الصفحة 409
  • فكتب (عمر)، الواحدة إلا عشرا ظهرا:

    إرجع للموضوع من الأول لترى بأنني لم أطلب المناقشة في عبس وكان القصد في سورة التحريم. وأعتقد بأن لو وصلنا إلى حل في سورة التحريم سيكون من السهل العودة لسورة عبس وإقناعك بها.

    قرأت التفاسير، ولا حتى واحد من التفاسير يقول أن هذا كان ذنبا على رسول الله (ص)، ولا أعرف كيف عرفت أنه كان ذنبا، كل ما هنالك أن الرسول (ص) حرم على نفسه العسل (أو ماريا) لتطيب خاطر حفصة وعائشة وكانت العملية خاصة بالرسول (ص) وكانت تحريمه على نفسه بالحلفان جائز قبل أن ينزل الله حكما فيه، ولم يكن تحريمه تشريعيا أبدا. والعتاب كان على حفصة وعائشة كما تعلم وخصوصا أن الله انتهى إلى قوله (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما). فلا تخلط الأمور وتستسخف نفسك.

  • وكتب (عمر) أيضا:

    يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم. انطبق المثل على الشيعة نعجة ولو طارت! الآية واضحة كما يقرأها أي عربي. لم أداة استفهام وهي تقديرا (كذا) للرسول (ص)، والسبب للتحريم مرضات الأزواج، ثم أمره الله بالتحلل من التحريم والحلف... ولو لم يكن هناك خطأ ما لما عاد الرسول (ص) بالتكفير عن القسم الذي قسمه (كذا) لأنه رسول يجب أن يكون قدوة وعمله سنة. أي لو لم يعاتبه الله لأصبحت سنة اقتداء بالرسول (ص). وهناك سورة أخرى تبين بأن الرسول (ص) ليس ملاك (كذا) سورة التوبة - آية 80: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله

    الصفحة 410
    ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين. ويبين الله بأن الرسول (ص) مخير.

    وهذه أيضا سورة التوبة - آية 84: ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون وهنا أمر إلهي بعدم الصلاة عليهم وهذه الآية تبين صفة البشرية لدى الرسول (ص).

    سورة الإسراء - آية 94: وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا. وهذه الآية تثبت بأن الرسول (ص) ليس ملاك أي بصفاته لأن الملاك قادر على التشكل كبشر.

    سورة الإسراء - آية 95: قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا. وهذه الآية تبين بأن الشيطان يحاول مع الرسول ولكن الله يبعد ما يفعله الشيطان.

    سورة الحج - آية 52: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم. وهنا يتبين لنا من هم الرسل.

    سورة الفرقان - آية 7: وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا. كل هذه الصفات والآيات تثبت بأن الرسول (ص) بشر يحس كما البشر ويغضب ويتزوج ويصوم ويفطر. ونحن نبرؤه من الخطأ في الدين والتبلغ، أما ما ذكرنا في سورة عبس وسورة التحريم وسورة المائدة (بلغ) فإنها ليس بالدين والعقيدة (كذا) ولكنها من الصفات البشرية العادية كالغضب والضحك.

    حتى الآن لم نجد تبريرا للشيعة لسورة التحريم التي يصورونها بأنها لا يوجد بها عتاب من الرب والسورة اسمها التحريم. لا زلنا ننتظر، على شرط أن لا يكون الجواب نعجة ولو طارت.


    الصفحة 411

  • فكتب (مدقق)، الثانية والثلث ظهرا:

    لحظة واحدة.. لا ترمي الآيات كما تشاء! لنأخذها واحدة واحدة..

    ولا أرى ما ترى في التحريم! هل من الممكن تبين ما هو الذنب الذي وقع فيه الرسول. وأخبرن عن ذنبه ولا تخبري عما تعتقد أنه ذنب، واستدل بالأدلة ولا تخرج عن الآية، ولا تأتي (كذا) بآيات أخرى!

    وإذا أردت بعد ذلك نذهب إلى آية آية، حتى أرفع الشبهات عن تفكيرك.

    ولا تنس أنك دائما تفعل نفس الشئ، ترمي الآيات ولا تدري ما تقول، ثم آتيك بالتفسير وإذا العملية 180 درجة بعيدة عن رأيك الخاص. ولا أريد رأيك الخاص في الموضوع.

    وأخيرا، لا تستعجل على ردي، فأنا وقتي يذهب لأشياء أخرى غيرك، وأنت أقل الموجودات أهمية عندي، فلذلك، اصبر.

  • فرد (عمر)، السادسة مساء:

    الكلام طال المهم أن نعرف هل الرسول (ص) معصوم عصمة الملائكة أي مصير وكل حركة يفعلها فهي أمر، وهذا قول الشيعة.

    أما قول السنة فإن الرسول (ص) بشر يمرض ويغضب ويتذكر وينسى، والفرق بينه وبين البشر بأنه يوحى إليه، وهذا مع سائر الأنبياء.

    وبالعودة لسورة التحريم فإنه غضب وحرم عليه مملوكته أو العسل، لأن هناك روايتان، ولهذا العمل عاتبه الله لأن عمله يكون قدوة للبشر وعمله سنة، أي يكون تحريم العسل أو المملوكة، وأمره بالتحلل من قسمه.

