ليس له حكم إلاّ الحرمة.
رفض البدعة والتمسّك بالهدى:
وجد "حمزة عبد الله" بعد غربلته لمعتقداته الموروثة، ومراجعته لمختلف الكتب، ومقارنته بين التراث الشيعي والسنّي، أنّ المنهج الذي اتّبعه الشيعة في أخذ السنّة عن أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) هو المنهج الصحيح والقويم، وتوصّل إلى قناعة تامّة بأنّه لا يحقّ لأحد ـ كائنا من كان ـ أن يضيف على الشريعة الإسلاميّة شيئاً من عنده، أو ينقص منها، أو يغيّر ما جاء به رسولنا الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم)، فكلّ ذلك يدخل في حيّز الضلال والبدع المنهي عنها.
وتوصّل أيضاً إلى أنّ المصدر الوحيد الذي يمكن الوثوق به لأخذ السنّة النبوية، هو أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) ولهذا تمسّك "حمزة" بهديهم وقرّر أن لا يعتمد في تلقّي السنّة إلاّ عليهم.
(100) عبد الحكيم ساجد
(شافعيّ / أوغندا)
ولد عام 1392هـ (1973م) في أوغندا، بمدينة "سوروتي"، ونشأ في أسرة شافعية المذهب، واصل دراسته الأكاديمية حتّى حصل على الشهادة الثانوية، وكانت دراسته في مدرسة دينية تدرّس فيها الدروس العامة أيضاً، ثمّ توجّه إلى تعليم الأطفال القرآن ومبادىء الإسلام.
منطلق تعرّفه على التشيع:
يقول عبد الحكيم: جاء إلى منطقتنا أحد المبلغين، يُدعى الدكتور "عبد القادر"، وهو أوغندي وبدأ بالتبليغ للتشيّع، فكان يلقي المحاضرات الدينية القيّمة، ويوزّع بعض الكتب الدينية الشيعية، فاتصلت به، وتعرّفت عليه، واستمعت إلى محاضراته، وطالعت بعض الكتب التي أهداها لي، فوجدت في محاضراته والكتب التي قرأتها حقائق جديدة، لم أسمع بها من قبل، وأثار هذا الأمر في نفسي حبّ الاستطلاع، وقادني إلى البحث.
وبعد فترة افتتح معهد باسم "أهل البيت(عليهم السلام)"، فاستفسرت عنه، فقيل لي: إنّه معهد يهتم بعلوم ومعارف أهل البيت(عليهم السلام)، فقصدته، وسألت مديره عن أسئلة كثيرة كانت تدور في ذهني، فأجاب عنها، ثمّ شجّعني على الالتحاق بالمعهد والدراسة فيه، فقبلت ذلك، وبدأت بالدراسة، وجلب انتباهي درس التاريخ الإسلامي الذي لم أكن مطّلعاً على كثير من حوادثه، فأعجبتني طريقة عرض المذهب الشيعي له وتحليله، الذي يعتمد على العقل والمنطق.
وفي العطلة الصيفية رجعت إلى أهلي، فسألوني عن المدرسة، وعن المواد
الدراسية التي فيها، فشرحت لهم بعض الدروس، وذكرت لهم بعض التفاصيل حول الحقائق الجديدة التي اطلعت عليها، فسألني جدّي، وهو من كبار علماء الشافعية عن الأدّلة والمصادر للحقائق التي بيّنتها. فقلت له: أنا لا زلت في حالة البحث، وسأسأل أساتذة المدرسة عما طلبت.
وفي المرّة الثانية التي عدت إلى أهلي جئت بالأدلّة والمصادر التي طلبها جدي، ووضعتها بين يديه، وبيّنت له بأنّ الحقائق التي ذكرتها له موجودة في كتب علمائنا من أهل السنّة. وهنا كانت المفاجأة التي لم أكن أتوقعها، وهي أني رأيت جدّي قد تأثّر بالأدلة والمصادر التي قدّمتها له. والغريب أنّني سمعت بعد فترة باستبصاره واعتناقه لمذهب أهل البيت(عليهم السلام). فقصدته وقلت له: ما الذي دفعك إلى هذا التغيير المفاجىء، فقال إنّني لم أكن مطّلعاً على الحقائق التي بينتها لي، وحينما راجعت المصادر التي قدمتها لي انفتحت بصيرتي، فابصرت الحقّ، فألزمني العقل اتباعه، فتشيّعت، ثمّ نصحني جدي بمواصلة الدراسة والبحث، وأوصاني بتهذيب النفس لئلا تمنعني الأهواء عن اتّباع الحقيقة بعد معرفتها.ومن هذا المنطلق واصلت دراستي وبحثي، حتّى تبيّنت لي أحقية مذهب أهل البيت(عليهم السلام)فاعلنت تشيّعي عام 1409هـ (1989م) .
مسألة الجبر والاختيار عند الفريقين:
يقول عبد الحكيم ساجد: إنّ من أهم الأمور التي اعجبتني في المذهب الشيعي، تفسيره لمسألة اختيار الإنسان، وكيفية تحمّله مسؤولية أفعاله.
لأنني كنت أعتقد فيما سبق ـ وفق ما أملى عليها علماؤنا ـ بأنّ الإنسان لا أثر له في أفعاله، لأنّه "لا مؤثّر في الوجود الإ الله"، وأنّ الله تعالى هو الذي يخلق أفعال العباد سواء كانت هذه الأفعال شراً أو خيراً، وقد قال أبو الحسن الأشعري: "من قضاء الله تعالى هو خلق ما هو جور كالكفر والمعاصي"(1).
____________
1- اللمع، أبو الحسن الأشعري: 81.
وعندما كنّا نسأل أساتذتنا: ما هو دورنا في أفعالنا؟ فإنّهم كانوا يقولون: بأنّنا نكسب هذه الأفعال التي يخلقها الله تعالى فينا، وبهذا "الكسب" نحاسب ونعاقب. فكنت أقول لهم: الكسب أيضاً فعل، وهو حسب القاعدة ممّا يخلقه الله، فلا يبقى لنا أي دور في أفعالنا، فكانوا ينهرونني عن الخوض في هذه المجالات.
ويضيف عبد الحكيم: ولكنني بعد دراستي للمذهب الشيعي عرفت ما جاء به أئمة أهل البيت(عليهم السلام)، وعرفت أنّ في أفعال الإنسان لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين أمرين.
ومعنى الأمر بين الأمرين هو أنّه تعالى منح الإنسان القدرة والاستطاعة للفعل، فيفعل الإنسان، ويوجد فعله بالقدرة التي منحها الله تعالى له. وبهذا يكون الإنسان هو المسؤول عن أفعاله.
