الصفحة 193
نُص على ولايته. وغاية ما يفرق بينها وبين النذر واخويه، أن الاخير في الامور العبادية، والاول في الامور الاجتماعية والسياسية. ويشير لذلك عدة من الروايات منها موثقة مسعدة بن صدقة عن جعفر عن أبيهعليهما السلام: انه قال له: ان الايمان قد يجوز بالقلب دون اللسان؟ فقال له: ان كان ذلك كما تقول فقد حرم علينا قتال المشركين، وذلك أنا لا ندري بزعمك لعل ضميره الايمان فهذا القول نقض لامتحان النبي (صلى الله عليه وآله) من كان يجيئه يريد الإسلام، واخذه إياه بالبيعة عليه وشروطه وشدة التأكيد، قال مسعدة: ومن قال بهذا فقد كفر البتة من حيث لا يعلم. (البحار ج 68 / 241 نقلا عن قرب الاسناد للحميري) ومفاده: ان الايمان لو كان في القلب دون اللسان لتوجه النقض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ والعياذ بالله ـ في قتاله للمشركين اذ قد يكون آمن وتحقق الايمان في قلبه دون لسانه، ونقض آخر أنه لم يطالب (صلى الله عليه وآله) من أتاه يريد الاسلام بالتشهد بالشهادتين وأخذ البيعة بعد تشهده التي هي زيادة استيثاق وتأكيد للالتزام بالتشهد.

4 ـ ان ما ذكر من موارد المبايعة في الآيتين أمور يجب على المبايع الالتزام بها عند انشائه للشهادتين ودخوله في الإسلام ولا تحتاج الى البيعة لأجل ايجابها عليه، ففي بيعة الشجرة كان الجهاد مفروضاً على المسلمين قبلها وكان واجباً عليهم الاطاعة مما يدل على أن البيعة لم تنشأ اصل الالتزام بل هو تغليظ وتعهد ظاهري.

5 ـ من المسلمات والبديهيات الدينية ان منشأ السلطة هو الله عزوجل (ان الحكم إلا لله) ، وهذا لا يتلائم مع ما استدل به المدعي من أنّ ماهية البيعة هي نقل سلطة الفرد للمبايع وهذا يعني وجود سلطنة للفرد على مورد البيعة في رتبة سابقة وهذا ينافي تلك المسلمة البديهية وان السلطنة لله عزوجل وقد استخلف الرسول (صلى الله عليه وآله) في أيام حياته.

6 ـ ان القائل بالبيعة لا يقول بها بنحو مطلق بل يجعلها مقيدة بقيود أوجبها الشارع والعقل فلا تجوز بيعة الظالمين، وكذلك يجب توافر الشروط التي أوجبها

الصفحة 194
الشارع في الوالي وتدور حول محورين هما الكفاءة والأمانة، وهاتان الصفاتان لا تكونان بنحو واحد عند كل الأفراد بل تختلف بنحو متفاوت، فإذا انطبقت على أحدهما دون الآخر فإن العقل سوف يعين من هو أكفأ وأكثر أمانة. وإذا ثبت توفر الصفتين بنحو تام الكمال الى حد العصمة بأدلة أخرى ونصوص تامة السند والدلالة ـ طبقاً لنظرية النص ـ فإنها سوف تكون هى المعينة. وعلى كل حال فإنّ التعيين إما أن يكون للعقل أو الشرع.

فيعود الامر الى ان الشارع هو الذي يعطي الصلاحية لا الفرد ويكون دور الفرد هو الكاشفية فقط.

7 ـ ان الروايات طافحة بعبائر امثال "الأمر لله يضعه حيث يشاء"، وهذا يعني ان البيعة ليست تولية وخصوصاً إذا لاحظنا ما دار بين الرسول (صلى الله عليه وآله) وبين عامر بن صعصعة حيث دعاهم الى الله وعرض عليهم نفسه فقال له رجل منهم: إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على مَن خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك. قال (صلى الله عليه وآله) : الأمر لله يضعه حيث يشاء.

8 ـ ان البيعة نوع من العقود والعهود وهذا يعني انها تصنف في باب المعاملات فيجب ان نعود قليلاً الى الادلة الواردة في باب المعاملات، فإن الفقهاء يصنفون الادلة هناك الى قسمين أدلة صحة وأدلة لزوم. ويعنون بأدلة الصحة هي الأدلة التي تتعرض الى ماهية المعاملة وحقيقتها وأنها صحيحة أم لا، والثانية تتعرض الى المعاملة الصحيحة وانها لازمة ولا يجوز فسخها. وبتعبير آخر الفرق بينهما موضوعاً ومحمولاً.

