وأخرج سيدنا ابن معد في كتاب بالحجة (3) (ص 59)، بإسناده عن عمران بن الحصين الخزاعي قال: كان والله إسلام جعفر بأمر أبيه، ولذلك: مر أبو طالب ومعه ابنه جعفر برسول الله وهو يصلي وعلي عليه السلام عن يمينه، فقال أبو طالب لجعفر: صل جناح اين عملك فجاء جعفر فصلى مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما قضى صلاته قال له النبي صلىالله عليه وآله وسلم: «يا جعفر وصلت جناح ابن عمك، إن الله يعوضك من ذلك جناحين تطير بهما في الجنة». فأنشأ أبو طالب رضوان الله عليه يقول:
____________
(1) وفي نسخة: عند احتدام الهموم والكرب. (المؤلف)
(2) راجع فيما أسلفناه: ص 394. (المؤلف)
(3) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص 249.
(4) أبو معتب كنية أبي لهب كما مر. ذي حدب: ذي تعطف. (المؤلف)
ورواه شيخنا أبو الفتح الكرجكي (1) بطريق آخر عن أبي ضوء بن صلصال قال: كنت أنصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أبي طالب قبل إسلامي، فإني يوماً لجالس بالقرب من منزل أبي طالب في شدة القيظ إذ خرج أبو طالب إلي شبيهاً بالملهوف، فقال لي: يا أبي الغضنفر هل رأيت هذين الغلامين؟ يعني النبي وعلياً عليهما السلام فقلت: ما رأيتهما مذ جلست، فقال: قم بنا في الطلب لهما فلست آمن قريشاً أن تكون اغتالتهما، قال: فمضينا حتى خرجنا من أبيات مكة ثم صرنا إلى جبل من جبالها فاسترقيناه إلى قلته، فإذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي عن يمينه وهما قائمان بإزاء عين الشمس يركعان ويسجدان، فقال أبو طالب لجعفر ابنه وكان معنا: صل جناح ابن عمك. فقام إلى جنب علي فأحس بهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتقدمهما وأقبلوا على أمرهم حتى فرغوا مما كانوا فيه، ثم أقبلوا نحونا فرأيت السرور يتردد في وجه أبي طالب ثم نبعث يقول الابيات.
35 ـ عن عكرمة عن أبن عباس قال: أخبرني أبي أن أبا طالب رضي الله عنه شهد عند الموت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ضياء العالمين.
36 ـ في تفسير وكيع (2) من طريق أبي ذر الغفاري؛ أنه قال: والله الذي لا إله إلا هو ما مات أبو طالب رضي الله عنه حتى أسلم بلسان الحبشة، قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتفقه الحبشة؟ قال: يا عم إن الله علمني جميع الكلام. قال: يا محمد اسدن لمصاقا قاطا لاها يعني أشهد مخلصاً لا إله إلا الله، فبكى رسول الله صلى الله علي وآله وسلم وقال: إن الله أقر
____________
(1) كنز الفوائد: 1 / 181.
(2) هو وكيع بن الجراح الرؤاسي، توفي سنة 197هـ كان حافظاً للحديث، له عدة تصانيف، منها تفسير القرآن، والمعرفة، والتاريخ.
أحب سيد الأبطح الشهادة بلغة الحبشة في موقفه هذا بعد ما أكثرها بلغة الضاد وبغيرها، كما فصل القول فيها شيخنا الحجة أبو الحسن الشريف الفتوني المتوفى (1138) في كتابه القيم الضخم ضياء العالمين، وهو أثمن كتاب ألف في الإمامة.
37 ـ روى شيخنا أبو الحسن قطب الدين الراوندي في كتابه الخرائج والجرائح (1) عن فاطمة بنت أسد أنها قالت: لما توفي عبد المطلب أخذ أبو طالب النبي صلى الله عليه وأله وسلم عنده لوصية أبيه به، وكنت أخدمه، وكان في بستان دارنا نخلات، وكان أول إدراك الرطب، وكنت كل يوم ألتقط له حفنة من الرطب فما فوقها وكذلك جاريتي، فاتفق يوماً أن نسيت أن التقط له شيئاً ونسيت جارتي أيضاً، وكان محمد نائماً ودخل الصبيان وأخذوا كل ما سقط من الرطب وانصرفوا، فنمت ووضعت الكم على وجهي حياءً من محمد صلى الله علية وآله وسلم إذاانتبه، فانتبه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ودخل البستان فلم ير رطبةً على وجه الأرض فأشار إلى نخلة وقال: أيتها الشجرة أنا جائع. فرأيت النخلة قد وضعت أغصانها التي عليها الرطب حتى أكل منها ما أراد ثم ارتفعت إلى موضعها، فتعجبت من ذلك وكان أبو طالب رضي الله عنه غائبا فلما أتى وقرع الباب عدوت إليه حافية وفتحت الباب وحكيت له ما رأيت فقال هو: إنما يكون نبياً وأنت تلدين له وزيراً بعد يأس. فولدت علياً عليه السلام كما قال.
