الباب الثالث
من الصفات الخاصة الحاصلة للزائرين
وهي كثيرة:
منها: ما روي عن الصادق عليه السلام من ان الله تعالى يباهي بزائر الامام الحسين (ع) حملة العرش وملائكته المقربين ويقول جل وعلا: ألا ترون زوار قبر الحسين (ع) أتوه شوقا.
ومنها: انه ممن نظر الله اليه بالرحمة.
ومنها: انه دليل المحبة للحسين (ع) كون الشخص زوّاراً له (ع) اي كثير الزيارة.
ومنها: ان يكون ممن يحدّثه الله تعالى فوق عرشه.
ومنها: ما في عشر روايات من انه يكتب في عليين.
ومنها: ان يكون في الجنة في جوار النبي (ص) واهل بيته (ع). يأكل معهم على موائدهم.
ومنها: انها ان كان شقيا كتب سعيدا.
ومنها: انه يحسب من الكروبيين ومن سادة الملائكة.
ومنها: انه مساعد للزهراء عليها السلام فانها تزور الحسين (ع) كل يوم.
ومنها: انه يصبح كل واحد من وجهه وخده وعينه وقلبه محل دعاء لصادق (ع)، فانه كان يدعو وهو باك في سجوده
ويقول: اللهم ارحم تلك الوجوه التي تقلبت على حفرة ابي عبدالله (ع) وارحم تلك الاعين التي جرت دموعها، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا.
ومنها: ان الزائر يصير وديعة للصادق (ع) عند الله تعالى، فانه كان يقول كثيرا: اللهم اني استودعك تلك الابدان، حتى توفيهم على الحوض عند العطش.
ومنها: انه زائر الله تعالى وزائر رسوله (ص) كما في الروايات.
ومنها: ان كل من له درجة يوم القيامة يتمنى ايضا ان يكون من زوار الحسين عليه السلام مما يرى من كرامتهم الخاصة بهم.
الباب الرابع
في اجر عجيب وصفة خاصة ممتازة
يترتبان على زيارته عليه السلام ينبغي افرادهما بالذكر.
اما الاجر العجيب: فهو ما في رواية مروية بأسانيد معتبرة رواها الصدوق والسيد ابن طاووس والكفعمي ومؤلف المزار الكبير، وحاصلها: ان كاتب الاعمال الحسنة واجرها يشتغل بالكتابة من حين عزم الشخص على الزيارة الى يوم ينفخ في الصور فهي من الاعمال الصالحة المستمرة حقيقة لا حكما، وذلك من اعلى افراد الباقيات الصالحات، وليس محض اثار حكمية كغيرها من الصدقات الجاريات والاثار اللاحقات، وهذا كله علاوة على صفات خاصة تحصل له حتى بالنسبة الى المتولي لقبض روحه.
ومما تنبهر له العقول ست عشرة فضيلة خاصة في كل واحدة منها اكثر من مائة فضيلة.
احدها اعطاء كفل من الرحمة في كل كلمة من الزيارة التي فيها. واعجب من ذلك كله بعض اجرها وثوابها ففي الرواية الشريفة العجيبة انه سأل الصادق (ع) او جابر الجعفي: كم بينك وبين قبر الحسين (ع)؟ قلت: بأبي انت وامي يوم وبعض يوم، قال: فتزوره؟ قلت: نعم جُعلت فداك، فقال: ألا ابشرك؟ ألا افرحك ببعض ثوابه؟ قلت نعم جعلت فداك، قال (ع) " ان الرجل منكم ليأخذ في جهازه، ويتهيأ لزيارته، فيتباشر به اهل السماء، فاذا خرج من باب منزله، راكبا او ماشيا، وكّل الله تعالى به اربعة آلاف من الملائكة يصلون عليه حتى يوافي الحسين عليه السلام، يا مفضل، اذا اتيت قبرالحسين (ع) فقف بالباب وقل هذه الكلمات فان لك بكل كلمة كفلا من رحمة الله تعالى، فقلت: ما هي جعلت فداك؟ قال (ع) فتقول:
السلام عليك يا وارث ادم صفوة الله، السلام عليكم يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا واراث ابراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمـد حبيب الله، السلام عليك يا وارث وصي رسول الله، السلام عليك يا وارث الحسن الرضي، السلام عليك يا وارث فاطمـة بنت رسول الله، السلام عليك ايها الشهيد الصدّيق، السلام عليك ايها الوصيّ البر التقي، السلام عليك وعلى الارواح التي حلّت بفنائك، واناخت برحلك، السلام على ملائكة الله تعالى المحدقين بك، اشهد انك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، وعبدت الله تعالى مخلصا حتى أتاك اليقين، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
ثم تسعى فلك بكل قدم رفعتها او وضعتها كثواب المتشحط بدمه في سبيل الله تعالى، فاذا استلمت القبر فاستلمه بيدك وقل: " السلام عليكم يا حجة الله تعالى في سمائه وارضه ".
