[3] فصل:
فيما نذكره من مصحف شريف خاتم، وقفناه على ولدي علي، قالبه ربع الورقة جديد، من وجهة ثانية من السطر التاسع وتمامها في أول السطر العاشر:
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضِ وَاخْتِلاَفُ ألْسِنَتِكُمْ وَألْوَانِكُمْ إنَّ في ذَلِكَ لاَيَات لِلْعَالَمِينَ)(2).
أقول:
وفي هذا الايضاح من السعود لاهل الفلاح ما تضيق الاعمار عن شرح أسراره وكشف أنواره، فإنّ في العجائب السمائية والارضية وترتيب أفلاكها وتقديرها ومسيرها وتدبيرها وإمساكها في جهاتها واختلاف الالسن والالوان على مرور الدهور وتقلّباتها، ممّا يحار العقل في وصفه وترجع الافكار حَيْرة عن كشفه.
[4] فصل:
فيما نذكره من مصحف معظم مكمّل أربعة أجزاء، وقفناه على ابنتي الحافظة لكتاب الله المجيد شرف الاشراف، حفظته وعمرها اثنا عشر سنة، من الربع الثالث من وجهة ثانية، قد تكررت فيها الاية قصرت على أوله:
(وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللّيلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إنَّ
____________
(1) لفظ: آدم، من حاشية ع.
(2) الروم: 30 / 22.
أقول:
إنّ كيفيّة ورود النوم على الانسان من غير مرض ولا آفة، بل بالتلّذذ له، وهو أخو الموت المتلف لكلّ ما في الانسان من مواهب الرحمة والرأفة حتّى يصير غائباً عمّا كان تحت يديه ومحكوماً عليه، لَعجب عجيب لا يبلغ الوصف إليه ودال على كمال الاقتدار.
وأن يجعل الموت المختلف(2) من جملة اللّذات والمسار، ثمّ وروده بحسب راحة الاجساد واستعدادها للابتغاء من فضله من أرزاق العباد وإحيائها بالبعث منه والاعادة على النائم كما كان(3) قد خرج عنه، لَدلالات باهرات ومثالاً لاحياء الاموات.
ثمّ في مشاهدة البروق اللوامع بالخوف والرجاء بحسب المنافع وإحياء الارض بالماء والنبات، لشاهد ناطق بإعادة الاجساد الفانيات.
[5] فصل:
فيما نذكره من مصحف معظم تام أربعة أجزاء، وقفته على ابنتي الحافظة للقرآن الكريم فاطمة، حفظته وعمرها دون تسع
____________
(1) الروم: 30 / 23 ـ 24.
(2) حاشية ع: المحقق.
(3) حاشية ع: كلّما.
(وَمِنْ آيَاتِهِ أنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالاْرْضُ بِأمْرِهِ ثُمَّ إذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الاَْرْضِ إذَا أنْتُمْ تَخْرُجُونَ)(1).
أقول:
إنّ منشىء السماء والارض وماسكهما عن النزول والخفظ والقيّم بما فيهما من الحكمة بأحسن الحياطة والحفظ، لقادر بغير ارتياب أن يصرفهما تحت أمره بالخراب والانشاء وإعادة الاموات بعد الافناء(2)إلى مقام الاحياء كما فعل في الابتداء.
[6] فصل:
فيما نذكره من مصحف لطيف يصلح للتقليد، وهبته لولدي محمد وهو طفل قبل الوقفية، من وجهة ثانية من آخر سطر منها وتمامها في الوجهة الاولى من القائمة(3) الاخرى:
(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الاَْرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الَّثمَرَاتِ جَعَلَ فِيَها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِقَوْم يَتَفَكَّرُونَ)(4).
أقول:
إنّ في دحو الارض وبسطها فراشاً للعباد وتسكينها أن تضطرب
____________
(1) الروم: 30 / 25.
(2) من ط، وفي ع. ض: الانفاء.
(3) في ع. ض. ط: في الوجه الاولى من القائم، وما أثبتناه هو الصحيح.
(4) الرعد: 13 / 3.
[7] فصل:
فيما نذكره من مصحف آخر لطيف، كنت وهبته لولدي محمد، يصلح للتقليد، من وجهة أولة في السطر الثامن وتمامها في السطر العاشر:
(وَفِي الاْرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أعْنَاب وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوان يُسْقَى بَماء وَاحِد وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْض فِي الاُْكُلِ إنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِقَوْم يَعْقِلُونَ)(1).
