جاهلية من خالد المسلمين والعرب(1).
خالد بن الوليد والصحابة:
إنّ المتتبّع لعلاقات خالد مع بقية الصحابة يجد أنّه خاصم الكثير منهم، لكن شفع له علاقته الخاصة المليئة بالأسرار مع الخليفة الأول أبي بكر، فقد دافع أبو بكر عنه دفاعاً مستميتاً حتّى أمام عمر الذي قلّما يخالفه في الظاهر، وحقّ لأبي بكر أن يدافع عن خالد ويخترع له الأحاديث وهو من مناصريه الأشدّاء الذي أمره يوماً بقتل الإمام علي(عليه السلام) ولكنه ندم وقال وهو في الصلاة "لا تفعل يا خالد"، وهو الذي قتل مالك بن نويرة الرجل المسلم وسبب قتله الرئيسي أنّه عرّض بأبي بكر في قضيّة الخلافة وكان يراه صاحب خالد لا صاحبه ونحن نجد البعض يسمون خالداً "سيف الله المسلول" رغم قول عمر "إنّ في سيف خالد رهقاً"(2) وهم قليل ما يخالفونه إلاّ في مثل هذه المواقف التي يكون دائماً الباطل فيها هو المنصور عندهم خصوصاً إذا كان المتقدّم فيه مثل أبي بكر الذي اُشرب الناس حبّه وقالوا صاحب رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وحبّ الشيء يعمي ويصم حتّى عن مثل جرائم خالد المنكرة لأنّه صنيعة أبي بكر!
نحن نجد خالد يتخاصم مع عمر ويسميه (الأعيسر بن أم شملة)(3)، ومع
____________
1- انظر كتاب "عبقريّة خالد"، لعباس محمود العقّاد، وإن كان أشار إلى بعض جرائمه وبرّرها كعادتهم. وكتاب "القائد الخالد خالد بن الوليد"، لعبد الحميد السامرائي، الذي كتبه ليدرس على منتسبي الجيش العراقي كنموذج من أبطال العرب والمسلمين، وكتاب "عظمائنا في التاريخ" للدكتور مصطفى السباعي. وكتاب "خمسة وعشرين شخصية دينية هزّت البشرية"، لياسر حسين، وغيرها . 2- الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني: 5 / 560 ترجمة 7712. تاريخ الطبري: 3 / 278. تاريخ الإسلام، الذهبي: 3 / 37. 3- تاريخ الطبري: 3 / 415. الثقات لابن حبان: 2 / 185. تاريخ دمشق، ابن عساكر: 2 / 87.
المغيرة بن شعبة في قضيّة بني جذيمة، ويسبّ عماراً، ويسمّيه "العبد الأجدع"(1)وقد نهاه رسول الله نهياً شديداً وقال من "سبّ عماراً فقد سبّ الله" ويتخاصم مع أبي قتادة وابن عمر وجمع من الصحابة في قضية مالك، ويتخاصم مع أبي عبيدة وعمرو بن العاص في مسألة الرئاسة على الجيوش ومع ذلك يأتي من الكتّاب في العصر الحديث من يدافع عنه ويبّرر جرائمه حتّى لا يتلطخ تاريخ أبي بكر وبالتالي تاريخ الخلافة المغتصبة حتى ولو كان ذلك على حساب حقائق التاريخ، وحتّى لو كان الطرف الآخر هو الرسول(صلى الله عليه وآله) نفسه وكثير من الصحابة.
خالد بن الوليد واغتصاب النساء!
إنّ من جرائم خالد التي لم يستطع التاريخ المزوّر أن يغطيها هي قضيّة اغتصابه للنساء الجميلات خلافاً للشرع الإسلامي واستخفافاً بالعرف العربي، فهو قد قتل مالك بن نويرة ثم نزا على امرأته حسب قول عمر(2)، وإن أحاط الرواة هذه القضيّة الواضحة بالقيل والقال، وغلفها الكتّاب القدماء والمحدثين بالتبرير وأنّه استكمل العِدّة!
ثمّ هو أجبر مجاعة بن مرارة على الزواج بابنته الجميلة في معركة اليمامة وإلاّ كان مصيره القتل مثل مالك، وبلغ من شناعة هذا الفعل عند المسلمين أن يرسل له أبو بكر رسالة يخاطبه فيها:
"لعمري يابن أم خالد إنّك لفارغ تنكح النساء وبفناء بيتك دم ألف ومائتي
____________
1- تفسير الطبري: 4 / 186 وكذا في تفسير ابن كثير والدر المنثور وروح المعاني في تفسير الآية 59 من سورة النساء . 2- تاريخ الطبري: 2 / 274. تاريخ دمشق: 16 / 258. الأغاني، أبو الفرج الأصفهاني: 15 / 295.
رجل من المسلمين لم يجف بعد. قال فلما نظر خالد في الكتاب جعل يقول: هذا عمل الأعيسر يعني "عمر بن الخطاب"(1).
وكذلك فعل خالد مع ابنة الجودي صاحب دومة الجندل بعد أن قتل أباها ودمّر مدينته.
ومن أمثال هذه الأفعال وغيرها استطاع المستشرقون والحاقدون على الإسلام أن يطعنوا بالإسلام وزاد في الطين بلّه تعظيم أتباع الخلافة لقادتها المجرمين ولم يعرفوا أن يتصرّفوا مثل النبي(صلى الله عليه وآله) الذي تبرأ من صنع خالد ببني جذيمة وأرسل علياً(عليه السلام) ومعه الأموال لإعطاء ديات القتلى وإصلاح الأمور.
نحن والتاريخ:
إن التاريخ يكتبه عادة المنتصرون فيخلقون لأنفسهم البطولات والفضائل، ويبرّرون الجرائم التي ارتكبوها في سبيل السيطرة على رقاب الناس.
لكن طبيعة الحياة البشريّة وسنن الله في التاريخ تأبى أن يتمكّن الغالب لوحده في خديعة الناس وستر الجرائم إلى الأبد، وإن فعل ما فعل.
إنّ قراءة التاريخ واستنتاج النتائج الصحيحة منه، واستخلاص العبر تتطّلب حذراً وفهماً وتحقيقاً عند مطالعة الكتب التاريخيّة، لأنّ دوافع التزوير موجودة دائماً.
ثمّ إنّ المطالع للتاريخ الإسلامي يجد فيه من التزوير والكذب ما قد لا يجده في تاريخ الأمم الأخرى، لشدّة الصراع فيه بين أهل الحقّ والباطل والذي استمرّ إلى يومنا هذا، لأنّ هذا الدين هو الدين الخاتم، وهو الدين المفترض أن ينقذ البشريّة من ضلالها فتجده مستهدفاً من الشيطان وأتباعه، ومن الظالمين وأحزابهم.
وعليه فيجب على المسلمين الذين يريدون فهم دينهم وتاريخهم أن
____________
1- تاريخ الطبري: 2 / 284.