    ولو كان معصوما كعصمة الملائكة كما تدعي الشيعة، لما عاتبه الله لأن الملائكة مصيرة (كذا). ولهذا الشيعة تدعي العصمة المطلقة للنبي، حتى يكون الأئمة معصومين مثله أي كالملائكة.


    الصفحة 412
    وفي موضع آخر تتجرأ الشيعة على الرسول (ص) وتقول بأنه لم يبلغ أمر الله في ولاية علي (ض). ولا بد من تجرأ على الرسول (ص) غاب عنه ما ذكرته الشيعة في سورة عبس.

    ونرى بأن ما بني على باطل فهو باطل، أي إذا كان علمائكم بهذه الدرجة من العلم فلا حول ولا قوة إلا بالله.

  • وأجاب (مدقق)، السابعة مساء:

    أولا: لأبين نقطة في غاية الأهمية، وهي أن الآية لا تتكلم عن أي نوع من الغضب، وهذا الكلام من عندك، والله يقول الله (تبتغي مرضات أزواجك) وهذا كان سبب تحريمه ذلك الشئ على نفسه.

    ثانيا: أنا لم أتكلم عن العصمة، والعصمة موضوع طويل عريض، كل ما هنالك أنني أريد أن أبين أن الرسول في هذه الآية بالذات لم يذنب.

    ثالثا: العمل هذا كان لنفسه ولا علاقة له بالتشريع، وكما أن الله من الممكن أن يعاتبه على ترك صلاة الليل لأنها واجبة عليه لا على غيره، فهو يعامله هنا معاملة خاصة فوق البشر. وليست لها علاقة بأي ذنب.

    رابعا: أما بالنسبة للتحلل من الحلف، فحسب التفاسير أن الحلف من هذا النوع لم يكن محرما وقتها، والله بين له كيف يتنازل عن هذا الحلف، وكما بينت أنه هذا الحلف للامتناع كان خاصا به ولا علاقة له بالتشريع. وإذا قلت أنه له علاقة بالتشريع فأصبح الرسول حتى في تبليغ الرسالة غير معصوم، وتصبح هذه مصيبة كبرى!

    خامسا: حسب التفاسير التي قرأتها أنه من الممكن أن الله يوجه العتاب للأنبياء لأشياء لا يوجه العتاب فيها إلى أي من عباده، وهذا طبيعي،

    الصفحة 413
    فالمدرس الذي لديه تلميذ شاطر يحاسبه على أقل الأمور التي لا يحاسب عليها باقي التلاميذ. والفرق أنه أريد أن أبين أنه لم يكن ذنبا، وهذا هو المهم.

    سادسا: العتاب وإن كان موجها شكليا إلى الرسول إنما كان لحفصة وعائشة بدليل أنه طلب منهما التوبة (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما).

    كما أن الله عندما خاطب النبي عيسى (ع): (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله). فكما أن هذا يبدو عتابا للنبي عيسى، ولكنه عتاب للناس فكذلك الآية الأخرى.

    سابعا: لا تحاول الانطلاق إلى موضوع عصمة الأئمة، وهذا ليس موضوعنا ولا أريد التشتت في الفكر. أنت طلبت شرح الآية وأتيتك بها، وانتهى.

  • فكتب (عمر)، السابعة والنصف مساء:

    يا شاطر، الموضوع الأساسي كان عن مدى عصمة الأنبياء لدى الشيعة ولذلك قارنا بين سورة عبس وسورة التحريم وعندما خاطب الله رسوله: (لم تحرم ما أحل الله لك). فهذا يبطل كلام الشيعة في عبس لأن الشيعة تقول بأن الرسول (ص) لا يفعل شئ إلا بأمر الله ولا ينسى ولا يغضب. من هنا يتبين لكم أن علماء الشيعة كل يفسر على هواه لمصلحة قضية خاسرة، وهي الإمامة.

    سؤال: هل عندما حرم الرسول (ص) ما أحله الله له كان بأمر الله أم من تفكيره. إذا قلت بأنه من أمر الله. فلماذا يستفهم منه الله ويطلب منه التحلل من القسم، وإذا قلت بأنه من تفكيره فإنك خالفت علماء الشيعة. أي الجوابين تختار؟


    الصفحة 414

  • وكتب (فاتح) بتاريخ 5 - 1 - 2000، السادسة مساء:

    يا عمر، لماذا الاصرار على أنها نزلت في الرسول (ص)؟

    هل إثبات ذلك بدافع البحث عن الحقيقة، أم إرادة الإهانة للنبي (ص)؟

  • وكتب (حسيني)، السابعة مساء:

    تقول: (من مهازل الشيعة ادعائهم بأن سورة عبس نزلت في عثمان)!

    يا سبحان الله، غيرتك على عثمان أصبحت أفضل من غيرتك على الرسول (ص) عثمان يفعلها هذا ادعاء ولكن رسول الله (ص) وهو رسول الله (ص) يفعلها فأمر وارد، فإذا كان رسول الله (ص) لديكم يفعل هذه الأفعال الشنيعة.

    فلماذا تقتدون به فلديكم عثمان إنه أفضل من الرسول، أليس كذلك حسب ما تؤمنون، فها أنتم تستميتون للدفاع عن عثمان.

