فأجابه (جعفري) بتاريخ 16 - 3 - 2000، السادسة عصرا:
أخي الكريم، إذا كان مقصدك من ما نقلت خيرا (ونحمل المؤمن على اثنين وسبعين محملا) فقد أخطأت الهدف، غفر الله لك كما فعل غيرك من قبل، إذ نقل عبارة السيد الخوئي عليه الرحمة إن الأخبار الواردة تفيد الاطمئنان إلى وقوع التحريف (بما معنى هذا الكلام ولم أنقل النص) فأخذها وراح يطبل بها وتناسى ما كتبه المرحوم بعد ذلك من نفي التحريف.
هذه عجالة رد، وأعد أن أبحث عن نص أقوال من ذكرت من العلماء، وموقفهم من التحريف بشكل صريح. والسلام على من اتبع الهدى.
والله ما زدتني إلا شكا إلى شكي. ووالله لا أجد في نفسي مخرجا من هذه الأقوال مجتمعة!!!!!!!!! هل يعني هذا كفر من قال بهذا القول؟؟ وإذا كانوا كفارا بهذا القول!!!! ماذا ينبني عليه.
والله أني جاد جاد في كلامي وأحسن الظن في أخيك الذي يجد هذا الحرج في نفسه منذ شهور، ولم يشف هذا الأمر شاف حتى الآن. أنصفني ولا تظلمني.
لا تظن بأنك إذا اخترت لنفسك إس - ما ك - (محب شيعة آل البيت) فإننا لن نعرف حقيقتك؟؟
إلعب لعبة أخرى يا شاطر.. اللهم العن المنافقين.. اللهم العن المنافقين.
1 - إذا كنت ترمي إلى أن القرآن محرف فقد اخطائت التقدير.
2 - وإذا كنت ترمي إلى أن الشيعة يقولون بالتحريف فقد أخطأت التقدير. لأن كتب السنه مملؤة بالأحاديث في تحريف القرآن.
وكلا الطرفان. كذا) اللذان يقولان بتحريف القرآن باطلان. بصريح كلام القرآن. فاتكل على الله لأنه ليس في هذا النقاش إلا وجع رأس.
هذا يأتي من كتب السنة بأحاديث تقول بتحريف القرآن. والآخر يأتي بأحاديث من الشيعة تقول بتحريف القرآن. وكلاهما في هذه الأحاديث باطل. والسلام.
الفاضل جمال نعمة.
الأقوال التي ذكرها الرجل ليست أحاديث.. بل هي أقوال علماء في مذهب الشيعة.. تصرح بوجود التحريف في القرآن.. ما موقفك منهم هل تصدقهم في كلامهم؟؟ هل هم كاذبون؟؟
أجمع علماء الشيعة على أن القرآن الموجود ليس فيه زيادة.. وجمهورهم يرى أنه ليس فيه نقيصة.. وبعضهم القليل يرى أن فيه نقيصة. ورأي عمر والبخاري أن القرآن فيه سورتان زيادة وهما سورتا المعوذتين!! وفيه نقيصة أكثر من ثلثه!! وفيه آيات غلط يجب أن تصحح في سورة الحمد والجمعة وغيرها!! وكل ذلك ثابت في صحاحكم، أو بسند موثق عندكم!!
وإن أصريت على تكفير القائلين به، فابدأ بعمر والبخاري، ثم نرى رأينا في القائل به من الشيعة!!
يكفينا من الشيعة أن تقول إن من اعتقد أن القرآن زيد فيه أو أنقص منه فهو كافر.. فهذا اعتقاد أهل السنة في القرآن.
هل تستطيع أن تقول ذلك.. دون أن تذكر أسماء.
إن المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم، والمتسالم عليه بينهم، هو القول بعدم التحريف في القرآن الكريم، وقد نصوا على أن الذي بين الدفتين هو جميع القرآن المنزل على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم دون زيادة أو نقصان.
