الكل، ثمّ قال "وهذا النظر يعطي أنّ بعض الموجودات واجب بالذات من غير استدلال على وجود الواجب بوجود الممكنات كما هو المشهور من طريقة المتكلّمين".
وقال في البرهان على قضية أنّ وجوده تعالى غير زائد على ذاته ـ : "أنّه لو كان وجوده زائداً عليه حتّى يكون موجوداً مثلا لم يكن في حدّ ذاته ـ مع قطع النظر عن العوارض ـ موجوداً ولا معدوماً، كما حقّق في موضعه، وكلّ ما كان كذلك فهو ممكن ; لأنّ اتّصافه بالوجود إمّا بسبب ذاته، وهو محال ; لأنّ الشيء مالم يجب لا يوجد، فيلزم تقدّمه بالوجود على نفسه، وهذا خلف، وأمّا بسبب غيره، فيكون معلولاً فلا يكون واجباً".
وقال في إثبات توحيده تعالى: لو تعدّد الواجب فإمّا أن يكون امتياز كلّ منهما عن الآخر بذاته، فيكون مفهوم واجب الوجود محمولاً عليهما بالحمل العرضي، والعارض معلوم للمعروض، فيرجع إلى كون كلّ منهما علة لوجوب وجوده، وقد بان بطلانه، وإمّا أن يكون ذلك الامتياز بالأمر الزائد على ذاتهما وهو أفحش، فإنّه إمّا أن يكون معلولاً لماهيتها أو لغيرها، وعلى الأوّل..." إلى آخر استدلالاته (رحمه الله).
فهكذا عالم، مدقّق ومحقّق، متفكّر ومتعّمق، لا تقبل نفسه الانقياد والانصياع إلاّ لمن حاز على أعلى مراتب العلم والمعرفة، ومن هو مرتبط بالمصدر الأصلي لجميع العلوم والمعارف، بحيث صار ينبوعاً صافياً، ومثلاً حقيقياً حاكياً عن مصدره وأصله بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ذلك الإنسان العظيم، الذي كانت تتردّد دائماً من فمه الشريف تلك الكلمة الخالدة "سلوني قبل أن تفقدوني"(1)، نعم ذلك عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) الذي قال فيه الرسول
____________
1- انظر: المستدرك على الصحيحين 2: 462، ح3392، كنز العمال 13: 72، ح36498، ومصادر أخرى.
الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): "أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب"(1).
فبعلي(عليه السلام) تهدأ النفوس وتطمئن، وبه تأمن من شرور وادي الشبهات الموحش، وعلى شاطئه ترسوا السفن التي أتعبتها العواصف والأمواج، فتستقر.
فبعلي وآل عليّ(عليهم السلام) تكون النجاة ; لأنّهم عُدلاء القرآن، وأمناء الرحمن، بهم من تمسّك أمن الضلال، وبعلمهم من أخذ أدرك الحقيقة والبرهان، وفيهم قال: المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّي تارك فيكم الثقلين ما إنّ تمسّكتم بهما لن تضلّوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي"(2).
فقد أدرك "الدواني" هذه الحقائق من أعماق كيانه ; لأنّه لمسها من خلال دليله وبرهانه، فتسائل جادّاً: "كيف يكون أبو بكر إماماً للمسلمين" وهو القائل: إنّ لي شيطاناً يعتريني"(3).
وكيف يكون عمر خليفة الرحمن وهو القائل: "الكل أفقه من عمر"(4)؟!
فعندما عرف "الدواني" الحقّ، عرف أهله، وأصله ومعدنه، وعندها تشرّف معتنقاً مذهب أهل البيت(عليهم السلام) معلناً تشيّعه وتمسّكه بعلي وبآل عليّ(عليهم السلام).
____________
1- المستدرك على الصحيحين 3: 339، ح4695، مجمع الزوائد 9: 103، ح14670، كنز العمال 11: 275، ح32887. 2- وهذا حديث معروف مشهور تواتر نقله عند مختلف الطوائف والمذاهب. 3- المصنّف للصنعاني 10: 292، ح20867، تاريخ مدينة دمشق ابن عساكر 30: 303، أبو بكر، كنز العمال 5: 326، ح14046. 4- السنن الكبرى للبيهقي 7: 380، ح14336، مجمع الزوائد للهيثمي 4: 372، ح7502، كنز العمال 16: 225، ح45790، فما بعد.
(112) حاج بابا قزويني يزدي
(يهودي / إيران)
عالم كبير من علماء اليهود في يزد وهي من محافظات إيران وقد كان من البارزين فيهم أواخر القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر الهجريين.
يقول حاج بابا: كان أبي من كبار العلماء في دين اليهود، وكان محطّ احترامهم، يعترفون له بالفضل والتقوى، واشتغل طوال عمره في مطالعة كتب الأنبياء السابقين والعلماء اللاحقين، وكان يتحرّى الصواب، ويبحث عن الحقيقة، ويحاول التمييز بين الحقّ والباطل فيما يقرأ، حتّى شملته العناية الالهية وتوفّق في الهداية إلى دين الإسلام، وقد تعجّب من ذلك جماعة اليهود، ولاموه على ذلك كثيراً لمّا أورده إسلامه عليهم من فضيحة دينهم، لكنه كان يجيبهم أنّه اهتدى إلى دين الحقّ الذي يأمل أن ينجيه يوم القيامة، ولم يكن حبّاً في مال أو طمعاً في جاه.
وكنت أنا في ذلك الوقت شاباً استفدت من كلام أبي وتعجّبت من عناد اليهود في قبول الإسلام رغم مناظرات أبي الجادّة معهم، وإقامة الحجّة عليهم من التوراة والكتب الأخرى، فتركت قومي ولجاجهم وتشرّفت بدين محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)وعرفت أنّه الدين الحقّ الخاتم، وركبت سفينة النجاة وتمسّكت بالثقلين.
كتابه:
ألّف كتاباً ردّ فيه على بعض ادعاءات اليهود المخالفة للواقع، وبيّن الصواب فيها، وقد أسماه "محضر الشهود في ردّ اليهود"، صدر محققاً سنة 1420هـ (1378هـ ، ش)، حقّقه: حامد حسن نواب، ونشرته مؤسّسة النشر الثقافية حضور/ قم في 256 صفحة من القطع الرقعي وكان المؤلّف قد فرغ من تأليفه في شهر
رمضان المبارك سنة 1211هـ ، ق كما ذكر ذلك في آخر الكتاب.