وعرفت بأنّ السبب الأساسي الذي دفع أهل السنّة إلى القول بما يلزمه الجبر ابتعادهم عن منبع الحقّ والهدى، أي ابتعادهم عن أهل البيت(عليهم السلام) الذين صرّح الرسول بأنّ تمسكهم مع القرآن يعصم الإنسان من الضلال(1).
أوثق مصدر لمعرفة سنّة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم):
يقول عبد الحكيم ساجد: يجد الباحث عند دراسته لأحاديث الرسول بأنّ الرسول أكّد كثيراً على التمسّك بأهل البيت(عليهم السلام) وأخذ العلم منهم.
كما أنّ المتأمّل في سيرة أهل البيت(عليهم السلام) يجد أشخاص هذه العترة، أشخاصاً طاهرين مطهرّين ذو سيرة نقيّة وسليمة ومشرقة.
ولكن المتأمّل في سيرة الصحابة يجد بأنّ الصحابة تحاربوا فيما بينهم، وخالفوا الكثير من أوأمر الله الواضحة التي لا لبس فيها.
فإذا كان الأمر كذلك فلماذا التعمّد في ترك أهل البيت(عليهم السلام)، وعدم أخذ العلوم والمعارف منهم؟ ولماذا السير على خطى بني أميّة وبني العبّاس في ظلم
____________
1- كما ورد في حديث الثقلين.
عترة الرسول(صلى الله عليه وآله)؟
الثبات على صراط الحقّ
إنّ الحقائق التي اكتشفها عبد الحكيم ساجد منحته القوة في الثبات على صراط الحقّ واتباع أهل البيت(عليهم السلام)، وأخذ العلوم والمعارف الإسلاميّة منهم.
ووجد عبد الحكيم بعد الاستبصار في نفسه قوّة هائلة تمنحه الصمود أمام التيارات المعاكسة، وتدفعه للوقوف بوجه الباطل والنظريات التي نسبت إلى الدين والدين بريء منها. ولذا واصل عبد الحكيم نشاطه في التبليغ والدعوة للحق والاهتمام بانقاذ الناس من حالة التقليد، ودعوتهم إلى معرفة الحقّ عن طريق التوصّل إلى الحجج والبراهين القاطعة.
(101) عبد الله موكر
(شافعي / أوغندا)
مرّت ترجمته في (1 / 355 ـ 363)، ومن هذه الموسوعة، ونشير إلى سائر ماوقفنا عليه من معلومات لم تذكر من قبل .
تجلّت لـ "عبد الله" معرفة الإمام الصادق(عليه السلام) من خلال سؤاله الأستاذ في مادة التربية.
يقول "عبد الله": سألت الأستاذ في مادّة التربية حول أئمة المذاهب الأربعة عمّن أخذوا علمهم؟ فأجاب من الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) .
فسألت الأستاذ: ومن هو الإمام الصادق(عليه السلام)؟ فأجابني قائلاً: إنّ هناك طائفة تسمّى بالشيعة تعتقد بإمامته، ويأخذون معالم دينهم منه.
وهنا دخلت في منعطف آخر: مَنْ هم الشيعة؟ ولماذا يأخذ أئمة المذاهب الأربعة معالم دينهم من الإمام جعفر الصادق(عليه السلام)؟
عندها قرّر "عبد الله" كشف سرّ الأمر، فتوجّه إلى مدينة "جينجا" والتي يوجد فيها الشيعة، فالتقى بأحد مشايخ الشيعة، فأجابه عن بعض الأسئلة وأرشده إلى بعض الكتب، فعكف "عبد الله" على قراءتها والتمعّن فيها، فذهل لما فيها، ورجع إلى علماء السنّة، لعلّهم يفندون ما جاء فيها، فوجدهم حيارى غير قادرين على مجاراتها وخصوصاً الأحاديث الصريحة بالنصّ على ولاية أمير المؤمنين(عليه السلام) في غدير خم .
وعند البحث والتمعّن في جميع وقائع التاريخ وجد "عبد الله" ضالته، فسافر إلى إيران لطلب المزيد من المعرفة حول هذا المذهب، فالتحق بأحد
الحوزات العلمية في مدينة مشهد المقدّسة. وبعد فترة رجع إلى بلاده لكي يؤدّي الواجب الشرعي الذي يحتّم عليه تبليغ الحقائق وإخراج الناس من أودية التيه والضلال .
(102) عليّ عبد الله حسن تبنكانا
(شافعي / أوغندا)
ولد في أوغندا سنة 1395هـ (1976م)، حصل على الشهادة الثانوية، كما درس لمدّة أربع سنوات في مدرسة بويا الدينية الشافعية، ثمّ درس في الحوزة العلمية في قم بعد استبصاره لعدّة سنوات، يجيد اللغات المحلية "لوسوكا" "لوكاندا" بالإضافة إلى العربية والإنجليزية، والسواحلية والفارسية.
دوافع اتجاهه نحو البحث:
يقول عليّ عبد الله حسن: كان يتناهى إلى سمعي، وأنا شاب لازلت أجلس على مقاعد الدراسة، تُهم وتشنيعات عجيبة على الشيعة، منها: أنّ الشيعة عندهم قرآن يتكوّن من 40 جزءاً! وأنّهم يأكلون لحم الخنزير الأسود!! ممّا خلق في ذهني صورة مشوّهة عن الشيعة.
وبمرور الأيام توسّعت آفاقي الذهنية، وجرّتني كثرة التهم إلى محاولة استكشاف الحقيقة، ومعرفة الواقع، فهل صحيح أنّ هناك أناس يّدعون الإسلام ثمّ يأكلون لحم الخنزير!
بدأت بالسؤال من العلماء، وقراءة الكتب، فعرفت بعض الأمور، وأمسكت ببعض الخيوط . وبدأ ينكشف لي هول الفرية، وعظمة الأكاذيب، فواصلت البحث باشتياق أكثر، فتوصلت إلى كشف مستندات أقدم وحقائق أكبر، تؤكّد صحّة عقائد الشيعة، وأنّها تتمسّك بالقرآن الذي نعرفه وبالسنة المطهرة التي نتمسّك بها، فتعجّبت من أمر هؤلاء الكذّابين الذين يتّهمون الشيعة بدون حقّ، ويكيلون لهم الويل والثبور وعظائم الأمور بدون دليل، سوى ما ورثوه عن سلفهم، الذين فرّقوا
بين المسلمين خدمة لأهواء السلاطين، والتعصبات المذهبية التي ما أنزل الله بها من سلطان.