ومن الواضح أنه لا يجوز إسناد عقيدة أو قول إلى طائفة من الطوائف إلا على ضوء كلمات أكابر علماء تلك الطائفة، وباعتماد مصادرها المعتبرة، وفيما يلي نقدم نماذج من أقوال أئمة الشيعة الإمامية منذ القرون الأولى وإلى الآن، لتتضح عقيدتهم في هذه المسألة بشكل جلي:
1 - يقول الإمام الشيخ الصدوق، محمد بن علي بن بابويه القمي، المتوفى سنة (381 هـ) في كتاب (الإعتقادات): اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع
(الإعتقادات: 93).
2 - ويقول الإمام الشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، المتوفى سنة (413 هـ) في (أوائل المقالات): قال جماعة من أهل الإمامة: إنه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة، ولكن حذف ما كان مثبتا في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله، وذلك كان ثابتا منزلا، وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز، وعندي أن هذا القول أشبه - أي أقرب في النظر - من مقال من أدعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل، وإليه أميل.
(أوائل المقالات: 55)....
3 - ويقول الإمام الشريف المرتضى، علي بن الحسين الموسوي، المتوفى سنة (436 هـ) في (المسائل الطرابلسيات... إلى آخر ما كتبه جعفري...
حول تفسير علي بن إبراهيم القمي
قرأت مقالة في صفحة الدفاع عن الحقيقة، وهي رد على رئيس منظمة أهل السنة في باكستان تتعلق بخصوص افترائهم على الشيخ علي بن إبراهيم
أولا: إن المقدمة الموجودة في هذا التفسير غير مقطوع بها أنها لعلي بن إبراهيم، فلا يمكن الحكم والحال هذه الادعاء على علي بن إبراهيم بأنه يقول بالتحريف والنقصان في كتاب الله، خصوصا وأن هذا التفسير قد زيد وبدل فيه.
وثانيا: أن هذا التفسير المطبوع والمتداول ليس كله لعلي بن إبراهيم، بل هو ملفق مما رواه علي بن إبراهيم وما رواه تلميذه بسنده عن أبي الجاورد زياد بن المنذر.
ولا يبعد أن يكون هذا التفسير قد تلاعبت به الأيدي غير الأمينة لما أورده بعض أهل التحقيق من أن النسخة المطبوعة هذه تختلف عما نقل عنه في بعض الكتب.
يقول الشيخ جعفر السبحاني في كتابه كليات في علم الرجال ص 317، وهو في معرض كلامه عن هذا التفسير:
وقد ذهب بعض أهل التحقيق إلى أن النسخة المطبوعة تختلف عما نقل عن ذلك التفسير في بعض الكتب، وعند ذلك لا يبقى اعتماد على هذا التوثيق الضمني أيضا، فلا يبقى اعتماد لا على السند ولا على المتن.
والخلاصة: أنه من المجانبة للحق والصواب أن ينسب أحد لعلي بن إبراهيم القول بتحريف القرآن الكريم من خلال ما ورد في هذا التفسير.
الأخ الفاضل الأشتر، السلام عليكم ورحمة الله.
الحقيقة أن كلامك في تفسير القمي لم أسمع به من قبل، لكن ما عساي أن أقول وقد قيل كهذا الكلام من قبل في روايات الكافي وفي صحة نسبة الروضة إليه، وكتاب سليم بن قيس والبحار وكتب الطوسي، وغيرها.
السؤال المطروح: ما هي الحجة عليكم؟
والسؤال لجاكون: هل رأيت الكافي بنفسك؟ أم نقل إليك ما في الكافي؟
هل رأيت المصادر التي تدرجها بنفسك؟
أم أنك تطلع عليها من طرف ثالث غير مؤتمن؟
لقد سئلت عن العنوان الكامل لمنهاج البراعة، فكان جوابك ذكر دار النشر!
