الصفحة 301

وفي لفظ آخر: "فأما النار فلا تمتلئ، حتى يضع رجله، فتقول: قط قط قط، فهنا تمتلئ"(1)، ولا أدري كيف ذلك؟ فهل تبقى رجل الرب خالدة في النار كي تبقى ممتلئة ـ والعياذ بالله ـ أم يخرجها منها؟!

ج ـ "يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة"(2).

وقال ابن الجوزي في تعليقه على روايات القدم والساق: "قلت: وذكر الساق مع القدم تشبيه محض"(3).

د ـ قوله: "ثم علا به [يعني الرسول] فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله، حتى جاء سدرة المنتهى، ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى"(4).

قال ابن حجر في معرض تعليقه على هذا المقطع من الحديث:

"قال الخطابي: ليس في هذا الكتاب ـ يعني صحيح البخاري ـ حديث أشنع ظاهرًا ولا أشنع مذاقاً من هذا الفصل، فإنه يقتضي تحديد المسافة بين أحد المذكورين وبين الآخر وتمييز مكان كل واحد منهما، هذا إلى ما في التدلّي من التشبيه والتمثيل له بالشيء الذي تعلق من فوق إلى أسفل"(5).

ثم ذكر البخاري في تتمة الحديث ذاته قائلاً: "فعلا به إلى الجبار، فقال وهو مكانه: يا رب، خفف عنّا"(6).

قال ابن الجوزي بعد أن فهم التشبيه من مضمون الرواية: "فإن قيل: فقد أخرج في الصحيحين عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك أنه ذكر المعراج، فقال فيه: فعلا الجبار... الحديث.

____________

(1) البخاري، الجامع الصحيح: ج4 ص434، كتاب التوحيد ح7449.

(2) البخاري، الجامع الصحيح: ج3 ص296، كتاب التفسير ح4919.

(3) ابن الجوزي، دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه: ص120، دار الإمام النووي ـ الأردن.

(4) البخاري، الجامع الصحيح: ج4 ص452، كتاب التوحيد ح7517.

(5) ابن حجر، فتح الباري: ج3 ص402.

(6) المصدر نفسه: ج3 ص402.


الصفحة 302

فالجواب: إن أبا سليمان الخطابي قال: هذه لفظة تفرد بها شريك ولم يذكرها غيره وهو كثير التفرد بمناكير الألفاظ"(1).

هـ ـ وفيما يرويه عن النبي(صلى الله عليه وآله): "فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه... ثم أعود فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجداً... ثم أعود ثالثة فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجداً"(2).

قال ابن حجر في الفتح: "قال الخطابي: هذا يوهم المكان والله منزه عن ذلك"(3)، ثم حاول بعد ذلك أن يؤول الحديث بما لا تحتمله عبارته.

2ـ الحط من مقام النبوة:

لا يخفى ما للنبوة من مقام شامخ ومنزلة عظيمة تمثل الحجة الإلهية على الأرض، وقد اصطفى الله تعالى لها أشخاصاً كرمهم وفضلهم وعصمهم وجعلهم قدوة وأسوة للناس، وقد نزههم الله تعالى في قرآنه الكريم عن كل ما يشينهم وكل ما يحط من منزلتهم، قال تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ}(4)، وقد فضل الله تعالى نبيه الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله) على جميع الأنبياء والمرسلين،

____________

(1) ابن الجوزي، دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه: ص136.

(2) البخاري، الجامع الصحيح: ج4 ص432، كتاب التوحيد ح 7440.

(3) ابن حجر، فتح الباري: ج13 ص530.

(4) ص: 45ـ 47.


الصفحة 303

قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ}(1)، فإن الله تعالى قد اشترط في هذه الآية إعطاء النبوة والحكم لسائر الأنبياء بالإيمان بالنبي(صلى الله عليه وآله) ونصرته وشدد عليهم في ذلك، ولا شك أن المنصور هو القائد والناصر هو المقود والتابع، فنبينا أفضل وأكرم الأنبياء(عليهم السلام)، وهذا ثابت باتفاق المسلمين، وهو ما نص عليه نبينا الأكرم(صلى الله عليه وآله) في الروايات المستفيضة من طرق الفريقين.

ولكن البخاري في صحيحه أساء إلى ذلك الصرح الشامخ بإدخال الروايات الإسرائيلية، والتي تنسب إلى الأنبياء الكذب والذنب وكل ما يحط من مقاماتهم السامية، ونشير فيما يلي إلى أمثلة موجزة في هذا المجال:

أـ ما أخرجه عن أبي هريرة، قال: "لم يكذب إبراهيم(عليه السلام) إلا ثلاث كذبات، ثنتين منهن في ذات الله عز وجل، قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} وسئل عن سارة: فقال: أختي"(2).

وهذه الرواية لا تنسجم مع عقيدة المسلم في الأنبياء؛ لأن الكذب من الكبائر ولا يجوز نسبته إليهم باتفاق المسلمين.

قال الفخر الرازي في تفسيره في مقام تعليقه على الرواية: "لا يحكم بنسبة الكذب إليهم إلا زنديق"(3).

وقال أيضاً في تفسيره لقوله تعالى على لسان إبراهيم(عليه السلام): {إِنِّي سَقِيمٌ}: "قال بعضهم: ذلك القول عن إبراهيم(عليه السلام) كذبة، ورووا فيها حديثاً عن النبي(صلى الله عليه وآله)، أنه قال: ما كذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات.

____________

(1) آل عمران: 81.

(2) البخاري، الجامع الصحيح: ج2 ص350، كتاب أحاديث الأنبياء، ح3358.

(3) الفخر الرازي، التفسير الكبير: ج22 ص186.


الصفحة 304

قلت لبعضهم: هذا الحديث لا ينبغي أن يقبل؛ لأن نسبة الكذب إلى إبراهيم لا تجوز، فقال ذلك الرجل: فكيف يحكم بكذب الرواة العدول؟ فقلت: لما وقع التعارض بين نسبة الكذب إلى الراوي وبين نسبته إلى الخليل(عليه السلام) كان من المعلوم بالضرورة أن نسبته إلى الراوي أولى"(1).