تركت هذه الترهات جانباً، وتوكّلت على الله، وأعلنت انتمائي لمذهب أهل البيت(عليهم السلام)، بعد ما عرفت أنّ الدين الحقّ يؤخذ منهم دون غيرهم، رغم قسوة الاتهامات وهجرة الأهل والأصدقاء، لكنّي واصلت الدرب ووفقت في هداية بعض أفراد أسرتي، وإرشاد عدد من أصدقائي إلى طريق النجاة.
وأعود وأقول إنّي لا أدري من أين اخترعوا هذه التشنيعات التي لا أساس لها، وأرى أنّ من الواجب علينا نحن المؤمنون وخاصة الذين اهتدينا إلى الصراط المستقيم، أن نوضّح للناس الحقائق، ونكشف لهم المستندات.
الشيعة والاتهامات الكاذبة التي لا أصل لها:
واجه الشيعة على طول تاريخهم ما حدث من إنحراف عن الإسلام ففضحوه، ولم يكن هذا من الشيعة إلاّ دفاعاً عن الحقّ تأسّياً بأئمّتهم المعصومين(عليهم السلام) ، وتمسّكا بالقرآن والعترة الذين أمر الله المسلمين بالتمسّك بهما على لسان النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) كما جاء في حديث الثقلين المشهور، وغيره.
ولم يكن هذا الأمر ليروق لهولاء المنحرفين، فحاولوا ضرب الشيعة من الأساس باتهامهم بالكفر، واخراجهم عن دائرة الإسلام، حتّى لا ينكشف زيف ادعاءاتهم أمام الناس، وتذهب أحلامهم وأمانيهم سدى، فما كان من هؤلاء المنحرفين إلاّ التمسّك بالكذب وخداع الناس، لعلّهم يطفئوا نور الله بأفواههم، ولكن هيهات...
إنّهم يتّهمون الشيعة بأمور ما أنزل الله بها من سلطان، ويرتكبون ذنباً عظيماً لا أصل له ولا سند، وكذا هو حال أصحاب الباطل، ولكن الله سبحانه وتعالى يقول: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}(1).
____________
1- الأنفال (8) : 8.
ويقول عزّ من قائل:{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}(1).
ويقول جلّ شأنه أيضاً: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}(2).
مظلومية مذهب أهل البيت(عليهم السلام):
لقد مرت على الشيعة أزمان اضطهدوا فيها أشد الاضطهاد ويصور الإمام الباقر(عليه السلام) لنا ذلك في قوله لبعض أصحابه: "يا فلان. ما لقينا من ظلم قريش إيّانا وتظاهرهم علينا، ومالقي شيعتنا ومحبّونا، إنّ رسول الله قد قبض وقد أخبر أنّا أولى الناس بالناس، فتمالأت علينا قريش حتّى أخرجت الأمر عن معدنه، واحتجّت على الأنصار بحقّنا وحجّتنا، ثمّ تداولتها قريش، واحدٌ بعد واحد، حتّى رجعت إلينا فنكثت بيعتنا، ونصبت الحرب لنا، ولم يزل صاحب الأمر في صعود كؤود، حتّى قتل...
ثمّ لم نزل ـ أهل البيت ـ نستذل ونستضام، ونقصى ونمتهن ونخاف ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا، ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعاً يتقربون به إلى أوليائهم وقضاة السوء وعمال السوء في كلّ بلدة، فحدثوهم بالأحاديث المكذوبة، ورووا عنّا مالم نقله وما لم نفعله; ليبغضونا إلى الناس، وكان عظم ذاك وكبره زمن معاوية بعد موت الحسن(عليه السلام)، فقتلت شيعتنا بكلّ بلدة، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنّة، وكان من يذكر بحبنا والانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله، أو هدمت داره، ثمّ لم يزل البلاء يشتد ويزداد، إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين(عليه السلام)، ثمّ جاء الحجاج فقتلهم كلّ قتلة، وأخذهم بكل ظنّه وتهمة، حتّى أنّ الرجل ليقال له: زنديق أو كافر، أحبّ إليه من أن يقال: شيعة عليّ. وحتّى صار الرجل الذي يذكر بالخير ـ ولعلّه يكون ورعاً صدوقاً ـ يحدث بأحاديث
____________
1- الرعد (13) : 17. 2- الأنبياء (21) : 18.
عظيمة عجيبة، من تفضيل بعض من قد سلف من الولاة، ولم يخلق الله تعالى شيئاً منها ولا كانت ولا وقعت، وهو يحسب أنّها حقّ لكثرة من قد رواها ممن لم يعرف بكذب ولا بقلة ورع"(1).
وسلام الله على السيدة زينب بنت الإمام عليّ(عليه السلام) وأخت الإمام الحسين(عليه السلام)حيث خاطبت الباطل المتمثّل في زمانها بيزيد: "فكد كيدك واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلاّ فند، وأيامك إلاّ عدد، وجمعك إلاّ بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين"(2).
____________
1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 11: 43. 2- بحار الأنوار 45: 133، وانظر: بلاغات النساء لابن أبي طيفور: 23 .
(103) قاسم عبد السلام كتمبو
(شافعي / أوغندا)
ولد عام 1392هـ (1973م) بمدينة "جنجا" في أوغندا نشأ وترعرع في أوساط عائلية شافعية المذهب. أكمل دروسه الابتدائية عام 1408هـ (1988م)، ثمّ التحق بمعهد أهل البيت(عليهم السلام) الإسلامي للدراسات الإعدادية والثانوية في أوغندا عام 1409هـ (1989م). كما أ نّه حاصل على شهادة الدبلوم في اللغة الأوغندية .
من هم الشيعة ؟!
قام بعض المؤمنين الموالين لأهل البيت(عليهم السلام) في عام 1404هـ (1984م) بإقامة مؤسسة دينية اسمها "مؤسسة التوحيد" في أوغندا، هدفها نشر معارف أهل البيت(عليهم السلام) في أوساط المسلمين هناك .
وفي هذه الفترة كان "قاسم عبد السلام كتمبو" إماماً لجمعة وجماعة أحد المساجد في مدينة "بووينگي"، وقد إنهالت عليه الرسائل والأسئلة التي تستفسر عن هذه المؤسسة والمعتقد الذي تعمل على نشره، وقد رافق هذه الأسئلة حملة مسعورة من قبل الوهابيين لإفشال هذا المشروع، فراحوا يبثّون بين الناس أنّ هؤلاء الشيعة كفّار، وأنّهم يأكلون الخنزير الأبيض، ولهم قرآن يختلف عن قرآن المسلمين وغير ذلك من الافتراءات !
