مشكلة أخرى، ذلك أن عددا من علماء الرجال يعتبرون رواية علقمة عن أبيه مرسلة، و منهم يحيى بن معين(16). و قد ورد في إحدى الروايات أن " عبد الجبار بن وائل بن حجر قال: كنت غلاما لا أعقل صلاة أبي، فحدثني علقمة بن وائل عن أبي وائل بن حجر....... إلخ "(17). و لا يمكن أن يكون عبد الجبار قائل هذه العبارة لأنه لم يكن مولودا أصلا عندما مات أبوه، فقائلها إذن علقمة. و قد " نص أبو بكر البزار على أن القائل: كنت غلاما لا أعقل صلاة أبي هو علقمة بن وائل، لا أخوه عبد الجبار "(18). فرواية علقمة عن أبيه هي رواية غلام لا يعقل صلاة أبيه، أو هي رواية مرسلة. مما يجعلنا نضع علامة استفهام على كل الروايات الواردة بطريق علقمة عن أبيه.
و بذلك لا تبقى إلا الروايات الواردة بطريق عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر. و هو طريق لا يخلو من المشاكل، فمع أن علماء الرجال عموما اعتبروا عاصم بن كليب ثقة، إلا أن ابن المديني قال أنه لا يحتج به إذا انفرد(19).
____________
(16) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج7 ص247.
(17) سنن أبي داود، الحديث رقم 621.
(18) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج6 ص95.
(19) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج5 ص49.
مناقشة المتن:
هناك عدة مؤاخذات على متن هذا الحديث.
أولها يخص علاقة وائل بن حجر برسول الله صلى الله عليه و آله و سلم. فالمعروف أن وائل قدم على رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في عام الوفود، حيث أعلن إسلامه، و مكث في المدينة عدة أيام، ثم عاد بعدها إلى بلده اليمن. فهو لم ير رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إلا في هذه الأيام التي وفد فيها عليه في المدينة(20).
تـُرى إلى أي حد يمكن الاعتماد على رواية رجل مثل هذا؟
و في عدة روايات لهذا الحديث وصف لما فعله رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم على النحو التالي: " ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج
____________
(20) خليل عبد الكريم، دولة يثرب - بصائر في عام الوفود، ص316 - 323. حيث يقدم المؤلف تحليلا جيدا لظروف وفادة وائل بن حجر على رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.