ب ـ ما أخرجه عن أبي هريرة أيضاً: >إن موسى(عليه السلام): خلا يوماً وحده فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وأن الحجر عدا بثوبه فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول: ثوبي حجر! ثوبي حجر! حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل، فرأوه عرياناً أحسن ما خلق الله"(2).

وأخرج البخاري في صحيحه أيضاً عن أبي هريرة، قال: "أرسل ملك الموت إلى موسى(عليه السلام)، فلما جاءه صكه ففقأ عينه فرجع إلى ربه، فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، قال: فرد الله إليه عينه"(3).

ج ـ ما أخرجه عن عائشة في أكثر من موضع، أنها قالت: "سمع النبي(صلى الله عليه وآله) رجلاً يقرأ في المسجد، فقال: رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتهن من سورة كذا وكذا"(4).

وهذا ما يثير شكوكاً حول صيانة القرآن وحفظه من التحريف.

____________

(1) الفخر الرازي، التفسير الكبير: ج26 ص148.

(2) البخاري، الجامع الصحيح: ج2 ص366، كتاب أحاديث الأنبياء، ح3404.

(3) البخاري، الجامع الصحيح: ج2 ص92، كتاب الجنائز، باب من أحب الدفن في الأرض.

(4) البخاري، الجامع الصحيح: ج2 ص162، كتاب الشهادات ح2655.


الصفحة 305

دـ ما أخرجه عن سالم عن عبد الله: >إن رسول الله(صلى الله عليه وآله): "لقي زيد بن عمر بن نفيل بأسفل بلدح وذلك قبل أن ينزل على رسول الله الوحي، فقدّم إليه رسول الله سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منها، ثم قال: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم"(1).

هـ ـ ما أخرجه عن حذيفة، قال: "أتى النبي(صلى الله عليه وآله) سباطة قوم فبال قائماً، ثم دعا بماء، فجئته بماء فتوضأ"(2).

وفي لفظ آخر: "رأيتني أنا والنبي(صلى الله عليه وآله) نتماشى، فأتى سباطة قوم خلف حائط، فقام كما يقوم أحدكم فبال، فانتبذت منه، فأشار إلي فجئته فقمت عند عقبه حتى فرغ"(3) حتى صار هذا الاعتقاد الأعمى بصحة كل حديث أورده البخاري ومسلم في صحيحيهما سنة يستن بها بعض الجهلة والحمقى كما يروي السيوطي: "إن البول قياماً صار عادة اعتاد عليها المسلمون من العامة في مدينة هرات وإحياء لهذه السنة المبتدعة، وعدم مخالفتهم لما جاء في صحيح البخاري ومسلم، تراهم أنهم يستنون بهذه السنة فكانوا يبولون عن قيام حتى ولو مرة واحدة في كل عام"(4).

ونحن نهتف بوجدانك سعادة الدكتور هل تقدمون على مثل هذا الفعل، الذي يتنافى مع أبسط الأخلاق والآداب، وهو ما نستنكره من البسطاء من عامة الناس، فكيف بمن عظّم الله تعالى خلقه وبعثه بمكارم الأخلاق؟!!

____________

(1) البخاري، الجامع الصحيح: ج3 ص448، كتاب الذبائح والصيد، باب ما ذبح على النصب والأصنام.

(2) البخاري، الجامع الصحيح: ج1 ص99، كتاب الوضوء ح224.

(3) البخاري، الجامع الصحيح: ج1 ص100، كتاب الوضوء ح225.

(4) النسائي، شرح سنن النسائي: ج1 ص19 ـ 26.


الصفحة 306

وـ ما أخرجه عن عائشة: "إن أبا بكر دخل عليها والنبي(صلى الله عليه وآله) عندها يوم فطر أو أضحى، وعندها قينتان تغنيان بما تقاذفت الأنصار يوم بعاث، فقال أبو بكر: مزمار الشيطان ـ مرتين ـ؟ فقال النبي(صلى الله عليه وآله): دعهما يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً، وإن عيدنا هذا اليوم"(1).

وفي لفظ آخر: "إن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان والنبي(صلى الله عليه وآله) متغش بثوبه، فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي(صلى الله عليه وآله) عن وجهه، فقال: دعهما يا أبا بكر، فإنا أيام عيد، وتلك الأيام أيام منى"(2).

وقد حفل كتاب البخاري بهذه الروايات التي تتضمن عزف الجواري والقيان وغنائهن وضربهن بالدفوف في بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) والرسول جالس يستمع إلى ذلك، وأن رسول الله كان يحمل عائشة لترى غناء الأحباش ولهوهم ولعبهم، وأن أبا بكر (رض) وعمر (رض) كانا يستنكران ذلك بينما لم يستنكره النبي(صلى الله عليه وآله)، إلى غير ذلك من الصور المشينة والمسيئة إلى شخص النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)، والتي لو أراد أحد فناني الرسم أن يجسدها ويرسم رسول الله جالساً في مجلس للطرب واللهو وتحف بها القيان والجواري وهن يضربن ويرقصن، فما عساك أن ترى رد فعل الشارع الإسلامي، الذي انتفض واستنكر بعض الرسومات الكاريكاتورية والتي لا تصل في الشناعة والإساءة إلى ما وصلت إليه هذه الصور التي نقلناها والتي لم ننقلها من كتاب البخاري، ومع ذلك ألبستموها لباس القداسة والعصمة؟!

____________

(1) البخاري، الجامع الصحيح: ج2 ص500، كتاب مناقب الأنصار ح3931.

(2) البخاري، جامع الصحيح: ج2 ص299، كتاب المناقب ح3531.


الصفحة 307

فهل هذه من أنوار النبوة التي تتجلى في هذا الكتاب كما ادعيتم يا سعادة الدكتور؟!!

3ـ الإسرائيليات في كتاب البخاري

منها: تفضيل أنبياء بني إسرائيل وغيرهم على النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله).

أـ أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة في حديث طويل، قال: "لا تخيروني على موسى"(1).

