مقدمة الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، ولا سيما محمد المصطفى، وأهل بيته أعلام الهدى، صلواته عليهم ما دامت السموات العلى،،،، أما بعد

انه لما اشتعل الرأس شيبا وامتلأت العيبة عيبا *المراد: موضع سره وثقته - ورأيت أني ذرفت على الستين ولم اظفر بعد على ثمرة ولا حاصل لأيامي الماضية، ولا طائر للعمل، وعلمت أن الباقي يمضي على نحو الماضي، خاطبت النفس الجانية اللاهية، وشركاءها في هذه الداهية: يا ويحك مضى ربيع الشباب، فلا تعطف عليه خريف الشيب، وفاتك الهرف * أي: المناء والزيادة - في المزرعة، فلا يفتك الافل * أي: الزوال والغياب -، وقد أسرفت في اتلاف اكرار من البذر، فلا تُضع الحفنة الباقية من البذر، وقد ضيعت في المتجر النقود من رأس المال، فلا تضيع قليل المتاع الكاسد البائر.

ثم ناديتها يا مسافرا بلا زاد، يا راحلا ولا جواد، يا زارعا اشرف على الحصاد، يا طائرا بالموت يصاد، يا تاجرا لبهرج * أي: الرديء من الشيء - بلا جياد، يا ظالم النفس والعباد، هل سمعتِ قول الله تعالى (إن ربك لبالمرصاد)! ثم ايقظتها التنبه التنبه فقد شارفت العقبة الكؤؤد والرجل حافية ومالك مركب! ثم خوفتها الحذر الحذر، فقد دنوت إلى المنازل المهولة، ودونها حتوف (والكف صفر والطريق مخوف) ثم أزعجتها بقول العجل العجل، الوحا الوحا * أي: السرعة - فإلى أي زمان تتعامى:


ان قدامك يوما لو بههددت شمس الضحى عادت ظلاما
فانتبه من رقدة اللهو وقموانفِ عن عين تماديك المناما

ثم صحت عليها بقول إمام المتقين عليه أفضل صلوات المصلين: " أيها اليفن الكبير، قد لهزه القتير، كيف أنت إذا التحمت أطواق النار بعظام الأعناق، ونشبت الجوامع حتى أكلت لحوم السواعد ".

ثم نعيتها إلى نفسها ونعيت عليها، ثم نحت عليها بكل لسان - تارة على أيام الشباب وأخرى على أيام المشيب، ثم استرحمتها لنفسها وقلت: أما ترحم من نفسك ما ترحم من غيرك؟

ثم استغثت بها لإغاثة نفسها فقلت لها: الغوث الغوث لنفسك تجهزي للرحيل، فاستدركي واختلسي الفرصة، واغتنمي المهلة قبل قدوم الغائب المنتظر، وقبل أخذة القهار المقتدر.

ثم خاطبتها بكل كتاب، وبلسان كل نبي وإمام، ووعظتها بكل الألسنة حتى بلسان الأطفال والحيوانات، بل ولسان حال جميع المخلوقات.

وبعد ذلك كله حصل لي تنبه يسير، وتذكر قليل، مع عزم فاتر، فتواردت علي حالات خوف وترقب من اليأس، يتبعها رجاء، يورث السكون والاطمئنان بهذا التفصيل:

الحالة الأولى: في الإيمان:

لقد نظرت إلى الإيمان الذي هو مدار قبول الأعمال ومناط حصول النجاة من الأهوال فلم أجد في نفسي علامة من علائمه، ولا أثرا من آثار التمام منه، ولا من الناقص لا أدنى درجاته الذي هو أن تسوءه سيئته ولا أعلى درجاته الذي هو أن يكون بالنسبة إلى ذكر الله تعالى كمن هو في النزع، ولم أجد في شيء من أقسامه المقسمة على القلب والأعضاء! حتى أني خفت عدم وجود الذرة المنجية من الخلود في النار بعد طول العذاب فيها، وبعد ذلك نظرت إلى الأخلاق الحميدة فرأيت أضدادها، ثم نظرت إلى الأعمال الحسنة والطاعات والقربات فوجدت لصحتها وقبولها شرائط، لم أجد التوفيق لها ولو مرة واحدة، فعند ذلك تحقق الخوف وأوشك أن يغلب القنوط ثم عرضت:

الحالة الثانية: في الوسائل إلى الله تعالى:

وهي أني أمعنت النظر في الوسائل إلى الله فرأيت أني من امة محمدا المصطفى (ص)، واني من شيعة عليا (ع) واني من الموالين لأهل البيت (ع) وهم السبيل الأعظم والصراط الاقوم والكهف الحصين والعروة الوثقى والفلك التي من ركبها نجى وسعد، فحصل لي الرجاء ثم تحققت:

