الصفحة 173

القس: يا عمانوئيل إن إنجيل مرقس في الفصل الأول وإنجيل لوقا في الفصل الثالث قد نقلا عن كتاب أشعيا مثل عبارة متى، فانظر إلى الأصل العبراني من كتاب أشعيا.

عمانوئيل: يا سيدي ها هو الأصل العبراني من أشعيا يقول: (قول قرأ بمدبر فنوا درك يهوه يسروا بعربه مسله لالهينو).

القس: يا عمانوئيل هل رأيت تراجم العهدين في هذه المقامات.

عمانوئيل: يا سيدي قد رأيت كثيرا منها في الفارسية والعربية وغيرهما من طبعات متعددة فكانت الترجمة لكلام أشعيا موافقة له والترجمة لكلام متى ومرقس ولوقا موافقة لما نقلناه عنهم.

القس: إذن لا بد من وقوع التحريف إما في كتاب أشعيا وإما في أناجيلنا.


الصفحة 174
عمانوئيل: إذن قرت عيوننا بتحريف كتبنا، يا سيدي وما هو الجواب عن السؤال الأول.

القس: لا يلزمني أن أصرح بالحال أفلا تعرفه يا عمانوئيل. هل يخفي الخطأ؟

اليعازر: هل يمكنكم إلا أن تعترفوا بالغلط في إنجيل متى فلماذا يحيد سيدنا عن هذا الاعتراف.

إعتماد المسيح وحال إبليس معه

عمانوئيل: ثم قرأت في هذا الفصل ما مضمونه أن المسيح جاء من بلاد الجليل إلى الأردن ليعتمد من يوحنا بمعمودية التوبة لكي يكمل كل بر فلما اعتمد وصعد من الماء انفتحت له السماء ورأى روح الله نازلا وآتيا عليه مثل حمامة.


الصفحة 175
ثم أصعد المسيح إلى البرية من الروح ليجرب من إبليس وبعد ما صام أربعين نهارا وأربعين ليلة جاع فتقدم إليه المجرب وقال له: إن كنت أنت ابن الله فقل أن تصير هذه الحجارة خبزا. فقال: مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله.

ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة وأوقفه على جناح الهيكل. فقال. إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل. لأنه مكتوب أنه يوصي ملائكته بك فعلى أياديهم يحملونك لئلا تصدم بحجر رجلك. فقال يسوع مكتوب: أيضا لا تجرب الرب إلهك. ثم أخذه إبليس أيضا إلى جبل عال جدا وأراه جميع ممالك المسكونة ومجدها. وقال له: أعطيك هذه كلها إن سجدت لي. فقال يسوع: اذهب يا شيطان لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد ثم تركه إبليس وإذا ملائكة قد جاءت تخدمه.

من الاختلاف

اليعازر: هل يوجد هذا الكلام في إنجيل آخر.

عمانوئيل: نعم يوجد في الفصل الرابع من إنجيل لوقا مع اختلاف في الحكاية.

والمهم من هذا الاختلاف أمور ((1)) في لوقا (بكل كلمة من الله) ((2)) يعرف من لوقا أن أخد إبليس للمسيح إلى جبل عال قبل أخذه له إلى جناح الهيكل على عكس ما يعرف من متى ((3)) لوقا يقول. إن إبليس فارق المسيح إلى حين.


الصفحة 176
وأما إنجيل مرقس فإنه بعد ما ذكر نزول الروح على المسيح قال: وللوقت أخرجه الروح إلى البرية وكان هناك في البرية أربعين يوما يجرب من الشيطان وكان مع الوحوش وصارت الملائكة تخدمه.

اليعازر: هل يوجد اختلاف في متى ولوقا مع نقل المكتوب من العهد القديم.

عمانوئيل. يا والدي في العدد الثالث من الفصل الثامن من سفر التثنية ما ترجمته الحرفية (لأنه لا على الخبز وحده يحيا الانسان لأنه على كل وصية فم الله يحيا الانسان). وهذا لا يطابقه ما في متى ولاما في لوقا. وفي العدد السادس عشر من الفصل السادس من التثنية، لا تجربوا الرب إلهكم " فلا يطابقه ما في متى ولا ما في لوقا. وفي سفر التثنية 6: 13 و 10: 20 للرب إلهك تسجد وإياه تعبد فليس فيها لفظ (وحده) كما ذكره متى ولوقا.

