من خصائصها (عليها السلام)
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
«لو كان الحسن شخصاً لكان فاطمة، بل هي أعظم، فإنّ فاطمة ابنتي خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً»(1).
لو قرأنا زيارة الجامعة الكبيرة الواردة بسند صحيح عن الإمام الهادي (عليه السلام)والتي تعدّ من أفضل وأعظم الزيارات، لوجدناها تذكر وتبيّن شؤون الإمامة بصورة عامّة، ومعرفة الإمام بمعرفة مشتركة لكلّ الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، فكلّ واحد منهم ينطبق عليه أنّه عيبة علمه وخازن وحيه.
إلاّ أنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) لا تزار بهذه الزيارة، فلا يقال في شأنها: موضع سرّ الله، خزّان علم الله، عيبة علم الله... فهذا كلّه من شؤون حجّة الله على الخلق، وفاطمة الزهراء هي حجّة الله على الحجج، كما ورد عن الإمام العسكري (عليه السلام): «نحن حجج الله على الخلق، وفاطمة الزهراء حجّة الله علينا».
ثمّ فاطمة الزهراء هي ليلة القدر، فهي مجهولة القدر كليلة القدر في شهر
____________
1- فرائد السمطين 2: 68.
كما أنّه ورد في توقيعات صاحب الأمر (عليه السلام) أنّ اُسوته ومقتداه اُمّه فاطمة الزهراء (عليها السلام)، فالجامعة زيارة الإمام، ولكن اُسوة الأئمة وحجّة الله عليهم هي فاطمة الزهراء، فلا يمكن وصفها وبيان قدرها.
ومن خصائصها: كما أنّ لها مبان خاصّة في الفقه والعقائد والمعارف السامية، إلاّ أنّه من خصائصها أنّ حبّها ينفع في مئة موطن، وحبّ الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ينفع في سبع مواطن للنجاة من أهوال يوم القيامة.
ومنها: أنّها في خلقتها النورية تساوي النبيّ، فهي كما قال النبيّ: روحه التي بين جنبيه، وربما الجنبين إشارة إلى جنب العلم وجنب العمل، فهي واجدة روح النبيّ بعلمه وعمله وكلّ كمالاته إلاّ النبوّة فهي الأحمد الثاني، فهي علم الرسول وتقواه وروحه.
ويحتمل أن تكون إشارة الجنبين إلى النبوّة المطلقة والولاية، فقد ورد في الخبر النبوي الشريف: «ظاهري النبوّة وباطني الولاية» التكوينية والتشريعية على كلّ العوالم، كما ورد: «ظاهري النبوّة وباطني غيب لا يدرك»، وأنفسنا في آية المباهلة تجلّيها وظهورها ومصداقها هو أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)، فالزهراء يعني رسول الله وأمير المؤمنين، فهي مظهر النبوّة والولاية، وهي مجمع النورين: النور المحمّدي والنور العلوي، وكما ورد في تمثيل نور الله في سورة النور
فالنبوّة والإمامة في وجودها، وهذا من معاني (والسرّ المستودع فيها) فهي تحمل أسرار النبوّة والولاية، تحمل أسرار الكون وما فيه، تحمل أسرار الأئمة وعلومهم، تحمل أسرار الخلقة وفلسفة الحياة.
ولا فرق بين الأحد والأحمد إلاّ ميم الممكنات الغارقة فيها، والاُمّ تحمل جنينها وولدها، وفاطمة الزهراء (عليها السلام) اُمّ أبيها، فهي تحمل النبيّ في أسرار نبوّته وودائعها، كما تحمل كلّ الممكنات في جواهرها وأعراضها، فخلاصة النبوّة تحملها فاطمة فهي اُمّ أبيها.
ومن خصائصها: أنّها تساوي النبيّ والوليّ في قالبها الطيني والصوري في عرش الله، كما في الروايات فيما يلتفت آدم إلى العرش ويرى الأشباح الخمسة النورانية في العرش.