    قول آخر (والسبب بأنهم يرون الأنبياء والأولياء كالملائكة لا تحس ولا تغضب ولا تشعر)! ومن قال لك إن الملائكة لا تحس ولا تغضب ولا تشعر؟!

    وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء... البقرة 30. فها هم أحسوا بالعطف والرحمة على باقي المخلوقات من جراء ما سوف يجنيه الإنسان. من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين. البقرة 98، فإن كان الملائكة لا تحس ولا تشعر، فلماذا يراعى الله شعورهم في هذه الآية ويطمئنهم.

    إن الرسل والملائكة تحس وتغضب وتشعر: قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا. ولكن هم تميزوا بالعصمة، أي أنهم قادرون على

    الصفحة 415
    السيطرة على مشاعرهم وأحاسيسهم فلا يرتكبون المعاصي ولا يرتكبون حتى الذنوب الصغيرة.

    فحاشا لرسول الله (ص) أن يرتكب مثل هذا الفعل الشنيع، وهو العبس في وجه السائل والتولي عنه. إحذروا فإنكم كثيرا ما تتخبطون في أسألتكم، واعلموا أنكم محاسبون يوم القيامة على ما تؤمنون.

    * *

  • وكتب (الراصد) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 23 - 2 - 2000، الثامنة مساء، موضوعا بعنوان (من وحي القرآن - سورة عبس)، نقل فيه من الكتاب المذكور تفسير فضل الله للسورة وادعاءه أن المخاطب فيها هو النبي صلى الله عليه وآله، قال فيه:

    سبب نزول الآية: وهناك مسألة مهمة أثارها المفسرون في سبب نزول الفصل الأول من السورة، ودخلوا في جدل حول الشخص الذي كان موضوعا للحديث هل هو النبي (ص)، أو شخص غيره؟ لأن الصفات التي توحي بها الآيات لهذا الشخص لا تتناسب مع خلق النبي (ص)، وربما لا تتناسب مع عصمته...

    فإن قيل: فلو صح الخبر الأول، هل يكون العبوس ذنبا أم لا؟.

    فالجواب: أن العبوس والانبساط مع الأعمى سواء، إذ لا يشق عليه ذلك فلا يكون ذنبا، فيجوز أن يكون عاتب الله سبحانه بذلك نبيه (ص) ليأخذه بأوفر محاسن الأخلاق، وينبهه بذلك على عظم حال المؤمن المسترشد، ويعرفه أن تأليف المؤمن ليقيم على إيمانه أولى من تأليف المشرك طمعا في إيمانه...


    الصفحة 416
    وروي عن الصادق (ع) أنه قال: كان رسول الله (ص) إذا رأى عبد الله بن أم مكتوم قال: مرحبا مرحبا، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبدا، وكان يصنع به من اللطف حتى كان يكف عن النبي (ص) مما فعل به. مجمع البيان:

    10 / 664..

  • فكتب (الموسوي)، التاسعة مساء:

    سؤال 1296: سيدي ما قولكم في سورة عبس وتولى هل نزلت في النبي (ص) أم لا؟ وإذا لم تكن نازلة في النبي (ص) ففي من نزلت؟.

    الخوئي: عند أهل السنة أن الآية نزلت في النبي الأكرم (ص) وأما عند الشيعة فالآية نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي (ص) وجاء ابن مكتوم فعبس الرجل (راجع التفسير). المصدر: صراط النجاة ج 1 ص 462

  • وكتب (طبيعي)، التاسعة والنصف مساء:

    اللهم صل على محمد وال محمد.

  • وكتب (المسلم المسالم)، الثامنة صباحا:

    إلى الموسوي:

    من قال لك إن الشيعة لا تراها نزلت في الرسول صلى الله عليه وسلم؟؟!

  • وكتب (أبو حسين)، الثامنة والثلث صباحا:

    يا مسالم، أنت تعتقد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي عبس...

    ولماذا تعتقد هذا الاعتقاد المنحرف الذي ينافي قوله تعالى (إنك لعلى خلق عظيم) وخصوصا إذا عرفت أن الرجل الأعمى ما كان له ذنب متعمد عليه ليستحق بذلك العبوس، الذي وصل إلى درجة أنه نزلت به آية.


    الصفحة 417
    إذا كنت تعتقد هذا لأن أبناء جلدتك قالوا به، فعليك أن تصحح عقيدتك. أما قول فلان وفلان، فهؤلاء لا يمثلون بآرائهم سوى أنفسهم، وقول الله سبحانه وتعالى هو الفصل.

  • فكتب (المسلم المسالم) بتاريخ 24 - 2 - 2000، الثامنة والنصف صباحا:

    إن مداخلتك أخانا المسلم خارجة عن مسار البحث، يرجى مراعاة عدم ذكر أسماء، والاكتفاء بمناقشة الفكرة المطروحة من وجهة نظر إسلامية.

    اللهم صل على محمد وآل محمد.

  • وكتب (أبو حسين)، التاسعة صباحا:

    البشر خطاؤون ما عدا المعصومين عليهم السلام، أما إذا انفرد أحد برأي فهو يمثله. ولكنكم أنتم لستم واحدا بل أجمعتم عن بكرة أبيكم بالإيمان بهذا القول المنحرف، وتريدون من غيركم الاقتداء به! بل وتدرسونه أولادكم!!