الحالة الثالثة: الدخول في امة محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم:

وهي أني رأيت الدخول في امة المصطفى (ص) يحتاج إلى ائتمام واقتداء، وان صدق شيعة علي (ع) يحتاج إلى متابعة له في صفة أو عمل، فبأي شيء تابعته وشايعته، وصدق إن الشخص موالٍ ومحب لأهل البيت (ع) يحتاج إلى تحقق أحدى علائم المحبة والولاية ولا أجد واحدة منها فتحقق الاضطراب وغلب الخوف، ثم طرأت:

الحالة الرابعة: في الوسائل المتعلقة بالأئمة عليهم السلام:

وهي أني أمعنت النظر في الوسائل المتعلقة بالأئمة (ع) فرأيت اجلّها فائدة وأعظمها مثوبة وأعمها نفعا وارفعها درجة وأسهلها حصولا وأكثرها طرقا وأيسرها شروطا وأخفها مؤونة وأعمها معونة ما يتعلق بسيد شباب أهل الجنة، ووالد الأئمة السيد المظلوم أبي عبدالله الحسين (ع)، فرأيت له خصوصية في التوسل إلى الله قد تفرد بها، وامتاز في ذلك حتى عمن هو أفضل منه.

فان للتفاوت في الفضيلة مقاما ولوحدتهم مقاما، نورهم وطينتهم مقام، والخصوصيات مقام آخر، فرأيت في الحسين (ع) خصوصية في الوسيلة إلى الله اتصف بسببها بأنه بالخصوص - باب من أبواب الجنة وسفينة للنجاة ومصباح للهدى. فالنبي (ص) والأئمة (ع) كلهم أبواب الجنان، لكن باب الحسين أوسع، وكلهم سفن النجاة ولكن سفينة الحسين مجراها في اللجج الغامرة أسرع، ومرساها على السواحل المنجية أيسر، وكلهم مصابيح الهدى، لكن الاستضاءة بنور الحسين أكثر وأوسع، وكلهم كهوف حصينة، لكن منهاج كهف الحسين اسمح وأسهل، فعند ذلك خاطبت النفس وشركاءها

فقلت: هلموا إلى هذه الأبواب الحسينية، فـ(ادخلوها بسلام آمنين) والى مرساة هذه السفينة الحسينية فـ(اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها. إن ربي لغفور رحيم) ولتكتحل أعينكم بنور الحسين (ع) الناظر إليكم، ثم ازدادوا شوقا وصمموا العزم على ذلك، لأني استشعرت من نفسي علائم الإيمان التي يئست منها سابقا، وعثرت بهذه الخصائص على الأعمال الصالحة.

أما الأول؛ فمن وجوه:

الأول: انه (ع) قال: " أنا قتيل العبرة ما ذكرت عند مؤمن إلا بكى واغتم لمصابي " فوجدت ذلك في نفسي عند ذكر اسمه، فاستدللت به على وجود شيء من الإيمان لو ذرة على الأقل تنجي من الخلود في النار، وقد اتصف جميع الأنبياء بالبكاء والاغتمام عند ذكره (ع).

الثاني: أني وجدت انه إذا دخل شهر المحرم عرضت لي الكربة والحزن والتأثر، فاستدللت بذلك على اثر من ولاية الأئمة (ع) فإنهم قالوا: " شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا بنور ولايتنا يصيبهم ما أصابنا "،، وقد دلت الأخبار على ظهور الكآبة والحزن على أئمتنا مع دخول شهر المحرم. فكان الإمام الصادق (ع) لا يُرى ضاحكا في أيامه أبدا، وكان الإمام الرضا (ع) كئيبا حزينا كاسف اللون في العشر الأوائل يعقد مجلسا للعزاء، ونساؤه من وراء الستر، فإذا دخل عليه احد: أمره (ع) بالإنشاد في الإمام الحسين (ع) إن كان منشدا، كما في قضية دعبل الخزاعي. وإلا ذكر بنفسه من مصائب الحسين (ع) كما في رواية الريان ابن شبيب حين دخل عليه أول يوم من المحرم! فقال: " يا بن شبيب إن كنت باكيا لشيء فابك الحسين (ع) فانه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه ثمانية عشرة رجلا من أهل بيته "، وهكذا كان دأب سائر الأئمة المعصومين ورسول الله تعالى (ص) سيدهم وأولهم وأكثرهم من عقد تلك المجالس.. فبعروض الانكسار للقلب عند هلال المحرم يستدل على ثبوت العلاقة بهم (ع)، وبتفاوت التأثر تتفاوت درجات الإيمان، وعدم عروض ذلك أو عروض خلافه - كجعل هذه الأيام أعيادا دليل على سلب الإيمان، والعياذ بالله تعالى.