ومن خصائصها: أنّ خلقتها العنصري ليس كخلقة آدم (عليه السلام)، فإنّه خلق من طين وبواسطة الملائكة، ولكنّ خلق فاطمة إنّما كان بيد الله، بيد القدرة ومن شجرة الجنّة ومن عنصر ملكوتي في صورة إنسان، فهي حوراء إنسية كما ورد في الأخبار، وإنّ النبيّ كان يقبّلها ويشمّها ويقول: أشمّ رائحة الجنّة من فاطمة، ففاطمة الزهراء خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً.
ومن خصائصها: أنّ الله خلق السماوات والأرض من نورها الأنور،
____________
1- النور: 35.
ولمثل هذه الخصائص الإلهيّة كان النبيّ يقول: فداها أبوها، وأنّها اُمّ أبيها، وكان يقوم أمامها إجلالا لها وتكريماً ويجلسها مجلسه، ويقبّل يديها وصدرها قائلا: أشمّ رائحة الجنّة من صدرها، ذلك الصدر الذي كان مخزن العلوم ومصداق السرّ المستودع فيها. وقد كسر الظالمون ضلعها وعصروها بين الباب والجدار وأسقطوا ما في أحشائها محسناً (عليه السلام):
ولست أدري خبر المسمارِ | سل صدرها خزانة الأسرارِ |
ليلة القدر فاطمة الزهراء (عليها السلام)
في تفسير نور الثقلين والبرهان وكتاب بحار الأنوار(1) عن تفسير فرات الكوفي مسنداً عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير سورة القدر، قال: إنّ فاطمة هي ليلة القدر، من عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرك ليلة القدر، وإنّما سمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها، ما تكاملت النبوّة لنبيّ حتّى أقرّ بفضلها ومحبّتها وهي الصدّيقة الكبرى، وعلى معرفتها دارت القرون الاُولى.
وعن أبي عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: {إنَّا أنزَلْـنَاهُ فِي لَـيْلَةِ القَدْرِ}(2)، الليلة فاطمة الزهراء والقدر الله، فمن عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرك ليلة القدر، وإنّما سمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها.
عن زرارة عن حمران قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عمّا يفرق في ليلة القدر، هل هو ما يقدّر الله فيها؟ قال: لا توصف قدرة الله إلاّ أنّها قال: {فِيهَا يُـفْرَقُ كُلُّ أمْر حَكِيم}(3)، فكيف يكون حكيماً إلاّ ما فرق، ولا توصف قدرة الله سبحانه لأنّه
____________
1- بحار الأنوار 42: 105.
2- القدر: 1.
3- الدخان: 4.
قال العلاّمة المجلسي في بيان الخبر: وأمّا تأويله (عليه السلام) ليلة القدر بفاطمة (عليها السلام) فهذا بطن من بطون الآية، وتشبيهها بالليلة إمّا لسترها وعفافها، أو لما يغشاها من ظلمات الظلم والجور، وتأويل الفجر بقيام القائم بالثاني أنسب، فإنّه عند ذلك يسفر الحقّ، وتنجلي عنهم ظلمات الجور والظلم، وعن أبصار الناس أغشية الشبه فيهم، ويحتمل أن يكون طلوع الفجر إشارة إلى طلوع الفجر من جهة المغرب الذي هو من علامات ظهوره، والمراد بالمؤمنين هم الأئمة (عليهم السلام)وبين أنّهم إنّما سمّوا ملائكة لأنّهم يملكون علم آل محمّد (عليهم السلام) ويحفظوها ونزولهم فيها كناية عن حصولهم منها موافقاً لما ورد في تأويل آية سورة الدخان أنّ الكتاب المبين أمير المؤمنين (عليه السلام) والليلة المباركة فاطمة (عليها السلام) {فِيهَا يُـفْرَقُ كُلُّ أمْر حَكِيم}(6) أي حكيم بعد حكيم وإمام بعد إمام.
____________
1- القدر: 3.
2- القدر: 4.
3- القدر: 4 ـ 5.
4- القدر: 5.
5- البحار 25: 97.
6- الدخان: 4.
هذا وقد ذكرت في رسالة (فاطمة الزهراء (عليها السلام) ليلة القدر) أربعة عشر وجه شبه بين فاطمة الزهراء سيّدة النساء (عليها السلام) وبين ليلة القدر، وإجمالها كما يلي:
1 ـ ليلة القدر وعاء زماني للقرآن الكريم وفاطمة الزهراء وعاء مكاني.