ثم تمضي الى صلاتك، ولك بكل ركعة ركعتها عنده كثواب من حج واعتمر الف حجة والف عمرة واعتق الف رقبة، وكأنما وقف الوقوف في سبيل الله: اي: هو الجهاد في سبيله تعالى في سبيل الله ألف مرة مع نبي مرسل.
فاذا فرغت من عند قبرالحسين (ع) ناداك مناد لو سمعت مقالته لاقمت عمرك عند قبر الحسين (ع) وهو يقول: طوبى لك ايها العبد قد غنمت وسلمت، قد غفر لك ما سلف فاستأنف العمل، فاذا مات هو في عامه او في ليلته او يومه لم يلِ قبض روحه الا الله تعالى، ويقبل الملائكة معه، ويستغفرون له، ويلون عليه حتى يوافي منزله، فتقول الملائكة: يا رب هذا عبدك قد وافى قبر ابن بنت نبيك، وقد وافى منزله فأين نذهب؟ فيناديهم النداء: يا ملائكتي قفوا عند قبر عبدي، وسبّحوا وقدّسوا واكتبوا ذلك في حسناته الى يوم القيامة.
واما الصفة الخاصة التي تحصل للزائر بمقتضى الاخبار، وينبغي ذكرها مستقلة فهي: ان من زارالحسن (ع) فقد زار الله تعالى في عرشه، وهو كناية عن نهاية القرب الى الله تعالى والترقي الى درجة الكمال.
وفوق هذه الصفة صفة اخرى، انه يدرك بها زيارة الرب فانه قد ورد انه يزوره الله تعالى كل ليلة جمعة ادرك زيارة الرب له، وزيارته للرب.
وزيارة الرب له كناية عن افاضة خاصة من الرحمة عليه في ذلك الوقت فمن ادركها لا يمكن ان يصير محروما منها، ولا يتصور ان لا يناله نصيب منها، وزيارته للرب تعالى كناية عن نهاية القرب اليه، فاذا اجتمعا حصلت له خصوصية مرتبة من شمول الرحمة الالهية.
وفي رواية اخرى: انه من اراد ان ينظر الى الله تعالى يوم القيامة فليكثر من زيارة الحسين عليه السلام.
فهذه ثلاث عبارات: زيارة الله تعالى والزيارة مع الله تعالى والنظر الى الله تبارك وتعالى.
وهي عبارة عن نهاية ما يتصور للمخلوق من الترقي الى درجات القرب، ولهذا جعلت هذه الصفة بابا مستقلا فانها تقابل جميع القضايا وتفوق عليها.
الباب الخامس
في احكام خاصة لزيارته
وهي كثيرة
فمنها: ان كل عمل يسقط وجوبه او استحبابه مع الخوف، ولكن قد روي في هذا العمل روايات تدل على خلاف ذلك، فقد عثرت على تسع روايات بأسانيد معتبرة رويت في البحار، وغيرها عن معاوية بن وهب عن ابي عبدالله (ع) " انه قال: يا معاوية، لا تدع زيارة قبر الحسين (ع) لخوف، فان من تركه يرى من الحسرة ما يتمنى ان قبره كان، أي تبلغ حسرته يوم القيامة الى درجة: انه يقول: يا ليتني كنت مقيما عند قبره فأزوره حتى يدركني الموت.
وفي رواية عاشرة: عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر (ع) قال: هل تأتي قبر الحسين (ع)؟ قلت: نعم على خوف ووجل، فقال (ع) " ما كان من هذا اشد فالثواب فيه على قدر الخوف، ومن خاف لخوفنا آمنه الله تعالى روعته يوم يقوم الناس لرب العالمين، وانصرف بالمغفرة، وزاره النبي (ص) ودعى له، وانقلب (بنعمة من الله لم يمسسهم سوء)، " والحمد لله رب العالمين.