الثالث: نزول الهم والغم الشديد عند دخول كربلاء، وقد كان هذا من صفات أبيه (ع) وأخته حين دخول ارض كربلاء، مع انكسار القلب عند النظر إلى قبره وقبر ولده عند رجليه كما في الرواية.

الرابع: جريان الدمع عند شم تربته، كما هي صفته وصفة جده (ص) المصطفى ونحو ذلك مما يتعلق به، وسيجيء بيان بعضها إن شاء الله.

وأما الثاني:

فاني رأيت أن أكثر أعمالي يصح سلب اساميها عنها، لعدم الشروط والإقبال، فلا ادري أصلاتي وصومي صلاة وصوم أم لا؟! وهكذا هو حال سائر اعمالي، ولكن لاحظت انه لا يصح أن يسلب عن بكائي وإبكائي اسم البكاء والإبكاء على صاحب الدمعة الساكبة، ولا اقل من التباكي، وقد ورد أن " من بكى أو ابكي أو تباكى وجبت له الجنة " ثم أني لما رأيت علامات الإيمان ووثق رجائي واطمأنت نفسي عرضت:

الحالة الخامسة: في علامة احد أجزاء الإيمان:

وذلك أني تأملت الأمر فقلت لنفسي: إن هذه علامة لوجود جزء من الإيمان، فلعله لا ينجيك من الخلود في النار بعد الدخول فيها! وبعد مقامات عذاب يوم الحشر، وبعد تحمل عذاب يوم البرزخ الطويل، وأنت تعلم ضعفك عن قليل من بلاء الدنيا وعقوباتها وما يجري فيها من المكاره على أهلها بل وضعفك عن تحمل النعم إذا دامت عليك بالملال منها، والبطر عليها! ثم إن الجزء الضعيف من الإيمان لعله يذهب وينطفئ بأدنى صدمة فيزيغ القلب، فما اطمئنانك به؟ فاضطربت ثم عرضت لي:

الحالة السادسة: ما يبعث على تكميل الإيمان:

وذلك أني وجدت في وسائله (ع) ما يبعث على تكميل الإيمان وتقويته واستقراره مثل: (إن من زاره كان كمن زار الله تعالى في عرشه) فان زيارة الله تعالى كناية عن نهاية القرب إليه تبارك وتعالى، وهذا لا يكون للايمان المستودع، والقلب الذي يعلم الله منه الزيغ بعد الهداية.

ومثل مجيء الملَكَ للزائر عند إرادة الانصراف وقوله: " إن ربك يقرؤك السلام، ويقول لك: استأنف فقد غفر لك ما مضى "،، فإذا كان الشخص ممن يسلم الله عليه فلا يمكن أن لا يسلمه، فاطمأننت بذلك ثم عرضت لي:

الحالة السابعة: في الأعمال الحسنة:

وهي أني رأيت إن هذه الوسائل، أعمال حسنة، ولكن لعل في أعمالي السيئة ما يحبطها فاضطربت لذلك فعرضت لي:

الحالة الثامنة: في الأعمال الصالحة:

وهي إن ما قد يعرضه الحبط هي أعمال الشخص، وأما الوسائل الحسينية فهي أعمال صالحة تكتب للمكلفين، وليست من أعمالهم حتى يتطرق إليها الحبط إذ قد ورد انه يكتب لزائره حجة من حجج النبي (ص) والحج الذي يحجه النبي (ص) ليس من أعمال الشخص نفسه حتى يحبط وإذا كان من أعماله (ص) فلا يتطرق إليه احتمال الاحباط أصلا،، ومن عجائب تلك الروايات ما رواه الصادق (ع) قال: كان الحسين (ع) ذات يوم في حجر النبي (ص) يلاعبه ويضاحكه، فقالت عائشة: ما اشد إعجابك بهذا الصبي؟ فقال لها (ص): وكيف لا أحبه ولا أعجب به وهو ثمرة فؤداي وقرة عيني، أما إن أمتي ستقتله، فمن زاره بعد وفاته كتب الله تعالى له حجة من حججي، قالت: يا رسول الله حجة من حججك؟ قال نعم وحجتين من حججي، قالت حجتين من حججك؟ قال نعم وأربعة …… قال الصادق (ع): فلم تزل تزاده ويزيد ويضعف حتى بلغ تسعين حجة من حجج رسول الله (ص) بأعمارها.

