الصفحة 112

اليعازر: عجبا كيف قبلوا من حلقيا دعواه إن هذا سفر التوراة وأنه وجده في بيت الله ولماذا لم يقولوا له يا حلقيا لماذا لم توجد هذه التوراة عند تطهير بيت الله. ولماذا لم توجد عند إدخال الفضة إلى بيت الله. وكيف اعتمدوا على أمانة حلقيا.

عمانوئيل: إن بني إسرائيل كانوا ملتفتين كما شهدت لهم التجارب إلى أن انتظام جامعتهم القومية وجامعتهم السياسية. واستقلالهم السياسي.

وشرف جامعتهم ورياساتهم إنما تكون بانضمامهم إلى الديانة الموسوية وكتاب التوراة. لكن كثيرا ما تأخذهم سكرة الأهواء وضلال الشرك فيسحقون الديانة الموسوية وكتاب التوراة. وأما إذا أفاقوا من هذه السكرة لم يكن لهم بد من أن يجعلوا صورة الديانة الموسوية واسم التوراة وساما رسميا لقوميتهم وشرفهم وسياستهم. وكانوا في أيام يوشيا في حال إفاقة من سكراتهم الطويلة.

ولكن سلفهم لم يبقوا لهم ذلك الوسام الرسمي الكريم.

ولما سمعوا باسم ذلك الوسام أغفلهم الشرق إليه عن كل اعتراض. وصدق لهم سريعا على أمانة حلقيا. فاكتسب ذلك السفر صفة الرسمية الثابتة. ألا ترى يا والدي أن اليهود والنصارى يعترفون بأن الأصل العبراني المقدس في مقدسات اليهود فيه غلط كثير أشرنا إلى بعضه فيما تقدم وفي خصوص صحيفة 63 و 64 وستأتي قريبا إشارتنا إلى الباقي فصححوه بأجمعهم في الحواشي وأبقوا ذلك الغلط مقدسا لا سلطة عليه في المتن لحقيقة التصحيح. كل ذلك لأن النسخة المغلوطة اكتسبت يوما من الأيام صفة الرسمية فلا يحكم عليها حاكم الصواب بعد ذلك.


الصفحة 113
يا والدي وربما يغالطهم في تصديق حلقيا مضافا إلى ما تقدم ما يجدون في بعض سفره من الموافقة لبعض ما بقي عند كهنتهم وشيوخهم من رسوم الشريعة والكلمات المحفوظة بنقل الآباء عن الأسلاف عن التوراة الفقيدة.

فإني أرى كثيرا من الكاتبين الروحانيين يستشهدون لصحة كتب العهد الجديد بوجود فقرة فيها تشبه بعض الفقرات الموجودة في كتابات الأسلاف القدماء.

القس. يا عمانوئيل أفلا تظن أن احتفال يوشيا بتوراة حلقيا لأجل أنها التوراة التي كتبها موسى بيده ووضعها في التابوت أو أمامه وأمر أن تجعل مع التابوت في قدس الأقداس من خيمة الاجتماع أو بيت المقدس.

فليس ذلك الاحتفال لأجل أنها نسخة وحيدة لا يوجد غيرها من نسخ التوراة.

عمانوئيل: لا يا سيدي لا يمكن أن يظن ما تقوله ولا يرضى به التاريخ.


الصفحة 114
القس: لماذا يا عمانوئيل..

عمانوئيل: يا سيدي لأن الكلام الذي ذكرناه من حلقيا ويوشيا ينادي بأن ذلك الاحتفال بتوراة حلقيا إنما كان لأجل أنها النسخة الوحيدة في بني إسرائيل وزمانها والمسماة باسم توراتهم الفقيدة العزيزة.

ولا بد من أن سيدي القس اطلع على أصل ما نقلناه في حال يوشيا وتوراة حلقيا في الفصل الثاني والعشرين والثالث والعشرين من سفر الملوك الثاني وفي الفصل الرابع والثلاثين من سفر أخبار الأيام الثاني ولا بد أن يكون سيدي القس نظر إلى ذلك في أصله العبراني وتراجمه.

وأيضا يا سيدي إن التورية التي كتبها موسى لا يمكن أن تبقى موجودة في قدس الأقداس إلى زمان يوشيا. ويشهد بذلك التاريخ المقدس من ارتدادات بني إسرائيل وأنهم مكثوا أياما كثيرة بلا إله حق ولا توراة.

مع تكرار الخراب والنهب لبيت الله وقدس الأقداس وتنجيسهما وجعلهما بيوتا للأصنام. وكيف يسمحون لها بالبقاء وهي أشد الأعداء لهم في مضادة شركهم ولعنهم وتوبيخهم بل هي لواء مصادمتهم يا سيدي لا يمكن في العادة أن يبقى لها أثر.

