القس: يقول القرآن في شأن داود في سورة ص. (إنه أواب وإن له لزلفى وحسن مآب). نعم ذكرت هذه السورة مخاصمة الخصمين في حكاية النعاج فقط. ولكن بعض المسلمين يذكرون ما في كتبنا من القصة الزنائية أخذا لها من ألسنة اليهود لكن الشيعة والسنة يروون عن علي وزير نبيهم قوله: " من حدثكم بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين وهي حد الفرية على الأنبياء " فهذا علي إمام المسلمين يسمي هذه الحكاية: فرية. ومن خرافات القصاص، وجاء مثل هذا أيضا عن جعفر بن محمد وهو الإمام السادس من أهل البيت، وإن المسلمين يجعلون أمثال هذه القصة في شأن النبي من المخالف للمعقول، ويعيبون بها وبأمثالها على كتب وحينا. انظر إلى الجزء الأول من كتاب الهدى ص 102 إلى 105.
عمانوئيل: ثم استمررت في القراءة مغضيا عن أمور كثيرة حرصا على اغتنام الأمور المهمة في العاجل. فأتممت سفر التكوين، وشرعت في سفر الخروج وهو الثاني في التوراة.
إرسال الله لموسى والتوراة
فانتهيت إلى الفصل الثالث فقرأت فيه ما حاصله " إن موسى كان يرعى الغنم فجاء بها إلى حوريب. وظهر ملاك الله له بلهبة نار من وسط عليقة. وإذا العليقة تتوقد ولا تحترق. فمال موسى لينظر فلما رآه الله مال ناداه الإله من وسط العليقة. وقال له: أنا إله أبيك إله إبراهيم إله إسحاق إله يعقوب. فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الإله ".. يا سيدي ملاك الله الذي ظهر. هل هو الله والإله. أم غيره.
بين الله والملاك. يا عمانوئيل أليس من الممكن أن نقول: إن الذي ظهر لموسى هو ملاك الله. والذي كلمه هو الله. عمانوئيل. إذن فما معنى قول: التوراة. خاف أن ينظر إلى الإله.. فهل الإله جسم منظور.
القس: لا. الإله ليس بجسم ولا مرئي.
حاشا جلال الله من التعليم بالكذب
عمانوئيل: ثم قرأت أن الله قال: لموسى " إذهب واجمع شيوخ بني إسرائيل وقل لهم. الله إله آبائكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب ظهر لي قائلا: إني افتقدتكم وما صنع بكم. فقلت: أصعدكم من مذلة مصر إلى أرض الكنعانيين والحثيين والأموريين إلى أرض تفيض عسلا ولبنا ".. فقلت: يا سيدي القس إذن فقرار الله في وعده مع شيوخ بني إسرائيل بواسطة تبليغ موسى. هو أن يصعدهم من مذلة المصريين إلى فلسطين وشرقي الأردن.
وإنما كلم الله موسى وحده في حوريب وأمره بتبليغ بني إسرائيل. كيف يا سيدي يعلم الله بالكذب. وكيف يفتتح رسالته بهذا العمل الفاسد؟ والتوراة أيضا تقول في العدد الثالث من الفصل الخامس: إن موسى وهرون عملا بهذا الكدب.. يا سيدي وإن أقرب الموارد من فلسطين إلى " رعمسيس) منزل بني إسرائيل في مصر يزيد على مائتي ميل، وإن شرقي الأردن يبعد أكثر من مائتين وسبعين ميلا. وإن برية سينا تبعد أيضا بنحو مائتي ميل. فأين يكون طريق الثلاثة أيام لثقل العيال والأطفال المشاة والغنم والبقر.
القس. لا أعالجك بالجواب في هذا. فاقرأ.
