15 ـ النسائي، صاحب الصحيح.
16 ـ أبو يعلى الموصلي، صاحب المسند.
17 ـ محمّد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ والتفسير.
18 ـ أبو القاسم الطبراني، صاحب المعاجم.
19 ـ أبو الحسن الدارقطني البغدادي، الإمام المعروف.
20 ـ الحاكم النيسابوري، صاحب المستدرك.
21 ـ أبو نعيم الإصفهاني، صاحب المؤلّفات المعروفة.
22 ـ أبو بكر البيهقي، صاحب السنن الكبرى.
23 ـ ابن عبد البر، صاحب الإستيعاب.
24 ـ الخطيب البغدادي، صاحب تاريخ بغداد.
25 ـ محي السنّة البغوي، صاحب مصابيح السنّة.
26 ـ رزين العبدري، صاحب الجمع بين الصحاح الستّة.
27 ـ القاضي عياض، صاحب كتاب الشفاء.
28 ـ ابن عساكر الدمشقي، صاحب تاريخ دمشق.
29 ـ ابن الأثير الجزري، صاحب أُسد الغابة.
30 ـ الفخر الرازي، صاحب التفسير الكبير.
31 ـ الضياء المقدسي، صاحب كتاب المختارة.
32 ـ أبو زكريا النووي، صاحب شرح مسلم.
33 ـ أبو الحجّاج المزّي، صاحب تهذيب الكمال.
34 ـ شمس الدين الذهبي، صاحب الكتب المشهورة.
35 ـ ابن كثير الدمشقي، صاحب التاريخ والتفسير.
36 ـ نور الدين الهيثمي، صاحب مجمع الزوائد.
37 ـ جلال الدين السيوطي، صاحب المؤلفات المعروفة.
39 ـ شمس الدين الصالحي الدمشقي، تلميذ الحافظ السيوطي، صاحب السيرة النبوية.
40 ـ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني، شيخ الإسلام، وصاحب المؤلفات الكثيرة المعتبرة.
41 ـ شمس الدين ابن طولون الدمشقي.
42 ـ شهاب الدين ابن حجر المكّي، صاحب الصواعق.
43 ـ المتقي الهندي، صاحب كنز العمّال.
44 ـ علي القاري الهروي، صاحب المرقاة في شرح المشكاة.
45 ـ المنّاوي، شارح الجامع الصغير.
46 ـ الحلبي، صاحب السيرة.
47 ـ دحلان، صاحب السيرة.
48 ـ منصور علي ناصف، صاحب التاج الجامع للأُصول.
49 ـ النبهاني، صاحب المؤلّفات.
50 ـ المبارك پوري، شارح صحيح الترمذي.
هؤلاء خمسون نفر، وهذا العدد عُشر رواة حديث الثقلين من أعلام أهل السنّة في القرون المختلفة.
الجهة الثالثة
دلالات حديث الثقلين
قد عرفتم بنحو الإجمال دلالة حديث الثقلين على الإمامة في نفس البحث حول ألفاظه فقط، فكان الحديث في بعض ألفاظه نصّاً على إمامة وخلافة علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وهو في ألفاظه الأُخرى ـ كلفظ " التمسّك " ولفظ " الأخذ " ولفظ " الإتّباع " و " الاعتصام " ونحو ذلك ـ يدلّ على الإمامة والخلافة بالدلالة الإلتزاميّة، من حيث أنّ هذه الألفاظ تدلّ على وجوب " الإتّباع " و " الإنقياد " و" الإطاعة المطلقة "، وهناك ملازمة بين " الإطاعة المطلقة " وبين " الإمامة " و" الخلافة ".