اليعازر. إنك شديد التتبع للعهدين.

عمانوئيل: يا والدي قد تتبعت منقولات العهد الجديد عن العهد القديم فلا أكاد أجد نقلا خاليا من المخالفة.


الصفحة 177
اليعازر: هل هذا لأن العهد القديم محرف. أو لأن العهد الجديد يحرف في نقله.

عمانوئيل: إن قلنا إن العهد القديم محرف خسرنا عهدنا القديم وإن قلنا إن العهد الجديد هو الذي يحرف فقد خسرنا عهدنا الجديد.

القس: إقرأ يا عمانوئيل.

عمانوئيل: يا سيدي إني لم أفرغ من مدهشات هذا الكلام ولي فيه سؤالات فإن الأناجيل يفهم منها أن مكث المسيح في البرية لم يكن باختياره بل كان باقتياد وإلجاء من الروح كحالة الذهول والهيام يا سيدي والمأمول من نزول روح الله على الشخص أن يكون مؤيدا للقوة العاقلة وحسن الاختيار وكمال الرشد ومميزا لمن يحل عليه بالأحوال العقلائية والأفعال السديدة لكي يعلو مقامه في البشر ويتم نفعه وتنجح مساعيه في الاصلاح.

فكيف يكون سببا للهيام في البرية والذهول الذي تتهاجم عليه ظنون السوء من الناس.


الصفحة 178
والأمر المدهش أن يكون نزول الروح يعقبه تصرف إبليس ونفوذ قدرته في المسيح رسول الله وينقله من مكان إلى مكان، إلى جبل عال، وإلى جناح الهيكل، بل يتصرف إبليس في حواس المسيح فيريه جميع ممالك المسكونة ومجدها - يا سيدي هذه أمور لا تليق بجلال الله ولا بقدس الرسول - وإذا قلنا بمقالة أصحابنا في تأليه المسيح وإنه الإله المتجسد الجامع لأقنوم الابن وأقنوم الروح القدس فإن المصيبة تكون عظيمة ما فوقها مصيبة إذ يكون إبليس يتصرف بالإله هذا التصرف الكبير ويتلاعب به هذا التلاعب ويطلب إبليس أن يسجد الإله له.

وكيف لا يقول له اخسأ يا شيطان فإني أنا الإله المتجسد وجميع ما في الكون في سلطاني ولي السجود.

ولكن يا للأسف لا يمكن أن يجيبه بهذا الجواب بعد ما تصرف به إبليس ذلك التصرف الكبير.

يا سيدي وإن إنجيل لوقا قيد مفارقة إبليس للمسيح وجعلها إلى حين. فهل يعرف منه لإبليس مع المسيح مواقف أخر في التصرف به.

اليعازر: أرى هذه الأناجيل كأنها وبال على قدس سيدنا المسيح وعلو مقامه في مجد الرسالة.


الصفحة 179
القس: اقرأ يا عمانوئيل وستسمع يا اليعازر شيئا كثيرا ولكن لا تتكلم بحدة.

من الاختلاف

عمانوئيل: فقرأت في الفصل الرابع من متى أيضا أن المسبح سكن في كفر ناحوم التي عند البحر في تخوم زبولون ونفتالي لكي يتم ما قيل بأشعيا النبي القائل أرض زبولون وأرض نفتالي طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم الشعب الجالس في ظلمة أبصر نورا عظيما.

اليعازر: يا عمانوئيل هذا كلام لا محصل له إلا تسطير الألفاظ والأسامي أفلا تنظر إلى كتاب أشعيا في أصله العبراني وترجمته فإني عرفت أن أناجيلنا تخالف العهد القديم في نقلها عنه.

عمانوئيل: فنظرت في آخر الفصل الثامن من كتاب أشعيا العبراني فوجدت ما ترجمته الحرفية (كما أن الزمن الأول أهان أرض زبولون وأرض نفتالي والأخير يكبر طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم) وفي أول الفصل التاسع الشعب السائر في الظلمة رأى نورا كبيرا. يا والدي وأنت ترى أن كلام متى لا يشبه كلام أشعيا إلا ببعض المفردات.

وإن الذي يعرف مواقع البلاد يعرف أن كفر ناحوم هي من سهم نفتالي وبعيدة عن تخم زبولون بنحو ستة أميال وبينها وبينه بيت صيدا الغربية وطن بطرس واندرواس وفيلبس من التلاميذ.