لا خلف في وعد الله جل شأنه
عمانوئيل: فأتممت بقراءتي الفصل الثالث وقرأت الفصل الرابع فإذا في التوراة ما ملخصه إن الله وعد موسى أن يمد يده ويضرب مصر بكل عجائبه وبعد ذلك يطلقهم فرعون. وإنه يسخر المصريين فيعيرونهم أمتعة الذهب والفضة والثياب فيسلبهم الإسرائيليون. وإنه يكون مع موسى وهرون ويعلمهما ماذا يقولان. وإن موسى ينظر جميع العجائب التي جعلها الله في يده ويضعها الله قدام فرعون. - وتقول التوراة: بعد ذلك أن موسى عند ذهابه إلى مصر بأمر الله ومواعيده أن الله التقاه وطلب أن يقتله فأخذت صفورة زوجة موسى صوانة وقطعت غرلة ابنها ومست رجل موسى بالدم فانفك الله عنه.. يا سيدي فأين مضت تلك المواعيد حتى أراد الله قتل موسى. وكيف فكه بمخادعة صفورة.
وتقول أيضا في أول الفصل السابع: إن الله يقول لموسى. أنت تكون إلها لفرعون وهرون يكون نبيك.. فأين يكون ما سيأتي في التوراة من تعليم الله لموسى وبني إسرائيل أن لا يذكروا اسم آلهة أخرى غير الله ولا يسمع من فمهم.. فهل أقضي عمري في غصص هذه الدواهي الموجودة في التوراة.
كتب العهد القديم وجلال الله تعالى عما يصفون
القس: يا عزيزي إن مجد الله وجلاله يلزم أن يعطي حقه من الوجوه المعقولة من دون ركون أعمى ولا تسرع بطفرات الجهل المركب. وهذه التوراة ينبغي أن يوزن ما جاء فيها بميزان كتب العهد القديم فإن هذه الكتب يفسر بعضا فإن كتاب " أرميا " النبي يعده اليهود والنصارى في أجيالهم كتاب وحي ألهي وقد جاء فيه في الفصل الرابع في العدد العاشر ما نصه: " فقلت. آه يا سيدي الله حقا خداعا خادعت أنت الشعب هذا وأورشليم قائلا. سلام يكون لكم وقد بلغ السيف النفس ". وإن سفر الملوك الأول. وسفر الأيام الثاني يعتبرهما اليهود والنصارى من كتب الوحي الإلهي. وقد جاء في الفصل الثاني والعشرين من الأول، والثاني عشر من الثاني ما حاصله إن النبي ميخا بن يملة قال: لا خاب الملك، إسمع كلام الله.
رأيت الله جالسا على كرسيه وكل جند السماء وقوف على يمينه وشماله. فقال الله. من يغوي أخاب. فقال هذا هكذا وقال: هذا هكذا وخرج الروح ووقف أمام الله وقال: أنا أغويه. فقال الله: بماذا. قال: أخرج وأكون روح كذب بفم كل أنبيائه. فقال الله. إنك تغويه وتقدر، اخرج وأفعل هكذا. يا عمانوئيل هذه كتب الوحي وإن أردت أن تزنها بالمعقول فذلك حقك وحق الحقائق. ولكن لا تعجل. وأيضا إن التوراة تقول في الفصل الثالث عشر من العدد: إن موسى (عليه السلام) كان حليما جدا أكثر من جميع الناس.
سيدي لماذا أسأت للشعب لماذا أرسلتني؟ وتذكر في العدد الثاني والثلاثين من الفصل الثاني والثلاثين من الخروج. لما عبد بنو إسرائيل العجل أن موسى (عليه السلام) قال لله: " والآن إن غفرت خطيئتهم وإلا فامحني من كتابك الذي كتبت ". وفي الفصل الحادي عشر من سفر العدد. إن موسى قال لله:
لماذا أسأت إلى عبدك. ولما وعده الله بأن يشبع بني إسرائيل من اللحم شهرا قال لله: ستمائة ألف هو الشعب وأنت قلت: أنا أعطيهم لحما ليأكلوا شهرا. أيذبح غنم وبقر ليكفيهم أم يجمع لهم سمك البحر ليكفيهم. حتى إن المزمور السادس بعد المائة يقول: إن موسى فرط بشفتيه.
عمانوئيل: يا سيدي إني سألتك سؤال المتحير فأجبتني بأمور زادت حيرتي وألقت على ناري حطبا. فليتك أوضحت لي مرادك من كلامك هذا.
القس. أين ذكاؤك. فاقرأ الآن عسى الله أن يفتح عليك.
عمانوئيل: فقرأت في سفر الخروج إلى الفصل الثاني عشر وإذا فيه. إن الله أمر بني إسرائيل أن يذبحوا الفصح ويلطخوا العتبة العليا والقائمتين من أبوابهم بالدم. لأن الله يختار ليضرب المصريين فحين الدم يعبر عن الباب. فقلت يا سيدي هل تقول: إن الله لا يعرف دور بني إسرائيل. بل يحتاج إلى علامة الدم لكيلا يشتبه. وكيف يجتاز الله وكيف يعبر.
القس: أكتب هذا الكلام مع أمثاله في دفترك.
إختلاف التراجم وتحريف بعضها
عمانوئيل: فقرأت حتى بلغت العدد السابع والعشرين من الفصل الثاني والعشرين. فقلت: يا سيدي إن الأصل العبراني يقول هنا: " الهيم لا تقلل ونسئ بعمك لاتأر " وترجمته: الإله لا تسب ورئيسا بشعبك لا تلعن.. ولكن التراجم تلاعبت هنا ما شاءت فاليونانية ذكرت بدل " لا تلعن " لا تقل سوءا واختلف ما عندنا من النسخ والتراجم التي عددناها صحيفة 19 و 20 ففي 3 و 4 و 5 لا تسب الله ولا تلعن رئيس قوم ونحوها النسخة 10 وفي النسخة 1 و 2: لا تسب القضاء ورأس شعبك لا تعلنه، ونحوهما النسخة 7 و 8 و 9.. يا سيدي كيف يترجم الروحانيون لفظة " الهيم " بالقضاء. ومن أين جاءت هذه الترجمة. نعم من يريد أن يؤله يتعمد هذا التحريف في ترجمته. يا سيدي إن التوراة العبرانية تقول في العدد الثامن والعشرين من هذا الفصل: " ملئتك ودمعك لا تأخر " ولكن التراجم كتبت هنا توراة جديدة بأشكال مختلفة تعرف بالمراجعة. لماذا يكون هذا؟
القس: قل أنت إلى الآن لم تعرف إجمالا لماذا يكون هذا. فلماذا تسأل. اقرأ.
الله ليس جسما مرئيا
عمانوئيل: فقرأت حتى بلغت العدد 9 و 10 و 11 من الفصل الرابع والعشرين وفيها " وصعد موسى وهرون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل فرأوا إله إسرائيل وتحت رجليه شبه صنعة من العتيق الأزرق الشفاف وكذات السماء في النقاوة لكنه لم يمد يده إلى أشراف بني إسرائيل فرأوا الله وأكلوا وشربوا ". فقلت: يا سيدي القس هل الله جسم مرئي. وهل له رجلان كما وصفت التوراة.
القس: حاشا لله أن يكون جسما ومرئيا. ولكن يا عمانوئيل ربما يخطر ببالي أن هذه الحكاية موجودة في قرآن المسلمين.
القرآن ميزان الحقيقة
عمانوئيل: جاء في الآية الثانية والخمسين بعد المائة من سورة النساء: (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا: أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) فإن إنزال الكتاب من السماء كبير في العادة وإن كان ممكنا عقلا. ولكن طلبهم لرؤية الله جهرة أكبر من ذلك لأن رؤية الله ممتنعة عقلا لأنه جل شأنه ليس بجسم ولا مرئي. وجاء في الآية الخامسة والخمسين من سورة البقرة في توبيخ بني إسرائيل. (وإذا قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون) أي تطلبون الرؤية أو تنظرون إلى الصاعقة. والآية 56: (ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون) فالقرآن يسفه القول برؤية الله.
القس: نعم يا عمانوئيل فاقرأ:
من الغلط في التوراة العبرانية
عمانوئيل. فقرأت مغضيا عن أمور كثيرة والغم والضجرة والملل قد كدرت أوقاتي حتى وصلت إلى الفصل الحادي عشر من سفر اللاويين وإذا في العدد الحادي والعشرين. " إلا هذا تأكلونه من دبيب الطير الماشي على أربع الذي له كراعان فوق رجليه يثب بهما على الأرض ". فقلت: يا سيدي إن التوراة العبرانية تقول. الذي لا كراعان على رجليه. وهذه عبارة العبرانية " أشير لا كرعيم ممعل لرجليو " فكيف ترجموه بقولهم له كراعان. ولو كان كذلك في العبرانية لقالت. أشير لو كرعيم.
عمانوئيل: كيف يكون هذا الغلط في كتاب الله بكتابة رسوله موسى. ومن أين جاء هذا الغلط الكثير الكبير. ومتى جاء. أوضح لي يا سيدي. حتى متى أصبر. تقول. أكتب في الدفتر، أكتب في الدفتر. كم ذا أكتب في الدفتر، ضاع الحساب.
القس. لا تعجل " ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا " إن صبرت وتحققت فأنا ضامن لك بأن الحقيقة ستكشف لك عن وجهها الواضح. من جد وجد. والقرآن يقول. (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا). سورة العنكبوت، الآية: 69.
عمانوئيل: عجبا يا سيدي أراك تتمثل بالقرآن.
القرآن المجيد ونبيه (ص)
القس: لماذا لا أتمثل بكتاب قد تكفيل ببيان الحكم، وفلسفة الحقائق، وحقائق الارشاد.
عمانوئيل: يا سيدي أراك تمجد القرآن كثيرا فهل تقول. بإنه وحي الله.
القس. لا أمجده من نفسي وإنما هو مجيد، قد أخذ بأطراف المجد، ولا علي أن أقول: لك إنه وحي الله. هو كتاب حكيم عليم، كتاب فائق بالحكمة، لا يدخل في باب إلا جلا حقائقه بأحسن جلوة. وإن كان صاحبه " محمد " نبي المسلمين من عرب وثنيين وحشيين ليس لهم أدنى حظ في الفلسفة والمعارف وآداب المدنية والاجتماع. " عمانوئيل " إذن فأين درس محمد العلوم جميعا، وإلى أية كلية هاجر حتى برع في علومه وفلسفته.
عمانوئيل: يا سيدي قد ملأت قلبي من هذا البيان بأمر عظيم. ولكن يا للأسف إنك لا تسمح لي بالبيان الصريح، ولا تريحني بالمجاهرة في الكشف عن الحقيقة.
القس: ما عليك من هذا. اقرأ بكتاب التوراة واستوف دراستك فيها.
عمانوئيل: يا سيدي اقرأ في التوراة ولا أخطو خطوة في الدرس إلا وعثرت فيها على كفر أو خرافة، وأرى القرآن كما تقول، لا يدخل
في باب إلا جلا حقائقه بأحسن جلوة. فهل من المعقول أن يقول. إن التوراة كتاب الله، وإن القرآن كتاب بشر نشأ بين أناس وحشيين وثنيين لم يدرس من العلوم شيئا فجاء بكتابه بأعلى مراقي المجد في كل فن يخوض فيه الفيلسوف الإلهي. والمصلح الديني، والمصلح السياسي، والمصلح الاجتماعي، والحكيم البارع.
" القس " متبسما يا عمانوئيل ألم تقرأ في العهد الجديد المقدس في الفصل الأول في العدد 21 و 25 من الرسالة الأولى لأهل كورنتوش. إستحسن الله أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة، أو بحماقة الكرازة، لأن جهالة الله أو حماقة الله أحكم من الناس.
عمانوئيل: يا سيدي إذا أعترض علي المسلم بمثل سؤالي لحضرتك فهل ترضى أن أجيبه بمثل جوابك هذا.
القس: هل ترضى أنت يا عمانوئيل.
عمانوئيل: لا يا سيدي.
جلال الله وقدس أنبيائه وأقوال العهدين
عمانوئيل: فقرأت حتى بلغت العدد الثاني عشر من الفصل العشرين من سفر العدد وإذا فيه. فقال الله: لموسى وهرون من أجل إنكما لم تؤمنا بي. فقلت: يا سيدي القس هل تسمع ما تقول توراتنا: تقول: إن موسى وهرون لم يؤمنا بالله. هل هكذا يا سيدي حال الأنبياء.
القس: وتقول التوراة أيضا في العدد الرابع عشر من الفصل السابع والعشرين من سفر العدد: إن الله قال لموسى وهرون في هذا المقام: " وعصيتما قولي ". وفي العدد الحادي والخمسين من الفصل الثاني والثلاثين إن الله قال لهما: " وخنتماني " ويقول الزبور في العدد الثالث والثلاثين من المزمور السادس بعد المائة. حتى إن موسى فرط بشفتيه. يا بني وإن أحد قسيسينا وهو وليم أسمت قد ذكر في كتابه طريق الأولياء ما نسبته التوراة إلى الأنبياء من مثل هذه النقائص ونسب إليهم زلل الإيمان وقال يا أسفا إنه لا يوجد كمال في واحد من بني آدم غير الواحد العديم النظير - ويا أسفا إن هؤلاء المقربين عند الله يحتاجون إلى الوعظ قال. ذلك عند ذكر إسحاق حيث نسبت له التوراة الكذب.
عمانوئيل: يا سيدي القس إن وليم أسمت قد فاته شئ كبير فإن التوراة كما مر في قراءتنا فيها قد نسبت الكذب إلى الله جل شأنه في قصة نهيه لآدم عن الأكل من الشجرة وذكرت صدق الحية ونصيحتها وإنها أظهرت الصدق من الكذب. ونسبت إلى الله جل شأنه أنه افتتح إرساله لموسى بأن أمره أن يكذب هو وشيوخ بني إسرائيل على فرعون. يا سيدي وإن في العدد العاشر من الفصل الرابع من كتاب أرميا يقول. وقلت: آه يا سيدي الله حقا خداعا خادعت الشعب وأورشليم قائلا: سلام يكون لكم وقد بلغ السيف النفس. يا سيدي وقد تكرر في وحينا كما ذكرناه صحيفة 63 إن الله جل شأنه استعان بعد المشورة بروح الكذب واستعمله في الكذب والاغواء.. فكتبنا المقدسة تؤكد نسبة الكذب والاغواء والتعليم بالكذب إلى جلال الله. فأين وليم أسمت عن مثل هذا وأين موعظته وأين شعوره. يا سيدي ومن هو الكامل الوحيد العديم النظر. المذكور في كلام وليم أسمت.
عمانوئيل: إن إنجيل يوحنا يقول في الفصل السابع: إن المسيح لما قال له أخوته: اصعد إلى هذا العيد قال لهم: أنا لست أصعد بعد إلى هذا العيد ثم صعد إلى ذلك العيد بالخفاء. يا سيدي أليس هذا من الكذب ولو أن أناجيلنا اقتصرت على هذا لهان ولكنها نسبت إلى قدس المسيح أمورا عظيمة قد أحصاها علينا الجزء الأول من كتاب الهدى صحيفة 197 إلى 234 فأين وليم أسمت عن وعظ المسيح.
اليعازر: إني بكل فكرتي متوجه إلى ما تقرأونه في توراتنا من الأول إلى الآن وبكل فكرتي متوجه إلى ما تتذاكرون به وقد ذكرتم أمورا عظيمة لا أقدر أن أنكر وجودها في توراتنا ولا يرضى وجداني بأن يكون مثلها في كتاب الله. يا سيدي القس فهل لنا مخرج من هذه الأمور العظيمة.
" القس " يا اليعازر إن ولدك المحروس الموفق عمانوئيل يبحث عن المخرج بنور الهدى وسيوفقه الله للصواب. أيا اليعازر ولا أريد أن تعتمد في الهدى على قولنا أو قول غيرنا: بل أريد أن تصغي إلى مذاكراتنا وتراجع وجدانك وتتبع هدى عقلك وإن عرض لك شك في مذاكرتنا فاستوضح الحال بالسؤال.
جرأة وسوء أدب
عمانوئيل: يا سيدي نشرت الصحافة أنه قد وجد كتاب مطبوع في يد تلميذ من تلامذة " العزير " في صيدا ترجمه كتاب اسمه في الفرنساوية " مختصر تاريخ فرنسه " مؤلفوه جماعة من الأساتذة. يطلب من المكتبة الكاثوليكية في " ليون " و " پاريس ". وفيه كلام وحشي. ها هي ترجمته الحرفية. " العرب أصلهم من البلاد العربية اعتنقوا دين محمد الكاذب الذي فرض على أتباعه واجبا مقدسا وهو نشر دينه بقوة السلاح. الذين اتبعوا تعاليم نبيهم - الكاذب استولوا على قسم من آسيا وشمالي أفريقيا واستولوا على إسبانيا. واخترقوا جبال البيرنية واجتاحوا غوليا ". يا سيدي هؤلاء الكاتبون لماذا لم يتأدبوا بأدب أناجيلهم أقلا؟ لماذا ضيعوا شرف الانسانية؟ لماذا يجاهرون بسب نبي المسلمين؟ ويسمونه " الكاذب " أين. ما يقول الانجيل: " وباركوا لاعنيكم " أين الأخلاق الأدبية يا سيدي إن نبي المسلمين بلغ أربعين سنة من عمره وجميع من يعرفه يسميه " الصادق الأمين " ولم يكذبه الناس إلا في دعوة التوحيد والاصلاح. بل إنه قضى عمره ولم يكذبه أحد من الوثنيين الوحشيين إلا في ذلك. فكيف يتجرأون على هذا الرجل العظيم والمصلح الكبير بهذا الشتم الذي يسخطه الدين والانسانية.
القس: ما أدري ما أقول في هؤلاء. ولكن عندي كلمة تلقيتها من معلومات التاريخ. وهي أن نبي المسلمين لم ينشر دينه بالسيف بل نشره
القس: لا تنزعج يا عمانوئيل، ليس في هذا أهمية. إقرأ من حيث انتهيت.
ذبح النساء والأطفال في التوراة
عمانوئيل: فقرأت حتى بلغت الفصل الحادي والثلاثين من سفر العدد فوجدت أنه لما تغلب بنو إسرائيل على المديانيين وسبوا نساءهم وأطفالهم أمرهم موسى أن يقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة ثيبة أما الأطفال من النساء اللواتي لم يقربهن ذكر فإنهن يبقين حيات لهم وقد كن اثنين وثلاثين ألفا. فقلت: أيها السيد القس وأيها السيد الوالد هل سمعتما ما قرأته قالا نعم. قلت: إذا كان الأطفال من النساء اثنين وثلاثين ألفا فكم قتلوا من النساء والأطفال الذكور. يا سيدي القس قتل الأطفال والنساء هل هو شريعة من الله.
القس: يا عمانوئيل إن توراتنا تذكر في الفصل الثاني من سفر التثنية أن موسى عند ذكر استيلائه على الأموريين قال وحرمنا من كل مدينة الرجال والنساء والأطفال لم نبق شاردا. وعند ذكر استيلائهم على مملكة عوج إنهم حرموا كل مدينة الرجال والنساء والأطفال. ويفهم من العدد الرابع والعشرين من الفصل الحادي والعشرين أن عملهم هذا بأمر الله. وأيضا فإن توراتنا تصرح في الفصل العشرين من سفر التثنية أن الله أمر بني إسرائيل أن يحرموا مدن الحثيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين واليبوسيين ولا يبقوا منها نسمة أصلا من البشر أو من البهائم.
عمانوئيل: يا سيدي إن هذه الشريعة تضحكني. بحماقتها بقتل البهائم وتبكيني بقساوتها بقتل الأطفال والنساء. يا سيدي الوالد هل يقبل وجدانك أن قتل الألوف الكثيرة من الأطفال يكون من شريعة الله.
اليعازر. حاشا لله أن تكون شريعته بهذه القساوة والفضاضة والوحشية ولكن ماذا أقول: وسيدي القس حاضر يسمع ولكن ليسمح السيد القس ببيان السبب الذي لأجله وقع هذا في توراتنا المقدسة.
القس. يا اليعازر كأنك نسيت الذي قرأناه وتحيرنا من وجوده في توراتنا فلماذا تسأل عن سبب هذا وحده. " اليعازر " قد نبهتني يا سيدي إذن فإني أسأل عن سبب الجميع.
القس: صبرا يا اليعازر فستكون أنت الذي يبين السبب. والساعات مرهونة بأوقاتها، أقرأ يا حبيبي يا عمانوئيل.
رحلات بني إسرائيل والتوراة
عمانوئيل: فقرأت حتى بلغت الفصل الثالث والثلاثين من سفر العدد في ذكر منازل بني إسرائيل على الترتيب من مصر إلى عبر الأردن حيث مات موسى عليه السلام فقلت: يا سيدي القس اسمع. إن التوراة تذكر أنه كان لبني إسرائيل من طور سينا إلى موسير خمسة عشر منزلا ومنازلهم بعد مسروت أبار بني يعقان ثم هور الجدجاد ثم يطباث ثم عبرونه ثم عصيون جابر ثم برية صين ثم قادش ثم جبل هور الذي مات فيه هرون ومن بعد جبل هور صلمونه ثم فونون ثم أوبوت ثم خربات عباريم ثم بعد المنزل الرابع منها نزلوا على أردن أريحا. وتقول التوراة: إن الله أفرز سبط لاوي لخدمة خيمة الاجتماع في منزلهم عند طور سينا كما في الثالث والرابع والثامن والسادس عشر من سفر العدد. ولا شك في أن كتابة لوحي العهد وإعطائهما لموسى في المرة الأولى والثانية كانت في طور سينا قبل ارتحالهم من ذلك المنزل.
عمانوئيل: سيعرف سيدي القس غرضي من هذا التمهيد ثم قرأت حتى بلغت الفصل العاشر من سفر التثنية وفيه أن موسى كان يتكلم في كتاب اللوحين في المرة الثانية وصعوده للجبل وصيامه أربعين يوما كالمرة الأولى. فقال في أثناء الكلام والقصة بلا ربط ولا سياق: " وبنو إسرائيل ارتحلوا من أبار بني يعقان إلى موسيرا هناك مات هرون وهناك دفن فكهن " اليعازر " ابنه عوضا عنه. من هناك ارتحلوا إلى الجدجود ومن الجدجود إلى يطباث أرض أنهار ماء ".
يا سيدي دع عنك التناقض في المنازل ولكن كيف تذكر التوراة أن هرون مات في جبل هور وكيف تذكر أنه مات في موسيرا قبل جبل هور بثمان منازل وما هو ربط هذه الكلمات بقصة اللوحين وإفراز سبط لاوي للخدمة عند جبل سينا. يا سيدي قد قدر على بني إسرائيل لأجل تمردهم أن يتيهوا في البرية فهل قدر أيضا على توراتنا أن تتيه في ربط الكلام وأسلوبه وترتيب المنازل والمحل الذي مات فيه هرون.
القس: حقا تقول: يا عمانوئيل إن في هذا المقام تشويشا ومناقضة كبيرة لما تقدمه. ولكن ماذا نصنع.
عمانوئيل: من الظرائف يا سيدي أن الترجمة المطبوعة سنة 1811 كتبت في هذا المقام توراتا جديدة فقال: وزاد في توراته حسبما شاء " ولما شفعني في هرون أقام إلى أن رحل بنو إسرائيل من بايروت بني ياعقان وموسيرا " إلى آخر الكلام. فزاد على الأصل العبراني وسائر التراجم قوله: " ولما شفعني في هرون أقام إلى أن " ومع هذه الزيادة الأهوائية لم يصلح خللا. ولم يحصل ربطا للكلام. لماذا يصنع أصحابنا هكذا؟
القس: قد وقع ما تكره. فاقرأ.