ما كنت أحسب أنّ الأمر منصرف | عن هاشم ثم منها عن أبي الحسن |
عن أول الناس إيماناً وسابقةً | واعلم الناس بالقرآن والسنن |
وآخر الناس عهداً بالنبي ومن | جبريل عون له في الغسل والكفن |
من فيه ما فيهم لا يمترون به | وليس في القوم ما فيه من الحَسن |
فبعث إليه عليّ فنهاه [درءاً للفتنة] .
وتخلّف عن بيعة أبي بكر قوم من المهاجرين والأنصار، ومالوا مع علي بن أبي طالب، منهم العباس بن عبد المطلب، والفضل بن عباس، والزبير بن العوّام بن العاص، وخالد بن سعيد، والمقداد بن عمرو، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، وعمّار بن ياسر، والبراء بن عازب، وأُبي بن كعب ..."(1) .
وجاء في تاريخ اليعقوبي أيضاً: "وبلغ أبا بكر وعمر أنّ جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب في منزل فاطمة بنت رسول اللّه، فأتوا في جماعة حتى هجموا على الدار ... ودخلوا الدار فخرجت فاطمة، فقالت: واللّه لتخرجن أو لأكشفن شعري ولأعجّن إلى اللّه ! فخرجوا وخرج من كان في الدار وأقام القوم أياماً، ثم جعل الواحد بعد الواحد يبايع، ولم يبايع علي إلاّ بعد ستة أشهر وقيل أربعين يوماً"(2) .
____________
1- تاريخ اليعقوبي: 2 / 84 . 2- المصدر السابق: ص85 ـ 86 .
الالتحاق بشيعة الإمام علي(عليه السلام):
إنّ الحقائق التي اطلع عليها "علوي بن شعيب" دعته إلى المزيد من التأمل، ثم أجرى مقارنة بين منزلة الإمام علي(عليه السلام) ومقامه ومنزلة غيره، فرأى أنّ الحق يكمن في اتباع الإمام علي(عليه السلام) وعدم الرضا ببيعة أبي بكر التي يصفها عمر بأنّها فلتة وقى اللّه شرّها(1) .
ومن هذا المنطلق قرّر "علوي بن شعيب" أن يكون من شيعة الإمام عليّ(عليه السلام) .
مواصلة البحث:
واصل "علوي بن شعيب" بعد ذلك بحثه في رحاب التاريخ الإسلامي، فرأى بمرور الزمان أنّ الكثير من القضايا التي كان يعتقد بأنّها من المسلّمات تبيّن زيفها من خلال البحث فدعاه ذلك إلى المزيد من البحث وغربلة مسلماته الموروثة .
ومن هذا المنطلق توصّل "علوي بن شعيب" إلى حقائق دعته في نهاية المطاف إلى التخلّي عن معتقداته الموروثة والالتحاق بمذهب أهل البيت(عليهم السلام) .
اجتياز المرحلة الصعبة:
إنّ "علوي بن شعيب" لم يجتاز مرحلة التغلّب على تعصّباته العقائديّة والخضوع للحقّ بسهولة ، ولكنّه تمكّن بأيّ صورة ممكنة من اجتياز هذه المرحلة ، ولكن كانت المرحلة القادمة أصعب بكثير من المرحلة السابقة، وكانت هذه المرحلة هي إعلان استبصاره ومواجهة ردود أفعال أبناء مجتمعه والتعرّض لسخط من حوله وصدور أحكام التكفير في حقّه وغير ذلك من التبعات الشاقّة .
ولكن تمكّن "علوي بن شعيب" من اجتياز هذه المرحلة أيضاً، وكان يفكّر دائماً بالغربة التي عاشها الإمام عليّ(عليه السلام) بعد وفاة رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكان هذا التفكير يمنحه القوّة للصمود أمام كافّة التيّارات المضادّة التي حاولت أن تعيده إلى
____________
1- المصنف: ابن أبي شيبة الكوفي: 8/ ص570، ح1 .
مذهبه الموروث، ولكن أبى ذلك ، وصبر في سبيل اللّه تعالى ، وجاهد نفسه ، وثبت على الصراط المستقيم .
وكان "علوي بن شعيب" يشعر إزاء صموده هذا بالطمأنينة والسكينة، لأنّه كان يعي بأنّه يتمسّك بمذهب قام عليه الدليل ، وهو بخلاف من حوله لا يسير وفق ما تملي عليهم الأجواء من معتقدات لا دليل عليها سوى التزام السلف بها .
واستمرّ "علوي بن شعيب" على هذا المنوال محاولا توعية الآخرين بأنّ رضا اللّه تعالى يكمن في رفض التقليد الأعمى والجهاد في سبيله لمعرفة الحقّ ثمّ المبادرة إلى اعتناق الحقّ مهما كلّف الأمر والاستعداد للتضحية في هذا السبيل بالمال والنفس، وانّ اللّه تعالى قد اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنة .
(65) علوي محمّد العطّاس
( شافعي / أندونيسيا )
ولد سنة 1388هـ (1969م) في مدينة "بكلونجن" بأندونيسيا، ونشأ في أسرة شافعيّة المذهب، تلقّى دراساته الابتدائيّة في المدرسة السلفيّة وتدرّج فيها حتّى تخرّج منها بعد إتمامه للدراسات العليا، كما أنّه حصل على دبلوم اللغة من معهد اللغة العربيّة في "جاكرتا" عاصمة أندونيسيا .
توجّه بعد التحاقه بمذهب أهل البيت(عليهم السلام) إلى الدراسات الحوزويّة في مدينة قم المقدّسة . وتفرّغ ـ بعد ذلك ـ لمهمّة التبليغ الديني والدعوة إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام)من خلال التدريس والوعظ وترجمة الكتب ونشرها .
كيفيّة تعرّفه على التشيّع:
كان اعتناق "علوي محمّد العطّاس" لمذهب أهل البيت(عليهم السلام) من خلال رحلة بحث علمي وتنقيب موضوعي، حيث وجد أنّ مذهبهم هو الطريق الصحيح للوصول إلى رضا اللّه تعالى .
