الصفحة 154
وذكر الطحاوي (إن بني أمية كانوا يتركون التكبير في الخفض دون الرفع، وما هذه بأول سنة تركوها).

وروى النسائي في سننه، والبيهقي في السنن الكبرى، عن سعيد بن جبير قال: كان ابن عباس بعرفة فقال: يا سعيد! مالي لا أسمع الناس يلبون؟ فقلت: يخافون معاوية. فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال: لبيك اللهم لبيك، وإن رغم أنف معاوية، اللهم العنهم فقد تركوا السنة من بغض علي.

وقال السندي في تعليق سنن النسائي: (من بغض علي) أي لأجل بغضه، أي وهو كان يتقيد بالسنن فهؤلاء تركوها بغضا له.

وروى الطبري وكنز العمال عن ابن عباس قال (لعن الله فلانا إنه كان ينهى عن التلبية في هذا اليوم يعني يوم عرفة، لأن عليا كان يلبي فيه).

وروى أبو داود في سننه قال (وفد المقدام بن معدي كرب وعمرو بن الأسود ورجل من بني أسد من أهل قنسرين إلى معاوية بن أبي سفيان، فقال معاوية للمقدام: أعلمت أن الحسن بن علي توفي؟ فرجع المقدام فقال له معاوية أتراها مصيبة؟ فقال: ولم لا أراها مصيبة؟ وقد وضعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجره فقال: هذا مني وحسين من علي.

فقال الأسدي: جمرة أطفأها الله عز وجل قال فقال المقدام: أما أنا فلا أبرح اليوم حتى أغيظك وأسمعك ما تكره، ثم قال: يا معاوية! إن أنا صدقت فصدقني. وإن أنا كذبت فكذبني، قال: أفعل. قال فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن لبس الحرير؟ قال: نعم. قال: فأنشدك بالله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن لبس الذهب؟ قال نعم. قال: فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها؟ قال: نعم. قال فوالله لقد رأيت هذا كله في بيتك يا معاوية! فقال معاوية: قد علمت أني لن أنجو منك يا مقدام!).


الصفحة 155
هذه بعض المخالفات العلنية قام بها معاوية أمام كل الناس دون أن يخشى من أحد، ولقد تبين من عدد كبير من الروايات، أن معاوية كان يقوم بممارسة وتطبيق تلك المخالفات ويدعوا إليها ليخالف أمير المؤمنين عليا عليه السلام الذي كان المثل الأعلى في الإلتزام بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله.

ولقد كان معاوية يعلن صراحة أن كل ما يظهر من علي وأتباعه فخالفوه، ومن ينظر في كتب الفقه والفقه المقارن، يتبين له بوضوح أن الأحكام والسنن التي طبقها أمير المؤمنين عليه السلام متبعا بذلك أمر الله تعالى وأمر رسوله بتفصيله الكامل، كان معاوية ومن أسس له يخالفون ذلك ويطبقون عكسه تماما، ويعلنون مخالفة ذلك صراحة، فكما مر في رواية سابقة تجد أن معاوية ترك التلبية بغضا لعلي عليه السلام.

فتغيرت الأحكام والعقائد والسنن بما يخالف أمر الله وأمر رسوله ولا يرضيه تعالى، واستبدلت بما يرضي معاوية وأشياخه ومن والاه حقدا وبغضا لعلي وأهل البيت عليهم السلام، وكأن الدين والشرع ليس من الله تعالى، حتى أن الذين جاؤوا بعد معاوية من علمائهم، يرفضون كل الأحكام التي ظهرت وتميز بها مذهب أهل البيت عليهم السلام، ويعلنون رفضها ويغيرونها حتى وإن كانت بما يأمر به الشارع المقدس.

وإليك بعض صور تغيير الأحكام والتي خالفها العلماء، الذين ساروا على خطى معاوية، وأعلنوا مخالفتهم لها لأن أهل البيت وشيعتهم طبقوها.

فمنها حذف بسم الله الرحمن الرحيم من الفاتحة وغيرها من سور القرآن الكريم في الصلاة، وذلك أن معاوية هو الذي فعل ذلك بالرغم من الأدلة العقلية والنقلية المتضافرة والتي تدل على أن البسملة آية من الفاتحة.