ولعدم معرفته واحاطته بهذا المذهب لم يتمكّن من الإجابة على ما ورد عليه من أسئلة، وقد كان "قاسم عبد السلام" كثيراً ما يردد قوله تعالى: {وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} ولهذا قرر التوجه إلى مدينة جنجا للاطلاع عن كثب ولمعرفة الأمر بدون التأثّر بهذه الضجّة المفتعلة .
في مؤسسة أهل البيت(عليهم السلام)
توجه "قاسم عبد السلام" إلى هذه المؤسسة حال وصوله إلى مدينة جنجا، وقابل المدير المسؤول وكان يدعى الشيخ عباس ـ وهو عراقي الأصل ـ فرحّب
به كثيراً، خصوصاً عندما عرف غرضه من هذه الزيارة، وكان "قاسم عبد السلام" قد حمل معه عدداً من الرسائل التي فيها الكثير من الأسئلة، ومنها:
ما معنى الشيعة ؟
من هم الأئمة الاثني عشر؟
ما هي عقيدتهم في القرآن؟
ما معنى التقيّة؟
وجاءت الاجابات من الشيخ مدعومة ومشفوعة بالأدلة القرآنية والروائية والحوادث التاريخية، كما أ نّه أرشده إلى قسم من المصادر السنيّة لغرض التأكّد، وفي ختام اللقاء أهداه بعض الكتب ليطالعها ويدقّق فيما جاء فيها .
نقطة التحوّل:
يذكر "قاسم عبد السلام" الأُمور التي اتبعها في بحثه، وكانت عبارة عن التحلّي بالآداب والتعاليم الإسلامية في القول والعمل، والسعي وراء الهدف الأساسي وهو طلب الحق ثمّ اتّباعه، والنظر إلى واقع الأُمور والتجرّد المطلق عن العصبيّات، والانصاف في القول والحكم ...، والاعتماد على المصدر الصحيح المعترف به عند الطرف المقابل .
فهذه الأُمور إذا وضعها طالب الحقيقة نصب عينيه، وجسّدها في بحثه، فسيكون من الموفقين والحاصلين على نتائج باهرة .
وبالفعل التزم "قاسم عبد السلام" بقوله وطبقه في بحثه، فوجد الحقائق المضيعة التي حاولت أيدي الدّس والتزوير طمسها وحذفها، فأهل البيت(عليهم السلام) هم الأولى من غيرهم، فوصايا القرآن الكريم والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) تؤكّد ذلك ، كما أنّ سابقتهم ومواقفهم يشهد بها القاصي والداني، هذا عدا السيرة المشرقة التي امتازوا بها، في حين أنّ غيرهم لا يمكن من كل هذه الامتيازات إلاّ أقل من عشر معشار!
وهنا وقف على مفترق الطرق، طريق باتجاه الفرقة الناجية، وطريق
متشعّب باتجاه (72) فرقة كلّها في النار!!! فأدركته العناية الإلهية وتوفق لسلوك طريق النجاة، فتبع أهل البيت(عليهم السلام) وشايعهم واقتدى بهم، وامتثل بذلك أوامر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) .
نشاطه:
يتمتع "قاسم عبد السلام كتمبو" بقابليات جيدة سخرها في خدمة مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، فهو يشغل منصب المسؤول الثقافي في معهد أهل البيت(عليهم السلام) في مدينة جنجا، ويقوم بإرسال مبلّغين إلى عموم أوغندا، كما أ نّه ولإجادته للّغتين الأوغندية والعربية قام بتأليف:
1ـ الأربعون حديثاً للأطفال (عربي) و (أوغندي).
2ـ هي الحقيقة.
وفي كتابه (هي الحقيقة) يتناول بعض الأسئلة التي وجهت إليه عندما كان على المذهب الشافعي، ويتصدّى لها بالإجابة السهلة وغير المعقّدة حتّى يهضمها القارئ بيسر .
مع كتابه ... هي الحقيقة:
إنّ محاور الكتاب عبارة عن ثماني أسئلة متنوعة، ولعلّها أبرز وأكثر الأسئلة المطروحة عليه أنذاك ، ونحن نقف ـ باختصار ـ مع سؤالين من هذه الأسئلة ونرى كيف كانت إجابته عليهما.
متى بدأ التشيع؟!
إنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) هو الذي وضع بذرة التشيع، ويروي أهل السنة في كتبهم هذه الحقيقة، فعن ابن عساكر بسنده عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فأقبل علي(عليه السلام)، فقال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): "والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة"(1).
كما روي عن ابن عباس قال: "لما أنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
____________
1- الدر المنثور 6: 379 .
الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي(عليه السلام): هم أنت وشيعتك، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ويأتي عدوك غضباناً مقمحين"(1).
فهو بهذا الأسلوب السلس يعرض الإجابة، وأكثر ما يعتمد على مصادر السنّة، لتكون الحجّة أبلغ وألزم لهم!
التقيّة:
مفهوم التقية هو: إظهار الكفر وإبطان الإيمان ، أو التظاهر بالباطل وإخفاء الحق، وهي على العكس تماماً من النفاق الذي هو إظهار الإيمان وإبطان الكفر، يقول "قاسم عبد السلام كتمبو" في كتابه: "التقية من المفاهيم القرآنية التي وردت في أكثر من موضع في القرآن الكريم، وكما استعملها مؤمن آل فرعون لصيانة الكليم عن القتل والتنكيل ... ولاذ بها عمار عندما أخذ وأسر وهُدد بالقتل {مَنْ كَفَرَ بِاللّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمانِ}، فالتجأ إلى التظاهر بالكفر خوفاً من أعداء الإسلام ... فالعقل يحكم أن ورودها في التشريع الإسلامي لا يتناسب ولا ينسجم بأن نعدّها من أقسام النفاق، وإلاّ لكان ذلك أمراً قبيحاً، ويستحيل على الحكيم أن يأمر به {قُلْ إِنَّ اللّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ}"(2).
وهكذا يذّب عن مذهب أهل البيت(عليهم السلام) ليثبت الله تعالى له قدم صدق في الدنيا والآخرة، وليثبت بذلك مودّته لهم(عليهم السلام).
تجدر الإشارة إلى أ نّه مشتغل أيضاً بتحصيل علوم أهل البيت(عليهم السلام) منذ عشر سنوات تقريباً .
