الباب السادس
زيارة قبر النبي وقبور آله، صلى الله عليه وآله
والاستشفاع والتوسل والاستغاثة بهم إلى الله تعالى بهم
عناوين الفصول:
فصول الباب:
الفصل الأول
زيارة قبر النبي وقبور آله صلى الله عليه وآله
عناوين المواضيع:
زيارة قبر النبي وقبور آله صلى الله عليه وآله
أوردنا في هذا الفصل ما غلب عليه بحث الزيارة، وفيه موضوعات تعرضت للتوسل أيضا.
كما أن فصل التوسل فيه موضوعات تعرضت للزيارة أيضا.
- في طبقات الحنابلة، لأبي يعلى ج 2 ص 186:
سمعت رزق الله يقول: زرت قبر الإمام أحمد صحبة القاضي الشريف أبو علي فرأيته يقبل رجل القبر، فقلت له في هذا أثر؟
قال لي: أحمد في نفسي شئ عظيم! وما أظن أن الله تعالى يؤاخذني بهذا.
- وفي وفيات الأعيان، لابن خلكان ج 1 ص 64:
أحمد بن حنبل... وفي ضحوة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول... بغداد، ودفن بمقبرة باب حرب، وباب حرب منسوب إلى
- وفي السيرة النبوية، لابن يوسف الشامي ج 12 ص 398:
في كتاب العلل والسؤالات لعبد الله بن الإمام أحمد، عن أبيه رواية أبي علي الصوان قال عبد الله: سألت أبي عن الرجل يمس منبر النبي (ص) ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب الله عز وجل؟ قال:
لا بأس.
- وفي تاريخ بغداد للخطيب ج 4 ص 423:
عن أبي الفرج الهندباني يقول: كنت أزور قبر أحمد بن حنبل فتركته مدة فرأيت في المنام قائلا يقول لي: لم تركت زيارة إمام السنة!!
- وفي مراصد الاطلاع للبغدادي ج 3 ص 1295:
مقابر قريش ببغداد... بين مقبرة الإمام أحمد والحريم الطاهري بها مشهد قبر موسى بن جعفر، وابن ابنه الجواد.
- وفي مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص 481:
أبو زرعة الهنديائي يقول: كنت أزور قبر أحمد بن حنبل فتركته مدة فرأيت في المنام قائل يقول لي: تركت زيارة قبر إمام السنة..
صالح بن أحمد بن حنبل قال: لما توفي أبي وجه إلي ابن طاهر من يصلي عليه.. فلما صرنا إلى الصحراء إذا ابن طاهر واقف فصلى ولم يعلم الناس بذلك فلما كان من الغد علم الناس فجعلوا يجيئون ويصلون عليه على القبر، ومكث الناس يأتون فيصلون على القبر..
- وفي مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص 418:
- وفي عمدة القاري للعيني مجلد 5 جزء 9 ص 241:
أبو سعيد العلائي قال: رأيت في كلام أحمد بن حنبل.. إن الإمام أحمد سئل عن تقبيل قبر النبي (ص) وتقبيل منبره فقال: لا بأس بذلك قال: فأريناه للشيخ تقي الدين بن تيمية فصار يتعجب من ذلك ويقول: عجبت!!!
أحمد عندي جليل يقول هذا كلامه؟!!
وأي عجب! وقد روينا عن الإمام أحمد أنه غسل قميصا للشافعي، وشرب الماء الذي غسله به!!
- وفي تاريخ الإسلام للذهبي ج 14 ص 335:
وقال ابن خزيمة: هل كان ابن حنبل إلا غلاما من غلمان الشافعي.
- وفي الإعتصام للشاطبي ج 1 ص 226:
والجواب عن هذا (قول أحمد بن حنبل) أنه كلام مجتهد يحتمل اجتهاده الخطأ والصواب.. وقد كان ابن حنبل يميل إلى نفي القياس ولذلك قال ما زلنا نلعن أهل الرأي ويلعنوننا، حتى جاء الشافعي فخرج بيننا.
- وفي رحلة ابن بطوطة ج 1 ص 220:
قبور الخلفاء ببغداد وقبور بعض العلماء والصالحين بها... وبقرب الرصافة قبر الإمام أبي حنيفة وعليه قبة عظيمة وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر وليس بمدينة بغداد اليوم زاوية يطعم الطعام فيها ما عدا هذه الزاوية، وبالقرب منها قبر الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل ولا قبة عليه.. ويذكر أنها
- وفي الغدير للأميني ج 11 ص 139:
الله يزور أحمد كل عام!!
