عيد الغدير بين الثبوت والإثبات(1)
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمّد وآله.
قال الله تعالى في كتابه الكريم في قصّة المسيح مع الحواريّين:
{رَبَّنَا أنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأوَّلِنَا وَآخِرِنَا}(2).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
«أعياد المسلمين أربع: الفطر والأضحى والغدير والجمعة».
والعيد لغةً: مأخوذ من عاد يعود، فيسمّى اليوم الخاصّ عيد، لأنّه يعود كلّ سنة، أو مأخوذ من العوائد، جمع العائدة، أي الفائدة الموهوبة، لأنّ الأعياد تشتمل على عوائد من الذكريات الطيّبة، كما تنزل فيها البركات الإلهيّة والرحمة الخاصّة والعطايا الربّانية والفيوضات القدسيّة.
ولكلّ اُمّة وشعب أعياد وطنيّة أو غيرها من ذكرياتهم الخاصّة، يمجّدونها
____________
1- محاضرة إسلاميّة ألقاها الكاتب في مسجد الإمام الرضا (عليه السلام) (موكب النجف الأشرف) ليلة عيد الغدير سنة 1421.
2- المائدة: 114.
ثمّ من الكلمات المتداولة على ألسن العلماء والفضلاء كلمتا (الثبوت) و (الإثبات)، ويقصد بالأوّل الواقع والمعنى ونفس الأمر، كما يقصد من الثاني عالم الدلائل والألفاظ والظهور وإبراز ما هو في الواقع، وإنّ الظاهر ينبئ عن الواقع كما يخبر عن الباطن والحقيقة.
فقوله سبحانه في كتابه الكريم: {أقِيمُوا الصَّلاةَ}(1) إنّما هو في عالم الإثبات الذي يخبر عن الإرادة الإلهيّة المتعلّقة بالصلاة في عالم الثبوت والواقع، والذي يسمّى بعالم المصالح والمفاسد.
ونظير الإثبات والثبوت عالمي الملك والملكوت، أو الظاهر والباطن، فكلّ شيء له ملك ظاهري كما له ملكوت باطني، والناس يختلفون ويتفاوتون في الدرجات باعتبار ما يحملون من العلوم والفنون والمعارف، {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ اُوتُوا العِلْمَ دَرَجَات}(2) فيتفاضلون في الدنيا والآخرة بتفاضل المعرفة، وقيمة كلّ امرئ ما يحسنه من العلم والمعرفة والآداب والفنون.
وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، فالآيات والروايات باعتبار المفاهيم والمعاني ليست بمستوى واحد في فهمها ودركها ومعرفتها، بل كما ورد في الخبر
____________
1- الأنعام: 72.
2- المجادلة: 11.
ومن هذا المنطلق تطرح واقعة الغدير ـ التي هي من أهمّ الوقائع الإسلامية ـ تارة باعتبار عالم الإثبات والدلائل، وما جاء في القرآن الكريم من آيات التبليغ والإكمال وغيرهما، وما ورد في الأحاديث الشريفة من حجّة الوداع وخطبة النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) ونصب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) للوصاية والخلافة، واحتجاج أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء وأهل البيت بغدير خم، وما جرى فيه من الأحداث التاريخية، وتهنئة الأصحاب والشيخين أبي بكر وعمر بإمرة المؤمنين.
واُخرى باعتبار عالم الثبوت، وما في واقع الأمر وفي علم الله سبحانه وفي العوالم السابقة على عالم الناسوت، وهي هذه الدنيا التي نعيش فيها، فإنّه كما ثبت في محلّه هناك عوالم سابقة على هذا العالم، كعالم الأنوار وعالم الأرواح وعالم الذرّ وعالم الطينة، أو عالم الجبروت واللاهوت والملكوت، ثمّ من العوالم السابقة ما كان فيها التكليف في الجملة، فإنّ في عالم الذرّ والذي يسمّى بعالم الميثاق وعالم (ألست) أيضاً، قد أخذ الله الميثاق على الخلق وخاطبهم بقوله: {ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ}(1) قالوا: {بَلَى}، إلاّ أنّ الإنسان كأنّه خلق من النسيان، فإنّ من الناس من أنكر تلك الدعوة والتلبيّة، فكفر وأشرك بالله، كما قد أخذ الله
____________
1- الأعراف: 172.
والغدير هو العيد الأكبر للخلائق أجمع بصورة عامّة، كما هو عيد المسلمين بصورة خاصّة، وللمؤمنين الموالين لأهل البيت (عليهم السلام) بنحو أخصّ، فإنّ الله يعود على الخلق بالفضل والعوائد والرحمة الخاصّة، في مثل هذا اليوم المبارك.
