدرك بيعة الرضوان عام الحديبية.
وأريد أن أذكرك بأن الله سبحانه وتعالى لم يطلق هذا الرضى إلى نهاية حياتهم فلا دليل على ذلك، وليس لأحد أن يدعيه، والله سبحانه وتعالى يقول: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى).
وفي الوقت الذي هنالك آيات نزلت في وقت معين وخصصت في وقت آخر، كقوله تعالى: (ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) ثم جاء الاجتناب الكلي للخمر بعد ذلك، كذلك الآية المباركة أعلاه والتي جعلت بها الأمة كلها مبشرة بالجنة وليس عشرة أنفار كما يدعيه المخالفون، وهؤلاء العشرة ليس من بينهم سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين، على كل حال...
قال الله تعالى: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) صدق الله العلي العظيم. سورة الفتح / آية رقم 10...
ما معنى أعد لهم الله جنات؟؟ هل الوعد الإلهي مجازي؟؟
أم أن هناك إله آخر يوقف وعده؟؟
قال الله تعالى: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) صدق الله العلي العظيم. سورة الفتح / آية رقم 10.. الآية واضحة وصريحة بتقسيمها المهاجرين والأنصار الذين بايعوا بيعة الرضوان إلى قسمين:
1 - (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) وهذا القسم خارج عن وعد الله لنكثه 2 - (ومن أوفى بما عاهد عليه الله) وهذا القسم سيؤتيه الله أجرا عظيما.
انتهى.
وهكذا، قام عمر المأموم بتحريف الموضوع، ليغطي محاولة إمامه عمر تحريف كتاب الله تعالى!!!
الفصل السادس
آيات زعم عمر وعائشة أنها من القرآن!
1 - 2 - آية الرجم، وآية الشيخ والشيخة!
روى البخاري في صحيحه ج 8 ص 25:
عن عبيد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله.
ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف... الخ.
وعن ابن عباس قال: كنت أقرئ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها، إذ رجع إلي عبد الرحمن فقال: لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم.
فقال يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا! فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت! فغضب عمر ثم قال: إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذي يريدون أن يغصبوهم أمورهم!
قال عبد الرحمن: فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير، وأن لا يعوها وأن
فقال عمر أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.
قال ابن عباس فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة، فلما كان يوم الجمعة عجلنا الرواح حين زاغت الشمس حتى أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر فجلست حوله تمس ركبتي ركبته، فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل:
ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف، فأنكر علي وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله؟!
فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال:
أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها، لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي.
إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها، فلذا رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله.. والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف.
ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول والله لو مات عمر بايعت فلانا، فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت! ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وقى شرها، وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر.
من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا. انتهى.
ومعنى قوله تغرة أن يقتلا: مخافة أن يقتلا بهذا الأمر الذي أصدره في هذه الخطبة!
3 - آية لا ترغبوا عن آبائكم
مضافا إلى ما تقدم في صحيح البخاري ج 8 ص 24 وغيره.. فقد روى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 1 ص 97، عن أيوب بن عدي بن عدي عن أبيه أو عمه:
أن مملوكا كان يقال له كيسان فسمى نفسه قيسا وادعى إلى مولاه ولحق بالكوفة، فركب أبوه إلى عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين ابني ولد على فراشي، ثم رغب عني وادعى إلى مولاي ومولاه!
فقال عمر لزيد بن ثابت: أما تعلم أنا كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم؟
فقال زيد بلى.
رواه الطبراني في الكبير، وأيوب بن عدي وأبوه أو عمه لم أر من ذكرهما.
وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ادعى إلى غير أبيه لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من قدر سبعين عاما - أو من مسيرة سبعين عاما. قلت: رواه ابن ماجة إلا أنه قال من مسيرة خمسمائة عام. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
ورواه في كنز العمال: 2 / 480 و 567، و: 5 / 428 - 433 بعدة روايات.
وفي ص 429: ألا وإنا قد كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم - عب، ش، حم، والعدني، والدارمي خ م د ت ن ه، وابن الجارود وابن جرير وأبو عوانة، حب، ق، وروى مالك بعضه.
ثم رواه في ص 649 بعدة روايات وقال في رموزها: (مالك والشافعي وابن سعد والعدني، حل، ق - مالك وابن سعد ومسدد، ك - عب - ابن الضريس).
4 - آية: حق جهاده في آخر الزمان!
قال السيوطي في الدر المنثور: 4 / 371:
أخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال لي عمر: ألسنا كنا نقرأ فيما نقرأ: وجاهدوا في الله حق جهاده في آخر الزمان كما جاهدتم في أوله؟ قلت بلى، فمتى هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: إذا كانت بنو أمية
وقال في: 5 / 197:
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأله فقال: أرأيت قول الله تعالى لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى، هل كانت الجاهلية غير واحدة؟
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: ما سمعت بأولى إلا ولها آخرة، فقال له عمر رضي الله عنه: فأنبئني من كتاب الله ما يصدق ذلك؟
قال: إن الله يقول وجاهدوا في الله حق جهاده كما جاهدتم أول مرة.