ب ـ عن أبي هريرة، قال: "بينما يهودي يعرض سلعته أعطي بها شيئاً كرهه، فقال: لا والذي اصطفى موسى على البشر، فسمعه رجل من الأنصار، فقام فلطم وجهه، فقال: تقول: والذي اصطفى موسى على البشر والنبي(صلى الله عليه وآله) بين أظهرنا؟ إلى أن قال: فغضب النبي حتى رؤي في وجهه ثم قال: لا تفضلوا بين أنبياء الله، فإنه ينفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم ينفخ فيه الأخرى، فأكون أول من بعث فإذا موسى أخذ بالعرش فلا أدري أحوسب لصعقته يوم الطور أم بعث قبلي؟ ولا أقول: إن أحداً أفضل من يونس بن متى"(2).

مع أن الطوائف الإسلامية مجمعة على أفضلية نبينا الأكرم(صلى الله عليه وآله) على سائر الأنبياء، والروايات في ذلك مستفيضة، منها ما أورده البخاري نفسه في صحيحه، حيث أخرج في رواية طويلة عن أبي هريرة، قال(صلى الله عليه وآله): "أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذلك؟ يجمع الناس في صعيد واحد" ثم بين رسول الله(صلى الله عليه وآله) أفضليته على سائر الأنبياء وأن له الشفاعة العظمى والمقام

____________

(1) البخاري، جامع الصحيح: ج4 ص440، كتاب التوحيد ح 7472.

(2) البخاري، الجامع الصحيح: ج2 ص371، كتاب أحاديث الأنبياء ح3441.


الصفحة 308

المحمود الذي يفوق مقامات الأنبياء(عليهم السلام)(1)، وهذا ما يعد من تناقضات البخاري في كتابه فأين عصمته ومطابقته للواقع يا دكتور؟

ومنها: خرافات اليهود

وهو ما أخرجه البخاري عن عبد الله، قال: "جاء حبر من اليهود، فقال: إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والماء والثرى على إصبع والخلائق على إصبع، ثم يهزهن، ثم يقول: أنا الملك! أنا الملك!

فلقد رأيت النبي(صلى الله عليه وآله) يضحك حتى بدت نواجذه تعجباً وتصديقاً لقوله"(2)، وقد أورد البخاري هذه الرواية فيما يزيد على خمسة موارد.

4 ـ مكررات البخاري

لقد اشتهر عن البخاري أنه قال: "أحفظ مائة ألف حديث صحيح"، مع أن ما رواه في صحيحه سبعة آلاف ونيف حديثاً وما يقرب من نصفها مكرر، والتكرار كما هو معلوم إذا لم تكن له فائدة فإنه يوجب الاستهجان والقبح، فقد كرر البخاري على سبيل المثال حديثاً واحداً أكثر من عشرين مرة(3).

قال النووي: "وجملة ما في البخاري سبعة ألف ومائتان وخمسة وسبعون حديثاً بالمكررة، وبحذف المكررة أربعة آلاف"(4).

____________

(1) البخاري، الجامع الصحيح: ج3 ص214ـ215، كتاب تفسير القرآن ح4712.

(2) البخاري، الجامع الصحيح: ج4 ص450، كتاب التوحيد ح7513.

(3) قال الندوي في كتابه الإمام البخاري: ص128 ـ129، "نرى الإمام البخاري يذكر حديثاً واحداً عشرين مرة، وقد روى حديث بريرة عن عائشة أكثر من اثنتين وعشرين مرة، وروى قصة موسى وخضر في أكثر من عشرة مواضع، وأخرج حديث كعب بن مالك في تخلفه عن غزوة تبوك في أكثر من عشرة مواضع<

(4) النووي، تقريب النواوي بشرح السيوطي: ص77.


الصفحة 309

5ـ تجنبه الرواية عن أهل البيت(عليهم السلام)

في الوقت الذي يأمر الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) بالتمسك بأهل بيته والأخذ عنهم وعدم التخلف عن ركبهم، نجد أن البخاري تحاشى في كتابه الرواية عنهم، ولا سيما الإمام الصادق(عليه السلام) الذي بزّ الأقران علماً وفقهاً وحديثاً عن الرسول(صلى الله عليه وآله)، حتى قال تلميذه أبو حنيفة: "ما رأيت أحداً أفقه من جعفر بن محمد"(1)، مع أن البخاري لم يحتج به في صحيحه.

والإعراض عن الرواية عن أهل البيت(عليهم السلام) معروف في كتبكم ومجامعكم الحديثية، حتى قال شيخ إسلامكم: "ولم يرو عن علي إلا خمسمائة وستة وثمانون حديثاً مسندة يصح منها نحو خمسين حديثاً، وقد عاش بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) أزيد من ثلاثين سنة، فكثر لقاء الناس إياه وحاجتهم إلى ما عنده" (2) وقد تابع في عبارته هذه ما ذكره ابن حزم في كتابه الملل والأهواء(3)، ومن أراد الإطلاع على هذه الحقيقة أكثر يكفيه مراجعة بسيطة لكتاب منهاج السنة لابن تيمية، حيث حشاه بتوجيه الإهانات لأهل البيت(عليهم السلام) والإزراء بهم وإنكار فضائلهم ودورهم العلمي في الأمة، الذي شهد به الداني والقاصي.

6ـ الروايات المنكرة والمخالفة للإجماع

أـ ما أخرجه في مسألة الإسراء والمعراج، حيث ذكر أنه وقع قبل الوحي والبعثة النبوية، قال: >عن شريك بن عبد الله، أنه قال: سمعت ابن مالك يقول: ليلة أسري برسول الله(صلى الله عليه وآله) من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه، وهو

____________

(1) المزي، تهذيب الكمال: ج5 ص79، مؤسسة الرسالة.

(2) ابن تيمية، منهاج السنة: ج7 ص519، مؤسسة قرطبة.

(3) ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل: ج4 ص108، مكتبة الخانجي ـ القاهرة.


الصفحة 310

نائم في المسجد الحرام"(1).

قال ابن حجر: "وقوله: قبل أن يوحى إليه أنكرها الخطابي وابن حزم وعبد الحق والقاضي عياض والنووي، وعبارة النووي: وقع في رواية شريك ـ يعني هذه ـ أوهام أنكرها العلماء أحدها قوله: (قبل أن يوحى إليه) وهو غلط لم يوافق عليه، وأجمع العلماء على أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء فكيف يكون قبل أن يوحى إليه؟ انتهى"(2).