وكذلك تغيير أفعال الوضوء بما يخالف القرآن الكريم حيث فرض الغسل بدل المسح الذي أمر الله تعالى به وفعله رسول الله وعشرات الصحابة ولأن الإمام

الصفحة 156
علي عليه السلام وأهل البيت التزموا بهذا الأمر الإلهي فقد خالف أتباع معاوية ويزيد ذلك، حسدا وبغضا لعلي وأهل البيت عليهم السلام.

وكذلك الكثير من أحكام الصلاة تغير، وحذف من الأذان جملة حي على خير العمل لأنها صارت شعارا لعلي عليه السلام وشيعته.

وتغيرت أحكام الصوم من ناحية توقيت الإفطار لأن أهل البيت عليهم السلام وحسب القرآن الكريم يتمون الصيام إلى الليل، فخالفهم أتباع معاوية في ذلك، وكذلك بالنسبة إلى مواقيت الصلاة، والكثير من أحكام الحج وأنواعه كلها تغيرت حسدا وبغضا لعلي عليه السلام.

وعلى هذا سار من جاء بعد فترة معاوية ويزيد فإنهم اتبعوا تلك السياسة في كل نواحي الحياة، فكانوا يغيرون ماهو ثابت في السنة الشريفة لأن عليا وأهل البيت وشيعتهم يطبقون ذلك الثابت من سنة رسول الله وشريعة رب العالمين حسدا وبغضا لأهل البيت وأتباعهم.

اتباع العلماء سنة تغيير الأحكام بغضا لعلي:

قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن الدمشقي في كتاب رحمة الأمة في اختلاف الأئمة المطبوع بهامش الميزان للشعراني 1: 88، قال (السنة في القبر التسطيح، وهو أولى على الراجح من مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: التسنيم أولى لأن التسطيح صار شعارا للشيعة).

وقال الغزالي والماوردي (إن تسطيح القبور هو المشروع لكن لما جعلته الرافضة _ أي أتباع مدرسة أهل البيت_ شعارا لهم عدلنا عنه إلى التسنيم).

وقال مصنف الهداية من الحنفية (إن المشروع التختم في اليمين ولكن لما اتخذته الرافضة جعلناه في اليسار).

وأول من اتخذ التختم باليسار خلاف السنة هو معاوية كما في ربيع الأبرار للزمخشري.


الصفحة 157
وقال الحافظ العراقي في بيان كيفية إسدال طرف العمامة (فهل المشروع إرخاؤه من الجانب الأيسر كما هو المعتاد أو الأيمن لشرفه؟. لم أر ما يدل على تعيين الأيمن إلا في حديث ضعيف عند الطبراني، وبتقدير ثبوته فلعله كان يرخيها من الجانب الأيمن ثم يردها إلى الجانب الأيسر كما يفعله بعضهم، إلا أنه صار شعارا للإمامية، فينبغي تجنبه لترك التشبه بهم. شرح المواهب للزرقاني 5: 13.

وقال الزمخشري في تفسيره 2: 439 (القياس جواز الصلاة على كل مؤمن لقوله تعالى: هو الذي يصلي عليكم. وقوله تعالى: وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم. وقوله صلى الله عليه وسلم: أللهم صل على آل أبي أوفى. ولكن للعلماء تفصيلا في ذلك وهو: إنها إن كانت على سبيل التبع كقولك صلى الله على النبي وآله فلا كلام فيها، وأما إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة كما يفرد هو فمكروه، لأن ذلك شعار لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه يؤدي إلى الاتهام بالرفض، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم).

وقال ابن تيمية في منهاجه 2: 143 عند بيان التشبه بالروافض (ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعارا لهم، فإنه وإن لم يكن الترك واجبا لذلك لكن في إظهار ذلك مشابهة لهم فلا يتميز السني من الرافضي، و مصلحة التمييز عنهم لأجل هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحب).

وقال ابن حجر في فتح الباري 11: 142: تنبيه (اختلف في السلام على غير الأنبياء بعد الاتفاق على مشروعيته في تحية الحي، فقيل: يشرع مطلقا. وقيل: بل تبعا ولا يفرد لواحد لكونه صار شعارا للرافضة. ونقله النووي عن الشيخ أبي محمد الجويني).