روى ابن الجوزي في مناقب أحمد ص 454 قال: حدثني أبو بكر بن مكارم بن أبي يعلى الحربي وكان شيخا صالحا قال: كان قد جاء في بعض السنين مطر كثير جدا قبل دخول رمضان بأيام فنمت ليلة في رمضان فأريت في منامي كأني قد جئت على عادتي إلى قبر الإمام أحمد بن حنبل أزوره فرأيت قبره قد التصق بالأرض حتى بقي بينه وبين الأرض مقدار ساف أو سافين فقلت: إنما تم هذا على قبر الإمام أحمد من كثرة الغيث فسمعته من القبر وهو يقول: لا بل هذا من هيبة الحق عز وجل لأنه عز وجل قد زارني ، فسألته عن سر زيارته إياي في كل عام فقال عز وجل: يا أحمد! لأنك نصرت كلامي فهو ينشر ويتلى في المحاريب. فأقبلت على لحده أقبله. ثم قلت: يا سيدي ما السر في أنه لا يقبل قبر إلا قبرك؟ فقال لي: يا بني ليس هذا كرامة لي، ولكن هذا كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأن معي شعرات من شعره صلى الله عليه وسلم، ألا ومن يحبني يزورني في شهر رمضان، قال ذلك مرتين!
أحمد والملكان النكيران!!
ذكر ابن الجوزي في مناقب أحمد ص 454 عن عبد الله بن أحمد يقول:
رأيت أبي في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي. قلت: جاءك منكر ونكير؟ قال: نعم، قالا لي: من ربك؟ قلت: سبحان الله أما تستحيان مني؟ فقالا لي: يا أبا عبد الله! أعذرنا بهذا أمرنا.
(وما أجهله بالناموس المطرد من سؤال القبر وأنه بأمر من الله العلي العزيز؟
حجابه الملكين بذلك القول الخشن، ما أحمد وما خطره؟
وقد جاء في الرواية: أعمر ارتعد منهما لما دخلا عليه وكان عمر بمحل من المهابة على حد قول عكرمة: أنه دعا حجاما فتنحنح عمر وكان مهيبا فأحدث الحجام فأعطاه عمر أربعين درهما.
وعلى الملكين أن يشكرا الله سبحانه على أن كف الإمام عن أن يصفعهما فيفقأ عينهما كما فعل موسى بملك الموت في مزعمة أبي هريرة.
- الغدير للأميني ج 11 ص 157:
عمود نور من السماء إلى قبر الحنبلي!!
ذكر ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب 3: 46، في ترجمة أبي بكر عبد العزيز بن جعفر الحنبلي المعروف بغلام الخلال المتوفى سنة 363 قال:
حكى أبو العباس ابن أبي عمرو الشرابي قال: كان لنا ذات ليلة خدمة أمسيت لأجلها، ثم إني خرجت منها نوبة الناس وتوجهت إلى داري بباب الأزج، فرأيت عمود نور من جوف السماء إلى جوف المقبرة فجعلت أنظر إليه ولا ألتفت خوفا أن يغيب عني، إلى أن وصلت إلى قبر أبي بكر عبد العزيز فإذا أنا بالعمود من جوف السماء إلى القبر: فبقيت متحيرا ومضيت وهو على حاله.
قال الأميني: أبو بكر الحنبلي هذا هو شيخ الحنابلة وعالمهم في عصره صاحب التصانيف وهو الراوي عن الخلال عن الحمصي عن إمام الحنابلة أحمد: أنه سئل عن التفضيل فقال: من قدم عليا على أبي بكر فقد طعن على رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن قدمه على عمر فقد طعن على رسول الله صلى الله
- الغدير للأميني ج 5 ص 199:
من يزور أحمد غفر الله له!!
أخرج الحافظ ابن عساكر في تاريخه ج 2 ص 46 عن أبي بكر بن أنزويه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ومعه أحمد بن حنبل فقلت: يا رسول الله من هذا؟ فقال: هذا أحمد ولي الله وولي رسول الله على الحقيقة وانفق على الحديث ألف دينار. ثم قال: من يزوره غفر الله له، ومن يبغض أحمد فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله.