يتوخّوا الحذر الشديد فيما تقوله كتب التاريخ خاصّة إذا عرفنا أنّ الخلفاء وخاصّة خلفاء بني أميّة صرفوا الأموال الجسام في تزوير كلّ شيء وأرادوا بذلك دفن الإسلام إلى الأبد، واستبداله بدين قريش الجاهلي ولكن الله تعالى لهم بالمرصاد ولكلّ ما ارتكبوا من تزوير وتعتيم وغشّ وخداع.
(34) خديجة محفوظ
(شافعية / أندونيسيا)
ولدت في أندونيسيا، ونشأت في أسرة شافعيّة المذهب، أكملت الدورة الدراسية في المعهد الإسلامي في مدينة "بانجيل" ثمّ التحقت بالحوزة العلميّة في إيران، (جامعة الزهراء(عليها السلام)) في مدينة قم المقدّسة.
استبصارها:
تحوّلت "خديجة محفوظ" من مذهبها السنّي إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام)بعدما عرفت شيئاً عن سيرتهم، وسمعت جانباً من فضائلهم، فملأ قلبها حبُّهم، وهامت روحها في ودادهم ودفعها هذا الحبّ إلى قراءة تاريخهم والاستزادة من معارفهم، فوجدت ضالّتها فيهم، وسعدت بكمال دينها بالتمسّك بهم.
وكانت "خديجة" طالما أرّقها البحث عن حقيقة الدين، وآذتها التطبيقات الخاطئة له من قبل مدّعي الإسلام الذين لا يعرفون واقعه، ويتمسّكون بظاهر بعض ا لأحاديث ويدّعون أنّهم أنصار السنّة المحمّدية، ومن خالفهم فهو فاسق أو مبتدع مشرك، والعياذ بالله.
ومن المسائل التي واجهتها وناقشتها مع هؤلاء هي مسألة البكاء على الميّت التي يحرّمونها على جميع الوجوه، ممّا يدلّ على فساد فطرتهم وخشونة طبائعهم، أو تكلّفهم لها من دون الاستناد إلى القرآن أو السنّة الصحيحة التي يعتمد عليها دون لبس.
البكاء على الميت بين الفطرة الإنسانية والتحريم:
إنّ البكاء حالة عاطفية طبيعية في الإنسان يمارسها عندما تنتابه الآلام
وتهيج به الأحزان لفقدان عزيز، أو فراق أحبّة، وهي حالة تعبّر عن قلق النفس الإنسانية واضطرابها نتيجة غياب من ألفتهم وأحبّتهم عنها، أو ابتعاد من تعلّقت بهم بعواطف عميقة ووشائج قويّة. ولا يقتصر البكاء على فقدان الأحبّة فقط، بل تشمل حالات التنفيس من الآلام والكروب والهموم، كما لا تختص بحالة الحزن، فقد يبكي الإنسان في حالة الفرح أيضاً.
ونحن نلاحظ بأنّ حالة البكاء تعتمل في كافّة أفراد النوع الإنساني ولا تختصّ بقوم دون قوم، أو جماعة دون أخرى، نعم تختلف بحسب طبيعة النوع الإنساني كالرجل والمرأة وطبيعة الأفراد العاطفية، وقد يكون للبيئة والمناخ، واختلاف العادات الاجتماعية دور في شدّة ظهور حالة البكاء وضعفها.
كما أنّ البكاء لا يعتبر ضعفاً أو أمراً قبيحاً، ولا عاراً معيباً كما يراه بعض الذين نزعت الرحمة من قلوبهم.
هذا وقد مارس البكاء الكثير من العظماء وأوّلهم الأنبياء فقد بكى آدم ونوح وإبراهيم(عليه السلام) كما بكى يعقوب على ابنه يوسف مدّة طويلة وبكى رسول الله(صلى الله عليه وآله)على عمّه حمزة ودعا الناس إلى البكاء عليه، كما بكى(صلى الله عليه وآله) على جعفر بن أبي طالب وبقية شهداء مؤتة، وبكى على إبراهيم ابنه، وبكى على عثمان بن مظعون صاحبه وغيرهم كثير، بل بكى على عترته لما يلقون بعده من بلاء وشدّة وظلم، وخاصّة ولده الإمام الحسين(عليه السلام)قتيل العبرة. لكن وردت بعض الروايات في صحاح أهل السنة، استفاد منها البعض حرمة البكاء على الميّت، حيث ورد عن عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله: "إنّ الميت يعذّب ببكاء أهله عليه"، أو "ببكاء الحيّ عليه" أو "يعذّب في قبره بما ينح عليه "(1).
وقد رفض معظم الصحابة هذه الروايات، ونعتوا راويها بالوهم والنسيان كما ورد عن عائشة: لأنّها تعارض القرآن الكريم حيث قال:
____________
1- صحيح مسلم، كتاب الجنائز ب 9.
{وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}(1)، وإنّ رسول الله قال في رجل يهودي قد مات: "إن الميت ليعذب وإنهم ليبكون عليه"(2).
وقد لاءم هذا الأمر مع نفسية عمر بن الخطاب لأنّه كان يكره البكاء على الميّت وقد ورد عن سعيد بن المسيب أنّه قال: "لما توفي أبو بكر أقامت عليه عائشة النوح، فأقبل عمر بن الخطاب حتّى قام ببابها، فنهاهن عن البكاء عليه فأبين أن ينتهين، فقال عمر لهشام بن الوليد: ادخل فأخرج إليَّ ابنة أبي قحافة، فقالت عائشة لهشام حين سمعت ذلك من عمر: إنيّ أحرج عليك بيتي. فقال عمر لهشام: أدخل فقد أذنت لك، فدخل هشام فأخرج أم فروة أخت أبي بكر إلى عمر، فعلاها بالدرّة فضربها ضربات فتفرّق النوح حين سمعوا ذلك"(3).
والمتأمل في أحاديث الرسول(صلى الله عليه وآله) يلاحظ بأنّه(صلى الله عليه وآله) كان يقبل حزن القلب ودموع العين بشرط الرضا بقضاء الله وقدره وعدم التفوّه بكلمات تدلّ على الاعتراض على ما أراد الله سبحانه، كما حرّم(صلى الله عليه وآله) شقّ الثوب إلاّ في موارد خاصة كموت الأب وموت الأخ، وحرّم خمش الوجوه، وجزّ الشعور. وهذا ممّا يدل على أنّ هدف الرسول(صلى الله عليه وآله) هو تهذيب حالة الحزن على الميت، لا إلغائها كلّياً. ومن ثم مماشاة الفطرة في تعبير النفس عن حزنها على شكل البكاء; وفي هذا فوائد جمّة في تهذيب النفس الإنسانية، وتصحيح العلاقات الاجتماعية وترشيد الطقوس والعادات في مثل هذه الحالات.
____________
1- الزمر (39): 7. 2- صحيح مسلم: ب 9 / ح 25. 3- تاريخ الطبري: 3 / 423. الكامل في التاريخ، ابن الأثير: 2 / 419.