وإن كنتم في شك فارجعوا إلى شرّاح الحديث، بإمكانكم أن ترجعوا إلى فيض القدير في شرح جامع الصغير، وإلى المرقاة في شرح المشكاة، وإلى نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض، وإلى شرح المواهب اللدنيّة، والسراج المنير في شرح الجامع الصغير، وحتى إذا ترجعون إلى الصواعق المحرقة، إلى كتاب جواهر العقدين، وإلى أمثال هذه الكتب، لكي تروا كيف يشرحون حديث الثقلين وينصّون على أنّ هذا الحديث حثٌّ وأمرٌ من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإهتداء بهدي أهل البيت، بالتعلّم من أهل البيت، بالإقتداء بأهل البيت:
يقول المنّاوي: في هذا الحديث تصريح بأنّهما ـ أي القرآن والعترة ـ كتوأمين خلّفهما وأوصى أُمّته بحسن معاملتهما، وإيثار حقّهما على أنفسهم، والإستمساك بهما في الدين(1).
____________
1- فيض القدير في شرح الجامع الصغير 3/15.
ويقول الزرقاني المالكي وهو أيضاً محقق في الحديث يقول: وأكّد تلك الوصية وقوّاها بقوله: فانظروا بمَ تخلفوني فيهما بعد وفاتي، هل تتبعونهما فتسرّوني أو لا فتسيئوني(2).
ويقول ابن حجر المكّي: حثّ (صلى الله عليه وسلم) على الإقتداء والتمسك بهم والتعلّم منهم(3).
وحينئذ، يكون من دلالات حديث الثقلين: أعلميّة أهل البيت من غيرهم، والأعلميّة المطلقة، وهي تستلزم أفضليّتهم، والأفضليّة مستلزمة للإمامة، كما سنقرأ إن شاء الله تعالى ونحقّق هذا الموضوع.
إذن، كلّ الصحابة كانوا مأمورين بالرجوع إلى أهل البيت، والإقتداء بهم، والتعلّم منهم، وإطاعتهم والإنقياد لهم.
ومن هنا، فقد جاء في بعض ألفاظ حديث الثقلين ـ كما هو عند الطبراني(4)، وفي مجمع الزوائد(5)، وعند ابن الأثير في أُسد الغابة(6)، وأيضاً في الصواعق المحرقة(7) ـ قال رسول الله بعد: " إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما... " قال: " فلا تقدّموهما فتهلكوا، ولا تقصّروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم "، ففي نفس حديث الثقلين توجد هذه الفقرة في رواية القوم.
____________
1- المرقاة في شرح المشكاة 5 / 600.
2- شرح المواهب اللدنية 7 / 5.
3- الصواعق المحرقة: 231 ـ دارالكتب العلمية ـ بيروت ـ 1414 هـ.
4- المعجم الكبير 5 / 186 ـ 187.
5- مجمع الزوائد، عن الطبراني.
6- أُسد الغابة 1/490 ـ دارالفكر ـ بيروت ـ 1409 هـ.
7- الصواعق المحرقة: 90.
وإذا راجعتم الصواعق لوجدتم هذه العبارة بالنص يقول: وفي قوله (صلى الله عليه وسلم) : " فلا تقدّموهم فتهلكوا، ولا تقصّروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم " في قوله هذا دليل على أنّ من تأهّل منهم للمراتب العليّة والوظائف الدينيّة كان مقدّماً على غيره.
فتكون هذه الفقرة الدالة على وجوب التعلّم منهم دالة على إمامتهم وتقدّمهم على غيرهم.
وهذه أيضاً من دلالات حديث الثقلين.
وفي قِران أهل البيت بالقرآن دلالة على عصمة أهل البيت، وعلى وجود الإمام من أهل البيت في كلّ زمان، يصلح للإمامة، ولأن يكون قدوة للناس، ولأن يتعلّم منه الناس جميع العلوم الإسلاميّة وجميع الأُمور المحتاج إليها، لابد وأنْ يكون موجوداً في كلّ زمان مادام القرآن موجوداً، وسنبحث عن هاتين الدلالتين في المباحث الآتية، لأنّ مسألة العصمة سنخصّص لها ليلة، ومسألة إمامة بقيّة الأئمّة أيضاً سنخصّص لها ليلة كذلك.