38 ـ روى شيخنا الفقيه الأكبر ابن بابويه الصدوق في أمامليه (2) (ص 158)، بالإسناد عن أبي طالب سلام الله عليه قال: قال عبد المطلب: بينا أنا نائم في الحجر إذ رأيت رؤيا هالتني فأتيت كاهنة قريش وعلي مطرف خز وجمتي تضرب منكبي، فلما نظرت إلي عرفت في وجهي التغير، فاستوت وأنا يومئذ سيد قومي، فقالت: ما شأن
____________
(1) الخرائج والجرائح: 1 / 138.
(2) أمالي الصدوق: ص 216.
39 ـ قال السيد الحجة في كتابه الحجة (1) (ص 68): ذكر الشريف النسابة العلوي العمري المعروف بالموضح، بإسناده: أن أبا طالب لما مات لم تكن نزلت الصلاة على الموتى، فما صلى النبي عليه ولا على خديجة، وإنما اجتازت جنازة أبي طالب والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وجعفر وحمزة جلوس، فقاموا وشيعوا جنازته واستغفروا له فقال قوم: نحن نستغفر لمو تانا وأقاربنا المشركين أيضاً ظناً منهم أن أبا طالب مات مشركاً لأنه كان يكتم إيمانه، فنفى الله عن أبي طالب الشرك ونزه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم والثلاثة المذكورين عليهم السلام عن الخطأ في قوله: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} (2)، فمن قال بكفر أبي طالب فقد حكم على النبي
____________
(1) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص 268.
(2) التوبة: 113.
وأخرج أبو الفرج الأصبهاني؛ بالإسناد عن محمد بن حميد قال: حدثني أبي قال: سئل أبو الجهم بن حذيفة: أصلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أبي طالب؟ فقال: وأين الصلاة يومئذ؟ إنما فرضت الصلاة بعد موته، ولقد حزن عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمر علياً بالقيام بمره وحضر جنازته، وشهد له العباس وأبو بكر بالإيمان وأشهد على صدقهما لأنه كان يكتم إيمانه ولو عاش إلى ظهور الإسلام لأظهر إيمانه.
40 ـ عن مقاتل: لما رأت قريش يعلو أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: لا نرى محمداً يزداد إلا كبراً وإن هو إلا ساحر أو مجنون، فتعاقدوا لئن مات أبو طالب رضي الله عنه ليجمعن كلها عن قتله فبلغ ذلك ابا طالب فجمع بني هاشم واحلافهم من قريش فوصاهم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: ابن أخي كل ما يقول أخبرنا بذلك آباؤنا وعلماؤنا، وإن محمدا نبي صادق، وأمين ناطق، وأن شأنه أعظم شأن، ومكانه من ربه أعلى مكان، فأجيبوا دعوته واجتمعوا على نصرته، وراموا عدوه من وراء حوضته، فإنه الشرف الباقي لكم طول الدهر، ثم أنشأ يقول:
قال الأميني هذه جملة مما أوقفنا السير عليه من أحاديث رواة الحق والحقيقة وصفحنا عما يربو على الأربعين روماً للاختصار، فأنت ذا أضفت إليها ما أسلفناه مما
____________
(1) أمراس: جمع مرس، وهو الحبل.
(2) ضياء العالمين لشيخنا الفتوني. (المؤلف)
يروى عن آل أبي طالب وذويه، وأشفعتها بما مر من أحاديث مواقف سيد الأباطح، وجمعتها مع ما جاء من الشهادات الصريحة في شعره تربو الأدلة على إيمانه الخالص وإسلامه القويم على مائة دليل، فهل من مساغ لذي مسكة أن يصفح عن هذه كلها؟ وكل واحد منها يحق أن يستند له في إسلام أي أحد، نعم، إن في أبي طالب سراً لا يثبت إيمانه بألف دليل، وإيمان غيره يثبت بقيل مجهول ودعوى مجردة! إقرأ واحكم.