____________
1- الصواعق المحرقة: 161 . 2- هي الحقيقة: 17 (مخطوط) .
(104) محمّد داود مساكا
(سنّي / أوغندا)
ولد سنة 1382هـ (1963م) في مدينة مينكو التابعة للعاصمة كمبالا، ونشأ في اسرة مسلمة شافعية المذهب، يحمل شهادة الإعدادية، وهو يجيد اللغة الأوغندية بالإضافة إلى اللغة السواحلية، واللغة العربية، واللغة الانجليزية.
درس في الحوزة العلمية بمدينة قم بعد استبصاره، حيث أكمل مرحلة السطح، وحضر البحث الخارج لمدّة سنتين. يعمل مرشداً للشؤون الدينية في مركز أهل البيت الإسلامي الثقافي الواقع في العاصمة كمبالا.
تأثّره بأتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام) :
التقى عام 1405هـ (1985م) وفي مدينة جينجا الأوغندية بعدد من المؤمنين الموالين لأهل البيت(عليهم السلام) الذين زاروا أوغندا بقصد تأسيس مؤسسة إسلامية، فتأثّر بهم، وعرف منهم واقع أئمة أهل بيت الرسول المعصومين (عليهم السلام)، الذين أمر الله الأمّة بالتمسّك بهم دون غيرهم.
سافر بعد ذلك إلى كينيا للدراسة في مدرسة النجاح الإسلاميّة في مدينة لاموا، حيث درس فيها لفترة قصيرة، ثمّ سافر مرّة أخرى لطلب العلم، وكانت وجهته هذه المرة جمهورية إيران الإسلاميّة حيث درس في الحوزة العلمية في قم المقدّسة، ليتخصّص في العلوم الإسلاميّة، ولينهل من علوم ومعارف أهل البيت(عليهم السلام)الذين آمن بهم كهداة وقادة وأئمة، عينهم الرسول لقيادة الأمة.
كما اطلع "محمّد داود" على العديد من الكتب التي تبحث في هذا المجال كالمراجعات، والنص والاجتهاد للعلاّمة شرف الدين، وغيرها من كتب العلماء
الآخرين.
عصمة أهل البيت(عليهم السلام) :
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}(1) وهو إخبار منه تعالى بعصمة أهل البيت(عليهم السلام)، وهم الرسول محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)والإمام عليّ وفاطمة الزهراء والحسن والحسين(عليهم السلام)حسب ما ورد في حديث الكساء(2)، الذي رواه العديد من الصحابة كواثلة بن الأسقع، وأم سلمة، وعائشة وعبد الله بن عباس، وأبو سعيد الخدري وسعد بن أبي وقاص، وأنس بن مالك، وغيرهم.
وقد استشهد بالآية الشريفة الإمام الحسن(عليه السلام) على المنبر(3)، كما استشهد بها الإمام على بن الحسين(عليه السلام) في الشام(4).
وقد بيّن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) المقصود من الآية الشريفة بطريقة أخرى بوقوفه عدّة أشهر بعد نزولها على باب دار علي وفاطمة في كل وقت صلاة وهو يقرأ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}(5)، وقد ذكر ذلك ابن عباس، وأبو برزة الأسلمي وأنس بن مالك، وغيرهم(6)، فهذه الآية، وما ورد عن رسول الله في شأن نزولها كافية لاثبات عصمة أهل البيت (عليهم السلام).
ومن يلاحظ الواقع العملي، والسيرة النورانية لأهل البيت (عليهم السلام) لا يجد إلاّ
____________
1- الأحزاب (33) : 33 . 2- صحيح مسلم 7: 130، المستدرك على الصحيحين 2: 416 و3: 147، سنن البيهقي 2: 149 ـ 152، مسند أحمد 1: 330، 4: 107 و6: 306، مجمع الزوائد 9: 167 و169، المستدرك على الصحيحين 3: 172، مجمع الزوائد 9: 146 و172، تفسير الطبري، آية التطهير، الدر المنثور: تفسير آية التطهير، مجمع الزوائد 9: 169، مسند أحمد 3: 252. 3- المستدرك على الصحيحين 3: 172، مجمع الزوائد 9: 146 و172. 4- تفسير الطبري 12: 22، آية التطهير. 5- الأحزاب (33) : 33. 6- الدر المنثور: تفسير آية التطهير، مجمع الزوائد9: 169، مسند أحمد3: 252.
الحق والصواب رغم أنّ التاريخ والسيرة كتبا من قبل اتباع مدرسة الخلفاء، والذين كان يهمهم جلب رضا الخلفاء عنهم، كما أنّ الخلفاء كانوا يسعون لإطفاء نور أئمة أهل البيت(عليهم السلام) وقطع ميل المسلمين لهم حفاظاً على كراسيهم، فأمروا بلعن الإمام علي(عليه السلام) على المنابر، وقتلوا شيعته وشردوهم.
إنّ عصمة أهل البيت(عليهم السلام) أمر مبرهن عليه بالآيات والروايات والتاريخ المعتبر لدى المسلمين كما تقدّم، وغيره كثير، وهذه العصمة هي التي أهّلتهم لقيادة المسلمين بالاصطفاء الإلهي.
سبب تغيير انتمائه المذهبي:
وجد "محمّد داود" بعد الاعتقاد بعصمة أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) بأنّهم المصدر الوحيد الذي يمكن الوثوق به في تلقّي ما جاء به الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، فلهذا تمسّك بهدى أهل البيت(عليهم السلام) والتحق بركبهم، ثمّ اندفع لبيان الحقيقة التي توصّل إليها إلى أسرته وأصدقائه.
(105) محمّد مرشد مُسانا
(شافعي / أوغندا)
ولد عام 1393مهـ (1974م) في أوغندا بمدينة "دجينجا"، ونشأ في أسرة تنتمي إلى المذهب الشافعي، واصل دراسته حتّى حصل على شهادة الدبلوم فرع المحاسبة، كما درس عند أحد الشيوخ لمدّة ثلاث سنوات مبادئ وتعاليم الدين وفق المذهب الشافعي.
يقول "محمّد مرشد": افتتحت مدرسة باسم مدرسة "التوحيد"، وكان يُدرّس فيها وفق مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، فانتميت إليها، وأكملت دراستي فيها.
وكانت ثمرة دراستي في هذه المدرسة أنّني اطلعت على حقائق كثيرة لم أطلّع عليها من قبل. ثمّ واصلت دراستي، وذهبت إلى مركز "دجينجا" ودرست أربع سنوات أخرى، وكان معظم اهتمامي في هذه الفترة هو دراسة تاريخ وعقائد المسلمين.