يتألّف الكتاب من سبعة أبواب:
الباب الأوّل: ما وعد به الله سبحانه إبراهيم(عليه السلام) وأولاده، وإثبات شأن إسماعيل(عليه السلام).
الباب الثاني: إخبار الأنبياء بنبوة النبيّ محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّه من غير بني إسرائيل .
الباب الثالث: في ذكر علامات ظهور النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في كتب الأنبياء.
الباب الرابع: في ذكر أخبار عيسى(عليه السلام) وإيراد ما قاله عنه الأنبياء السابقون.
الباب الخامس: في ذكر الآيات والأخبار التي تذكر تفضيل بني إسرائيل ومعانيها.
الباب السادس: ما ورد من الذم (من الله والأنبياء) في بني إسرائيل.
الباب السابع: في ذكر ما يناسب هذه الرسالة.
صفات اليهود في القرآن:
أنعم الله سبحانه وتعالى بنعم كثيرة ومخصوصة على بني إسرائيل، ولكنهّم في كثير من الأحيان لم يرتفعوا بأنفسهم إلى مستوى النعم الإلهية، قال تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}(1) حيث نرى أنّ النعمة قد ارتقت بهم إلى مستوى تفضيلهم على بقية الناس، لكن هذا التفضيل لم يكن مطلقاً، فقد ذكر القرآن في آية مشابهة: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}(2).
فهذا التفضيل مشروط بالوفاء بالعهد مع الله والخوف منه، لكن تاريخ اليهود
____________
1- البقرة (2) : 47. 2- البقرة (2) : 40.
قد سجّل عدم الوفاء بالعهد الإلهي، قال تعالى: {وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِر بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}(1)، وقال سبحانه: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}(2).
اغترّ اليهود بنعم الله التي أنعم بها عليهم، فصاروا يرون لأنفسهم حقوقاً ما أنزل الله بها من سلطان، قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء}(3) وادّعوا لأنفسهم الغفران الإلهي، وإنّ أذنبوا ما أذنبوا; لأنّهم أحبّاء الله، فردّ عليهم القرآن: بأن لا قرابة لأحد مع الله، بل كلّ البشر سواسية، وكلٌّ إنسان مقرون بعمله وايمانه، قال تعالى: {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَر أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً}(4).
ثمّ إنّهم بعد كلّ ما أولاهم الله من نعم نراهم اتهموا الله بالبخل، فدفعهم ذلك إلى الطغيان والكفر، وإلقاء العداوة والبغضاء فيما بينهم، وايقادهم نار الحروب، وسعيهم في الأرض فساداً، قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}(5).
____________
1- البقرة (2) : 41 ـ 42. 2- البقرة (2) : 44. 3- المائدة (5) : 18. 4- النساء (4) : 123 ـ 124. 5- المائدة (5) : 64.
ووصف القرآن اليهود بنقض المواثيق والعهود مع الله، قال تعالى: {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}(1)، وقال تعالى: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ}(2)، وهكذا انجرّ بهم الأمر إلى تكذيب الأنبياء وقتلهم، ومن ثمّ سهّل عليهم موالاة الكفار ومعاداة المؤمنين، قال تعالى: {تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللّه والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَـكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ...}(3)، وكانت النتيجة عدم اتّباعهم للأنبياء أن اتبعوا الشياطين، قال تعالى: {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ...}(4)، وهكذا يضاف السحر إلى قائمتهم السوداء بعد أن كانوا مفضلين على العالمين، قال تعالى: {...وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}(5) وقال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً}(6) وقال تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}(7).
____________
1- الأعراف (7) : 169. 2- المائدة (5) : 70. 3- المائدة (5) : 80 ـ 82. 4- البقرة (2) : 102. 5- البقرة (2) : 102 ـ 103. 6- الجمعة (62) : 5. 7- البقرة (2) : 74.
(113) حبيب الله إغماضي
(بهائي / إيران)
كان يعتنق البهائية كدين له لمدة 30 عاماً، وقد شاهد خلالها فجائعاً، وفضائحاً بعيدة عن الدين.
لم يكن "حبيب الله" يدرك حقيقة هذه التصرفات الذميمة; لجهله بحقائق الأمور جرّاء التحريفات، والتشويهات التي كان يروّجها قادة البهائية ومؤسّسيها، وكذا لم يكن يعرف عن الإسلام إلاّ صورة مشوّهة، صوّرتها لهم فرقتهم بما تخدم مصالحهم، ومصالح الاستعمار.
وذات يوم تعرّف على الحاج السيّد أبي القاسم الصمداني، فجرى بينهما حوار استمر في عدّة لقاءات، شرح له السيّد أبو القاسم حقيقة البهائيّة، وعقائدها، وكيفيّة تأسيسها، ونشوئها، ثمّ بيّن له حقيقة الإسلام، ومبادئه، السامية، وقيمه، وقوّة أدلّته وبراهينه، واستمر النقاش حتّى تعرّف "حبيب الله" على زيف وبطلان هذه الفرقة، وبشاعتها، ومدى بعدها عن الدين، والفطرة الإنسانيّة السليمة، وكيفيّة خدمتها للاستعمار، وخدمة الاستعمار لها، فعندما وقف على هذه الحقائق أعلن براءته منهم، وترك دينهم، معتنقاً الإسلام ديناً جديداً له، وبالخصوص مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، لمّا فيه من قوّة الدليل، وصدق القيم والمبادىء، والانسجام التام بينه وبين العقل السليم، والفطرة الحيّة.
يقول "حبيب الله" عن ذلك: "على أثر جهلي أمضيت ثلاثين عاماً مغفلاً
للفرقة الكاذبة، ذات المبدأ المزيّف الذي يعتنقه أناس غير مقيّدين بشيء، ولا ثابتين على حقيقة، شعارهم التزوير والتدليس، أناس تعمل فيهم الأيدي الاجنبيّة منذ أكثر من مائة عام في بلادنا الإيرانية".