أما موضوعاً فموضوع ادلة الصحة هي الماهية المعاملية، بفرض وجودها عند متعارف العقلاء، وموضوع ادلة اللزوم هو المعاملة الصحيحة عند الشرع. أما محمولاً ففي ادلة الصحة المحمول هو صحة المعاملة واثبات وجودها الاعتباري في اعتبار الشارع أما ادلة اللزوم فمحمولها هو لزوم المعاملة وعدم جواز فسخها،

الصفحة 195
والتفريق بين هذين الصنفين من الادلة مهم جداً حيث لا يمكن التمسك بـ "المؤمنون عند شروطهم"، اذا شك في صحة ماهية معاملية، فهي ليست من أدلة الصحة. بل من ادلة اللزوم التي يؤخذ في موضوعها ماهية معاملية أولية صحيحة ويتعرض لوصف يطرأ عليها وهو وصف اللزوم.

وبناء عليه يطرح التساؤل بأن ادلة البيعة اين يمكن تصنيفها في أدلة الصحة أم في أدلة اللزوم؟ بمقتضى التعاريف اللغوية وانها بمعنى العهد فانها تصنف في الثانية وهذا يعني أن هذه الادلة لا تتعرض لمورد البيعة وان المبايعة لهذا الوالي صحيحة أم لا؟ بل يجب أن يثبت في مرتبة سابقة ومن أدلة اخرى أنّ التولية لهذا الشخص ممكنة وواجبة، ثم تكون البيعة نوع توثيق وتوكيد لذلك الأمر الثابت سابقاً، فعنوان البيعة كعنوان العقد والشروط تعرض على ماهيات اولية مفروغ عن صحتها.

والخلاصة ان البيعة انشاء الالتزام بمفاد ثابت صحته فى رتبة سابقة.

نقض ودفع:

وهنا قد يورد نقض او تساؤل ان الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) لم يهاجر إلا بعد أن أخذ البيعة من اهل المدينة، وأن امير المؤمنين (عليه السلام) لم يرض أن يستلم السلطة إلا بعد البيعة، وهذان التصرفان يدلان على وجود خصوصية في البيعة.

والجواب عن ذلك: أن الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) قبل اخذ البيعة قام بالدعوة الى نفسه وبيان حقيقة رسالته فحصل انجذاب افراد المجتمع اليه ومن ثَمّ أخذ منهم البيعة، وهكذا يقال في امير المؤمنين (عليه السلام) فبعد ايمان العامة بالامام علي وأنه الشخصية التي تنقذهم من التفكك والانهيار الذي صادف الدولة الاسلامية حصلت المبايعة.

فالغرض من المبايعة هو التغليظ والتوكيد وحصول الاطمئنان للرسول

الصفحة 196
الاكرم حيث أنه ينتقل الى مرحلة المواجهة مع المجتمع المكي، فيجب ان يطمئن الى التزام جماعته وتعهدهم بذلك الالتزام.

وهكذا يقال في ولاية امير المؤمنين (عليه السلام) وولاية الحسن (عليه السلام) وبيعة أهل الكوفة وحواليها للحسين (عليه السلام) بتوسط نائبه مسلم بن عقيل، وهكذا يمكن تصوير اخذ البيعة للحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) فالبيعة في كل هذا ضرب من التوثيق والتغليظ فى المتابعة.

ـ واما ما ورد في مبايعة المسلمين للرسول الاكرم فى الحديبية فسببه ان المسلمين لم يريدوا ايقاع الصلح مع المشركين خلافاً لرأي الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) الذي كان يرى فيه انتصاراً للمسلمين واذلالاً للكافرين حيث اعترفوا للمسلمين بكيان ودولة، فيكون أكبر انتصار سياسي للمسليمن لكن غالبية مَن كان مع الرسول لم يتفطن لذلك، وازدادت الشقة بينهم، وبعد تمامية الصلح وقبل رجوعه للمدينة أراد الرسول أن يجدد المسلمون التزامهم وتعهدهم بمناصرته التي هي في الأساس واجبة عليهم بحكم وجوب الطاعة.

وما ذكر من الروايات الاخرى تؤكد كلها هذا المطلب.

ـ واما خطب الامام (عليه السلام) ففي بعضها يقيم الامام الحجة على مبنى الخصم وهو اعتبار البيعة شرط في تولي الحاكم وان كانت على خلاف ماهية البيعة وخلاف ما يعتقد به (عليه السلام) .

