المقصد الرابع
في خصائصه المتعلقه بالملائكة


وفيه مطالب:

الاول: فيما اعطاه الله عز وجل من الملائكة.

الثاني: فيما اعطاه من صفات الملائكة.

الثالث: فيما أعطي الملائكة منه عليه السلام.




المطلب الاول
فيما اعطاه الله تعالى من الملائكة


فنقول قد اعطاه من الملائكة ثلاثة اصناف:

الصنف الاول: الخادمون له ايام حياته.

فقد ورد في الروايات: انه تفاخر اسرافيل على جبرئيل بأنه صاحب حملة العرش والصور، وانه اقرب الملائكة مكانا، فافتخر جيرئيل بأنه أمين الوحي، والرسول الى الرسل، وصاحب القذف والخسف والصيحة والزلازل، فتحاكما الى الله تعالى، فأوحى اليهما: اسكتا، فوعزتي وجلالي لقد خلقت من هو خير منكما.

فقالا: أيكون ذلك وقد خلقتنا من نور عظمتك؟

فنظر الى ساق العرش فاذا هو عليه " لا إله إلا الله محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين خير خلق الله " فعند ذلك خجلا.

فقال جبرئيل: يا رب أسألك بحقهم عليك الا جعلتني خادمهم، فاستجاب الله له، فكان خادما لهم، وخاصة بالنسبة للحسين عليه السلام فانه كان يحرك مهده المبارك ويناغه.

ويقول:


ان في الجنة نهرا من لبنلعلي ولزهراء وحسين وحسن
كل من كان محبا لهميدخل الجنة من غير فتـن

وكان يأتي اليه بالثمار وبالحلي من الجنة مرارا، ويصبغ له ثوبه، وينزل بعزائه، ويحمل تربته المباركة.

وقد نزل الى الارض لأجله حين قتل مع انه لم ينزل بعد النبي (ص)، ففي الرواية عن السجاد عليه السلام انه لما قتل الحسين عليه السلام أتاهم وهم في العسكر فصرخ، فقيل له: مالك تصرخ، فقال: كيف لا اصرخ ورسول الله قائم ينظر الى الارض مرة، وينظر الى حزبكم مرة، وانا اخاف ان يدعو الله على اهل الارض فأهلك فيهم، فتنبه عند ذلك كثير منهم.

وقال عليه السلام: ذلك الصارخ جبرئيل، اما انه لو اُذن له فيهم لصاح فيهم صيحة يخطف بها ارواحهم، لكن امهلهم الله تعالى الى اجل معلوم.

هذا في بيان افضلهم خدمة، واما غير جبرئيل من الملائكة فقد وكلّ الله تعالى منهم خداما كثيرين له.

منهم: حملة تربته الى جدّه صلى الله عليه واله وسلم.

ومنهم: النازلون لتهنئته، وغير هؤلاء ممن يُعلمون من تضاعيف الحكايات والروايات.

الصنف الثاني: الانصار له (ع) فإن الملائكة قد جاؤوا لنصرته

في مواضع:

الاول: خارج المدينة، فانه لما سار منها لقيته افواج من الملائكة المسوّمة، في أيديهم الحراب، على نجب من نجب الجنة، فلسّموا عليه.

وقالوا: يا حجة الله على خلقه بعد جده وابيه واخيه، إن الله سبحانه امدّ جدك بنا في مواطن كثيرة، وان الله امدك بنا.

فقال لهم: الموعد حفرتي وبقعتي التي أستشهد فيها وهي كربلاء، فاذا اُوردتها فأتوني.

فقالوا: يا حجة الله مُرنا نسمع ونطع! فهل تخشى من عدو يلقاك فنكون معك؟

فقال عليه السلام: لا سبيل لهم عليّ ولا يأتوني بكريهة أو أصل بقعتي.

الثاني: في مكة، كما عن الواقدي وزرارة بن صالح، قالا: لقينا الحسين بن علي عليهما السلام، قبل خروجه الى العراق بثلاثة ايام، فأخبرناه بهوى الناس بالكوفة، وان قلوبهم معه، وسيوفهم عليه، فأومأ بيده نحو السماء، ففتحت أبواب السماء، ونزل من الملائكة عدد لا يحصيهم الا الله تعالى.

فقال عليه السلام: لولا تقارب الاشياء، وحبوط الأجر، لقاتلتهم بهؤلاء، ولكن أعلم يقيناً ان هناك مصرعي ومصرع اصحابي، ولا ينجو منهم الا ولدي علي.