    هذا هو الانحراف الحقيقي. فهل لاحظت الفرق الآن!! فالشخص قد يعطي رأيه اليوم ويبدله غدا، أما أنتم فقد توارثتموها أب عن جد، وستواصلون سعيكم على هذا النهج. وإن سعيكم لشتى.

  • وكتب (ناصر حسين)، الحادية عشرة صباحا:

    المسالم: لا يمكنك أن تحتج على مذهب بشخص واحد، فاحصر احتجاجك بالاستدلال، واذكر ما يصحح تفسيرك دون أن تستأنس برأي أحد وتنسبه زورا إلينا. اعذرني أخي الناصر على التعديل البسيط، ولكنه من أجل الحفاظ على مسار البحث. اللهم صل على محمد وآل محمد.


    الصفحة 418

  • وكتب (بدر)، الثانية عشرة ظهرا:

    يا أخي هذا التفسير من التفاسير الحركية المنفتحة على ما يتفاعل وما لا يتفاعل مع الروايات!! فلماذا حرق الأعصاب؟!. إن مشكلة إخواننا مع ما يطرح في هذا المنتدى بشكل مكثف ليست بالسند، وإنما بالدلالة، والعاقل يفهم، والمطلع يدري، والراصد يعلم. اللهم نجنا من مضلات الفتن!!

    ورحم الله السيد الحميري إذ يقول، ولو كان في مقاله شك لاعترض عليه الإمام الصادق عليه السلام:

    قطع الله يدي ضاربها * ويد الراضي بذاك المتبع
    لا عفا الله له عنه ولا * كف عنه هول يوم المطلع

  • فكتب (المسلم المسالم)، الثانية ظهرا:

    تعجبت غاية العجب ممن يتهم أهل السنة أنهم ينتقصون الرسول صلى الله عليه وسلم عندما فسروا قوله تعالى: (عبس وتولى) بأن المخاطب بها هو المصطفى صلى الله عليه وسلم.. ثم نسي أو تناسى أن حتى الشيعة تقول بذلك بل هو المشهور عند الطرفين.

    ونحن هنا ننقل بعض كلام المفسرين من الشيعة الذين يقولون أنها نزلت في الرسول صلى الله عليه وسلم أو على أقل تقدير يحكون الروايتين جميعا، وإن كان تقديمهم هذه الرواية في بداية تفسيرهم يستشف منها ترجيحها على غيرها. فمنهم: 1 - أمين الدين الطبرسي (مجمع البيان)... (وعدد التفاسير المتقدمة، ثم قال): وأن هذا هو المشهور عند المفسرين من الطرفين وليس قول شاذا عند شيعة قال به (فضل الله في تفسيره وحي القرآن) وحده، بل هو رأي الكثير من المفسرين، ويسنده الرواية عن جعفر الصادق أن الرسول

    الصفحة 419
    صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ابن أم مكتوم قال له: مرحبا بمن عاتبني فيه ربي... فهل من متبع للحق؟؟!!

  • وكتب (الموسوي)، الثالثة ظهرا:

    سؤال 8: ما هو رأيكم الشريف بمقولة من يرى نزول آية (عبس وتولى) متعلق في الرسول (ص) من مجيئ عبد الله بن أم مكتوم؟

    جواب آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشاهرودي:

    الروايات الواردة من طرقنا تفسر الآية بشكل آخر، وهو أن رجلا ثريا معروفا لا نذكر اسمه) عبس وتجهم عندما جلس ابن مكتوم بجانبه فنزلت الآية في حقه، ومن المعلوم أن مقام الرسول (ص) وأخلاقه الكريمة السامية أجل وأعظم من نسبة هذه الأمور إليه وأن تنزل هذه الآيات في ذمه وتوبيخه، وهو الذي لا ينطق عن الهوى بل لا يصدر منه أي عمل عن الهوى، وقد قال الله تعالى في حقه: وإنك لعلى خلق عظيم. وقال تعالى: فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك. المصدر: أجوبة المسائل الاعتقادية - ص 59 - الناشر: آل المرتضى - قم - الطبعة الأولى - شوال 1418 ه.

    جواب آية الله العظمى السيد محمد تقي القمي:

    يرد على هذه المقالة عدة أمور نذكر ثلاثة منها على نحو الاختصار:

    الأمر الأول: أنه قد صرح في القرآن الكريم بعظمة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله) حيث قال الله سبحانه وتعالى: وإنك لعلى خلق عظيم - القلم / 4، إلى غير ذلك من الشواهد القرآنية الصريحة بعظمته صلى الله عليه وآله، وغيرها من الروايات المتظافرة.


    الصفحة 420
    ومن تتبع سيرته صلى الله عليه وآله يجد ما قلناه عين الصواب، والحال أن هذا العمل المذكور أي العبوس قد يكون مستنكرا من أقل الناس، فما بالك بأشرف خلق الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله؟!.

    الأمر الثاني: أنه لا دليل على هذه المقالة، وعلى فرض وجوده فلا بد من رده وذلك لمخالفته للقرآن الكريم.

    الأمر الثالث: أن الأحاديث قد دلت على أن الآية نزلت في عثمان بن عفان.

    المصدر: ردود عقائدية ص 15 - دار الصديقة الشهيدة - مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي - دمشق - السيدة زينب.

