الصفحة 773
    للحلال والحرام(1).

يقول:

    والمعروف أنّ عليّاً أخذ العلم عن أبي بكر(2).

يقول:

    له ـ أي لأمير المؤمنين ـ فتاوى كثيرة تخالف النصوص(3).

كانت العبارة هناك سبعة عشر موضعاً، وعبارة ابن تيميّة هنا: له فتاوى كثيرة تخالف النصوص من الكتاب والسنّة.

يقول:

    وقد جمع الشافعي ومحمد بن نصر المروزي كتاباً كبيراً فيما لم يأخذ به المسلمون من قول عليّ، لكون قول غيره من الصحابة اتبع للكتاب والسنة(4).

والحال أنّ هذا الكتاب الذي ألّفه المروزي هو في المسائل التي خالف فيها أبو حنيفة علي بن أبي طالب في فتاواه، فموضوع هذاالكتاب ـ كتاب المروزي ـ الفتاوى التي خالف فيها أبو حنيفة علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود.

لاحظوا، كم فرق بين أصل القضيّة وما يدّعيه ابن تيميّة!!

يقول:

    وعثمان جمع القرآن كلّه بلا ريب، وكان أحياناً يقرؤه في ركعة، وعلي قد اختلف فيه هل حفظ القرآن كلّه أم لا؟(5).

____________

1- منهاج السنّة 7 / 512 ـ 513.

2- منهاج السنّة 5 / 513.

3- منهاج السنّة 7 / 502.

4- منهاج السنة 8 / 281.

5- منهاج السنّة 8 / 229.


الصفحة 774
ويقول:

    فإن قال الذابُّ عن علي: هؤلاء الذين قاتلهم علي كانوا بغاة، فقد ثبت في الصحيح: إنّ النبي (صلى الله عليه وسلم)قال لعمّار بن ياسر (رضي الله عنه): " تقتلك الفئة الباغية "، وهم قتلوا عمّاراً، فههنا للناس أقوال: منهم من قدح في حديث عمّار، ومنهم من تأوّله على أنّ الباغي الطالب، وهو تأويل ضعيف، وأمّا السلف والأئمّة فيقول أكثرهم كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم: لم يوجد شرط قتال الطائفة الباغية(1).

ففي قتال علي مع الناكثين والقاسطين والمارقين يقول: إنّ أبا حنيفة ومالكاً وأحمد وغيرهم كانوا يقولون بأنّ شرط البغاة لم يكن حاصلاً في هؤلاء حتّى يحاربهم علي (عليه السلام).

يقول:

    جميع مدائن الإسلام بلغهم العلم عن الرسول من غير علي(2).

فإذن، لم يكن لعلي دور في نشر التعاليم الإسلاميّة والأحكام الشرعيّة والحقائق الدينيّة أبداً!!

____________

1- منهاج السنّة 4 / 390.

2- منهاج السنّة 7 / 516.


الصفحة 775

تكذيب ابن تيمية فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)

وأمّا في فضائله ومناقبه في القرآن الكريم، قوله تعالى: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ )(1) إلى آخر الآية، يقول:

    وقد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترى أنّ هذه الآية نزلت في علي لمّا تصدّق بخاتمه في الصلاة، وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل، وكذبه بيّن من وجوه كثيرة(2).

وهذا الحديث الذي يكذّبه ابن تيميّة، قد رواه عن ابن عباس:

1 ـ عبدالرزاق.

2 ـ عبد بن حميد.

3 ـ ابن جرير الطبري.

4 ـ أبو الشيخ.

5 ـ ابن مردويه.

ورواه عن سلمة بن كهيل:

1 ـ ابن أبي حاتم.

2 ـ أبو الشيخ.

____________

1- المائدة: 55.

2- منهاج السنّة 2 / 30.


الصفحة 776
3 ـ ابن عساكر.

ومن رواة هذا الخبر:

1 ـ الطبراني.

2 ـ الثعلبي.

3 ـ الواحدي.

4 ـ الخطيب البغدادي.

5 ـ ابن الجوزي.

6 ـ المحب الطبري.

7 ـ الهيثمي.

8 ـ المتقي الهندي.

وأيضاً: تجدون هذاالخبر في تفاسير: الفخر الرازي، والبغوي، والنسفي، والقرطبي، والبيضاوي، وأبي السعود العمادي، والشوكاني.