وقال الشيخ إسماعيل البروسوي في تفسيره روح البيان 4: 142 (قال في عقد الدرر واللئالئ: المستحب في ذلك اليوم - يعني يوم عاشوراء - فعل الخيرات من الصدقة والصوم والذكر وغيرهما، ولا ينبغي للمؤمن أن يتشبه بيزيد الملعون في بعض الأفعال، وبالشيعة والروافض والخوارج أيضا. يعني لا يجعل

الصفحة 158
ذلك اليوم يوم عيد أو يوم مأتم، فمن اكتحل يوم عاشوراء فقد تشبه بيزيد الملعون وقومه، وإن كان للإكتحال في ذلك اليوم أصل صحيح، فإن ترك السنة سنة إذا كان شعارا لأهل البدعة كالتختم باليمين فإنه في الأصل سنة لكنه لما كان شعار أهل البدعة والظلمة صارت السنة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا كما في شرح القهستاني).

ومن قرأ يوم عاشوراء وأوائل المحرم مقتل الحسين رضي الله عنه، فقد تشبه بالروافض، خصوصا إذا كان بألفاظ مخلة بالتعظيم لأجل تحزين السامعين.

وفي كراهية القهستاني: لو أراد ذكر مقتل الحسين ينبغي أن يذكر أولا مقتل سائر الصحابة لئلا يشابه بالروافض.

ثم إنه لما جاء عصر تدوين الحديث، كان من أهم شروط الراوي أن يكون من أتباع ومؤيدي معاوية وأشياخه وسياساته، وأن يكون مبغضا للإمام علي عليه السلام، وكذلك اشترطوا في راوي الحديث أن لا يكون من محبي الإمام علي عليه السلام وأن لا يكون من أتباعه عليه السلام. ومن أراد معرفة أحوال الرجال وشروط قبولهم أو رفضهم بحسب حبهم أو بغضهم لأمير المؤمنين عليه السلام، فليراجع كتابنا سبيل المستبصرين تحت بحث اغتيال السنة النبوية، وليراجع أيضا كتب علم الرجال وأحوالهم عند أهل السنة يجد حقيقة شروط قبول الراوي أو رفضه أنها كانت ولا زالت بحسب حب أو بغض أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام.

فما الذي تحقق نتيجة لهذه الشروط؟.

إن الذي تحقق من ذلك، أن دونت السنة بعد القرن الثاني للهجرة أي بعد انقطاع كبير فيما بين عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وعصر التدوين، فدون في الكتب الكثير مما وضعه الوضاعون وأرادته السلطة الحاكمة، وثبتت أشياء لم تكن من سنة رسول الله بل مما فرضه الوضاعون بأمر الحكام.

ثم جاء علماء المذاهب الإسلامية التي وجدت بعد القرن الثاني الهجري، وأسسوا مذاهبهم على أصل ما وصل إليهم من إرادة معاوية ويزيد وأشياخهم، وبنوا أحكام مذاهبهم على ذلك، وأغلق باب الإجتهاد، وفرض الحكام على

الصفحة 159
المسلمين علماء من علماء السلاطين، ولم يجيزوا أخذ الفتوى إلا منهم، وقالوا لا يفتى ومالك في المدينة، مع العلم أن الإمام جعفر بن محمد الصادق كان في نفس الوقت في المدينة المنورة، لكن الحاكم وبأمره ذاك قام بعزل الإمام عن دوره في تبيان الهدى للناس، ثم فرض كتاب الموطأ على الناس وقيل أنه الكتاب الثاني بعد كتاب الله، ثم بعد ذلك فرضت كتب أخرى كصحيح البخاري واعتبر أفضل كتاب بعد كتاب الله، ومرة صار صحيح مسلم في تلك المرتبة ومرة أخرى صار كتاب سنن أبي داوود حائزا تلك الدرجة الرفيعة من الإعتبار، وفي فترة من فترات الحكم العباسي منع الناس من تسمية أبناءهم بإسم علي، وصار تداول الإسم ممنوعا وكل من سمى ابنه بإسم علي يعتبر خارجا عن القانون.

وهكذا ثبتت قواعد فصل الكتاب عن العترة الطاهرة، وصار الناس لا يعرفون إلا ما فرضه الحكام عليهم من العلماء وحتى من الحديث النبوي أو ما يتبناه الحاكم من مذاهب في العقائد والأحكام التي أسس لها في عصر معاوية وعصر الوضاعين، فصار عامة الناس لا يتبعون إلا ما تقرره أجهزة الخلفاء ولا يعرفون غيره، وبالتالي استكملت الأدوار التي أرادها أعداء الإرادة الإلهية.