والكتاب يعرف باسمه لا باسم دار النشر! وهذا دليل قاطع بأنك لم تر الكتاب!
هل نقول ببراءة علي بن إبراهيم من هذه التهمة؟؟؟
هل اقتنعت أم ماذا؟؟؟؟ انتهى.
(قال (العاملي):
أتحفظ على ما قيل في تفسير علي بن إبراهيم القمي وصاحبه رحمه الله.
الفصل الحادي عشر
اتهامهم مراجع الشيعة المعاصرين بالقول بالتحريف
دعا الإمام الخوئي إلى الاعتقاد بتحريف القرآن، وتصديق الروايات التي وردت عن أئمة آل البيت بالقول بالتحريف والتبديل وبتلاعب أئمة الجور به، واعتبار ذلك من الأسس العقائدية الهامة للشيعة!
وقد بين رأيه هذا في البيان (ص 226) حين قال: إن كثره الروايات على وقوع التحريف في القرآن تورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين، ولا أقل من الاطمئنان لذلك، وفيها ما روي بطريق معتبر.
ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم.
لماذا الإفتراء يا مزور؟!
لماذا لا تكمل بقية كلام السيد الخوئي قدس سره؟
أولا: السيد الخوئي لم يقل إن الروايات الصحيحة هي من أي قسم من الطوائف التي قسم روايات التحريف إليها؟
لقد عقد بابا باسم صيانة القرآن من التحريف أورد أدلته لنفي التحريف، من الصفحة 197 إلى الصفحة 235!!
وهذا المزور يفتري على السيد الخوئي، وينسب إليه الدعوة للاعتقاد بتحريف القرآن!!!
هذا قول الإمام الخوئي قدس سره بالنص: (المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن وأن الموجود بين أيدينا هو جميع القرآن المنزل على النبي الأعظم (ص)). ولمعرفة أقوال بقية علماء الشيعة: راجع:
http://fadak.org/MOSHARAK.9.htm
وكفاكم افتراء!!
وكتب (جاكون) بتاريخ 23 - 12 - 1999، الثامنة مساء:
الموسوي: الجملة تامة المعنى، وأترك التكملة لك إن كانت لزومية.
ثم إن الخوئي قال: إن بعض روايات التحريف (صحيحة).. وأنت قلت: لم يقل بلزوم الاعتقاد بها حتى على فرض صحتها..
وأنا أتساءل عن وظيفة أقوال الأئمة؟.. هل الأئمة يكذبون؟ أم الشيعة ينتقون؟
أم أن بعض الروايات عنهم تفتقد إلى الرشد كهذه الروايات؟؟
بقي أن أقول إن ما تدعيه لا ينبع من قواعد أصلية، وأضم صوتي إلى المفيد في كتابه أوائل المقالات (ص 48 و 49) حين قال: (واتفقوا - أي الإمامية - على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة الرسول (ص).
(من كتاب تدوين القرآن: قصة اتهام الشيعة بالقول بتحريف القرآن).
وهو مقال طويل، جاء فيه:
التهمة الجديدة القديمة:
تعودنا نحن الشيعة على تلقي التهم، وتحملها.. فقد بدأت محنتنا من يوم وفاة النبي صلى الله عليه وآله.. فنحن في تاريخ الإسلام معارضة، والمعارضة لا بد أن تتحمل ضريبة إعلام الدولة واضطهادها وأذاها.. وتتحمل من عوام الدولة تهمهم ومضايقاتهم وأذاهم..
ولم تختلف علينا العصور إلا في شدة الحملة وخفتها.. فأحيانا تحدث عوامل تخفيف فيقل الاتهام والاضطهاد، وأحيانا تحدث عوامل توجب شدة الموجة، أو حدوث موجة جديدة!.
والذي حدث في عصرنا أن الشيعة ارتكبوا ذنبا كبيرا ومعصية يصعب غفرانها.. فقد ثار شيعة إيران على شاههم بفتوى مرجع ديني، فغضب لذلك
ثم ما لبث الكتاب والباحثون من خصوم الشيعة أن غضبوا أيضا..