الحالة التاسعة: ملاحظة حقوق الناس:

وهي أني خفت أن يذهب بالعمل حقوق الناس فانه قد ورد: انه يحشر من له أعمال تضيء في يوم القيامة فيأخذها أهل المظالم وتحمل عليه ذنوب فيؤمر به إلى النار. ثم طرأت:

الحالة العاشرة: في فضيلة البكاء:

وقد حصلت بملاحظة ما ورد في وسيلة البكاء عليه من انه: قد يترتب على الدمعة ثواب لا حد له فإن مالا حد له لا ينفد ولو اُخذ منه ما اُخذ. ثم عرضت لي:

الحالة الحادية عشرة: تطرق الخوف:

وذلك لأني رأيت في الروايات الكثيرة، إن شرط قبول الأعمال قبول الصلاة، فقلت: لعل صلاتي غير مقبولة وإذا ردت رد ما سواها فكيف تقبل هذه الأعمال الحسينية؟ وحينئذ أشكل عليّ الأمر، وكاد أن يغلب علي القنوط لورود هذا الاحتمال، فمنّ الله تعالى علي برجاء انتهى إليه الأمر، وبه رفع هذا الاحتمال.

الحالة الثانية عشرة: حالة تأكد الرجاء:

إذ قد تتابعت فيها وجوه اطمئنان القلب، وترادفت وجوه الأمن، وسكون القلب متابعة تترى، وذلك بملاحظة خواص عجيبة لهذه الوسائل الحسينية.

منها: إن الشرط لقبول الصلاة التي هي شرط قبول الأعمال: الإقبال وينوب مناب الإقبال: النوافل الرواتب، فهي تؤثر في قبول الصلاة الواجبة، فإذا كانت مؤثرة في قبول الفرائض، فهذه الوسائل التي وردت في فضلها أضعاف الرواتب، تؤثر في القبول بطريق أولى.

ومنها: إن القبول والحبط إنما يقعان في الأعمال والعبادات التي تقع من الشخص باختيار منه وتكلف، وفي الوسائل الحسينية تترتب الآثار وان لم يصدر العمل باختيار وقصد، مثلا: الرقة على مصائبه والبكاء عليه قد يقعان بملاحظة انه إمام مفترض الطاعة وهذان من الأعمال الصالحة، وقد تحصل الرقة والبكاء عليه من دون ملاحظة ذلك، فإذا سمعت ما جرى عليه، ولم تعرف عنه شيئا سوى انه من عباد الله أو انه من المسلمين أو انه مظلوم غريب، لغلبت عليك الرقة والبكاء على الأقل من ناحية ما أصاب الأطفال الصغار من الموت عطشا أو القتل بالسيف على صدره أو بالسهم على يديه أو من داسته الخيول وكذا هو حالك فيما لو سمعت بنزول هذا المصاب على مخالف للإسلام فإن غاية ما يستحقه إنما هي ضربة أو جرح أو قتلة، وأما الرض بعد القتل والضرب على الرأس المبارك، وصلبه في عدة أماكن، والنبش للقبر بعد مائتي سنة …… إلخ فهو أمر مستنكر يوجب حصول الرقة وجري الدمع بلا اختيار، ومن أي شخص كان. هذا وقد روي أن يونس (ع) حينما كان في بطن الحوت سأل قارون وهو يعذب في بطن الأرض عن موسى وهارون وكلثم وآل عمران (ع) فلما اخبره بموتهم قال: واأسفاه على آل عمران، فشكر الله ذلك.

ورفع عنه عذاب الدنيا، فكيف أخيب مع أسفي على آل إبراهيم (ع) وآل عمران وآل محمد المصطفى صلوات الله تعالى عليهم اجمعين.

ومنها: إن المؤثرات الكلية القوية لو وجدت مع مانع من تأثيرها فإنما يمنع الكلي ولا بد من بقاء جزئي لا محالة

وفي الوسائل بالحسين (ع) تأثيرات قوية إذا منعت صفاتي وأعمالي عن تأثيرها التام فأقنع بتأثير جزئي منها. وذلك يكفيني فأقول: وقد ورد من تأثير بعض زياراته، إن زائره يكون من الشفعاء في عشرة أو مائة، أو يقال له خذ بيد من أحببت فادخله الجنة.

وحيث أني أرى نفسي وقد انفتحت علي الأبواب السبعة من النار، بل وأراها الآن محيطة بسلاسلها وأغلالها، بل وظهرت علي علائم الخلود فيها فلا اطمع أن أكون من الشفعاء في الحشر، بل أقنع بأن يأخذ بيدي أحد فيخلصني من أهوال القيامة، أو اقنع بأن اخرج من النار ولو بعد حين، فأنجو من الخلود،، وقد ورد في فضل زيارته عليه السلام: (إن زائره يكون من محدثي الله تعالى فوق عرشه)، فأنا لست منهم، فاقنع من ذلك بان يكلمني ملك من ملائكة الرحمة،، وقد ورد في فضل زيارته: (انه قد يكون الشخص بها من الساقين للكوثر) وانا لست بأهل لذلك بل أرى نفسي في معرض أن أكون من الذين يقولون في النار لأهل الجنة (أن افيضوا علينا من الماء). فأكتفي من هذه الوسيلة بأن يسقيني أحد الساقين للكوثر.