____________
1- سورة آل عمران: 164، سورة الجمعة: 2.
تتمّة
تشتمل على مطالب
المطلب الأول: اقتران حديث الثقلين بأحاديث أُخرى
لقد اقترن حديث الثقلين في كثير من ألفاظه وموارده بأحاديث أُخرى، تلك الأحاديث هي بدورها من الأدلّه المعتبرة على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) .
ففي بعض الألفاظ عن ابن جرير الطبري، وابن أبي عاصم، وأمالي المحاملي الذي هو محدّث كبير من المحدّثين عند القوم وقد صحّح المحاملي هذا الحديث، ويرويه عنهم صاحب كنز العمّال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وهو آخذ بيد علي (عليه السلام) في يوم الغدير: " أيها الناس ألستم تشهدون أنّ الله ورسوله أولى بكم من أنفسكم، وأنّ الله ورسوله مولاكم؟ " قالوا: بلى، قال: " فمن كان الله ورسوله مولاه فإنّ هذا مولاه، وقد تركت فيكم ما إنْ أخذتم بهما لن تضلّوا بعدي كتاب الله وأهل بيتي "(1).
واقتران حديث الثقلين بحديث الغدير المتواتر الدال على إمامة أمير المؤمنين ومجيؤهما في سياق واحد، يدلّ على دلالة حديث الثقلين أيضاً على نفس مدلول حديث الغدير، والسياق كما قلنا قرينة يؤخذ بها ما لم يكن في مقابلها نصّ قاطع، وليس هنا في المقابل نصّ قاطع يمنعنا من الأخذ بهذا السياق.
ومن مصادر اقتران الحديثين: المعجم الكبير(2) للطبراني، ومسند ابن راهويه(3)،
____________
1- كنز العمال 13/140 رقم 36441 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ 1405 هـ.
2- المعجم الكبير 5/195 رقم 5070.
3- مسند ابن راهويه: مخطوط.
ولقد اقترن حديث الثقلين بحديث الغدير وحديث المنزلة أيضاً، فأصبح ثلاثة أحاديث في سياق واحد، في رواية ابن حجر في كتاب الفتاوي الفقهية(6) وكلّ منها يدلّ على إمامة أمير المؤمنين بالإستقلال.
المطلب الثاني: تكرار الوصية بالكتاب والعترة في عدّة مواطن
قد ثبت أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كرّر هذه الوصية، أي الوصية بالكتاب والعترة، في موارد عديدة:
المورد الأول: عند انصرافه (صلى الله عليه وآله وسلم) من الطائف، وهذا الحديث أخرجه ابن أبي شيبة، وعنه ابن حجر المكي في الصواعق المحرقة(7).
المورد الثاني: في حجة الوداع، وفي عرفة بالذات، وقد أخرج هذا الحديث ابن أبي شيبة كما في كنز العمال(8)، والترمذي في صحيحه(9)، والطبراني في المعجم الكبير(10)،
____________
1- مستدرك الحاكم 3 / 109، 174.
2- نوادر الاصول، كما في غير واحد من المصادر عنه.
3- الإصابة 7/78 رقم 4767 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.
4- أُسد الغابة 3/605.
5- السيرة الحلبيّة 3/274 ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
6- الفتاوي الفقهية 2 / 122.
7- الصواعق المحرقة: 64.
8- كنز العمال 1 / 48 ط1.
9- صحيح الترمذي 5 / 621.
10- المعجم الكبير 3 / 63 رقم 2679.
المورد الثالث: في يوم غدير خم، وفي الخطبة، وقد أخرج هذا الحديث أحمد في المسند(2)، الدارمي في السنن(3)، البيهقي في السنن الكبرى(4)، وابن كثير في تاريخه(5)، وغيرهم.