فحدثت موجة جديدة من التهجم على (مذهب التشيع) تكرر التهم القديمة، وتبحث عن جديد إن استطاعت..
ومن التهم المؤذية التي وجهوها إلينا: أن الشيعة لا يعتقدون بالقرآن الكريم!
والسبب أنه توجد في مصادرهم روايات تدعي أن القرآن وقع فيه تحريف، ولا بد أنهم يعتقدون بها!..
وقد روج مبغضو الشيعة لهذه التهمة، وبالغوا فيها، وشنعوا بها علينا، ونشروا حولها الكتب والمناشير، حتى زعم بعضهم أن الشيعة ليسوا مسلمين، لأن من أنكر القرآن وادعى أن القرآن الذي نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله قرآن آخر، فهو كافر بالقرآن، وخارج عن الإسلام.
نموذج من نصوص التهمة:
(قال الكاتب الوهابي الهندي (إحسان إلهي ظهير) في كتابه (الشيعة والسنة) صفحة (65) تحت عنوان: (الشيعة والقرآن):
(من أهم الخلافات التي تقع بين السنة والشيعة هو اعتقاد أهل السنة بأن القرآن المجيد الذي أنزله الله على نبينا صلى الله عليه وسلم هو الكتاب الأخير المنزل من عند الله إلى الناس كافة وأنه لم يتغير ولم يتبدل.
وليس هذا فحسب، بل إنه لن يتغير ولن يتحرف إلى أن تقوم الساعة.
وهو الموجود بين دفتي المصاحف لأن الله قد ضمن حفظه وصيانته من أي
(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). الحجر: 9 وقال: (إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم إن علينا بيانه).
القيامة: 17 - 19 وقال: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد). حم السجدة: 42.
وإن عدم الإيمان بحفظ القرآن وصيانته يجر إلى إنكار القرآن وتعطيل الشريعة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه حينذاك يحتمل في كل آية من آيات الكتاب الحكيم أنه وقع فيها تبديل وتحريف، وحين تقع الاحتمالات تبطل الاعتقادات والإيمانيات، لأن الإيمان لا يكون إلا باليقينيات وأما بالظنيات والمحتملات فلا.
وأما الشيعة فإنهم لا يعتقدون بهذا القرآن الكريم الموجود بأيدي الناس، والمحفوظ من قبل الله العظيم، مخالفين أهل السنة، ومنكرين لجميع النصوص الصحيحة الواردة في القرآن والسنة، ومعارضين كل ما يدل عليه العقل المشاهدة، مكابرين للحق وتاركين للصواب. الخ..
الهدف من تحويل المسألة النظرية إلى مسألة عملية:
ما هو الهدف من هذه العشرات من الكتب والمنشورات التي كتبها بعض الكتاب من قلوب تفيض ببغض الشيعة، وقام آخرون بطباعتها وتوزيعها ونشرها في أنحاء العالم..
ويبيعونها في المكتبات بثمن بخس، ومعها أشرطة مسجلة تكفر الشيعة وتخرجهم من الإسلام!
إن الطبعة التي نقلنا منها فقرات التهمة للشيعة هي الطبعة الثلاثون من كتاب يتهمنا بالكفر وعدم الاعتقاد بالقرآن، وقد طبعت في لاهور - باكستان، وذكر فيها عناوين ثلاث عشرة مكتبة للتوزيع في السعودية!
هل إن السبب في تبني خصوم الشيعة لهذا (الباحث) وكتبه أكثر من غيره، أنه أفتى بكفر الشيعة وهدر دمائهم وإباحة أعراضهم، وأسس مع إخوانه منظمة إرهابية في باكستان لقتل الشيعة باسم (ميليشيا الصحابة) تخصصت بمهاجمة مساجد الشيعة، وقتلت أكبر عدد ممكن منهم في حال صلاتهم في مساجدهم! أو في حال إقامتهم مجالس التعزية في حسينياتهم في ذكرى شهادة الإمام الحسين عليه السلام؟!