مناقب أحمد لابن الجوزي ص 481: قال ابن الجوزي: وفي صفر سنة 542 رأى رجل في المنام قائلا يقول له: من زار أحمد بن حنبل غفر له!
قال: فلم يبق خاص ولا عام إلا زاره وعقدت يومئذ ثم مجلسا فاجتمع فيه ألوف من الناس (النهاية 12 ص 323).
أخرج ابن الجوزي في مناقب أحمد ص 481: عن أحمد بن الحسين عن أبيه قال قال الشيخ أبو طاهر ميمون: يا بني رأيت رجلا بجامع الرصافة في شهر ربيع الأول من سنة ستين وأربعمائة، فسألته فقال: قد جئت من ستمائة فرسخ. فقلت: في أي حاجة؟ قال: رأيت وأنا ببلدي في ليلة جمعة كأني في صحراء أو في فضاء عظيم والخلق قيام وأبواب السماء قد فتحت، وملائكة تنزل من السماء تلبس أقواما ثيابا خضرا ويطير بهم في الهواء، فقلت:
من هؤلاء الذين قد اختصوا بهذا؟ فقالوا لي: هؤلاء الذين يزورون أحمد بن حنبل! فانتبهت ولم ألبث أن أصلحت أمري وجئت إلى هذا البلد وزرته دفعات، وأنا عائد إلى بلدي إن شاء الله.
- وفي تاريخ الإسلام للذهبي ج 38 ص 23 - 24:
في عام 554 غرقت مقبرة الإمام أحمد وخرجت الموتى على وجه الماء!
وكانت آية عجيبة.
- وفي الغدير ج 7 ص 239:
التوسل بلحية أبي بكر:
ذكر اليافعي في روض الرياحين عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: بينما نحن جلوس بالمسجد وإذا نحن برجل أعمى قد دخل علينا وسلم فرددنا عليه السلام وأجلسناه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يقضيني حاجة في حب النبي صلى الله عليه وآله؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: ما حاجتك يا شيخ؟ فقال: إن لي أهل أولم يكن عندي ما نقتات به، وأريد من يدفع لنا شيئا نقتات به في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال: نعم إن لي ابنة أريد من يتزوج بها في حياتي حبا في محمد صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أنا أتزوج بها في حياتك حبا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل من حاجة أخرى؟ فقال: نعم أريد أن أضع يدي في شيبة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه حبا في محمد صلى الله عليه وسلم. فنهض أبو بكر رضي الله عنه ووضع لحيته في يد الأعمى، وقال:
أمسك لحيتي في حب محمد صلى عليه وسلم. قال: فقبض الأعمى بلحية أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقال: يا رب أسألك بحرمة شيبة أبي بكر إلا رددت على بصري، قال: فرد الله عليه بصره لوقته.
فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد، السلام يقرئك السلام ويخصك بالتحية والإكرام، ويقول لك: وعزته وجلاله لو أقسم على كل أعمى بحرمة شيبة أبي بكر الصديق لرددت عليه بصره، وما تركت على وجه الأرض أعمى، وهذا كله ببركتك وعلو قدرك وشأنك عند ربك!!
تحية عطرة إلى الأخ العاملي.
ولكن لا أدري لعل الكتب التي أخذت عنها غير معتمدة؟! أو أن العلماء الذين حكيت عنهم ليسوا من أبناء الجماعة؟! أو لعلك لم تنقل الحقيقة كما هي؟!
ولكن عجبي الذي لا ينقضي فهو سرمد، كيف لا يقبلون من بعض الصحابة مواقفهم من الزيارة وكيف لا يقبلون من فقهائهم المؤسسين انصياعهم إلى هذا الأمر من قبيل الشافعي الذي قال (إن قبر موسى بن جعفر ترياق مجرب)!!!!
ويأخذون بمن تأخر عنهم.. على الرغم من شذوذه ومعارضة المسلمين له فطرة ومنهاجا...
أتمنى أنك تحفظ ما تجمعه من دلائل هنا وفي غيره من المواضيع، فلعلك تجعلها في يوم من الأيام ككتاب، أو تساهم بها في موقع آخر مثل موقع الأخ التلميذ. وفقك الله لما يحب ويرضى.
شكرا للأخوين جميل والقطيف، وعظم الله أجركم بذكرى وفاة الإمام الحسن العسكري عليه السلام، وأسألكم الدعاء.