وقد ورد في فضل زيارته: (انه قد ينال الشخص بها الأكل مع النبي المصطفى (ص) في الجنة على مائدته)، وأنا لست أهلا لذلك فأكتفي بأن أتخلص من أكل شجرة الزقوم. فهذه المؤثرات القوية العظيمة لا يمكن من جهة الموانع أن لا يبقى من آثارها هذه الجزئية.

ومنها: إن الوسائل الكثيرة بالنسبة إليه كما سنذكرها يمكن أن تجتمع كلها في آن واحد، حتى ما مضى وقته ولم يأت وقته، وما يمكن الإتيان وما لا يمكن. وجميع المراتب منه - فيمكن للشخص في آن واحد تحصيل جميعا الوسائل من أدناها الذي هو التباكي عليه، وأعلاها الذي هو الشهادة بين يديه - وبحصولها يحصل على جميع العبادات في آن واحد. وذلك انه لو انعقد مجلس مثلا لذكر مصائب الحسين (ع) وتذكر ما صُنع به، وحصل فيه ابكاء، وبكاء وتباك وحزن وهم ورقة وتوجه القلب إليه مسّلما ومصليا عليه مع إشعار القلب بجلالته، والمعرفة بحقه، وتصوير حالاته والاستعبار والجزع عليه وتمنى نصرته والشهادة بين يديه، فقد فاز بثواب كل الوسائل إليه، وعبد الله بجميع العبادات حتى الشهادة بين يديه، وسنذكر ما يدل على ذلك من الأخبار، ومع ذلك كله وعلاوة عليه يتصف ذلك المجلس بجميع صفات المشاهد الشريفة على ما يستفاد من الأخبار فيتصف بأربع عشرة صفة:

الأول: انه مصلى لله تعالى يعني، محل صلواته على أهله

الثاني: انه مشهد للملائكة المقربين

الثالث: انه محل نيل الدعاء من النبي(ص) والوصي والزهراء والمجتبى (ع)

الرابع: انه منظر الحسين المظلوم(ع)

الخامس: انه محل خطابه لأهل المجلس ومكالمته معهم

السادس: انه محبوب للصادق (ع) بل لجميع أولياء الله تعالى من الأولين والآخرين

السابع: انه عرفة

الثامن: انه مشعر حرام

التاسع: انه حطيم

العاشر: انه مطاف لبيت الله تعالى

الحادي عشر: انه قبة الحسين (ع)

الثاني عشر: انه مخمد للنيران المشتعلة

الثالث عشر: انه منبع لماء في الجنان وهو ماء الحيوان

الرابع عشر: انه يصير تلو مجالس أولها قبل الخلق وآخرها المحشر

وسيجيء تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى

إذا تصورت ما قلته فكيف تتصور انك تخرج خاليا آيساً من هذه المشاهد المشرفة المباركة مع هذه الحالات والعبادات واجتماع الصفات! فلو منعت الموانع من التأثيرات فقليل من أدنى اثر تأثيرات واحدة منها مما يستحيل عدمه:


قليل منك يكفيني ولكنقليلك لا يقال له قليل

وبعد تيقن ذلك ختمت المكالمة مع النفس، وتحقق الرجاء والواثق الخالص بالوسائل الحسينية، فتوجهت إلى صاحبها وعقدت معه عقد الوسائل بتأليف كتاب جامع لخصائصه التي امتاز بها من جميع المخلوقات حتى الأنبياء والأئمة سلام الله تعالى عليهم، وسميته بخصائص الحسين (ع) ومزايا المظلوم (ع) أرجو بفضل ربي عز وجل أن يجعله لي في ظلمات القبر ضياءاً ونوراً، ومن مخاوف الفزع الأكبر أمناً وسروراً، وعند إيتاء الكتب - كتاب الحسنات يخرجه لي ألقاه منشوراً، وفي مخازي ذلك اليوم كرامة وحبوراً ومدى الاعصار ذكراً موفوراً، بحول منه وقوة (وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب) وفيه مقدمة ومقاصد.






العنوان الأول
في مجال وجوده من بدء خلق نوره (ع) إلى بعد يوم الجزاء وفيه مقاصد



المقصد الأول
ما يخصه في ابتداء خلق نوره


إعلم إنه قد اختلف الحكماء من اليونانيين وغيرهم من العلماء في أول ما صادر عن الأول وفي تعيين أول المخلوقات، واختلف المتكلمون والمليّون أيضا في ذلك، واختلفت الأخبار في ذلك أيضا فذهب أكثر الحكماء إلى إن أول المخلوقات العقل الأول، ثم العقل الأول خلق خلق العقل الثاني، والفلك الأول، وهكذا إلى إن انتهى إلى العقل العاشر فهو خلق الفلك التاسع، وهول العناصر، وتقريره إن العقل الأول المخلوق لله له ثلاث جهات: وجود من المبدأ الأول، ووجوب بالنظر إلى المبدأ الأول، وإمكان من حيث ذاته.