    جواب آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي:

    المروي عن الأئمة نزول الآية المذكورة في رجل كان في مجلس النبي (ص)، والآية المباركة عتاب ولوم لذلك الرجل الحاضر في مجلس النبي (ص).

    المصدر: الحوزة العلمية تدين الانحراف - ص 153 - تأليف: محمد علي المشهدي - الطبعة الأولى - 1418 ه.

    جواب آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجت الغروي:

    تقدم أن العصمة والحفظ بمباديهما اختياريان، وإن كانا معلومين في حق البعض. والعدول في آية عبس وتولى من الغيبة إلى الخطاب يوجب حمل أحدهما على الآخر. فإن كان المضمون منافيا للعصمة العالية الواقعية تعين حمل الخطاب على الغيبة، فالمورد حينئذ غير النبي (ص). وإن لم يكن المضمون منافيا لهذه العصمة أمكن العكس وهو حمل الغيبة على الخطاب.


    الصفحة 421
    والرواية الخاصة عن أهل البيت (ع) تعين الأول دون الثاني، وهو الموافق لمرتكزات وعقائد أهل الحق أعزهم الله تعالى.

    المصدر: البرهان القاطع - ص 47 - دار الإيمان - الطبعة الأولى 1418 ه.

  • وكتبت (إيمان)، الثالثة والنصف ظهرا:

    أعجب لمن يتبع الرسول صلى الله عليه وآله ويقول بعصمتهم سلام الله عليهم وأخلاقهم العظيمة (وهم كذلك وأولى بها). كيف يسهل عليه أن يغلظ القول على إخوته لمجرد الاختلاف في الرأي؟!!. العصمة لهم عليهم السلام ثابتة عندنا في كل شئ، ولكن معنى ودرجات العصمة هي مدار الاختلاف.. فهل العبوس في وجه أعمى بالملابسات التي تحيط بالقضية (باطن الآية) يخالفها أو لا؟!

    وأقول لا، بالنسبة للمتجرد من الهوى والتقليد!!

    وكيف يخالفها وبقية البشر مثلنا لا يطيقون سماع رأي مخالف، فيكفرون ويفسقون ويغلظون القول على مخالفيهم!!

    أنا لا أؤيد ولا أنفي أن الآية تقصد أعظم البشر أخلاقا صلى الله عليه وآله .. ولكن المقصود أن من لا يعرف أخلاقهم لا يملك أن يحكم على عصمتهم وما يقدح فيها.. فهم معصومين (كذا) بأقصى ما يتهيأ للبشر من عصمة، وهذا يكفي!! وأضيف أن العصمة تتكامل عندهم، كما يتكاملون سلام الله عليهم في كل شئ.. والرسول صلى الله عليه وآله يقول (أدبني ربي فأحسن تأديبي) فظاهر الآية إن كانت في رسول الله صلى الله عليه وآله لا تدل إلا على أن الله تعالى يؤدب حبيبه بما يحب أن يكون عليه.. وما العبوس من أجل

    الصفحة 422
    إعلاء كلمة الله تعالى ورغبة في نشر دينه لا لهوى النفس بذنب يعتنى به لغيره، ولكن الله تعالى يعتب عليه إرادة لتكميله.

    وحسنات الأبرار سيئات عند المقربين. والرسول أقرب إليه من كل مقرب!

    فلذلك لا داعي للتكلف في هذه المسألة والإصرار على الرأي، وكأن من قال بشئ مخالف قد كفر!! ويكفينا أن نعرف لهم عليهم السلام منزلتهم وعصمتهم، وهي التي لا يبلغها أحد من الأولين والآخرين.. ونقول: أن ذنوبهم (إن كان لهم ذنوب) هي مما لا يمكن أن تقاس عليه ذنوبنا.. فهم في شأن وباقي الخلق كلهم في شأن آخر!! اللهم صل على محمد وآل محمد وعرفنا حقهم ومنزلتهم.

  • وكتب (الموسوي)، الرابعة عصرا:

    الأخت الفاضلة إيمان. لا أدري من تقصدين في التغليظ بالقول ولكن مما لا شك فيه إذا كان هناك مستند شرعي للتغليظ (وأنا أتحدث الآن على سبيل الافتراض) كما في المبدعين والضالين فالأمر مختلف ولا يمكن اعتباره مجرد اختلاف في الرأي.

    ونحن الآن نتكلم فيما هو الحق ولم نتهم أحدا بالتكفير، وإن حكمنا على أحد بأحكام معينة فلأسباب مذكورة في محلها، يضاف إليها صفة الشذوذ الحاكمة على المنهج. ويجب أن نفرق بين منهج الشذوذ وبين الرأي الشاذ في مسألة ومسألتين أو ثلاث. ولي ملاحظة على قولك: (أنا لا أؤيد ولا أنفي أن الآية تقصد أعظم البشر أخلاقا صلى الله عليه وآله... ولكن المقصود أن من لا يعرف أخلاقهم لا يملك أن يحكم على عصمتهم وما يقدح فيها).


    الصفحة 423
    فهل يتصور هذا العبوس مع من تعبرين عنه أنه أعظم البشر أخلاقا؟. وإذا حصلت لنا معرفة بأخلاقهم بما جاء في القرآن والحديث فكيف لا نحكم على ما جاء بما ينافي ذلك؟

    كيف ترفضين أن النبي (ص) لا يبول قائما؟. أليس من حقي أن أسأل بنفس كلامك (ولكن المقصود أن من لا يعرف أخلاقهم لا يملك أن يحكم على عصمتهم وما يقدح فيها). فكيف لك أن تعرفي أن هذا (البول قائما) يقدح في عصمة النبي (ص)؟؟. ولا منافاة بين تأديب الله لهم وبين عدم العبوس!