ورغم أنّ عمدة دراسته كانت في المدرسة السلفيّة الوهابيّة، إلاّ أنّه كان شغوفاً بقراءة كلّ ما هو إسلامي جديد في ساحة النشر، ويبدو أنّ المدرسة الوهابية لم تستطع آنذاك أن تضيّق آفاق فكره عما يقوله الآخرون من المسلمين; ومن هنا واصل "علوي محمّد العطّاس" قراءته لبعض الكتب والمجلاّت الإسلاميّة لكافّة المذاهب ، بما فيها كتب ومجلات أبناء المذهب الشيعي; فتأثّر بها وأجرى مقارنة علميّة فيما بينها وتابع المسائل الخلافيّة والوفاقيّة التي توردها، فوجد أنّ ما يقوله الشيعة قويّ الحجّة ويستند إلى القرآن والسنّة النبويّة الشريفة حسب ما ينقله أهل
السنّة أنفسهم فضلا عن كتبهم الخاصّة بهم، غير أنّه واجه بعض الشبهات في دراسة عقائدهم، ووجد بعض اللبس في فهم قضاياهم الخاصّة بهم، ولكنّه ـ مع ذلك ـ واصل درب التحقيق والبحث، فاستفهم عن هذه المسائل، وسأل من لاقاه من الشيعة وخصوصاً بعض علمائهم، فأناروا له ما كان مبهماً عليه، ووضّحوا له سبيل الحقّ، وحذّروه من المزالق التي ينصبها الشيطان لمنع المؤمنين عن مواصلة السير على الصراط المستقيم .
لقاء صحفي له مع مجلة المنبر:
أجرت مجلة المنبر التي تصدر في الكويت عن هيئة خدّام الإمام المهدي(عليه السلام)حواراً صحفيّاً معه فتحدّث "علوي محمّد العطّاس" فيه عن استبصاره، وعن أوضاع الشيعة في أندونيسيا ونشاطاتهم نورد مقتطفات من هذا الحوار:
عوامل استبصاره:
المنبر: ما هي العوامل التي دفعتكم إلى ترك المذهب السنّي واعتناق العقيدة الإماميّة؟ ومتى كان ذلك؟
الجواب: رغم أنّ عمدة دراستي كانت في المدرسة السلفيّة (الوهابية) إلاّ أنّني كنت شغوفاً بقراءة كل ما هو إسلامي جديد، لذا فإنّني كنت متابعاً جيّداً لمجلة (المواقف) البحرينيّة إضافة للارساليات التي كانت تردنا من دار التوحيد في الكويت ، والكتب الإسلامية المترجمة من العربيّة إلى الأندونيسيّة . وأثناء ذلك، كنت ألتقي بعدد من أتباع الإمام السيد موسى الصدر، الأمر الذي أزال اللبس عندي حول كثير من القضايا التي تخصّ المذهب الشيعي .
ولقد قادني ذلك كلّه بعد رحلة بحث وتنقيب شاقّة، إلى اعتناق مذهب أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) لأنّني وجدته الطريق الأسلم للوصول إلى اللّه تعالى .
المنبر: هل أثّر تشيّعك في انتقال أفراد أسرتك وأصدقائك مثلا إلى المذهب
الحقّ ؟
الجواب: نعم بلا شك، فبسبب المدّ الإسلامي العالمي تعرّفنا على منهج أهل البيت (صلوات اللّه عليهم) أكثر فأكثر، وهو ما ساعد كثيراً على اقتناع أسرتي وأصدقائي وأساتذتي أيضاً بالتشيّع، وهم في الواقع كشفوا عن هويتهم الضائعة.
الهويّة الضائعة للشعب الأندونيسي:
المنبر: أيّ هويّة ضائعة؟
الجواب: إننّي أعتقد بأنّ غالبية الشعب الأندونيسي كانوا من الشيعة بيد أن الظروف التي طرأت على هؤلاء أثّرت تأثيراً كبيراً في اضمحلال هذه العقيدة، وكدليل على اعتقادي فإنّ السلاطين الذين يحكمون في (سومطرة) أو (كوالا) مازالوا يحتفظون بكثير من التقاليد والعادات الشيعيّة المتوارثة منذ عشرات السنين رغم أنّهم فعلياً لا يعرفون أركان وأصول العقيدة الإماميّة . إنّنا لو رجعنا لكتاب (أعيان الشيعة) لعرفنا أنّ من يحمل نسب أهل البيت(عليهم السلام) من السادة في أندونيسيا يتجاوزون 20 مليون شخصاً ! وبالطبع فإنّ من ينتمي إلى هذا المذهب أكثر بكثير! لكن ضعف الوعي الديني من جهة وانقطاع أندونيسيا عن العالم الإسلامي من جهة أُخرى بفعل الاستعمار أذابا كثيراً من العقائد والركائز الشيعيّة .
ومن طريف ما يذكر أنّ من عاداتنا التي لا تزال متّبعة في أندونيسيا صب الماء على ناصية المرأة ورجلها عندما تتزوّج، وهذا إحدى تعاليم الأئمة(عليهم السلام)، وهي عادة مختصّة بالمذهب الجعفري وحده دون سائر المذاهب .
كما أنّ الشعب الأندونيسي ملتزم منذ عشرات السنين بإحياء شعائر أبي عبد اللّه الحسين (عليه الصلاة والسلام) في شهر محرّم الحرام، فتجد منابر حسينيّة في كلّ البقاع الأندونيسيّة وكلّ الضواحي والمناطق، ويحضرها رجال ونساء وأطفال وشيوخ وكذلك كبار مسؤولي الدولة. أمّا في مدينة (سومطرة) الغربيّة فثمّة عادة مميّزة تجري في كل شهر محرّم، حيث يجتمع الشيعة والسنّة في جموع
غفيرة ليعدّوا نعشاً يمثّل نعش الإمام الحسين(عليه السلام)، ويطوفون به لمدّة أربعة عشر يوماً نسبة إلى عدد المعصومين الأربعة عشر(عليهم السلام) في الشوارع والميادين والساحات العامّة نادبين لاطمين، والصحف تقوم في مثل هذه المناسبة بتغطية إعلاميّة مميّزة حول شخصيّة سيّد الشهداء صلوات اللّه عليه وشهداء الطفّ العظيم . أمّا في مدينة (بريامان) وهي مشتقّة من اللفظة العربية (بر الأمان) فهناك خمسة ملايين يقومون بهذه الشعائر كلّ عام .
تاريخ التشيّع في أندونيسيا والبلدان المجاورة:
المنبر: إذن .. حدّثنا عن تاريخ التشيّع في أندونيسيا؟
الجواب: أتصوّر أنّ انتشار مذهب أهل البيت(عليهم السلام) في أندونيسيا جاء بفعل هجرة تجار شيعة من اليمن الجنوبي قبل عشرات السنين، وقد قام هؤلاء بالتبشير بالمذهب الجعفري ودعوة الناس إلى اتّباع أهل البيت(عليهم السلام)، ولقد كان معظمهم من السادة الأشراف .