(35) خيرالدين الزركشي
(شافعي / أندونيسيا)
ولد في أندونيسيا ونشأ في مدينة "جاكرتا" فغذّته الأسرة التي ترعرع فيها بعقائدها الموروثة وفق مذهب أهل السنّة، فبقي على انتمائه الموروث حتّى ارتقى وعيه الديني، فتوجّه نحو البحث والتحقيق حتّى كشف له البحث حقائق غيّرت أسسه الفكريّة ودعته إلى إعادة النظر في مرتكزاته العقائديّة.
الإمام علي(عليه السلام) أحق بالاتّباع بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله):
توصّل "خيرالدين" من خلال بحثه إلى أنّ الإمام عليّاً(عليه السلام) أحقّ بالاتّباع من غيره بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، لأنّ الفضائل التي يمتلكها الإمام علي لا يمكن مقايستها مع فضائل غيره، وإنّ الأحاديث التي ذكرها الرسول(صلى الله عليه وآله) في حقّ الإمام علي(عليه السلام)تنبأ عن عظمة الإمام وجلالة قدره، منها قوله(صلى الله عليه وآله):
"يا علي، الناس من شجر شتى وأنا وأنت من شجرة واحدة"(1).
"أنت أخي في الدنيا والآخرة"(2).
وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لأصحابه: "سيكون من بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب، فإنّه أوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني يوم القيامة وهو الصدّيق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمّة، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب المنافقين"(3).
____________
1- المستدرك على الصحيحين: 2/ح 2999، الدر المنثور: 4/85، تفسير القرطبي: 9/186. 2- سنن الترمذي: 6 / ح 3720. وقال: هذا حديث حسن غريب. 3- ينابيع المودّة، القندوزي الحنفي: 1 / ب15 . ح21.
وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لفاطمة(عليها السلام): "أما ترضين أني زوّجتك أقدم أمتي سلماً وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً"(1).
وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): من اطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع علياً فقد أطاعني ومن عصى علياً فقد عصاني(2).
وذكر(صلى الله عليه وآله) بأنّ الحقّ مع عليّ(عليه السلام)(3).
الالتحاق بشيعة الإمام علي(عليه السلام):
وجد "خيرالدين الزركشي" بأنّ الأدلة التي حصل عليها كلّها تلزمه الالتحقاق بشيعة الإمام علي(عليه السلام) والسير على خطاه من بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فلهذا اتّخذ قراره النهائي فاستبصر بنور أهل ا لبيت(عليهم السلام)والتحق بركب الإمام علي(عليه السلام).
وأحب "خيرالدين الزركشي" أن يرفع مستواه العلمي فانتسب إلى المعهد الإسلامي في مدينة "بانجيل" وأنهى فيه دورة دراسية كاملة، فوجد بعدها نفسه متعطّشاً للمزيد من العلم، فسافر إلى سوريا وانتسب إلى الحوزة العلميّة في سوريا ليزداد صيانة وقوّة بعلوم أئمّة أهل البيت(عليهم السلام).
____________
1- تاريخ دمشق، ابن عساكر: 42 / 126. مصنّف ابن أبي شيبة الكوفي: 7 / فضائل علي بن أبي طالب، ح68. وغيرهما. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد والطبراني برجال وثّقوا انظر ج 9 / ح 14669. 2- المستدرك، الحاكم النيسابوري: 3 / ح 4675. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي في التلخيص. 3- مسند أبي يعلى الموصلي، ج1، / ح 1047. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج7،ح12027: رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.
(36) خير النساء محمد
(شافعيّة / أندونيسيا)
ولدت سنة 1395هـ (1976م) في مدينة "سورابايا" بأندونيسيا، ونشأت في أسرة شافعيّة المذهب.
استبصارها:
توفّقت لاعتناق مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، بعد حضورها دروساً عقائدية في إحدى المعاهد الإسلاميّة الشيعيّة التي ذهبت إليه بناءً على اقتراح والدها الذي تشيّع قبلها، حيث ناقشت أساتذتها نقاشاً مطوّلاً، ودخلت معهم في حوارات معمّقة حول أصول العقائد الإسلاميّة وخاصة الإمامة، كما قرأت بعض الكتب في هذا المجال وقارنتها بمعلوماتها السابقة عن الإسلام فوجدت أنّ أدلّة مذهب أهل البيت(عليهم السلام) قويّة جداً، وتأخذ على المسلم المتديّن الطريق للاقتناع بها، لأنّها تستند إلى القرآن الكريم وإلى الأحاديث الصحيحة الواردة عن النبي(صلى الله عليه وآله)والموجودة في معظم الكتب التي تعترف بها الفرق الإسلامية المختلفة.
كما ساهمت الأخلاق الإسلاميّة العالية التي يتحلّى بها الشيعة المؤمنون والعلوم الإسلاميّة الغزيرة التي يحملونها في سرعة اقتناعها بعقائد أهل البيت(عليهم السلام).
نشاطاتها:
هاجرت في سبيل طلب علوم أهل البيت(عليهم السلام) إلى إيران للدراسة في جامعة الزهراء(عليها السلام) الواقعة في مدينة قم المقدّسة حيث تلقّت بعضاً من العلوم الإسلامية الحقّة، ثمّ عادت إلى وطنها لنشر معارف أهل البيت(عليهم السلام) وكانت لها العديد من التجارب الموفّقة في هذا المجال حيث استبصر البعض على يديها.
آراؤها
تُعد "خيرالنساء" من أصحاب النظر والرأي في أساليب التبليغ الناجح حيث كتبت بعض المقالات في هذا المجال ودعت فيها إلى إدراك مستوى المخاطب الثقافي، وفهم توجّهه الديني عند عرض المفاهيم الإسلاميّة الصحيحة عليه وفق برنامج منظّم وخطوات مدروسة.
ودعت "خير النساء" إلى فهم الشعور الخاص بالنساء والسماح لهنّ في ممارسة حرّياتهن وعدم التحجير عليهنّ نتيجة الفهم الضيّق والمحدود للشريعة الإسلامية السمحة والتي لا تكلّف الإنسان بصورة عامّة ما لا يطيق، فكيف بالنساء اللواتي يكبتهن التحجّر وتُقتل فيهن الروح الإنسانية.
وتدعو "خير النساء" أيضاً إلى تعلّم العلوم الحديثة، والاستفادة منها في نشر التعاليم الإسلامية وعدم الانزواء عن المجتمع أو الشعور بالضعف أمام التيار الغربي الذي يهاجم ثقافة المسلمين ودينهم.
كما ترى أنّ من الواجب مقابلة مشاريع الغرب الدعائية بأسلوب ناجح مماثل لما يصنعه من إنتاج الأفلام الجذّابة واستخدام الوسائل الحديثة كالانترنت، والبرامج والأقراص الكامبيوتريّة، وكذلك الاستفادة من الفضائيات التلفزيونية لتبليغ مفاهيم الإسلام لتأثيرها الكبير على عامّة الناس.