فلربما يتعبد المسلم بحكم يعتبره شرعيا وهو في الأصل من وضع أجهزة السلطة فيما مضى، وهو في الحقيقة بعيد عن خط الهداية خط السنة النبوية الصحيحة، وربما يكون الواجب متروكا وما يفعله مخالف له والعكس ربما يكون أيضا صحيحا أي أنه تفعل أمور على أنها واجبات وهي في الأصل ليست كذلك.

وكل ذلك نتيجة لتحدي ومحاربة الإرادة الإلهية في ولاية أهل البيت عليهم السلام ومخالفة وصية رسول الله صلى الله عليه وآله، وترك العمل بحديث الثقلين، الذي هو الضمانة الأكيدة في إتباع الهدى واجتناب الضلال.

ولذلك فإن كل ما وصلت إليه الأمة من التخلف والضياع والضلال، كان نتيجة لفصم العروة الوثقى الكتاب وأهل البيت عليهم السلام، وطمس حقيقة الصراط المستقيم، وعزل وإقصاء أهل البيت عن دورهم المجعول من الله سبحانه وتعالى في هداية الناس وتبصيرهم وإرشادهم إلى حقيقة دين ومنهج الله العظيم.


الصفحة 160
إن المدقق في المراحل التي تلت عملية السب والشتم وإعلان ذلك على المنابر، يتبين له حقيقة الإنحراف والتغيير والتبديل التي حصلت في الأمة، فكيف لأمةٍ أن تهتدي وهي تحارب الله ورسوله وأهل البيت وشيعتهم؟. وكيف لأمة أن تنجو من الضلال والهلاك وهي لم تركب سفينة أهل البيت عليهم السلام، بل وعملت على تحطيمها وإغراقها؟.

وكيف لأمة أن تهتدي إلى الحق والصواب والهدى، وقد عملت ولا زالت تعمل على فصل الكتاب عن العترة الطاهرة، وعملت ولا زالت تعمل على محاربة أهل البيت وشيعتهم؟.

حتى إن الواحد منا اليوم ونحن في القرن الواحد والعشرين، لا يجرؤ أن يذكر حديث الثقلين، أو أي حديث يتعلق بفضائل أهل البيت عليهم السلام، ولا يجرؤ على إظهار ولايته وتمسكه بأهل البيت عليهم السلام.

إنني أدعو كل المسلمين إلى ضرورة مطالعة هذه المرحلة من التاريخ، حتى يكتشفوا حقيقة ماهم عليه، وحتى يتعرفوا على حقائق لطالما عمل العلماء على إخفائها وتغييبها عن المسلمين، حتى لا يتبين الرشد من الغي، فهناك العشرات من المؤلفات التي تبحث المرحلة بتفاصيلها، ومن أهمها كتاب من حياة معاوية للعلامة الأميني وعشرات غيرها. حيث تبين وتوضح كيفية تطبيقات معاوية بن أبي سفيان لعملية ملاحقة وقتل أهل البيت وشيعتهم في العراق واليمن ومكة والمدينة وغيرها من أمصار المسلمين من خلال بعثاته المتلاحقة والتي كان يقودها عدد كبير من صحابة رسول الله كبسر بن أبي أرطأة وسمرة بن جندب والمغيرة بن شعبة وأبي هريرة وزياد بن سمية وغيرهم.

لقد بالغ معاوية في تشويه صورة أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام، واستخدم كما ذكرنا عددا كبيرا من الصحابة الذين كانوا من بطانته، مثل أبي هريرة وعمرو وسمرة وغيرهم، حيث أنهم ساعدوه كثيرا في وضع روايات عن رسول الله صلى الله عليه وآله تخدم مخططاته وترسخ له قواعد الدولة الأموية وقواعد الدين الجديد، وسأقدم بعض النماذج من عمليات الوضع

الصفحة 161
تلك التي كان لها الدور الكبير في إبعاد دور أهل البيت عن الحياة وطمس حقيقتهم وأحقيتهم.

روى بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قال (أعطى معاوية بن أبي سفيان سمرة بن جندب من بيت المال أربعمائة ألف درهم على أن يخطب في أهل الشام بأن قوله تعالى {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} إنها نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام. وإن قوله تعالى {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله}. نزلت في ابن ملجم أشقى مراد).

روى في شرح نهج البلاغة قال (لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة، جاء إلى مسجد الكوفة، فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مراراً!! وقال يا أهل العراق أتزعمون أني أكذب على الله ورسوله وأحرق نفسي بالنار؟. والله لقد سمعت رسول الله يقول: إن لكل نبي حرماً، وإن المدينة حرمي، فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، قال وأشهد بالله أن علياً أحدث فيها!!. فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة المدينة).