اليعازر: إقرأ يا ولدي.


الصفحة 180

الناموس والمسيح

عمانوئيل: فقرأت في الفصل الخامس عن قول المسيح لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل، فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماوات والأرض لا يزول حرف واحد ونقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل، فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى أصغر في ملكوت السموات.

اليعازر: هذا صريح في لزوم العمل بالتوراة ولا يترك محلا لدعوى الفداء.

نقض الناموس وتوهينه والاختلاف

عمانوئيل: لا تعجل يا والدي فإن الزمان قليلا ما يسمح لأناجيلنا أن تصفو من الكدر فقد نقل إنجيل متى في هذا الفصل على أثر هذا الكلام عن قول المسيح: (وقيل (أي في التوراة) من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق وأما أنا فأقول من طلق امرأته إلا لعلة الزنا جعلها تزني ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني. وأيضا سمعتم أنه قيل للقدماء لا تحنث بل أوف للرب أقسامك، وأما أنا فأقول لكم لا تحلفوا البتة لا بالسماء لأنها كرسي الله ولا الأرض لأنها موطئ قدميه ولا بأورشليم لأنها مدينة الملك العظيم ولا تحلف برأسك لأنك لا تقدر أن تجعل شعرة واحدة سوداء أو بيضاء بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لا وما زاد على ذلك فهو من الشرير.


الصفحة 181
سمعتم أنه قيل عين بعين سن بسن وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا. سمعتم إنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم).

يا والدي وأنت ترى أن هذا الكلام نقض للناموس ورد عليه وتوهين لشريعته.

اليعازر: هل وافق إنجيل متى في هذه المضامين باقي أناجيلنا.

عمانوئيل: نعم وافقه في كلامه في الطلاق إنجيل مرقس 10: 2 - 12 ولوقا 16: 18.

اليعازر: يا عمانوئيل ماذا يريد إنجيل متى بقوله قيل للقدماء.

عمانوئيل: يريد التوراة كتاب الشريعة.


الصفحة 182
اليعازر: أحب أن نطابق هذا المنقول في إنجيل متى بما أخذه من التوراة فإن من عادة إنجيل متى عدم المطابقة في النقل.

عمانوئيل: الموجود في التوراة في الطلاق إذا أخذ الرجل امرأة وتزوج بها وهي لم تجد نعمة في عينه لأنه وجد بها عيب شئ وكتب لها كتاب طلاق.

ولا يوجد في العهد القديم لا تحنث بل أوف للرب أقسامك. وإنما الموجود من هذا النحو ما هو في الفصل الثلاثين من العدد وهو إذا نذر رجل نذرا للرب أو أقسم قسما أن يلزم نفسه بلازم فلا ينقص كلامه. ولا يوجد في التوراة قوله تحب قريبك وتبغض عدوك بل الموجود فيها تحب قريبك كنفسك (لا 19: 80).

منقولات العهد الجديد عن العهد القديم والاختلاف

اليعازر: أحب الآن أن نتصفح عاجلا جميع الفقرات التي تنقلها الأناجيل عن، العهد القديم ونطابق بين الأمرين فإنه لم يمر علينا نقل إلا وجدنا فيه الاختلاف المدهش فليجر الكلام في هذا في سلسلة واحدة.


الصفحة 183
عمانوئيل: هل يأذن سيدنا القس في ذلك وهل يستحسنه.

القس: لا بأس بذلك فإنه لا يخلو من فائدة لكن بشرط أن نرجع إلى استيفاء الكلام في مطالب الأناجيل.

عمانوئيل: في الفصل الحادي عشر من متى عن قول المسيح في شأن يوحنا المعمدان: فإن هذا هو الذي كتب عنه ها أنا أرسل أمام

وجهك ملاكي الذي يهئ طريقك قدامك. ونحوه في الفصل السابع من إنجيل لوقا.

والأول من إنجيل مرقس - مع إنه لا يوجد في العهد القديم إلا قول الفصل الثالث من كتاب ملاخي ها أنا ذا أرسل ملاكي فيهئ الطريق أمامي. فانظر إلى المخالفة - وفي الفصل الثالث عشر من متى 14 فقد تمت فيهم نبوة أشعيا القائلة تسمعون سمعا ولا تفهمون ومبصرين تبصرون ولا تنظرون لأن قلب هذا الشعب قد غلظ وآذانهم قد ثقل سماعها وغمضوا عيونهم لئلا يبصروا بعيونهم ويسمعوا بآذانهم ويفهموا بقلوبهم ويرجعوا فأشفيهم.