وبطبيعة الحال .. كان للتزواج الذي حصل بين أولئك وبين الشعب الأندونيسي دوراً رئيسيّاً في زرع بذرة التشيّع هناك . ولذلك فقد اكتشفت أسرتنا أنّ أجدادنا هم من اليمن، والأندونيسيون على هذه الحال أخوالنا، كما لا ننسى أنّ ثمّة دور كبير لعبه الدعاة والمبلّغون الذين أتوا من العراق وإيران في الترويج للمذهب الاثني عشري .
المنبر: وماذا عن البلدان المجاورة لأندونيسيا؟
الجواب: التشيّع منتشر في معظم هذه البلدان، ولعلّك تجد في سنغافورة وماليزيا مؤتمرات وندوات إسلاميّة جعفريّة كثيرة على مدار العام، وهناك اهتمام كبير بقراءة دعاء كميل كلّ ليلة جمعة، وفي تايلند نسبة جيّدة من الشيعة، أمّا في ماليزيا فإنّ اتّحاد الطلبة هناك يميل كثيراً إلى شخصيّات الأئمة(عليهم السلام)، وعادة ما يسلّط في أدبياته وخطاباته الأضواء على حياتهم وسيرتهم .
معنى أن يكون المرء شيعياً:
المنبر: بعد تشيّعك .. ما هو معنى أن يكون المرء شيعياً من وجهة نظرك الشخصيّة ؟
الجواب: التشيّع في نظري هو أن تكون مثالا يترجم تعاليم أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام)، لا أن تكتفي بالرداء الشيعي . إنّ قول المرء: أنا شيعي .. قول عظيم جدّاً يحتاج إلى برهان، فالتشيّع مرتّبة عظيمة لا يبلغها إلاّ من اكتسب الأخلاق الإسلاميّة الرفيعة والتزم بتقوى اللّه وسيرة أهل البيت(عليهم السلام) .
الدعوة والتبليغ:
المنبر: ما هي الخطوات العمليّة التي قمتم بها على صعيد نشر مذهب آل محمد(عليهم السلام)؟
الجواب: إنّ لنا كثيراً من الأنشطة التي تهدف إلى إعادة الهويّة الضائعة للشعب الأندونيسي رغم إمكانيّاتنا المتواضعة، وأخيراً قمنا بترجمة كتابي (المراجعات) و(ليالي بيشاور) فنالا إعجاب الجماهير الأندونيسيّة المتعطّشة لذكرى أهل البيت (صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين) . . . أنتم لا تعرفون ما الذي أحدثه هذا الكتاب ، لكنّي أقول أنّه كان بمثابة من أوقظ الشعب من سبات عميق، بل إنّه أحياه من جديد ، وأنار له درب الولاية .
المؤسّسات الشيعيّة في أندونيسيا:
المنبر: ماذا عن المؤسّسات الشيعيّة في أندونيسيا؟
الجواب: عندنا مؤسّسات إماميّة رسميّة يبلغ عددها حوالي 12 مؤسّسة، بين مسجد وحسينيّة ومركز، ومعظمها في مدينة (بندونج) العلميّة، وهي مدينة ذات كثافة شيعيّة وفيها جمع من طلاب الحوزات العلميّة، غير أنّ هذه المراكز ليست سوى نقطة في بحر، فالذي يؤلمني أنّ كثيراً من المناطق والمقاطعات بحاجة إلى مساجد أو حسينيّات على الأقل، لكنّنا لا نستطيع إقامتها هناك .
وعلى كلّ حال فإنّنا نطمح إلى بناء مركز إسلامي إمامي متكامل تنبثق منه فروع في مختلف أنحاء الوطن .
(66) علي أبو بكر الحبشي
( شافعي / أندونيسيا )
مرّت ترجمته في (1/413) من هذه الموسوعة. ونشير إلى سائر ما وقفنا عليه من معلومات لم تذكر من قبل:
استطاع "علي" من خلال البحث والتحقيق في الكتب المعتبرة عند أهل السنّة أن يصل إلى حقائق متروكة نتيجة الاضمحلال في الجانب العقلي، والذي أدى إلى اضفاء القداسة على التراث الماضي.
فاقتصرت مهمّة العقل فقط في تلقّي الموروثات من دون تحقيق وتدقيق. وكانت نتيجة هذا الركود في الجانب الفكري، فيبقى الحل الوحيد لطالب الحقيقة هو الخروج من أسر التبعية والمواريث، وإتاحة الفرصة للعقل في تمييز الالتباسات والوقائع التي يمارسها الباحث.
يقول "علي": وكشفت لي الدراسات المعمّقة لصحيح البخاري وشروحه أُموراً لم أكن أتوقعها من قبل، فإنّها أدّت إلى فقدان اعتبار هذا الكتاب عندي، وهذا ما دفعني لإعادة النظر في كلّ الموروثات، وإذا بي أجد فراغات وثغرات عقائدية لا يمكن ترميمها إلاّ من خلال البحث الحرّ وإعطاء العقل مكانته للوصول إلى نتائج خالية من كلّ شائبة .
ومن البديهي أنّ البخاري وغيره من الصحاح ليس كفؤ للقرآن، وهذا ما يؤكّد عدم صحّة كلّ ما جاء فيها، بل غاية ما يقال: إنّ البخاري كتاب روائي لا يسلم من الخلل والضعف .
يقول "علي": فتابعت بحثي وكانت النتيجة باهرة ، فأزالت الحجب عن بصيرتي فاهتديت بنور أهل البيت(عليهم السلام)والحمد للّه .
(67) عمار فوزي
(شافعي ـ أندونيسيا)
ولد سنة 1394هـ (1975م)، في مدينة "فرواكرتا" بأندونيسيا، ونشأ في عائلة شافعيّة المذهب، درس بعد استبصاره في الحوزة العلمية في مدينة قم المقدّسة.
بداية رحلة استبصاره:
اعتنق "عمار فوزي" مذهب أهل البيت(عليهم السلام) بعد مطالعة واسعة لكتب المذهب الشيعي ومقارنتها مع كتب أهل السنّة، والسؤال من العلماء للتثبّت من المسائل المطروحة ودقّة مصادرها ودلالاتها الواردة في الكتب.
وقد خرج "عمار فوزي" بحصيلة علميّة كبيرة من هذه المطالعات والمباحثات والتي أهلّته لاستخلاص النتائج المطلوبة في تمييز الصحيح من الخطأ، وتفريق الحقّ عن الباطل وقد رأى من خلال ذلك أنّ أدّلة المذهب الشيعي قويّة جداً رغم كلّ التهم والافتراءات التي هاجمته طوال التاريخ، كما أنّ الكثير من هذه الأدلّة موجودة في مصادر الفرق الأخرى بما فيها مصادر أهل السنّة التي يكثر فيها التحريف والتدليس.