كلنا يعلم أنّ الدولة الروسيّة غرست شجرة خبيثة كان من ثمرتها تلك الجناية الفادحة التي كوّنت أمثال (الباب والبهاء) عملاء المستعمر الغاشم، فاستطاعوا على أيدي جماعة استهوتهم اللذائذ الوقتيّة، لا يعرفون للضمير معنى، ولا يراعون الله في شيء، استطاعوا بواسطة اُناس هذه صفاتهم أن يخدعوا شرذمة ممن أعوزتهم العقليّة الكاملة، وكانوا جاهلين.
كان من سوء الحظ أن كنت أحد هؤلاء المغتريّن لمدّة ثلاثين عاماً كما ذكرت، شاهدت خلالها فجائعاً وفضائعاً بعيدة عن الدين، ولكن جهلي المطبق، وعدم اتصالي بالطبقات المتنوّرة جعلاني أشعر بفضاعة الأمر، هذا من جهة، ومن جهة أُخرى لم أكن أعرف عن الإسلام سوى مجموعة مشوّهة، كان أقطاب البهائيين يعرفّونها إلينا كما يريدون، حتّى إنّي خلال تلك الفترة الطويلة لم أصادف أحداً يرشدني إلى الإسلام الصحيح، إلى أن شاء القدر، وساعد التوفيق أن ألتقي عدّة مرّات مع فضيلة الواعظ الحاج السيّد أبي القاسم الصمداني الكرماني ليستنقذني من ضلالي الجارف بعد محاورات جرت بيني وبينه، فكان يقرأ عليّ صفحات من كتاب (الايقان)(1) و (البيان)(2) وكلماتهما التي يمجّها الذوق العربي، وتتبرأ منها اللغة العربيّة، الأمر الذي أيقظني من رقادي ونبّهني بعد غفلتي، ولا سيّما في اللقاء الأخير الذي جمعنا، فقد بيّن لي وبكل وضوح فضائح هذه الفرقة من كتبهم، فاعتنقت الإسلام والحمد لله.
____________
1- كتاب الإيقان، وهو أحد كتب حسين عليّ الذي ادّعى فيه كثير من الدعوات الباطلة والمزيفة. 2- كتاب البيان وهو أهم كتاب للميرزا عليّ محمّد الشيرازي الذي جمع فيه أهم دعاويه واعتقاداته، وهو الكتاب الذي ادّعى أنّه يضاهي القرآن الكريم.
ثمّ أضاف قائلاً: "إنّي متبرّأ ـ إلى الأبد ـ من "الباب والبهاء" وكتبهما الضالّة، ومنتظر لظهر الإمام الثاني عشر، وسميّ الرسول العظيم(صلى الله عليه وآله وسلم).
البهائيّة آلة بيد الاستعمار:
تأسّست الفرقة البهائيّة في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري على يد حسين عليّ، الملقب ببهاء الله.
انتشرت هذه الفرقة في بعض المدن الإيرانيّة، وبعض مناطق شمال العراق، وأصبح لها فيما بعد محافل وأماكن للتجمّع في مدن متعدّدة من العالم.لم تكن عقائد هذه الفرقة قويّة من حيث الدليل والبرهان، أو من حيث الأهداف والمبادىء، بل كانت عقائدهم ساذجة، واضحة البطلان، ولكن مع ذلك فقد صار لها أتباع ومؤيّدون، والذي يبدو أنّ السبب في ذلك لا يعود إلى نفس الفرقة وأحقيّتها، بل يعود إلى عدّة أسباب، وعوامل خارجيّة، كان لها الدور الأساس في نشوء هذه الفرقة ونشرها وإذاعة صيتها، والعامل الأهم والاخطر من تلك العوامل هو الدور الاساسي الذي لعبه الاستعمار، والقوى الأجنبيّة في تقوية هذه الفرقة والمحافظة عليها ومدّها بمختلف المعونات.
كانت البذرة الأولى لهذه الفرقة على يد "محمّد عليّ الشيرازي" الملقب بالباب، فهو مؤسّس البابيّة التي نشأت منها البهائيّة على يد تلميذه "حسين عليّ" الملقب ببهاء الله.
ومع ملاحظة تاريخ هذين الشخصين نجد أنّ الاستعمار كانت له عناية خاصّة بهما، فقد حافظ عليهما مرّات عديدة من الموت والهلاك، بل وروّج لهما وأمدّهما بمختلف المعونات، وعلى الخصوص فرقة "البهائيّة" أتباع حسين عليّ.
وهم في المقابل قدّموا للاستعمار الخدمات المصيرية والثمينة التي رجّحت في كثير من الأحيان كفّة الاستعمار على دول المنطقة، وأدّت إلى بسط هيمنته أكثر فأكثر في البلاد الإسلاميّة.
كتب السفير البريطاني ـ في وقته ـ إلى دولته قائلا: "إنّ عقائد هذا الواعظ (عليّ محمّد الشيرازي) التي تخلو من شيء جديد ستذهب هباءً إذا ما تركت وشأنها، وإذا ما أريد الحفاظ على هذه العقائد فإنّ الحالة تستدعي استخدام التعذيب والعقوبات ضد من يعترض طريقها".
هذا نص يعكس بوضوح مدى اهتمام الاستعمار بهذه الفرقة، وبمؤسسها، بحيث يطلب هذا الجنرال من دولته أن تقابل من يضادّ هذه الفرقة بالتعذيب والعقوبات.
إرتمت هذه الفرقة في أحضان الاستعمار سواء الاستعمار الروسي، أو الانجليزي، أو الأمريكي والاسرائيلي فقد قدمت خدمتها للأقوى الذي يمدّها بالأموال ويحامي عنها.
بعض خدمات الاستعمار للفرقة البابية:
1ـ ساعدت الحكومة الروسيّة الفرقة البابيّة ببناء المساجد، وتبليغ العقائد، وطبع ونشر الكتب.
2ـ كانت السفارة الروسيّة تمدّهم بالأموال، بحيث كان "حسين عليّ" يتقاضى مرتّباً شهرياً من السفارة.
3ـ عندما حصلت مواجهات بين الفرقة البابيّة وحكومة إيران مارست الحكومة الضغظ عليهم، فالتجأ "حسين عليّ" إلى السفارة الروسيّة لتحميه، ولكنّه بما أنّه كان ضالعاً في محاولة اغتيال ملك إيران، أصرّت الحكومة الإيرانية على تسلّمه، فقبلت السفارة الروسيّة ذلك على شريطة أن لا يقتل، فأودع السجن فترة، ثمّ بمساعدة السفير الروسي تمّ تبعيده إلى بغداد.