    بل إن الثاني مترتب على الأول. وللحديث بقية.

  • وكتب (الراصد)، العاشرة مساء:

    نحن أيها الإخوة الكرام لا نريد تأكيد هذه الرواية أو رفضها، بل نريد أن نثير المسألة حول إمكان نسبة القصة إلى النبي أو عدم إمكانه، لنتبنى إمكان ذلك من دون منافاة لخلقه العظيم، ولعصمته في عمله وذلك في ضمن نقاط:

    النقطة الأولى: إن دراستنا لعلاقة النبي (ص) بهذا الأعمى تدل على أن هناك صلة وثيقة بينهما بحيث كان يدخل على النبي (ص) وهو جالس بين زوجاته، وقد اشتهرت الرواية التي تتضمن دخوله عليه، وعنده عائشة وأم سلمة، فقال لهما: احتجبا فقالتا: إنه أعمى فقال: أنتما تريانه. وإذا كان ذلك قد حدث في المدينة، بالإضافة إلى استخلافه عليها عند خروجه إلى الغزو، فإنه يدل على عمق الصلة منذ البداية، لا سيما إذا سلمنا بالرواية التي تتضمن سؤاله الملح بأن يتلو عليه كتاب الله، ويعلمه مما علمه الله، مما يدل

    الصفحة 424
    على الروحية الإيمانية التي تستوعب المعرفة الدينية للقرآن وللإسلام بالمستوى الذي ينتهز فيه الفرصة الدائمة لاكتساب العلم.

    إن ذلك كله قد يوحي بوحدة الحال بينه وبين النبي (ص) بحيث يغيب عن العلاقة أي طابع رسمي، مما يجعل إعراض النبي (ص) اعتمادا على ما بينهما من الصلة التي تسمح له بتأخير الحديث معه إلى فرصة أخرى، من دون أن يترك أي أثر سلبي في نفسه، لا سيما إذا كان ذلك لمصلحة الدين التي تجعل أي مسلم في زمن الدعوة الأول يفرح لنجاح النبي (ص) في استمالته لأي شخص من كفار قريش الوجهاء في مجتمعهم، باعتبار أن ذلك يخفف العذاب والحصار على المسلمين المستضعفين، ومنهم ابن أم مكتوم..

    وبذلك يكون إعراض النبي (ص) عنه كإعراضه عن أحد أفراد أصحابه أو عائلته، اتكالا على ما بينهما من صلات عميقة ووحدة صلة..

    كما أن العبوس لم يكن عبوس الاحتقار، بل قد يكون أقرب إلى عبوس المضايقة النفسية التي توجد تقلصا في الوجه عندما يقطع أحد على الإنسان حديثه الذي يرقى إلى مستوى الأهمية لديه.. فلا يكون في ذلك أي عمل غير أخلاقي، فلا يتنافى مع الآيات التي أكدت خلقه العظيم وسعة صدره.

    النقطة الثانية: إن مدلول الآيات يوحي بأن النبي (ص) كان يستهدف من حديثه مع هؤلاء الصناديد، تزكيتهم الفكرية والروحية والعملية بعيدا عن مسألة الاهتمام بغناهم من ناحية ذاتية في ما اعتاده الناس من الاهتمام بالغني تعظيما لغناه ورغبة في الحصول على ماله فيما يمثله ذلك من قيمة سلبية بالمستوى الأخلاقي، الذي يؤكد على تقييم الشخص لصفاته الفكرية، والعملية الإيجابية، وذلك هو قوله تعالى: أما من استغنى فأنت له تصدى وما

    الصفحة 425
    عليك ألا يزكى. للإيحاء له بأن عدم حصوله على التزكية، بعد إقامة الحجة عليه، من قبلك، مدة طويلة، لا يمثل مشكلة بالنسبة إليك لأنك لم تقصر في تقديم الفرص الفكرية بما قدمته من أساليب الإقناع، مما جعل من التجربة الجديدة تجربة غير ذات موضوع، لأنه يرفض الهداية من خلال ما يظهر من سلوكه، الأمر الذي يجعل من الاستغراق في ذلك مضيعة للوقت، وتفويتا لفرصة مهمة أخرى، وهي تنمية معرفة هذا المؤمن الداعية الذي يمكن أن يتحول إلى عنصر مؤثر في الدعوة الإسلامية.

    فأين هي المشكلة الأخلاقية المنافية للعصمة في هذا كله؟

    النقطة الثالثة: إن السورة قد تكون واردة في مقام توجيه النبي (ص) إلى الاهتمام بالفئة المستضعفة التي تخشى الله وتؤمن به، لتعميق تجربتها الروحية، وتنمية معرفتها القرآنية الإسلامية، لأن ذلك هو الذي يمكن أن يقوي قاعدة المجتمع الإسلامي الصغير النامي الذي يملك أفراده الإيمان القوي والالتزام الشديد، ويرفع من مستوى الدعوة في اهتمامات المؤمنين ليتحولوا إلى دعاة أكفاء، كما أن هذه الفئة هي الأكثر استعدادا لبذل الجهد، وتحمل المسؤوليات وتقديم التضحيات، لأنهم الأقرب إلى روح الدعوة، ولأنهم لم يستغرقوا في خصوصيات الدنيا، ولم يأخذوا بامتيازاتها كما أخذ غيرهم، فهم لا يفقدون شيئا من امتداد الإسلام، كما يفقد الأغنياء والمستكبرون، بل يستفيدون من ذلك.