وقد شكّلت مسائل التحريف جانباً مهمّاً من القضايا التي تابعها "عمار فوزي" وخصوصاً الاتّهام الشنيع بتحريف القرآن معجزة الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله).
مكانة القرآن وعظمته:
إنّ القرآن هو كتاب الله المعجز الذي تحدّى به البشريّة أن تأتي ولو بسورة من مثله، وهو الثقل الأكبر الذي خلّفه رسول الله(صلى الله عليه وآله) لأمّته، وهو الكتاب العزيز
الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو الذكر الذي تعهّد الله سبحانه بحفظه وجمعه وقراءته، وهو الكتاب الذي تعرض عليه الروايات التي إن خالفته ضرب بها عرض الجدار.
وهو الكتاب المنقول بشكل متواتر جيلاً بعد جيل، وهو الكتاب الذي أوصى الرسول(صلى الله عليه وآله)والأئمّة(عليهم السلام) بحفظه وتدبّره وفهمه واستنطاقه وتلاوته وتعليمه والتمسّك به، وبينوا فضله وذكروا ثواب قراءته.
نسبة التحريف إلى القرآن الكريم:
كيف ينسب التحريف إلى هذا الكتاب العظيم بأدلّة باهتة ما أنزل الله بها من سلطان ـ ويا للعجب ـ فإنّ بعض أعلام العامّة سلّطوا الضوء على اخبار ضعاف وأوّلوها على ما سوّلت لهم أنفسهم من القول بتحريف القرآن لغفلتهم عن عظمته ولعجزهم عن تأويل بعض الأخبار الواردة في التحريف، والتي هي في الواقع من أخبار التحريف المعنوي أي في تفسير القرآن وفهمه لا في التحريف اللفظي، حيث أجمع المسلمون على عدم وجوده في القرآن العظيم إلاّ شرذمة قالت بالتحريف لاشتباههم بين اختلاف القراءات وتحريف القرآن.
وقد دافع العلماء المحقّقون والمجتهدون عن عظمة الكتاب العزيز وردّوا على ما قاله البعض بتحريفه.
هذا وقد استغلّت أخبار التحريف من قبل دعاة التعصّب المذهبي لإسقاط آراء من يريدون من المذاهب الأخرى واتّهامهم بالانحراف والضلال.
وقد اتّهم الشيعة طوال التاريخ الإسلامي بذلك من قبل السطحييّن المتعصبيّن وذلك لمجرّد ورود الشبهات في أذهانهم من دون المحاولة لفهمها على حقيقتها وأسبابها، وكان لابدّ لهم من التثبّت قبل توجيه الاتّهام إلى أتباع أهل البيت(عليهم السلام)جزافاً .
بينما نجد في المقابل علماء الشيعة المجتهدون يردّون التهم بالدليل والحجّة
ولا يتهمون أحداً رغم وجود ما يدعو إلى ذلك في تراث نفس المتّهمين.
فهذا ابن حزم يتّهم الشيعة بالقول بتحريف القرآن الكريم، وهو نفسه يقول بنسخ التلاوة وبقاء الحكم في آية الرضاع وآية الرجم وما هذا إلاّ التحريف بعينه، بينما علماء الشيعة بأجمعهم لا يستفيدون من مثل هذه الأخبار الآحاد في القطعيّات علماً ولا عملاً بخلافه هو حيث استفاد منها وافتى بها في مجال الفقه في أمرين مهمّين وهو التحريم بالرضاع، وفي الحدود مثل الرجم في الزنا الذي يؤدّي إلى الموت.
تخلّيه عن معتقداته الموروثة:
وجد "عمّار فوزي" بعد الفترة الطويلة التي أمضاها بحثاً عن الحقّ بأنّ الأدلّة والبراهين تحتّم عليه التخلّي عن معتقداته الموروثة وتغيير انتمائه المذهبي والتمسّك بمعتقدات مذهب أهل البيت(عليهم السلام).
ولم يسمح "عمار فوزي" لهواه أن يمنعه من اتّباع الحقّ، فكبت هواه وسيطر على نفسه وأعلن استبصاره وتمسّكه بمذهب أهل البيت(عليهم السلام).
(68) عمر بن شهاب
(شافعي / أندونيسيا)
ولد في أندونيسيا بمدينة "بلمبنغ"، واصل دراسته الأكاديميّة حتّى حصل على شهادة جامعيّة مرموقة، ثمّ عُيّن بعد ذلك أستاذاً في الجامعة، عاش برهه من الزمن منتمياً إلى المذهب الشافعي الذي ورثه من آبائه، ولكنّه لم يكن من الذين قال اللّه تعالى فيهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ}(1) وحينما لفت البعض انتباهه بأنّ مذهب أهل البيت(عليهم السلام)أفضل من المذهب الذي ورثه من آبائه خلع رداء التعصّب من نفسه، وأقبل على دراسة هذا المذهب ضمن الكتب المتوفّرة لديه، وقارن قدر وسعه بينه وبين مذهبه، فرأى أدلّة مذهب أهل البيت(عليهم السلام)واضحة لكلّ ذي عقل متحرّر من العناد واللجاج، ولهذا أعلن استبصاره ثمّ استعدّ للتضحية في سبيل عقيدته بكلّ ما يمتلك.
كثرة فضائل الإمام علي(عليه السلام):
إنّ من أهمّ الأمور التي لفتت انتباه "عمر بن شهاب" خلال بحثه في كتب الأحاديث النبويّة هي كثرة الفضائل التي قد تحلّى بها الإمام علي(عليه السلام) منها:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): "ما اكتسب مكتسب مثل فضل علي، يهدي صاحبه إلى الهدى، ويردّه عن الردى"(2).
____________
1- البقرة (2): 170 . 2- ينابيع المودة، القندوزي الحنفي: 2 / ص149 .
وورد عن محمّد بن منصور الطوسي قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما جاء لأحد من أصحاب رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب(عليه السلام)(1).
وجاء في كتاب الإمام والسياسة: ذكروا أنّ رجلاً من همدان يقال له برد، قدم على معاوية، فسمع عمرو يقع في علي(عليه السلام) فقال له: يا عمرو ! إنّ اشياخنا سمعوا رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: "من كنت مولاه فعلي مولاه" فحق ذلك أم باطل؟ فقال عمرو: حق، وأنا أزيدك أنّه ليس أحد من صحابة رسول الله(صلى الله عليه وآله) له مناقب مثل علي، ففزع الفتى..."(2).
وروى عن ابن عباس أنّه قال: نزلت في علي(عليه السلام) ثلاثمائة آية(3).