ب ـ إنكاره التربيع في الخلافة الراشدة، التي أجمع عليها أعلام السنة، وذلك ما أورده في باب مناقب عثمان عن ابن عمر، قال: "كنا في زمن النبي(صلى الله عليه وآله) لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله) لا نفاضل بينهم"(3).

قال ابن حجر في تعليقه على الحديث: "وقد طعن فيه ابن عبد البر واستند إلى ما حكاه عن هارون بن إسحاق، قال: سمعت ابن معين يقول: من قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعرف لعلي سابقيته فهو صاحب سنة، قال: فذكرت له من يقول أبو بكر وعمر وعثمان ويسكتون، فتكلم فيهم بكلام غليظ"، ثم قال ابن حجر: "ولا شك في أن من اقتصر على ذلك ولم يعرف لعلي ابن أبي طالب فضله فهو مذموم، وادعى ابن عبد البر أيضاً أن هذا الحديث خلاف قول أهل السنة، أن علياً أفضل الناس بعد الثلاثة، فإنهم أجمعوا على أن علياً أفضل الخلق بعد الثلاثة، ودل هذا الإجماع على أن حديث ابن عمر غلط، وإن كان السند إليه صحيحاً"(4).

____________

(1) البخاري، الجامع الصحيح: ج4 ص451، كتاب التوحيد ح5717.

(2) ابن حجر، فتح الباري: ج13 ص399.

(3) البخاري، الجامع الصحيح: ج3 ص439، كتاب فضائل أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله) ح3698.

(4) ابن حجر، فتح الباري: ج7 ص14.


الصفحة 311

وفي طبقات الحنابلة لأبي يعلى وسير أعلام النبلاء للذهبي، أن علي ابن الجعد قال بعد أن ذكروا حديث ابن عمر في مجلسه: "انظروا إلى هذا الصبي، هو لم يحسن أن يطلق امرأته، يقول: كنا نفاضل؟!"(1).

ج ـ ما أخرجه عن أنس، قال: "قيل للنبي(صلى الله عليه وآله) لو أتيت عبد الله بن أبي، فركب حماراً، فانطلق المسلمون يمشون معه ـ وهي أرض سبخة ـ فلما أتاه النبي(صلى الله عليه وآله)، فقال: إليك عني، والله قد آذاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار منهم: والله لحمار رسول الله أطيب ريحاً منك، فغضب لعبد الله رجل من قومه، فشتما، فغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكان بينهما ضرب بالجريد والنعال والأيدي، فبلغنا أنها أنزلت: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}"(2)، قال ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري: "يستحيل أن تكون الآية نزلت في قصة عبد الله بن أبي وفي قتال أصحابه مع النبي؛ لأن أصحاب عبد الله بن أبي ليسوا بمؤمنين، وقد تعصبوا له بعد الإسلام في قصة الإفك... فدل أن الآية لم تنزل في قصة عبد الله بن أبي، وإنها نزلت في قوم من الأوس والخزرج اختلفوا في حق، فاقتتلوا بالعصي والنعال. هذا قول سعيد بن جبير والحسن وقتادة"(3).

والروايات في هذا المجال كثيرة تركناها رعاية للاختصار.

7ـ روايته عن الجهمية والخوارج مع حكمه بكفرهم

____________

(1) أبو يعلى الفراء، طبقات الحنابلة: ج1 ص423 رقم 213، مكتبة العبيكان ـ الرياض؛ الذهبي سير أعلام النبلاء: ج10 ص463ـ464.

(2) البخاري، الجامع الصحيح: ج2 ص175ـ 176، كتاب الصلح ح2691.

(3) ابن بطال، شرح ابن بطال: ج8 ص64، دار الكتب العلمية ـ بيروت.


الصفحة 312

إنّ من التناقضات التي وقعت من البخاري في صحيحه أنه أخرج عن الجهمية والخوارج والنواصب واحتج بهم في كتابه الصحيح كبشر بن السرى البصري وعمران بن حطان وحريز بن عمران وغيرهم، ولذا قال الذهبي: "فإنه [أي البخاري] يتجنب الرافضة كثيراً، وكأنه يخاف من تدينهم بالتقيّة، ولا نراه يتجنب القدرية ولا الخوارج ولا الجهمية"(1).

مع أن البخاري كفرهم ومنع الصلاة خلفهم والرواية عنهم، حيث يقول: "ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى"(2)، وقال أيضاً: "نظرت في كلام اليهود والنصارى والمجوس فما رأيت قوماً أضل في كفرهم من الجهمية، وإني لأستجهل من لا يكفرهم"(3).

وقد علق على هذا الكلام محقق كتاب سير أعلام النبلاء، قائلاً: "وهو من الغلو والإفراط الذي لا يوافقه عليه جمهور العلماء سلفاً وخلفاً، وكيف يحكم بكفرهم ثم يروي عنهم؟، ويخرج أحاديثهم في صحيحه الذي انتقاه وشرط فيه الصحة؟"(4).

نكتفي بهذا القدر مما احتواه كتاب البخاري من إشكالات وتناقضات سجلها عليه علماء أهل السنة.

وقد تركنا في هذا المجال أموراً كثيرة لم نشر إليها، كالإدراج في أسناد ومتون الروايات ونقص بعضها الآخر ومسقطاتها، والتقسيم غير الممنهج في الكتاب فلا تجد في الكتب الواردة في الصحيح أي تنظيم أو تنسيق منطقي كجعله كتاب التوحيد آخر الكتب، وأما الأبواب فإنك تراه عقد في

____________

(1) الذهبي، ميزان الاعتدال: ج1 ص160 رقم 5960.

(2) البخاري، خلق أفعال العباد: ص11، مكتبة أبو بكر الصديق.

(3) البخاري، خلق أفعال العباد: ص9، مكتبة أبو بكر الصديق.

(4) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج12 ص456، هامش 2، تحقيق: صالح السمر بإشراف شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة ـ بيروت.