الثالث: في كربلاء، فإنه لما ضاق الامر أتوه، ورفرف النصر على رأسه عليه السلام، فخير بين النصر ولقاء الله تعالى، فاختار لقاء الله تعالى.

الصنف الثالث: المشتغلون بخدماته والامور المتعلقة به عند قبره الطاهر، ولهم اعمال ومشاغل مختلفة

وهم في ذلك فرق عديدة:

الفرقة الاولى: المجاورون لقبره الشريف شعثا غبرا الذين شغلهم البكاء عليه، فهم يبكونه الليل والنهار لا يفترون، وهم أربعة آلاف.

الفرقة الثانية: المنادون على قبره كل صباح: " يا باغي الخير أقبل الى خالصة الله، ترحل بالكرامة، وتأمن الندامة، فتنعطف عليه الملائكة ".

الفرقة الرابعة: المنادون لزائره اذا انقلب من عنده: طوبى لك ايها العبد، قد غنمت وسلمت وقد غفر لك فاستأنف العمل.

الفرقة الخامسة: زواره وبُكاته الذين يأتون اليه ويبقون عنده، ثم يصعدون، وهم ايضا اربعة الاف في كل يوم غير السابقين لهم.

الفرقة السادسة: المصلّون عليه وهم مائة ألف ملك من كل سماء في كل يوم وليلة.

الفرقة السابعة: الذين شغلهم الاستغفار لزواره.

الفرقة الثامنة: المصافحون لملائكة الحائر، وهم ملائكة الليل والنهار من الحفظة يحضر ملائكة الحائر فيصافحونهم ثم يصعدون.

الفرقة التاسعة: المبلّغ لسلام البعيد اليه، وهو فطرس قد خصّه الله تعالى بذلك من يوم عاذ بمهده.

الفرقة العاشرة: المصلّون على زواره.

الفرقة الحادية عشر: الموسمة لزواره بميسم نور الله تعالى هذا زائر قبر خير الشهداء، فيُعرفون يوم القيامة بهذا النور، فيأخذ النبي الاكرم) ص) وجبرئيل (ع) بأعضادهم.

الفرقة الثانية عشر: الآخذون بدموع الباكين عليه عليه السلام.

ففي الحديث: ان الملائكة يتلقون الدموع المصبوبة فيمزجونها بماء الحيوان فيزيد في عذوبته.

الفرقة الثالثة عشر: القائمون المرتعدة مفاصلهم الى يوم القيامة فزعا من مرور الحسين عليه السلام، وهم في كل سماء سبعون ألفا، على ما في حديث أبي ذر الغفاري رضوان الله تعالى عليه.

الفرقة الرابعة عشر: الانصار له في رجعته، وهم الذين استأذنوا الله تعالى في نصرته لما اشتد الامر عليه فأذن لهم.

فمكثوا يستعدون ويتأهبون، فلما نزلوا رأوه قتيلا

فقالت الملائكة: يا رب أذنت لنا في الانحدار ونصرته فاعذرنا وقد قبضته.

فأوحى الله تعالى اليهم: الزموا قبته حتى توارونه، واذا خرج فانصروه، وابكوا عليه على ما فاتكم من نصرته، فمكثوا هناك يبكون، فإذا خرج كانوا من أنصاره.

أقول: اذا بكى أحد من شيعته فالبكاء نصرة له، لذا ارجو ان يكون الباكي من هذه الملائكة.

الفرقة الخامسة عشر: الذين يبلغون السلام من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم على الزائر له، كما في الرواية.

الفرقة السادسة عشر: ما في رواية عقبة، عن ابي عبدالله (ع) قال: سمعته يقول: وكلّ الله تعالى بقبر الحسين عليه السلام سبعين ألف ملك يعبدون الله عنده، الصلاة الواحدة من صلاة أحدهم تعدل ألف صلاة من صلاة الآدميين، يكون ثواب صلاتهم لزوار الامام الحسين عليه السلام.

الفرقة السابعة عشر: الذين يشيّعون زواره بأمر من الله تعالى، ثم يقولون: ربنا هذا عبدك قد وصل داره، فيؤمرون بأن يكونوا عند باب داره يعبدون الله عنه، فيفعلون ذلك، حتى اذا مات ذلك الزائر

يقولون: ربنا إن عبدك قد مات، فيوحي الله تعالى اليهم: أن زوروا الحسين عليه السلام عنه الى يوم القيامة.