ـ واما قوله للذين تخلفوا عن بيعته: ايها الناس انكم بايعتموني على ما بويع عليه من كان قبلي وأن الخيار للناس قبل ان يبايعوا فاذا بايعوا فلا خيار لهم، وهذه بيعة عامة مَن رغب عنها رغب عن دين الاسلام واتبع غير سبيل اهله.

فبالاضافة الى ذلك الجواب فإن هذا المقطع من خطبته مقتطع من صدره المذكور في كتاب سليم حيث يبتدأها: ان كانت الإمامة خيرة من الله ورسوله فليس لهم ان يختاروا وان كانت الخيرة للناس فقد بايعني الناس بالشورى..


الصفحة 197

رابعاً:

الاستدلال بآيات كثيرة وردت في الكتاب العزيز يخاطب الحق تعالى الناس عموماً بوجوب الجهاد واقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقضاء واقامة الحدود (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) (1) . وقوله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالا من الله والله عزوجل حكيم) (2) ، (الزانية والزاني فاجلدوا وكل منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة) (3) فاجلدوا ولا تأخذكم اقطعوا الخطاب فيها للمجموع.

(ولقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليحكم بين الناس بالقسط) (4) . وغيرها من الآيات التي تخاطب الناس بما هو من وظائف الدولة.

وتقريب الاستدلال بها ان هذه الآيات تحدد وظيفة الانبياء والرسل بالتبليغ أما نفس الحكومة وادارة أمور المجتمع والوظائف العامة فهي للناس يجب عليهم القيام بها.

والجواب عنها:

1 ـ قد ذكرنا سابقاً وظائف الدولة كجهاز لا يمكن أن يقوم به فرد واحد بل لابد أن يقوم به الجماعة والناس كافة، وبتعبير آخر إن الدولة والحكم جهدمشترك بين الناس والحاكم ولا يستطيع الحاكم أن يقوم به بمفرده، ومن دون تفاعل الناس

____________

1- آل عمران 3: 200.

2- المائدة 5: 38.

3- التوبة 9: 2.

4- الحديد 57: 25.


الصفحة 198
مع جهاز الدولة وطاعتهم له لا يمكن لهذا الجهاز أن يقوم بمهمته.

2 ـ لو سلمنا بدلالة الايات على المدعى فنتساءل كيف يمكن للناس ان يقوموا بتلك المهام فهل يؤدونها بنحو المجموع وهذا غير ممكن بل لابد أن يكون هناك جهاز يتولى هذه المهمة، فمع قيام هذا الجهاز نتساءل ان الواجب هل يسقط عن الامة وبقية الناس؟ الجواب بالطبع لا، فالواجب يبقى مع وجودهذا الجهاز.

وبتعبير آخر ان وجوب هذه الأمور على الناس لا يعني عدم وجود جهاز خاص يقوم بتنفيذ هذه المهام فانه يبقى على الناس الطاعة والالتزام بما يقرره هذا الجهاز. فهذه الايات على فرض تمامية دلالتها لا تنافي وجود جهاز خاص يقوم بتنفيذ هذه الأمور.

3 ـ إن أي فعل له جهات ثلاثة أحدها ماهية الفعل وكيفية ادائه وشرائطه. والثانية الذي يقوم بالفعل، والثالث الذي يقع عليه الفعل (القابل) .

والأدلة التي تذكر في بيان أداء وظيفة أو فعل ما، تكون في صدد بيان احدى هذه الجهات ولا يمكن الاستفادة منها في بيان الجهة الاخرى فقوله (عليه السلام) : نهى النبي (صلى الله عليه وآله) عن بيع الغرر، لبيان الجهة الاولى ولا يمكن الاستفادة منها لمعرفة شرائط المتعاقدين، وما ذكر من الايات في صدد بيان الجهة الاولى وهي ما هي الأمور التي يجب تنفيذها في المجتمع الاسلامي. أما مَن هو الذي يقوم بهذا العمل فإن الآيات غير متعرضة له. فهذه وظائف خاصة واجبة على عامة المجتمع بنحو الوجوب الكفائي وهو لا ينافي كونه واجباً عينياً على الزعيم والمدير والرئيس وهو نظير تجهيز الميت إذ أنه واجب كفائي على عامة المسلمينولاينافيه كونه واجباًعينياً على الولي او الوصي، وهذا النحو من الوجوب مشترك بين نظرية النص والشورى.

4 ـ ورد في ذيل آية سورة الحديد: (وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز) ، فالآية الكريمة فيها دلالة واضحة أن الأمر في الواقع بيد الرسل والمبلغين عن الله وأن وظيفة الناس هي المناصرة والطاعة وليميز الله الخبيث من الطيب.