الصفحة 184
وأيضا في الثاني عشر من إنجيل يوحنا 39 لأن أشعيا قال: أيضا 40 قد أعمى عيونهم وأغلظ قلوبهم لئلا يبصروا بعيونهم ويشعروا بقلوبهم ويرجعوا فأشفيهم - فانظر إلى الاختلاف الكبير في النقل بين الإنجيلين - مع أن الموجود في سادس أشعيا بالترجمة الحرفية: إسمعوا سمعا ولا تفهموا وأبصروا إبصارا ولا تعرفوا غلظ قلب الشعب هذا وآذانه ثقلت وعيونه طمست لئلا يرى بعينه وبآذانه يسمع وقلبه يفهم وارجع وأشفيه.

وأيضا في ثالث عشر متى 35 لكي يتم ما قيل بالنبي القائل سأفتح بأمثال فمي وأنطق بمكتومات منذ تأسيس العالم.

والموجود في المزمور الثامن والسبعين: افتح بمثل فمي أذيع ألغازا منذ القدم. وفي الفصل الحادي والعشرين من متى لكي يتم ما قيل بالنبي القائل قولوا لابنة صهيون هوذا ملكك يأتيك وديعا راكبا على أتان وجحش ابن أتان.

وفي الفصل الحادي عشر من إنجيل يوحنا ووجد يسوع جحشا فجلس عليه كما هو مكتوب لا تخافي يا ابنة صهيون هوذا ملكك يأتي جالسا على جحش أتان. هذا مع أن الموجود في الفصل التاسع من كتاب زكريا ابتهجي جدا يا ابنة صهيون، اهتفي يا بنت أورشليم هوذا ملكك يأتي إليك عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى عير ابن أتان. فانظر يا والدي إلى هذا الاختلاف الفاحش.

ويزيد على ذلك اختلاف الأناجيل فيما بينها فإن مرقس ولوقا ويوحنا لم يذكروا في القصة إلا الجحش والركوب عليه.


الصفحة 185
ولكن متى زاد الأتان وأن المسيح ركب عليهما. وفي الفصل الثالث والعشرين من متى 35 (إلى دم زكريا ابن رخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح). مع أن الموحد المؤمن الكبير الذي قتلوه في دار بيت الله وبين الهيكل والمذبح إنما هو زكريا ابن يهوياداع كما تقدم في صحيفة 120. وفي الفصل السابع والعشرين من متى: لكي يتم ما قيل بالنبي (إقتسموا ثيابي بينهم وعلى لباسي القوا قرعة). ومثله في الفصل التاسع عشر من إنجيل يوحنا.

والموجود في المزمور الثاني والعشرين 17 يقسمون ثوبي لهم وعلى لباسي يلقون قرعة.

وقد ذكرنا صحيفة 159 عن الفصل السابع والعشرين من متى أنه قال: (حينئذ تم ما قيل بارميا النبي وأخذوا إلى آخره " وقد ذكرنا هناك أن الذي يشبه هذا الكلام غير موجود في كتاب إرميا أصلا وإنما هو في كتاب زكريا. فلماذا تضيع الأسماء على إنجيل متى.

الأناجيل والعهد القديم والاختلاف

اليعازر: ها أنت فرغت من إنجيل متى وما يشترك معه من الأناجيل في النقل عن العهد القديم. فهلا تتصفح الأناجيل الباقية لكي ترى ما تنفرد به عن إنجيل متى في النقل عن العقد القديم.


الصفحة 186
عمانوئيل: يا والدي في الفصل الرابع من إنجيل لوقا 17 أن المسيح في الناصرة دفع إليه سفر أشعيا ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبا فيه (روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية وأكرز بسنة الرب المقبولة). والموجود في الفصل الحادي والستين من كتاب أشعيا العبراني ما ترجمته الحرفية روح سيدي الله على لأنه مسح الله إياي لبشرى المساكين. أرسلني للتعصيب لمنكسري القلب لأنادي للمسبيين عتقا وللمأسورين إطلاقا لأنادي سنة مقبولة لله.