وأيضا يا سيدي إن الفلسطينيين بعد موسى بنحو ثلاث مائة وعشر سنين نهبوا التابوت ولم يرد إلى مكانه في خيمة الاجتماع إلا في زمان داود بعد مائة سنة. ولما بنى سليمان الهيكل ونقل إليه التابوت لم يكن فيه إلا لوحا العهد ولم يجر في كل هذه الأحوال ذكر للتوراة التي بخط موسى حتى في نقل سليمان لأدوات الخيمة إلى الهيكل مع الأواني. فهل كانت الأواني أهم بالذكر من التوراة التي بخط موسى.


الصفحة 115
لا يا سيدي إن ارتدادات بني إسرائيل إلى الشرك في زمن القضاة لا تترك أثرا للتوراة التي بخط موسى.

فكيف بارتداداتهم بعد ذلك.

عمانوئيل: يا سيدي الوالد. ثم ملك بعد يوشيا إلى سبي بابل " يهواحاز " و " يهوياقيم " و " يهوياكين " وعملوا الشر.

وأما يهوذا في أيام هؤلاء الملوك فقد تكرر في الفصل السابع والثامن والتاسع والحادي عشر والثاني عشر والسادس عشر من كتاب إرميا النبي توبيخهم على سلوكهم وراء البعليم وسيرهم وراء إلهة أخرى حتى صارت آلهتهم بعدد مدنهم وبعدد شوارع أورشليم.

بعض شواهد التحريف

يا والدي وهذا النبي إرميا في كتابه الذي يعتبره اليهود والنصارى كتاب وحي إلهي.


الصفحة 116
ها هو يشهد بالصراحة على اليهود بتحريفهم للتوراة فإنه يقول في العدد السادس والثلاثين من الفصل الثالث والعشرين: " ووحي الله لا تذكروا بعد لأن وحي الله للرجل كلامه وقد حرمتم كلام الإله الحي رب الجنود إلهنا ". وأيضا في العدد الثامن من الفصل الثامن من إرميا: كيف تقولون حكماء نحن وتوراة الله معنا لكن هوذا للكذب عملها قلم كذب الكتبة.

يا سيدي الوالد وأما حادثة سبي بابل فقد ذكرت لحضرتك في صحيفة 108 أن نبو خذراصر " بختنصر " أحرق بيت المقدس وخربه ولاشى المقدسات والأمة بالسبي والقتل ولما أطلقهم كورش بعد سبعين سنة وتوجهوا إلى عبادة الله والشريعة.

يقول كتاب نحميا في الفصل الثامن " إجتمع كل الشعب وقالوا لعزرا الكاتب أن يأتي بسفر توراة موسى التي أمر بها الرب فأتى عزرا بالتوراة أمام الجماعة من الرجال والنساء وكل فاهم ما يسمع ويقرأ فيه وبكى جميع الشعب حين سمعوا كلام التوراة.

يا والدي ولو كانوا يعرفون التوراة أو عندهم منها نسخ لما استولى عليهم البكاء. وفي اليوم الثاني اجتمع رؤساء آباء الشعب والكهنة واللاويون إلى عزرا ليتلو عليهم كلام التوراة فوجدوا مكتوبا فيه " إسرائيل يسكنون في مظال في العيد في الشهر السابع " فأخذوا في عمل المظال ".

يا والدي إن الكهنة هم حملة التوراة ولهم سيطرة الشريعة بمقتضى الوظيفة الشرعية فلماذا احتاج الكهنة إلى السماع من عزرا، ولماذا لم يعرفوا قبل ذلك شريعة المظال - نح 13: 1 و 3 وقرأ أيضا ووجد مكتوبا: إن عمونيا وموابيا لا يدخل في جماعة الرب. ففرزوا كل اللفيف.. ولماذا لم يعرفوا ولم يجدوا هذا الكلام قبل ذلك اليوم لو كان عندهم نسخ أو نسخة واحدة من التوراة - يا والدي ويا ليت توراة عزرا سلمت بعد ذلك.


الصفحة 117
اليعازر: وماذا جرى بعد سبي بابل على اليهود وتوراتهم.