الصفحة 199
5 ـ إن المستدل استدل بظاهر هذه الايات وأن هذه الاوامر عامة للناس لكن غفل عن آيات اخرى كان المخاطب فيها الرسول (صلى الله عليه وآله) وحده (جاهد الكفار ـ فاحكم بينهم بالعدل) .

وهذا يعني انه لا يمكن الاغفال عن هذه الايات، ووضعها بجانب تلك الايات حتى يظهر لنا ما هو الواجب على الامة، وما هو الواجب على المرسلين، ولا يمكن النظر اليها بنحو منفصل عن بقية الآيات التي تثبت الولاية ووظائف الولاة، وادلة الولاية لا تكون معارضة لهذه الآيات بل تكون قرينة على تعيين مفادها.

خامساً: آيات الاستخلاف

(وربك الغني ذو الرحمة ان يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء..) (1) (وهو الذي جعلكم خلائف الارض.. ) (2) (أمن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض) (3) . (انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان) (4) . (وهو الذي جعلكم خلائف في الارض..) (5) .

وتقريب الاستدلال بها بأن بني البشر قد وُلوا عمارة الارض من قبل الله

____________

1- الانعام 6: 133.

2- الانعام 6: 165.

3- النحل 27: 62.

4- الاحزاب 33: 72.

5- فاطر 35: 39.


الصفحة 200
جل وعلا ومن بين الأمور التي تقتضيها الخلافة هو تولي احدهم وتأميره واعطاء الولاية له.

وهذا الفهم للآية يقابله فهم آخر طبقاً لنظرية النص أن هذه الآيات هي اذن عام بالاستفادة من خيرات الارض وإعمارها فى قبال بقية الكائنات التي ليست لها هذه القابلية ولم يفوض لهم تكويناً ذلك. اما الولاية الخاصة والتأمير فهو أمر آخر لا يستفاد من هذه الخلافة العامة.

وههنا ملاحظات حول هذه الطائفة:

1 ـ ان غاية تقريب هذه الطائفة لا يفوق ما ذكر من الآيات والوجوه السابقة من تكليف الامة بالوظائف العامة فيرد عليها ما أوردناه هناك والوظيفة التي تظهرها هذه الآيات هي أن وظيفتهم اعمار الارض والاستفادة من مواردها الطبيعية في قبال الافساد والاهمال.

2 ـ يصرح كثير من المفسرين ان هناك نوعين من الاستخلاف احدهما عام يشمل جميع البشر والاخر خاص وهو الذي يتعرض فيه للولاية وهو خاص بمن يصطفيه الله تعالى (البقرة: 30 ـ 35) ، وخص من اصطفاه بخصوصيات منع منها الاخرين كالعلم اللدني واسجاد الملائكة له. وكذلك راجع سورة ص اية 26 والنور آية 25.

والآيات المذكورة في هذا الوجه هو في الاستخلاف العام وهو غير ناظر للولاية.

3 ـ ان آيات الخلافة العامة مدلولها هو تفويض اعمار الارض للبشر تكويناً، اما تشريعاً فانه لم يفرضها لمطلق البشر بل لمن توفرت فيه شرائط من قبيل التوحيد والعمل بأحكام الله وطاعته، وأن الله لا يريد صرف ومجرد الاعمار البشري المادي (يا ايها الذين امنوا ما لكم اذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم في الارض ارضيتم بالحياة الدنيا من الاخرة فما متاع الحياة الدنيا

الصفحة 201
من الاخرة إلا قليل الا تنفروا يعذبكم عذاباً اليماً ويستبدل قوماً غيركم) (1) . وهذا وجه التعبير بالفيئ على ما استولى عليه الرسول (صلى الله عليه وآله) من أموال يهود خيبر ونواحيها، وكل مال للكفار لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب بمعنى المال الراجع فلم يعتبر للكفار صلاحية التملك، واعتبر لخليفة الله نبيه (صلى الله عليه وآله) ولاية الاموال العامة في الارض.

سادساً: آية الامانة

قوله تعالى: (ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل) (2) .

يوجد للآية تقريبان:

الاول: ان يكون المراد من الامانة هنا هو خصوص الحكم بين الناس بقرينة التفريع (واذا حكمتم) بمعنى ان الحكم بين الناس امانة، وأن من يملك تدبير هذا الحكم هو الناس حيث أنهم المخاطبون بذلك، فاذا وُلي بعضهم على بعض يجب أن يحكموا بين الناس بالعدل.