يقول أعداء العرب: إن العرب لا يقرؤون!
وهذا القول ظالم، لأن معدل القراءة والمطالعة في عالمنا العربي أكثر من غيره، ومستوى الثقافة العامة في بلادنا أعلى منها في البلاد الغربية، لأنهم في الغرب مجتمعات ثقافة متخصصة فقط، فلا يعرف أحدهم إلا تخصصه، أما في غير ذلك فتجده أميا!! حتى في المعلومات العامة عن بلاده!!
ولكنا إذا قلنا النواصب لا يقرؤون ما يخالف ذوقهم الأعوج، لكنا صادقين.
بل إذا قلنا: إنهم اتخذوا قرارا بأن لا يفهموا شيئا يخالف (صبتهم الذهنية الوراثية) لكنا أيضا صادقين. اللهم لك الحمد فأعنا..
الأخ صارم:
أرجو أن تقرأ هذا الموضوع، لأنه جزء من بحثنا.. والمقصود الاستدلال بمجموع هذه المصادر والنقولات، وفيها موثقون عندكم، وهي تدل على أن قبر الإمام أحمد كان مشيدا يزار، وأن الحنابلة كغيرهم من المسلمين كانوا يزورون القبور، ويتوسلون إلى الله بمن يعتقدون صلاحهم. انتهى.
يشير العاملي إلى مناقشته الآتية مع المدعو صارم في زيارة القبور والتوسل بالأنبياء والأئمة عليهم السلام.
ابن تيمية هو الوحيد الذي ابتدع تحريم زيارة النبي صلى الله عليه وآله!!
وقد رد عليه معاصروه والمتأخرون عنه بفتاوى وكتب خاصة لدفع شبهاته!!
ومن أفضل الكتب المعاصرة له كتاب (شفاء السقام) للإمام السبكي.
وقد حققه أخيرا ونشره الباحث العلامة السيد محمد رضا الحسيني الجلالي، وأضاف إليه فوائد جمة، جزاه الله خيرا. وفيما يلي مقتطفات مختصرة منه:
- قال السبكي في ص 59: أما بعد، فهذا كتاب سميته (شفاء السقام في زيارة خير الأنام) ورتبته على عشرة أبواب:
الثاني: في الأحاديث الدالة على ذلك وإن لم يكن فيها لفظ (الزيارة).
الثالث: فيما ورد في السفر إليها.
الرابع: في نصوص العلماء على استحبابها.
الخامس: في تقرير كونها قربة.
السادس: في كون السفر إليها قربة.
السابع: في دفع شبه الخصم وتتبع كلماته.
الثامن: في التوسل والاستغاثة.
التاسع: في حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
العاشر: في الشفاعة، لتعلقها بقوله: (من زار قبري وجبت له شفاعتي).
وضمنت هذا الكتاب الرد على من زعم أن أحاديث الزيارة كلها موضوعة؟!
وأن السفر إليها بدعة غير مشروعة؟!
وهذه المقالة أظهر فسادا من أن يرد العلماء عليها، ولكني جعلت هذا الكتاب مستقلا في الزيارة وما يتعلق بها، مشتملا من ذلك على جملة يعز جمعها على طالبها.
- وقال في ص 79: بعد أن أورد الأحاديث الدالة على مشروعية الزيارة واستحبابها: وبهذا بل بأقل منه، يتبين افتراء من ادعى أن جميع الأحاديث الواردة في الزيارة موضوعة. فسبحان الله! أما استحى من الله ومن رسوله في هذه المقالة التي لم يسبقه إليها عالم ولا جاهل؟ لا من أهل الحديث، ولا من غيرهم؟
وذكره الحافظ أبو محمد عبد الغني المقدسي رحمه الله في (الكمال) في ترجمة بلال فقال: ولم يؤذن لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي إلا مرة واحدة في قدمة قدمها المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم طلب إليه الصحابة ذلك، فأذن ولم يتم الإذان.
- وقال في ص 159: وقال الشيخ موفق الدين بن قدامة المقدسي في كتاب المغني وهو من أعظم كتب الحنابلة التي يعتمدون عليها:
فصل: يستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر حديث ابن عمر من طريق الدارقطني ومن طريق سعيد بن منصور عن حفص، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه من طريق أحمد: (ما من أحد يسلم على عند قبري...) وكذلك نص عليه المالكية، وقد تقدم حكاية القاضي عياض الاجماع.