عمانوئيل: يا سيدي إن كتابي المقابين تعتبرهما فرقة الكاتوليك من الكتب القانونية المقدسة. وهما وإن كانا عند البروتستنت ليسا من الكتب القانونية المقدسة لكنهما لا يقصران عن أن يكونا كتابي تاريخ معتبر. وقد ذكر في الفصل الأول من السفر الأول. أن " أنطوخيوس " الامبراطور لما فتح أورشليم أحرق جميع نسخ الكتب المقدسة التي حصلت له من أي مكان. وأمر بأن من يوجد عنده نسخة منها أو يؤدي رسم الشريعة يقتل. وكان التحقيق " التفتيش " على هذا يجري في كل شهر فيقتل من وجدت عنده نسخة أو أدى رسوم الشريعة. وتعدم تلك النسخة. ودام هذا الحال ثلاث سنين.

يا والدي والتواريخ أيضا تشهد بذلك. ومنها تاريخ " يوسيفوس " اليهودي. وهذا " جان ملز " كا تلك في صحيفة 115 من كتابه المطبوع سنة 1843 يقول اتفق أهل العلم على أن نسخة التوراة ونسخ العهد العتيق ضاعت من أيدي عسكر نبوخذ راصر " بختنصر " ولما ظهرت نقولها الصحيحة بواسطة عزرا ضاعت تلك النقول أيضا في حادثة انطوخيوس، ثم قال فلم تكن شهادة لصحة هذه الكتب ما لم يشهد المسيح والحواريون..

اليعازر: يا عمانوئيل. لماذا تقابل الأمة اليهودية والأمة المسيحية بقول: " جان ملز " أما إنك قد صرت مثل أصحابنا المبشرين؟

إذ يقابلون المسلمين بقول: " فلان المفسر " يا عمانوئيل هذا من الغلط.

عمانوئيل: إني ذكرت عن جان ملز قوله التاريخي لكي يتأيد به تواريخ المقابيين. ويوسيفوس، وباقي المؤرخين، ولم أستند إلى كلامه وحده.

اليعازر: إن حادثة انطوخيوس كانت قبل التاريخ المسيحي بنحو مائة وتسعة وستين سنة.


الصفحة 118
والترجمة السبعينية صدرت قبل حادثة انطوخيوس بنحو مائة وعشر سنين وانتشرت في أقطار العالم.

فهب أن حادثة أنطوخيوس أعدمت النسخة العبرانية. ففي بقاء النسخة السبعينية كفاية.

عمانوئيل: إن ولادة النسخة السبعينية كانت في مصر.

ومن أين لك أنها انتشرت في أقطار العالم قبل حادثة انطوخيوس. وهبها انتشرت في مصر وفلسطين. ولكن جيش أنطوخيوس المعادي لكتاب العهد القديم قد دخل مصر فاتحا قبل البلاد اليهودية. فلا بد من أن تكون عداوته قد أعدمت العهد القديم في مصر كما أعدمته في البلاد اليهودية.

وإن التواريخ تقول: إنها تطلب إعدام نسخ العهد القديم من كل مكان.

يا والدي وكيف كان فإن النسخة السبعينية تشهد بنقصان النسخة العبرانية نقصانا مخلا في أربعة عشر موردا، وبزيادتها في موردين، وبغلطها في ثمانية موارد. وقد أحصى ذلك الجزء الثاني من كتاب الهدى صحيفة 18 والحاصل أن كلا من النسخة العبرانية والنسخة السبعينية هو كما قال الشاعر.


وكل يدعي وصلا بليلىوليلى لا تقر له بذاكا


الصفحة 119
اليعازر: فهل تقول: إن كل التوراة الموجودة هي مخالفة لتوراة موسى بجميع كلامها وجميع عرفانها وجميع تاريخها وجميع شرايعها.

عمانوئيل: لا يا والدي بل لا بد بحسب العادة أن يبقى أثر وشئ من منقولات السلف للخلف عن محفوظات التوراة الحقيقية.

ولكنه يضيع بين الدخيل والمحرف ويشتبه الأمر. نعم لا يشتبه الأمر في مقامين: أحدهما: ما نعلم أنه لا يمكن أن يمكن أن يكون من التوراة الحقيقية ولا من كلام الله ولا وحيه. وهو ما ذكرناه في أثناء مكالمتنا واعترضنا عليه بمخالفته للمعقول. وثانيهما: ما صدقته نبوة حقيقية ونصت على تصديقه بذاته لا بالاسم الذي يلتصق كل يوم بمسمى جديد. لكن النتيجة يا والدي إنا فاقدون لتوراتنا الحقيقية. فإن هذه الموجودة لا يمكن الاعتماد على فترة منها.

ومن المضحك والمخجل أن جماعة من الكتبة مثل المتسمى هاشم العربي، والغريب ابن العجيب يعترضون على بعض ما يذكره القرآن من التواريخ، وبعض ما يذكره العرب في تاريخ " مكة " المسماة في التوراة " مسا " وتاريخ جدهم إسماعيل بن إبراهيم.