ويقول الآلوسي الحنفي بتفسير الآية: غالب الأخباريين على أنّ هذه الآية نزلت في علي كرّم الله وجهه.

وأضاف الآلوسي: إنّ حسّاناً أنشد في ذلك أبياتاً، فذكر الآلوسي تلك الأبيات(1).

قوله تعالى: ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً )(2)، يقول حول نزولها في علي (عليه السلام):

    إن هذا كذب ليس بثابت(3).

مع أنّ من رواة نزول هذه الآية في علي:

1 ـ عبدالرزاق بن همّام الصنعاني.

____________

1- روح المعاني في تفسير القرآن 6 / 167.

2- البقرة 274.

3- منهاج السنّة 7 / 228.


الصفحة 777
2 ـ عبد بن حميد.

3 ـ ابن جرير.

4 ـ ابن المنذر.

5 ـ ابن أبي حاتم.

6 ـ الطبراني.

7 ـ ابن عساكر.

8 ـ الواحدي.

9 ـ أبو نعيم.

10 ـ الفخر الرازي.

11 ـ الزمخشري.

12 ـ محب الدين الطبري.

13 ـ ابن الأثير.

14 ـ السيوطي.

15 ـ ابن حجر المكي.

مع ذلك يقول: إنّ هذا كذب ليس بثابت، لكنّ هذه التفاسير الباطلة يقول مثلها كثير من الجهّال.

قوله تعالى: ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد )(1)، يقول حول نزولها في عليّ (عليه السلام):

    إن هذا كذب موضوع بإتفاق أهل العلم بالحديث(2).

مع أنّ من رواة نزول الآية في علي:

1 ـ عبدالله بن أحمد بن حنبل.

____________

1- الرعد: 7.

2- منهاج السنّة 7 / 139.


الصفحة 778
2 ـ الطبري.

3 ـ الحاكم.

4 ـ إبن أبي حاتم.

5 ـ الضياء المقدسي.

6 ـ الطبراني.

7 ـ ابن مردوية.

8 ـ أبو نعيم.

9 ـ ابن عساكر.

10 ـ ابن النجّار.

11 ـ الديلمي.

12 ـ الهيثمي.

13 ـ السيوطي.

14 ـ المتقي الهندي.

ويقول الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.

ويقول الهيثمي في مجمع الزوائد بعد أن يروي هذا الحديث يقول: رجال السند ثقات.

والضياء المقدسي أخرج هذا الحديث في كتابه المختارة الملتزم فيه بالصحة(1).

وحول حديث: " علي مع الحق والحق مع علي "، يقول:

    من أعظم الكلام كذباً وجهلاً، فإنّ هذا الحديث لم يروه أحد عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف، فكيف يقال: إنّهم جميعاً رووا

____________

1- الآية في سورة الرعد، فراجع الطبري والدر المنثور وغيرهما بتفسيرها، والمستدرك 3 / 129، ومجمع الزوائد 7 / 41.


الصفحة 779
    هذا الحديث؟ وهل يكون أكذب ممّن يروي عن الصحابة والعلماء أنّهم رووا حديثاً، والحديث لا يعرف عن واحد منهم أصلاً، بل هذا من أظهر الكذب(1).

والحال أنّ من رواة هذا الحديث من الصحابة:

أولا: أمير المؤمنين (عليه السلام)، أخرج الحديث عنه الترمذي في صحيحه، والحاكم في المستدرك.

ثانياً: سيّدتنا أُمّ سلمة، أخرج الحديث عنها الطبراني، وأبو بشر الدولابي، والخطيب البغدادي، وابن عساكر.

ثالثاً: سعد بن أبي وقّاص، أخرج الحديث عنه البزّار، وقد قال الهيثمي بعد أن روى الحديث هذا: فيه سعد بن شعيب ولم أعرفه، وبقيّة رجاله رجال الصحيح.

رابعاً: أبو سعيد الخدري، رواه عنه الحافظ أبو يعلى، وقد روى عنه الهيثمي هذا الحديث في مجمع الزوائد وقال: رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.

خامساً: عائشة، فإنّها روت هذا الحديث، والحديث موجود في الإمامة والسياسة لابن قتيبة.