المورد الرابع: في مرضه (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي توفي فيه، قاله وقد امتلأت الغرفة أو الحجرة بالناس، أخرجه ابن أبي شيبة(6)، والبزّار(7)، وابن حجر المكي(8)، وغيرهم.
وربّما يكون هناك موارد أُخرى لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : " إنّي تارك فيكم الثقلين... ".
المطلب الثالث: مسألة الدعوة إلى الوحدة الإسلامية على ضوء حديث الثقلين
كان جدّنا السيّد الميلاني رحمة الله عليه يحدّثنا عن مبادرة بعض أعلام النجف الأشرف(9) إلى التفاهم والتقارب مع بعض علماء السنّة في ذلك الزمان، كان يقول رحمة الله عليه: كنّا نقترح عليه وعلى غيره: إنّ السبيل الصحيح السليم للتقارب بين المذاهب الإسلامية، هو الأخذ بحديث الثقلين، لأنّ المفروض أنّه حديث صحيح عند الطرفين إنْ
____________
1- جامع الأصول 1 / 277.
2- مسند أحمد 3 / 17.
3- سنن الدارمي 2 / 310.
4- سنن البيهقي 2 / 148.
5- البداية والنهاية 5 / 209.
6- رواه عنه العصامي في سمط النجوم العوالي 2 / 502 رقم 136.
7- كشف الأستار عن زوائد البزّار 3 / 221 رقم 2612.
8- الصواعق المحرقة: 89.
9- هو الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء.
فحينئذ إذا كان هناك شيء عن رسول الله نفسه وهو صحيح سنداً ودلالته تامّة، ويصلح لأن يكون جامعاً بيننا، لماذا نتركه ونتوجّه إلى نظريّات واقتراحات ومشاريع أُخرى، قد لا تفيدنا ولا نصل عن طريقها إلى الهدف.
كان رحمة الله عليه يقول: كنّا نصرّ على هذا المعنى، وكان بعض أعلام النجف الأشرف الذي كان يقود فكرة التقريب له اقتراح آخر.
حتّى أنّه عاد واعترف بأنّ الطريقة الصحيحة ليست إلاّ هذه الطريقة، ولا علاج لهذه المشكلة إلاّ الرجوع إلى هذا الحديث وأمثاله.
وتلخّص: إنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أخبر عن دنوّ وفاته وقرب رحيله، وأخبر الأُمّة بأنّه تارك بينهم أعزّ الأشياء عنده وأثمن الأشياء وأغلاها عنده، إنّه تارك بين الأُمّة القرآن والعترة، حتّى لا يضلّوا من بعده، وكلمة " لن " تدلّ على التأبيد، وهذه موجودة في ألفاظ الحديث: " ما إن تمسّكتم بهما "، أو " ما إنْ أخذتم بهما لن تضلّوا ".
ثمّ إنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أكّد عليهم أنّه سيسألهم عند الحوض عن معاملتهم مع الثقلين، وأنّهم كيف خلفوه فيهما.
ولعلّه أراد أن يشير بهذا الموعد والملتقى إلى أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الساقي على هذا الحوض، وهو الذي يذود المنافقين عنه.
وأيضاً: لعلّه كان يريد الإشارة إلى حديث الحوض الشهير الذي قال (صلى الله عليه وآله وسلم) كما في الصحاح: " سيرد عَلَيّ أصحابي وأنّهم يذادون عن الحوض وأقول: يا ربّ هؤلاء أصحابي، فيقول: إنّك لا تدري ما أحدثوا من بعدك ".
وسنذكر هذه الأحاديث في موضعها إنْ شاء الله تعالى.