ولأجل الدفاع الروسي المستمر عن هذه الفرقة أرسل "حسين عليّ" رسالة شكر إلى الأمبراطور الروسي.
4ـ بعد أن ضعفت الدولة الروسيّة، وأصبحت القوّة في المنطقة للبريطانيين،
إرتمت هذه الفرقة في احضانهم، فأمدّوهم بمختلف المعونات الماديّة والمعنويّة وبنفس الأساليب القديمة.
5ـ عندما مات "حسين عليّ" خلفه ابنه "عبّاس أفندي" الملقّب بعبد البهاء، وعندما انكشف تعامله مع الاستعمار حكمت الدولة العثمانية بإعدامه، فتدخلت الدولة البريطانية، وخلّصته وأتباعه من ذلك.
6ـ منحت الدولة البريطانيّة "عبّاس أفندي" نوط شجاعة، وأعطته لقب "سير" (أي فارس) في حفلة رسمية أقامتها له.
7ـ اعترفت بريطانيا بأنّ البهائيّة مذهب مستقل، وسمحت لهم بفتح محافل لإقامة طقوسهم في مختلف أنحاء العالم.
8ـ بعد أن ضعف المدّ البريطاني في المنطقة أصبحت البهائية في خدمة أميركا وإسرائيل وقد أمدّاها بمختلف المعونات.
9ـ اعترفت أميركا وإسرائيل رسميّا بالبهائيّة، وأعطوها جميع الحريّات.
والبهائيّة اليوم تعدّ من أخطر الأجهزة الاستخباراتيّة لخدمة إسرائيل وأميركا.
وهناك شواهد، وأدلّة كثيرة تثبت عمالة هذه الفرقة للاستعمار، وأنّه كان العامل والسبب المؤثر في نشوئها.
خدمات البهائيّة للاستعمار:
1ـ تقديم المعلومات التجسسيّة المهمّة والمفيدة.
2ـ نشر الكتب المؤيّدة والمادحة للاستعمار.
3ـ غرس بذور الفرقة والاختلاف بين أبناء الشعب.
4ـ كان لهم الفضل الكبير على الانجليز في دخولهم فلسطين في الحرب العالميّة الأولى.
5ـ دعمهم قيام الدولة الإسرائيليّة، واعتبروا قيام دولة الصهاينة بأنّها
تنفيذ للوعد الألهي.
6ـ حرمة التدخّل في العمل السياسي.
7ـ حرمة الجهاد مطلقاً، حتّى في وجه المستعمر والمحتل.
8ـ نشر الفساد والانحراف لتضييع الهويّة الإسلاميّة، من خلال رفع الحجاب، والاختلاط بين الجنسين، ونشر الملاهي، وأماكن الدعارة، وتجويز الزنا ولكن بطرق جديدة.
9ـ حرمة الجلوس على المنبر للوعظ والإرشاد.
10ـ حرمة ذكر الله بصوت مسموع في الطرق والأسواق.
وهناك قضايا كثيرة خدموا بها الاستعمار، سواء كانت عقائديّة فكريّة، أو شرعيّة سلوكيّة، فلم يتهانو عن أيِّ قضيّة فيها خدمة للاستعمار، وتضعيف الإسلام والمجتمعات الإيمانية والوطنيّة(1).
فعندما وقف "حبيب الله" على هذه الحقائق، وهذه الأرقام الخطيرة التي تثبت إدانة هذه الفرقة بصورة واضحة، وغير قابلة للنكران أحسّ بمدى زيف هذه الفرقة، وبطلانها، وأنّها كالمرض الخبيث الذي أصاب جسد الأمّة الإسلاميّة، فأعلن تبّرأه منها، معتنقاً للإسلام ذلك الدين الذي يحافظ على فطرة الإنسان، وهويته الإيمانيّة الوطنيّة، من خلال عقائده التي ثبتت بالدليل والبرهان، ومن خلال أوامره وأحكامه التي ترسم للإنسان الطريق الصحيح والموصل إلى الكمال والحقيقة.
____________
1- انظر كتاب: كشف الحيل لعبد الحسين آيتي، وكتاب البهائية في خدمة الاستعمار، وكتاب البابيون والبهائيون للدكتور همايون همّتي، وكتاب البابية والبهائية لمحمد محمدي اشتهاردي، وكتاب البابيون والبهائيون في حاضرهم وماضيهم للسيد عبد الرزاق الحسني، وكتاب البابية والبهائية وأهدافهما في دعوة النبوة والرد عليهما لأحمد بن حجر، وكتاب البهائية تاريخها وعقيدتها لعبد الرحمن الوكيل.
(114) حسن روشنيان
(بهائي / إيران)
ولد سنة 1347هـ (1308هـ ش) في مدينة "سنكسر" ونشأ في أسرة تنتمي إلى الفرقة البهائية، وهو عامل فنّي في دائرة الكهرباء في طهران.
بعد أن رأى "حسن" الانحرافات الكثيرة في الفرقة التي ينتمي إليها (البهائية)، وأنّ كثيراً من عقائدها لا تعدو أكثر من أن تكون آراء أشخاص أرادوا أن يتسلّطوا ويحكموا باسم الدين، وأنّ هذه العقائد لا يمكن أن تكون هي الطريق الذي يستطيع الإنسان أن يصل من خلاله إلى كماله وسعادته، فراح يتتبّع الأديان والمذاهب الأخرى، للبحث عن الحقيقة بكل جدّيّة وإخلاص. فتوصّل إلى أنّ الدين الإسلامي الحنيف المتمثّل بخط أهل البيت(عليهم السلام) هو الدين الكامل الصحيح الذي ينسجم مع الفطرة الإنسانية تمام الانسجام، ويتوافق مع العقل تمام الاتفاق.
يقول حسن عن ذلك:
"بسم الله الرحمن الرحيم"، والصلاة والسلام على النبيّ الأكرم محمّد بن عبد الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى خلفائه المعصومين ولا سيّما الحجة بن الحسن العسكري (عجل الله فرجه) إني أقرّ وأعترف ـ بعد تحقيق كامل ـ أنّ الإسلام آخر الأديان السماوية، وأنّ نبيّه خاتم الأنبياء، وأعترف بوصاية الإمام عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، والأحد عشر من أولاده المعصومين، راجياً من الله تعالى أن يهدي الضالين ـ كما هداني ـ إلى محجّة السعادة والتوفيق".