أم السبب أنهم وجدوا أن كتب هذا المؤلف هي أقوى ما كتب ضد الشيعة بأسلوب (علمي) فأحبوا أن يطلع الناس على حقيقة الشيعة من قلم هذا المؤلف القدير ونتاجه الموضوعي؟!.
وآخر ما قرأت في هذه التهمة ما توصل إليه (دكتور) وهابي من أن الشيعة في مسألة تحريف القرآن قسمان:
قسم يعتقد بتحريف القرآن ونقصه، وهم عدد من علمائهم القدماء والمتأخرين. وهؤلاء تنطبق عليهم فتاوى إحسان ظهير وأمثاله.
وقسم يوافق السنة على الاعتقاد بعدم تحريف القرآن، وهم عدد من علمائهم القدماء والمتأخرين.
ماذا يمكن أن يكون هدف هؤلاء الكتاب، وأولئك الناشرين؟ وهل كتب علينا نحن الشيعة أن ندفع دائما الثمن، وتتوالى علينا سهام الافتراءات والتهم؟
وأن يكون جواب دعوتنا إلى الوحدة مع إخواننا السنة في مقابلة موجة العداء العالمية للإسلام، أن نفاجأ بتحالف النواصب والأجانب، ثم يقال لنا:
اعترفوا بالكفر والخروج عن الدين، أو تبرؤوا من أهل بيت النبي الطاهرين، الذين أوصى بهم النبي صلى الله عليه وآله إلى جانب القرآن!!...
خلاصة ردود علماء الشيعة
صدرت عن علماء الشيعة ردود عديدة على تهمة القول بتحريف القرآن، نذكر خلاصة أفكارها بما يلي:
1 - أن واقع الشيعة في العالم يكذب التهمة:
فالشيعة ليسوا طائفة قليلة تعيش في قرية نائية أو مجتمع مقفل، حتى يخفى قرآنهم الذي يعتقدون به ويقرؤونه!
بل هم ملايين الناس وعشرات الملايين، يعيشون في أكثر بلاد العالم الإسلامي، وهذه بلادهم وبيوتهم ومساجدهم وحسينياتهم ومدارسهم وحوزاتهم العملية، لا تجد فيها إلا نسخة هذا القرآن.. ولو كانوا لا يعتقدون به ويعتقدون بغيره دونه أو معه، فلماذا يقرؤونه في بيوتهم ومراكزهم ومناسباتهم ولا يقرؤون غيره؟ ولماذا يدرسونه ولا يدرسون غيره؟!
2 - مذهب التشيع مبني على التمسك بالقرآن والعترة:
قام مذهب التشيع لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله على الاعتقاد بأن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وآله بأن يوصي أمته بالتمسك بعده بالقرآن وعترة النبي، لأنه اختارهم للإمامة وقيادة الأمة بعد نبيه صلى الله عليه وآله.
وحديث الثقلين حديث ثابت عند الشيعة والسنة، فقد رواه أحمد في مسنده: 3 / 17: (عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي. كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروني بم تخلفوني فيهما؟!). وقد بلغت مصادر هذا الحديث من الكثرة وتعدد الطرق عند الطرفين بحيث أن أحد علماء الهند ألف في أسانيده وطرقه كتاب (عبقات الأنوار) من عدة مجلدات.
وعندما يقوم مذهب طائفة على التمسك بوصية النبي بالثقلين، الثقل الأكبر القرآن والثقل الأصغر أهل بيت نبيهم.. فكيف يصح اتهامهم بأنهم لا يؤمنون بأحد ركني مذهبهم؟!