الجهة الرابعة
المناقشات والمعارضات في حديث الثقلين
وإذا راجعنا كتب القوم، رأينا أنّ محاولات القوم في ردّ حديث الثقلين وإبطاله تتلخّص بالطرق التالية:
الطريق الأوّل:
ما مشى عليه أبو الفرج ابن الجوزي، حيث أدرج حديث الثقلين في كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية(1)، فقد ذكر فيه هذا الحديث بسند واحد، وجعل يناقش في سنده ويضعّفه، وهذا الكتاب خاص بالأحاديث الضعيفة بنظره، كما أنّ له كتاباً آخر عنوانه كتاب الموضوعات جعله للأحاديث الموضوعة بنظره، فأدرج هذا الحديث في كتاب العلل المتناهية ليقول بأنّه حديث ضعيف، ونحن إلى الآن لم نجد أحداً ضعّف هذا الحديث قبل أبي الفرج ابن الجوزي.
وتضعيفه مردود حتّى من قبل علمائهم، وسنقرأ بعض الأسماء من كبار العلماء المحققين المتأخرين الذين خطّأوه في عمله هذا.
مضافاً إلى أنّ هذا الحديث موجود في صحيح مسلم وإنْ كان مبتوراً، وفي صحيح
____________
1- العلل المتناهية في الأحاديث الواهية 1/268 رقم 432 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ 1403 هـ.
مضافاً إلى أنّ أبا الفرج ابن الجوزي معروف عندهم بالتسرّع في الحكم بالوضع أو الضعف، ومعروف عندهم بالتعصب، وفي خصوص هذا الحديث خطّأه غير واحد من المحققين كما أشرنا، منهم:
1 ـ سبطه، في كتاب تذكرة الخواص.
2 ـ الحافظ السخاوي، في كتاب إرتقاء الغرف.
3 ـ الحافظ السمهودي، في كتاب جواهر العقدين.
4 ـ ابن حجر المكي، في الصواعق.
5 ـ المنّاوي، في فيض القدير.
وكلّهم قالوا: قد أخطأ ابن الجوزي، وحذّروا من الإغترار بفعله، حتّى أنّ بعضهم يقول: وإيّاك أنْ تغترّ بما صنع.
فالطريق الأوّل تضعيف الحديث، وهذا جوابه باختصار.
الطريق الثاني:
الحكم بنكارة المتن، متن الحديث منكر، نسبه البخاري إلى أحمد بن حنبل، ففي التاريخ الصغير للبخاري(1) يقول: قال أحمد في حديث عبد الملك عن عطية عن أبي
____________
1- التاريخ الصغير 1 / 302.
ونحن نقول: أمّا نسبة هذا الكلام إلى أحمد، فنسبة كاذبة، لأنّ أحمد يروي هذا الحديث في مسنده، وفي كتاب فضائل الصحابة، بأسانيد كثيرة عن عدة من الصحابة، وأين قال أحمد هذا؟ ومتى قال؟
وأمّا دعوى: أنّ هذا الحديث منكر، فنقول: صحيح، إنّه منكر عند البخاري، لأنّه يدلّ على إمامة أمير المؤمنين وأهل البيت، عن طريق الأفضليّة، عن طريق الأعلميّة، بالقِران مع القرآن، بدلالته على العصمة، وغير ذلك من جهات الدلالة الموجودة في هذا الحديث.
الطريق الثالث:
تحريف الحديث، وهذا ما صنعه مسلم في صحيحه، وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي(1) يقول: أخبرنا المطيّن، حدّثنا نصر بن عبد الرحمن، حدّثنا زيد بن الحسن، عن معروف، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " يا أيّها الناس إنّي فرط لكم وأنتم واردون عَلَيّ الحوض، وإنّي سائلكم حين تردون عَلَيّ عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الأكبر كتاب سبب طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به ولا تضلّوا ولا تبدّلوا " انتهى الحديث.