حقائق تفاجأت عند اكتشافها:
يقول "محمّد مرشد": توصّلت من خلال دراستي المعمّقة للتاريخ الإسلامي أنّ علماءنا قد اخفوا علينا الكثير من الحوادث التاريخية التي وقعت في صدر الإسلام، ولم ينقلوا إلينا الكثير من الصراعات التي بين الصحابة بذريعة الحفاظ على عدالة الصحابة، وعدم المساس بقدسيتهم. ولكنني عرفت بعد ذلك أنّ الصحابة اقتتلوا فيما بينهم، وسفك بعضهم دم الآخر، وارتكب البعض منهم الموبقات والمحرمات، وخالف بعضهم الظواهر الدينية بجرأة.
كما أنّني لا حظت تضارب المسلمين في عقائدهم مع أنّ مصدر الدين
واحد والنبيّ واحد. فتوصّلت خلال البحث إلى هذه النتيجة بأنّ الكثير من الخلافات التي وقعت بين المسلمين مصدرهذا الهوى والتعصب والجهل والمصالح الدنيوية.
ومن هذا المنطلق توجهّت نحو استخلاص التراث الإسلامي لتنقيته من الشوائب التي علقت به، ومن أجل الوصول إلى الإسلام الأصيل الذي جاء به رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فكانت النتيجة أنّني توصّلت إلى أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) أودع الشريعة الإسلاميّة من بعده عند أهل بيته; لأنّهم أشخاص اصطفاهم الله تعالى وجعلهم ذّريّة بعضها من بعض لتحفظ دينه من التحريف، وتكون الملجأ بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)لأخذ الدين الصحيح منهم.
ومن هذا المنطلق وجد "محمّد مرشد" نفسه يقترب يوماً بعد آخر من أصول ومبادئ مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، فبادر بعدها بدراسة جادة لمعرفة عقائد المذهب الشيعي، وكانت من جملة الكتب التي طالعها "محمّد مرشد" بدقّة من أجل التعرّف على العقائد الشيعية هو كتاب عقائد الامامية للعلامة محمّد رضا المظفر.
ومن خلال هذا الكتاب تعرّف "محمّد مرشد" على عقائد الشيعة، ثمّ قارنها مع عقائد المذهب السني، فتوصّل إلى نقاء عقائد الشيعة نتيجة اعتمادها على أقوال أئمة أهل البيت(عليهم السلام) المعصومين، ووجد التضارب والتناقض في عقائد أهل السنّة نتيجة مراعاتها لمطامع الحكومات السائدة من قبيل بني أُميّة وبني العبّاس.
فالشيعة تثبت الاختيار في الأفعال البشرية، ولكن أهل السنّة تميل إلى الجبر، ويجد الباحث بأنّ الميل إلى الجبر في المذهب السني ليس إلاّ نتيجة رغبة دولة بني أُميّة في سلب الإرادة من الناس; لئلا تثور بوجهها، ولتخضع لها بذريعة أن حكومة بني أُميّة من قضاء الله وقدره، وأنّها من مشيئة الله وإرادته، والمعارض لها في الواقع معارض لإرادة الله ومشيئته تعالى.
والأمر الآخر يجد المتتبع لأحاديث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) تأكيده(صلى الله عليه وآله وسلم) على التمسّك بأهل البيت(عليهم السلام)، ولكن أهل السنّة ابتعدت عن أهل البيت(عليهم السلام) نتيجة تأثّرها بالحكومات الجائرة التي كانت تعتقد بأنّ أهل البيت(عليهم السلام) يشكّلون خطراً لسلطنتهم وحكومتهم.
إعلانه للتشيع:
وجد "محمّد مرشد" بعد البحث بأنّ حصيلة بحثه تدعوه إلى التمسّك بهدي أهل البيت(عليهم السلام) ولم يجد بُداً سوى ترك معتقداته الموروثة، والاتجاه نحو مذهب أهل البيت(عليهم السلام) فأعلن استبصاره، وبدأ يبيّن للآخرين أسباب استبصاره.
ويقول "محمّد مرشد": أحمد الله كثيراً على اهتدائي للمذهب الحقّ، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، كما تشيّع الكثير من أصدقائي بفضل الله ورحمته الواسعة التي شملتني وشملتهم، وهدتنا إلى الطريق الصحيح المستقيم الذي ينجو من اتبعه ن ويهوى من حاد عنه.
مضايقات بعد الاستبصار:
يقول "محمّد مرشد": واجهت بعد الاستبصار وخلال تبليغي بعض المتاعب والمشاكلّ نتيجة جهل البعض وتعصّبهم ضدّ الشيعة والتشيّع، ولكنني صبرت على أذاهم وصمدت إزاء جميع التيارات المضادة; لأنّني كنت أعلم بأنّ هؤلاء ضحية الإعلام الخاطئ، وأنّ وظيفتي أن أبيّن لهم الحقّ، وأكشف لهم بعض الحقائق الغائبة عنهم، فلهذا واصلت الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالتدريج لانت قلوب الكثير، وبدؤوا يتفهّمون ما أطرحه عليهم من أصول الدين والعقائد الحقّة.
مواصلة البحث والدراسة
يضيف "محمّد مرشد": لم أكتف بهذا الجهد فقط ، بل قررت الهجرة إلى إحدى الحوزات العلمية الكبيرة للدراسة بصورة تخصّصية، واكتساب المزيد من العلم لانذار أبناء بلدي الذين يحتاجون إلى الكثير من التبليغ الواعي لانقاذهم من الغفلة.
مؤلّفاته:
"لماذا هذه التهم" مخطوط.
وهو كتاب ردّ فيه على التهم الموجّهة إلى الشيعة في مسألة الإمامة والخلافة والمتعة والبناء على القبور والتوسّل والتبرّك وبعض المسائل الأخرى.
(106) مرشد يوسف مُسنا
(سنّي / أوغندا)
ولد عام 1394هـ (1975م) في أوغندا، ثمّ تدرّج بالدراسة حتّى تخرّج من المدارس الثانوية، ثمّ توجّه إلى دراسة العلوم الدينية.
منطلق الاستبصار:
كان للأخ "مرشد يوسف مُسنا" نشاط تبليغي جيّد في منطقته، وكان محبوباً وموثوقاً به عند أبناء تلك المنطقة.
وكانت من خصائص "مرشد يوسف" الرغبة في الاستزادة العلمية، وارتقاء مستواه الثقافي عن طريق مطالعة الكتب ـ لاسيما الدينية ـ ، ولهذا كان يقرأ كلّ كتاب يقع بيده!