أعلن ذلك بمحضر الخطيب الشهير، والواعظ المعروف الشيخ محمّد تقي الفلسفي.
البهائية والإشكال بها على التشيّع:
لا شكّ أنّ البهائية إحدى الفرق المنحرفة الضالّة مع ذلك يعتقد بعض الجهّال الذين لم يرزقهم الله تعالى من الحقيقة إلاّ قشورها، ومن الواقع إلاّ شبحه أنّ فكرة البهائية وليدة بعض العقائد الشيعية، وهي أحد مظاهر الانحراف في الفكر الشيعي، ووافقهم على هذا الرأي بعض المنتفعين المغرضين الذين طالمّا حرّكتهم أحقادهم ومصالحهم ضدّ أهل البيت(عليهم السلام) وأتباعهم، فقد تصوّروا وصوّروا أنّ العقائد الشيعية تنتج بصورة طبيعيّة هكذا انحرافات.
يقول أصحاب الشبهة:
إنّ هناك علاقة وثيقة بين عقائد البهائية وعقائد الشيعية، بل إنّ عقائد الشيعة بمثابة الطريق الذي توصّلت من خلاله البهائية إلى عقائدها الحالية.
وذلك: إنّ من أهم عقائد الشيعة الاعتقاد بالمهدي المنتظر، الذي يخرج في آخر الزمان، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعد ما مُلئت ظلماً وجوراً.
فقد روّج علماء الشيعة هذه العقيدة في أوساط أصحابهم، ورسّخوها في نفوسهم، وربَّوهم على انتظار ظهور المهدي في أيّ ساعة، فالشيعة دائماً هم في انتظار هذا المصلح.
وهذا الاعتقاد أدّى إلى حصول الأرضية المناسبة لولادة الدعوات المنحرفة التي ربطت نفسها بهذه العقيدة من قريب أو بعيد، ومن تلك الفرق المنحرفة التي أعطت الشرعيّة لنفسها من خلال هذه العقيدة فرقة البهائية وإنّ عقيدة (المهدي المنتظر) تعدّ من أركان ومقّومات عقائد البهائية، بل وقد طوروا هذه العقيدة إلى أشكال مختلفة ودعوات متنوّعة(1).
____________
1- انظر: كتاب البهائية وليدة مذهب الرفض لمحبّ الدين الخطيب، وكتاب البابية والبهائية وأهدافهما في دعوى النبوة والرد عليهما لأحمد بن حجر آل بوطامي النبعلي، وكتاب البهائية تاريخها وعقيدتها لعبد الرحمن الوكيل.
جواب هذه الشبهات:
توجد عدّة أجوبة عن هذه الشبهة، تبيّن بوضوح خواء صاحب الشّبهة وقلة معرفته بالعقائد الإسلاميّة، وتكشف عن حقد وخداع وزيف أتباع الباطل الذين يرون في ظهور الحقّ أفول نجمهم وإخماد فتنتهم، فاتّخذوا شتّى الأساليب لتشويه وجه الحقيقة النّاصع، ولكن {وَيَأْبَى اللّهُ إِلاّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}(1) .
الجواب الأوّل:
إنّ أكثر الأديان السّماوية إنّ لم نقل كلّها ـ تولدت منها فرق ومذاهب منحرفة وضالة شوّهت الحقائق، وزيّفت الوقائع، وأعطت صورة مغلوطة عن الأهداف السّامية لتلك الأديان، فمن نظر نظرة إجماليّة لأهم الأديان في العالم لوجد تحت كلِّ دين عشرات الفرق المنحرفة.
يقول عبد الرزاق محمّد أسود في موسوعة الأديان عن اليهوديّة: "تكثر الفرق اليهوديّة كثرة بالغة، وتختلف هذه الفرق في مبادئها وأُسس حياتها وفي نظرتها إلى الكون وإلى ما ورائه"(2).
وقال عن المسيحيّة: "والمسيحيّة ـ كبقيّة الأديان التي سبقتها ـ انقسمت على نفسها إلى أربع طوائف: أصحاب أربوس، أصحاب بولس الشمشاطي، أصحاب مقدونيوس، البرابرانيّة"(3) وهذه الفرق بدورها انقسمت على نفسها إلى فرق متعدّدة.
فهل هذا يعني بطلان أصل الديانة اليهوديّة والمسيحيّة؟
أمّا الإسلام وهو الديّن الخاتم الذي صانه الله تعالى عن الانحراف
____________
1- التوبة (9) : 32. 2- موسوعة الأديان والمذاهب 1: 186. 3- موسوعة الأديان والمذاهب لعبد الرزاق 1: 235.
والاندثار، حتّى يبقى الحجة القائمة لله تعالى في أرضه إلى يوم القيامة، فهل سلم أتباعه من الانحراف والافتراق؟
من يتصفح موسوعات الأديان والمذاهب يجدها مملوءةً بالفرق المنحرفة التي تنتسب إلى الإسلام وتتّخذه غطاءً لها(1).
فهل يعني هذا بطلان الدين الإسلامي؟!
كيف سمح صاحب الشبهة لنفسه أن يتّهم الفكر الشيعي والعقائد الشيعية بالانحراف لأنّ بعض الشيعة انحرف عن الطريق الصواب، مع أنّ لازم قوله هذا انحراف كافّة الأديان!!
الجواب الثاني:
إنّ أكثر الفرق المنحرفة ـ إنّ لم نقل كلّها ـ هي بالأصل مشتقة عن فرق أصيلة ومذاهب صحيحة ; لأنّ معنى الانحراف أن يكون الشخص في الطريق الصحيح ثمّ يميل عنه وينحرف لأسباب معيّنة، فلا معنى أن يكون أصل المذهب باطل إذا انحرف بعض أفراده فيما بعد، وبعبارة أدقّ: أنّه لا توجد قاعدة تقول: إنّ كلّ أمر صحيح لا يمكن أن ينحرف عنه أتباعه.
فلا تكون هناك أيّ ملازمة بين انحراف البهائية، وأنّ مؤسسهم كان شيعياً.