وهذا الحديث بنفس السند، أي عن طريق نصر بن عبد الرحمن عن زيد بن الحسن عن معروف عن أبي الطفيل عن حذيفة، فبنفس السند وبنفس اللفظ موجود في المصادر، أقرأ لكم نصّ الحديث عن واحد منها، عن نوادر الأُصول للحكيم الترمذي(2)ففيه: " إنّي فرطكم على الحوض وإنّي سائلكم حين تردون عَلَيّ عن الثقلين فانظروا
____________
1- تاريخ بغداد 8/442 ـ دار الكتب العربي ـ بيروت.
2- نوادر الأصول: 68.
فهذا كتاب نوادر الأُصول، وهذا كتاب تاريخ بغداد، وكلاهما موجودان بين أيدي الناس، وهل المتصرف بالحديث هو الخطيب نفسه أو النسّاخ أو الناشرون؟ الله أعلم.
وأكتفي من التحريفات بهذا المقدار إذ طال بنا المقام.
الطريق الرابع:
المعارضة بأحاديث يروونها في كتبهم، يعارضون بها حديث الثقلين، والمعارضة كما تعلمون بحث على القاعدة وأسلوب مقبول، المعارضة معناها أنّ هناك حديثاً صحيحاً في سنده وتامّاً في دلالته، يعارض هذا الحديث الصحيح التام دلالةً، ولذا نحن الطلبة نقول: المعارضة فرع الحجية، فلابدّ وأنْ يكون الخبران كلاهما حجة، فإذا كانا تامّين سنداً ودلالةً فيتعارضان فيكون أحدهما صدقاً والآخر كذباً، فإنْ تمكنّا من ترجيح أحدهما على الآخر فهو، وإلاّ يتعارضان ويتساقطان، فالبحث عن طريق المعارضة بحث على القاعدة.
لكنْ بأيّ شيء يعارض حديث الثقلين وهو حديث الوصية بالقرآن وأهل البيت؟
يعارضون حديث الثقلين بأشياء، أهمّها:
حديث الإقتداء بالشيخين، وأيّ حديث هذا؟ إنّهم يروونه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنّه قال: " إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " هذا الحديث موجود في بعض كتبهم، فإذا كان حديث الثقلين أي الوصيّة بالكتاب والعترة، دالاًّ على وجوب الإقتداء بالقرآن والعترة، فهذا الحديث يدلّ على وجوب الإقتداء بالشيخين، إذن يقع التعارض بين الحديثين.
وهذا هو الطريق الرابع لردّ حديث الوصية بالقرآن والعترة.
أمّا الحديث الأوّل فسنبحث عنه إنْ شاء الله في إحدى الليالي الآتية، حيث سنتعرض لأدلّة القوم على إمامة الشيخين، وقد خصّصنا ليلةً للبحث عن تلك الأدلّة.
وأمّا حديث الثقلين والوصية بالكتاب والسنّة، فقد كتبت فيه رسالة مستقلّة مفردة، وهي رسالة مطبوعة، فمن شاء فليرجع إليها.
فهذا هو الطريق الرابع.
وقد كان الطريق الأول: التضعيف، والطريق الثاني: دعوى نكارة المتن، والطريق الثالث: تحريف الحديث، والطريق الرابع: المعارضة.
وهل من فائدة في هذه الطرق؟ وأيّ فائدة؟ بل المتعيّن هو:
الطريق الخامس:
وهو طريق شيخ الإسلام!! ابن تيميّة، إنّه يقول: هذا الحديث كذب.
وما أسهل هذا الطريق وأيسره؟ ولماذا يتعبون أنفسهم فيحرّفون الحديث، أو يجيؤون بأحاديث فيعارضون بها حديث الثقلين، وما الفائدة من تضعيف الحديث من ابن الجوزي فينبري للرد عليه أعلام طائفته ويخطّئونه في هذا التضعيف؟ فأحسن طريق أنْ لا يصدّق بحديث الثقلين، ويدّعي أنْ ليس هناك سند معتبر لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : " وعترتي أهل بيتي ما إنْ تمسّكتم بهما لن تضلّوا "، ولماذا يصرّ الشيعة على هذا الحديث ويبنون
ونعم الحكم الله بين ابن تيميّة وأمثاله وبين أهل البيت، نعم الحكم الله وهو خير الحاكمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.