فكان بذلك الوجود سببا لعقل آخر وبذلك الوجوب سببا لنفس فلك، وبذلك الإمكان سببا لجسم فلك، وعلى هذا النهج يصدر من العقل الثاني إلى العقل العاشر.

وذهب ثاليس الملطي إلى إن أول المخلوقات الماء، وذهب بليناس الحكيم إلى إن الله لما أراد إن يخلق الخلق تكلم بكلمة فكانت تلك الكلمة علة الخلق، وحدث بعد هذه الكلمة العقل، فدل بالفعل على الحركة، ودلت الحركة على الحرارة، والذي دلت عليه الروايات الصحيحة الكثيرة، إن أول مخلوق هو نور محمد المصطفى (ص)، ودل على ذلك العقل السليم، فان العلة في الاشرفية وكثرة الاعتناء والاحبية إلى الله توجب التقدم في الخلقة، وفي بعض الروايات نوره ونورهم.

وإذا قد تحقق إن الحق هو إن أول المخلوقات هو نور النبي (ص) أو نوره وأنوارهم، فعلى كلا التقديرين (نقول) إن أول المخلوقات هو نور الحسين (ع) لان النبي (ص) قال: (حسين مني وأنا من حسين) وفي رواية أخرى (أنا من حسين وحسين مني) فهو أول مخلوق وأول ما صدر عن الأول.

فكل مخلوق تابع له فلا غرور أن يبكيه كل مخلوق، فإذا قلنا بكاه كل مخلوق فلا تتوهم إنه مبالغة، أو استعارة تمثيلية أو خيال أو بكاء بلسان حال، أو فرض أو تقدير، لا بل ذلك حقيقة في الباكين من جميع الموجودات، من نبي أو ملك أو فلك أو انس أو جن أو شيطان أو شمس أو جنة أو قمر.

لا أقول في هذا العالم فقط بل شموس جميع العوالم وأقمارها وسمأواتها وأراضيها وسكإنها، ففي الرواية: خلق الله ألف ألف عالم وألف ألف ادم وانتم آخر العوالم والآدميين.

وهكذا بكاء كل شيء بكاء حقيقي وان كان في كل بحسبه، وليس مرادي من بكاء كل شيء بكاؤه بعد قتله فقط، فان بيان ذلك له أبواب على حدة تذكر بعد باب شهادته، بل المراد بكاء كل شيء عليه قبل قتله، كما في زيارة شعبان، مروية عن القائم صلوات الله تعإلى عليه، (بكته السماء ومن فيها والأرض ومن عليها ولما يطأ لابتيها) * أي: مثنى لابة وهي الأرض ذات الحجارة السوداء وليس المراد من بكاء كل شيء عليه قبل قتله حصول ذلك، في الجملة، بل أقول: إنه حيث خلق أول ما خلق مظهرا للخشوع والخضوع، فكل خضوع وانكسار في العالم فله وبه والذي هو في باطنه وحقيقته لله تعإلى وحده الحي القيوم، و كما قال الحكماء المحققين:

كل انكسار وخضوع به وكل صوت فهو نوح الهواء

وليس مرادي من بكاء كل شيء على قتله إن ما قتل به خارج عن ذلك، لإنه المبكي عليه.

بل أقول كما قال ذلك الحكيم في قصيدته:


السيف يفري نحره باكياوالرمح ينعى قائما وينثني
فالنبل يـصـيبه ويبكيوالرمح شائل للرأس يبكي

وليس مرادي من بكاء كل شيء على قتله - إن قتلته خارجون عن ذلك - بل هم بوجودهم العام وماهيتهم يصيبهم الانكسار ويبكون عليه بحقائقهم وفطرتهم، ولكن بمقتضى صفات أفعالهم الاختيارية التي بها خلدوا في النار، لا يبكون إلا إذا غفلوا، فيبكون البكاء الظاهري الاختياري كمعرفة الله تعإلى بالنسبة إلى الذين (جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً) فكما إن الزنادقة والدهرية إذا غفلوا عن مقتضى عنادهم وجحودهم نطقوا بالتوحيد، فكذلك أعداؤه وقاتلوه إذا غفلوا يبكون عليه سلام الله عليه، بل إذا لم يغفلوا ولاحظوا عدأوته وأرادوا قتله وسلب عياله غلبهم البكاء بلا اختيار، كما ظهر ذلك من حالة ابن سعد حين أمر بقتله، وحالة السالب لقرطي فاطمة بنت الحسين (ع)، وحالة يزيد لعنه الله لما أراد الاسارى فرّق لهم، وقال: قبّح الله ابن مرجانة.