وفي رواية اخرى: عن الاصم بن بكير عن ابي عبدالله (ع) قال: قلت له اني انزل الارجان (الارجان مدينة ايرانية جنوب محافظة شيراز) وقلبي ينازعني الى قبر ابيك، فاذا خرجت فقلبي مشفق وجل حتى ارجع، خوفا من السلطان والسعاة واصحاب المصالح، قال (ع) " يابن بكير، اما تحب ان يراك الله تعالى فينا خائفا؟ اما تعلم انه من خاف لخوفنا اظله الله تعالى في ظل عرشه، وكان محدّثه الحسين عليه السلام تحت العرش، وآمنه من فزع يوم القيامة، فإن فزع قوّته الملائكة وسكّنت قلبه بالبشار ".
الباب السادس
في شروطها وآدابها الشرعية
اما الشروط: فقد دلّت الروايات - زيادة على ما في سائر العبادات - على خصوصية في ذلك بأن تكون الزيارة خالصة لوجه الله تعالى، وان يكون محتسبا لا اشّرا ولا بطرا ولا لسمعة او عجب او رياء.
فقد جاء ان من زارالحسين (ع) محتسبا لا اشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة محصت عنه ذنوبه كما يمحص الثوب بالماء " او تكون صلة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم، او تكون رحمة للحسين عليه السلام، فيقصد بها جبر ما ورد على قلبه الطاهر بزيارته تلك.
وتفاوتت التأثيرات بتفاوت المعرفة بحق الامام الحسين (ع) فقد ورد في الروايات التقييد بكونه عارفا بحق الامام الحسين صلوات الله تعالى عليه.
واما الاداب: ففي البحار وثواب الاعمال والتهذيب والكامل بأسانيد كثيرة معتبرة مستفيضة عن الامام الصادق عليه السلام: اذا زرت ابا عبدالله (ع) فزره وانت حزيـن كئيـب مكروب شعث مغبر جائع عطشان فإن الحسين عليه السلام " قتل كئيبا حزينا مكروب شعثا مغبرا جائعا عطشـانا غريبا مضكخا بدمائه الزاكية "
وقال (ع): " بلغني ان قوما اذا زاروا الحسين (ع) حملوا معهم السفرة فيها الحلاوة والاخبصة (* وهي حلوى معروفة) واشباهه ولو زاروا قبور احبّئهم ما حملوا معهم هذا".
وفي رواية اخرى: قال لهم (ع) " تتخذون لذلك سفرة؟ قالوا: نعم، قال: لو اتيتم قبور آبائكم وامهاتكم لم تفعلوا ذلك، قالت: اي شيء نأكل؟ قال (ع) " الخبز باللبن ".
وفي الكامل باسناد معتبر عن المفضّل، قال: قال ابو عبدالله (ع) الصادق: تزورون خير من ان لا تزوروا، ولا تزوروا خير من ان تزوروا، قال قلت: قطعت ظهري، قال (ع): تالله ان احدكم ليذهب الى قبر ابيه كئيبا حزينا، وتأتونه انتم بالسفر، كلا حتى يأتونه شعثا غبرا. "
ومن الآداب: ما في كيفية زيارة جابر له وستأتي في كيفية زيارته في يوم الاربعيـن، واهم ادابها الغسل بماء الفرات.
الباب السابع
في الاثار المترتبة على تركها
وهي كثيرة:
الاول: ما في رواية الحلبي عن الصادق (ع) " ان من ترك زيارته، وهو قادر على ذلك فقد عقّ رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وعقـّـنا.
الثاني: ما في رواية عبدالرحمن بن كثير عنه (ع)، قال: لو ان احدكم حج دهره ثم لم يزر الحسين بن علي عليهما السلام، لكان تاركا حقا من حقوق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.
وفي اخرى لو ان احدكم حج الف حجة ثم يأت قبر الحسين عليه السلام لكان تاركا حقا من حقوق الله تعالى.
وهنا لا ننسى الحديث النبوي الشريف: " الاسلام محمدي الوجود حسيني البقاء. "
الثالث: ما في رواية محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: من لم يأت قبر الحسين من شيعتنا، كان منتقص الايمان، منتقص الدين، وكذا غيرها من الروايات.
الرابع: انه جفاء للحسين عليه السلام، وكما في روايات كثيرة، منها ما عن امير المؤمنين عليه السلام حيث قال بأبي الحسين المقتول في ظهر الكوفة، كأني بالوحوش مادة اعناقها عليه ترثيه الى الصباح، فاذا كان كذلك فإياكم والجفاء.