حديث الطير
تمهيد:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.
موضوع بحثنا حديث الطير.
وهو أيضاً من الأحاديث التي نستدلّ بها على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، إنّه حديثٌ سعى المخالفون إخفاءه، والمنع عن نقله وعن انتشاره بين المسلمين، حتّى أدّى ذلك إلى جهل كثير من الناس ـ وربّما من أبناء الحق ـ بهذا الحديث، هذا الحديث الشريف الذي رواه أكثر من عشرة من الصحابة.
ولابدّ من البحث حول هذا الحديث في جهات عديدة.
الجهة الاُولى
رواة حديث الطير وأسانيده
نبدأ بأسماء الصحابة الذين وصلتنا رواياتهم لهذا الحديث الشريف وهم:
أولا: علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ويوجد حديثه عند ابن عساكر(1)، وغيره من كبار المحدّثين، وأشار إليه الحاكم النيسابوري في المستدرك(2).
ثانياً: سعد بن أبي وقّاص، وحديثه يوجد في حلية الأولياء(3) لأبي نعيم الإصفهاني.
ثالثاً: أبو سعيد الخدري، وحديثه يوجد في تاريخ ابن كثير(4)، وغيره، وأشار إليه الحاكم في المستدرك(5).
رابعاً: أبو رافع، وحديثه يوجد عند ابن كثير(6).
____________
1- ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2/106 رقم 613 ـ مؤسسة المحمودي ـ دار التعارف ـ بيروت.
2- المستدرك 3/130 ـ 131.
3- حلية الأولياء 4 / 356.
4- البداية والنهاية 7 / 354.
5- المستدرك 3/131.
6- البداية والنهاية 7 / 354.
سادساً: جابر بن عبدالله الأنصاري، ويوجد حديثه عند ابن عساكر، وابن كثير(2).
سابعاً: حبشي بن جنادة، ويوجد حديثه عند ابن كثير(3).
ثامناً: يعلى بن مرّة، ويوجد حديثه عند الخطيب البغدادي، وابن كثير(4).
تاسعاً: عبدالله بن عباس، وحديثه عند الطبراني(5).
عاشراً: سفينة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ويوجد حديثه عند أبي يعلى الموصلي(6)، وأشار إليه الحاكم النيسابوري(7).
الحادي عشر: عمرو بن العاص، ويوجد حديثه في كتاب له إلى معاوية بن أبي سفيان، روى ذلك الكتاب الخطيب الخوارزمي في كتاب المناقب(8).
الثاني عشر: أنس بن مالك، وهو المشهور برواية هذا الحديث، لأنّه صاحب القصّة.
وهذا الحديث الشريف وارد من طرق أصحابنا، عن الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) ، وعن بعض الأصحاب، حتّى أنّ أبا الشيخ الحافظ الإصفهاني روى هذا الحديث عن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) في كتابه، وهو من كبار حفّاظ أهل السنّة.
فهؤلاء رواة هذا الحديث من الصحابة.
وأمّا رواته من التابعين، فإنّ التابعين الرواة لهذا الحديث عن أنس بن مالك فقط
____________
1- أنظر: كفاية الطالب للحافظ الكنجي: 368.
2- ترجمة الإمام علي (عليه السلام) لابن عساكر 2/105 رقم 612.
3- البداية والنهاية 7 / 354.
4- تاريخ بغداد 11/376 ـ دار الكتب العربي ـ بيروت.
5- المعجم الكبير 10/343 رقم 10667.
(1 و 2) وفي ترجمة الإمام علي (عليه السلام) لابن عساكر 2/133 رقم 643.
8- المناقب: 200 ـ مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرسين ـ قم ـ 1411 هـ.