الصفحة 313

كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة باباً أسماه (باب رجم الحبلى)، وباباً آخر في (رجم المحصن)، وباباً ثالثاً في (الرجم بالمصلى)، وباباً آخر في (الرجم في البلاط)، وكل ذلك أجنبي عن الكتاب المذكور كما هو واضح، كما أنه عقد باباً في كتاب المظالم والغصب أسماه (باب ما جاء في السقائف وجلس النبي(صلى الله عليه وآله) وأصحابه في سقيفة بني ساعدة) وأورد تحته كلام عمر (رض) فيما جرى في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، وعقد في كتاب الطلاق باباً في نكاح المشركات، وفي كتاب الجهاد باباً في صفة حور العين، على أنه قد أكثر في الكتاب باب قول الله كذا، باب قول النبي كذا، وكأن الكتاب لم يتم بعد، كما ذكرنا.

علماً أن البعض قد شكك في نسبة الكتاب إلى البخاري وأنه مسروق من كتاب العلل لشيخه بن المديني، كما نقل ذلك ابن حجر في تهذيب التهذيب(1)، وإن حاول ابن حجر أن يضعفها، ولكنها موجودة على كل حال.

قلتم في ص52: "وها نحن كما ترى لم ولن ننقل عن غير مؤلفات الشيعة".

قلت: ولكن المؤسف أنك لم تعتمد من كتبنا إلا على بعض الروايات الضعيفة، وحاولت أن تفهمها بحسب رؤيتك المتعصبة ضد مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية.

تهم وافتراءات على المذهب الشيعي

____________

(1) ابن حجر، تهذيب التهذيب: ج9 ص46، دار الفكر ـ بيروت.


الصفحة 314

قلتم ص52 ـ 55: "إن قول أحمد أمين: "التشيع كان مأوى يلجأ إليه كل من أراد هدم الإسلام" يقول بمعناه كثير من العلماء قديماً وحديثاً؛ وذلك لأن منهج تعامل الشيعة مع الإسلام يؤدي إلى إلغاء الإسلام، ويتبين ذلك ببيان موقف الشيعة من رواة الدين ـ الصحابة ـ ومن القرآن ومن السنة النبوية".

ثم أوردتم أسماء بعض علماء الشيعة وزعمتم أنهم يقولون بالتحريف، ونقلتم عبارة اثنين أو ثلاث منهم ودلّستم في نقل العبارة.

قلت: الجواب يشتمل على المسائل التالية:

أولاً: مسألة عدالة الصحابة

لابدّ أن تعلم أخي العزيز أن الشيعة ليس غرضهم وهمهم الطعن في صحابة الرسول(صلى الله عليه وآله) وعدالتهم؛ بل يؤمنون بأن صحبة النبي(صلى الله عليه وآله) شرف وفخر عظيم لكل من حظي بها، واهتدى بسيرة النبي(صلى الله عليه وآله) المباركة وسار على منهاجه واتبع خطاه، كما أنهم متفقون على أنه كان لأصحاب النبي(صلى الله عليه وآله) دوراً في تقدم الإسلام، وأن الصحابة قد ضحوا في سبيل هذا الدين ونصروه بمواقفهم في الحروب والغزوات وغير ذلك من المخاطر التي توجهت إلى الدين وإلى شخص النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)، واستشهد جمع غفير منهم في سبيل الله تعالى، وقد أنزل الله تعالى آيات في قرآنه الكريم تمدحهم في جملة من المواقف.


الصفحة 315

ولكن الشيعة الإمامية تناقش في النظرية السنية المفرطة في عدالة الصحابة، حيث آمنت بأن كل من صحب رسول الله(صلى الله عليه وآله) ولو لفترة قصيرة، بل ولو رآه فحسب فإنه عادل لا يكذب ولا يتعمّد الخطأ، ويجب الاقتداء بما قاله أو رواه أو عمله، ويعتبر حجة على من سواه، وهذا ما يخالف القرآن الكريم والسنة النبوية وتاريخ الصحابة، فإنها تثبت أن جملة من الصحابة كانوا يؤذون النبي(صلى الله عليه وآله) ويعصون الله تبارك وتعالى بالكذب والهمز واللمز والبهتان ويفسّق بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم الآخر، بل ومنهم من ارتد عن الدين الإسلامي من قبيل عبد الله بن أبي سرح، ومنهم من تنصّر بعد الهجرة إلى الحبشة من قبيل زوج أم حبيبة، وقد تقدم ذكر بعض الآيات في هذا المجال(1)، وسيأتي تفصيل ذلك في بحث الصحابة لاحقاً.

ثانياً: مسألة تحريف القرآن

يؤسفني أن أقول لك أخي العزيز إنك دلّست وكذبت في نسبة القول بالتحريف إلى بعض علمائنا، وذلك للأسباب التالية:

____________

(1) وممن ارتد بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله) قتيلة زوجة الرسول، قال ابن الأثير: قتيلة بنت قيس بن مَعْدى كَرِب الكندية أخت الأشعث بن قيس وقيل قيلة والأول أصحّ، تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر ثم اشتكى وقبض ولم تكن قدمت عليه ولا رآها ولا دخل بها.

قيل: إنّه تزوّجها قبل وفاته بشهر.

وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أن تُخبر فإن شاءت ضرب عليها الحجاب وتحرم على المؤمنين، وإن شاءت طلّقها ولتنكح من شاءت، فاختارت النكاح فتزوجها عكرمة بن أبي جهل بحضرموت.

فبلغ أبا بكر، فقال: لقد هممت أن أحرِق عليهما بيتهما، فقال له عمر: ما هي من أمّهات المؤمنين ولا دخل عليها ولا ضرب عليها الحجاب.

وقيل: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوص فيها بشئ ولكنّه لم يدخل بها وارتدت مع أخيها حين ارتد ثم نكحها عكرمة بن أبي جهل فأراد أبو بكر أن يرجمه، فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدخل بها وليست من أمهات المؤمنين وقد برأها الله عز وجل بالردّة، فسكت أبو بكر.

وفيها وفى غيرها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي لم يدخل بهن اختلاف كثير لم يتحصل منه كثير فائدة وقد ذكرنا عند كل امرأة ما قيل فيها والله أعلم. أسد الغابة: ج 5 ص532 ـ 533.