كما تدعوا المؤسّسات الإسلامية إلى تبنّي قضايا المبلّغين المعنويّة والماديّة للحفاظ على نشاطهم في نشر قضايا الإسلام، وبالتالي عدم انزوائهم نتيجة لما يلاقونه من معاناة يوميّة في جهادهم التبليغي.
(37) خيري فطريان
(شافعي / أندونيسيا)
ولد سنة 1403هـ (1983م) في أندونيسيا، ونشأ في أسرة شافعيّة المذهب، ثم واصل دراسته في المدارس الحكوميّة حتّى حصل على شهادة الدبلوم.
منطلق تعرّفه على مذهب أهل البيت(عليهم السلام):
يقول خيري فطريان: سافر عمي إلى مصر واطّلع على الأزهر، ثمّ سافر إلى إيران واطلع فيها على مذهب التشيّع ثم عاد إلى بلده فذهبت لزيارته، والتقيت به فحدّثني عما رأى، وكان يمجّد بالشيعة وانتصار ثورتهم الإسلامية، في إيران، فاستغربت من هذا الأمر ودفعني حبّ الاستطلاع إلى البحث حول التشيّع.
ومن هذا المنطلق قرأت العديد من الكتب الشيعيّة منها كتاب "ثمّ اهتديت" وكتاب "لأكون مع الصادقين" للتيجاني السماوي فتأثّرت بها كثيراً، والتقيت ببعض علماء الشيعة في بلدنا وأصغيت إلى الأدلّة والبراهين التي دفعتهم إلى الالتزام بمبادىء مذهب أهل البيت(عليهم السلام) فرأيت أنّ الحقّ معهم.
وبقي "خيري فطريان" على اتّصال مع عمّه حتّى تبلورت في نفسه القناعة بأحقيّة مذهب أهل البيت(عليهم السلام)فأعلن استبصاره في مدينة بانجيل ثمّ التحق بالمعهد الإسلامي ودرس فيه مدّة ثلاث سنوات.
شدّ الرحال لطلب العلم:
وجد "خيري فطريان" بأنّ مذهب أهل البيت(عليهم السلام) مذهب واسع وغزير في محتواه ولا يمكن الإحاطة به عن طريق الاكتفاء بالمطالعات المتناثرة، بل لابدّ
من دراسة هذا المذهب في المدارس الشيعية، فقرّر السفر إلى إيران من أجل دراسة هذا المذهب، فبذل قصارى جهده للالتحاق بإحدى المدارس الدينيّة في إيران حتّى وفّقه الله تعالى، فجاء إلى إيران والتحق بالحوزة العلمية في مدينة قم، فدرس فيها المقدّمات ثمّ تخصّص في فرع الكلام والعقائد الإسلاميّة.
الدعوة إلى مذهب التشيّع:
وصل "خيري فطريان" بعد مضي فترة من الدراسة إلى مستوى علمي يعتدّ به، لأنّه درس عقائد مذهب أهل البيت(عليهم السلام) بصورة جيّدة وقارنها مع عقائد مذهبه السابق، فاطّلع على الكثير من الحقائق الدينيّة.
ومن هنا وجد "خيري فطريان" بأنّه ملزم بأن يمدّ يد المساعدة لأقربائه واصدقائه ومن يعرفهم ليحرّرهم من التقليد الأعمى لموروثاتهم العقائدية وليوصلهم إلى مرحلة اليقين بما يعتقدوه، فبذل قصارى جهده في هذا السبيل حتّى استبصر أبناء أسرته كلّهم على يديه، واستبصر بعض اصدقائه أيضاً على يديه.
وواصل "خيري فطريان" عمله في نشره مذهب أهل البيت(عليهم السلام) بعد عودته إلى بلاده وهو لا يزال يواصل سعيه لتقديم الخير إلى الآخرين ورفع مستواهم المعرفي عن طريق تعريفهم بعلوم ومبادىء ومعارف أئمّة أهل البيت(عليهم السلام).
(38) رشدي العيدروس
(شافعي / أندونيسيا)
ولد في أندونيسيا بمدينة "سورابايا"، ونشأ في أسرة إسلاميّة تنتمي إلى المذهب الشافعي، وبقي على انتمائه الموروث مقلّداً لأسلافه حتّى اطّلع على أصول ومبادىء مذهب أهل البيت(عليهم السلام) من خلال مطالعته للكتب الشيعية، فتزعزعت معتقداته الموروثة بعد تعرّفه على الفكر الشيعي.
ومن هنا خاض "رشدي العيدروس" البحوث العقائديّة، وبدأ بتمتين أسسه الفكريّة، ثمّ بادر بعدها إلى مقايستها مع عقائد مذهب أهل البيت(عليهم السلام).
لماذا يهتم الشيعة بمسألة العدل الإلهي:
وجد "رشدي العيدروس" خلال بحثه المقارن بين عقائد المدرسة السنّية وعقائد المدرسة الشيعيّة بأنّ المذهب الشيعي يهتمّ كثيراً بمسألة العدل الإلهي، بحيث دفعه هذا الأمر إلى جعل العدل أصلاً من أصول الدين، لأنّ العدل حقيقة لا يمكن إثبات النبوّة إلاّ به ولو لم يكن الله تعالى عادلاً فكان من الممكن أن لا يرسل الأنبياء إلى البشريّة، أو أن يعطي المعاجز للعصاة فيكون ذلك سبباً في تمويه الأمر على الناس، ولكن بما أنّ الله تعالى عادل، فهولا يموّه على الناس، لأنّ هذا الأمر يتضمّن الظلم، والله تعالى منزّه عنه.
كما أنّ المعاد لا يمكن إثباته إلاّ بعد ثبوت العدل، لأنّ العدل الإلهي هو الذي يقتضي صدق وعده وهو الذي يقتضي معاقبة العصاة ولولا العدل لم يكن إثبات المعاد ولهذا ينبغي جعل العدل أصلاً قبل النبوّة والمعاد ليمكن إثباتهما به.
الصفات الحقيقة والصفات القياسيّة:
وجد "رشدي العيدروس" خلال بحثه بأنّ أهتمام الشيعة بمسألة العدل دفعهم إلى الوصول إلى الرؤية الواضحة في هذا المجال، ومنها ما يخصّ مبحث الشرور التي يجدها الإنسان في العالم والتي دفعت البعض إلى التشكيك بالعدل الإلهي.
فرأي "رشدي العيدروس" بأنّ علماء الشيعة يقسّمون الصفات إلى قسمين:
القسم الأول: الصفات الحقيقيّة، وهي الصفات التي لها واقع خارجي وهي التي يمكن التعرّف عليها من دون لحاظ شيء آخر، من قبيل صفة الوجود للإنسان، فهي صفة لها واقعية ويمكن الإلمام بها من دون مقايستها مع شيء آخر.