إن مثل القرآن والعترة - الذين هم المفسرون للقرآن والمبلغون للسنة في مذهبنا، كمثل الأوكسجين والهيدروجين، فبدون أحدهما لا يتحقق وجود مذهب التشيع..
ولم تقتصر تأكيدات النبي صلى الله عليه وآله على التمسك بعترته على حديث الثقلين، بل كانت متكررة وممتدة طوال حياته الشريفة، وكان أولها مبكرا في مرحلة دعوة عشيرته الأقربين - التي يقفز عنها كتاب السيرة في
قال السيد شرف الدين في المراجعات ص 187:
(فدعاهم إلى دار عمه أبي طالب وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه، وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، والحديث في ذلك من صحاح السنن المأثورة، وفي آخره قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على أمري هذا على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم عنها غير علي... وكان أصغرهم - إذ قام فقال: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه. فأخذ رسول الله برقبته وقال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع!) انتهى.
وتواصلت تأكيدات النبي صلى الله عليه وآله بعد حديث الدار في مناسبات عديدة، كان منها حديث الثقلين، وكان منها تحديد من هم أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس..
ثم كان أوجها أن أخذ البيعة من المسلمين لعلي في حجة الوداع في مكان يدعى غدير خم.. وقد روت ذلك مصادر الفريقين أيضا، وألف أحد علماء الشيعة كتاب (الغدير) من عدة مجلدات في جمع أسانيده وما يتعلق به.
3 - والشيعة عندهم قاعدة عرض الأحاديث على القرآن:
من مباحث أصول الفقه عند الشيعة والسنة: مسألة تعارض الأحاديث مع القرآن، وتعارض الأحاديث فيما بينها.. وفي كلتا المسألتين يتشدد الشيعة في ترجيح القرآن أكثر من إخوانهم السنة، فعلماء السنة مثلا يجوزون نسخ آيات القرآن بالحديث حتى لو رواه صحابي واحد.. ولذلك صححوا موقف الخليفة أبي بكر السلبي من فاطمة الزهراء عليها السلام، حيث صادر منها (فدك) التي نحلها إياها النبي صلى الله عليه وآله وكانت بيدها في حياة أبيها، ثم منعها إرثها من أبيها صلى الله عليه وآله بدعوى أنه سمع النبي يقول: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) يقصد أن ما تركه النبي يكون صدقة بيد الدولة..
واحتجت عليه فاطمة الزهراء عليها السلام بالقرآن، وقالت له كما روى النعماني المغربي في شرح الأخبار ج 3 ص 36: يا بن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي..؟! لقد جئت شيئا فريا، فقال علماء السنة إن عمل أبي بكر صحيح، وآيات الإرث في القرآن منسوخة بالرواية التي رواها أبو بكر وحده، ولم يروها غيره!
أما إذا تعارض الحديثان، فقد وضع العلماء لذلك موازين لترجيح أحدهما على الآخر، ومن أولها عند الفريقين ترجيح الحديث الموافق لكتاب الله تعالى على الحديث المخالف... إلخ.
وزاد علماء الشيعة على ذلك أنه بقطع النظر عن وجود التعارض بين الأحاديث أو عدم وجوده، فإنه يجب عرض كل حديث على كتاب الله تعالى، والأخذ بما وافقه إن استكمل بقية شروط القبول الأخرى، ورد ما خالفه وإن استجمع شروط القبول الأخرى، ورووا في ذلك روايات صحيحة عن النبي وآله صلى الله عليه وآله...
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خطب النبي صلى الله عليه وآله بمنى فقال:
أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله...
عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به؟. قال: إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وآله، وإلا فالذي جاءكم به أولى به...
عن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل شئ مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف).
وفي تهذيب الأحكام للطوسي ج 7 ص 275: (فهذان الخبران قد وردا شاذين مخالفين لظاهر كتاب الله، وكل حديث ورد هذا المورد فإنه لا يجوز العمل عليه، لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وآله وعن الأئمة عليهم السلام أنهم قالوا: إذا جاءكم منا حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالفه فاطرحوه أو ردوه علينا. وهذان الخبران مخالفان على ما ترى..) انتهى.