وذات يوم دخل "مرشد يوسف" إحدى المكتبات، وأخذ يتجوّل فيها، فوقع بصره على كتب للدكتور التيجاني السماوي، منها كتاب "ثمّ اهتديت"، وكتاب "لأكون مع الصادقين" وكتاب "فاسألوا أهل الذكر"، فتصفّح هذه الكتب في ذلك المقام، فرآها تشير إلى أمور تاريخية ـ ترتبط بتاريخ صدر الإسلام ـ ، لم يسمع بها من قبل، فاستغرب من هذا الأمر، وأخذ الكتب، وعكف في البيت على مطالعتها، ثمّ قرّر التوجّه نحو البحث لكي يتأكد من صحّة ما جاء في هذه الكتب.
وبعد فتره وجيزة من البحث تجلّت الحقائق له، وعرف بأنّ مذهب أهل
البيت(عليهم السلام) هو المذهب الحقّ، فأعلن استبصاره واعتناقه لهذا المذهب، ثمّ شرع في محاضراته التبليغية تبيين الحقائق للناس، ليأخذ بأيديهم إلى الهدى، وينتشلهم من الضلال الذي اتبعوه نتيجة تقليدهم الأعمى لمّا كان عليه الآباء.
أسباب استبصاره:
كتب "مرشد يوسف" مقالاً ذكر فيه حصيلة ما توصّل إليه خلال بحثه العلمي، والذي دفعه أخيراً إلى الاستبصار، وأرسل هذا المقال إلى مركز الأبحاث العقائدية وإليك فيما يلي هذا المقال:
الإمامة والخلافة:
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد رحل النبيّ الأكرم محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) في مطلع العام الحادي عشر الهجري بعد أن اجتهد طوال 23 سنة في إبلاغ الشريعة الإسلاميّة.
ومع رحيل النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) انقطع الوحي، وانتهت النبوة، فلمِ يكن نبيّ بعده ولا شريعة بعد شريعته، إلاّ أنّ الوظائف والتكاليف التي كانت على عاتق النبيّ محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) "ما عدا مسألة تلقّي الوحي وإبلاغه" لم تنته حتماً.
ولهذا كان يجب أن يكون بعد وفاته شخصية واعية وصالحة تواصل القيام بتلك الوظائف والمهام، وتقود المسلمين، ويكون لهم إمامٌ خلافة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
إنّ مسألة ضرورة وجود خليفة للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) موضع اتفاق بين المسلمين، وان اختلف الشيعة والسنّة في بعض صفات ذلك الخليفة وطريقة تعيينه.
فلابدّ في البداية من توضيح معنى "الشيعة" و "المتشيع" وتاريخ نشأته وظهوره، ليتسنّى بعد ذلك البحث في المسائل المتعلقة بالإمامة والخلافة بعد
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
الشيعة لغة واصطلاحاً:
الشيعة في اللغة بمعنى التابع، وفي الاصطلاح تطلق هذه اللفظة أو التسمية على فريق من المسلمين، يعتقدون بأنّ قيادة الأمّة الإسلاميّة بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) هي من حقّ الإمام عليّ(عليه السلام) وأبنائه المعصومين.
وقد تحدّث النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) الأكرم أيام حياته عن فضائل الإمام عليّ(عليه السلام)ومناقبه، وكذا عن قيادته وزعامته للأمّة الإسلاميّة من بعده مراراً وفي مناسبات مختلفة، بشهادة التاريخ المدوّن.
إنّ هذه التوصيات والتأكيدات تسبّبت ـ كما تحدّثنا الأحاديث الموثّقة ـ في أن يلتفّ فريق من الصحابة حول الإمام عليّ(عليه السلام) في حياة النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)وتحبّه قلوبهم فعرفت بشيعة عليّ(عليه السلام) ولقد بقيت هذه الثلّة من الصحابة على ولائها واعتقادها السابق بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)دون أن تؤثّر المصالح الفرديّة على تنصيب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ووصيّتهُ في مجال الخلافة وقيادة الأمة من بعده.
وهكذا سمّيت جماعة من المسلمين في عصر رسول الله، وبعد حياته الشريفة(صلى الله عليه وآله وسلم) بالشيعة، وقد صرّح بهذا جماعة من المؤلّفين في الملل والنحل.
فالنوبختي "المتوفّى 310هـ " يكتب قائلاً: الشيعة هم أتباع عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) المسمّون بشيعة عليّ(عليه السلام)في زمان النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)وبعده، معروفون بانقطاعهم إليه، والقول بإمامته(1).
وقال أبو الحسن الأشعري: وانّما قيل لهم "شيعة" لأنّهم شايعوا عليّاً، ويقدّمونه على سائر أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)(2).
وقال الشهرستاني: "الشيعة هم الذين شايعوا عليّاً على الخصوص، وقالوا
____________
1- فرق الشيعة: 17 . 2- مقالات الإسلاميين: 5.
بإمامته وخلافته نصّاً ووصيّة(1).
وعلى هذا الأساس فليس للشيعة تاريخ غير تاريخ الإسلام، وليس به مبدأ ظهور غير مبدأ ظهور الإسلام نفسه، وفي الحقيقة إنّ الإسلام والتشيّع وجهان لعُملة واحدة وهما حقيقة واحدة، وقد ذكر المحدّثون والمؤرخون أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) دعا في السنوات الأولى من دعوته بني هاشم وجمعهم في بيته، وأعلن فيهم عن خلافة عليّ ووصيته "في ما يسمّى بحديث بدء الدعوة أو يوم الدار"(2)، وأعلن عن ذلك للناس فيما بعد مكرّراً، وفي مناسبات مختلفة ومواقف متعدّدة، وبخاصة في يوم الغدير الذي طرح فيه خلافة عليّ(عليه السلام) بصورة رسميّة وأخذ البيعة من الناس له وسيوافيك تفصيله.
إنّ التشيُّع ليس وليد حوادث السقيفة، ولا فتنة مصرع عثمان وغيرها من الأساطير، بل انّ النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)هو الذي بذر بذرة التشيّع لأوّل مرّة، وغرس غرستها في قلوب الصحابة بتعاليمه السماوية المكرّرة.
ونَمت تلك الغرسة فيما بعد شيئاً فشيئاً، وعرف صحابة كبارٌ كأبي ذرّ، وسلمان، والمقداد، باسم الشيعة.
وقد ذكر المفسّرون في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}(3).
قول النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) "هم عليّ وشيعته"(4).
