الصفحة 8


تابع المخطط رقم (2)

يديه من الثوب "(21). و لا ندري كيف رأى وائل بن حجر يدي النبي صلى الله عليه و آله و سلم و هما داخل الثوب الذي التحف به. و الروايات التي ورد فيها هذا الوصف جاءت كلها من طريق محمد بن جحادة.

و هناك خلاف بين الروايات في وصف طريقة وضع اليد اليمنى على اليسرى. ففي عدة روايات أنه " وضع يده اليمنى على اليسرى "، أو " واضعا يمينه على شماله"، أو " يضع يمينه على يساره "(22)، أو " قبض بيمينه على شماله "، أ و " ممسكا يمينه على شماله "(23)، أو " أخذ شماله بيمينه "(24)، و كل هذه الروايات بمعنى واحد، و لكن الاختلاف يظهر عندما تبدأ روايات أخرى بالتوضيح أكثر فتقول " وضع يده اليمنى على كفه اليسرى و الرسغ

____________

(21) صحيح مسلم، الحديث رقم 608؛ و سنن أبي داود، الحديث 621؛ و مسند أحمد، الحديث رقم 1811.

(22) صحيح مسلم، الحديث رقم 608؛ و مسند أحمد، الأحاديث رقم 18091 و 18097 و 18099 و 18111.

(23) سنن النسائي، الحديث رقم 877؛ و مسند أحمد 18116.

(24) سنن النسائي، الحديث رقم 1248؛ و سنن أبي داود، الأحاديث رقم 621 و 624 و 820؛ و سنن ابن ماجة، الحديث رقم 802؛ و مسند أحمد، الحديث رقم 18120.


الصفحة 9
و الساعد "(25). بينما تكتفي روايات أخرى بالقول " يضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة قريبا من الرسغ "(26)، أو " وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى "(27). ففي المجموعة الأولى من الروايات يكون الحديث عن اليد كلها بالكف و الساعد وصولا إلى المرفق، أما في المجموعة الثانية فالحديث عن الكف و حسب وصولا إلى الرسغ.

و الأسانيد هنا متداخلة بما لا يسمح لنا بالحكم على الروايات. فحتى لو حذفنا روايات علقمة عن أبيه فلن يزول الاضطراب. إذ أن المجموعتين مرويتان عن زائدة بن قدامة، عن عاصم بن كليب.

فهذا حديث مضطرب سندا و متنا.

الحديث الثالث: حديث هلب الطائي

حصلنا على سبع روايات لهذا الحديث. واحدة أخرجها الترمذي(28). و واحدة أخرجها ابن ماجة(29). و أربع روايات أخرجها أحمد بن حنبل(30). و رواية واحدة أخرجها عبد الله بن أحمد بن حنبل، و أوردها في مسند أبيه(31).

نص الحديث:

بحسب رواية الترمذي، ينص الحديث على أن هلب الطائي قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه.

مناقشة السند:

المخطط رقم (3) يوضح سند هذا الحديث بجميع طرقه.

و يعاني هذا السند من مشاكل عديدة.

أولها ما يتعلق بهلب الطائي، فالواضح من ترجمته أنه لم ير رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إلا لفترة قصيرة أعلن فيها إسلامه بعد فتح مكة على الأرجح، و جرت عليه معجزة إذ أنه كان أصلع فمسح رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم على رأسه فنبت شعره. فلقبوه الهُـلـْب إي الكثير الشعر. و هناك خلاف كبير في اسمه(32). و لعل هذا الخلاف راجع إلى عدم مكثه لفترة طويلة مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، بحيث أنهم نسوا اسمه، و لم يتذكروا إلا المعجزة التي حدثت له.

و ثانيها تخص ابنه قبيصة. فهو مختلف فيه. فقد وثقه ابن حبان و العجلي. و لكن عددا من علماء الرجال قالوا أنه لم يرو عنه غير سماك بن حرب، و لذلك اعتبره ابن المديني و النسائي مجهولا(33).

و ثالثها تخص سماك بن حرب، و هو الراوي الأساسي لهذا الحديث، كما هو واضح في المخطط رقم (3). فهو مختلف فيه أيضا، إذ وثقه جماعة و ضعفه آخرون. و الذين ضعفوه قالوا عنه بأنه ليس من المتثبتين، و أنه أسند أحاديث لم يسندها غيره، و أنه كان يلقن الحديث فيتلقن، و غير ذلك من الأوصاف(34).

فسند الحديث ليس مما يطمئن إليه، و لا ندري كيف وصفه الترمذي بأنه حديث حسن. فهذا حديث رجل مختلف فيه، عن رجل مجهول لا يعرفه أحد غيره، عن رجل لم ير رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إلا سويعة حتى أن الناس لا يذكرون اسمه.

____________

(25) سنن النسائي، الحديث رقم 879؛ و مسند أحمد، الحديث رقم 18115.

(26) مسند أحمد، الحديث رقم 18118؛ و سنن الدارمي، الحديث رقم 1213.

(27) سنن الدارمي، الحديث رقم 1323.

(28) سنن الترمذي، الحديث رقم 234.

(29) سنن ابن ماجة، الحديث رقم 801.

(30) مسند أحمد، الأحاديث رقم 20961 و 20962 و 20971 و 20972.

(31) مسند أحمد، الحديث رقم 20970.

(32) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج11 ص58؛ و كذلك الإصابة في تمييز الصحابة، ج6 ص552.

(33) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج8 ص314.

(34) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج4 ص204.


الصفحة 10


المخطط رقم (3)
سند حديث هلب الطائي