وقد توضحت عمليات وضع الحديث من خلال قراءة كتاب معاوية، حيث أمر بإشاعة فضائل لأشخاص لم يجعل الله تعالى لهم فضيلة، وطمس كثيرا من الفضائل لشخصيات رفعها الله تعالى، وجعل الإيمان في فئة والنفاق في فئة أخرى، ووضع أحاديث في أحكام معينة تخدمه وتخدم حكومته، وشطب كل ما يعتبر ضده وضد دولته وسلطته، بل واستطاع أن يحول كل ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وآله في حقه من ذم ولعنات إلى فضائل، والناس اليوم تبع لكل ما ورد في كتابه المشؤوم.

ثم إن من جرائم معاوية ضد علي عليه السلام وشيعته قتل الصحابي الجليل حجر بن عدي الأنصاري وأصحابه الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه

الصفحة 162
وآله (سيقتل بعذراء أناس، يغضب الله لهم وأهل السماء). رواه السيوطي وابن حجر.

وذنبهم أنهم رفضوا البراءة من علي بن أبي طالب عليه السلام، وكانوا من الثابتين على الوفاء بعهدهم بالتمسك بالكتاب والعترة الطاهرة، حتى أنهم كانوا يفضحون ويكشفون كل مخازي وانحرافات معاوية بن أبي سفيان وبطانته ومن والاه، لا يخشون في الله لومة لائم.

ومن جرائمه أيضا قتل عمرو بن الحمق ومحمد بن أبي بكر، وما كانت تهمتهم إلا مولاة أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السلام، والثبات على ذلك طلبا لمرضاة الله تعالى.

وهكذا استمر معاوية في عمليات طمس معالم الدين المحمدي واستبداله بدينه الجديد، من خلال فصل الكتاب عن العترة أولا، ثم استبدال العترة الطاهرة بغيرهم على حسب مزاجه وهواه، ثم ترك الكتاب عن طريق تأويله بما يخالف مراد الله تعالى ويوافق أهواء السلطة الحاكمة، التي قامت وتأسست على بغض علي عليه السلام وملاحقة أهل البيت وشيعتهم وقتلهم وتشريدهم وظلمهم وأذاهم كما بينت ذلك كتب الحديث وكتب السير والتاريخ، وكذلك الروايات المتواترة المتعلقة بذلك التاريخ المخزي الذي يندى له الجبين.

وهكذا نسي الناس معالم الدين وأعلامه، وضاعت الأحكام، واختلفت العقائد، ومحيت السنة النبوية، وصار الحكم بالهوى. وانتشر الفسق والمجون وصار شرب الخمر مستباحا، بعد أن استبيحت أعراض المسلمين في حملات معاوية على أمصار المسلمين، لقتل وملاحقة أهل البيت وأتباعهم، راجع أخي المؤمن ماذا فعل بسر بن أرطأة في المدينة ومكة واليمن؟. وماذا فعل كل ولاة معاوية في بلاد المسلمين؟. ماذا فعل المغيرة بن شعبة، وعمرو بن العاص وأبو هريرة وزياد بن سمية وغيرهم من أعلام دين معاوية الجديد، الذين جعل معاوية سمعتهم في أعلى مرتبة ومنحهم الألقاب الرفيعة جزاءً لهم على مساعدته في وضع قواعد دين جديد يخلو من أي أثر أو دور لأهل البيت عليهم السلام فيه.


الصفحة 163
ثم من أجل تثبيت قواعد الدولة الأموية، وترسيخ ما بدأه أشياخ قريش واستكمله معاوية لفصل وعزل وطمس حقائق وحقوق أهل البيت عليهم السلام، واستمرارا في محاربة أحباب الله وأصفياءه من العترة الطاهرة، واستمرارا في محاربة الإرادة الإلهية، التي جعلت أهل البيت عليهم السلام هم الأئمة والقدوة الذين تجب على الناس مودتهم وموالاتهم وإتباعهم والإقتداء بهديهم، قام معاوية بن أبي سفيان وبعد أن دس السم للإمام الحسن بن علي عليهما السلام مما أدى إلى استشهاده، قام بنقض العهد الذي أبرمه مع الإمام الحسن عليه السلام في أن تكون الخلافة بعد معاوية للإمام الحسن أو الإمام الحسين عليهما السلام.