وقد فصل القول في هذه الأدلة جمع من أعلام الطائفة؛ كشيخنا العلامة الحجة المجلسي في بحار لأنوار (1) (9 / 14 ـ 33)، وشيخنا العلم القدوة أبي الحسن الشريف الفتوني في الجزء الثاني من كتابه القيم الضخم ضياء العالمين ـ والكتاب موجود عندنا ـ وهو أحسن ما كتب في الموضوع، كما أن ما ألفه السيد البرزنجي ولخصه السيد أحمد زيني دحلان أحسن ما ألف في الموضوع بقلم أعلام أهل السنة، وأفرد ذلك بالتأليف آخرون منهم:
1 ـ سعد بن عبد الله أبو القاسم الأشعري القمي: المتوفى (299، 301)، له كتاب فضل أبي طالب وعبد المطلب وعبد الله أبي النبي صلى الله عليه وآله وسلم. رجال النجاشي (2) (ص 126).
2 ـ أبو علي الكوفي أحمد بن محمد بن عمار: المتوفى (346)، له كتاب إيمان أبي طالب كما في فهرست الشيخ (ص 29)، ورجال النجاشي (3) (ص 70).
3 ـ أبو محمد سهل بن أحمد بن عبد الله الديباجي، سمع منه التلعكبري سنة (370) له كتاب إيمان أبي طالب، ذكره النجاشي في فهرسته (4) (ص 133).
____________
(1) بحار الأنوار: 35 / 74 ـ 131.
(2) رجال النجاشي: ص 177 رقم 467.
(3) المصدر السابق: ص 95 رقم 236.
(4) المصدر السابق: ص 186 رقم 493.
4 ـ أبو نعيم علي بن حمزة البصري التميمي اللغوي: المتوفى (375)، له كتاب إيمان أبي طالب، توجد نسخته عند شيخنا الحجة ميرزا محمد الطهراني (1) في سامراء المشرفة، نقل عنه بعض فصوله الحافظ ابن حجر في الإصابة (2) في ترجمة أبي طالب واتهم مؤلفه بالرفض.
5 ـ أبو سعيد محمد بن أحمد بن الحسين الخزاعي النيسابوري جد المفسر الكبير الشيخ أبي الفتوح الخزاعي لأمه، له كتاب منى الطالب في إيمان أبي طالب. رواه الشيخ منتجب الدين كما في فهرسته (3) (ص 10) عن سبطه الشيخ أبي الفتوح عن ابيه عنه.
6 ـ أبو الحسن علي بن بلال بن أبي معاوية المهلبي الأزدي، له كتاب البيان عن خيرة الرحمن في إيمان ابي طالب وآباء النبي صلى الله عليه وآاله وسلم، ذكره له الشيخ في فهرسته (ص 96) والنجاشي (4) (ص 188).
7 ـ أحمد بن القاسم، له كتاب إيمان أبي طالب، رآه النجاشي كما في فهرسته (5) (ص 69) بخط الحسين بن عبيد لله الغضائري.
8 ـ أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن طرخان الكندي الجرجاني صديق النجاشي: المتوفى (450)، ذكر له النجاشي في فهرسته (6) (ص 63) كتاب إيمان أبي طالب.
____________
(1) توفي قدس الله سره وأبقى له آثاراً ومآثر تذكر مع الأبد وتشكر. (المؤلف)
(2) الإصابة: 4 / 115 ـ 119 رقم 685.
(3) فهرس منتجب الدين: ص 157.
(4) رجال النجاشي: ص 265 رقم 690.
(5) المصدر السابق: ص 95 رقم 234.
(6) المصدر السابق: ص 87 رقم 210 وقيه: الجرجراني.
9 ـ شيخنا الأكبر أبو عبد اللله المفيد محمد بن النعمان: المتوفى (413) له كتاب إيمان أبي طالب، كما في فهرست النجاشي (1) (ص 284).
10 ـ أبو علي شمس الدين السيد فخار بن معد الموسوي: المتوفى (630)، له كتاب الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب، قرظه العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم بقوله:
11 ـ سيدنا الحجة أبو الفضائل أحمد بن طاووس الحسيني: المتوفى (673)، له كتاب إيمان أبي طالب، ذكره في كتابه بناء المقالة العلوية لنقض الرسالة العثمانية، وهو كتاب في الإمامة ألفه في الرد على رسالة أبي عثمان الجاحظ.
12 ـ السيد الحسين الطباطبائي اليزدي الحائري الشهير بالواعظ: المتوفى (1306)، له كتاب بغية الطالب في إيمان أبي طالب، فارسي مطبوع.