وقال في ص 188: فمن منع زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله! وقوله مردود عليه!!!! ولو فتحنا باب هذا الخيال الفاسد لتركنا كثيرا من السنن، بل ومن الواجبات والقرآن كله، والإجماع المعلوم من الدين بالضرورة وسيرة الصحابة!!
وقال في ص 189: والتابعين وجميع علماء المسلمين، والسلف الصالحين، على وجوب تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم المبالغة في ذلك!
وعلماء المسلمين متكفلون بأن يبينوا للناس ما يجب من الأدب والتعظيم، والوقوف عند الحد الذي لا يجوز مجاوزته، بالأدلة الشرعية، وبذلك يحصل الأمن من عبادة غير الله تعالى. ومن أراد الله ضلاله من أفراد الجهال، فلن يستطيع أحد هدايته.
- وقال في ص 212: ردا على زعم ابن تيمية وأتباعه بأن المسلمين في القرون الثمانية قبل عصره لم يكونوا ينوون السفر للزيارة بل للصلاة في المسجد:
أما المنازعة فيما يقصده الناس، فمن أنصف من نفسه وعرف ما الناس عليه، علم أنهم إنما يقصدون بسفرهم الزيارة من حين يعرجون إلى طريق المدينة، ولا يخطر غير الزيارة من القربات إلا ببال قليل منهم، ثم مع ذلك:
هو مغمور بالنسبة إلى الزيارة في حق هذا القليل، وغرضهم الأعظم هو الزيارة، حتى لو لم يكن ربما لم يسافروا، ولهذا قل القاصدون إلى بيت المقدس مع تيسر إتيانه وإن كان في الصلاة فيه من الفضل ما قد عرف.
فالمقصود الأعظم في المدينة الزيارة، كما أن المقصود الأعظم في مكة الحج أو العمرة، وهو المقصود - أو معظم المقصود - من التوجه إليها. وإنكار
وقال في ص 246: قد يتوهم من استدلال الخصم بهذا الحديث: أن نزاعه قاصر على السفر للزيارة، دون أصل الزيارة، وليس كذلك بل نزاعه في الزيارة أيضا، لما سنذكره في الشبهتين الثانية والثالثة، وهما: كون الزيارة على هذا الوجه المخصوص بدعة. وكونها من تعظيم غير الله المفضي إلى الشرك، وما كان كذلك كان ممنوعا. وعلى هاتين الشبهتين بنى كلامه، وأصل الخيال الذي سرى إليه منهما لا غير، وهو عام في الزيارة والسفر إليها.
وقال في 251: ولنتكلم على الشبهة الثانية والثالثة، اللتين بنى ابن تيمية رحمه الله كلامه عليهما. أما الشبهة الثانية: وهي كون هذا ليس مشروعا، وأنه من البدع التي لم يستحبها أحد من العلماء، لا من الصحابة، ولا من التابعين ومن بعدهم. فقد قدمنا سفر بلال من الشام إلى المدينة لقصد الزيارة، وأن عمر بن عبد العزيز كان يجهز البريد من الشام إلى المدينة للسلام على النبي عليه الصلاة والسلام. وأن ابن عمر كان يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهم. وكل ذلك يكذب دعوى:
أن الزيارة والسفر إليها بدعة.
ولو طولب ابن تيمية رحمه الله بإثبات هذا النفي العام، وإقامة الدليل على صحته لم يجد إليه سبيلا!!!
فكيف يحل لذي علم أن يقدم على هذا الأمر العظيم بمثل هذه الظنون، التي مستنده فيها أنه لم يبلغه، وينكر به ما أطبق عليه جميع المسلمين شرقا وغربا في سائر الأعصار، مما هو محسوس خلفا عن سلف، ويجعله من البدع؟!!!!
قالوا: كان هؤلاء قوما صالحين في عهد نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا على صورهم تماثيل، ثم طال عليهم الأمد فعبدوها.
وتخيل ابن تيمية أن منع الزيارة والسفر إليها من باب المحافظة على التوحيد، وأن فعلها مما يؤدي إلى الشرك.