2 ـ ليلة القدر يفرق فيها كلّ أمر حكيم، كذلك الزهراء (عليها السلام) فهي الفاروق بين الحقّ والباطل.
3 ـ ليلة القدر معراج الأنبياء لكسب العلوم والفيوضات الإلهيّة، كذلك فاطمة الزهراء فهي مرقاة النبوّة ومعرفتها معراج الأنبياء.
4 ـ ليلة القدر هي خير من ألف شهر، كذلك تسبيح فاطمة الزهراء تجعل كلّ صلاة بألف صلاة وبمحبّتها تضاعف الأعمال كليلة القدر.
5 ـ ليلة القدر ليلة مباركة، ومن أسماء فاطمة الزهراء (المباركة) (عليها السلام).
6 ـ علوّ شأن ليلة القدر ومقامها الشامخ بين الليالي، كذلك الزهراء، وأنّه لولاها لما خلق الله محمّد وعليّ (عليهما السلام) كما ورد في الخبر الشريف.
7 ـ العبادات في ليلة القدر تضاعف كرامةً لها، كذلك حبّ الزهراء (عليها السلام)
____________
1- القدر: 4 ـ 5.
2- المصدر: 99.
8 ـ القرآن هو النور ونزل في ليلة القدر ليلة النور، وفاطمة هي النور فهي ليلة القدر كما في تفسير آية النور: {اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ}(1).
9 ـ ليلة القدر ليلة السعادة، وفاطمة سرّ السعادة.
10 ـ تقدّست ليلة القدر وما قبلها من الأيام والليالي وما بعدها كرامةً لها وتعظيماً لمقامها، كذلك الزهراء يحترم ذرّيتها ويقدّسون عند الاُمّة كرامةً لها وحبّاً بها ولغير ذلك.
11 ـ ليلة القدر ليلة الخلاص من النار والعتق من جهنّم، كذلك فاطمة تفطم شيعتها من النار وتلتقطهم من المحشر كما تلتقط الدجاجة حبّات القمح.
12 ـ ليلة القدر سرّ من أسرار الله، وكذلك الزهراء (عليها السلام) فهي من سرّ الأسرار.
13 ـ ليلة القدر سيّدة الليالي، وفاطمة الزهراء (عليها السلام) سيّدة النساء.
14 ـ لقد جهل قدر ليلة القدر، وكذلك فاطمة الزهراء بنت الرسول (عليها السلام) فقد جهل الناس ولا زالوا قدرها، كما أنّها مجهولة القبر إلى ظهور ولدها القائم من آل محمّد (عليهم السلام).
____________
1- النور: 35.
فاطمة الزهراء (عليها السلام) في معراج النبيّ
إنّ من الحقائق الثابتة في حياة النبيّ وسيرته هو معراجه الشريف من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى المبارك، ومن ثمّ عرج إلى ربّه قاب قوسين أو أدنى، وقد وردت قصّة المعراج في سورة الإسراء كما وردت في سورة النجم، ويقال: إنّ الغرض في سورة النجم هو تذكير الناس بالاُصول الثلاثة: وحدانية الله في ربوبيّته أي المبدأ، ثمّ المعاد، ثمّ النبوّة بينهما. فتبدأ السورة بالنبوّة فتصدّق الوحي إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) وتذكر بعض أوصافه المباركة في قصّة المعراج، ثمّ تتعرّض لوحدانية الله وتنفي الأوثان والشركاء، ثمّ تصف انتهاء الخلق والتدبير إليه تعالى من الإحياء والإماتة وغيرهما، وتختم الكلام بالإشارة إلى المعاد والأمر بالسجدة والعبادة، التي هي الطريق لسعادة الدارين، ومن فلسفة الحياة والخلقة.