ثمّ لنا نصوص كثيرة تدلّ على عظمة وشموخ يوم الغدير، وفي بعضها ما يشير إلى حقيقته في عالم الثبوت.
ففي (المصباح) لشيخ الطائفة شيخنا الطوسي (قدس سره)(1)، عن داود الرقّي، عن أبي هارون عمّار بن حريز العبدي، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة، فوجدته صائماً، فقال لي: هذا يوم عظيم، عظّم الله حرمته على المؤمنين، وأكمل لهم فيه الدين، وتمّم عليهم النعمة، وجدّد لهم ما أخذ عليهم من العهد والميثاق. فقيل له: ما ثواب صوم هذا اليوم؟ قال: إنّه يوم عيد وفرح وسرور، ويوم صوم شكراً لله، وإنّ صومه يعدل ستّين شهراً من أشهر الحرم(2).
____________
1- المصباح: 513.
2- الغدير ; للعلاّمة الأميني، الجزء 1.
منها: عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: «كان الميثاق مأخوذاً عليهم لله بالربوبيّة ولرسوله بالنبوّة ولأمير المؤمنين والأئمة بالإمامة، فقال: {ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ} ومحمّد نبيّكم وعليّ إمامكم والأئمة الهادون أئمّتكم {قَالُوا بَلَى}»... الحديث(1).
والإمام السيّد عبد الحسين شرف الدين العاملي (قدس سره) يرى أنّ القول الإلهي في الآية الشريفة {ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ} من باب المجاز والتمثيل، وهو من أوسع أبواب البلاغة في لسان العرب، والقرآن الكريم إنّما نزل على لغتهم وفي أساليبهم، وما تحدّى العرب إلاّ على طرائقهم وفي مجازاتهم وحقائقهم، فعجزوا عن أن يأتوا بسورة من مثله، فآية الميثاق والإشهاد على أنفسهم إنّما جاءت من هذا الباب كما جاء غيرها من آيات الفرقان وصحاح السنّة وسائر كلام العرب.
ويذكر في هذا الباب شواهد من التنزيل والسنّة وأشعار العرب، كعرض الأمانة على السماوات والأرض، وقوله: {ا ئْـتِيَا طَوْعاً أوْ كَرْهاً}(2)، وقوله: {إذَا أرَدْنَاهُ أنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}(3)، و {لَوْ أنْزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ عَلَى جَبَل}(4)،
____________
1- فلسفة الميثاق والولاية ; السيّد عبد الحسين شرف الدين: 9.
2- فصلّت: 11.
3- النحل: 40.
4- الحشر: 21.
فظاهر آية (الذرّ) أنّها إنّما جاءت على سبيل التمثيل والتصوير، فمعناها والله تعالى أعلم: (و) اذكر يا محمّد (صلى الله عليه وآله) للناس ما قد واثقوا الله عليه بلسان حالهم التكويني من الإيمان والشهادة له بالربوبيّة، وذلك (إذ أخذ ربّك) أي حيث أخذ ربّك جلّ سلطانه (من بني آدم) أي (من ظهورهم ذرّيتهم) فأخرجها من أصلاب آبائهم نطفاً فجعلها في قرار مكين من أرحام اُمّهاتهم، ثمّ جعل النطف علقاً، ثمّ مضغاً، ثمّ عظاماً، ثمّ كسا العظام لحماً، ثمّ أنشأ كلا منهم خلقاً سويّاً قويّاً في أحسن تقويم، سميعاً بصيراً ناطقاً عاقلا مفكّراً مدبّراً عالماً عاملا كاملا ذا حواسّ ومشاعر وأعضاء أدهشت الحكماء، وذا مواهب عظيمة وبصائر نيّرة تميّز بين الصحيح والفاسد والحسن والقبيح، وتفرّق بين الحقّ والباطل، فيدرك بها آلاء الله في ملكوته، وآيات صنعه... فكأنّه تبارك وتعالى إذا خلقهم على هذه الكيفيّة قرّرهم {وَأشْهَدَهُمْ عَلَى أنفُسِهِمْ} فقال لهم: {ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ} وكأنّهم {قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} على أنفسنا لك بالربوبيّة، ونجعنا لعزّتك وجلاك بالعبوديّة نزولا على ما قد حكمت به عقولنا، وجزمت به بصائرنا، حيث ظهر لديها أمرك، وغلب عليها قهرك ـ إلى آخر ما يقوله (قدس سره) ـ.
