الصفحة 413

الحلقة الرابعة


الفصل الثاني
الإمامة بعد الحسن والحسين (عليهما السلام) لا تكون في أخوين


قوله: وكان الدافع الرئيسي لهذا القول (أي ان للحسن العسكري ولد) هو التمسك بقانون (الوراثة العمودية) و (عدم جواز انتقال الإمامة الى أخوين بعد الحسن والحسين) وبالرغم من أنه (أي القانون المذكور) كان قولا ضعيفا ولم يجمع الشيعة الإمامية عليه في ذلك الوقت خلافا لما ادعى الطوسي بعد ذلك بمأتي عام.

أقول: ان قانون الوراثة العمودية وعدم جواز انتقال الإمامة الى أخوين بعد الحسن والحسين مما اتفق عليه جمهورالشيعة الإمامية بعد الامام الصادق (عليه السلام) في القرن الثاني والثالث وقد نقل هذه الحقيقة النوبختيان الخال وابن اخته والأشعري القمي في كتبهم قبل الشيخ الطوسي بأكثرمن مأة عام، هذا مضافاً الى الروايات الصحيحة الواردة بذلك.





الصفحة 414

الصفحة 415

نص الشبهة


قال: أن القول بـ (عدم جواز انتقال الإمامة الى أخوين بعد الحسن والحسين ووجوب استمرارها في الاعقاب) قول ضعيف ولم يجمع الشيعة الإمامية عليه في ذلك الوقت خلافا لما ادعى الطوسي بعد ذلك بمأتي عام. (ص189).

الرد على الشبهة


أقول: بل هو قول جمهور الشيعة الإمامية والمشهور بل المتواتر بينهم قبل ولادة المهدي (عليه السلام) كما نقله اسماعيل بن علي النوبختي في كتابه (التنبيه في الإمامة) وابن أخته الحسن بن موسى النوبختي في كتابه فرق الشيعة والاشعري القمي في كتابه المقالات والفرق على فرض تعدد الكتابين المتداولين.

قول أبي سهل النوبختي:

قال اسماعيل بن علي النوبختي في كتاب التنبيه:

(وعلمنا بالاخبار المتواترة عن الائمة الصادقين (عليهم السلام) ان الامامة لا تكون بعد كونها في الحسن والحسين (عليه السلام) الا في ولد الامام ولا يكون في اخ ولا قرابة)(1).

قول الاشعري القمي:

وقال الاشعري القمي في المقالات والفرق:

(ففرقة منها وهي المعروفة بالامامية قالت لله في ارضه بعد مضي الحسن بن علي

____________

(1) إكمال الدين للصدوق /92.


الصفحة 416
حجة على عباده وخليفة في بلاده، قائم بامره من ولد الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا،... على المنهاج الاول والسنن الماضية من الائمة الجارية، فيمن مضى منهم القائمة فيمن بقى منهم، الى ان تقوم الساعة من وتيرة الاعقاب، ونظام الولادة، ولا ينتقل ولا يزول عن حالها، ولا يكون الامامة ولا يعود في اخوين بعد الحسن والحسين، ولا يجوز ذلك ولا يكون الا في عقب الحسن بن علي بن محمد الى فناء الخلق وانقطاع امر الله ونهيه ورفعه التكليف عن عباده، متصل ذلك ما اتصلت امور الله، ولو كان في الارض رجلان كان احدهما الحجة، ولو مات احدهما لكان الباقي منهما الحجة، ما اتصل امر الله ودام نهيه في عباده، وما كان تكليفه قائماً في خلقه،

ولا يجوز ان تكون الامامة في عقب من يموت في حياة ابيه، ولا في وصىّ له من اخ ولا غيره، اذا لم تثبت للميت في حياه ابيه في نفسه امامةولم يلزم العباد به حجة...

وذلك ان المأثور عن الائمة الصادقين مما لا دفع بين هذه العصابة من الشيعة الامامية، ولا شك فيه عندهم ولا ارتياب، ولم يزل اجماعهم عليه لصحة مخرج الاخبار المروية فيه وقوة اسبابها، وجودة اسانيدها وثقة ناقليها)(1).