ثمّ المقصود من الوحي في الآيات الاُولى كما في الروايات هو وحي المشافهة الذي أوحاه الله إلى نبيّه ليلة المعراج، وأصل القصّة في سورة الإسراء، إلاّ أنّه في سورة النجم يشار إلى بعض معالمها، فيقسم ويحلف سبحانه بالنجم إذا هوى ـ بمطلق الجرم السماوي عند سقوطه للغروب أو القرآن لنزوله نجوماً، أو الثريا أو الشعرى أو الشهاب الذي يرمى به شياطين الجنّ ـ.
{وَمَا يَـنْطِقُ عَنِ الهَوَى}(2) هوى النفس ورأيها في مطلق نطقه أو ما ينطق به من القرآن الكريم.
{إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}(3) من الله سبحانه بالمشافهة أو بواسطة جبرئيل (عليه السلام).
{عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى}(4) علّم النبيّ القرآن جبرئيل أو الله الذي هو شديد القوى.
{ذُو مِرَّة فَاسْتَوَى}(5) ذو شدّة أو حصافة العقل والرأي أو نوع من المرور من جبرئيل فاستوى على صورته الأصلية واستولى بقوّته على ما جعله له من الأمر، أو ذو مرّة أي النبيّ ذو شدّة في جنب الله فاستوى واستقام واستقرّ.
{وَهُوَ بِالاُ فُقِ الأعْلَى}(6) بالاُفق والناحية العليا من السماء، فهو جبرئيل أو النبيّ بالاُفق الأعلى حال استوائه.
{ثُمَّ دَنَا فَـتَدَلَّى}(7) أي قرب بل واقترب أكثر فأكثر، فقرب جبرئيل من
____________
1- النجم: 2.
2- النجم: 3.
3- النجم: 4.
4- النجم: 5.
5- النجم: 6.
6- النجم: 7.
7- النجم: 8.
{فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنَى}(1) قاب أي مقدار قوسين أو ذراعين كناية عن شدّة القرب، فكان البعد قدر قوسين أو ذراعين بل وأقرب من ذلك.
{فَأوْحَى إلَى عَـبْدِهِ مَا أوْحَى}(2) فأوحى جبرئيل إلى عبد الله ما أوحى أو أوحى الله بواسطة جبرئيل إلى عبده محمّد (صلى الله عليه وآله) ما أوحى، كما هو الظاهر.
{مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأى}(3) فما كذب فؤاد النبيّ فيما رأى وأراه الله، فشهد النبيّ بفؤاده ما أراده الله وكان صدقاً وحقّاً، فالرؤية هنا لله سبحانه رؤية قلبيّة ولغيره إدراكية قلبية أو حسّية، والفؤاد القلب أو النفس أو الوجود، فما كذب أو كذّب وجود النبيّ ونفسه وفؤاده ما رأى من آيات الله الكبرى، وما قال فؤاده ـ ما رآه ببصره ـ لم أعرفك وكذّبه، ففؤاده صدّق بصره فيما رأى، فما كان يقوله النبيّ ويخبر به الناس كان بما يشاهده عياناً لا عن فكر وتعقّل، فلا مجال لمجادلة المشركين ومماراتهم إيّاه فيما يشاهده عياناً.
{أفَـتُـمَارُونَهُ عَلَى مَا يَـرَى}(4) وهذا توبيخ للمشركين في مجادلتهم النبيّ، فإنّ المجادلة تتمّ في الآراء النظرية والاعتقادات الفكرية لا بما يشاهد بالعيان، فلا تصرّوا على مجادلته.
____________
1- النجم: 9.
2- النجم: 10.
3- النجم: 11.
4- النجم: 12.
{عِنْدَ سِدْرَةِ المُـنْـتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ المَأوَى * إذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى}(2) السدرة شجرة معروفة وهو اسم مكان ولعلّه منتهى السماوات فإنّ الجنّة المأوى عندها والجنّة في السماء، وفي الروايات أنّها شجرة فوق السماء السابعة إليها تنتهي أعمال بني آدم، عندها جنّة المأوى التي يأوي إليها المؤمنون وهي من جنان الآخرة، بعد جنّة اللقاء والأسماء التي هي جنّة الله سبحانه. إذ يغشى السدرة أي يحيط بالسدرة ما يحيط بها.