الفرقة الثامنة عشر: الذين يبقون بعد وفاة الزائر مجاورين لقبره الشريف يستغفرون له الى يوم القيامة.

الفرقة التاسعة عشر: الحافـّون حول حرمه المبارك، وهم كل يوم ألف ملك الى يوم القيامة.

الفرقة العشرون: الضاجّون الى الله تعالى في أمره، وهم جميع الملائكة دفعة بضجيج واحد.

وذلك لما وقع صلوات الله تعالى عليه وكان طريحا، ثم قطع رأسه الشريف.

فعن أبي جعفر (ع) قال: انه لما ضجت الملائكة كلهم ضجة واحدة بالبكاء والنحيب، وقالوا: إلهنا وسيدنا هذا الحسيـن صفـّيك وابن نبيك وخيرتك من خلقك.

فأوحى الله اليهم: قرّوا ملائكتي، فوعزتي وجلالي لأنتقمن منهم ولو بعد حين.

ثم كشف الله تعالى عن الأئمة من وُلد الحسين عليه السلام، فأقام الله لهم ظل القائم عُجّل فرجه وصلوات الله عليه، وهو قائم يصلي، فقال الله لذلك القائم: انتقم منهم.

الفرقة الحادية والعشرون: الذين حملوا تربته المباركة بعد قتله الى السموات، وذلك ان ملكا من ملائكة الفردوس نزل على البحر، ونشر أجنحته على كل البحار، ثم صاح يا أهل البحار البسوا أثواب الحزن، فإن فرخ الرسول مذبوح، ثم حمل من تربته على اجنحته الى السموات، فلم يبقى ملك إلا شمها وصار عنده منها أثر.

الفرقة الثانية والعشرون: الملائكة الذين نزلوا لتجهيزه وغسله وحنوطه وتكفينه، على ما سنذكره في عنوان إقامة التجهيز له (ع) إن شاء الله تعالى.




المطلب الثاني
فيما اتصف به (ع) من صفات الملائكة


وليس المقصود انه اتصف بصفة واحدة منهم، فإن ذلك ليس بفضيلة بالنسبة اليه عليه السلام، بل إن المراد أنك اذا لاحظت مجموع الملائكة الذين هم أكثر من جميع المخلوقات، ولاحظت مجموع عباداتهم بأنحائها المختلفة التي لا تحصى، من اول خلقهم الى أبد الدهر، تجد أن الامام الحسين عليه السلام قد جمع اعمال ملائكة الله تعالى في يوم واحد.

فاستمع لبعض صفات الملائكة كما بيّنها الامام امير المؤمنين علياً عليه السلام في بيان اصناف الملائكة:

" منهم سجود لا يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافون لا يتزايلون، ومسبحون لا يسأمون، لا يغشاهم نوم العيون، ولا سهو العقول، ولا فترة الابدان، ولا غفلة النسيان، ومنهم أمناء على وحيه، وألسنة الى رسله، ومختلفون بقضائه وأمره، ومنهم الحفظة لعباده، والسدنة لأبواب جنانه، ومنهم الثابتة في الارضين السفلى أقدامهم، والمارقة من السماء العليا أعناقهم، والخارجة من الاقطار أركانهم، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم ".

فاقول: اذا لاحظت السيد المظلوم، الامام الغريب الشهيد، وجدته عابداً بعبادة جميع الملائكة الذين لكل منهم مقام معلوم، ونوع واحد من العبادة، فجمعها عليه السلام كلها.

فقد سجد لله تعالى سجودا لم ينتصب منه وركع لله تعالى ركوعا بقي على هيئته لا يتزايل، وقام في ليلة عاشوراء يعبد ربه تعالى لا يغشاه نوم العيون، ولا سهو العقول، وأتعب نفسه يوم عاشوراء بمتاعب أعمال وافعال، وذهاب وإياب، وحرب وضرب، وكرّ وحملات، ونداءات وإغاثات واستغاثات بالاضافة على إلقاء الحجة للقوم.

ولم يعرضه عليه السلام في ذلك فترة الأبدان، كأن هذا البدن ليس من عالم هذه الاجسام.

واذا لاحظته عليه السلام واصحابه - من وصفهم في طاعته على ماذكرناه في اشارة سورة الصافات - علمت ان الامام الحسين (ع) واصحابه هم الصافون لا يتزايلون.