وغاية اعتراضهم هو أن ما يذكره القرآن والعرب غير موجود في التوراة.. أفلا يشعر هؤلاء المعترضون بما في توراتهم من أسباب الخلل.


الصفحة 120
القس: يا عمانوئيل. ما عليك من فلان المبشر، وفلان الكاتب، أفلا تذكر ما تقدم في صحيفة 5 و 6 من إنكار جماعة لذكر التوراة لليوم السابع وتقديسه. وفي صحيفة 21 من أن جماعة ادعوا على القرآن أنه يقول: " قابيل وهابيل ". وفي صحيفة 33 و 34 من أن بعض الناس ادعوا على القرآن أنه يقول: إن هرون عبد العجل حينما كان موسى على الجبل، وإن داود أخذ نعجة أخيه، وإن إبراهيم كان عابد وثن.. وفي صحيفة 40 من أن بعض الناس لبعض الأغراض زادوا على التوراة لفظ " أتى ". يا والدي.

أما إن الكاتبين لكتاب عبد المسيح، وكتاب جمعية الهداية، وكتاب هاشم العربي، وكتاب ثمرة الأماني، وكتاب رحلة الغريب ابن العجيب وغيرهم من المبشرين. هؤلاء كلهم قد جنوا على كتب العهدين وديانة قومهم جناية كبيرة، فإنهم تعرضوا لدين الاسلام، ورسوله، وقرآنه، ويا ليتهم لم يتعرضوا، أو تعرضوا بشرف علم وأدب. بل ألجؤا المسلمين إلى أن يتجرد منهم جماعة للتدقيق في دراسة كتب العهدين بلسانها الأصلي، ونسخها الخطية، وتراجمها وأصناف مطبوعاته، فصار الكاتبون من المسلمين، يخجلوننا باعتراضاتهم على كتبنا وكتبتنا والمترجمين، وبمقابلتهم بين العهدين وبين القرآن في المواضيع المشتركة بالذكر في العهدين والقرآن، ويوردون أضعاف الانتقادات التي ذكرناها في هذه الدراسة، وذلك مما جناه كتبتنا الغافلون.

عود إلى دراسة الكتب

القس: يا عمانوئيل. أما تحب أن تعود إلى دراسة الكتب العهدين.

اليعازر: إنا بدراسة عمانوئيل قد خسرنا التوراة الموجودة. فإني وأنا عامي شديد التمسك بالديانة أدفع كل اعتراض بقولي هذه وسوسة في الكتب المقدسة. وقد صرت في هذه الدراسة الحرة مقتنعا بأن التوراة الموجودة ليست توراة موسى الحقيقية.

عمانوئيل: يا والدي. وهل ندمت أنت على رضاك في أول الأمر بهذه الدراسة، وهل تكره أن يظهر لك الحق، وتكون على بصيرة من أمرك، وهل تكلم القس بما يثقل على هواك.

اليعازر: يا ولدي.

من ذا الذي يكره ظهور الحق، وهل يكره ذلك إلا من خسر حظه.


الصفحة 121
وحاشا لحكمة سيدنا القس أن يتكلم بشئ يثقل على الهوى ويهيج العصبية. حتى إني في أول الأمر كنت عاتبا على قداسته في حياده عن جوابك.

ومماطلته لنا بالآمال. ولكني الآن عرفت أن ذلك كان منه على حقيقة الحكمة.، فإنه لو تسرع بالبيان لفعلت العصبية أفاعيلها الردية.

ولكنه بحكمته ترك عقولنا تخاصم أهوائنا.. فعد إلى دراستك يا ولدي أدام الله توفيقك ببركة سيدنا.

سفر يشوع - يوشع

القس: اقرأ يا عمانوئيل في سفر يشوع بن نون.

عمانوئيل: قد بقي شئ من التوراة أحب أن أسأل عنه. وهو أن الفصل الرابع والثلاثين من سفر التثنية من التوراة يذكر موت موسى ومناحة بني إسرائيل عليه ثلاثين يوما. فمن هو الكاتب لهذه الكلمات وكيف جعل هذا الفصل من التوراة التي أنزلت على موسى. يا سيدي وإن هذا الكاتب يقول: " ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم " وهذا يشير إلى أن هذه الكتابة كتبت بعد موت موسى بزمان طويل. ويقول: في الأصل العبراني " ويقبراتو " أي ودفنه. ولم يذكر من الذي كان مع موسى عند موته فدفنه.