بيعة يزيد:

قام معاوية بن أبي سفيان وبتأييد من بطانته بدعوة المسلمين لبيعة ابنه يزيد، وكان ابتداء الأمر من الصحابي المغيرة بن شعبة، فأرسل معاوية إلى ولاته يحثهم على دعوة الناس لبيعة يزيد.

وقد كان تركيز معاوية وبطانته على انتزاع البيعة من الإمام الحسين عليه السلام، حيث وجه معاوية كتابا إلى واليه على المدينة مروان بن الحكم اللعين بن اللعين الوزغ بن الوزغ، يطلب منه انتزاع البيعة من الحسين عليه السلام وبأي وسيلة كانت حتى ولو أدى ذلك إلى قتله ومن معه، لكن الإمام الحسين عليه السلام رفض أن يعقد البيعة للفاسق يزيد، حتى لا تطمس البقية الباقية من دين الإسلام، وحتى لا تعتبر بيعته مصادقة من أهل البيت على دين معاوية الجديد وإقرارا به.

ثم إن يزيد بن معاوية أرسل إلى واليه في المدينة لينتزع البيعة من الحسين عليه السلام، لأنه بذلك يسهل عليه انتزاع البيعة من بقية الناس ولكن الإمام الحسين عليه السلام رفض، ورفض ذلك أيضا يوم الطف أن يتنازل عن موقفه، وخطبة الإمام الحسين عليه السلام المشهورة التي أعلن فيها موقفه صريحا بكل عزة وفخر قائلا (لا والله، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر إقرار

الصفحة 164
العبيد، ألا وأن الدعي بن الدعي، قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك، ورسوله، والمؤمنون، وجدود طابت، وحجور طهرت، وأنوف حميّة، ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام).

هكذا كان موقف الإمام الحسين عليه السلام موقف العزة والإباء، موقف المؤتمن على المسلمين ودينهم، فعليك السلام يا أبا الأحرار يا أبا عبد الله، ونحن نرددها معك ونقول هيهات منا الذلة.

ماذا فعل يزيد لفصم عرى الدين؟.

ومات معاوية الذي خلف من بعده ابنه يزيد السكير الخمير الفاسق، وحكم دولة تسير على دين ونهج معاوية وأشياخه، وبدأ يزيد في تطبيق تعاليم والده، واستكمال الدور الرئيسي الذي قامت عليه دولتهم، وهو إقصاء أهل البيت عليهم السلام عن واقع الحياة بل والإنتقام منهم والتفاخر في ذلك.

ومن أعظم الرزايا وأشدها في تاريخ المسلمين التي قام بها يزيد لعنة الله عليه لمحو أي أثر لأهل البيت عليهم السلام، هي قتل أبي عبد الله الإمام الحسين بن علي عليه السلام وأهل بيته وأصحابه.

لقد فعل ذلك يزيد ليستكمل الأدوار التي انتهت إليه من أبيه وأشياخه القرشيين، الذين كان من أول أمرهم رفض الإرادة الإلهية الصريحة في إمامة أهل البيت عليهم السلام، وردوا على الله ورسوله بل إنهم حاربوا إرادة الله وحاربوا كل من التزم بها ولم يقف إلى جانبهم في دعوتهم تلك، فجاء دور اللعين يزيد ليستكمل الحرب على أهل البيت عليهم السلام ويُتِمَ القضاء على دين الإسلام ويمحوه من الوجود ليبقي على دين معاوية بين الناس.

وهكذا انتهى الأمر إلى أن ضاع الدين وطمست معالمه، ليحل محله دين جديد، لا يعرف الناس غيره، بحيث صار الخليفة الأموي يزيد اللعين هو أمير المؤمنين في نظر الناس وهو المشرع الذي على الأمة طاعته.


الصفحة 165

نهضة الإمام الحسين عليه السلام:

فلما وصلت الأمور إلى هذا الحد بل وربما أبعد منه، تحرك الإمام الحسين عليه السلام، لينهض بالأمة من أجل بعث الدين المحمدي من جديد، وليعيد رسم معالمه، وبيان عقائده وأحكامه، وليعيد الكتاب والعترة الطاهرة إلى الوجود، وليعيد معالم العروة الوثقى والصراط المستقيم من جديد، فهو الإمام الذي فرض الله طاعته على كل المسلمين، وهو الذي ورث من أخيه الإمام الحسن عليه السلام ومن أبيه الإمام أمير المؤمنين عليا عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كل معالم الدين وتفصيلاته كما أرادها الله سبحانه وتعالى، كيف لا وهو الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا).