الخامس: في رواية علي بن ميمون الصائغ، انه قال: قال لي ابو عبدالله (ع) " بلغني ان اُناسا من شيعتنا تمر بهم السنة والسنتان واكثر من ذلك لا يزورون الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام، قلت: جعلت فداك اني لأعرف اُناسا كثيرين بهذه الصفة، فقال: أما والله لحظّهم اخطأوا، وعن ثواب الله تعالى زاغوا، وعن جوار محمد صلى الله عليه واله وسلم في الجنة تباعدوا، قلت: فان اخرج عنه رجلا أيجزي عنه ذلك؟ قال: نعم، وخروجه بنفسه اعظم اجرا وخير له عند ربه تعالى، وقد رود صدق هذه العناوين على القادر البعيد اذا تركه ثلاث سنين.
السادس: انه ينقص الاعمار كما في روايات كثيرة، وفي بعض الروايات ان تركها مؤثر في نقص سنة من العمر، بنحو لا تخلف فيه.
السابع: ان تارك زيارته: " ان دخل الجنة فهو دون كل مؤمـن "، على ما في رواية: " ومن ضيفان الجنة "، على ما في اخرى و: " بعيد عن جوار محمد المصطفى صلى الله عليه وآلـه وسلـم "، وهي في كامل الزيارات في الصفحة 295 وايضا بحار الانوار جزء 98الصفحة 12.
الثامن: انه ليس بشيعة لهم (ع) كما في رواية دالة صراحة على ذلك رويت عن احدهما، عن الصادق عليه السلام: " من لم يأت قبر الحسين عليه السلام وهو يزعم انه لنا شيعة حتى يموت فليس هو لنا شيعة ".
التاسع: انه من اهل النار ويُحمل على التارك تهاونا واستخفافا، وقد مال المجلسيان الى وجوبها على القادر في العمر مرة واحدة لهذه الاخبار.
الباب الثامن
في زيارته المخصوصة بالاوقات
اعلم ان زيارة الحسين (ع) خير موضوع فمن شاء استقل الخير، ومن شاء استكثر الخيـر.
وهي على قسمين:
مطلقة في كل الاوقات: ويترتب عليها ما ذكرناه من الخواص والفضائل.
ومخصوصة بأوقات تزيد فضيلتها بخصوصية الوقت على اصل الفضيلة المطلقة، مع انه لا يتصور زيادة منها وهي تقرب الى ثلاثين مخصوصة، بالنسبة الى الزمان والاوقات، وخصوصيتها في زيادة الاجر معلومة، ولكن لكل واحدة ايضا اثرٌ خاص، وفضيلة خاصة، نبينها عند ذكر كل واحدة.
الاولى: كل جمعة مرة لمن كان بعيدا عنه بيوم ونحوه فإن تركه كان شديد الجفاء، ومن خواص ذلك ما في رواية داود بن يزيد عن ابي عبدالله (ع) انه يغفر له البتة ولم يخرج من الدنيا وفي نفسه حسرة، ومنها: ويكون مسكنه في الجنة مع الحسين بن علي عليهما السلام.
الثانية: كل شهر مرة فعن الصادق عليه السلام قال: ان من زاره في كل شهر مرة فله ثواب مائة الف شهيد مثل شهداء بدر، وقال: اما القريب فلا اقل من شهر، فإن كان قريبا وتركه اكثر من شهر فقد سمّاه الحسين عليه السلام بنفسه جفاء وذلك في رواية عن عقبة.
الثالثة: كل سنة مرتين وقد ورد عن الامام الصادق عليه السلام: انه حق على الغني ان يأتيه في السنة مرتين، وفي رواية ثلاث مرات.
الرابعة: كل سنة ثلاث مرات وفيها مع خواص اصلها انها تؤمن من الفقر.
الخامسة: كل سنة مرة، فقد ورد في خمسة عشر حديثا، انها حق على الفقير القادر على الزيارة، فإذا تركها سنة فهذا اول مراتب الجفاء للحسين عليه السلام.
السادسة: كل ثلاث سنين مرة للبعيد فاذا تجاوز الثلاث دخل في عقوق رسول الله المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، اللهم اعذنا من هذه الافة والاثم الكبير.
السابعة: في كل عيد كما في بعض الروايات، فيدخل فيه النيروز والمبعث والمولود والغدير وغير ذلك.
الثامنة: مخصوصات الشهور، ولنذكر كل شهر على حدة، ولكل منها فضائل كثيرة، لكن نقتصر على ذكر خصوصية فضيلة كل شهر مخصوص.