قول علي بن الحسن النوبختي:

وقال علي بن الحسن النوبختي في فرق الشيعة:

" قالت الفرقة الثانية عشرة وهم (الامامية) ليس القول كما قال هؤلاء كلهم بل لله عز وجل في الارض حجة من ولد الحسن بن علي وامر الله بالغ وهو وصي لأبيه على المنهاج الاول والسنن الماضية ولا تكون الامامة في اخوين بعد الحسن والحسين (عليهما السلام). ولا يجوز ذلك ولا تكون الا في عقب الحسن بن علي الى ان ينقضي الخلق متصلا ذلك ما اتصلت امور الله تعالى. ولو كان في الارض رجلان لكان احدهما الحجة ولو مات احدهما لكان الآخر الحجة ما دام امر الله ونهيه قائمين في خلقه. ولا

____________

(1) المقالات والفرق /103.


الصفحة 417
يجوز ان تكون الامامة في عقب من لم تثبت له امامة ولم تلزم العباد به حجة ممن مات في حياة ابيه ولا في ولده...

وهذا الذي ذكرناه هو المأثور عن الصادقين الذي لا تدافع له بين هذه العصابة ولا شك فيه لصحة مخرجه وقوة اسبابه وجودة اسناده(1).

وفي ضوء ذلك فان الشيخ الطوسي كان قوله مؤكدا لما نقله النوبختي والأشعري القمي وليس مؤسسا ".

نموذج من الروايات:

أما الأخبار في ذلك فكثيرة نذكر منها ما رواه الكليني في الكافي بأسانيد صحيحة.

عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة، عن أبى عبد الله (عليه السلام) قال لا تعود الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين أبدا، إنما جرت في علي بن الحسين كما قال الله تبارك وتعالى "واولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله" فلا تكون بعد علي بن الحسين (عليه السلام) إلا في الاعقاب وأعقاب الاعقاب(2).

وعن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن ابي نجران، عن سليمان بن جفعر الجعفري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لا تجتمع الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين إنما هي في الأعقاب وأعقاب الاعقاب(3).

وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه سئل أتكون الامامة في عم أو خال؟ فقال لا، فقلت ففي أخ؟ قال لا، قلت ففي من؟ قال في ولدي، وهو يومئذ لا ولد له(4).

____________

(1) فرق الشيعة /111، أوردناه إلى جنب كتاب المقالات والفرق على فرض تعددهما.

(2) الكافي ج 1 ص 285.

(3) الكافي ج 1 ص 286.

(4) الكافي ج 1 ص 286.


الصفحة 418

الصفحة 419

الحلقة الرابعة


الفصل الثالث
روايات اهل البيت (عليهم السلام) في تشخيص هوية الإمام المهدي (عليه السلام)


قوله: اما الروايات الواردة حول الغيبة والغائب فهي لا تتحدث عن غائب بالتحديد... وهي لا تتحدث عن أمر قبل وقوعه حتى يكون ذلك إعجازا ودليلا على صحة الغيبة كما قال الشيخ الصدوق.

أقول: إن روايات أهل البيت المتداولة عند الشيعة في القرن الثاني الهجري تتحدث عن غائب بالتحديد وهو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت والخامس من ولد الصادق (عليه السلام)، وانه يغيب غيبتين إحداهما طويلة ثم يقوم بعدها، وبالتالي فهي تتحدث عن أمر قبل وقوعه، وفيما يلي طرف مما رواه الحسن بن محبوب السرّاد (149- 224 هجرية) في كتابه المشيخة وغيره من كتبه وكتب غيره التي كانت متداولة عند الشيعة قبل ولادة المهدي بنصف قرن تقريبا.





الصفحة 420

الصفحة 421

نص الشبهة


قال: (اما الروايات الواردة حول الغيبة والغائب فهي لا تتحدث عن غائب بالتحديد... وهي لا تتحدث عن أمر قبل وقوعه حتى يكون ذلك إعجازا ودليلا على صحة الغيبة كما قال الشيخ الصدوق) ص 197بيروتية.

(إن تحديد هوية الإمام المهدي بالثاني عشر من إئمة أهل البيت قد حدث في وقت متأخر بعد وفاة الإمام الحسن العسكري بفترة طويلة إي في بداية القرن الرابع الهجري).

ولو كانت هوية المهدي قد تحددت من قبل منذ زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو الأئمة الأحد عشر السابقين لما اختلف المسلمون ولا الشيعة ولا الإمامية ولا شيعة الحسن العسكري في تحديد هوية المهدي (182).