القسم الثاني: الصفات القياسيّة، وهي الصفات التي ليس لها واقع خارجي، ولا يمكن معرفتها إلاّ عن طريق مقايسة الموصوف مع شيء آخر، من قبيل الكبر والصغر، فهاتين الصفتين ليس لهما واقع في الخارج وانما يمكن الإلمام بهما عن طريق مقايسة شيء مع شيء آخر، فيقال على سبيل المثال الأرض أكبر من القمر وهي أصغر من الشمس وهذه الصفتين لا وجود لهما في الواقع الخارجي وإنّما ينتزعهما ذهن الإنسان عن طريق مقايسة شيء مع شيء آخر.
صفة الشرور:
ذهب علماء الشيعة إلى أنّ الشر صفة قياسية للأشياء أي أنّ الشرّ ليس له وجود خارجي، بل هو أمر عدمي، وإنّ الإنسان لا يستطيع أن يفهم معنى الشر إلاّ عن طريق مقايسة شيء مع شيء آخر.
فالحية على سبيل المثال شرّ بالنسبة إلى الإنسان لأنّها تلحق به الأذى، ولكنها ليست شرّاً بالنسبة إلى الجماد لأنّها لا تلحق به الأذى، فصفة الشرّ للحيّة ليست صفة حقيقيّة بل هي صفة قياسية، يمكن الإلمام بها عن طريق مقايسة الحية مع الشيء الذي تلحق به الضرر.
ثمرة بحث عدميّة الشرور:
إنّ إثبات عدميّة الشرور وكونها صفة قياسيّة يؤدّي إلى دحض نظريّة الثنويّة التي ذهبت إلى أنّ خالق الشر هو غير خالق الخير، وبهذا اثبتوا للعالم خالقين أحدهما "يزدان" وهو خالق الخير والآخر "أهريمن" وهو خالق الشرّ.
ولكن عدميّة الشرور تثبت بأنّ الشرّ أمر عدمي، والعدم لا يحتاج إلى خالق، وأنّه تعالى لا يخلق إلاّ الوجود، وأمّا الأشياء التي توصف بالشرّ، فإنّ الشر ليس وصفاً حقيقيّاً لها، بل هو وصف قياسي، أي أنّ هذه الشرور توصف بالشرّ لأنّها تلحق الأذى بغيرها، ولولا إلحاقها هذا الأذى بغيرها، فإنّها لا توصف بالشرّ، فلا يوجد في العالم إلاّ خالق واحد و هو خالق الأشياء التي لها وجود وأمّا العدم فليس له خالق ومثال "العدم والوجود، كمثل الشمس والظل، فعندما ننصب شاخصاً في الشمس، فالقسم الذي يبقى مظلماً بسبب الشاخص ومحروماً من نور الشمس نسميه بالظلّ، فما هو الظلّ إذن، هو الظلمة والظلمة ليست شيئاً سوى عدم ا لنور. وعندما نقول إنّ النور قد شعّ من الشمس، فإنّه لا يجوز لنا أن نسأل: ومن أين يشع الظلّ؟ وما هو مصدر الظلمة؟ فالظلّ والظلمة لم يشعا من شيء لهما مبدأ ولا مصدر مستقل"(1) وبهذا تنهار نظريّة الثنويّة بأنّ خالق الخير غير خالق الشر، ويثبت بأنّ الخالق هو واحد، وهو خالق الوجود، والشرّ صفة قياسيّة، تتّصف بها بعض الموجودات لأنّها تؤدّي إلى إعدام الأشياء الأخرى.
الهدف من الشرور القياسية:
إنّ النتيجة التي يمكن التوصّل إليها من هذا المبحث هي أنّ الشرّ المطلق أمر عدمي، وأمّا الشرور القياسية فهي موجودات تؤدّي إلى إعدام الأشياء، وأما سبب خلقه تعالى لهذه الأشياء، فهو لأنّ النظام الذي خلقه الله تعالى في العالم هو من أجل اختبار الإنسان، وقد شاء الله تعالى أن تكون الشرور هي الوسيلة لاختبار البشريّة وهي الوسيلة التي بها يمكن معرفة مستوى استعانة الإنسان بالصبر إزائها
____________
1- العدل الإلهي، الشيخ مرتضى مطهّري: 161.
وقد قال تعالى:
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْص مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا اِلَيْهِ رَاجِعونَ}(1).
اعتناقه لمذهب أهل البيت(عليهم السلام):
وجد "رشدي العيدروس" خلال دراسته لأصول ومبادىء المذهب الشيعي أنّه مذهب قائم على الأدلة والبراهين العقلية، وهو أقدر من غيره على تقديم الزاد العلمي المقنع للآخرين ووجد بأن هذا المذهب كشف له الكثير من الحقائق التي كانت خافية عنه. فدفعته هذه الحقائق إلى تغيير انتمائه المذهبي من مذهب أهل السنّة إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام).
____________
1- البقرة (2): 155 ـ 157.
(39) روح الله شمسونار (نورالدين)×
(شافعي / أندونيسيا)
ولد في مدينة "اوجونك بندنك" بأندونيسيا، ونشأ في عائلة شافعيّة المذهب أكمل دورة دراسية في إحدى الجامعات، وانتسب للحوزة العلميّة في قم بعد استبصاره.
استبصاره:
استبصر متأثراً ببعض أساتذته وزملائه في الدراسة من الشيعة، حيث كان يستمع إلى محاضراتهم، ويدخل معهم في نقاشات مطوّلة وحوارات عميقة حول المسائل التي يختلفون فيها مع إخوانهم من المسلمين السنّة، وكانت هذه الحوارات تشمل كافّة الجوانب الدينيّة من عقيدة وشريعة وتاريخ وسيرة وغيرها، وقد لفت نظره من هذه المسائل قضايا التوحيد الإلهي الذي لم يخلّ من الاختلافات فيه بين علماء المسلمين في داخل المذهب الواحد فضلاً عن الخلاف بين المذاهب، وقد وجد أنّ نظريّات الشيعة الإمامية الاثني عشريّة في هذا المجال قويّة ومتماسكة ولا يرد عليها الإشكال العلمي.
التوحيد الإلهي وصفاته سبحانه وتعالى:
يعتبر التوحيد الإلهي من أهم المسائل العقائديّة في الديانات السماويّة وخصوصاً في الإسلام; إذ إنّ معرفة ا لله سبحانه وتعالى هي أساس الدين، وعنها تتفرع المسائل الأخرى، ومن هنا كان لها نتائج مهمّة وخطيرة في عقيدة المسلم.
وتترتّب عليها آثار عميقة الغور في معظم المجالات الدينيّة الأخرى.
وحيث إنّ الذات الإلهية لا يمكن معرفتها; لعدم وجود الشبيه لها،
ولمحدوديّة الذهن البشري أن يدرك كنهها وحقيقتها، ولانسداد طرق المعرفة إليها، يستطيع البشر أن يصل إلى معرفة الله سبحانه عن طريق الصفات الجماليّة والجلاليّة.