الصفحة 316

1ـ ما دلّسته في نقلك لبعض عبارات علمائنا، فقد لفقّت القول بتحريف القرآن ونسبته إلى العياشي والقمي والكليني وأبو القاسم الكوفي والنعماني والطبرسي والإربلي والحر العاملي والمجلسي ونعمة الله الجزائري ويوسف البحراني، من دون أن توثّق أقوالهم فيما زعمته من نسبة القول بالتحريف إليهم.

2ـ ما نقلته عن الفضل بن شاذان، من أنه ذكر باباً بعنوان (ذكر ما ذهب من القرآن)، فهو إنما أورده استنكاراً وردّاً للروايات الواردة في كتبكم، والتي هي صريحة في تحريف القرآن، وصريحة أيضاً في ذهاب جزء كبير منه، وكذا أورده للنقض على من يتهم الشيعة بفرية تحريف القرآن، فهل من الإنصاف والموضوعية أيها الدكتور العزيز أن تعمد إلى قلب الحقيقة رأساً على عقب؟!

والدليل على ما ذكرناه قولك: "وأورد روايات من كتب السنّة"، وادعيت أنه أساء فمهما، مع أنها صريحة في نقصان وضياع قسم كبير من القرآن.

من ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه بسنده أن أبا موسى الأشعري بعث إلى قرّاء البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجل، فقال لهم فيما قال: "وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها، غير أني قد حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها، غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة"(1).

____________

(1) مسلم، صحيح مسلم: ج3 ص726، كتاب الزكاة، باب 39 ح1050، دار الفكر ـ بيروت.


الصفحة 317

وما أخرجه أحمد في مسنده عن زر بن حبيش، قال: "قال لي أبيّ بن كعب: كائن تقرأ سورة الأحزاب أو كائن تعدها؟ قال: قلت له: ثلاثاً وسبعين آية، فقال: قط، لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة، ولقد قرأنا فيها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عليم حكيم"(1)، قال ابن كثير: "ورواه النسائي من وجه آخر عن عاصم وهو ابن أبي النجود وهو ابن بهدلة به، وهذا إسناد حسن"(2).

وإذا كان الفضل بن شاذان قد أساء فهم هذه الروايات الصريحة في التحريف، فما هو الفهم الصحيح يا أستاذنا العزيز؟!

وهل ستفهمها تبعاً لما فهمه ابن كثير من رواية أحمد المتقدمة، حيث قال: "وهو يقتضي أنه قد كان فيها قرآن ثم نسخ لفظه وحكمه أيضاً"(3)؟!

فهل يعقل أن تنسخ وترفع سورة من القرآن الكريم بحجم سورة البقرة بألفاظها وأحكامها؟!

وهل هذا التعليل العليل إلا فرار عن الإقرار بما ورد من التحريف في رواياتكم؟!

3ـ ما نقلتموه عن فرات الكوفي في تفسيره عن أبي جعفر(عليهم السلام)، وأنه كان يقرأ هذه الآية "إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل محمد على العالمين" بزيادة لفظ "وآل محمد".

فإني قد استغربت كثيراً كيف أنكم أدرجتموه وجعلتموه في مصاف القول بالتحريف؟!

____________

(1) أحمد بن حنبل، المسند: ج15 ص447، دار الحديث القاهرة، تحقيق: حمزة أحمد الزين، وقد علق على الحديث بقوله: (إسناده صحيح).

(2) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج3 ص473، دار المعرفة ـ بيروت.

(3) المصدر نفسه.


الصفحة 318

مع أن هذه قراءة أهل البيت(عليهم السلام) للآية المباركة، كما أنها أيضاً قراءة ابن مسعود في مصحفه.

أخرج الحاكم الحسكاني بسنده عنه شقيق، قال: "قرأت في مصحف عبد الله وهو ابن مسعود: إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين"(1).

وهذا باب واسع في بحث القراءات لا يخفى على سعادتكم، وقد أفرد له الباحثون في علوم القرآن وكتب الحديث باباً خاصاً، وقد تضمن زيادة الحرف أو الحرفين والكلمة أو الكلمتين في الآيات المباركة، بل ذكروا أن الزيادة قد تكون جملة بكاملها، وقد عدّوها قسماً من أقسام القراءات المتعددة للقرآن الكريم، وقد وردت تلك الزيادات في القراءة في أصح كتبكم ـ البخاري ومسلم فما دون ـ وإليك بعض النماذج في هذا المجال:

أ ـ ما أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ} قال: "من نبي ولا محدث"(2).

ب ـ ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي يونس مولى عائشة إنه قال: "أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً، وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى}(3)، فلما بلغتها آذنتها، فأملت علي: "حافظوا على الصلاة والصلوات الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين" قالت عائشة: سمعتها من

____________

(1) الحاكم الحسكاني، شواهد التنزيل: ص152.

(2) البخاري، صحيح البخاري: ج2 ص437 ح3689؛ كتاب مناقب الأصحاب، مكتبة الإيمان ـ المنصورة.

(3) البقرة: 238.


الصفحة 319

رسول الله(صلى الله عليه وآله)"(1).

ج ـ ما أخرجه البخاري أيضاً بسنده عن ابن عباس (رض) قال: "كانت عكاظ ومجنّة وذو المجازي أسواقاً في الجاهلية، فلما كان الإسلام فكأنهم تأثموا فيه، فنزلت: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج). قرأها ابن عباس"(2)، وقد أخرج البخاري هذه الرواية بأسانيد أخرى عن ابن عيينة. انتهى.

وقال ابن حجر في فتح الباري: "قال الكرماني: هو كلام الراوي ذكره تفسيراً، وفاته ما زاده المصنف في آخر حديث ابن عيينة في البيوع "قرأها ابن عباس" ورواه ابن أبي عمر في مسنده عن ابن عيينه، وقال في آخره: "وكذلك كان ابن عباس يقرؤها، وروى الطبري بإسناد صحيح عن أيوب عن عكرمة أنه كان يقرؤها كذلك، فهي على هذا من القراءة الشاذة وحكمها عند الأئمة حكم التفسير"(3).

وفي صحيح ابن خزيمة: "فأنزل الله: "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج" فحدثني عبيد بن عمير أنه كان يقرؤها في المصحف... وثنا أحمد بن عبدة أخبرنا حماد بن زيد عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: سمعت ابن الزبير يقرؤها: "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج"(4).