    ولعل هذا ما نستوحيه من الظاهرة المعروفة، وهي أن أتباع الأنبياء والمصلحين هم الفئة المستضعفة المرذولة في المجتمع، لأن الدعوات الرسالية والإصلاحية تعالج مشاكلها، وتلتقي بتطلعاتها، وتحترم إنسانيتها المسحوقة

    الصفحة 426
    لدى الآخرين من المستكبرين. أما الأغنياء، فإن هدايتهم قد تحقق بعض الربح، وبعض النتائج الإيجابية على مستوى إزالة المشاكل، التي كانوا يثيرونها أمام الدعوة، عن الطريق، ولكنهم لا يستطيعون التخلص من رواسبهم بشكل سريع، مما قد يجعل الانصراف إليهم والانشغال بهم عن غيرهم، موجبا لبعض النتائج الصغيرة، على حساب النتائج الكبيرة.

    وعلى ضوء ذلك، فقد تكون هذه الآيات واردة للحديث عن المقارنة بين الاهتمام بتزكية المستضعفين من المؤمنين الذين هم القوة الحركية للدعوة، وبين الاهتمام بتزكية هؤلاء الذين قد يحتاج الموضوع لديهم إلى جهد كبير، لا يملك النبي (ص) الوقت الكثير له في اهتماماته العامة، في الوقت الذي لم تكن فرص هدايتهم كبيرة، كما أنهم لن يؤثروا تأثيرا كبيرا لمصلحة الدعوة، مع ملاحظة مهمة، وهي أن قوة الدعوة التي يحققها المستضعفون، في جهدهم وجهادهم، سوف تحقق الامتداد للإسلام، بحيث يدخل هؤلاء المستكبرون فيه بشكل سريع، لأن هؤلاء لا يخضعون للمنطق - عادة - بل للقوة، وهذا ما لاحظناه في فتح مكة الذي أفسح المجال لدخول الناس في دين الله أفواجا، لأن الإسلام قد بلغ الذروة في القوة آنذاك.

    النقطة الرابعة: أن القسوة الملحوظة في الآيات في الحديث مع النبي (ص) تمثل ظاهرة واضحة في أكثر الآيات التي تتصل بسلامة الدعوة واستقامة خطها، سيما في قوله تعالى: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل. لا أخذنا منه باليمين * ولقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين) (الحاقة: 43 - 47). وقوله تعالى في الحديث عن المحاولات التي يبذلها المشركون للتأثير عليه من أجل الافتراء على الله: (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك

    الصفحة 427
    لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا. ولولا أن نتبناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا. إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا به نصيرا) الإسراء 73 - 75. وقوله تعالى: لئن أشركت ليحبطن عملك..

    وغير ذلك من الآيات، لأن القضية ترقى إلى المستوى الكبير من الأهمية، بحيث لولاها لانحرفت مسيرة الرسالة بانحراف الرسول أو القائد، للإيحاء بأن هذه القضية لا تقبل التهاون حتى في الموارد المستبعدة منها، وذلك، من أجل أن يفهم الدعاة من بعد النبي (ص)، بأن عليهم أن يقفوا في خط الاستقامة ، حتى بالمستوى الذي لا يمثل تصرفهم فيه عملا غير أخلاقي، لأن الغفلة عن الخطوط الدقيقة في المسألة، قد تجر إلى الانحراف بطريقة لا شعورية.

    النقطة الخامسة: إن القرآن الكريم قد عمل على تثبيت شخصية النبي (ص) وتأديبه بأدب الله، فيما يريد الله له أن يأخذ به من الكمال الروحي والأخلاقي والعملي، مما يلقي إليه الله علمه، مما قد يختلف عن الخط المألوف عند الناس. ولعل هذه المسألة تدخل في هذه الدائرة، لأن المعروف هو الاهتمام بالأغنياء لقدرتهم على التأثير في المجتمع بطريقة فاعلة كبيرة، بينما لا يملك المستضعفون الفقراء مثل ذلك، فتكون النظرة - على هذا الأساس - نظرة رسالية.. لكنها قد تترك تأثيرا سلبيا على النظرة العامة لسلوك الرسول، لأنهم قد يفكرون بالجانب السلبي في القضية، وهو ملاحظة جانب الغنى في الاهتمام بالأغنياء من جهة النظرة الذاتية إلى قيمة الغنى في المجتمع، فتأتي الآيات لتثير الموضوع، وبهذه الطريقة، لإبعاد السلوك عن الصورة السلبية من حيث الشكل، حتى لو لم تكن هناك سلبية من حيث المضمون، مع ملاحظة مصلحة الدعوة في ذلك كله، وهذا ما نستوحيه من قوله تعالى: (واصبر

    الصفحة 428
    نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) فإن هذه الآية توحي بأن الله يريد أن يخرج النبي (ص) من الأجواء الضاغطة في العرف الاجتماعي، التي يمكن أن تترك تأثيرها الخفي على نفسه بطريقة لا شعورية، فيلتفت إلى الأغنياء رغبة في الامتيازات الحاصلة عندهم..