المقصد الثاني
خصائص نوره بعد خلقه إلى حين ولادته


إعلم إن الله جل جلاله لم يزل متفردا، ولم يكن مخلوق ولا زمان ولا مكان، فلما ابتدأ بخلق أفضل المخلوقات واشتق من نوره نور عليا وفاطمة والحسن والحسين (ع)، جعل لهم محالا متعددة وعوالم مختلفة، كما يظهر من مجموع الروايات المعتبرة.

فمنها: قبل خلق الخلق

ومنها: قبل خلق آدم (ع)

ومنها: بعده(ع)

أنوارا تارة، وأشباح نور تارة، وظلالا تارة وأنوارا في الجنة تارة، وعمود نور اُقذف في ظهر ادم (ع) تارة، وفي أصابع يده أخرى وفي جبينه أخرى، وفي جبين كل من الأجداد من ادم (ع) إلى والد النبي (ص) عبد الله بن عبد المطلب، وفي جبين كل جدة عند الحمل ممن هو في ترائبها من حواء إلى أم النبي (ص) آمنة بنت وهب (ع). ثم لنورهم محالا متعددة قدّام العرش، وفوق العرش وتحت العرش وحول العرش، وفي كل حجاب من الحجب الاثنى عشر، وفي البحار وفي السرادقات، ولبقائهم في كل محل مدة مخصوصة.

فمدة وجودهم قبل خلق العرش أربعمائة وعشرون ألف سنة، وزمان كونهم حول العرش خمسة عشر ألف سنة قبل ادم (ع)، وزمان كونهم تحت العرش إثنا عشر ألف سنة قبل ادم (ع)، وليس المقام مقام هذه التفاصيل فإنه يحتاج إلى كتاب مستقل. إنما المقصود بيان خصائص الحسين (ع) في نوره، وامتياز نوره من الأنوار في جميع هذه العوالم والحالات في الظلال والأشباح والذرات، وحين تجسمه بالشجرة في الجنة، والقرط في أذن الزهراء عليها السلام وهي في الجنة في إحدى هذه العوالم.

فنقول: إن هذه الأنوار في هذه العوالم مصدرها نور النبي (ص) وامتيازه كون نوره من نوره، فإنه من حسين وحسين منه (ص)، وحين افتراقهما كان لنور الحسين (ع) خصوصية في إن رؤيته كانت موجبة للحزن، كما اتفق لآدم (ع)، حين ظهرت الأنوار في أصابعه وكان نور الحسين (ع) في الإبهام، وقد بقي هذا التأثير إلى الآن، فان من غلب عليه الضحك، إذا نظر إلى إبهامه غلبه الحزن.

واتفق لإبراهيم (ع) أيضا حين رأى الأشباح فكان شبحه في تلك العوالم، كما إن التنطق باسمه وسماعه كان مورثا للحزن، بل سوى ذلك فيما انتسب إلى نوره، كما في حديث المسامير الخمسة، التي أتى بها جبرائيل (ع) ليسّمر بها جوانب السفينة، كل مسمار باسم واحد من الأنوار الخمسة (ع) فلما اخذ المسمار المنتسب إلى نور الإمام الحسين (ع) أشرق وأحس منه رطوبة بلون الدم، فسأل عن ذلك! فاُجيب بإنه مسمار الحسين (ع)، وسبب ظهور الدم منه شهادته بالكيفية الخاصة.

ومن الخصوصيات لنوره (ع): إن النور الذي كان يظهر على جبين الأمهات عند الحمل بأحد الأجداد للنبي (ص) وعلى جبين آمنة عند الحمل بالنبي (ص)، فإنما ذلك لعدم كون أنفسهن من هذه الأنوار فإذا حملته ظهر أثره في الجبهة، وأما إذا كانت الأم بذاتها من الأنوار، فلا وجه لظهور النور، ولا يظهر على الوجه بالخصوص نور زائد على ذلك، فلم يظهر على جبهة الزهراء (ع) حين حملها بالحسين (ع) نور زائد على نور وجهها المبارك، ولكن خصوصية الحسين (ع) إنها لما حملت بالحسين (ع) قال لها النبي (ص) " أني أرى في مقدم وجهك ضوء ونورا وستلدين حجة لهذا الخلق "، وقالت عليها السلام: " إني لما حملت به كنت لا أحتاج في الليلة الظلماء إلى مصباح " فخصوصية نور الحسين (ع) إنه يظهر على النور أيضا، ومن خصوصياته أيضا، إنه يغلب النور أيضا، ولذا قال من رآه صريعا وهو في الشمس نصف النهار حين قتله: والله لقد شغلني نور وجهه عن الفكرة في قتله.