سادساً: صحابي آخر روى هذا الحديث، أخرجه الطبراني في الكبير.

قال المتقي: تكون بين الناس فرقة واختلاف فيكون هذا وأصحابه على الحقّ ـ يعني علياً ـ هذا في كنز العمّال(2).

فهؤلاء الصحابة، وهؤلاء كبار العلماء والمحدّثين، الذين يروون هذا الحديث بأسانيدهم عن أُولئك الصحابة.

وفي حديث المؤاخاة يقول:

____________

1- منهاج السنّة 4 / 238.

2- كنز العمال 11/621، الترمذي، المستدرك3 / 125، مجمع الزوائد 9 / 134، ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق 3 / 118.


الصفحة 780
    أمّا حديث المؤاخاة فباطل موضوع... إنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يؤاخ عليّاً ولا غيره، وحديث المؤاخاة لعلي، وحديث مؤاخاة أبي بكر لعمر، من الأكاذيب....
    إنّ النبيّ (صلى الله عليه وسلم) لم يؤاخ عليّاً ولا غيره، بل كلّ ما روي في هذا فهو كذب...
    إنّ أحاديث المؤاخاة بين المهاجرين بعضهم من بعض والأنصار بعضهم من بعض كلّها كذب، والنبي (صلى الله عليه وسلم)لم يؤاخ عليّاً...
    إنّ أحاديث المؤاخاة لعلي كلّها موضوعة.
وهذه نصوص في أجزاء متعددة في كتابه، لاحظوا من الجزء الرابع إلى الجزء السابع في الطبعة الجديدة ذات الأجزاء التسعة، يكذّب هذا الحديث في مواضع عديدة(1).

والحال أنّك تجد حديث المؤاخاة في: الترمذي (5/595)، الطبقات لابن سعد (2/60)، المستدرك (3/16)، مصابيح السنّة (4/173)، الاستيعاب (3/1089)، البداية والنهاية (7/371)، الرياض النضرة (3/111)، مشكاة المصابيح (3/356)، الصواعق المحرقة (122)، تاريخ الخلفاء (159).

هذه بعض المصادر.

والرواة من الصحابة لهذا الخبر هم:

1 ـ علي (عليه السلام).

2 ـ عبدالله بن عباس.

3 ـ أبو ذر.

4 ـ جابر.

5 ـ عمر بن الخطاب.

____________

1- منهاج السنّة 4 / 32، 5 / 71، 7 / 117، 279.


الصفحة 781
6 ـ أنس بن مالك.

7 ـ عبدالله بن عمر.

8 ـ زيد بن أرقم.

وغيرهم.

وتجدون هذا الحديث أيضاً في: مناقب أحمد (ح141)، وفي ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق (برقم 148)، وفي كنز العمال (13/106).

وأيضاً تجدون هذا الخبر في كتب السير والتواريخ، راجعوا: سيرة ابن هشام (2/109)، السيرة النبويّة لابن حبّان (149)، عيون الأثر لابن سيد الناس (1/264)، الحلبيّة (2/23)، وفي هامشها سيرة زيني دحلان (1/322).

والعجيب أنّ غير واحد من أعلام القوم يردّون على ابن تيميّة في هذه المسألة بالخصوص:

يقول الحافظ ابن حجر ـ بعد ذكر الخبر عن الواقدي وابن سعد وابن إسحاق وابن عبد البر والسهيلي وابن كثير وغيرهم ـ: وأنكر ابن تيميّة في كتاب الرد على ابن المطهّر الرافضي ـ أي كتاب منهاج السنّة ـ أنكر المؤاخاة بين المهاجرين، وخصوصاً مؤاخاة النبي لعلي، قال: لأنّ المؤاخاة شرّعت لإرفاق بعضهم بعضاً، ولتأليف قلوب بعضهم على بعض، فلا معنى لمؤاخاة النبي لأحد منهم، ولا لمؤاخاة مهاجري لمهاجري، وهذا ردّ للنصّ بالقياس وإغفال عن حكمة المؤاخاة.

يقول الحافظ: وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني، وابن تيميّة يصرّح بأنّ أحاديث المختارة أصح وأقوى من أحاديث المستدرك للحاكم النيسابوري(1).