الرد على الشبهة


أقول: إن روايات أهل البيت (عليهم السلام) المتداولة عند الشيعة في القرن الثاني الهجري والربع الأول من القرن الثالث الهجرري تتحدث عن غائب بالتحديد وبالتالي فهي قد أخبرت عن أمر قبل وقوعه.

وقد ذكرت هذه الروايات ان القائم المهدي الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم هو الثاني عشر من أهل البيت وهو التاسع من ذرية الحسين وفي بعضها هو السابع من ذرية الباقر وفي بعضها هو السادس من ذرية الصادق وفي بعض هذه الروايات هو الخامس من ولد الكاظم هذا مضافا الى روايات كثيرة جدا تشير الى أن هذا القائم له غيبة طويلة، وفي روايات اخرى ان له غيبتين إحداهما طويلة يقال له فيها مات أو هلك، وفي بعضها انه تخفى ولادته على الناس، وفي بعضها هو الذي يقول الناس عنه

الصفحة 422
لم يولد بعد وفي بعضها انه اصغر الأئمة سنا وأخملهم ذكرا.

وليس بعد هذه الأوصاف من غموض كما يدعي الأستاذ الكاتب مضافا الى ذلك العلامات التي ذكرت كمقدمة لظهوره من قبيل زوال ملك بني العباس وخروج السفياني والصيحة في شهر رمضان وانه لا يقوم حتى يذهب ثلثا الناس وانه لاتبقى فئة من الناس لا تجرب حظها من الحكم والسيرة بين الناس وانه يظهر في زمانه عيسى ويصلي خلفه.

ان هذه الصفات والعلامات لاتبقي مجالا للقول ان الروايات الواردة في المهدي غامضة ولم تحدد هويته كما ادعى ذلك الأستاذ الكاتب.

وقد ذكر تلك الروايات علماء الشيعة الأقدمين وقدموها كظاهرة ملفتة للنظر وعلامة من علامات صدق إمامة أهل البيت (عليهم السلام).

تعليق الشيخ ابي سهل النوبختي على أخبار الغيبتين:

قال الشيخ أبي سهل النوبختي (رحمه الله): " وصحة غيبته بالاخبار المشهورة في غيبة الامام (عليه السلام) وان له غيبتين إحداهما اشد من الاخرى.

ومذهبنا في غيبة الامام في هذا الوقت لا يشبه مذهب الممطورة في موسى(1) بن جعفر لان موسى مات ظاهراً ورآه الناس ميتاً ودفن دفناً مكشوفا ومضى لموته اكثر من مائة سنة وخمسين سنة لا يدعي احد انه يراه ولا يكاتبه ولا يراسله، ودعواهم انه حي فيه اكذاب الحواس التي شاهدته ميتاً وقد قام بعده عدة ائمة فأتوا من العلوم بمثل ما أتى به موسى وليس في دعوانا هذه غيبة الامام اكذاب للحس ولا محال ولا دعوى تنكرها العقول ولا تخرج من العادات وله الى هذا الوقت من يدَّعي من شيعته الثقات المستورين انه باب اليه وسبب يؤدي عنه الى شيعته امره ونهيه ولم تطل المدة في الغيبة طولاً يخرج من عادات من غاب.

فالتصديق بالاخبار يوجب: اعتقاد امامة ابن الحسن (عليه السلام) على ما شرحت.

____________

(1) هم الواقفية وهو لقب غلب عليها.


الصفحة 423
وانه قد غاب كما جاءت الاخبار في الغيبة فانها جاءت مشهورة متواترة وكانت الشيعة تتوقعها وتترجاها كما ترجوا بعد هذا من قيام القائم (عليه السلام) بالحق واظهار العدل.

ونسأل الله عز وجل توفيقا وصبراً جميلاً برحمته"(1).

تعليق النعماني على اخبار الغيبتين:

وقال النعماني (رحمه الله) معلقا على أخبار الغيبتين:

" هذه الاحاديث التى يذكر فيها أن للقائم (عليه السلام) غيبتين أحاديث قد صحت عندنا بحمد الله، وأوضح الله قول الائمة (عليهم السلام) وأظهر برهان صدقهم فيها.

فأما الغيبة الاولى: فهي الغيبة التى كانت السفراء فيها بين الامام (عليه السلام) وبين الخلق قياما منصوبين ظاهرين موجودي الاشخاص والاعيان، يخرج على أيديهم غوامض العلم، وعويص الحكم، والاجوبة عن كل ما كان يسأل عنه من المعضلات والمشكلات، وهى الغيبة القصيرة التى انقضت أيامها وتصرمت مدتها(2).