وجاء في في الصواعق المحرقة حيث قال: واخرج ابن عساكر عن ابن عباس، قال: ما نزل في أحد من كتاب الله تعالى ما نزل في علي(عليه السلام)ثمّ قال وأخرج ابن عساكر عنه قال: نزل في علي(عليه السلام) ثلاثمائة آية(4).
الالتحاق بشيعة الإمام علي(عليه السلام):
واصل "عمر بن شهاب" بحثه حتّى توصّل إلى حقائق الزمته الالتحاق بشيعة الإمام علي(عليه السلام)، فأعلن استبصاره، ثمّ سافر إلى إيران وانتسب إلى الحوزة العلميّة في مدينة قم بهدف رفع مستواه في صعيد العلوم الدينّية، وبقي في الحوزة العلميّة سنوات عديدة حتّى ارتوى بما يكفيه من العلم، فعاد إلى بلاده داعياً ومبلّغاً وأصبح من الوجوه الشيعيّة البارزة في مدينته.
____________
1- المستدرك، الحاكم النيسابوري: 3 / ص 321 ح4629 . 2- الإمامة والسياسة، ابن قتيبة: 93. 3- تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي: 6 / ص 219 / ح 3275. ينابيع المودّة، القندوزي الحنفي: 2 / ص 406. 4- الصواعق المحرقة، ابن حجر الهيتمي: 373 .
(69) فجرالدين مختار
(شافعي / أندونيسيا)
ولد في أندونيسيا، ونشأ في أسرة شافعيّة المذهب، حصل على شهادة الثانوية ثمّ تعرّف بعد ذلك عن طريق أصدقائه على مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، فتوجّه نحو البحث في الصعيد العقائدي، فأخذ البحث بيده وأراه ما لم يحط به علماً فيما سبق، وبيّن له عظمة الإمام علي(عليه السلام) وما يمتاز به شيعته الفائزون.
الإمام علي(عليه السلام) وشيعته هم الفائزون:
ورد في ذيل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}(1) أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبدالله قال: كنا عند النبي(صلى الله عليه وآله)فأقبل علي(عليه السلام) فقال النبي(صلى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده، إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة، ونزلت {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} فكان أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله) إذا أقبل علي(عليه السلام)قالوا: جاء خير البرية(2).
فاشتاق فجرالدين أن يكون من شيعة الإمام علي(عليه السلام) وأن يكون الإمام علي(عليه السلام)حجّة الله عليه بعد الرسول كما قال(صلى الله عليه وآله) عندما رأى عليّاً(عليه السلام)مقبلاً: أنا وهذا حجّة على أمّتي يوم القيامة(3).
وأحب "فجرالدين مختار" أن يكون الإمام علي(عليه السلام) سيّده وإمامه، لأنّ النبي(صلى الله عليه وآله)يقول: "أوحي إليّ في علي ثلاث، أنّه سيد المسلمين، وإمام المتقين،
____________
1- البيّنة (98): 7 . 2- الدرّ المنثور، السيوطي: 6 / ص 643. 3- تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي: 2 / ص 86 .
وقائد الغرّ المحجلين"(1)، فازداد حبّ "فجرالدين مختار" للإمام عليّ(عليه السلام) لأنّه علم بأنّ الإمام عليّاً(عليه السلام)يحبّه الله ورسوله(صلى الله عليه وآله).
وقد ورد بأنّ النبي(صلى الله عليه وآله) وصف الإمام عليّاً(عليه السلام) في خيبر بأنّه رجل يحبّه الله ورسوله(2).
الالتحاق بشيعة الإمام عليّ(عليه السلام):
عندما عرف "فجر الدين مختار" بأنّ شيعة الإمام عليّ(عليه السلام) هم الفائزون وأنّ الإمام عليّاً(عليه السلام) ـ كما وصفه رسول الله(صلى الله عليه وآله) ـ سيّد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغرّ المحجّلين ازداد شوقه للتعرّف على المذهب المنتمي للإمام عليّ(عليه السلام)فتوجّه إلى قراءة كتب أتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، ثمّ سافر إلى إيران والتحق بإحدى المدارس العلميّة في مدينة قم ليزداد علماً ومعرفة بمذهب أهل البيت(عليهم السلام).
وبذل "فجرالدين مختار" غاية جهده من أجل التعرّف على الحقيقة، وغاص في بطون الكتب العقائدية والكتب التاريخيّة وقارن بين أصول ومبادئ المذهب الشافعي ومذهب أهل البيت(عليهم السلام) حتّى توصّل إلى أحقيّة مذهب أهل البيت(عليهم السلام).
ولم يترك "فجرالدين مختار" مواصلته للدراسة بعد الاستبصار، بل بقي على اتّصال مع الكتب ومعارف أهل البيت(عليه السلام) لأنّه كان يرى بأنّ هذه الكتب والمعارف تمثّل الغذاء لروحه، والروح لا يمكنها البقاء من دون غذاء .
____________
1- المستدرك، الحاكم النيسابوري: 3 / ص348 ح4726 . وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . 2- صحيح البخاري: 2 / 267 / ح 2975. صحيح مسلم: 3 / ص 1142 / ح 1807.
(70 ) فؤاد الهادي
(شافعي ـ أندونيسيا)
ولد سنة 1391هـ (1972م) في "جاكرتا" عاصمة أندونيسيا، ونشأ في أسرة شافعيّة المذهب، أكمل المدرسة الثانويّة، ثمّ التحق بالحوزة العلميّة.
بداية تعرّفه على التشيّع
إنّ اعتناق "فؤاد الهادي" لمذهب أهل البيت(عليهم السلام) لم يتحقق إلاّ بعد مناقشات علميّة مع بعض أصدقائه الشيعة، بالإضافة إلى مطالعته لكتب الشيعة ومقارنتها مع مصنّفات أهل السنّة في المسائل الإسلاميّة المختلفة الخلافيّة والوفاقيّة.
وقد وجد "فؤاد الهادي" خلال بحثه أنّ عقائد الشيعة وأحكامهم الفقهيّة تعود في أصولها إلى القرآن الكريم، والسنّة الشريفة وذلك بخلاف ما كان يصوّره البعض حيث إنّهم كان يتهّمون أتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام) بأنّهم يقولون بتحريف القرآن الكريم، وأخرى نسبة الخيانة إلى الأمين جبرائيل(عليه السلام) وثالثة تأثّرهم باليهود و... وتعجّب "فؤاد الهادي" في بداية الأمر من الأسلوب غير الموضوعي الذي يستخدمه بعض أهل السنّة في قبال الشيعة، ولكنّه بعد أن عرف حقيقة أهل البيت(عليهم السلام) ومقاماتهم الإلهيّة التي حباهم الله تعالى بها، عرف أنّ كلّ هذا التشويه ضدّهم هو ممّن لا يسعه أن يرى انتصار الحقّ وخذلان الباطل.