وقال الزرقاني المالكي في شرح المواهب اللدنيّة، تحت عنوان ذكر المؤاخاة بين

____________

1- فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7 / 217.


الصفحة 782
الصحابة: وكانت كما قال ابن عبد البر وغيره مرّتين، الأُولى بمكّة قبل الهجرة بين المهاجرين بعضهم بعضاً على الحقّ والمواساة، فآخى بين أبي بكر وعمر، وهكذا بين كلّ اثنين منهم، إلى أن بقي علي، فقال: آخيت بين أصحابك فمن أخي؟ قال: " أنا أخوك ". وجاءت أحاديث كثيرة في مؤاخاة النبي لعلي، وقد روى الترمذي وحسّنه، والحاكم وصحّحه، عن ابن عمر أنّه (صلى الله عليه وسلم)قال لعلي: " أما ترضى أن أكون أخاك؟ " قال: بلى، قال: " أنت أخي في الدنيا والآخرة ".

يقول الزرقاني: وأنكر ابن تيميّة هذه المؤاخاة بين المهاجرين، خصوصاً بين المصطفى وعلي، وزعم أنّ ذلك من الأكاذيب، وردّه الحافظ ـ أي ابن حجر العسقلاني ـ بأنّه ردّ للنصّ بالقياس(1).

ويقول ابن تيميّة حول حديث التشبيه، هذا الحديث الذي بحثنا عنه قريباً، يقول:

    هذا الحديث كذب موضوع على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)بلا ريب عند أهل العلم بالحديث(2).

مع أنّ هذا الحديث من رواته:

1 ـ عبدالرزّاق الصنعاني.

2 ـ أحمد بن حنبل.

3 ـ أبو حاتم.

4 ـ محمد بن إدريس الرازي.

5 ـ الحاكم النيسابوري.

6 ـ أبو بكر البيهقي.

7 ـ ابن مردويه.

____________

1- شرح المواهب اللدنيّة 1/273.

2- منهاج السنّة 5 / 510.


الصفحة 783
8 ـ أبو نعيم.

ومن أصحّ أسانيده وأجودها رواية عبدالرزّاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، عن رسول الله.

وقد قرأنا هذا النصّ سابقاً.

يقول ابن تيميّة: حول حديث " وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي "، يقول:

    كذب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)(1).

والحال أنّ هذا الحديث من رواته من الصحابة:

1 ـ أمير المؤمنين.

2 ـ الإمام الحسن المجتبى.

3 ـ أبو ذر الغفاري.

4 ـ عبدالله بن عباس.

5 ـ أبو سعيد الخدري.

6 ـ البراء بن عازب.

7 ـ أبو ليلى الأنصاري.

8 ـ عمران بن الحصين.

9 ـ بريدة بن الحصيب.

10 ـ عبدالله بن عمر.

11 ـ عمرو بن العاص.

12 ـ وهب بن حمزة.

ورواه من الأئمّة الحفّاظ:

1 ـ أبو داود الطيالسي.

____________

1- منهاج السنّة 7 / 391.


الصفحة 784
2 ـ ابن أبي شيبة.

3 ـ أحمد بن حنبل.

4 ـ الترمذي.

5 ـ النسائي.

6 ـ أبو يعلى الموصلي.

7 ـ ابن جرير الطبري.

8 ـ الطبراني.

9 ـ الحاكم.

10 ـ ابن مردويه.

11 ـ أبو نعيم.

12 ـ ابن عبدالبر.

13 ـ ابن الأثير.

14 ـ الضياء.

15 ـ ابن حجر.

16 ـ جلال الدين السيوطي.

يقول ابن عبدالبر: هذا إسناد لا مطعن فيه لأحد، لصحّته وثقة رجاله.

وصحّحه ابن أبي شيبة، وصحّحه أيضاً السيوطي، وصحّحه ابن جرير الطبري، وأخرجه أحمد في المسند بسند صحيح(1).

وأيضاً أخرجه الترمذي وحسّنه، والنسائي في الخصائص بسند صحيح، وابن حبّان في صحيحه، وأخرجه الحاكم وصحّحه على شرط مسلم.

وقال الحافظ ابن حجر بترجمة أمير المؤمنين من الإصابة قال: أخرجه الترمذي

____________

1- مسند أحمد 4 / 437.