ثمّ قال: وأمّا أخذ الميثاق هنا لرسوله بالنبوّة ولأوصيائه الاثنى عشر بالإمامة، فإنّما هو على حدّ ما ذكرناه من أخذ الميثاق لله عزّ وجلّ بالربوبيّة، فإنّه وله الحمد والمجد أقام على نبوّة نبيّنا وإمامة أئمّتنا من الأدلّة القاطعة والبراهين الساطعة والآيات البيّنات والحجج البالغة المتظاهرة ما لا يتسنّى
أقول: تفسيره هذا إنّما هو من تفسير الظاهر وكشف القناع عن الآية الشريفة في الظاهر وفي عالم الإثبات والدلائل، وأمّا تأويلها وكشف القناع عن بواطنها وحقائقها فإنّه كما ورد في أحاديث أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، فإنّهم الأعرف بعالم الثبوت والواقع، بوحي نزل على جدّهم الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، فحديثهم حديث جدّهم، أو بإلهام من الله سبحانه وقرع في الأسماع ونكت في القلوب.
وحسب الأخبار المرويّة في تأويل الآية الشريفة، لنا (عالم الذرّ) والنشأة الإنسانية الاُولى كما عند العلاّمة الطباطبائي في تفسيره (الميزان)، وإنّ صدق القضايا في عالمنا هذا إنّما هو باعتبار مطابقتها لنفس الأمر والواقع وما جاء في النشأة الاُولى، وإنّ عالم الميثاق وعالم الذرّ يعدّ من عوالم التكليف في الجملة أيضاً، ودار الدنيا دار الامتحان والتكاليف بالجملة والتفصيل.
وقد أخذ الله سبحانه العهد والميثاق من بني آدم بالتوحيد والنبوّة والإمامة، والجامع لهذه الحقائق هي الولاية العظمى الإلهيّة الجامعة للأسماء الحسنى
فالله سبحانه توّج أمير المؤمنين بتاج الولاية والإمامة في عالم العهد والميثاق من العوالم السالفة والقديمة، وهذا ما نقصده من قولنا: (الغدير في عالم الثبوت)، ثمّ جدّد ذلك العهد في الثامن عشر من ذي الحجّة الحرام في السنة العاشرة من الهجرة النبويّة الشريفة، وكما ورد في التاريخ وفي الآيات والروايات.
وقصّة الغدير في عالم الإثبات والدلائل الظاهرات والبراهين الساطعات من المتواترات لا يمكن إنكارها إلاّ المكابر، ومن استحوذ عليه الشيطان.
هذا ومن الروايات الدالّة على واقعة الغدير في العوالم السابقة:
ما جاء في البحار بسنده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: كنّا عند الرضا (عليه السلام) والمجلس غاصّ بأهله، فتذاكروا يوم الغدير، فانكره بعض الناس، فقال الرضا (عليه السلام): حدّثني أبي عن أبيه، قال: إنّ يوم الغدير في السماء أشهر منه
____________
1- الوسائل 5: 400، باب 12 من أبواب الطواف، الحديث 2، بسنده عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنّ الله لمّا أخذ مواثيق العباد أمر الحجر فالتقمها، فلذلك يقال: أمانتي أدّيتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة.
وكذلك في الباب 13، وفيه 18 رواية، خذها وتدبّر فيها لتستخرج منها اللؤلؤ والمرجان.
ثمّ قال: يا ابن أبي نصر، أينما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإنّ الله يغفر لكلّ مؤمن ومؤمنة، ومسلم ومسلمة، من ذنوب ستّين سنة، ويعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر، والدرهم فيه بألف درهم لإخوانك العارفين، وأفضِل على إخوانك في هذا اليوم، وسرّ فيه كلّ مؤمن ومؤمنة.
ثمّ قال: يا أهل الكوفة، لقد اُوتيتم خيراً كثيراً، وأنتم ممّن امتحن الله قلبه للإيمان، مستذلّون مقهورون ممتحنون، ليصبّ البلاء عليكم صبّاً، ثمّ يكشفه كاشف الكرب العظيم، والله لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته، لصافحتهم الملائكة في كلّ يوم عشر مرّات.
ولولا أنّي أكره التطويل لذكرت من فضل هذا اليوم وما أعطاه الله من عرفه
فقوله (عليه السلام): «لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته» يشير إلى عالم الثبوت وهو عالم الحقيقة والواقع. كما أنّ الملائكة تحتفل بهذا اليوم المبارك من قبل ومن بعد.