ومن هنا تمسّك "فؤاد الهادي" بمذهب أهل البيت(عليهم السلام) وأخذ عنهم دون سواهم كما أمر الله تعالى بالأخذ عنهم ومودّتهم وولايتهم، ولم يبال بموقف المخالفين وكانت من المسائل التي لفتت نظره في مذهب آل البيت(عليهم السلام) مسألة
الرجعة التي لها أصل في القرآن الكريم، وقد وردت في أحاديث أهل البيت(عليهم السلام).
ما هي الرجعة:
إنّ المقصود من الرجعة هو الرجوع إلى الحياة الدنيا بعد الموت، ولا يحصل هذا لجميع الناس، وإنّما يحصل للبعض ـ حسب روايات أئمّة الهدى من أهل البيت(عليهم السلام)ـ ممّن محض الإيمان محضاً أو محض الكفر محضاً، ثمّ ينصر الله تعالى المؤمنين وينتقم لهم من الكافرين، وينتصف للمظلومين من الظالمين، ويعتبر هذا مظهراً يتجلّى فيه العدل الإلهي والقدرة الإلهيّة بنكال الظالمين وعذابهم على نفس الأرض التي أفسدوا فيها وملؤوها بالظلم والعدوان.
وقد قال تعالى: {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنظَرُونَ}(1)وقال عزّ من قائل: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}(2).
إمكانيّة الرجعة:
لا شكّ في قدرة الله سبحانه وتعالى على إعادة الموتى إلى الحياة، ولا خلاف في ذلك بين الموحدّين، فلا داعي للاستغراب والاستنكار من قبل البعض ثمّ التشنيع والنبز على المؤمنين بذلك.
إنّ الرجعة هي معاد جسماني وبعث محدود كمّاً وكيفاً يحدث قبل يوم القيامة، ومادامت قد وردت به الأخبار الصحيحة عن الأئمّة الصادقين(عليهم السلام) فلا يصحّ إنكاره بل يجب التسليم لذلك أو تركه في حيّز الإمكان إذا لم يكن هناك دليل قاطع على إبطاله من الكتاب الكريم أو السنّة النبويّة الشريفة.
ونحن نرى بأنّ القرآن الكريم يصرّح بحدوثه في الأقوام السابقين، ويشير إلى حدوثه قبل يوم القيامة في آيات عديدة لا يمكن تفسيرها بغير ذلك.
____________
1- السجدة (32) : 29. 2- غافر (40): 51.
إنّ جميع الأدلّة التي يقبلها المسلمون على إمكان المعاد يوم القيامة يمكن الاستناد إليها كدليل على إمكان الرجعة، وذلك لأنّهما ظاهرتان متماثلتان من حيث النوع.
ولا خلاف بين المسلمين في الإيمان بالمعاد الذي جعلوه من أصول دينهم، فهكذا الرجعة يؤمن بها الجميع من حيث الإمكان، قال الآلوسي: (وكون الإحياء بعد الإماتة والإرجاع إلى الدنيا من الأمور المقدورة له عزّوجلّ ممّا لا ينتطح فيه كبشان إلاّ أنّ الكلام في وقوعه)(1).
الرجعة في القرآن الكريم:
وردت آيات كريمة عديدة تدلّ على إمكان وقوع الرجعة بمعناها الخاص، نذكر منها:
1 ـ قال تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ}(2).
تدلّ هذه الآية على وجود حشر خاص يشمل البعض من كلّ أمّة، وهذا الحشر غير الحشر العام المذكور بعد هذه الآية بفاصلة ثلاث آيات {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}(3)وبما أنّه لا حشر بعد يوم القيامة العام فلابد أن يكون قبل يوم القيامة فيكون هو الرجعة، ويدلّ عليه أيضاً أنّ هذه الآية وردت بعد آية دابّة الأرض وقبل آية نفخة الصور ممّا يدل على وقوعها بين يدي القيامة.
2 ـ قال تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى
____________
1- روح المعاني، الآلوسي: 10 / ص 237. 2- النمل (27): 83. 3- النمل (27): 87.
خُرُوج مِّن سَبِيل}(1) تدلّ هذه الآية صريحاً على الرجعة لبعض الظالمين إذ يخاطبون الله سبحانه بأنّه أماتهم مرّتين الأولى تكون بانتهاء آجالهم والثانية بعد عودتهم إلى الحياة، وتأويلها بخلقهم أمواتاً لا يصحّ لأنّه ما ورد في الآية هو "أمتنا"، وهذا لا يكون إلاّ بعد الحياة وأيضاً "أحييتنا" وهو لا يكون إلاّ بعد الموت.
ثمّ إنّ تأويلها بالحياة في القبر بعد الحياة في الدنيا لا يصحّ أيضاً لأنّ حياة القبر للمسائلة والحساب لا للتكليف والعمل حتّى يندموا على ما فاتهم في حياتهم باعترافهم بذنوبهم.
نشاطاته:
إنّ لفؤاد الهادي نشاطات تبليغية عديدة في نشر علوم أهل البيت(عليهم السلام) بين أبناء أندونيسيا، كالمحاضرات الدينيّة، وترجمة الكتب، وإقامة مجالس الذكر والعزاء، وخصوصاً في مؤسّسة "مدينة العلم" في جاكرتا.
____________
1- غافر (40): 11.
(71) محسن السقّاف
(شافعي / أندونيسيا)
ولد سنة 1393هـ (1974م) في أندونيسيا بمدينة "شربون"، ونشأ في أسرة شافعيّة المذهب، ثمّ توصّل بعد مطالعته لبعض الكتب الشيعيّة ومقارنة المذهب السنّي مع المذهب الشيعي إلى أحقيّة المذهب الشيعي، فغيّر انتماءه المذهبي وأعلن استبصاره والتحاقه بمذهب أهل البيت(عليهم السلام).
عظمة الإمام علي(عليه السلام):
إنّ من أهمّ الأمور التي دعت "السيد محسن السقّاف" إلى اتّباع منهج الإمام علي(عليه السلام)دون غيره من الخلفاء هو أنّ الخصائص التي يمتاز بها الإمام علي(عليه السلام)خصائص ربّانية لم يصل أحد من الصحابة إليها أبداً، ومن هذه الخصائص:
ورد في مناقب علي بن أبي طالب(عليه السلام) لابن مردويه: عن علي(عليه السلام) أنّ النبي(صلى الله عليه وآله)قال: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم(عليه السلام)بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم(عليه السلام) قسّم ذلك النور جزأين، فجزء أنا وجزء علي(1) .