فنقول: في شهر رجب الأصب اربع او خمس: اول ليلة. واول يوم، وليلة النصف. ويومها، وخصوصية فضلها زيادة على الثواب تساقط الخطايا كيوم ولدته امه، وفي اول رجب زيادة حتمية وهي المغفرة فإن الله تعالى قد اوجبها على نفسه تبارك وتعالى.
وفي شعبان ثلاث مخصوصات: يوم الثالث منه، وليلة النصـف، ويومها، وعمدة فضيلتها التشرف بمصافحة مائة واربعة وعشرين الف نبي، منهم اولو العزم صلوات الله تعالى عليهم، واذا زاره ثلاث سنين متوالية في النصف من شعبان كان له تأثير خاص في رفع الذنوب زيادة على اصلها، ومن خواصها ان المنادي ينادي بالمغفرة له من اول شعبان.
وفي شهر رمضـان المبارك بخصوصه، كما في رواية ابن الفضل قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام.
يقول: من زار قبر الحسين عليه السلام في شهر رمضان ومات في الطريق لم يعرض ولم يُحاسب، وقيل ادخل الجنة آمنا " ولا ننسى هنا الحديث ما مضمونه: ان من حوسب هلك " يعني كفى بالحساب من موقف مهول عظيم.
الثانية والثالثة والرابعة: اول ليلة منه اي من شهر رمضان، وليلة النصف، واخر ليلة منه، كما في الرواية عن الصادق عليه السلام.
والستة الاخرى: ليالي القدر الثلاث، وايامها، ففي الروايات الكثيرة انه اذا كانت ليلة القدر التي يفرق فيها كل امر حكيم، ينادي مناد من بطنان العرش الى السماء السابـعة: ان الله عزوجل قد غفر لمن أتى قبر الحسين عليه السلام.
وفي شهر شوال، ليلة العيد، ويومها، وخصوصية فضيلته مغفرة الذنوب ما تقدم وما تأخر.
وفي شهر ذي الحجة، ثمان مخصوصات، او عشر مخصوصات: ليلة عرفة ويومها، وليلة الاضحى ويومها، وايام التشريق، ويوم نزول سورة الدهر " هل أتى "، ويوم الغديـر، بناء على خصوصية الزيارة له (ع) في كل عيد، وخصوصية الفضل في عرفة ان يسميه الله تعالى صدّيقا، ويسميه كروبيا، والحمد لله.
واصل الزيارة يعادل مع الحج وكذا الخطوات التي يخطوها بعد غسله من الفرات او مطلقا، فتبلغ معادلة اصل الزيارة الى الف الف حجة مع القائم صلوات الله تعالى عليه وعلى آبائه و عجل الله فرجه.
وألف ألف عمرة مع رسول الله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وبالنسبة للخطو نحو الزيارة يكتب الله تعالى له بعد الغسل والتوجه، بكل خطوة يخطوها حجة بمناسكها، وفي بعض الزيارات، كل قدم مائة حجة، كما مر.
وخصوصية فضيلة عيد الاضحى: وقاية شر سنة في الدنيا ومغفرة الذنوب ما تقدم منها وما تأخر.
وفي المحرم ليلة عاشوراء ويومها، ولا يبعد ان تكون زيارة يوم الثالث عشر مخصوصة ايضا، فإنه يوم دفنه صلوات الله تعالى عليه، وعلى الارواح التي حلّت بفنائه.
وخصوصية فضل زيارة عاشوراء الدخول في زمرة الشهداء، والتلطخ بدم الامام الحسين عليه السلام واذا زار ليلة عاشوراء وبات عنده وسقى عنده الماء في ذلك الوقت كان كمن سقى عسكر الحسين عليه السلام، يوم عاشوراء.
وفي شهر صفر، يوم العشرين منه، وهو المسمى بالاربعين خصوصية فضل زيارته هذه تعد من علائم الايمان.
مسألة: ما الافضل من هذه الزيارات؟
اقول: كلما نظرت الى كل واحدة من هذه الفضائل رأيت فيها خصوصيات، ليست على نهج واحد، فلا يعلم الفاضل من المفضول فإذا لاحظت كل واحدة يمكن ان يقال: انها الافضل.
وفي بعض الروايات ان الافضلية في النصف من شعبان، والنصف من رجب، ولعلها من حيثية خاصة.