الثاني: ان الامانة وهي الحكم بين الناس بالاصالة، وعند وجود المعصوم فان الولاية تكون له بموجب النص، وعند عدمه فإنها تعود للامة.

وقوله تعالى: (انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوماً جهولاً) (3) .

وقد فسرت الامانة تارة بالتكاليف وأخرى بالأحكام وعلى كليهما ينفع في

____________

1- التوبة 38.

2- النساء 4: 58.

3- الاحزاب: 72.


الصفحة 202
المقام، اذ تفيد شمولها للتكاليف الولائية وأنشطة الدولة التي هي نوع من التكاليف الكفائية في المجتمع المدني، فالامانة بيد الأمة اما بالاصالة مطلقة أي في عرض النص أو انها في طول النص.

والجواب عن هذا كله:

لو لاحظنا آية سورة النساء لوجدنا انها ابتدأت بضمير المخاطب (إن الله يأمركم) وفي ذيلها: (يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم) وقد تغير الاسلوب إلى الخطاب بالصفة، وهذا يقرّب ما ورد من الروايات أن المخاطب في الأولى هم ولاة الأمر، فالإمامة هي أمانة الحكم إلا أن المخاطب بها هم ولاة الأمر.

وفي الثانية خطاب الى عامة الناس لطاعة أولي الأمر. وقد ورد في ذيلها رواية عن الباقر (عليه السلام) : "إن احدى الآيتين لنا والاخرى لكم" وقد ذهب بعض الكتّاب إلى تفسير الرواية ان الآية الاولى هي للناس والثانية للأئمة. وهذا عجيب إذ أن الخطاب في الثانية بـ (يا أيها الذين آمنوا) وهو خطاب عام، والآية الاولى وان كان الخطاب فيها عاماً إلا انه لا يعقل توجيهه لكل الناس لأنه ليس وظيفتهم حكم كل الناس، وواضح أن المخاطب فيها هم الحكّام.

وعلى فرض التنزل وان المخاطب في الآية الاولى هم عامة الناس فهي أصرح على نظرية النص حيث يكونون مطالبين بأن يولّوا عمليا ويمكنوا من هو أهل لذلك وهم الواجب طاعتهم.

أما بقية الآيات فهي بصدد بيان الأمانة العامة ومطلق التكاليف الفردية منها والاجتماعية، وليست في صدد التعرض الى ولاية الامر بالخصوص.

وبعبارة أخرى أن ذيل الآية من لزوم طاعة أولي الأمر المقرونة طاعتهم بطاعة الله وطاعة رسوله ـ مما يدلل على أنها متفرعة منهما لا من تنصيب الناس ـ شاهد على أن الأمانة والحكم بين الناس ليس من صلاحية الناس وتنصيبهم لان

الصفحة 203
اللازم على الناس المتابعة والانقياد، ومن بيده النصب لا يكون تابعاً منقاداً، فالأمانة عهد الله الذي لا يناله الظالمين كما في سورة البقرة لا العهد من الناس.

سابعاً: آيات تدل على نفي مسؤولية الرسول عن الامة.

(من يطع الرسول فقد اطاع الله ومن تولى فما ارسلناك عليهم حفيظاً) (1) ، (وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل) (2) . (ولو شاء الله ما اشركوا وما جعلناك عليهم حفيظاً وما انت عليهم بوكيل) (3) ، (أفرأيت من اتخذ الهه هواه أفانت تكون عليه وكيلا) (4) ، (فإن اعرضوا فما ارسلناك عليهم حفيظاً إن عليك الا البلاغ) (5) ، وغيرها من الآيات ق 45، النحل 125، الغاشية 21، يونس 99.

وتقريب الاستدلال أن هذه الايات تحصر مهمة الرسول في التبليغ وهداية الناس ونفي مسؤوليته عن تولي زمام الامة وانه ليس مسؤولاً عنهم اذا اختاروا طريقاً آخر، فهي تدل على انه ليس من مهام الرسول الولاية في الاصل.

والجواب عن هذا الاستدلال انه يجب ملاحظة شأن نزول هذه الآيات وملاحظة ما يحيط بها من آيات تكون قرينة على بيان معناها، حيث ان الايات بصدد الإشارة الى مطلب مهم بعيد عما يشهدون بها عليه، وهو أن الايمان الذي هو مدار النجاة في الآخرة لا يمكن للرسول أن يُلجأ أو يُقسِر عليه (لا إكراه في

____________

1- النساء 4: 80.

2- الانعام 6: 66.