فكيف يتهم الشيعة بعدم الاعتقاد بالقرآن، والقرآن هو المقياس الأول في مذهبهم، وهم يخوضون معركة فكرية مع إخوانهم السنة ويكافحون من أجل تحكيم نصوص القرآن، وقد اشتهرت عنهم إشكالاتهم على اجتهادات الخلفاء
4 - وتاريخ الشيعة وثقافتهم مبنيان على القرآن:
والشيعة ليسوا طائفة مستحدثة، بل جذورهم ضاربة إلى زمن النبي صلى الله عليه وآله، حيث كان عدد من الصحابة يلتفون حول علي عليه السلام، فشجعهم النبي على ذلك، ومدحهم وأبلغهم مدح الله تعالى لهم، كما ترويه مصادر السنة والشيعة..
فقد روى السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 379: في تفسير قوله تعالى:
(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) فقال:
(وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل علي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة. ونزلت: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية. فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبل علي قالوا: جاء خير البرية.
وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعا: علي خير البرية.
وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال: لما نزلت: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي:
هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين.
وأخرج ابن مردويه عن علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ألم تسمع قول الله: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية،
فعلي وشيعته كانوا وجودا مميزا في زمن النبي صلى الله عليه وآله، وهم الذين كانوا مشغولين مع علي بجنازة النبي، عندما بادر الآخرون إلى السقيفة ورتبوا بيعة أبي بكر، فأدان علي وفاطمة وشيعتهم هذا التصرف، واتخذوا موقف المعارضة.. وعندما بويع علي بالخلافة كانوا معه في مواجهة الانحراف وتنفيذ وصية النبي صلى الله عليه وآله بالقتال على تأويل القرآن.. ثم كانوا مع أبنائه الأئمة من أهل البيت عليهم السلام..
وعبر القرون كان الشيعة قطاعا كبيرا حيويا واسع الامتداد في الأمة تمثل في مجتمعات ودول، وتاريخ معروف مدون.. وثقافتهم ومؤلفاتهم كثيرة وغزيرة، وقد كانت وما زالت في متناول الجميع، ومحورها كلها القرآن والسنة، ولا أثر فيها لوجود قرآن آخر!!
5 - وتفاسيرهم ومؤلفاتهم حول القرآن:
يمكن القول بأن عدد الشيعة عبر العصور المختلفة كان خمس عدد الأمة الإسلامية، وبقية المذاهب السنية أربعة أخماس.. فالوضع الطبيعي أن تكون نسبة مؤلفاتهم في تفسير القرآن ومواضيعه الأخرى خمس مجموع مؤلفات إخوانهم السنة.
وإذا لاحظنا ظروف الاضطهاد التي عاشها الشيعة عبر القرون، نكون منصفين إذا توقعنا من علمائهم عشر ما ألفه إخوانهم السنة حول القرآن بل نصف العشر.. بينما نجد أن مؤلفات الشيعة حول القرآن قد تزيد على الثلث!
فكيف يصح أن نعمد إلى طائفة أسهموا على مدى التاريخ الإسلامي أكثر من غيرهم في التأليف في تفسير القرآن وعلومه.. ونتهمهم بعدم الإيمان بالقرآن، أو بأن عندهم قرآنا آخر!!
6 - وفقه الشيعة في احترام القرآن أكثر تشددا:
توجد مجموعة أحكام شرعية عند الشيعة تتعلق بوجوب احترام نسخة القرآن الكريم وحرمة إهانتها..