على انّه لا تسع هذه الرسالة المختصرة بذكر أسماء الشيعة الأوائل من الصّحابة، والتابعين الذين اعتقدوا بخلافة الإمام عليّ(عليه السلام) للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بصورة
____________
1- الملل والنحل: 1: 146. 2- راجع تاريخ الطبري: 2: 62 ـ 64. 3- البينة (98) : 7. 4- شواهد التنزيل 2: 466، وانظر الدر المنثور 6: 379 سورة البينّة.
مباشرة وبلا فصل .
إنّ التّشيع بالمفهوم المذكور هو الوجه المشترك بين جميع الشيعة في العالم، والذين يشكّلون قسماً عظيما عن مسلمي العالم.
ولقد كان للشيعة جنباً إلى جنب مع سائر المذاهب الإسلاميّة وعلى مدى التاريخ الإسلامي إسهام عظيم في نشر الإسلام، وقدّموا شخصيات علميّة وأدبيّة وسياسيّة جدّ عظيمة إلى المجتمع البشري، ولهم حضور فاعل في أكثر نقاط العالم الراهن أيضاً.
الإمامة مسألة إلهيّة
إنّ مسألة "الإمامة" كما سنثبت ذلك من خلال الأصول القادمة كانت مسألة إلهيّة، وسماويّة، ولهذا كان من الإسلام أن يتمّ تعيينُ خليفة النبيّ كذلك عبر الوصية الإلهية إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ويقوم النبيّ بإبلاغه إلى الناس.
وقبل أن نعمد إلى استعراض وبيان الأدلّة النقليّة والشرعيّة في هذا المجال، نستعرض حكم العقل في هذه الحالة، آخذين بنظر الاعتبار ظروف تلك الفترة أي فترة ما قبل وما بعد رحيل النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وملابساتها.
إنّ العقل البديهيّ يحكم بأنّ أي إنسان مصلح إذا استطاع من خلال جهود مضنية دامت سنوات عديدة، من تنفيذ أطروحة اجتماعيّة خاصة له، وابتكر طريقة جديدة للمجتمع البشريّ فإنّه لابدّ من أن يفكّر في وسيلة مؤثرة للإبقاء على تلك الأطروحة، وضمان استمرارها، بل رشدها، ونموّها أيضاً، وليس من الحكمة أن يؤسس شخص ما بناءً عظيماً. متحمّلاً في ذلك السبيل متاعب كثيرة، ولكن لا يفكرّ فيما يقيه من الأخطار، ولا ينصب أحداً لصيانته والعناية به، من بعده .
إنّ النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) وهو أكبر شخصية عالمية في تاريخ البشرية، قد أوجد ـ بما أتى من شريعة ـ ارضيّة مساعدة لتحوّل إلهيّ عالمي كبير، ومهّد لقيام حضارة
حديثة، وفريدة.
هذه الشخصيّة العظيمة، التي طرحت على البشرية شريعة خالدة، وقادت المجتمع البشريّ في عصره وأيّام حياته، من المسلّم انّه فكّر لحفظ شريعته من الأخطار والآفات المحتملة التي تهدّدها في المستقبل، وكذا لهداية أمّته وادارتها، وبيّن صيغة القيادة من بعده، وذلك لأنّه من غير المعقول أن يؤسس هذا النبيّ الحكيم قواعد شريعة خالدة أبديّة، دون أن يطرح صيغة قويّة لقيادتها من بعده، يضمن بها بقاء تلك الشريعة.
إنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) الذي لم يأل جهداً في بيان أصغر ما تحتاح إليه سعادة البشرية، كيف يعقل أن يسكت في مجال قيادة المجتمع الإسلاميّ ويترك المسلمين حيارى مهملين، لا يعرفون واجبهم في هذا الصعيد؟!
وعلى هذا الأساس لا يمكن مطلقاً القبول بالزّعم القائل بأنّ النبيّ الأكرم أغمض عينيه عن الحياة دون أن ينبس ببنت شفة في مجال قيادة الأمّة.
تعيين الإمام والخليفة في أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) :
والآن وبعد أن ثبت أنّ حكمة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وعلمه كان يقتضيان بأن يتخذ موقفاً مناسباً في مجال القيادة الإسلاميّة من بعده، فلنرى ماذا كان الموقف الذي اتخذه(صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا الصعيد؟
هناك نظريّتان في هذا المجال ندرجهما هنا، ونعمد إلى مناقشتهما:
النظرية الأولى: أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) اختار بأمر الله تعالى شخصاً صالحاً لقيادة الامّة الإسلاميّة ونصبه لخلافته، وأخبر الناس بذلك.
النظرية الثانية: انّ النبيّ أوكلّ اختيار القائد والخليفة من بعده إلى النّاس أنفسهم، لينتخبوا ـ هم بأنفسهم ـ شخصاً لهذا المنصب.
والآن يجب أن نرى أىّ واحدة من النظريتين تستفاد من الكتاب والسنّة
والتاريخ؟
إنّ الإمعان في حياة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) منذ أن كلّف بتبليغ شريعته إلى أقربائه وعشيرته، ثمّ الإعلان عن دعوته إلى الناس كافّة، يفيد أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)سلك طريق "التنصيص" في مسألة القيادة، والخلافة، مراراً، دون طريق "الانتخاب الشعبيّ" وهذا الموضوع نثبته من خلال الأمور التالية:
1ـ حديث يوم الدار:
بعد أن مضت ثلاث سنوات على اليوم الذي بعث فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كلّفه الله تعالى بأن يبلّغ رسالته لأبناء قبيلته، وذلك عند ما نزل قوله عزّ وجلّ: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأْقْرَبِينَ}(1).
فجمع النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) رؤوس بني هاشم، وقال: "يا بني عبد المطلب إنّي والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا قد جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر يكون أخي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم".
ولقد كرّر النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) العبارة الأخيرة ثلاث مرّات، ولم يقم في كلّ تلك المرّات إلاّ الإمام عليّ(عليه السلام) الذّي أعلن عن استعداده في كلّ مرّة لمؤازرة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)ونصرته، وفي المرّة الثالثة قال النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) "إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا"(2).
2ـ حديث المنزلة:
لقد اعتبر النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) منزلة "عليّ(عليه السلام)" منه على قرار منزلة هارون من
____________
1- الشعراء (26) : 214. 2- تاريخ الطبري: 2: 63 جامع البيان "تفسير الطبري" 19: 149، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي 13: 211، كنز العمال 13: 114، تفسير ابن كثير 3: 364.