وقال امير المؤمنين صلوات الله عليه في بيان صفات الملائكة

ايضا:

" قد ذاقوا حلاوة معرفته، وشربوا بالكأس الروية من محبته، وتمكنت من سويداء قلوبهم وشيجة خيفته، فحنَوا بطول الطاعة اعتدال ظهورهم، ولم يُنفد طول الرغبة اليه مادة تضرعهم، ولا اطلق عنهم عظيم الزلفة ربق خشوعهم، ولم يتولهم الاعجاب فيستكثروا ما سلف منهم، ولاتركت لهم استكانة الاجلال نصيبا في تعظيم حسناتهم، ولم تجر الفترات فيهم على طول دؤوبهم، ولم تغض رغباتهم فيخالفوا عن رجاء ربهم، ولم تجف لطول المناجاة أسلات ألسنتهم، ولا ملكتهم الأشغال فتنقطع بهمس الجؤار اليه أصواتهم، ولم تختلف في مقاوم الطاعة رقابهم، ولا تعدو على عزيمة جدهم بلادة الغفلات......الخ "

اقول: اذا نظرت بعين الحقيقة وجدت ان حلاوة المعرفة هي التي ذاقها الامام الحسين عليه السلام، وكأس المحبة هي التي شربها امامنا الحسين صلوات الله تعالى عليه.

فقد ذاق (ع) حلاوة معرفة لم يجد معها مرارة ما اجتمع عليه من جميع مرارات الدنيا، قلباً وروحاً وجسداً، ظاهرا وباطنا، فقال عليه السلام: قد طاب لي الموت.

وقد شرب كاساً روية من محبته، فلم يؤثر في حبة قلبه الطاهر العطش المؤثر في شفتيه حتى يبّسهما، وفي لسانه حتى حصل اللوك فيه فتجرح من كثرة اللوك، وفي كبده حتى تفتت، وفي عينيه حتى حال بينه وبين السماء كالدخان، فكان (ع) بيد الرسول (ص) معدّاً له، على ما خابره به ولده علي الاكبر (ع)، كان من نوع ماء هذا الكأس الروية، او جمعا للماء الظاهري والباطني.

واذا تأملت بعين البصيرة قوله (ع) في صفة المائكة: " وحنوا بطول الطاعة اعتدال ظهورهم "، لعلمت افراده وأحق مصاديقه الحسين عليه السلام.

فإنه الذي قد حنى بطاعة في ضمن ساعة اعتدال ظهره، وهو الذي حنى قامته بتحمل سهم مثلت مسموم، نفذ من قلبه واخرجه من ظهره، حتى خرج الدم المبارك الطاهر منه كالميزاب، وأضاف الى حنو ظهره في طاعته فصل أوصاله وتقطعها جميعا.

واذا تدبرت حق التدبر وجدت ان اعظم مصاديق قوله (ع): " ولم ينفد طول الرغبة اليه مادة تضرعهم ": هو الامام الحسين عليه السلام، فان معناه: انهم لا يلاحظون حصول مطلبهم لتقطع مادة تضرعهم كسائر أهل المطالب، وانما يريدون التضرع ويحبونه لنفسه، ماداموا أحياء.

وللحسين عليه السلام خصوصية في هذه الصفة الخاصة فاقت الملائكة، وهي انه لم يُرِد انقطاع تضرعه مادام حياً، بل قد تحمل لله تعالى حصول المصائب حتى بعد وفاته بجسده بأنواع المصائب، وبرأسه بأنواعها، وبقبره بأنواعها، وقد نوى ذلك في حياته.

فلاحظ الرضّ لجسده وقطع يديه منه بعد وفاته، والقرع على شفتيه ولسانه، والإدارة برأسه في البلدان وجعل كل ذلك من عباداته كما يظهر من كلماته، وهذه ذرة في المقام من المقال، وبقي الباقي في الخيال، والله المتعال.




المطلب الثالث
فيما أعطي الملائكـة منه صلوات الله تعالى عليه


وهي أمور:

الاول: أنه جُعل شفيع من أذنب منهم، فشفعه في فطرس ودردائيل.

الثاني: انه جعل قبره معراجا لهم، كما في الرواية.

الثالث: انه جعل منبع فيض لهم، ينالون بخدماته مالا ينالونه في تسبيحهم وتقديسهم.