والصفات الجمالية هي الصفات التي تثبت كمالاً للوجود الإلهي كالعلم والقدرة والحياة. أمّا الصفات الجلاليّة فهي الصفات التي يجلّ الله سبحانه وتعالى عن وصفه بها; لأنّها صفات تدل على نقص وعجز والله سبحانه وتعالى منزّه عن كلّ نقص وعيب.
وقد اختلف المسلمون في مسألة الصفات الكمالية الإلهيّة على مذاهب شتّى، فمنهم من قال بنيابة الذات عن الصفات كبعض المعتزلة، ومنهم من قال بزيادة الصفات عن الذات وحدوثها كالمجسّمة. ومنهم من قال بزيادة الصفات وقدمها كالأشاعرة. ومنهم من قال بالأحوال في الصفات فلا هي موجودة ولا هي معدومة كبعض المعتزلة والأشاعرة ومنهم من قال بعينيّة الصفات مع الذات وهم الشيعة وبعض المعتزلة ومعظم الفلاسفة الإلهيّة.
وقد ثبت بطلان معظم هذه الأقوال، ولم يبق من يدافع عنها إلاّ نظريّة العينيّة التي يقول بها شيعة أهل البيت(عليهم السلام)، ونظريّة زيادة الصفات القديمة عن الذات التي يقول بها الأشاعرة من أهل السنّة.
الصفات الإلهية بين العينيّة والزيادة:
عندما خاف الأشاعرة من الوقوع في شرك تعطيل الصفات الكماليّة التي يثبتها القرآن والسنّة النبويّة الشريفة قالوا بزيادة الصفات عن الذات فوقعوا فيما هو أعظم فقالوا بتعدّد القدماء، وبالتالي جعلوا الإله الواحد أحد القدماء الثمانية وهم لم يقبلوا عينيّة الصفات مع الذات الذي لا يعطل وصف الله بالكمالات لأنّهم رأوا بينونة الصفات عن الذات في الخلق فلم يمكّنهم تصوّر اتّحاد الذات مع الصفة وجوداً وإن اختلفا مفهوماً، فمفهوم العلم والقدرة يختلف أحدهما عن الآخر كما
تختلف جميعها مع مفهوم الله سبحانه، لكن هذا لا يمنع أن يتّحد الوجود وتختلف المفاهيم.
وقد يبدو أنّ القول بالعينيّة يخالف ظاهر صيغة القادر والعالم الظاهرة في الزيادة من حيث هي ذات لها القدرة، وذات لها العلم، لكن للقول بالزيادة مضاعفات كبيرة لا يقبلها العقل ا لسليم فضلاً عن النصّ الصريح كتعدّد القديم بعدد الأوصاف الذاتية أو تركبّه منها وإن قالوا: إنّ المراد من الزيادة هو أنّ الصفات ليست ذاته ولاغير ذاته، وهو كلامة صوري ينتهي عند التدقيق إلى ارتفاع النقيضين.
كما أنّ القول باتّحاد الصفات مع الذات يستلزم غناه عن الفقر والحاجة، بينما القائل بالزيادة يرى أنّ الله سبحانه يعلم بعلم له بينونة عن الذات بأيّ شكل من الأشكال، ويخلق بقدرة خارجة عن ذاته، وبالتالي تحتاج الذات الإلهية إلى غيرها، وإنّ كان قديماً والقدم لا يدفع الفقر والحاجة.
كما أنّ القول بالزيادة يؤدّي إلى تناهي صفات الله الكماليّة ومحدوديّتها بينما القول باتّحاد الذات والصفات لا يؤدّي إلى تناهي الصفات لعدم اختلافها في الواقع والله سبحانه غير متناه في الوجود والكمالات الوجوديّة.
إنّ مسألة عينيّة الصفات مع الذات تؤكّد التوحيد الصفاتي الذي يرجع إلى التوحيد الذاتي بمعنى أحديّة الذات وبساطتها وعدم محدوديّتها بمعنى أنّه من الوجود بحيث لا يحدّ بحدّ حتّى يمكن فرض ثان له فيما وراء ذلك الحدّ.
معرفة الله حقّ معرفته:
وجد "روح الله شمسونار" خلال البحوث العقائديّة التي أجراها في صعيد التوحيد الإلهي أنّ مذهب أهل البيت(عليهم السلام) هو المذهب الوحيد الذي يتيح للإنسان أن يعرف الله تعالى حقّ معرفته. ولهذا واصل "روح الله" مطالعاته للكتب العقائديّة الشيعيّة حتّى توصّل إلى القناعة التامّة بأحقيّة مذهب أهل البيت(عليهم السلام)
ولزوم اتّباعه لهذا المذهب، فتخلّى عن مذهبه الموروث وأعلن استبصاره.
(40) زاهر بن يحيى
(شافعي / أندونيسيا)
ولد سنة 1386هـ (1967م) في أندونيسيا بمدينة "بكلونجن" ثمّ ترعرع في أسرة شافعيّة المذهب فانتمى إلى مذهب أهل السنّة تبعاً لما ورثه من أسلافه، ولكنّه أدرك بعد مطالعته للكثير من الكتب الشيعيّة ومقارنتها مع عقائد مذهب أهل السنّة بأنّه ينبغي أن يعيد النظر في الكثير من موروثاته العقائديّة والتي منها عدالة الصحابة.
عدالة الصحابة:
كان يعتقد زاهر بن يحيى بعدالة جميع الصحابة، وكان يرى بأنّ الصحابة كلّهم عدول، وهم يمتلكون الحصانة الكاملة، وأنّهم فوق مستوى الشبهات، وأنّهم مستثنون من قاعدة الجرح والتعديل لأنّهم نقلوا الدين إلى أهل القرون التالية وأنّ الطعن فيهم يؤدي إلى الطعن في الدين.
ولكن أدرك "زاهر بن يحيى" بأن الصحابة هم مجرّد رواة لحديث رسول الله(صلى الله عليه وآله)وناقلين لأحكام الدين ويستدعي أمر تلقّي رواياتهم أن يقوم الباحث بمعرفة عدالتهم وأن مجرّد صحبة النبي(صلى الله عليه وآله) لا تثبت العدالة.
والدليل على عدم ثبوت العدالة لمجرّد الصحبة هو أنّ بني اسرائيل كانوا أصحاباً لموسى(عليه السلام)، وتعرضوا لأشد أنواع البلاء من فرعون وجنده فصبروا على ذلك والتحقوا بركب موسى(عليه السلام) ورأوا منه المعاجز الكبرى لكن مجرّد هذه الصحبة لم تؤدّي إلى غرس العدالة في سرائرهم، لأنّهم لما رأوا قوماً عاكفين على أصنام لهم قالوا لموسى(عليه السلام): {يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} فاجابهم موسى(عليه السلام)
{إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}(1).
كما أنّ اصحاب موسى(عليه السلام) عندما ذهب عنهم موسى لفترة وجيزة إلى ميقات ربّه، لم يستقيموا على الدين، بل اتّبعوا السامري، وعبدوا العجل الذي صنعه من الذهب، وتمرّدوا على أوامر وصيّ موسى هارون(عليهما السلام) وخليفته فيهم، وتوجّهوا نحو الشرك بالله عزّوجل بحيث لم يستطع هارون أن يردعهم من ذلك.