وورد أيضاً في مجمع الزوائد:
عن بريدة، قال بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعثين إلى اليمن على أحدهما علي بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال "إذا التقيتم فعليٌّ على الناس، وإن افترقتما فكل واحد منكما على جنده" قال: فلقينا بني زيد من أهل اليمن، فاقتتلنا
____________
1- مناقب علي بن أبي طالب، ابن مردويه: ص 285 / ح450 .
فظهر المسلمون على المشركين فقتلنا المقاتلة، وسبينا الذرّية، فاصطفى عليّ امرأة من السبي لنفسه، قال بريدة: فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) يخبره بذلك، فلمّا أتيت النبيّ(صلى الله عليه وآله) دفعت الكتاب فقرى عليه، فرأيت الغضب في وجه رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله، هذا مكان العائذ بك بعثتني مع رجل، وأمرتني أن أطيعه، ففعلت ما أرسلت به، فقال(صلى الله عليه وآله): "لا تقع في عليّ، فإنّه منّي وأنا منه، وهو وليّكم بعدي"(1).
وورد عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) "من يريد أن يحيا حياتي ويموت موتي ويسكن جنّة الخلد التي وعدني ربّي فيلتولّ عليّ بن أبي طالب فإنّه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة"(2).
تبعيّة الحق:
إنّ الحقائق التي توصّل إليها "محسن السقّاف" دفعته في نهاية المطاف إلى الاستبصار والالتحاق بصف أتباع الإمام عليّ(عليه السلام)، ثمّ درس مدّةً في المعهد الإسلامي في مدينة "بانجيل" ثمّ سافر إلى إيران وانتسب إلى الحوزة العلميّة في مدينة قم، وتلقى فيها علوم ومعارف أئمّة أهل البيت(عليهم السلام).
____________
1- مجمع الزوائد، الهيثمي: 9 / ص 120 / ح 1432. وقال: "رواه الترمذي باختصار. رواه أحمد، والبزار باختصار، وفيه الأجلح الكندي، وثّقه ابن معين وغيره وضعفه جماعة، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح". 2- المستدرك، الحاكم النيسابوري: 3 / 341 / ح 4700. وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
(72) محمد أمين سفيان
(شافعي / أندونيسيا)
ولد في أندونيسيا بمدينة "سورابايا"، ونشأ في أسرة شافعيّة المذهب، ثمّ توجّه بعد ارتقاء مستواه العلمي إلى معرفة عظمة درجة أهل البيت(عليهم السلام)ثمّ سمع بوجود مذهب يُدعى مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، فبحث حول هذا المبحث، وقرأ كتب أتباعه واطّلع على مبادئهم وآرائهم وأدلّتهم وبراهينهم، فتبلورت عنده قناعة بأحقّيتهم، فترك مذهبه الموروث وانتمى إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام).
النبي سلم لمن سالم أهل البيت(عليهم السلام):
وجد "محمد أمين سفيان" بأنّ أهتمام الرسول(صلى الله عليه وآله) بأهل البيت(عليهم السلام) اهتمام ينبىء عن عظمتهم وامتلاكهم المنزلة السامية التي لم تمنح لأيّ شخص غيرهم. منها:
عن زيد بن أرقم: أنّ رسول قال لعليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام): أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم(1).
وورد هذا الحديث أيضاً بصورة أخرى: نظر النبيّ(صلى الله عليه وآله) إلى عليّ والحسن والحسين وفاطمة(عليهم السلام) فقال: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم(2).
____________
1- المستدرك، الحاكم النيسابوري: 3 / ص 359 / ح 4772. وأقرّه الذهبي في التلخيص. صحيح الجامع الصغير، الألباني: 1 / ص 306 / ح 1462 وقال: "حسن" . 2- المستدرك، الحاكم النيسابوري: 3 / ص359 ح 4771 وقال: هذا حديث حسن وأقرّه الذهبي في التلخيص .
وورد أيضاً: عن أبي بكر، قال: رأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) خيّم خيمة وهو متّكىء على قوس عربيّة، وفي الخيمة عليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) فقال: معشر المسلمين أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، حرب لمن حاربهم، وليّ لمن والاهم، لا يحبّهم إلا سعيد الجد، طيب المولد، ولا يبغضهم إلاّ شقيّ الجد، رديء الولادة(1).
ويبيّن هذا الحديث مدى اهتمام النبي(صلى الله عليه وآله) بأهل البيت في العديد من المواقف، ومحاولة تفهيم المسلمين عظمة شأنهم .
وقد ورد أيضاً عن أمّ سلمة، قالت: كان النبي عندنا منكساً رأسه، فعملت له فاطمة(عليها السلام) حريرة، فجاءت ومعها حسن وحسين(عليهما السلام) ، فقال لها النبي(صلى الله عليه وآله): "أين زوجك؟ اذهبي فادعيه"، فجاءت به، فأكلوا، فأخذ كساء فأداره عليهم وأمسك طرفه بيده اليسرى، ثمّ رفع اليمنى إلى السماء وقال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي وخاصتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، أنا حرب لم حاربهم وسلم لمن سالمهم، عدو لمن عاداهم"(2).
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري، قال: لما دخل عليّ بفاطمة(عليهما السلام)جاء النبي(صلى الله عليه وآله) أربعين صباحاً إلى بابها يقول: "السلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته، الصلاة يرحمكم اللّه {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} أنا حرب لم حاربتم، أنا سلم لمن سالمتم"(3).
الانضمام تحت راية أهل البيت(عليهم السلام):
توصل "محمّد أمين سفيان" بعد معرفته بعظمة أهل البيت(عليهم السلام) بأنّ الله تعالى قد اصطفاهم للإمامة والخلافة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فآمن بإمامتهم والتزم بنهجهم
____________
1- المناقب، الموفق الخوارزمي: ص297 / ح291 . 2- ينابيع المودة، القندوزي: 2 / 224 / ح633 . 3- الدر المنثور، السيوطي: 5 / 378 . فضائل سيدة النساء، عمر شاهين: 29 .
وتمسك بهديهم وأصبح من أتباعهم، ثمّ أعلن استبصاره، وبعد إكماله الدراسة في المعهد الإسلامي في "بانجيل" سافر إلى إيران، والتحق بالحوزة العلمية في مدينة قم ودرس فيها عدّة سنوات .