13 ـ المفتي الشريف السيد محمد عباس التستري الهندي: المتوفى (1306)، له كتاب بغية الطالب في إيمان أبي طالب، أحد شعراء الغدير، تأتي ترجمته في القرن الرابع عشر إ ن شاء الله تعالى.
14 ـ شمس العلماء ميرزا محمد حسين الكركاني، له كتاب مقصد الطالب في
____________
(1) رجال النجاشي: ص 399 رقم 1067.
15 ـ الشيخ محمد علي بن ميرزا جعفر علي الفصيح الهندي نزيل مكة المعظمة، له كتاب القول الواجب في إيمان أبي طالب.
16 ـ شيخنا الحجة الحاج ميرزا محسن ابن العلامة الحجة ميرزا محمد التبريزي (1).
17 ـ السيد محمد علي آل شرف الدين العاملي (2)، له كتاب شيخ الأبطح و أبو طالب، طبع في بغداد سنة (1349) في (96) صفحة وقد جمع فيه فأوعى، ولم يبق في القوس منزعاً.
18 ـ الشيخ ميرزا نجم الدين ابن شيخنا الحجة ميرزا محمد الطهراني، له كتاب الشهاب الثاقب لرجم مكفر أبي طالب.
19 ـ الشيخ جعفر بن الحاج محمد النقدي المرحوم، له كتاب مواهب الواهب في فضائل أبي طالب، طبع في النجف الأشرف سنة (1341 في (154) صفحة، فيه فوائد جمة وطرائف ونوادر.
وقد نظم ذلك كثيرون من أعاظم الشيعة في قريضهم، ومما يسعنا إثباته هاهنا قول السيد أبي محمد عبد الله بن حمزة الحسني الزيدي من قصيدة:
____________
(1) له كتاب إيمان أبي طالب وأحوله وأشعاره. راجع الذريعة الى تصانيف الشيعة: 2 / 513 رقم 2015.
(2) انتقل إلى دار البقاء سنة 1372 وأبقى لهفةً وجوىً في قلوب أمة كبيرة كانت تعرفه بفضائله وفواضله. (المؤلف)
وقول الشريف العلامة السيد علي خان الشيرازي (1) في الدرجات الرفيعة (2):
ومن قصيدة للشريف الأجل سيدنا آية الله السيد ميرزا عبد الهادي الشيرازي (4):
____________
(1) أحد شعراء الغدير، تأتي ترجمته إن شاء الله تعالى. (المؤلف)
(2) الدرجات الرفيعة: ص 62.
(3) في المصدر: وما تليت أخباره.
(4) أحد شعراء الغدير، يأتي ذكره وترجمته في شعراء القرن الرابع عشر إن شاء الله تعالى. (المؤلف)
وقال العلامة الحجة شيخنا الأوردبادي (1):
____________
(1) من شعراء الغدير، يأتي ذكره في شعراء القرن الرابع عشر إن شاء الله تعالى. (المؤلف)
(2) الطلاح: جمع الطليحة وهي الناقة المتعبة.
(3) العاب: الوصمة والعيب.
وقال العلامة الأوحد الشيخ محمد تقي صادق العاملي من قصيدة يمدح بها أله البيت عليهم السلام:
____________
(1) السها: كويكب صغير خفي الضوء.
وقال العلامة الشريف المبجل السيد علي النقي اللكهنوي (1):
وقال العلامة الفاضل الشيخ محمد السماوي (3) من قصيدة نشرت في آخر كتاب الحجة (ص 135) مطلعها:
____________
(1) أحد شعراء الغدير، يأتي في شعراء القرن الرابع عشر إن شاء الله تعالى. (المؤلف).
(2) ذباب المشرفي: حد السيف.
(3) أحد شعراء الغدير، يأتي ذكره إن شاء الله، توفي في يوم الأحد 2 محرم سنة 1379. (المؤلف)
وللبحاثة الفاضل صاحب التأليف القيم الشيخ جعفر بن حاج محمد النقيدي من قصيدة ذكرها في كتابه مواهب الواهب في فضائل أبي طالب (2). المطبوع في النجف الأشرف في (154) صفحة مطلعها:
____________
(1) من شعراء الغدير، يأتي تفصيل ترجمته في شعراء القرن الرابع عشر إنشاء الله. ارتحل الى رحمة ربه يوم السبت 8 محرم 1369 في الكاظمية، ونقل جثمانه الى النجف الأشرف. (المؤلف).