الجواب الثالث:
إنّ عقيدة (المهدي المنتظر) ليست من مختصات الشيعة، فإنّ الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) قد أكّد عليها وبيّنها بعدّة خطابات وأحاديث بلغت حدّ التواتر، فكانت هذه العقيدة من العقائد المتفق عليها بين مختلف الطوائف الإسلاميّة، هذا إذا لم نقل أنّ فكرة (المهدي المنتظر) من المسائل التي بشرّت بها كافة الأديان، بل هي أحد مطالبات الفطرة الإنسانيّة التي ارتكزت مع الإنسان منذ زمن بعيد، وكما قد قام الدليل على ذلك.
____________
1- انظر موسوعة الأديان والمذاهب لعبد الرزاق 2: 143.
قال الحافظ أبو الحسن الآبري: "قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) في المهدي وأنّه من أهل بيته"(1).
وقال القرطبي في تفسيره: "إنّ الاخبار الصحاح قد تواترت على أنّ المهدي من عترة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)"(2).
قال محمّد فاضل في كتابه الحراب: "إنّ المشهور بين الكافّة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنّه لابدّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت(عليهم السلام) يؤيد الدين، ويظهر العدل، ويتّبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلاميّة ويسّمى بالمهدي".
ثمّ قال: "إنّ جماعة من الأئمّة خرجوا أحاديث المهدي منهم: الترمذي، وأبو داود، والبزار، وابن ماجة، والحاكم، والطبراني، وأبو يعلى الموصلي"(3).
هذه هي عقيدة المهدي المنتظر عند المسلمين، فالإشكال عليها ليس هو إشكالاً على التشيّع، بل هو إشكال على الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)وعلى الإسلام كلّه.
انظر إلى الجهل كيف يلقي بصاحبه في متاهات لا مخرج له منها، وانظر إلى العصبية التي تصمّ وتعمي كيف تجعل صاحبها يعيش في ظلمات ليس بخارج منها.
الجواب الرابع:
كما عرفت من الجواب المتقّدم أنّ عقيدة (المهدي المنتظر) من العقائد التي نادت بها كافة الفرق الإسلاميّة، فلو كان ثمة إشكال فإنّه في الحقيقة يرد على غير الشيعة من الطوائف الإسلاميّة ; لأنّ هذه الطوائف فسحت المجال لمن يريد استغلال هذه العقيدة ; لأن مجرد الاعتقاد بشخص يخرج في آخر الزمان تجب
____________
1- تهذيب التهذيب لابن حجر 9: 126. 2- الجامع لأحكام القرآن 8: 78. 3- الحراب :147.
طاعته، مع بيان بعض الشرائط الفضفاضة التي يسهل إدّعائها لا يسدّ الباب بوجه المنتفعين والحاقدين الذين يتربّصون بالإسلام الدوائر، فينتحلون مثل هذه العقائد لنيل مآربهم.
بينما نجد الشيعة بيّنوا هذه العقيدة بكلّ خصوصيّاتها وجزئيّاتها، فقد عيّنوا اسم المهدي المنتظر ونسبه، وتاريخ ولادته ومكانها، وتاريخ غيبته، وعلائم ظهوره، وأدّلة حقانيّته، وكثير من المسائل المرتبطة بهذا الموضوع، ممّا يجعل انتحال شخصيّة (المهدي المنتظر) أمر صعب وعسير جداً ويؤدي بالمدعى المزيف لهذا المقام إلى الهاوية والسقوط في أعين الناس.
فعقيدة المهدي المنتظر في الفكر الشيعي عقيدة واضحة المعالم، بيّنة الأبعاد.
ليس فيها شك، أو أدنى لَبس، ممّا جعل من السهل جدّاً معرفة أيّ منتحل كذّاب، ليس فقط عقيدة (المهدي المنتظر) مبنية على أدلّة قاطعة وبراهين ساطعة، بل مجمل العقائد الشيعية كذلك، الأمر الذي جعل مذهب الشيعة أقوى المذاهب من حيث الفكر والعقيدة، ومن حيث السلوك والعمل، لذلك نجده المذهب الذي جلب أنظار المفكرين والباحثين الذين كان همّهم الوصول إلى الحقيقة من خلال الطرق الموضوعيّة والأدلة القويّة.
من هؤلاء الباحثين عن الحقيقة (حسن روشنيان) فبعد أن رأى بطلان وزيف عقائد البهائية، اتّجة جاداً نحو البحث والمطالعة الهادفة، فوجد أنّ الإسلام المتمثّل بخطّ أهل البيت(عليهم السلام) هو الطريق الصّحيح الذي تتماشى أحكامه مع الفطرة الإنسانيّة، ويحكم العقل بوجوب اتّباعه والأخذ بتعاليمه، عندها آمن بالإسلام دينا له، معتنقا مذهب الشيعة الإمامية، معلناً ذلك جهرة وبكلّ افتخار واعتزاز.
(115) الجايتو خان المغول(1)
السلطان محمّد شاه خدابنده
(سنّي / إيران)
رقى السلطان محمّد شاه عرش السلطنة في إيران سنة 707هـ ، وتوفيّ سنة 716هـ . قال أحمد زيني دحلان مفتي الشافعية في مكّة المكرمة: صحب الروافض، وساء اعتقاده، وحذف ذكر الشيخين من الخطبة، ونقش أسماء الاثني عشر على سكّته(2).
استبصاره:
اعتنق مذهب الشيعة الإمامية، لاقتناعة بأ نّه المذهب الحقّ الذي فيه حلٌّ لمشاكل المسلمين; لأخذه ممن أمر الله أن يؤخذ منهم، وهم آل بيت الرسول الذين هم الامتداد الطبيعي له، وهم الذين أُمرت الأمّة باتّباعهم دون غيرهم.
____________
1- الجايتو: يعني المبارك بلغة المغول، والسلطان محمّد شاه بن أرغون خان بن أبا خان بن هولاكوخان بن تولي خان بن جنكيز خان. 2- الفتوحات الإسلاميّة 2: 81 ، طبعة مصر عام 1354هـ ، مطبعة مصطفى محمّد.
ذكر العلاّمة المجلسي الأوّل (رحمه الله) إنّ السلطان محمّد غضب يوماً على امرأته فقال لها: أنتِ طالقٌ ثلاثاً، ثمّ ندم وجمع العلماء فقالوا: لابدّ من المحلّل .