(73) محمد باقر الحسني
(شافعي ـ أندونيسيا)
ولد سنة 1393هـ (1974م) في مدينة "بورباغارتا" الواقعة في جزيرة جاوة الغربيّة بأندويسيا، ونشأ في أسرة شافعيّة المذهب، ودرس العلوم الإسلاميّة في "معهد حديقة الميلاتي" الكائن في مدينة "شيربون"، ثمّ واصل دراسته في معهد "يابي" في مدينة "بانجيل"، وكذلك "معهد الهادي" في "بكلونجن" في "جاوة الوسطى"، ثمّ التحق بالحوزة العلميّة في مدينة قم المقدّسة في إيران.
استبصاره:
تحوّل "محمد باقر الحسيني" سنة 1413هـ (1993م) من المذهب السنّي إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام) وكان ذلك بعد مطالعة ومقارنة لكتب الفريقين في الكثير من المسائل العقائديّة والخلافيّة، ووجد "محمد باقر" خلال بحثه بأنّ كتب مذهب أهل البيت(عليهم السلام)قويّة الحجّة وواضحة البرهان على خلاف ما كان يتصوّره من قبل، كما وجد أنّ أدلّتها منسجمة مع العقل وغير مخالفة لمشهور النقل الوارد عن النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله) في صحاح أهل السنّة أنفسهم.
وناقش "محمد باقر" هذه الآراء مع علماء فريقي السنّة والشيعة واستمع إلى أرائهم حول العديد من القضايا ولا سيّما حول أسباب نشوء الاختلاف منذ البداية بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) من أحداث السقيفة وما سبقها وما تلاها.
وفي نهاية مطاف البحث وصل "محمد باقر" إلى نتيجة مفادها قيام الحجّة الشرعيّة عليه بوجوب موالاة أهل البيت(عليهم السلام) واتّباع مذهبهم دون غيرهم، فأعلن استبصاره وولاءه التام للعترة الطاهرة، وعقد العزم على السير في طريقهم
المستقيم.
اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة يوم وفاة النبي(صلى الله عليه وآله):
اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ـ وبني ساعدة من الخزرج ـ وهذه السقيفة تشبه دار الندوة التي كانت لقريش في مكة فكانت تعقد فيها الاجتماعات، وكان السبب الأساسي لاجتماع الانصار بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله) في هذه السقيفة هو عيادة سعد بن عبادة زعيم الخزرج المريض، وقد جرى في الأثناء البحث حول وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله)وأوضاع المسلمين بعد وفاته، فدعى سعد بن عبادة الأنصار إلى مبايعته أميراً على المسلمين أو للأنصار خاصّة، وكان الكلام لا يزال دائراً بين الأنصار أنفسهم إذ بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة يدخلون عليهم.
وينقل التاريخ بأنّ الذي أنبأ هؤلاء باجتماع الأنصار هما شخصان من الأوس أحدهما "معن بن عدي"(1) وذلك لأنّهما كانا على خلاف قديم مع سعد بن عبادة.
ومن حقّنا أن نسأل هنا: لماذا ذهب هذان الشخصان إلى عمر ليخبرانه دون غيره؟!
من بيعة الغدير إلى بيعة السقيفة:
إنّ المتأمّل في أحداث السقيفة وما جرى في الأيّام الأخيرة في حياة النبي(صلى الله عليه وآله)يقطع بأنّ الصراع شرع بين الأحزاب قبل وفاته(صلى الله عليه وآله) وأنّ النبي قد أحسّ بالخطر على الإسلام والمسلمين منذ أن نفّذ الأمر الإلهي بتعين أخيه وابن عمّه علي بن أبي طالب(عليه السلام) وليّاً للمسلمين في يوم الغدير، بل إنّ النبي(صلى الله عليه وآله) كان يخاف على الرسالة العظيمة حتّى قبل تعيين الإمام علي(عليه السلام) إماماً ووليّاً للمسلمين، لعلمه بحسد قريش لبني هاشم، ووجود المنافقين بين المسلمين وخصوصاً كبار الصحابة، وجهل أغلبية الناس بأحكام الدين وخضوعهم للتعصّبات القبلية
____________
1- شرح النهج، ابن أبي الحديد: 6 / ص 6.
الجاهليّة الشديدة.
إنّ الرسول العظيم صلوات الله عليه وعلى آله حاول أن تسير الأمور بعد وفاته على وفق ما رسمه الله تعالى للمسلمين من هداية، لكن الأمة الإسلاميّة الناشئة لم تستطع الرقي إلى ما أراده الإسلام لها، ولم يستطع المسلمون الصبر والصمود أمام حبائل الشيطان وكيد المنافقين.
إنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) وهو على فراش المرض طلب من المسلمين أن يأتوه بكتف ودواة ليكتب لهم كتاباً لا يضلّوا بعده أبداً ولكن منع عمر من كتابة هذا الكتاب لأنّه أحسّ بأنّ النبي(صلى الله عليه وآله) سيصرّح فيه بولاية علي بن أبي طالب(عليه السلام) وقد استطاع عمر من منع هذا بالقاء الشبهة "حسبنا كتاب الله" وأنّ ما يقوله الرسول(صلى الله عليه وآله) في حال المرض غير مقبول منه ـ والعياذ بالله ـ وإن كان نبياً لا ينطق عن الهوى بتصريح القرآن الكريم.
كما أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) أحسّ بأنّ الخطر الأساسي الذي يواجه الرسالة هو الخطر الداخلي من منافقي قريش الذين أطلق عليهم فيما بعد أنّهم من كبار أو وجهاء الصحابة، وقد عرفهم النبي(صلى الله عليه وآله) منذ تآمرهم عليه عند محاولة قتلهم إيّاه في العقبة في غزوة تبوك، ولذا دبّر الرسول(صلى الله عليه وآله)أمراً مهمّاً وهو إرسال هؤلاء المنافقين مع جيش أسامة بن زيد لمحاربة الروم، ولكنهم تعللّوا وتخلّفوا، فاضطرّ(صلى الله عليه وآله) أن يلعنهم علناً بعد أن تستّر عليهم في واقعة العقبة حفاظاً على سمعة الإسلام كما صرّح لحذيفة وعمار (لا أريد أن يتحدّث الناس أنّ محمّداً يقتل أصحابه) وواقعة العقبة كانت خيانة واضحة ما بعدها خيانة وكان جزاؤهم القتل كما طالب به حذيفة ابن اليمان ولكن النبي(صلى الله عليه وآله)آثر الحفاظ على أصل الدين أمام فتنة هؤلاء الأصحاب كما فعل الإمام عليّ(عليه السلام) فيما بعد.
إنّ سعد بن عبادة عندما طالب ببيعة الأنصار له وإن لم يكن موقفه صحيحاً وشرعيّاً ولكنّه لما رأى ـ وهو زعيم الخزرج والخبير بمجاري الأمور ـ أنّ الحزب