د ـ قال القرطبي في تفسيره: "وفي بعض المصاحف: "أكاد أخفيها من نفسي فكيف أظهركم عليها"(5).

____________

(1) مسلم، صحيح مسلم: ج1 ص437 ـ 438 ح269، كتاب الصلاة، دار الفكر ـ بيروت.

(2) البخاري، صحيح البخاري: ج2 ص4 ح2050، كتاب البيوع، مكتبة الإيمان ـ المنصورة.

(3) ابن حجر، فتح الباري: ج3 ص474، دار المعرفة للطباعة والنشر ـ بيروت.

(4) ابن خزيمة، صحيح ابن خزيمة: ج4 ص351ـ 352، المكتب الإسلامي ـ بيروت.

(5) القرطبي، تفسر القرطبي: ج11 ص185، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.


الصفحة 320

لقد اتضح من هذا النزر اليسير الوارد في تعدد القراءات، أن زيادة كلمة أو أكثر ليس بدعاً من القول، بل هو أمر معروف وشائع وقد حفلت به كتبكم الحديثية وكتب التفسير وغيرها، ولو أردنا أن نتماشى مع منهجك في الإشكال وندرج كل ما ورد في مجال تعدد القراءة ضمن قسم التحريف لانفتح على الإسلام والمسلمين باب للطعن في كتابهم العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا أظنك ترضى بذلك سعادة الدكتور.

ثم إنه أقصى ما يقال في الرواية التي نقلتها عن الإمام الباقر(عليه السلام) إنها قراءة شاذة وحكمها حكم التفسير، كما أفاد ذلك ابن حجر في عبارته التي نقلناها آنفاً.

ولذا أخرج البخاري في صحيحه تفسيراً للآية المباركة وهي آية الاصطفاء عن ابن عباس، قال: "وآل عمران: المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد"(1).

ولا نتمنى أن تكون أخي العزيز قد استثقلت هذه الفضلية والكرامة لآل محمد(عليهم السلام)؛ أو استكثرت أن يكون الله تعالى قد اصطفاهم على سائر خلقه واختصهم بكرامته.

وكان الأحرى بجنابكم الكريم أن تُنقّي كتبكم مما علق بها من خرافات وأساطير، كالذي أورده الثعلبي في تفسيره وغيره، عن الجزائري قال: سمعت مناد ينادي "إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين واصطفى الحسن البصري على أهل زمانه"(2).

____________

(1) البخاري، صحيح البخاري: ج2 ص360، كتاب أحاديث الأنبياء، دار الفكر ـ بيروت.

(2) الثعلبي، الكشف والبيان: ج3 ص53، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.


الصفحة 321

4ـ وأما ما نقلتموه عن الشيخ المفيد، واقتطاعكم العبارة من سياقها العام، وحذف الكلام الذي يمثل الرأي الأخير للشيخ المفيد والذي يتضمن نفي التحريف بشكل واضح لا لبس فيه، فهو الطامّة الكبرى التي تجهز على روح التحقيق والموضوعية، وهذا المنهج الالتقاطي والانتقائي المقصود هو الذي دأب عليه في الآونة الأخيرة الباحثون من الوهابيين الذين ينسبون أنفسهم إلى السلف، الأمر الذي أحدث هوة كبيرة بين منهج أتباع أهل البيت(عليهم السلام) وهذا المنهج الدخيل على الفكر الإسلامي.

ولكي يتضح لك صحة ما قلناه حول منهجك الانتقائي المتعمد، ننقل لك عبارة الشيخ بطولها، قال الشيخ المفيد (رحمه الله): "القول في تأليف القرآن وما ذكر قوم من الزيادة فيه والنقصان.

أقول: إنّ الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد(صلى الله عليه وآله)، باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان، فأما القول في التأليف فالموجود يقضي فيه بتقديم المتأخر وتأخير المتقدم، ومن عرف الناسخ والمنسوخ والمكي والمدني لم يرتب بما ذكرناه، وأما النقصان فإن العقول لا تحيله ولا تمنع من وقوعه، وقد امتحنت مقالة من ادعاه، وكلّمت عليه المعتزلة وغيرهم طويلاً فلم أظفر منهم بحجة أعتمدها في فساده.

وقد قال جماعة من أهل الإمامة: إنه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة، ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين(عليه السلام) من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله، وذلك كان ثابتاً منزلاً وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى، الذي هو القرآن المعجز، وقد يسمى تأويل القرآن قرآناً، قال الله تعالى: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقرآن مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا}، فسمى تأويل القرآن قرآناً، وهذا ما ليس فيه بين أهل التفسير اختلاف.


الصفحة 322

وعندي أن هذا القول أشبه من مقال من ادعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل، وإليه أميل والله أسال توفيقه للصواب.

وأما الزيادة فيه فمقطوع على فسادها من وجه ويجوز صحتها من وجه، فالوجه الذي أقطع على فساده أن يمكن لأحد من الخلق زيادة مقدار سورة فيه على حدّ يلتبس به عند أحد من الفصحاء، وأما الوجه المجوز فهو أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان وما أشبه ذلك مما لا يبلغ حد الإعجاز، ويكون ملتبساً عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن، غير أنه لابد متى وقع ذلك من أن يدل الله عليه، ويوضح لعباده عن الحق فيه، ولست أقطع على كون ذلك، بل أميل إلى عدمه وسلامة القرآن عنه، ومعي بذلك حديث عن الصادق جعفر بن محمد(عليه السلام)"(1).

وهذه العبارة من الشيخ المفيد كما تلاحظ سعادة الدكتور واضحة، بل صريحة في بيان رأيه القاطع في إنكار ورفض كل ألوان التحريف من الزيادة أو النقصان حتى الكلمة والكلمتين والحرف والحرفين، الذي عجّت به كتبكم، بل أسقطت سوراً بحجم سورة البقرة ونسخت ألفاظها وعطلت أحكامها، كما أشرنا إلى ذلك.

فإذا كان بيتك من زجاج فلا ترم الناس بحجر!