هذا الحديث الذي روته كل صحاح ومسانيد المسلمين، يعتبر من أهم الوصايا النبوية الشريفة التي تركها رسول الله صلى الله عليه وآله للمسلمين من بعده حتى يلجأوا إليها إذا صار حال الأمة ضياعا، فقد جعل الله تعالى الإمام الحسين عليه السلام معلما من معالم الدين ومصباحا من مصابيح الهدى، ونورا يستضاء به إذا ما وقعت الفتن، وتاه الناس عن السبيل القويم والصراط المستقيم.

فهذا الحديث من الوصايا الهامة للمسلمين مثل حديث الثقلين وحديث السفينة أو مجموع الأحاديث التي تُنَوِهُ وتوضح حقيقة أهل البيت عليهم السلام وأحقيتهم، وأنهم هم علامات الحق وميزان الهدى في كل زمان ومكان، حتى يستطيع المسلمون أن يميزوا بين طريق الحق وبين طريق الضلال.

ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله لأنه رحمة للعالمين وعلى خلق عظيم وكلامه وحي وصدق وحق، يرسم خطا عاما وفي أغلب الأحيان مفصلا، لكل مرحلة من مراحل حياة المسلمين، وكان عليه وآله الصلاة والسلام يبين ويوضح لأمته ما يستطيعون من خلاله الوقوف على الحق واجتناب الضلال ودعاته، فقد كان كثيرا يحذر الناس من أئمة الجور والضلال قائلا (إن أخوف

الصفحة 166
ما أخاف عليكم، الأئمة المضلون) أي أنه صلى الله عليه وآله أقام حجة الله البالغة على الناس كافة في كل عصر وفي كل زمان ومكان.

ففي حديث الثقلين يبن صلى الله عليه وآله معالم طريق الهدى، التي من اتبعها فإنه لن يضل أبدا، وهذا يعنى أنه سيكون في الأمة ضلال كبير ودعاة كثر يروجون ذلك الضلال، فبين رسول الله صلى الله عليه وآله وفصل عن كيفية النجاة من ذلك الضلال والوقاية منه.

وكذلك عندما يرسم النبي الأكرم معالم ما يجب على الأمة التمسك به أي الكتاب والعترة وأنهما لن يتفرقا ولن يفترقا، وعندما يحذر من الضلال ويبين كيفية الخلاص منه، وعندما يتحدث عن إمامنا المهدي عجل الله فرجه الشريف وأنه سيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، فإن ذلك يعني أن الأمة سوف تترك التمسك بالكتاب وتترك الإعتصام بأهل البيت عليهم الصلاة والسلام، بل وأنه سوف تكون هناك المحاولات تلو المحاولات من أجل طمس هوية أهل البيت عليهم السلام، وعزلهم عن دورهم الذي اجتباهم الله له، في الأخذ بيد المستضعفين، وحماية المؤمنين، وتبيان خط الهداية والنجاة للأمة في حال حدوث الفتن، أو عند انفصال الناس عن إتباع خط الهداية وسقوطهم من سفينة النجاة سفينة أهل البيت عليهم السلام التي من ركبها فقد نجا ومن تخلف عنها فقد غرق وهلك.

وكذلك عندما نأتي إلى مرحلة يزيد بن معاوية وهي مرحلة من المراحل الخطيرة التي وصلت فيها الأمة إلى حالة خطيرة من الضياع والفتن، حيث لم يبق من الإسلام شيء، واستبدلت العقائد والأحكام بعقائد وأحكام جديدة، وسلك الناس فيها مسالك الضلال والإنحراف عن الصراط المستقيم، وتاهوا عن سفينة الناجين أهل البيت عليهم السلام.

فكان لابد من أن يتحدث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن تلك المرحلة ويبين خطورتها وشدة فتنها، وكان لابد له صلى الله عليه وآله أن يبين راية الهدى، ويوضح دور مَعلَم من أهم معالم الإيمان، ومصباحا من أهم مصابيح الهدى، وكان لابد له صلى الله عليه وآله أن يكشف عن ربان سفينة أهل البيت

الصفحة 167
عليهم السلام في تلك المرحلة الخطيرة وهو الإمام الثالث من أئمة أهل البيت عليهم السلام أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام.