ومن خصوصياته أيضا: إنه لا يحجبه حاجب، كما قال ذلك القائل: أني ما رأيت قتيلا مضمخا بدمه * أي التلطخ بالطيب وغيره والإكثار منه، أني ما رأيت مضمخا بالدم والتراب أنور وجها منه " فلم يحجب التراب والدم الذي علا على وجهه نوره الذي علا كل نور.




المقصد الثالث
في خصوصيته بعد ولادته


وأول محل حل فيه بعد الولادة، يدا النبي المصطفى (ص). فإنه كان واقفا بباب الحجرة ينتظر ولادته المباركة، فلما سقط ساجدا لله تبارك وتعإلى نادى النبي (ص) يا أسماء هلمي إليّ ابني، فقالت: إننا لم ننظفه بعد، فقال: أنت تنظفيه؟ إن الله قد نظفه وطهره، فأتته به إليه في خرقة من صوف، فأخذه بيده ونظر إليه وبكى، وقال: عزيز عليّ يا أبا عبد الله، ثم بعد ذلك كانت محاله كتف جبرائيل (ع)، وعلى عاتقه تارة آخري، وكتف النبي (ص) تارة، وظهره تارة، وصدره أخرى، وعلى يده رافعا ليقبل فاه تارة، ورافعا له يريه الناس أخرى، وعلى هره وهو ساجد تارة، وعلى يدي عليا وهو يمسكه والرسول يقبل جميع أعضائه تارة، وكان آخر محل له صدر الرسول (ص) حين احتضاره، ويقول (ص): مالي وليزيد، لا بارك الله في يزيد....، اللهم صلي على محمد حبيبك وآله المعصومين.




المقصد الرابع
خصوصية محله عند شهادته


وخصوصية محله بعدها قبل أن يدفن، له في ذلك خصائص، بالنسبة إلى كل نبي وإمام قتيل فان كل قتيل منهم قد قتل أو سم وهو في بيته، أو في البلد، أو في المحراب، أو في الطشت، ولم يتفق لأحد منهم القتل على التراب وما جرى في تفاصيل مقتله من مصائب ما أعظمها وأجلها. فله خصائص في محل جسده، وهو إنه لما قتل رفع بجسده إلى السماء الخامسة، ثم اُرجع إلى ارض كربلاء، وبقي على الأرض طريحا ثلاثة أيام برمضاء كربلاء.

وله خصائص في محل رأسه: وهي إن له محالا كثيرة، من كونه في الأيدي وعلى الرماح منصوبا، وعلى الشجر معلقا، وعلى باب دار زيد، وعلى باب دمشق مصلوبا، وفي الطبق عند ابن زياد، وفي الطشت عند يزيد موضوعا، ومن دورإنه في البلاد الكثيرة من كربلاء إلى الشام، وقيل من الشام إلى مصر، وقيل من مصر إلى المدينة، ومن الشام إلى كربلاء، أو من الشام إلى السماء.




المقصد الخامس
خصوصية محله في برزخه


في الحديث: " إنه في يمين العرش ينظر إلى مصرعه ومن حل فيه، وينظر إلى معسكره وينظر إلى زواره وهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء أبائهم وبدرجاتهم ومنزلتهم عند الله تعإلى من أحدكم، وإنه ليرى من يبكيه فيستغفر له، ويسأل أباءه أن يستغفروا له، ويقول: أيها الباكي لو تعلم ما أعد الله لك لكان فرحك أكثر من جزعك ".




المقصد السادس
خصوصية محله في المحشر


في الروايات: أن له مجلسا تحت ظل العرش خاصا به له خصوصية، هي إن أهل مجلسه من الباكين عليه والزائرين له مستانسين بحديثه، وهم آمنون، وعند جلوسهم عنده، يرسل إليهم أزواجهم من الجنة: إنا قد اشتقنا لكم، فيأبون الذهاب إلى الجنة، ويختارون حديث الحسين عليه السلام.

ثم إنه (ع) له موقف في المحشر خاص به يوجب اضطراب كل أهل المحشر، وتشهق فاطمة الزهراء (ع) إذا نظرت إلى موقفه ذلك، وهو حين يحشر قائما ليس عليه رأس، وأوداجه تشخب دما وله تفصيل يذكر في محله.




المقصد السابع
خصوصية محله في الجنة بعد يوم الجزاء


اعلم أن لكل إمام محلا خاصا في الجنة، وله (ع) مع ذلك درجات مخصوصة، قد أخبره (ص) بها، بقوله (وإن لك في الجنان لدرجات لا تنالها إلا بالشهادة)، ومع ذلك فهو زينة لكل مواضع الجنة، فكإنه في كلها وكلها له.

انتهى العنوان الأول