فقال عندكم في كلّ مسألة أقاويل مختلفة، أفليس لكم هنا اختلاف؟
فقالوا: لا .
فقال أحد وزرائه: إنّ عالماً بالحلّة يقول ببطلان هذا الطلاق.
فبعث كتابه إلى العلامة(1)، وأحضره، ولمّا بعث إليه قال علماء العامّة: إنّ له مذهباً باطلاً، ولا عقل للروافض، ولا يليق بالملك أن يبعث إلى طلب رجل خفيف العقل .
قال الملك: حتّى يحضر.
فلمّا حضر العلاّمة بعث الملك إلى جميع علماء المذاهب الأربعة وجمعهم،
____________
1- من أعلام الشيعة الإمامية المرموقين، وهو الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهر الحلي الشهير بالعلامة على الإطلاق.
فلمّا دخل العلاّمة أخذ نعليه بيده، ودخل المجلس وقال: السلام عليكم. وجلس عند الملك.
فقالوا للملك: ألم نقل لك إنّهم ضعفاء العقول؟
قال الملك: اسئلوا منه في كلّ ما فعل.
فقالوا له: لم ما سجدت للملك وتركت الآداب؟
فقال: انّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كان ملكاً وكان يسلّم عليه، وقال الله: {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً}(1) ولا خلاف بيننا وبينكم أنّه لا يجوز السجود لغير الله.
قالوا له: جلست عند الملك؟
قال: لم يكن مكان غيره. وكلّما يقوله العلاّمة بالعربي كان يترجم للملك.
____________
1- النور (24) : 61.
قالوا: لأي شيء أخذت نعلك معك؟ وهذا ممّا لا يليق بعاقل، بل إنسان.
قال: خفت أن يسرقه الحنفية كما سرق أبو حنيفة نعل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
فصاحت الحنفية: حاشا وكلا. متى كان أبو حنيفة في زمن رسول الله، بل كان تولّده بعد المائة من وفاة رسول الله.
فقال: نيست لعلّه كان السارق الشافعي.
فصاحت الشافعية وقالوا: كان تولّد الشافعي في يوم وفاة أبي حنيفة، وكان أربع سنين في بطن أمّه، ولا يخرج رعاية لحرمة أبي حنيفة، فلمّا مات خرج، وكان نشؤه في المأتين من وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
فقال: لعلّه كان مالك.
فقالت المالكية بمثل ما قالته الحنفية.
فقال: فلعلّه كان أحمد بن حنبل، فقالوا بمثل ما قالته الشافعية.
فتوجّه العلاّمة إلى الملك، فقال: أيها الملك، علمت أنّ رؤساء المذاهب الأربعة لم يكن أحدهم في زمن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ولا في زمان الصحابة، فهذا أحد بدعهم، أنّهم اختاروا من مجتهديهم هذه الأربعة، ولو كان منهم أفضل بمراتب لا يجوزون أن يجتهد بخلاف ما أفتاه واحد منهم.
فقال الملك: ما كان واحد منهم في زمان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) والصحابة؟
فقال الجميع: لا .
فقال العلاّمة: ونحن معاشر الشيعة تابعون لأمير المؤمنين(عليه السلام) نفس رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأخيه وابن عمّه ووصيّه، وعلى أي حال فالطلاق الذي أوقعه الملك باطل، لأنّه لم يتحقّق شروطه، ومنها العدلان، فهل قال الملك بمحضرهما؟
قال: لا.
ثمّ شرع في البحث مع العلماء حتّى ألزمهم جميعاً فتشيّع الملك، وبعث إلى البلاد والأقاليم حتّى يخطبوا بالأئمّة الاثني عشر(عليهم السلام)، ويضربوا السكك على أسمائهم وينقشوها على أطراف المساجد والمشاهد(1).
____________
1- انظر: روضات الجنات 2: 279 ـ 280.
(116) رحمت الله مهاجري
كلولاني كردستاني
(سنّي / إيران)
ولد سنة 1359هـ (1941م) في كردستان إيران ونشأ في عائلة علمائية سنية، بدأ في العاشرة من عمره بالدراسة في مكتب أبيه، ثمّ في مكاتب شيوخ آخرين، عمل في ميدان التبليغ وبنى أو جدّد بناء عدّة مساجد في قرى كردستان.
كيف عرفت الحقّ؟
يقول الشيخ رحمت الله: منذ بداية دراستي كنت أحاول البحث والتحقيق
في المسائل التي أدرسها، وفي سنة 1379هـ (1960م) كنت أدرس عند الشيخ محمّد بزيناني المشهور بـ"ملا رشه"، وكان شيخاً حي الضمير وصفي السريرة تأثّرت بكلامه وحالاته المعنوية كثيراً وهو الذي هداني إلى الصراط المستقيم.
في مدينة "مهاباد" حيث كان يدرس سألته في أحدى الدروس عن حديث "رزية يوم الخميس"، وما الذي كان يبكي ابن عباس عندما يتذّكرها كما نقل البخاري ومسلم وغيرهم، وهل صحيح أنّ بعض الصحابة منع النبي من كتابة ما يمنع عن الضلال أبداً وقال: إنّه يهجر(1).
كما سألته عن بعض الآيات التي تشير إلى مودّة القربى وطاعة أولي الأمر، وقلت من هم القربى ومن هم أولي الأمر.
سكت الشيخ طويلا وجرت دموعه، فتعجبت من أمره، وقلت في نفسي: ماذا حدث؟
رفع الشيخ رأسه بعد ذلك، وقال: ولدي سألت عن آيات هي في صميم الإسلام، ولكن أهل الجور والظلم حرفوها عن معانيها بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأظنك قد عرفت الحقيقة وتريد أن تمتحن عقيدة شيخك الذي تجاوز السبعين من العمر، ثمّ تنهد وقال: الهي إنّك تعلم أني قد عرفت الحق متأخراً في زمان
____________
1- صحيح البخاري 4: 31، 65، 5: 137، صحيح مسلم 5: 75، مسند أحمد 1: 222، 355.
الشيخوخة، وليس لي القدرة على اظهاره للناس، أما أنت فسأعرض لك الحقيقة وهي: أنّ جماعة من الصحابة غصبوا الخلافة من الخليفة الحق وبلا فصل عن النبي وهو الإمام علي(عليه السلام) ولم يخشوا العذاب الإلهي ولم يستحوا من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وكانت النتيجة أن سيطر على الساحة المنافقون والفاسقون، وحاولوا إطفاء نور الحقيقة ما استطاعوا حتّى انحرف الكثير من المسلمين وتشوّهت معالم الدين وقتل آل الرسول وتشردوا وتغرّبوا وحبسوا.