فكان مما نبه عليه صلى الله عليه وآله وكشفه للناس وأوصاهم به أن قال في عشرات المرات على مرأى ومسمع كل المسلمين (حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط).

أراد رسول الله أن يكون مع أمته في حال ضياعها ليأخذ بيدها ويأخذ بأيدي المسلمين والمستضعفين، إلى أن يكونوا مع الإمام الحسين عيه السلام، فأشار أن حسين مني محمدي المنشأ ولا يُبَلِغ عني إلا أنا أو رجل مني، ولا يستطيع أن يقود الأمة إلا أنا أو رجل مني، ولن تنجوا الأمة إلا بي أو برجل مني.

فها هو صلى الله عليه وآله يقول لهم حسين مني فهو حامل رسالتي وهو الذي يهديكم إلى رضى الله تعالى وإلى النجاة من عذابه، وهو الذي يجمع شملكم ويردكم إلى الصراط المستقيم إذا تفرقت الأمة عن أهل البيت عليهم السلام واقتدت بغيرهم ولم تتبعهم، بل وعادتهم وكفرت بحقوقهم وأحقيتهم، وإذا قفز الناس من سفينة الناجين وسقطوا في بحر الهالكين.

فإذا صرتم إلى ذلك الحال فها هو الإمام الحسين مني أي من رسول الله ولا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني.

ثم يضيف صلى الله عليه وآله فيقول وأنا من حسين، وهذا يعني أنه إذا تاه المسلمون عن دين الله وساروا على مناهج معاوية ويزيد، وإذا طمست معالم الدين الإسلامي وضاعت عقائده وأحكامه، فإن بعث دين محمد من جديد سوف يكون على يد الإمام الحسين عليه السلام. فهو الذي سوف يبعث ما محاه وطمسه معاوية وأشياخه من جديد، وهو الذي سوف يضرب على جثة الدين التي قتلها أعداء أهل البيت بجهاز الصعقة الكهربائية، الذي سيجعل قلب الأمة ينبض من جديد، ويعيد العقول إلى التفكير بالعروة الوثقى والصراط المستقيم، حتى يبدأ المؤمنون بركوب سفينة أهل البيت عليهم السلام من أجل أن توصلهم إلى بر الآمنين من الفزع الأكبر يوم الدين.


الصفحة 168
ولكن الأمور دائما تنقسم إلى أحياءٍ وأموات وكما قال تعالى في سورة الروم الآية52 - 53 {فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين، وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون}.

فلم يكتف رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الحديث فقط لتوضيح معالم مرحلة اللعين يزيد، بل إنه استمر يحدث عن تلك المرحلة ومن جوانب متعددة عقلية ومشاعرية واجتماعية، مادية وروحانية، حتى يطرق جميع جوانب النفس البشرية وحتى لا يبقى أي مبرر لأحد، وحتى تقام الحجة البالغة فلله الحجة البالغة.

لقد دعا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ولاية أهل البيت وإمامتهم، وأمر المسلمين أن يقفوا في صف الإمام الحسين وأن ينصروه، وأن يحبوه ولا يظلموه، وجعل محبة الحسين عليه السلام من محبته، وبين أن من أحب الحسين فقد أحب الله، وأن الله يحب من أحب حسينا، وكشف أن الأمة سوف تكون في عصر الإمام الحسين قسم معه ومن أنصاره ومحبيه وأتباعه، وقسم آخر مع يزيد اللعين ومن أسس له ومن تبعه على ظلم وحسد وبغض أحباب الله أهل البيت عليهم السلام، ذلك القسم وبقيادة يزيد سوف يقتلون الإمام الحسين في يوم يغضب الله فيه وتبكي عليه السماء والأرض، حتى أنه صلى الله عليه وآله بين موقع المكان الذي سيقتل فيه الإمام الحسين عليه السلام.

ثم قيد عليه وآله الصلاة والسلام المسلمين في كل زمان ومكان بقيود كثيرة من أجل دوام لفت نظرهم إلى الإمام الحسين عليه السلام وإلى أهل البيت وولايتهم حتى لا يقال أن الإمام الحسين قد مضى عصره وانتهى الأمر ولا دخل للأمة بما فعله السابقون.

روى أبو داوود وغيره كثير عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة فأنكرها - كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها).

روى الحاكم في المستدرك عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (لو أن رجلا صفن بين الركن والمقام، فصلى، وصام، ثم لقي الله