3- الانعام 6: 107.

4- الفرقان 25: 43.

5- الشورى 42: 48.


الصفحة 204
الدين) ، وكان الرسول (صلى الله عليه وآله) يتألم لما يرى من صدود المنافقين وهو الذي أرسل رحمة للعالمين، وما يتحلى به من رأفة وشفقة عليهم (لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين) (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) .

مضافاً الى ان الرسول كان رحمة للناس وكان يظهر شفقته وحزنه حتى على المنافقين، وان الحفاظة والوكالة المنفية هي في مورد الايمان والدين لا في مورد ادارة المجتمع ونحوه، كما ان هذا التفسير لا ينسجم مع الايات الصريحة بأن على الرسول اقامة العدل سواء في مجال الاقتصاد والاموال أو في الحقوق والمنازعات السياسية أو الفردية، والحكم بين الناس والقضاء شعبة ركنية من شعب الدولة. والآيات التي تأمر النبي بالجهاد (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين) فإنها صريحة في وجوب اقامة الحكم الاسلامي وحمل الناس على العيش في ضمن قوانين الدولة الاسلامية والتسليم الخارجي لهم، أما من جهة القلب والايمان الباطني فإن هذا أمر غير قابل للإكراه فيه، وفي هذا المجال نرى تلك الآيات التي تنفي مسؤولية الرسول (صلى الله عليه وآله) عنهم، أما الجانب الاول فإن الآيات صريحة في وجوب اقامة الحكم على الرسول (صلى الله عليه وآله) وجعل كلمة الله هي العليا.

ثامناً

(انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم به النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشونِ ولا تشتروا باياتي ثمناً قليلاً ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون) (1) .

استدل البعض بهذه الآية الشريفة على ان الحكم عن طريق الشورى، وأنه

____________

1- المائدة: 44.


الصفحة 205
يكون في طول النص حيث أن الآية ذكرت انه أنزل التوراة ليحصل بها الحكم وهو غير الهداية بل يشمل التشريع والقضاء، وهو للنبي أولاً ثم يأتي دور الربانيين وهي صيغة مبالغة، ورباني المنسوب الى الرب وهم المطيعون لله عزوجل طاعة خالصة غير مشوبة بمعصية غير المغضوب عليهم ولا الضالين وهم أوصياء كل نبي، ثم يأتي ثالثاً دور الاحبار وهم العلماء الذين عليهم مسؤولية استلام سدة الحكم وان هذه السنة الالهية في تولي الحكم جارية في جميع الاديان.

وهذا الحكم العام يستفاد من مجموعة من القرائن:

آ ـ قوله تعالى: (فلا تخشوا الناس واخشونِ) فالمخاطب بها المسلمون وهذا يدل على جريان هذه السنة الإلهية فيهم أيضاً.

ب ـ ان القرآن ليس كتاب تاريخ أو قصص بل هو كتاب اعتبار وتشريع، فكل ما يذكره إنما يأتي به الله عزوجل من أجل العبرة، والتشريعات تكون ثابتة ما لم ينص على خلاف ذلك. فهذه السنة العامة التي ذكرها القران في بني اسرائيل غير مختصة بهم بدليل عدم ذكر القران لهذا الاختصاص، بل ان ذكرها للدلالة على ارادتها من المخاطبين.

جـ ـ الايات الواردة بعد ذلك في بيان حكم أهل الانجيل إذ يعيد الحق سبحانه نفس المفاد حيث تنص على وجوب الحكم بما جاء في الانجيل (ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الفاسقون) ومن ثم تستمر الآيات في بيان وجوب أن يحكم الرسول (صلى الله عليه وآله) بما أنزل الله.

والخلاصة: ان الآيات تبين سنة إلهية جارية في جميع العهود والأزمان وأنه اذا انزل كتاباً سماوياً فمراده من ذلك هو أن يكون دستوراً إلهياً على الأمة أن يتخذوه في تصرفاتهم على كافة الأصعدة الفردية والاجتماعية والقضائية والتشريعية والولائية. وتظهر الآية تسلسل ترتب الحاكمية فهي للنبي ثم لوصيه ثم للأمة والاحبار اي العلماء الذين هم جزء من الأمة، مع اشتراط توفر العلم والكفاءة والأمانة وهى امور لا ريب فيها.


الصفحة 206
وفي هذا الاستدلال تأمل بـ:

1 ـ إن الآية لا تنافى نظرية النص بل تدل عليها، وذلك: لأن ايكال سدة الحكم للأحبار هل هو بالاصالة عرضا مع الربانيين ام بالنيابة عنهم؟ والآية تصلح للانطباق على كلا المعنين.