والغيبة الثانية: هي التى ارتفع فيها أشخاص السفراء والوسائط للامر الذي يريده الله تعالى، والتدبير الذى يمضيه في الخلق، ولوقوع التمحيص والامتحان والبلبلة والغربلة والتصفية على من يدعي هذا الامر كما قال الله عزوجل " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب. وما كان الله ليطلعكم على الغيب " وهذا زمان ذلك قد حضر، جعلنا الله فيه من الثابتين على الحق، وممن لا يخرج في غربال الفتنة.

فهذا معنى قولنا " له غيبتان " ونحن في الاخيرة نسأل الله أن يقرب فرج أوليائه منها ويجعلنا في حيز خيرته وجملة التابعين لصفوته، ومن خيار من ارتضاه وانتجبه لنصرة وليه وخليفته فإنه ولي الاحسان، جواد منان ".

وقال (رحمه الله) معقبا على اخبار علامات الظهور وبعض صفات القائم (عليه السلام):

____________

(1) اكمال الدين للشيخ الصدوق /92.

(2) يدل كلامه هذا انه ألف كتابه (الغيبة) بعد وفاة النائب الرابع علي بن محمد السمري أي بعد سنة 329هجرية.


الصفحة 424
" العلامات التي ذكرها الائمة: مع كثرتها واتصال الروايات بها وتواترها واتفاقها موجبة ألا يظهر القائم إلا بعد مجيئها وكونها، إذ كانوا قد أخبروا أن لابد منها وهم الصادقون، حتى إنه قيل لهم " نرجو أن يكون ما نؤمل من أمر القائم (عليه السلام) ولا يكون قبله السفياني " فقالوا " بلى والله إنه لمن المحتوم الذي لابد منه ". ثم حققوا كون العلامات الخمس التي أعظم الدلائل والبراهين على ظهور الحق بعدها، كما أبطلوا أمر التوقيت وقالوا " من روى لكم عنا توقيتا فلا تهابوا أن تكذبوه كائنا من كان فإنا لا نوقت " وهذا من أعدل الشواهد على بطلان أمر كل من ادعى أو ادعي له مرتبة القائم ومنزلتهوظهر قبل مجيء هذه العلامات، لا سيما وأحواله كلها شاهدة ببطلان دعوى من يدعى له، ونسأل الله أن لا يجعلنا ممن يطلب الدنيا بالزخارف في الدينوالتمويه على ضعفاء المرتدين، ولا يسلبنا ما منحنا به من نور الهدى وضيائه، وجمال الحق وبهائه بمنه وطوله.

انظروا رحمكم الله - يا معشر الشيعة إلى ما جاء عن الصادقين (عليهم السلام) في ذكر سن القائم (عليه السلام) وقولهم إنه وقت إفضاء أمر الامامة إليه أصغر الائمة سنا وأحدثهم، وإن أحدا ممن قبله لم يفض إليه الامر في مثل سنه، وإلى قولهم " واخملنا ذكرا " يشيرون بخمول ذكره إلى غيبة شخصه واستتاره، وإذا جاءت الروايات متصلة متواترة بمثل هذه الاشياء قبل كونها، وبحدوث هذه الحوادث قبل حدوثها، ثم حققها العيان والوجود، وجب أن تزول الشكوك عمن فتح الله قلبه ونوره وهداه، وأضاء له بصره.

والحمد لله الذي يختص برحمته من يشاء من عباده بتسليمهم لامره وأمر أوليائه، وإيقانهم بحقيقة كل ما قاله، واثقا بحقيقة كل ما يقول الائمة من غير شك فيه ولا ارتياب، إذ كان الله عزوجل قد رفع منزلة حججه... وجعل الجزاء على التسليم لقولهم والرد إليهم الهدى والثواب وعلى الشك والارتياب فيه العمى وأليم العذاب، وإياه نسأل الثواب على ما من به، والمزيد فيما أولاه وحسن البصيرة فيما هدى إليه فإنما نحن به وله ".

تعليق الشيخ الصدوق على أخبار الغيبة:

قال الشيخ الصدوق (رحمه الله): (أن الائمة (عليهم السلام) قد أخبروا بغيبتة ووصفوا كونها لشيعتهم

الصفحة 425
فيما نُقِل عنهم واستُحفِظ في الصحف ودُوِّن في الكتب المؤلفة من قبل أن تقع الغيبة بمائتي سنة أو أقل أو أكثر.