وهذا تخيل باطل، لأن اتخاذ القبور مساجد والعكوف عليها وتصوير الصور فيها هو المؤدي إلى الشرك وهو الممنوع منه، كما ورد في لأحاديث الصحيحة، كقوله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
وقال في ص 262: الفصل الثاني: في تتبع كلماته وقد سبق تتبع ما نقلته من خطه في فتيا لم يسأل فيها عن الزيارة قصدا، بل جاء ذكرها تبعا للكلام في المشاهد. والذي اتصل عنه بالدولة نسخة فتيا نقلت من خطه، وعلى رأسها بخط قاضي القضاة جمال الدين ما صورته: قابلت الجواب عن هذا السؤال المكتوب دونه، في هذه الورقة، على خط تقي الدين ابن تيمية، فصح، سوى ما علم عليه بالأحمر، فإن مواضعه من الورقة التي بخطه وجدتها واهية، وليس ذلك بمحز، إنما المحز جعله زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور سائر الأنبياء عليه السلام معصية بالإجماع مقطوعا بها. وكتب محمد بن عبد الرحمان القزويني الشافعي. وقد علم عليها الآن بالأسود في هذه النسخة.
وقوله: ومعلوم أن أحدا لا يسافر إليها إلا لذلك. هذا يقتضي أن كلامه ليس في أمر مفروض، بل في الواقع الذي عليه الناس، وأن الناس كلهم إنما يسافرون لاعتقادهم أنها طاعة، والأمر كذلك. ويقتضي على زعمه أن سفر جميعهم محرم بإجماع المسلمين! فإنا لله وإنا إليه راجعون!! أيكون جميع المسلمين في سائر الأعصار، من سائر أقطار الأرض، مرتكبين لأمر محرم، مجمعين عليه؟!!!!
فهذا الكلام من ابن تيمية يقتضي تضليل الناس كلهم، القاصدين لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم ومعصيتهم. وهذه عثرة لا تقال، ومصيبة عظيمة!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!!
بدعة ابن تيمية تحريم التوسل والاستشفاع والاستغاثة بالنبي -
قال السبكي في ص 291: إعلم: أنه يجوز ويحسن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى. وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين، المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين، وسير السلف الصالحين، والعلماء والعوام من المسلمين. ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان، ولا سمع به في زمن من الأزمان، حتى جاء ابن تيمية، فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار، وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار!!! انتهى ما اقتطفناه من كتاب الإمام السبكي.
وقد فتحنا له هذا الموضوع حسب طلب الأخ جميل والمراقب، وجعلنا العنوان هينا لينا مع أن عمل ابن تيمية بدعة عظيمة، وهو كما رأيت في كلام السبكي لا يختص بالسفر بقصد الزيارة، بل يشمل نفس الزيارة أيضا!!
ولكن أتباعه يستعملون التقية مع المسلمين، ويحاولون حصر البحث في السفر للزيارة!!!
إلى العاملي: أولا: أشكرك على اختيار العنوان، وإن كان لدي شئ من التحفظ حوله. أما نقلك كلام السبكي فلا يغني من الحق شيئا، ولعله يتيسر لي إشارة ولو خاطفة للحديث عنه. لكن لنبحث المسألة من أصلها، ثم ننتقل إلى فروعها. وسؤالي: لماذا تدعون إلى شد الرحال وزيارة القبور، والتبرك بها؟
وأشكرك أيها الأخ على العقلانية. تسألني بصفتي شيعيا مقتنعا بوجوب اتباع أهل بيت النبي صلى الله عليه وعليهم، ووجوب أخذ معالم ديني منهم فقط..
فجوابي: أن عقيدتي أن احترام قبور الأنبياء وأوصيائهم جزء من الدين الإلهي من زمن آدم إلى نبينا صلى الله عليه وآله. وأن كل أحاديث النهي عن الصلاة عند قبر النبي صلى الله عليه وآله، وزيارته، وتعميره، وإعماره، لم تثبت عند سادتي وموالي عليهم السلام، بل ردوها من زمن صدورها من بعض الصحابة!!
ولعلك تفضل أن لا نخوض في هذا الحديث الصعب، لأنه يرتبط بالسقيفة والإجبار على البيعة، وتهديد أهل البيت بالقتل إن لم يبايعوا، والهجوم على دارهم وإشعال النار في بابه الخارجي.. وقد تبع ذلك إعلان الأحكام العرفية ومنع التجمع على القبر، لأنهم خافوا أن يأتي أهل البيت ويستجيروا يقبر النبي صلى الله عليه وآله!!!