وأما عبارة الشيخ المفيد التي اقتطعتها من سياقها، وهي: "إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد(صلى الله عليه وآله) باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان"، فقد أوضح مراده منها في عبارته اللاحقة، حيث ذكر أن المراد من الحذف والنقصان الوارد في الروايات إنما هو مما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين(عليه السلام)، والنقصان من التأويل والتفسير وليس هو من جملة كلام الله تعالى، وهو قد يسمى قرآناً جرياً مع التعابير اللغوية، كما استعمل الله تعالى ذلك في قوله: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقرآن}.

____________

(1) الشيخ المفيد، أوائل المقالات: ص80ـ 82، دار المفيد ـ بيروت.


الصفحة 323

ولو افترضنا جدلاً بأن هذه الروايات تريد بيان وإثبات الحذف والنقصان في نفس القرآن الكريم، فلا شك أن المراد منه حذف الكلمة أو الكلمتين ـ والذي رفضه الشيخ المفيد أيضاً ـ وهو لا يخرج عن كونه قراءة من القراءات، التي حفلت بها كتبكم.

وفي نهاية المطاف أجد نفسي ملزماً بالتماس العذر لكم، بأنكم وقعتم تحت تأثير المنهج الذي سار عليه من سبقكم، فلعلك أخذت عبارة المفيد من تلك الكتب التي حاولت الطعن على الشيعة والتهجم عليهم، وتركت الرجوع إلى المصدر الأساس في عبارة الشيخ، وهو كتابه أوائل المقالات.

5ـ وأما ما نقلتموه عن الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي، فليس هو قوله ورأيه في تفسير الآية المباركة: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء}(1)، وإنما هو عبارة عن رواية أوردها الطبرسي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) في مقام الردّ على زنديق جاء مستدلاً بآي من القرآن متشابهة تحتاج إلى التأويل، وهي رواية ضعيفة مرسلة لم يذكر لها الطبرسي سنداً أو طريقاً إلى أمير المؤمنين.

فهل من الإنصاف أن ننسب إلى طائفة كبيرة من الطوائف الإسلامية اعتقادها في قضية في غاية الخطورة كتحريف القرآن، اعتماداً على روايات ضعيفة مرسلة، ولها نظائر في كتب أهل السنة كما أسلفنا؟!!

____________

(1) النساء: 3.


الصفحة 324

6ـ والشيء نفسه تكرر فيما ذكرتموه عن تفسير البرهان، فمضافاً إلى أننا لم نجده في تفسير البرهان، وإنما هو وارد في تفسير القمي، فهي عبارة عن رواية ضعيفة ومرسلة، مع أنها لم تذكر إلا الاختلاف في القراءة، والتعبير بلفظ التحريف فيها يعني حرف الكلام من حرف إلى حرف آخر، أي من قراءة إلى أخرى، ويمكن أن يكون تفسيراً للآية المباركة وتأويلاً لتنزيلها كما تقدم عن المفيد، ويلحق بذلك ما أوردته عن الكافي فإنه واضح في التفسير وكتبكم مليئة بها.

تمسك الشيعة بالسنة النبوية

قلتم في ص55: "أما في السنة: فإن الشيعة إذا جاء حديث يخالف معتقدهم طعنوا فيه، بل طعنوا في الصحابة الذين نقلوا السنة، ولم يبق منهم أحد لم يكفر أو يفسق إلا أربعة أشخاص.. أليس هذا باباً يأوي إليه كل زنديق يحارب الإسلام؟!"

قلت:

أولاً: إن هذه الدعاوى العائمة والأحكام الجاهزة لا تناسب من يدعي أنه أستاذ جامعي يعتمد الدليل والحجة والبرهان، فكان عليك أن تطلعنا على تلك الأحاديث التي طعنّا فيها وتركناها لأنها مخالفة لمعتقدنا، كما أننا أسلفنا القول في عدم طعننا في الصحابة، وأنه لم يكن غرض الشيعة ذلك، بل إن طعن الشيعة الأساس في نظرية عدالة الصحابة المطلقة التي أفرط السنة في التقعيد لها.


الصفحة 325

ثانياً: إننا لا نؤسس عقائدنا على ما نستقيه من مصادركم وكتبكم، وإنما لنا طريقنا الصحيح والشرعي إلى الكتاب وسنة رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهم عترة النبي(صلى الله عليه وآله) من أهل بيته(عليهم السلام)، وذلك للأدلة والروايات الصحيحة والمتضافرة التي تسالمت عليها الأمة الإسلامية، وأشهرها وأصحها حديث الثقلين الذي أوصى فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالتمسك بالكتاب والعترة من بعده، ونحن قد أخذنا عقائدنا ومعالم ديننا من سنة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ولكن مصدرنا الأساس في ذلك هو ما ورد عن أهل بيت العصمة والطهارة، مضافاً إلى أننا نعتمد الكثير من الروايات التي رواها جملة وافرة من الصحابة مع عدالتهم ووثاقتهم وصحة طرقها وأسانيدها إليهم.

وأما مصادركم التي تدعونا إلى الأخذ والتلقي عنها، وتُسمِّ من يجانبها ويجافيها بالمروق عن الدين ومحاربته، فنحن نؤمن ولأسباب موضوعية وحقائق تاريخية أنها ولدت وتكوّنت في ظروف معينة أفقدتها عنصر الوثوق والاطمئنان بمضامينها وأسانيدها وطرقها، فقد بقيت حبيسة الصدور ومحظورة التدوين حتى ذهب السواد الأعظم من حامليها وحفاظها من الصحابة؛ ولذا كانت عرضة للضياع والتحريف والدس والتبديل والوضع والتغيير، ولم يتم تدوينها إلا بأمر وإشراف من السلطات الأموية التي كانت حاكمة آنذاك، والتي رفعت بغض أهل البيت(عليهم السلام) ومحاربتهم شعاراً وسياسة عامة، وجنّدت جملة من الوضاعين ووعاظ السلاطين لجعل الأحاديث في فضل أعدائهم، وشرّعت سبهم وشتمهم وإقصاءهم وتصفيتهم وتصفية أتباعهم، فكيف تطالبنا أخي الدكتور بأن نأخذ بأحاديث مزعومة نشأت وترعرعت في أحضان سياسات حاولت أن تقصي الوارث الشرعي والمصدر والمنبع الحقيقي لسنة الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)؟!