وكذلك الحال مع جميع الرسل والأنبياء، إذ يتبين لنا القرآن والتاريخ بأنّ قليل من أصحابهم استقاموا معهم وبعدهم على الصراط المستقيم.
ومن هنا يمكننا أن نستنتج بأنّ مجرّد صحبة النبيّ والرسول الإلهي لا توجب العدالة، بل العدالة تثبت لمن تبيّن سيرته الذاتية بأنّه كان سائراً على الصراط المستقيم ولم ينحرف عن الحقّ ولم يضل سواء السبيل.
أضف إلى ذلك أنّ القرآن الكريم بيّن بصورة مكشوفة وجود الضعف في جماعة من أصحاب النبي ووجود المنافقين بينهم ووجود من أسلم بينهم بلسانه ولم يسلم قلبه وفيهم من في قلوبهم مرض، وقال تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَاب عَظِيم}(2).
ومن جهة أخرى مدح القرآن الكريم العدول من الصحابة وبيّن سماتهم وخصائصهم، وهذا ما يبيّن وجود من لم يصل إلى المستوى المطلوب من مفهوم الصحبة.
ومن مواطن الضعف التي ظهرت في بعض الصحابة تراجعهم في غزوة أحد بحيث قال تعالى حول موقف هؤلاء: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي
____________
1- الأعراف (7): 138. 2- التوبة (9): 101.
اللّهُ الشَّاكِرِينَ}(1).
تقييم الرسول للصحابة:
إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) بيّن مستقبل بعض الصحابة وقال: "إنا فرطكم على الحوض وليرفعنّ رجال منكم ثمّ ليختلجن دوني، فأقول ياربّ أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك"(2).
وورد في حديث آخر عنه(صلى الله عليه وآله) قال لأصحابه: "أنا فرطكم على الحوض من ورده شرب منه ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً، ليرد عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم... أقول إنّهم مني، فيقال: انك لا تدري ما احدثوا بعدك، فأقول سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي(3).
وورد في حديث آخر عنه(صلى الله عليه وآله) قال: "ترد على أمتي الحوض وأنا اذود الناس عنه كما يذود الرجل ابل الرجل عن ابله.
قالوا: يا نبي الله أتعرفنا؟
قال: نعم لكم سيما ليست لأحد غيركم، تردون علي غراً محجلين من آثار الوضوء، وليصدن عني طائفة منكم فلا يصلون، فأقول: ياربّ هؤلاء أصحابي، فيجيبني ملك فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك(4).
ومن هنا يمكن الاستنتاج بأن مجرّد الصحبة لا ترفع الإنسان إلى مستوى العدالة، بل الصحابة من عباد الله الذين خصّهم الله بصحبة نبيّه(صلى الله عليه وآله)، فمن أحسن الصحبة فهو عادل ومن لم يحسنها فهو غير عادل، ولهذا ينبغي أن يبحث الإنسان عن مصدر تلقّيه للشريعة التي جاء بها رسول الله(صلى الله عليه وآله) لأنّ الاعتماد على الأصحاب
____________
1- آل عمران (3): 144. 2- صحيح البخاري: 4 / ح 6576. 3- صحيح البخاري، 4 / ح 7050. 4- صحيح مسلم: 1 / كتاب الطهارة ح 37.
الذين لم يحسنوا الصحبة والذين اتّبعوا أهؤاءهم من بعده وتنافسوا على الدنيا يؤدّي إلى وقوع الإنسان في أودية الضلال.
ما بعد اكتشاف الحقيقة:
إنّ البحوث المقارنة التي أجرها "زاهر بن يحيى" دفعته إلى اكتشاف الحقيقة، فقرّر بعد تصحيح مساره، التحوّل من المذهب السنّي إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام).
ثمّ سافر "زاهر" إلى عشّ آل محمد مدينة قم المقدّسة في إيران لتلقّي المزيد من علوم ومعارف أهل البيت(عليهم السلام)، فدرس فيها ثمّ عادّ إلى بلده وتصدّى لإدارة مؤسّسة المعهد الإسلامي بعد رحيل مؤسِّسها السيد حسين الحبشي.
كما كتب "زاهر بن يحيى" شيئاً في الفقه وترجم بعض الكتب إلى اللغة الأندونيسية، وواصل عمله التبليغي عن طريق إلقاء المحاضرات باللغة العربية والإنجليزية، وهو لا يزال يواصل عمل الدعوة إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام).
(41) زين الحبشي
(شافعي / أندونيسيا)
ولد في أندونيسيا، وترعرع في مدينة "جاكرتا" في أسرة شافعيّة المذهب، وواصل حياته في ظلّ هذا المذهب من دون أن يطرء على باله بأنّه يعيش حالة التقليد الأعمى لأسلافه، وأنّه لم يشيّد مرتكزاته العقائدية على ضوء الدليل والبرهان، وأنّه يتبع أقوال كبار قومه من دون أي إعمال عقل، وأنّه يؤمن بأن ما ورثه من آبائه كلّه من المسلّمات التي لا تخضع للنقد أبداً.
وبقي "زين الحبشي" على هذه الحالة حتّى استبصر أحد اصدقائه، فاستغرب وغضب غضباً شديداً وذهب إليه وقال له: كيف تسمح لنفسك أن تترك الحقّ وتتّجه نحو الضلال!
ـ ما هو الدليل على أحقّية ما ورثناه ليكون المخالف له باطلاً وضلالاً.
ـ إنّ هذه العقيدة ورثناها من آبائنا، وهل يشكّ أحد بأنّ آباءنا كانوا على ضلال.
ـ إذا كان الأمر كذلك، فاليهودي الذي ورث الديانة من آبائه يكون على الحقّ، والمسيحي الذي ورث الديانة المسيحية من آبائه على الحقّ، ويكون البوذي الذي ورث هذه الديانه من آبائه على حق، لأنّ جميع هؤلاء ورثوا عقائدهم من آبائهم!
استمر الحوار فترة طويلة، ثمّ انقضت الجلسة من دون أن يشعر أي أحد من طرفي الحوار بالاستياء، لأنّ الحوار كان مبتنياً على الأصول الصحيحة، وذهب صديق "زين الحبشي" لشأنه وهو يشعر بالارتياح نتيجة أداء وظيفته
الدينية وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذهب "زين الحبشي" أيضاً لشأنه وهو يشعر بضرورة اهتمامه بالبحث ولزوم تحرّره من التقليد الأعمى الذي هو عليه.
الاهتمام بالبحوث العقائدية:
خصّص زين الحبشي بعد ذلك اللقاء وقتاً لنفسه للبحث في الصعيد العقائدي، وبدأ يبحث عن الشخصيّات العلمية التي يستطيع أن ينتفع بها خلال البحث والتنقيب.