والذي يظهر من ملاحظة مجموع الفضائل افضلية عرفة وعاشوراء والذي يترجح ان خصوصية زيارة عاشوراء التي ورد فيها - ان زائره يُحشر ملطخا بدم الحسين عليه السلام، في زمرة الشهداء - اعلى من كل خصوصية حتى مائة الف حجة، والف الف حجة مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، فإن في زيارة عاشوراء قد ورد ايضا مع هذه الخصوصية - خصوصية اخرى وهي: انه قد زار الله تعالى في عرشه. وهذا من احد معانيه انه يكون في لطف الله تعال وولايته ومعرفته، فيكون متنعما برحمته الخاصة – الرحمة الرحيمية.
الباب التاسع
في الابدال المجعولة لزيارته
لطفا من الله تعالى، لئلا تفوت فضيلة، وهي على اقسام:
الاول: الاستنابة لزيارته اما: من البلد، او بأن يجعل له نائبا يزور عنه هناك، فإن في ذلك اجر الزيارة، وان كان خروجه بنفسه اعظم اجرا.
الثاني: التجهيز لزيارته، وان لم يكن بعنوان النيابة عنه، فإن اصل تجهيز زائره واعطائه النفقة او الدابة او نحو ذلك مما يوجب ثواب الزيارة بنفسه كما دلت عليه الاخبار.
الثالث: زيارته من بُعد، فانها بدل عن زيارة القرب في الاجر والثواب، ورافعة للجفاء الحاصل بترك زيارته عليه السلام، كما وصف به غير المتمكن في الاخبار.
واما المتمكن التارك فانها رافعة لشدة الجفاء منه ايضا، ولها كيفيات متفاوتة في الفضيلة:
الاولى: ان يصعد فوق سطحه بقصد الزيارة، ثم يلتفت يمينه وشماله، ويرفع رأسه الى السماء، ثم يتحرى اي: الاجتهاد في الطلب نحو قبر الامام الحسيـن عليه السلام، ويقول:
" السلام عليـك يا أبا عبدالله، السلام عليك يا بن رسـول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، السلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته".
الثانية: أن يصعد أعلى منزله بنية الزيارة ويصلي ركعتين ويؤم بالسلام الى الحسين عليه السلام.
الثالثة: ان يغتسل للزيارة ويلبس أفخر ثيابه وأطهرها ويصعد الى أعلى موضع، أو الى الصحراء فيستقبل القبلة، ثم يتوجه الى القبر فيقول:
السلام عليك يا مولاي وابن مولاي، وسيدي وابن سيدي، السلام عليك يا مولاي الشهيد بن الشهيد والقتيل ابن القتيل، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، أنا زائرك يا بن رسول الله بقلبي ولساني وجوارحي، وان لم ازرك بنفسي مشاهدةً، فعليك السلام، السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم حبيب الله ونبيه ورسوله، ووارث علي أمير المؤمنين، ووصي رسول الله وخليفته، ووارث الحسن بن علي، وصي امير المؤمنين، لعن الله قاتلك، وجدّد عليهم العذاب في هذه الساعـة، وكل ساعة، انا يا سيدي متقرب الى الله عزوجل، والى جدّك رسول الله، والى ابيك امير المؤمنين، والى اخيك الحسـن، واليك يا مولاي عليكم سلام الله ورحمته بزيارتي لك بقلبي ولساني وجميع جوارحي، فكن يا سيدي شفيعي لقبول ذلك مني، وانا بالبرائة من اعدائك واللعنة لهم وعليهم اتقرب الى الله واليكم اجمعين، فعليك صلوات الله تعالى ورضوانه ورحمته ".
ثم تتحرك الى يسارك قليلا وتحول وجهك الى قبر علي بن الحسين (ع) وهو عند رجل أبيـه، وتسلّم عليه مثل ذلك.
ثم ادع الله تعالى بما احببت من أمر دينك ودنياك، ثم تصلي اربع ركعات، فإن صلاة الزيارة ثمان، او ست، او اربع، او ركعتان.
ثم تستقبل القبلة نحو قبر ابي عبدالله (ع) وتقول: " أنا مُودّعُـك يا مولاي وابن مولاي وسيدي وابن سيدي، ومودعك يا سيدي وانبن سيدي، يا علي بن الحسين، ومودعكم يا ساداتي يا معشر الشهداء، فعليكم سلام الله ورحمته ورضوانه ".
الرابع: زيارة زائره حين القدوم او استقباله فإن ذلك مما يحصل به ثـواب الزيارة، كما دلت عليه الاخبار.