وفي البحار بسنده عن الإمام الصادق (عليه السلام)، يقول: صوم يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا، لو عاش إنسان عمر الدنيا، ثمّ لو صام ما عَمِرت الدنيا لكان له ثواب ذلك، وصيامه يعدل عند الله عزّ وجلّ مائة حجّة ومائة عمرة، وهو عيد الله الأكبر، وما بعث الله عزّ وجلّ نبيّاً إلاّ وتعيّد في هذا اليوم، وعرف حرمته ـ وهذا يعني أنّ الأنبياء كلّهم عرفوا عيد الغدير ويومه، وهو عيد الله الأكبر، في مكنون علمه وسرّه جلّ جلاله، فكان الغدير قبل خلق الخلق ـ واسمه في السماء يوم العهد المعهود، وفي الأرض يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود، ومن صلّى فيه ركعتين من قبل أن تزول الشمس بنصف ساعة شكراً لله عزّ وجلّ، ويقرأ في كلّ ركعة سورة الحمد عشراً، وإنّا أنزلناه في ليلة القدر عشراً، وآية الكرسي عشراً، عدلت عند الله عزّ وجلّ مائة ألف حجّة ومائة ألف عمرة، وما سأل الله عزّ وجلّ حاجة من حوائج الدنيا والآخرة كائنة ما كانتا إلاّ أتى الله عزّ وجلّ على قضائها في يسر وعافية، ومن فطّر مؤمناً كان له ثواب من أطعم فئاماً وفئاماً، فلم يزل يعدّ حتّى عدّ عشرة. ثمّ قال: أتدري ما الفئام؟ قلت: لا، قال: مائة ألف، وكان له ثواب من أطعم بعددهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين في
____________
1- البحار 8: 182، راجع التهذيب 2: 8، ومصباح المتهجّد: 513، ومصباح الزائر، الفصل السابع، والإقبال: 685.
ثمّ ذكر الإمام (عليه السلام) الدعاء الذي بعد الصلاة، ومثله مذكور في مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمّي (قدس سره)، فراجع.
وعن أبي الحسن الليثي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) أنّه قال لمن حضره من مواليه وشيعته: أتعرفون يوماً شيّد الله به الإسلام، وأظهر به منار الدين، وجعله عيداً لنا ولموالينا وشيعتنا؟
فقالوا: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، أيوم الفطر هو يا سيّدنا؟
قال: لا.
قالوا: أفيوم الأضحى هو؟
قال: لا، وهذان يومان جليلان شريفان، ويوم منار الدين أشرف منهما، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة، وإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمّا انصرف من حجّة الوداع وصار بغدير خُم، أمر الله عزّ وجلّ جبرئيل (عليه السلام) أن يهبط على النبيّ (صلى الله عليه وآله)
____________
1- وهذا يعني أنّه من التقوى (إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقَاكُمْ).
2- وهذا يعني أنّه رفع درجات (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ).
3- البحار 95: 302، عن الإقبال للسيّد ابن طاووس: 475.
فعيد الغدير هو عيد الله الأكبر جلّ جلاله، كما هو عيد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، إنّه عيد الأنبياء والأوصياء، عيد الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وعيد مواليهم وشيعتهم الأخيار، وهو عيد المسلمين، إلاّ أنّ القوم لمّا جحدوا حقّ أمير المؤمنين يوم السقيفة، وأنكروا يوم الغدير ـ الثابت عند الفريقين متواتراً كما ذكر العلاّمة الأميني (قدس سره) في كتابه القيّم (الغدير) في أحد عشر مجلّداً ـ أنكروا عيد الغدير أيضاً، بل قالوا بهتاناً وافتراءً، إنّ هذا العيد السعيد من فعل الشيعة في القرن الثالث الهجري ونسبوه إلى معزّ الدولة البويهي.
وإليك ما يذكره العلاّمة الأميني عليه الرحمة في كتابه العظيم الغدير حول عيد الغدير(2):
«إنّ الذي يتجلّى للباحث حول تلك الصفة أمران:
الأوّل: أنّه ليس صلة هذا العيد بالشيعة فحسب، وإن كانت لهم به علاقة خاصّة، وإنّما اشترك معهم في التعيّد به غيرهم من فرق المسلمين، فقد عدّه البيروني في الآثار الباقية في القرون الخالية (ص 334) ممّا استعمله أهل الإسلام من الأعياد، وفي مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي (ص 53) يوم غدير خم
____________
1- المصدر 95: 300.
2- الغدير 1: 267.