    وربما كان ذلك على طريقة: إياك أعني واسمعي يا جارة، ليكون الخطاب للأمة، من خلال النبي، ليكون ذلك أكثر فاعلية وتأثيرا إيحائيا في أنفسهم، لأن النبي إذا كان يخاطب بهذه الطريقة في احتمالات الانحراف. فكيف إذا كان الخطاب يراد به غيره.

    النقطة السادسة: إن الرواية المنسوبة إلى الإمام الصادق (ع) في أن الحديث عن رجل من بني أمية، لا تتناسب مع أجواء الآيات، لأن الظاهر من مضمونها، أن صاحب القضية يملك دورا رساليا، ويتحمل مسؤولية تزكية الناس، مما يفرض توجيه الخطاب إليه للحديث معه عن الفئة التي يتحمل مسؤولية تزكيتها باعتبارها القاعدة التي ترتكز عليها الدعوة وتقوى بها، في مقابل الفئة الأخرى التي لم تحصل على التزكية، ولا تستحق بذل الجهد الكثير.

  • وكتب (العاملي) بتاريخ 25 - 2 - 2000، الواحدة صباحا:

    راجعت أقوال المفسرين السنيين في تفسير (عبس وتولى) فوجدت عددا منهم يوافقوننا على أن المخاطب بها ليس النبي صلى الله عليه وآله، بل رجل

    الصفحة 429
    آخر. ومنهم الفخر الرازي في عصمة الأنبياء، والزركشي في البرهان وغيرهما.. ووجدت عددا منهم يميلون إلى أن المخاطب ليس النبي صلى الله عليه وآله.. وعددا منهم يضعف الحديث المشهور الذي نسبه الترمذي إلى عائشة، ولم ينسبه مالك وغيره إليها، بل وقفوا به عند عروة، ورواه بعضهم عنه عن أبيه الزبير..

    كما وجدت أن ما نقله بعض الأخوة عن مفسري الشيعة غير صحيح..

    فعامة مفسري الشيعة يذكرون الأقوال وينفون أن يكون المخاطب هو الرسول، ثم يقولون ومع تسليمنا أنه المخاطب، فلا يدل على ارتكابه حراما..

    الخ. ومنهم من شذ وروى تفسير السنيين، وكأنه قبله..

    والنتيجة: أولا: وجود خلاف بين المفسرين السنيين أنفسهم، وبين وبينهم وبين الأغلبية الساحقة من مفسري الشيعة، في أن المخاطب هو النبي صلى الله عليه وآله...

    وثانيا: عندما يرى الإنسان أن الثابت بنص القرآن أن النبي صلى الله عليه وآله على خلق عظيم. فهذا يقين. وأن صفات: العبوس، والكلوح، والتولي، وبقية الصفات الشديدة في السورة، لم يثبت بيقين نسبتها إليه، بل بالظن..

    فكيف يجرأ على ارتكاب العمل بالظن ونسبة هذه الصفات الذميمة إلى سيد الخلق صلى الله عليه وآله؟! ألا يكفينا ردعا أنه لا يقين عندنا في هذه النسبة؟!!!

    أكتفي بعرض أقوال المفسرين الشيعة والسنة في الشخص العابس في السورة، بدون توسع في التحليل:


    الصفحة 430

    المفسرون الشيعة:

    - قال السيد الخوئي في منية السائل ص 224:

    س: سيدي، ما قولكم في سورة عبس وتولى، هل نزلت في النبي (ص) أم لا؟ وإذا لم تكن نازلة في النبي (ص)، ففي من نزلت؟.

    ج: عند أهل السنة أن الآية نزلت في النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وأما عند الشيعة فالآية نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي وجاء ابن أم مكتوم فعبس الرجل. راجع التفسير.

    - وكذا أجاب الميرزا جواد التبريزي في صراط النجاة ج 1 ص 462 - وفي تفسير علي بن إبراهيم القمي ج 2 ص 404: عبس مكية (بسم الله الرحمن الرحيم. عبس وتولى أن جاءه الأعمى). قال: نزلت في عثمان وابن أم مكتوم، وكان ابن أم مكتوم مؤذنا لرسول الله صلى الله عليه وآله وكان أعمى، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده أصحابه وعثمان عنده، فقدمه رسول الله صلى الله عليه وآله عليه، فعبس وجهه وتولى عنه! فأنزل الله عبس وتولى. يعني عثمان، أن جاءه الأعمى.

    (وما يدريك لعله يزكى) أي يكون طاهرا زكيا. (أو يذكر): قال يذكره رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم خاطب عثمان فقال: (أما من استغنى فأنت له تصدى). قال: أنت إذا جاءك غني تتصدى له وترفعه.

    (وما عليك ألا يزكى) أي لا تبالي زكيا كان أو غير زكي إذا كان غنيا!!

    (وأما من جاءك يسعى) يعني ابن أم مكتوم (وهو يخشى فأنت عنه تلهى) أي تلهو ولا تلتفت إليه.

    - وقال السيد المرتضى في تنزيه الأنبياء ص 166: