النبي الموعود به في التوراة
عمانوئيل: فقرأت حتى بلغت الفصل الثامن عشر من سفر التثنية فوجدت فيه. " نبيا من وسطك من أخوتك مثلي يقيم لك الله إلهك له تسمعون ككل ما سألت من الله إلهك بحوريب بيوم الاجتماع قائلا: لا أعود أسمع صوت الله إلهي والنار العظيمة هذه لا أراها بعد ولا أموت، قال الله لي: أحسنوا الذي تكلموا، نبيا أقيم لهم من وسط أخوتهم مثلك وأعطي كلامي بفمه ويكلمهم كل الذي أوصيه ويكون الانسان الذي لا يسمع كلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه أما النبي الذي يطغي ويتكلم باسمي الكلام الذي لم أوصه أن يتكلمه والذي يتكلم باسم آلهة أخرى يموت النبي هو. وإن قلت بقلبك كيف أعرف الكلام الذي لم يتكلم به الله. الذي يتكلم به النبي باسم الله ولا يكون ولا يجئ هو ذلك الكلام الذي لم يتكلم به الله. بل بطغيان تكلم به النبي لا تخف منه ". فقلت: يا سيدي القس إن في هذا الكلام علما كبيرا فهل يمكن لنا أن نعرف هذا النبي الذي أشارت إليه التوراة.
القس: يا بني إن العهد الجديد يخبر أنه المسيح. وقد أحتج بطرس بكلام التوراة على نبوة المسيح وإنه هو النبي المشار إليه كما في الفصل الثالث من أعمال الرسل في العدد الثاني والعشرين والثالث والعشرين. وكذا استفانوس كما في العدد السابع والثلاثين من الفصل السابع من أعمال الرسل فهل أنت يا عمانوئيل لا تصدق بذلك.
المسيح والأناجيل
عمانوئيل. إن أناجيلنا المقدسة لا تدعني أصدق بذلك: يا سيدي إن أنجيل متي يذكر 12: 40 عن قول المسيح: إنه يبقى في بطن الأرض بعد صلبه ثلاثة أيام وثلاث ليال. مع أن الأناجيل الأربعة تذكر أنه لم يبق في القبر إلا آخر نهار الجمعة وليلة السبت ويوم السبت وبعض ليلة الأحد فإن النساء جئن إلى القبر ليلة الأحد قبل الفجر فلم يجدنه في القبر وأخبرهن الملك بأنه قام من الأموات. يا سيدي: إذن فهذه أناجيلنا تقول: إن المسيح تكلم باسم الله بكلام ولم يكن ذلك الكلام ولم يجئ بل ظهر كذبه. وهذا علامة الله في التوراة للنبي الكاذب الذي يلزم أن يقتل. إذن فالمسيح يقول.
يا سيدي وأيضا إن الأناجيل تنسب إلى المسيح القول: بتعدد الأرباب. ففي الفصل الثاني والعشرين من إنجيل متى والثاني عشر من إنجيل مرقس والعشرين من إنجيل لوقا المسيح أنكر على اليهود قولهم إن المسيح ابن داود واحتج عليهم بأن داود يدعو المسيح بالروح ربا حيث قال في المزامير: قال. الرب لربي أجلس عن يميني فإذا كان داود يدعوه بالروح ربا فكيف يكون ابنه.
يا سيدي وإن الكتاب لهذه الكلمات لم يكتف بالكفر بالقول. بتعدد الأرباب بل حرف وافترى على المزامير فإن في أول المزمور العاشر بعد المائة في الأصل العبراني. " نأم يهوه لادناي شب ليميني ".
وترجمته أوحى الله لسيدي اجلس ليميني فلم يقل لربي بل قال لسيدي: والسيد يجوز أن يكون من البشر وأين معنى السيد وأين معنى الرب، وإذا كان هذا التحريف هينا فما هو التحريف القبيح. يا سيدي القس فأناجيلنا تبين لنا أن المسيح ليس هو النبي الصالح الموعود به في التوراة بل مقتضاها وحاشا المسيح أنه هو ضد ذلك النبي الصالح. يا سيدي وهل يكون صالحا من يقول: بتعدد الآلهة والأرباب ويحرف الكتب المقدسة ويحمل ما فيها على غير معناه فيتقول عليها لكي يموه احتجاجه الإشراكي الواهي.
يا سيدي التوراة تقول: إن بني إسرائيل ارتعبوا من سماع كلام الله وما صادفوه في ذلك من أهوال العظمة والآيات والنار العظيمة وطلبوا من الله أن يكون كلامه بغير هذا النحو فأجابهم إلى ذلك وقال: إجعل كلامي في فم ذلك النبي. يا سيدي وبمقتضى العهد القديم والعهد الجديد إن المسيح ومن قبله من الأنبياء لم يجعل الله كلامه في فمهم كما كان يتكلم من الشجرة والجبل بل كان المسيح والذين قبله من الأنبياء يتكلمون بكلامهم المستند إلى الإلهام.
القس: يا عمانوئيل وماذا تصنع بقول: التوراة لبني إسرائيل من وسطك فإنه يقتضي أن يكون ذلك النبي من شعب بني إسرائيل ومن وسطهم.
عمانوئيل: يا سيدي الموجود في الأصل " مقربك " ولفظ الوسط يعبر عنه في الأصل العبراني بلفظ " توك " ويكفينا صراحة التوراة المتكرر بكون ذلك النبي من أخوة بني إسرائيل.
القس: يا عمانوئيل إن تراجمنا المقدسة قد ترجمت قول التوراة: " مقربك " بقولها من وسطك ومن شعبك.
راكب الجمل وتحريف المترجمين
عمانوئيل: يا سيدي إن تراجمنا المقدسة ومترجمينا المقدسين قد وجدنا الأغراض تدفعهم إلى التحريف الواضح الفاضح. فمن ذلك يا سيدي ما ذكرناه من قولهم قال: الرب لربي ومن ذلك تحريفهم للعدد السابع من الفصل الحادي والعشرين من كتاب أشعيا في الوحي من جهة برية البحر فعمدوا إلى قوله. " زوج فرسان راكب حمار وراكب جمل " فحرفوه إلى قولهم: (أزواج فرسان ركاب حمير وركاب جمال " مع أن الأصل العبراني يقول هكذا: " ورأه ركب صمد ركب حمور وركب جمل " فإن لفظ ركاب بالعبرانية " ركبيم " ومع الاضافة " ركبي " أنظر أقلا سفر القضاء في الأصل العبراني 5: 10 و 10: 4 و 12: 14 ولفظ جمال " جمليم " أنظر أقلا سفر التكوين 12: 16 و 24: 30 و 31 و 35 ولفظ الحمير " حموريم " أنظر أقلا. تك 24: 35 وعد 31: 28 و 30 و 4 و 39 ولفظ حمار " حمور " أنظر أقلا. خر 22: 8 و 9 ولفظ الجمل " جمل " أنظر أقلا. لا 11: 4 وتث 14: 7.
عمانوئيل: يا سيدي في جملة من التراجم المطبوعة في بيروت وغيرها منها النسخة 3 و 4 و 5 من المذكورات صحيفة 20 نعم سلمت النسخة 8 و 9 من هذا التحريف.
القس: هل تظن السبب في إقدام هؤلاء المحرفين على هذا التحريف الفاضح.
عمانوئيل: يا سيدي إن هذا الكلام في كتاب أشعيا يشير إلى نبوة فائقة ورياسة دينية فكان المسلمون يقولون إن راكب الحمار هو عيسى المسيح وراكب الجمل هو محمد بني المسلمين فأبى بعض قومنا أن يكون للمسلمين مثل هذا التشبث فحرفوه إلى قولهم ركاب جمال. هذا الذي أظنه يا سيدي.
القس: يا بني يا عمانوئيل هذا التحريف لا يضر المسلمين بل ينفعهم. يا عمانوئيل دع هذا ولكن ما الذي عندك في معرفة النبي الذي أشارت إليه التوراة وقالت: إنه يقيمه الله موسى وما عندك من الحجة.
عمانوئيل: التفت أنا إلى والدي ثم قلت يا سيدي القس ما أنا وهذا إن كانت الحقيقة بنت البحث. ولكن المسلمين يجادلوننا بتوراتنا ويقولون إنها تشير إلى نبينا محمد.
يا سيدي ولما قلت لهم: إنها تشير إلى المسيح اعترضوا علي بما ذكرته لحضرتك ولم أجد لهم جوابا بل أيدوا مزاعمهم بأن نبيهم من أخوة بني إسرائيل لأنه من ولد إسماعيل بن إبراهيم كما يحفظه تاريخ العرب بين الملايين في أجيال متعددة ويؤيده إذعان القحطانيين بذلك.
ولو كان فيه أدنى شك لما اعترف القحطانيون بهذا الفخر للعدنانيين. وأيضا فإن محمدا هو الذي تكلم الله بفمه بالقرآن فإنه كله خطاب الله وكلامه نحو كلام الله لموسى وإسرائيل في جبل سينا وليس هو من نحو تكليم محمد لقومه كما نراه في تكليم الأنبياء لقومهم في كتب العهدين.
من أنباء الغيب في القرآن
وأيضا فإنه تكلم باسم الله في القرآن بأمور غيبية: كبيرة فوقعت وجاءت على ما قال. " منها " عن قول الله تعالى في الآية الخامسة والتسعين من سورة الحجر المكية في أول الدعوة (إن كفيناك المستهزئين) فكفاه الله شرهم بأشرف الكفاية. " ومنها " عن قول الله في الآية التاسعة من سورة الصف المكية: (ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) وكذا في الآية الثالثة والثلاثين من سورة براءة (التوبة) قبل فتح مكة - فأظهره الله على الدين كله أشرف إظهار -. " ومنها " عن قوله تعالى في سورة تبت في شأن أبي لهب وامرأته: الآيتان: 3 و 4: (سيصلي نارا ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب) فماتا على الشرك الموجب لدخول النار ولم يوفقا لتوحيد الاسلام المنجي من النار. والحاصل أنه لم يخبر في القرآن بشئ ولم يقع ذلك الشئ.
القس: يا عمانوئيل هل تنحصر حجة المسلمين بإشارة التوراة إلى النبي الذي يقيمه الله.
عمانوئيل: لا. يا سيدي. إن لهم الحجج الكبيرة الجلية. ولكنهم يجادلون اليهود والنصارى بما ذكرته التوراة.
اليعازر: أيها. يا عمانوئيل أراك تتكلم كمسلم متعصب.
ماذا تقول: يا سيدي القس أما تسمع عمانوئيل يقدح بنبوة المسيح وقدسه.
عمانوئيل: يا سيدي الوالد ما أنا والمسلمين وإنما أسعى لتثبيت ديني على الحق يا والدي وإن التعصب يكون بالكلام الكاذب الواهي. فهل ترى ذلك في كلامي. تجسس علي يا والدي بمراجعة كتب العهدين ونسخها. يا سيدي الوالد الرؤوف هل أنا تجرأت بالقدح بنبوة المسيح وقدسه أم هذه الأناجيل المقدسة هي التي اجترأت عليه وعلى نبوته وقدسه.
ما خفي عليك منها يا والدي أعظم وأعظم.
اليعازر: يا بني إنك تلقنت القدح بنبوة المسيح وقدسه من المسلمين والقرآن فماذا أصنع بعد.
القرآن - والمسيح - والتثليث
عمانوئيل: العفو يا سيدي الوالد ما أنا والمسلمين والقرآن. ولكن الحق يقال والانصاف جمال الانسان وشرفه. إن القرآن هو الذي يمجد المسيح ورسالته من الله بأحسن التمجيد ولم يلوث قدسه بشئ مما لوثته به الأناجيل وكأنه صحح أغلاط الأناجيل في شأن المسيح. نعم ينتقد القرآن على النصارى عقيدة التثليث البرهمي البوذي الروماني ويبرئ المسيح من التلوث بهذا التثليث.
اليعازر: إن كان ما تقول: حقا فالقرآن إذن شريف المكالمة إذ يحترم قدس السيد المسيح. وأما عقيدة التثليث فإن وجداني لا يقبلها منذ حداثتي. ولكن ساداتنا القسوس يعلموننا بأن نؤمن بها إيمانا أعمى ولا يرضون لنا أن نراجع وجداننا فيها ونزنها بالمعقول فآمنا بها إيمانا بسيطا.
العفو يا سيدي القس فإني لا أتعقل أن يكون الله واحدا ذا ثلاث أقانيم الأب السماء، والابن الإله المتجسد في الأرض يجوع ويعطش
ويحزن ويكتئب ويقتل. والروح القدس يصعد وينزل وينقسم على التلاميذ. وإن هذه الثلاثة واحد والواحد ثلاثة. العفو يا سيدي القس أنا تاجر أعرف أبواب الحساب فكيف أذعن بأن الواحد الحقيقي ثلاثة والثلاثة المختلفة في الصفات والآثار تكون واحدا حقيقيا. يا سيدي على أني من عوام الناس لا أتعقل معنى صحيحا لتجسد الإله. فهل من الممكن يا سيدي أن تفهمني هذه الأمور لكي أؤمن بها إيمانا عن بصيرة وتعقل.
اليعازر: يا سيدي هل تأذن لي أن أبقى على هذا الإيمان البسيط.
القس: يا عزيزي يا اليعازر لماذا تستأذن مني وأنا مخلوق مثلك ولكن استأذن من إله الحق بدلالة عقلك ووجدانك وحبك لنجاة نفسك من الهلكة. صبرا يا اليعازر.
اليعازر: يا سيدي كم أصبر أنا تاجر إذا استحق سندي على المديون لا أصبر عليه فكيف أصبر في ديني الذي به نجاتي.
القس: يا عزيزي يا اليعازر إذا قال: لك المديون يا أبا عمانوئيل الوقت ليل مظلم وأنت في كسل النوم والطريق مغشوش. ودراهمك معي ولكن اصبر إلى ضوء الصباح وصحوك من الكسل لكي تنقد دراهمك تعرف الصحيح من المغشوش وتتقن حسابها وها أنا معك إلى الصباح لا أفارقك حتى أعطيك تماما فهل تشكر هذا المديون أم تذمه.
اليعازر: يا سيدي أشكره على نصيحته ومعرفته أحسن الشكر.
القس: إذن يا اليعازر أمهلني واستمع إلى مكالمة ولدك عمانوئيل معي.
عمانوئيل: إن كلام القس مع والدي قد أنعشني وأفادني روح حياة واطمئنان بسلامته عن التعصب ولكنه أضرم بقلبي نار الشوق إلى طي المراحل بالبحث، فلعلي أصل إلى الحقيقة بوقت قريب.
القس: اقرأ يا بني يا عمانوئيل من حيث انتهيت. واسمع أنت يا عزيزي اليعازر.
التوراة ومن يقول لم أجد لزوجتي بكارة
عمانوئيل: فقرأت حتى بلغت الفصل الثاني والعشرين وإذا فيه إذا تزوج الرجل فتاة وقال: لم أجد لها عذرة يأخذ الفتاة أبوها وأمها ويخرجان علامة عذرتها إلى شيوخ المدينة ويبسطان الشملة أمامهم فيؤدب شيوخ المدينة ذلك الرجل ويغرمونه مائة من الفضة لأبي الفتاة وتكون له زوجة لا يقدر أن يطلقها كل أيامه. وإن كان الأمر صحيحا لم توجد عذرة للفتاة يرجمونها بالحجارة حتى تموت لأنها عملت قباحة بزناها.
القس. هل تجد يا عمانوئيل في هذه الشريعة شيئا تبحث فيه.
اليعازر: يا سيدي القس أنا وأنا من العوام أعرف أن هذه الشرايع الجائرة لا تكون من الله. يا سيدي ما هي علامة العذرة التي يخرجها أبو الفتاة أليست هي قليل دم على الشملة. فهل يعسر يا سيدي على أم الفتاة وأبيها أن يأتي بشملة عليها شئ من دم عصفور ونحوه ليرفعا عنهما العار ويكسبا مائة من الفضة ويلقيا بنتهما طوق بلاء في عنق الرجل إلى آخر أيامه.
فهل يجعل الله ميزان أحكامه مثل هذه العلامة الفاسدة؟ يا سيدي وهب أنه لم توجد للفتاة عذرة لماذا ترجم بالحجارة إلى أن تموت؟ ولماذا تعتبر زانية أليست العذرة غشاء رقيقا في الفرج تخرقه الطفرة الشديدة والحركة العنيفة ودم الحيض المحرف لها، وكثير من العوارض. فكيف يحكم على البريئة المسكينة بأنها زانية وترجم حتى تموت بمجرد أنها لم توجد لها عذرة. يا سيدي كيف يرتب الله هذه الشرائع القاسية على ميزان غير معقول.
القس: يا اليعازر أراك تعترض على التوراة التي ينبغي أن تمجدها وتحترمها.
اليعازر: يا سيدي القس إنما يلزمني أن أمجد الله وشريعة الحق ومن ذلك يلزمني أن أعترض على ما ينافي مجد الله وعدله وحكمته. يا سيدي أنا عبد الله لا عبد الأوراق المكتوبة التي تعارض مجد الله.
التوراة والطلاق
القس: يا بني يا عمانوئيل اقرأ من حيث انتهيت فقرأت حتى بلغت الفصل الرابع والعشرين. فقلت يا سيدي القس ها هي التوراة تقول: " إن الرجل إذا تزوج امرأة ولم تجد نعمة في عينيه لأنه وجد بها عيب شئ أو كلام وكتب لها كتاب طلاق وأخرجها من بيته. يا سيدي فما بالنا معاشر النصارى نحرم الطلاق ونقبحه.
القس: يا بني يا عمانوئيل إن أناجيلنا تذكر أن سيدنا المسيح نهى عنه وقبحه واحتج على تقبيحه وإن أردت أن تتكلم في هذا فدع الكلام إلى أن تصل إلى قراءة الأناجيل، فاقرأ يا بني في التوراة.
زوجة الأخ والتوراة
عمانوئيل: فقرأت حتى بلغت الفصل الخامس والعشرين فقرأت ما حاصله أنه إذا سكن أخوة معا ومات واحد منهم وليس له ولد فإن امرأته يتزوجها أخوه. والبكر الذي تلده يقوم باسم أخيه الميت ويحسب له ولدا. وإن لم يرض الرجل أن يأخذ امرأة أخيه تشتكي عليه المرأة عند شيوخ بني إسرائيل فإن أصر على الامتناع تتقدم أمام أعين الشيوخ وتخلع نعله من رجله وتتفل في وجهه، ويدعى اسمه في إسرائيل بيت مخلوع النعل.
اليعازر: الحمد الله الذي لم يجعلني يهوديا ذا أخوة كثيرة. وإلا كنت أخاطر أن يكون وجهي غريق التفلات من النساء الصلفات العديمات الحياء.
القس: يا عمانوئيل لا تطل لسانك هكذا على توراتنا المقدسة.
اليعازر: العفو يا سيدي فإن هذه التوراة هي التي تطيل اللسان وتقهر الانسان على مثل هذا الكلام وليتك لم تحضرني عند القراءة.
القس: سيفتح الله عليك يا اليعازر.
عمانوئيل: يا سيدي هل لهذه الشريعة أثر فيما قبل التورية.
القس: أما التفلة في الوجه وخلع النعل فلا أعرف لهما أثرا. ولكن تزوج الرجل بامرأة أخيه ليقيم لأخيه نسلا. تذكر التوراة أن له أثرا يرضاه الله ويسخط مخالفته قد كان من زمان يعقوب ويهوذا ابنه. ففي الفصل الثامن والثلاثين من التكوين أن " عير " ابن يهوذا مات فقال يهوذا: لابنه الآخر " أونان " أدخل على امرأة أخيك وأدخل بها وأقم نسلا لأخيك.
عمانوئيل: هل هذا في زمان يعقوب شريعة إلهية.
القس: ما كل ما هو موجود في التوراة تسألني عن صحته. ألم تقرأ في سفر التكوين ما يؤدي إلى أن الله كذب على آدم وأن الحية صدقت وبينت هذا الكذب كما مر في صحيفة 7 و 9.
عمانوئيل: يا سيدي هل كانت شريعة إلهية قبل شريعة التوراة.
القس: متبسما، صرح بعض أصحابنا ومنهم جمعية الهداية المطبوع بمعرفة المرسلين الأمريكان فقالوا في الجزء الرابع صحيفة 167 و 168 و 169 ما حاصله أن القدماء من آدم وإبراهيم كانوا يجرون على العوائد ولم تنزل عليهم شريعة ثم نسخها موسى بل اصطلحوا على عادات للجريان عليها في هذه الدنيا.
عمانوئيل: يا سيدي هل رأيت كتاب الهدى ص 242 و 243.
القس: نعم ويا للخجل ويا للأسف من جهل أصحابنا بكتبهم أو من شدة تعصبهم فإنه يكفي في توبيخهم ما ذكره العدد الخامس من الفصل السادس والعشرين من التكوين عن قول الله لإسحاق: " من أجل أن إبراهيم سمع لقولي وحفظ ما يحفظ لي أوامري وفرائضي وشرايعي. وفي الأصل العبراني " ويشمر مشمرتي مصورتي حقوتي وتورتي ".
عمانوئيل: يا سيدي ما هو الذي أقحم أصحابنا في هذه الورطة الكبيرة.
القس: لما كان بعض شرايع القرآن ينسخ شرائع التوراة والشرايع المنسوبة إلى الرسل وبولس فحاول أصحابنا أن يدعوا أن نسخ الشرايع الإلهية من المستحيل لكي يسقطوا شرايع القرآن بكونها من المستحيل في الديانة. ويا ليتهم لم يقتحموا هذه الواهيات.
عمانوئيل: يا سيدي هل رأيت كتاب إظهار الحق وكتاب الهدى صحيفة 235 إلى 321.
عمانوئيل: إذا كان نسخ الشريعة مستحيلا في الدين فماذا يوجد عند النصارى من شريعة التوراة التي ثبتها المسيح والانجيل وأوصانا بحفظها. ولماذا أبطلها كتاب أعمال الرسل والرسائل المنسوبة إلى بولس بلسان الاستهزاء.
القس: اسألهم عن ذلك ولا تسألني.
اليعازر: هذا أمر كبير وبحث مفيد فلماذا لا نتعرض له فإن فائدته في الدين عظيمة مهمة. عمانوئيل. ستسمع شيئا من ذلك ولعلك تسمعه تفصيلا حينما نتعرض لحال أعمال الرسل والرسائل المنسوبة إلى بولس.
العمل بالتوراة
عمانوئيل: فقرأت إلى الفصل الثالث والثلاثين فقلت يا سيدي إن موسى يشدد بالعمل بجميع كلمات هذه التوراة أنظر أقلا تث 31: 12 و 32: 46 وحفظ الوصايا والفرائض المكتوبة في سفر الشريعة وإن الذي لا يعمل بها تأتي عليه جميع اللعنات تث 28: 15. وإن من لا يقيم كلمات الناموس ليعمل بها ملعون تث 27: 26 ونحوه تث 11: 28. يا سيدي وإنا نؤمن بأن التوراة كتاب الله فما لنا لا نعمل بفرائضها وأحكامها أصلا مع أن الانجيل يصرح عن قول المسيح بأنه ما جاء لينقض الناموس بل ليكمل وأن من نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى أصغر في ملكوت السموات مت 5: 18 - 20 كما يعرف من صراحة الأناجيل أن المسيح كان عاملا بالشريعة الموسوية إلى حادثة الصليب. يا سيدي فكيف خلاصنا من هذه اللعنات.
فداء المسيح من لعنة الناموس
القس: وهو متبسم يا بني يا عمانوئيل ويا عزيزي اليعازر اسمعا ولا تنزعجا إن في عهدنا الجديد الإلهامي المقدس بشرى كبيرة بخلاصنا من هذه اللعنات. فإن في العدد الثالث عشر من الفصل الثالث من الرسالة المنسوبة للرسول بولس إلى أهل غلاطية ما نصه " المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة ".
اليعازر: هل هذا الكلام في عهدنا الجديد المقدس من الرسول بولس؟ إذن فامضي إلى الملاعب واحضر الغناء ورقص الراقصات. وهذا أقل إثما من سماع هذه الكلمات القبيحة في شأن المسيح.
القس: لا يا اليعازر الملاعب ورقص النساء في محافل الرجال من عادات الوثنيين.
اليعازر: يا سيدي وهل هذا الكلام القبيح في شأن المسيح من عبادات المؤمنين القدسيين: يا سيدي لا أقدر أن أسمع عن كتبنا المقدسة ما تذكرونه في مكالمتكم وقراءتكم فإني قد أزعجتني الآلام من ذلك.
القس: يا اليعازر إن من كان به داء الفتق لا بد أن يصبر على آلام العمليات.
اليعازر: إن آلام العمليات تدفع بالبنج المغطي على الحس والشعور.
القس: العمليات الروحية لا يمكن أن تكون مع فقد الشعور كيف وإن الشعور أكبر وأحسن آلاتها وهو الذي يعين الطبيب بالنجاح فاصبر واستمع يا اليعازر واستضئ بنور شعورك واطلب نجاتك. لا عمانوئيل: يا سيدي الوالد إن هذا الكلام لم يقتصر على الجرأة على قدس المسيح بل اجترأ على جلال الله وعدله وقدسه جرأة عظيمة واجتراء بالكذب والتحريف والتمويه.