ومن أعراف العرب الراسخة أن لا يرد مستجير بقبر عزيز!! في تلك الظروف ظهرت أحاديث النهي عن الصلاة عند القبر والعكوف عليه.. الخ.
أما إن أردت الجواب على حسب قواعد مذاهب المسلمين غير الشيعة فأقول لك إن حديث شد الرحال بعد تسليم سنده، لا يدل على ما ذهب إليه ابن تيمية!
وأبسط دليل على ذلك أن المسلمين الأقرب من ابن تيمية إلى زمن صدور النص لم يفهموا منه تحريم شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله،
أما كيف لم يفهموا ذلك؟ فله وجوه متعددة:
منها: أن زيارته صلى الله عليه وآله خارجة تخصصا عن موضوع الحديث.
ومنها: أن شد الرحال إلى مسجده صلى الله عليه وآله مأخوذ في مفهومه العرفي زيارة قبره الشريف.. الخ.
وأرجو أن تنظر إلى المسار العام لجمهور الصحابة والتابعين، وجمهرة علماء الأمة، وأئمة المذاهب والفرق، وسيرة السواد الأعظم من الأمة.. فقد كانوا يقصون الزيارة ويزورون، ويصلون عند القبر الشريف، ويتوسلون ويخاطبون صاحب القبر.. فهؤلاء فهموا وعملوا.
ثم جاء ابن تيمية وفهم خلاف فهمهم جميعا، وبحث ليجد من يوافقه منهم فلم يجد إلا كلمة لابن بطة، ونصف كلمة لابن فلان..! فهل يصلح ذلك لتخطئة سيرة كل الأمة؟ والزعم أن ابن تيمية اكتشف بعد ثمانية قرون ما لم تنتبه له الأمة جميعا؟! فأي الفهمين أحرى بالقبول والاتباع؟!!!
المكرم العاملي: أرجو أن تكتب لي ما تعتقده أنت حول زيارة القبور، حتى أتمكن من نقاشك. ولك تحياتي. وفقت للصواب.
أردت مني أيها الأخ ما أعتقده شخصيا في زيارة القبور، وقد ذكرته لك وخلاصته: أن زيارة قبور الأنبياء وأوصيائهم صلوات الله عليهم تشريع ثابت
وهو أمر واضح من مصادر الحديث عندكم، حول قبور الأنبياء وأوصيائهم، نعم أوصيائهم!! ومن مصادر التاريخ، بل ومصادر ثقافة الأمم كلها.. فهو سيرة عقلائية عالمية متصلة، لم يوجد فيها مخالف من أهل الأديان والشعوب!!!
والإسلام لم ينسخ هذا الحكم، بل زاده احتراما وتأكيدا!! روى كل الأحاديث التي تخالف ذلك، لا أعتقد بها مهما كانت درجة صحتها، لأن أهل بيت نبيي صلى الله عليه وآله قد ردوها!
وهم والقرآن حجة علي وحجة لي، فهم المقياس النبوي بأمر الله تعالى، ويجب علي أن آخذ منهم ديني لا من غيرهم، كائنا من كان غيرهم..
وعندما يثبت لي أن واحدا من أهل البيت المطهرين المعصومين رد (حديثا) وقال إن رسول الله لم يقله، فقد تمت علي الحجة بوجوب القبول منه وحرمة الرد عليه، بنص حديث الثقلين، وغيره.
وقد كنت مدة أبحث عن سبب هذه الأحاديث التي لا يوجد مثلها عند أمة من الأمم، ولا في صحابة نبي من الأنبياء، ولا حول قبر نبي من الأنبياء!!
حتى وصلت إلى قناعة بأن من عادات العرب كغيرهم من الشعوب أن يحترموا القبور احتراما خاصا، وأن من عاداتهم أن صاحب المشكلة والظلامة والحاجة يستجير بقبر رئيس القبيلة، أو الشخص العزيز عليهم، فيصير من الواجب على من يعز عليهم صاحب القبر أن يرفعوا ظلامته، أو يلبوا حاجته!
وقد تتبعت ذلك في تاريخ العرب فوجدت نموذجه في قبر غالب جد
الفرزدق في كاظمة، ووجدت أنه استمر بعد الإسلام أيضا.. ثم وجدت