فقال عمر رضي الله عنه: من أمرنا أن نجاهد؟ قال: بني مخزوم وعبد شمس!)
ورواه في كنز العمال ج 2 ص 480 وقال في مصادره: (أبو عبيد في فضائله وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه (وفي ج 2 ص 567): من مسند عمر رضي الله عنه، عن المسور بن مخرمة قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم نجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها! قال: أسقط في ما أسقط من القرآن - أبو عبيد. انتهى.
ولو كانت هذه الروايات تفسيرا للآية بدون ادعاء أن الزيادة الواردة فيها من القرآن، لكانت مقبولة عندنا.. فإنها تتناسب اعتقادنا بأن الله تعالى أوجب الجهاد على تأويل القرآن كما أوجبه على تنزيله، وأن النبي صلى الله
عن ربعي بن حراش قال أخبرنا علي بن أبي طالب بالرحبة فقال: لما كان يوم الحديبية خرج إلينا ناس من المشركين فيهم سهيل بن عمرو، وأناس من رؤساء المشركين فقالوا: يا رسول الله خرج إليك ناس من أبنائنا وإخواننا وأرقائنا وليس لهم فقه في الدين، وإنما خرجوا فرارا من أموالنا وضياعنا، فارددهم إلينا، فإن لم يكن لهم فقه في الدين سنفقههم!
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر قريش لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين، قد امتحن الله قلوبهم على الإيمان، قالوا من هو يا رسول الله؟
فقال له أبو بكر: من هو يا رسول الله؟
وقال عمر: من هو يا رسول الله؟
قال: هو خاصف النعل، وكان أعطى عليا نعله يخصفها، قال ثم التفت إلينا علي فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث ربعي عن علي).
ورواه الحاكم في المستدرك ج 2 ص 138 و ج 4 ص 298، وقال في الموردين: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه!!.
5 - آية: الولد للفراش!
روى في كنز العمال ج 6 ص 208:
عن عدي بن عدي بن عميرة بن فروة عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب قال لأبي: أوليس كنا نقرأ من كتاب الله أن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم؟
فقال: بلى، ثم قال: أوليس كنا نقرأ الولد للفراش وللعاهر الحجر؟
فقد في ما فقدنا من كتاب الله؟ قال بلى - ابن عبد البر في التمهيد، انتهى.
هذا مع أن مصادر الشيعة والسنة روت أن قاعدة الولد للفراش وللعاهر الحجر هي حديث للنبي صلى الله عليه وآله، كما في وسائل الشيعة ج 13 ص 376، وسنن الترمذي ج 2 ص 313، عن أبي هريرة.
وقال: وفي الباب عن عمر، وعثمان، وعائشة، وأبي أمامة، وعمرو بن خارجة، وعبد الله بن عمر، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وقد رواه الزهري عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة.
والعمل على هذا عند أهل العلم.
ورواه النسائي في سننه: 6 / 180، وأحمد: 1 / 25 و: 4 / 186، بأربع روايات.
ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 14 وفيه: عن البراء وزيد بن أرقم قالا: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم، ونحن
لعن الله من ادعى إلى غير أبيه، ولعن الله من تولى غير مواليه.
الولد للفراش وللعاهر الحجر. ليس لوارث وصية. انتهى.
وفي كتاب الأم ج 6 ص 213:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه قال: أرسل عمر إلى رجل من بني زهرة كان ساكنا معنا فذهبنا معه فسأله عن ولاد من ولاد الجاهلية، فقال:
أما الفراش فلفلان، وأما النطفة فلفلان، فقال رضي الله تعالى عنه:
صدقت ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالفراش... انتهى.
وهذا يؤيد أن النص حديث، ويتناقض مع روايات أنه آية، ولكن الروايات عن الخليفة التي تقول إنه آية أكثر!!
6 - آية: لو كان لابن آدم واديان!
روى البخاري في صحيحه ج 7 ص 175:
عن ابن عباس رضي الله عنهما يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب.
وروى عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب.
الذي تذكر روايته أن النص هو حديث شريف وليس آية.
لكن مسلما روى بعد ذلك عن أبي الأسود عن أبيه قال: بعث أبو موسى الأشعري إلى قراء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم، وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها!! غير أني قد حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب.
وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها! غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة!.
وروى أحمد في مسنده نص أنس على أنه حديث عن النبي صلى الله عليه وآله ج 3 ص 238، وكذا في ج 5 ص 219:
عن أبي واقد الليثي قال: كنا نأتي النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه فيحدثنا فقال لنا ذات يوم: إن الله عز وجل قال: إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولو كان لابن آدم واد لأحب أن يكون إليه ثان، ولو كان له واديان لأحب أن يكون إليهما ثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ثم يتوب الله على من تاب (وقريبا منه عن عائشة في ج 6 ص 55).