فلا يجوز عندنا مس خط القرآن لغير المتطهر، ولا يجوز القيام بأي عمل يعتبر عرفا إهانة للقرآن ولو لم يقصد صاحبه الإهانة، كأن يضع نسخة القرآن في مكان غير مناسب، أو يرميها رميا غير لائق، أو ينام ونسخة المصحف في مكان مواجه لقدميه، أو يضعها في متناول طفل يسئ إلى قداستها.. إلى آخر هذه الأحكام التي تشاهدها في كتب الفقه العملي الذي يعلم الناس الصلاة والوضوء والأحكام التي يحتاجها الشيعي في حياته اليومية..
فأي قرآن تقصد هذه الأحكام التي تعلمها نساء الشيعة لأطفالهن..؟ هل تقصد قرآن الشيعة المزعوم الذي لا يعرفه الشيعة ولا رأوه؟!
7 - وفتاوى علماء الشيعة بعدم تحريف القرآن:
الذين يمثلون الشيعة في كل عصر هم علماؤهم، فهم الخبراء بمذهب التشيع لأهل البيت عليهم السلام، الذين يميزون ما هو جزء منه وما هو
فهؤلاء الفقهاء، الذين هم كبار المجتهدين في كل عصر، يعتبر قولهم رأي الشيعة، وعقيدتهم عقيدة الشيعة. ويليهم في الاعتبار بقية العلماء، فهم يعبرون عن رأي الشيعة نسبيا... وتبقى الكلمة الفصل في تصويب آرائهم وأفكارهم لمراجع التقليد.
وقد صدرت فتاوى مراجع الشيعة في عصرنا جوابا على تهمة الخصوم فأجمعوا على أن اتهام الشيعة بعدم الاعتقاد بالقرآن افتراء عليهم وبهتان عظيم، وأن الشيعة يعتقدون بسلامة هذا القرآن وأنه القرآن المنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله دون زيادة أو نقيصة..
وهذه نماذج من فتاوى عدد من فقهاء الشيعة الماضين والحاضرين ننقلها ملخصة من كتاب: (البرهان على صيانة القرآن) للسيد مرتضى الرضوي ص 239، فما بعدها.
رأي الشيخ الصدوق:
(إعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وآله هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة، وعندنا أن (الضحى) و (ألم نشرح) سورة واحدة، و (لإيلاف) و (ألم تر كيف) سورة واحدة (يعني في الصلاة)، ومن نسب إلينا أنا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب).
رأي الشيخ المفيد:
(وأما الوجه المجوز فهو أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان، وما أشبه ذلك مما لا يبلغ حد الإعجاز، ويكون ملتبسا عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن، غير أنه لا بد متى وقع ذلك من أن يدل الله عليه، ويوضح لعباده عن الحق فيه. ولست أقطع على كون ذلك، بل أميل إلى عدمه وسلامة القرآن عنه).
رأي الشريف المرتضى:
(المحكي أن القرآن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مجموعا مؤلفا على ما هو عليه الآن، فإن القرآن كان يحفظ ويدرس جميعه في ذلك الزمان، حتى عين على جماعة من الصحابة في حفظهم له، وأنه كان يعرض على النبي صلى الله عليه وآله ويتلى عليه، وأن جماعة من الصحابة مثل:
عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلى الله عليه وآله عدة ختمات.
وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعا مرتبا غير منثور، ولا مبثوث).
رأي الشيخ الطوسي:
(وأما الكلام في زيادته ونقصانه، فمما لا يليق به أيضا، لأن الزيادة فيه
مجمع على بطلانها، والنقصان منه فالظاهر أيضا من مذهب المسلمين خلافه،
وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذي نصره المرتضى رحمه الله وهو
الظاهر في الروايات.. ورواياتنا متناصرة بالحث على قراءته، والتمسك بما
فيه، ورد ما يرد من اختلاف الأخبار في الفروع إليه. وقد روي عن النبي
صلى الله عليه وآله رواية لا يدفعها أحد أنه قال: إني مخلف فيكم الثقلين، ما