وواجه "زين الحبشي" العديد من المصاعب في هذا المجال منها عدم تعوده على البحث.
ثانياً: مواجهته للعديد من العقبات في طريقه إلى البحث منها انشغاله بالأمور المعاشية وعدم توفير الجوّ المناسب لذلك، والأصعب من ذلك أنّه كان يرى ازدياد شبهاته بمقدار ازدياد دراسته وبحثه في الصعيد العقائدي، وكانت هذه الشبهات تشكلّ ضغطاً نفسياً عليه وتدعوه إلى الوصول إلى حلّ الإشكال .
وعلى الرغم من جميع المصاعب التي واجهها "زين الحبشي" لم يفتر قط، وواصل طريقه بجد وبذل غاية جهده لاقتحام العقبات وإزالة الموانع وحلّ المشاكل التي واجهها في سبيل معرفته للحقّ، وبمرور الزمان، شعر "زين الحبشي" بثمرة بحثه، فبدأت الحقائق تتكشف له واحدة تلو الأخرى، وكان يشعر زين الحبشي بالسرور والفرح عندما كان يصل في قضية من القضايا إلى النتيجة المطلوبة، وكان يدرك حينئذ قيمة الفكرة التي ينتمي إليها ويعرف الأسباب التي دفعته للاعتقاد بها.
نتائج على غير ما يرام
إنّ المشكلة الأخرى التي واجهها "زين الحبشي" هي أنّ النتائج التي كان
يصل إليها من خلال البحث، لم تكن دائماً على ما يروم وما يهوى، بل كانت النتيجة تأتي في بعض الأحيان على خلاف المشهور في أوساطه بل على خلاف الرأي السائد عند أهل السنّة، فكان يعيش "زين الحبشي" حالة التردّد، ويسأل نفسه: هل يمكن التصديق بأنّ جميع علماء مذهبنا مخطئين واكون أنا الصائب في النتيجة التي حصلت عليها خلال البحث.
ولهذا كان يكرّر "زين الحبشي" بحثه ويدقّق في مقدّمات بحثه مرّة أخرى، فإذا كانت النتيجة كما حصل عليها فيما سبق يأخذ بها، لأنّه كان يقول مع نفسه: إنّ الله سوف يحاسبني فإذا قال لي لماذا اتّبعت هذا الرأي العقائدي، فأقول له: بحثت في هذا المجال، وتوصّلت إلى هذه النتيجة. وكان يفكر ويقول في نفسه بأنّ هذا القول أفضل من تركه، وذلك بسبب الأدلة التي توصّل إليها، لأنّ الله تعالى لا يحبّ من يقول له: هذا ما ورثته من آبائي، أو هذا ما أخذته من الآخرين نتيجة اتّباعي الأعمى لهم، لأنّ الله تعالى سيقول له ألم أجعل لك عقل تفكّر به، فلماذا جمدّت عقلك وتوجّهت نحو التقليد وأنت تعلم عدم جواز التقليد في الصعيد العقائدي.
ومن هذا المنطلق واصل "زين الحبشي" بحثه، وتقبّل النتائج التي كانت على غير مرامه، وكان يتحاور مع صديقه المستبصر في بعض الأحيان، واستمرّ على هذا المنوال في بحثه ثم توجّه نحو البحث المقارن وجعل يقارن بين عقائد أهل السنة وعقائد الشيعة، حتّى توصّل إلى هذه النتيجة بأنّ دعم أهل البيت(عليهم السلام)لمذهب التشيع أدّى إلى صيانة هذا المذهب من الانحراف والوقوع في أودية الضلال.
وعرف "زين الحبشي" بأنّ مذهب أهل البيت(عليهم السلام) هو المذهب الوسط بين الإفراط والتفريط، وتجلّت له هذه الحقيقة بصورة واضحة عندما اطّلع على نفي أتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام) للجبر والتفويض واعتقادهم بالأمر بين الأمرين.
الأمر بين الأمرين:
عرف "زين الحبشي" خلال بحثه بأنّ عقيدة الأشاعرة فيما يخصّ أفعال العباد تستلزم الجبر لأنّهم يقولون بأنّ الله خالق كلّ شيء ولا يوجد خالق غيره، ويقولون بأنّ قدرة الإنسان لا تأثير فيها في صدور الفعل منه، ويقولون بأنّ العبد لا دور له إلاّ كسب الفعل الذي يخلقه الله وبما أنّهم يقولون بأنّ الله خالق كلّ شيء فلازمه قولهم أن يكون الله تعالى هو الخالق للكسب فلا يكون للإنسان أيّ دور في أفعاله، فيكون الإنسان أداة يحرّكها الله تعالى كيفما يشاء، وهذا ما يعني الجبر.
وأما التفويض فهو الرأي الذي ذهبت إليه المعتزلة، فقالت بأنّ الله تعالى فوّض إلى العباد مسألة خلقهم لأفعالهم، فالعبد مستقل بإيجاد أفعاله وفق مشئيته، ولكن يرد على هذا الرأي بأنّه ينافي أصل احتياج الإنسان إلى الله عزّ وجلّ، وهو يوجب الاعتقاد بأنّ الله تعالى عاجز في تدبير أمر خلقه وإدارة شؤونهم.
كما أنّ التفويض يستلزم الشرك في الخالقية، لأنّه يوجب الاعتقاد بوجود خالقين مستقلين أحدهما الله عزّوجل والثاني الإنسان الذي يكون خالقاً مستقلاً وغير محتاجاً إلى الله في بقائه.
وأما مذهب أهل البيت(عليهم السلام) فهو يتمثّل في المقولة المشهورة للإمام الصادق(عليه السلام)حيث قال: "لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين"(1).
ومعنى "الأمر بين الأمرين" ـ كما قال الشيخ المفيد بـ "إنّ الله تعالى أقدر الخلق على أفعالهم ومكّنهم من أعمالهم، وحدّ لهم الحدود في ذلك ... فلم يكن بتمكينهم من الأعمال مجبراً لهم عليها، ولم يفوّض إليهم الأعمال لمنعهم من أكثرها، ووضع الحدود لهم فيها وأمرهم بحسنها ونهاهم عن قبيحها، فهذا هو
____________
1- الأصول من الكافي: 1 / 160، ح13.
الفصل بين الجبر والتفويض"(1).
أتّباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام):
إنّ النورانية التي وجدها "زين الحبشي" في علوم ومعارف أهل البيت(عليهم السلام)أنارت له الطريق وهدته إلى سواء السبيل وأرشدته إلى اتّباع الحقّ، فأعلن "زين الحبشي" استبصاره بعد اقتناعه الكامل بأحقيّة مذهب أهل البيت(عليهم السلام)ثم التحق بالمعهد الإسلامي في مدينة "بانجيل" ثمّ جنّد نفسه إلى إرشاد الآخرين وهدايتهم إلى سواء السبيل.
____________
1- تصحيح اعتقادات الإمامية، الشيخ المفيد وهو ضمن مصنفات الشيخ المفيد، 5: 47.