فليس أحد من أتباع الائمة (عليهم السلام) إلا وقد ذكر ذلك في كثير من كتبه ورواياته ودونه في مصنفاته وهي الكتب(1) التي تعرف بالاصول مدوَّنة مستحفظة عند شيعة آل محمد (عليهم السلام) من قبل الغيبة بما ذكرنا من السنين، وقد أخرجت ما حضرني من الاخبار المسندة في الغيبة في هذا الكتاب في مواضعها.

فلا يخلو حال هؤلاء الاتباع المؤلفين للكتب أن يكونوا علموا الغيب بما وقع الان من الغيبة، فألفوا ذلك في كتبهم ودونوه في مصنفاتهم من قبل كونها، وهذا محال عند أهل اللب والتحصيل.

أو أن يكونوا (قد) أسسوا في كتبهم الكذب فاتفق الامر لهم كما ذكروا وتحقق كما وضعوا من كذبهم على بعد ديارهم واختلاف آرائهم وتباين أقطارهم ومحالهم، وهذا أيضا محال كسبيل الوجه الاول.

فلم يبق في ذلك إلا أنهم حفظوا عن أئمتهم المستحفظين للوصية (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ذكر الغيبة وصفة كونها في مقام بعد مقام إلى آخر المقامات مادونوه في كتبهم وألفوه في اصولهم.

وبذلك وشبهه فلج الحق وزهق الباطل. إن الباطل كان زهوقا)(2).

تعليق الطبرسي في إعلام الورى على أخبار الغيبة:

قال الطبرسي (رحمه الله) مما يدل على صحة إمامته (عليه السلام) النص عليه بذكر غيبته، وصفتها التي يختصها ووقوعها على الحد المذكور من غير اختلاف حتى لم يخرم منه شيئا وليس يجوز في العادات أن تولد جماعة كثيرة كذبا يكون خبرا عن كائن فيتفق ذلك على حسب ما وصفوه.

____________

(1) أقول ستأتي طرف من أحاديث هذه الكتب في الغيبة مما أشار اليه الشيخ الصدوق وحياة اصحابها بين السنوات (145-160) - والسنوات (210- 230).

(2) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 19.


الصفحة 426
وإذا كانت أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجة (عليه السلام) بل زمان أبيه وجده حتى تعلقت الكيسانية والناووسية والممطورة(1) بها وأثبتها المحدِّثون من الشيعة في اصولهم المؤلفة في أيام السيدين الباقر والصادق (عليهما السلام)(2) وأثروها عن النبي والائمة (عليهم السلام) واحد بعد واحد صح بذلك القول في إمامة صاحب الزمان بوجود هذه الصفة له والغيبة المذكورة، في دلائله وأعلام إمامته، وليس يمكن أحدا دفع ذلك.

ومن جملة ثقات المحدثين والمصنفين من الشيعة الحسن بن محبوب السراد وقد صنف كتاب المشيخة الذي هو في اصول الشيعة أشهر من كتاب المزني وأمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة فوافق المخبر، وحصل كما تضمنه الخبر بلا اختلاف(3).

أقول:

وفيما يلي طرف مما رواه الحسن بن محبوب السراد (149- 224 هجرية) في كتاب مشيخته المشهور المتداول عند الشيعة قبل ولادة المهدي بنصف قرن تقريبا وطرف مما رواه ايضا معاصرو الحسن بن محبوب في كتبهم أمثال محمد بن ابي عمير (ت217)، وصفوان بن يحيى (ت210) ومحمد بن اسماعيل بن بزيع، وعبد الله بن سنان (ت220)، ومحمد بن سنان، والحسن بن ايوب، وعبد الله بن حماد الأنصاري، وأحمد بن الحسن الميثمي، والعباس بن عامر القصباني، وعثمان بن عيسى، والحسن بن علي بن فضال (ت224)، وعبد الله بن جبلة (ت219)، وعلي بن حسان.

____________

(1) هم الواقفية.

(2) من قبيل أصل زرارة وأصل محمد بن مسلم وابراهيم بن عمر وابي حمزة الثمالي وعبد الله بن بكير وأبان بن عثمان وغيرهم.

(3) بحار الانوار ج 51 ص 364 عن إعلام الورى للطبرسي.