ووضعت الكثير من الأحاديث المجعولة في تشويه سمعة الرسول وآله وتحسين صورة المنافقين حتّى صار سبّ الإمام علي(عليه السلام) على المنابر لمدة سبعين سنة أمراً عادياً(1) بل يعدونه من الفرائض، وانت إذا دققت في كتب التاريخ والحديث لوضحت لك هذه المطالب وأنا أطلب منك أن لا تنقل هذا الكلام عني إلاّ بعد وفاتي، واذا كانت لديك قدرة على إظهار الحق فاظهره للناس واستفد من عمرك وشبابك بمطالعة هذه الأمور ومتابعتها من الكتب واتقان بحثها حتّى تكون حجّتك واضحة وطريقك مستقيماً.
تأثّرت بكلامه وحضرت في ذهني الكثير من الأسئلة الأخرى، فسألته عنها وأجابني عليها، ونصحني بتبليغها للناس، وذكر لي وظائف المبلغ الخطيرة، وقال: عليك بالتأسّي بمصعب بن عمير ـ المبلغ الذي أرسله رسول الله إلى المدينة قبل مهاجرته إليها ـ الذي استفاد من شبابه في تبليغ الدين رغم الغربة والصعوبات التي واجهها.
____________
1- مستدرك الحاكم 1: 384، تفسير الآلوسي 14: 219 .
يضيف رحمت الله: أنا اليوم أحمد الله سبحانه وتعالى أن تخلصت من أَسر التقليد في أيام شبابي، ولجأت إلى سفينة النجاة محمّد وآله صلوات الله عليهم وصرت جنديا من جنود صاحب الزمان بانتمائي إلى الحوزة العلمية المباركة.
كتاب استبصاره:
(لماذا اعتقدت بالولاية؟) صدر سنة 1392هـ (1973م) عن مطبعة بيروز في قم.
يتألف الكتاب من مقدمة وعشرة أقسام:
عرض في المقدمة شيئاً من حياته وكيفية استبصاره.
القسم الأوّل: واقعة الغدير ونصب الإمام علي للخلافة.
القسم الثاني: خطة غصب الخلافة بدأت في زمان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).
القسم الثالث: هل كانت خلافة أبو بكر اجماعية.
القسم الرابع: غصب فدك وحقوق بني هاشم بعد غصب الخلافة.
القسم الخامس: هل انتقاد الاعمال القبيحة للصحابة يوجب الكفر.
القسم السادس: تحريف بني امية للدين ولعنهم وسبهم لا اشكال فيه.
القسم السابع: الظالم الذي اعطوه لقب سيف الله.
القسم الثامن: ماذا قال المأمون لعلماء العامة.
القسم التاسع: لا يهذي أبو بكر ويهذي الرسول (والعياذ بالله).
القسم العاشر: تحقيق في فرق أهل السنة.
(117) عبّاس جنيدي
(بهائي / إيران)
ولد في قرية من قرى "ورامين" التابعة لطهران ـ عاصمة إيران ـ ، درس الأكاديمية وتخرّج من معهد المعلّمين، ثمّ تعيّن في إحدى مدارس كرمسار للتدريس.
قضى شطراً من عمره منخدعاً بالفرقة البهائيّة، ولكنّه بعد أن تعرّف أكثر على هذا الفرقة وجدها تعتقد بعقائد وأفكار تنافي العقل، والفطرة السليمة، ممّا جعله يدققّ أكثر في الدين الذي انتخبه، فعندما تأمّل أكثر في أفكارهم وتعمّق في آرائهم وجدهم فرقة ضالّة منحرفة بعيدة عن الدين والحقيقة، فأعلن برائته منهم،
وسعى جاداً في البحث عن الدين الصحيح حتّى يروي فطرته المتعطّشة لمعرفة الحقيقة، فوجد الدين الإسلامي المتمثّل بخطّ أهل البيت(عليهم السلام)هو الدين الذي تقبله الفطرة، ويقرّه العقل، فأعلن اعتناقه للدين الإسلامي عام 1381هـ بحضور الشيخ حسين اللاهوتي، وجمع من المؤمنين الذين شاركوه الفرحة والسرور.
كان لعباس جنيدي معرفة جيّدة بحقيقة البهائيّة لوقوفه عن قرب على مساوئهم، وخطواتهم التي تهدّد المجتمع، لذلك فقد تصدّى كلّ جمعة لبيان عقائد البهائيّة المنحرفة وخطرها ونشاطها اللاديني، محذّراً أبناء المجتمع من الوقوع في فخاخ البهائيّة المظلمة.
نشوء البهائيّة وتاريخ تأسيسها:
البهائيّة من الفرق المنحرفة التي يكفي في بيان بطلانها وإثبات إنحرافها أن يقف القارئ على تاريخ تأسيسها، وطريقة نشوئها، فهي وإنّ كان هناك بعض الغموض يكتنف بعض عقائدها إلاّ أنّ طريقة تأسيسها بدرجة من الوضوح بحيث تكفي دليلاً على بطلانها.
فهي من الفرق التي تأسسّت في النصف الثاني من القرن الثالث عشر، وقد أعلن مؤسّسها وهو الميرزا "حسين عليّ" الملقّب ببهاء الله عنها سنة 1279هـ .
للتعرّف أكثر على كيفيّة نشوء هذه الفرقة لابدّ من الرجوع قليلاً إلى الوراء، وإلقاء نظرة عابرة على الفرقة البابيّة، فإنّ البهائيّة تعد الوليد غير الشرعي لها، التي هي بدورها تعدّ أحد النتائج الانحرافيّة لبعض الأفكار الباطنيّة التي تعتمد على التأويل، والرموز.
البابيّة فرقة تأسّست في النصف الثاني من القرن الثالث عشر، أسّسها "عليّ محمّد الشيرازي"، ولد "عليّ محمّد" في شيراز إحدى المحافظات الإيرانيّة المهمّة، سنة 1235هـ عمل مع خاله فترة في التجارة وعرف فنونها، ثمّ بعثه خاله