{مَا زَاغَ الـبَصَرُ وَمَا طَغَى}(3) فلم يمل عن الاستقامة ولم يتجاوز الحدّ في العمل فما زاغ بصر النبيّ أنّه يرى على غير ما هو عليه، وما طغى في إدراكه ما لا حقيقة له، والمراد بالإبصار رؤيته بقلبه لا بحاسّة بصره، فما رآه النبيّ في النزلة الاُولى الذي ما كذّب الفؤاد ما رأى وفي النزلة الاُخرى عند سدرة المنتهى رأى من آيات الله الكبرى التي تدلّ على الله سبحانه.
{لَـقَدْ رَأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُـبْرَى}(4) فشاهد الله برؤية قلبية من خلال
____________
1- النجم: 13.
2- النجم: 14 ـ 16.
3- النجم: 17.
4- النجم: 18.
أجل، النبيّ الأعظم محمّد (صلى الله عليه وآله) رأى ما رأى في ليلة معراجه ـ وما أكثر الروايات في هذا الباب بأنّه رأى الجنان والنيران وصلّى خلفه جميع الأنبياء ـ وجاز سرادقات الجمال والجلال والكبرياء فرأى وما كذّب الفؤاد ما رأى، ثمّ ثمرة هذا الفؤاد النبويّ المبارك هو فاطمة الزهراء (عليها السلام). فهي سيّدة النساء (عليها السلام) ; وهي سرّ الوجود وعصارته، فإنّ النبيّ الأعظم محمّد (صلى الله عليه وآله) شجرة الوجود كما قال: «أنا وعليّ من شجرة واحدة، وباقي الناس من شجر شتّى».
وقال (صلى الله عليه وآله): «فاطمة ثمرة فؤادي وقرّة عيني ومهجة قلبي».
ومن خصائص الثمرة أنّها:
1 ـ عصارة الشجرة وخلاصتها.
2 ـ قيمة الشجرة بثمرتها.
3 ـ جمال الشجرة بالثمرة.
4 ـ تعرف الشجرة بثمرتها كما يقال: هذه شجرة التفّاح.
5 ـ غاية وجود الشجرة هي الثمرة.
6 ـ لذّة الشجرة بالثمرة.
7 ـ حلاوة الشجرة بثمرتها.
8 ـ مقصود الفلاّح من الأشجار أثمارها.
وخصائص كثيرة اُخرى.
وإنّ فاطمة الزهراء لهي ثمرة فؤاد النبيّ (صلى الله عليه وآله)، فيعلم ويعرف عظمة النبيّ
____________
1- تفسير الميزان: سورة النجم.
وقد رأى النبيّ في معراجه في القوسين الصعودي والنزولي ما رأى من آيات الله الكبرى، بل رأى الله سبحانه بقلبه، وما كذب الفؤاد ما رأى. ورؤية العلّة يستلزم رؤية كلّ المعلول، فرؤية الله لازمها رؤية الكون والإحاطة العلمية بما فيه، فالنبيّ أحاط بكلّ الممكنات وبعالم الإمكان، وفاطمة ثمرة فؤاده رأت الله سبحانه وأحاطت بما سواه، فإنّها ثمرة فؤاد النبيّ الذي رأى الله بقلبه، ورأى الآيات الكبرى في كلّ العوالم من الجبروت والملكوت والمثال والسماوات والأرض، كلّ ذلك رآه عند سدرة المنتهى في نزلة اُخرى فرأى العرش وما دونه، وتجاوز حجب النور والظلمات حتّى وصل إلى الحجاب الأكبر وهو مقام الإمامة.
فكان النبيّ هو الموج الأوّل في بحر الله سبحانه، كما كان اللمعة الاُولى من نوره الأتمّ، ثمّ اشتقّ من نور النبيّ (صلى الله عليه وآله) نور عليّ (عليه السلام)، ومن نورهما نور فاطمة، ثمّ الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، ثمّ شيعتهم من الأنبياء والأوصياء والمؤمنين، فكانوا أمواجاً، موجاً بعد موج، ولا يتحقّق هذا القرب إلاّ بالعبودية، فإنّها جوهرة كنهها الربوبية. فأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ عترته الأطهار عباد الله المكرمون.