يا والدي فكم ترى من الاختلاف مع أن كتاب أشعيا لا يوجد فيه قول لوقا (وللعمى بالبصر) وأيضا إن قول لوقا (لأشفي المنكسري القلوب) قد جعل بين خطين هلاليين وهو علامة على أنه لا يوجد ذلك في أقدم النسخ وأصحها. وأيضا في الفصل السابع من يوحنا عن قول المسيح 38 من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي. مع أنه لا يوجد في العهد القديم ما يشبه هذا الكلام إلا قوله في الفصل الرابع من كتاب زكريا 8 ويكون في ذلك اليوم أن مياها حية تخرج من أورشليم: فراجعه.

وفي الفصل الثامن من يوحنا عن قول المسيح 17 وأيضا في ناموسكم مكتوب شهادة رجلين حق.

ولا يوجد هذا اللفظ مكتوبا في التوراة أصلا. نعم يوجد فيها عد 35: 30 وتث 17: 6 و 19: 15 ما حاصله أنه يقوم الحكم بشاهدين أو ثلاثة ولا يقوم بشاهد واحد.

القس: وههنا أمر يضحك بسخافته ويبكي بنسبته إلى قدس سيدنا المسيح وشرف الرسالة وهو أن إنجيل يوحنا نسب هذا الكلام للمسيح لكي يصور عنه الاحتجاج لأمره فيقول: إذن أن هو الشاهد لنفسي ويشهد لي الأب الذي أرسلني. أفلا يدري هذا الكاتب بأن التوراة تقول: لا يقوم الحكم بشاهد واحد وكل غبي وفاهم يعرف أن المدعي لا يحسب شاهدا لنفسه في كل شريعة شرعية وعرفية. فكيف ينسب للمسيح أنه يجعل نفسه أحد الشاهدين.


الصفحة 187
وأيضا إن بني إسرائيل وكل إلهي يقول: إن شهادة الله هي آية الحق فلا تحتاج إلى انضمام شهادة المخلوقين.

فكيف يضطهد مجد الله الذي يعرفونه ويجعل شهادته كشهادة رجل تحتاج إلى شهادة رجل آخر حتى إذا كان هو المدعي.

فكيف كتب هذا الكاتب هذا الكلام ويا للأسف. إقرأ يا عمانوئيل.

عمانوئيل: وفي الفصل الثاني عشر من يوحنا 38 ليتم قول أشعيا النبي الذي قال: يا رب من صدق خبرنا ولمن استعلنت ذراع الرب. مع أن الموجود في أول الفصل الثالث والخمسين من أشعيا بالترجمة الحرفية للأصل العبراني: من المصدق لخبرنا وذراع الله على من استعلنت. وبالأقل ليس فيه يا رب.

اليعازر: هذه الاختلافات شئ كبير مدهش ويا للأسف لم يسلم منها واحد من أناجيلنا.


الصفحة 188
القس: لماذا تحكم يا عمانوئيل على الأناجيل بأنها هي التي حرفت ما في العهد القديم.

ولماذا لا تقول إن العهد القديم قد كان محرفا قبل الأناجيل. والأناجيل نقلت ما نقلته منه على حقيقته الأصلية قبل تحريفه.

اليعازر: يا سيدي اسمح لي أن أقول أولا: إنا لا يهون علينا في ديانتنا أن نخسر العهد العتيق كما لا يهون علينا أن نخسر العهد الجديد. وثانيا إذا لحظنا اختلاف الأناجيل في عبارة ما تنقله عن العهد القديم رجحنا أن يكون الاختلاف منها. ويشهد على أن الاختلاف من الأناجيل احتجاجها الواهي بما تنسبه إلى المسيح وإلى العهد القديم كما تقدم في صحيفة 73 و 74 يا عمانوئيل ألا تتبع موارد استشهاد العهد الجديد بالعهد القديم لكي نعرف هل يوجد بينهما اختلاف كالذي بين الأناجيل وبين العهد القديم. ولكي نطلع على موارد الاختلاف. وكم هي؟

كتاب أعمال الرسل واختلافه مع العهد القديم

عمانوئيل: في الفصل الأول من أعمال الرسل 20 (لأنه مكتوب في سفر المزامير. لتصر داره خرابا ولا يكن فيها ساكن وليأخذ وظيفته آخر) والموجود هو ما في المزمر التاسع والستين 25 (لتصر دارهم خرابا وفي خيامهم لا يكون ساكن) وفي المزمور المائة وتسعة 8 (ووظيفته ليأخذها آخر).