ولذا قال لهم تبارك وتعالى: اني اعلم مالا تعلمون لما قالوا " ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك "، فكان حصول الفيض لهم - ايضا - مما خفي عنهم ثم علموه بعد ذلك.

ثم انه سبحانه وتعالى قد جعل لهم اسبابا لعلوّ درجتهم مما يتعلق بالامام الحسين عليه السلام بطرق مختلفة بالنسبة الى البكاء عليه (ع (وزيارته وزواره ومزاره، كما عُلم من تفاصيل ما أعطاه للملائكـة.

واخيرا: يوجد هناك ملاحظة لا بد من تبيانها: وهو ان لا ننسى بعد ما تقدم ان هناك حديثا ما مضمونه: ان الانسان بإمكانه ان يكون افضل من الملائكة او ان يكون دون البهائم وهو لانه يمتلك عقلا وشهوة والملائكة لا يمتلكون الشهوة انما خـُلقوا من النور، والحيوانات تمتلك الشهوة فقط، فإذا غلبت الشهوة على عقل الانسان فانه دون البهائم والبهائم تمتاز عليه.

فاذا غلب عقل الانسان على شهوته فإنه افضل من الملائكة حيث الملائكة في طاعة الله تعالى ولا شهوة لها، فكيف بمن هم معصومون مطهرون بنص من القران المجيد والسنة النبوية، وصلى الله على محمداً المصطفى وآله الأطهار.

انتهى العنوان التاسع






العنوان العاشر
في خصائصه مما يتعلق بأنبياء الله تعالى العظام


وفيه مقاصد:

الاول: فيما اعطاه من صفاتهم.

الثاني: فيما اعطاهم منهم عموما.

الثالث: فيما خصه من فضائلهم الخاصة وابتلاءاتهم المخصوصة وفي هذا المقصد ابواب.

الرابع: فيما اعطاهم من الحسين عليه السلام.




المقصد الاول
فيما اعطاه من صفاتهم


من صفاتهم في الروايات ان الله تعالى قد خصّ انبياءه بإثتني عشرة صفة، وقد ذكرنا في صفات الحسين (ع) انها ثابتة له على اكمل وجه، ومن جملة صفات الانبياء: ان الله قد ابتلى عباده، بأن جعلهم ضعفاء فيما يرون من حالات ابتلاءاتهم، ولم يجعل معهم اوضاعا دنيوية، وقد اجتمعت جميع حالات ابتلاءاتهم، في وقوف الحسين (ع) يوم عاشوراء بتلك الحالات، وقد تقابل هذا الابتلاء للناس باجتماع حالات في الحسين (ع) يتبين فيها حقيقة الاخلاص لله تعالى، وانه لا يشوبه شائبة من غير الله تعالى.

ولذا اتصف اتباعه: بأنهم سادات الشهداء واولياء الله واصفياؤه وأوداؤه.

ومن جملة خصائص الانبياء: انه ما عاش اي منهم الا وقد ابتلي بفقر او جوع او عطش او عُري او ضرب او قتل او اذى او استخفاف، وقد ابتلي كل واحد بواحدة من هذه الصفات، ففيهم من مات جوعا، وفيهم من مات عطشا.

وقد اجتمعت جميع هذه الصفات في الحسين عليه السلام، ولم تجتمع في غيره، ولو اجتمع في بعضهم اكثرها فقد سلم من بعضها الاخر، وقد اختص الحسين (ع) بأنه لم تكن له صفة سلامة من بلاء ابدا.

ومن صفات الانبياء جميعهم، انه لم يستشم من ابدانهم رائحة السفرجل، كما في الحديث.

والحسين (ع) كانت رائحته التفاح، لحديث التفاحة التي كانت معه الى أوان شهادته، والى الان تستشم من قبره المبارك رائحة التفاح، يجدها المخلص من شيعته، خصوصا وقت السحر، كما في الرواية.




المقصد الثاني
فيما اعطاه منهم عموما


وهو من وجوه:

الاول: انهم زاروا مدفنه، ففي الحديث انه ما من نبي الا وقد زار كربلاء، ومن لم يذهب هناك فقد أسري به اليه، كما قال النبي المصطفى (ص): اسري بي في هذا الوقت الى موضع من العراق، يقال له كربلاء، فاُريت فيه مصرع الحسين بن علي.

الثاني: ان لهم في جميع الدهر اوقاتا مخصوصة، يزورونه جميعهم الى يوم القيامة، منها ليلة القدر، ومنها ليلة النصف من شعبان.