2 ـ أن الترتيب في الذكر الوارد في الآية ليس اعتباطياً بل هو للدلالة على نيابة المتأخر عن المتقدم بمقتضى ولاية المتقدم ذكراً على المتأخر لأن المتأخر من رعية المتقدم، فتكون ولاية المتأخر متفرعة عن المتقدم، وحيث ان العلماء مستقى علمهم من المعصومين فتوليهم للحكم يكون بالنيابة عن المعصوم، والدليل على تسنمهم سدة الفتيا هو آية النفر (1) فاسناد سدة الفتيا للفقهاء هو من عصر الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) غايته أنه في طول المعصوم عن الرسول، حيث أن أصل العلوم كلها هي للرسول (صلى الله عليه وآله) وهو الذي يُطْلِع المعصوم عليها، وإن كان تشريع فتياهم أي الفقهاء هو من قبل الله عزوجل لكنها عن المعصوم (عليه السلام) عن الرسول (صلى الله عليه وآله) .

ان قلت: ظاهر الاية ان ولاية الاحبار ليست نيابة وذلك لأن الله عزوجل اسند الحكم اليهم فالتخويل هو من قبل الله.

قلت: إن لهذا نظائر كما في طاعة الله وطاعة الرسول، وولاية الله ولاية الرسول، فان المزاوجة بين الولايتين لا يدل على انهما فى عرض واحد بل انها جعلت للمعصوم بتخويل من الله عزوجل استخلافا. ومن نظائرها ما ذكر في موارد الخمس والزكاة وأصنافها فان الولاية على الأموال هي للرسول والمعصوم لا للاصناف، فالفقراء ليست لهم الولاية على اموال الزكاة.

ان قلت: هل تتصور ـ بناء على نظرية النص ـ ولاية الرسول (صلى الله عليه وآله) على المعصومين بعد وفاته (صلى الله عليه وآله) .

____________

1- راجع في تفصيل ذلك كتابنا دعوى السفارة في عصر الغيبة.


الصفحة 207
قلت: إن ولاية الرسول (صلى الله عليه وآله) باقية على مَن بعده حتى بعد وفاته وذلك لان الرسول الاكرم هو الطريق لوصول العلوم اليهم (عليهم السلام) ويذكر مضافاً الى نفوذ أحكامه (صلى الله عليه وآله) في كل المجالات على من بعده الى يوم القيامة كمثال على ذلك ما جرى بين الحسين (عليه السلام) وابن عباس عندما سأله الاخير عن خروجه مع علمه بما فعلوه بأبيه وأخيه، فأجابه (عليه السلام) : إنه قد رأى النبي (صلى الله عليه وآله) في المنام وأخبره بالخروج الى العراق، حيث أن رؤيا المعصومين صادقة فهذه تمثل استمرار ولايته عليهم وبقاء تلك الطولية بينهم.

3 ـ قوله تعالى: (بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء) فإن هذه العبارة في الآية ليست متعلقة بالأحبار بل متعلقة بالنبيين والربانيين وذلك:

ـ ان مادة الحفظ واردة في القرآن غالبا بمعنى الايكال العهدي الخاص الشبيه بالتكويني من الله عزوجل الى الملائكة المسمون (بالحفظة) ، ولفظة (استحفظوا) لم ترد الا في هذا المورد وهذا يدل على أن المراد منه هو العهد الخاص، ويقابل الاستحفاظ لفظ (التحميل) حيث ورد وصفاً لعلماء بني إسرائيل في سورة الجمعة (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها) فالتعبير بالحمل هو بمعنى ا لتكليف وهو غير الاستحفاظ والثاني ورد في علمائهم لا الأول.

ـ ورد عن الصادق (عليه السلام) في ذيل الآية: "الربانيون هم الأئمة دون الأنبياء الذي يربّون الناس بعلمهم، والأحبار هم العلماء دون الربانيين". قال: "ثم أخبر عنهم فقال: بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء ولم يقل بما حملوا منه ـ تفسير الصافي 2: 38.

وهذا أيضاً يدل على أن المراد من الاستحفاظ هو عهد خاص من الله عزوجل.

ـ وقد يتساءل عن السر في تأخير (بما استحفظوا) وايرادها بعد الاحبار وكان الانسب ذكرها بعد الربانيين.