الصفحة 122
القس: قد قيل إن الكاتب لهذا الفصل هو يشوع بن نون. وقيل غير ذلك. ولا حجة على شئ من هذه الأقاويل " ولن يصلح العطار ما أفسد الدهر ".

لماذا لم يكتبه يشوع في أول الكتاب المنسوب إليه؟ لماذا يدس هذا في التوراة. ماذا ينفع التخمين البارد. اقرأ يا عمانوئيل.

عمانوئيل: إني قرأت سفر يشوع مرارا. وكلما قرأت فيه تكدر خاطري مما فيه الحروب القاسية التي دامت على ذبح الأطفال والنساء وإبادة كل نسمة في البلاد المفتوحة.

القس: إن هذا العمل هو شريعة التوراة في هؤلاء الأمم.

عمانوئيل: قد جرى ذكر هذا فيما قبل وكتبناه في صحيفة 69 و 70. وقد ذكرنا لحضرتك أنا ووالدي أن وجداننا لا يقبل أن تكون مثل هذه القساوة الوحشية والفظاظة الهمجية من شريعة الله ووحيه. وكأنك صدقتنا فيما قلنا. فلا حاجة لي في سفر يشوع.


الصفحة 123
القس: اقرأ في سفر القضاء.

عمانوئيل: يا سيدي إن العمدة في أساسيات الديانة هي توراة سيدنا موسى وإنجيل سيدنا المسيح فإذا لم نقف في أمر هذين الكتابين على قدم ثابت فلا أهمية في باقي كتب العهدين.

القس: يا عمانوئيل إذا كان هذا رأيك فابدأ. بأي الأناجيل شئت وإن كان ترتيب الكتابة يقتضي أن تبتدئ بإنجيل متي.

من كتب الأناجيل - ومتى كتبت

عمانوئيل: يا سيدي هل كانت هذه الأناجيل الأربعة في زمان المسيح.

القس: لا، يا عمانوئيل. وإنما صنفت بالإلهام بعد زمان المسيح بمدة سنين عديدة.

عمانوئيل: من صنف هذه الأناجيل.


الصفحة 124
القس: يذكر أنهم أربعة رجال اثنان من تلاميذ المسيح الاثني عشر وهما متى ويوحنا. واثنان من أتباع التلاميذ وهما مرقس ولوقا.

عمانوئيل: بأي تاريخ صنفت هذه الأناجيل.

القس: يذكر أنه صنف إنجيل متى بعد تاريخ الميلاد سنة 32 أو 38 أو 41 أو 43 أو 48 أو 61 أو 62 أو 63 أو 64: وصنف إنجيل مرقس ما بين سنة 56 و 65 والأغلب أنه سنة 60 أو 63: وصف إنجيل لوقا سنة 53 أو 63 أو 64: وصنف إنجيل يوحنا سنة 68 أو 69 أو 70 أو 89 أو 98. يا عمانوئيل وقد كان صلب المسيح على ما يقال في سنة التاسعة والعشرين من التاريخ المسيحي.

من هو وما هو متى؟ ومن هو وما هو يوحنا؟

عمانوئيل: هل يمكن معرفة " متى " و " يوحنا ".


الصفحة 125
القس: ذكر نفس متى في إنجيله 9: 9 أنه كان مستخدما في جباية اليونانيين ويسمى عشارا قال له المسيح اتبعني فتبعه.

وفي إنجيل مرقس 2: 14 سماه لاوي ابن حلفي كان جالسا عند مكان الجباية فقال له المسيح: اتبعني فتبعه. ونحوه في إنجيل لوقا 5: 27 و 28.

وأما يوحنا فهو ابن زبدي رآه المسيح وأخاه في السفينة مع أبيهما يصلحان شباكها فدعاهما فتركا السفينة وأباهما وتبعاه مت 4: 21 ومر 1: 19 وذكر لوقا 5: 10 أنهما كانا شريكي سمعان بطرس في صيد السمك من بحيرة طبرية. ويسمى يوحنا الحبيب أي حبيب المسيح لأنه هو الذي قال عنه في إنجيله في الفصل التاسع عشر، والعشرين، والحادي والعشرين، التلميذ الذي كان يسوع يحبه.

وقال عنه في الفصل الثالث عشر وكان متكئا في حضن يسوع واحد من تلاميذه كان يسوع يحبه فأوما إليه سمعان بطرس أن يسأل من عسى أن يكون الذي قال عنه: فاتكأ ذاك على صدر يسوع وقال: يا سيدي من هو. وكرر ذلك في الفصل الحادي والعشرين.

عمانوئيل: يا سيدي القس كم كان عمر يوحنا حينما كان متكئا في حضن المسيح ويتكأ على صدره ويتغنج عليه.