الصفحة 208
والجواب عن ذلك:

آ ـ مثل هذا التعبير وارد في مواضع اخرى في القران مثلا في سورة النساء (72 ـ 73) : (وإن منكم ليبطئن فإن اصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله عليّ إذ لم أكن معهم شهيدا لوئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينهم مودة ياليتني كنت معهم فأفوز معهم فوزاً عظيما) . فجملة (كأن لم تكن بينكم وبينه مودة) متعلقة بالآية السابقة عندما يقول المنافقون إذا هُزم المسلمون الحمد لله الذي لم نكن معهم فوجود الفاصل لا ينفي الارتباط بين الجملتين.

ب ـ ان هذا التعليل بين ان المحورية والمركزية في الحكم للنبي والربانيين وذلك لأن لهم العهد الخاص من قبل الله عزوجل، ويكون موضع الاحبار هو النيابة عنهم، وبمنزلة الايدي والاعوان ولا يكونون مستقلين بالحكم والأمر بل يصدر الأمر عنهم، نعم يكون لهم نوع من الاستقلالية في ما لم يُنط بهم كما في ولاية الإمام (عليه السلام) لمالك الاشتر فقد زوده بالخطوط العامة للحكم وعليه التصرف ضمن تلك الحدود ولا يرجع في كل صغيرة للإمام، وهذا مقام لا يعطى لكل أحد بل لمن يمتلك الكفاءة العلمية والأمانة ولذا عبر عنهم بالأحبار، فعدم الاستقلال بالولاية يرجع الى عدم توفر التعليل فيهم حيث ان منحصر فى النبيين والربانيين.

4 ـ واخيراً يرد على المستدل بهذه الآية الكريمة للجمع بين الشورى والنص وانه مع انتفاء النص تصل النوبة للشورى، ان ذلك يتنافى مع ما هو مقرر في العقيدة الشيعية من أن الارض لا تخلو من حجة ظاهرة أو باطنة وان الولاية مع وجود المنصوص عليه تكون فعلية وليست اقتضائية ولا تقديرية، وهذا يعني ان موضوع النص لا ينتفي اصلاً حتى يمكن أن نفرض الشورى عند انتفاء النص، ولا يمكن اعتبار عدم تسلم الامام لسدة الحكم لجور الامة وضلالها لا يعني انتفاء النص فهو كما في تصريح الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) : الحسن والحسين امامان إن قاما وان قعدا.


الصفحة 209
وكذلك غيبة المعصوم لا تعني انتفاء النص لأنه موجود ومؤثر بتسديده للامة وهدايته لها من ستار الغيب كما يظهر من الروايات الكثيرة في هذا المجال.

منها: قوله (عليه السلام) : اني لازلت راع لكم ولست بغافل عما يدور حولكم. فضرورة المذهب السائدة ان الفقهاء هم نواب الامام وشرعيتهم من شرعية الامام، لا أن لهم ذلك بالاصالة مع اختلافهم في مساحة تلك النيابة سعة وضيقاً، وهذه النيابة للفقهاء بالنصب العام لا الخاص لجماعة واشخاص بخصوصهم، نعم أوكل أمر تعيين هذا المصداق النائب للأمة، فهو نوع من التخويل سواء كان هذا الانتخاب بنحو مفرد أو لمجموعة واجدة لشرائط النيابة، وهذا نظير صلاحية القاضي فإنها استنابة عنه (عليه السلام) إلا أنه جعل تعين المصداق بيد المتخاصمين.

وهذا المعنى ليس ايكالاً للأمة باختيار القائد بمعنى ان الامة تختار من ينوب عنها، بل هو تفويض للامة في تعيين المصداق من بين هؤلاء العلماء. فما يذكره بعض المتأخرين من ان للفقهاء الولاية بالاصالة في عصر الغيبة مخالف لضرورة من ضروريات المذهب.

تاسعاً: سيرة الأئمة (عليهم السلام)

وقد ذكرت وجوه اخرى للدلالة على الشورى بعضها قد مضى في تضاعيف الاستدلال بالآيات السابقة.

1 ـ الاستدلال بالسيرة: ان الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) والامام (عليه السلام) جرت سيرتم وعملهم على عدم استلام سدة الحكم إلا بعد حصول البيعة ورجوع الناس اليهم وإن الامام نقل عنه انه يكون وزيراً ومرشداً أفضل من أن يكون اميراً. وأن حكومة الرسول (صلى الله عليه وآله) هي حكومة معنوية أقرب منها أن تكون حكومة سياسية. ولذا قيل ان الموروث من الرسول (صلى الله عليه وآله) ليس بذاك الحجم الذي يمكن أن يؤسس به دستور لدولة سواء في الجانب القضائي او التشريعي او التنفيذي.