أقول:
إنّ في مطاوي هذه الاية الباهرة من التعريف بقدرة الله جلّ جلاله القاهرة لَعجائب لذوي القلوب والعيون الباصرة، فانّ الارض قد تكون على صفة واحدة والماء جنس واحد والهواء طبع واحد والتوابع متساوية والعروق والاجذاع وأصول الاشجار لها حال لا يختلف كلّ واحد منها في ذاته وصفاته، وثمارها مختلفة غاية الاختلاف في تقلّب ذاته وكيفياته وروائحه ولذّاته، فمن أين دخل عليه ما قد انتهت حاله إليه وليس له مادة بذلك التقلّب من عرق ولا أصل ولا شيء مما يشتمل
____________
(1) الرعد: 13 / 4.
[8] فصل:
فيما نذكره من مصحف لطيف شريف يصلح أيضاً للتقليد، وهبته لولدي محمد وهو في المهد قبل الوقفية، من وجهة أولة من آخر السطر التاسع وتمامها في السطر الاول من الوجهة الثانية.
(يَا أيُّهَا النَّاسُ إنْ كُنْتُمْ فِي رَيْب مِنَ الْبَعْثِ فَإنَّا خَلَقْنَاكُمْ منْ تُرَاب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ مِنْ عَلَقَة ثُمَّ مِنْ مُضْغَة مُخَلَّقَة وَغَيْرِ مُخَلَّقَة لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الاْرْحَامِ مَا نَشَاءُ إلَى أجَل مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىَ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إلَى أرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْم شَيْئاً)(1).
أقول:
إنّ في شرح هذه التغييرات للانسان(2) من البيان ما يكاد أن يهجم بالعقل على التصديق المغني عن زيادة البرهان الحاكم بالعيان والوجدان.
[9] فصل:
فيما نذكره من مصحف لطيف يصلح للتقليد، وقفته على ولدي علي، من وجهة ثانية من أواخر السطر الحادي عشر منها وتمامها في السطر الرابع عشر منها:
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ
____________
(1) الحج: 22 / 5.
(2) حاشية ع: في الانسان.
وقال تعالى:
(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالاْرْضِ أمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالاْبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ)(2).
وقال جلّ جلاله:
(هَلْ مِنْ خَالِق غْيرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالاْرْضِ لا إلهَ إلاَّ هُوَ فَأنَّى تُؤْفَكُونَ)(3).
أقول:
إنّ في بيان حمْل بني آدم على يد قدرته في البرّ والبحر سائر على بساط ممسوك بقوة إلهيّته ووسائل رحمته ورزق بني آدم الطيبات على ما هم عليه من الخيانات(4) التي لو فعلها بعض أولادهم هجروه وبعض أولادهم طردوه وتفضيلهم على مخلوقات ما تعرضت لمعصيته وخلق الدنيا والاخرة(5) لهم مع الجهل(6) بنعمته، لعجائب
____________
(1) الاسراء: 17 / 70.
(2) يونس: 10 / 31.
(3) فاطر: 35 / 3.
(4) حاشية ع: الجنايات.
(5) ض: والاجر.
(6) حاشية ع: جهلهم.
أقول:
وإنّ في تعريفهم بأرزاق(2) السماء التي ليست في مقدورهم وأرزاق الارض الخارجة عن تدبيرهم لَحجج متواتره على مالك أمورهم، وإنّ إخراج الحيّ من الميّت والميّت من الحيّ لشهود صدق ويقين على وجود مالك العالمين، وإنّ التعجّب منهم في الغفلة الصادرة عنهم والغفول عن الذي إليه حياتهم ومماتهم وأرزاقهم وأقواتهم لموضع العجب وموضع الانكار عليهم عند سوء الادب.
[ ] فصل:
فيما نذكره من مصحف لطيف للتقليد ألطف من كلّما ذكرناه، وقفته يكون بيدي في حياتي ولولدي محمد بعد مماتي، من وجهة أولة في السطر السابع والثلاثين وتمامها في السطر الثامن والثلاثين:
(يَا أيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَاز عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمْ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ)(3).
أقول:
إنّ هذا التهديد بيوم الوعيد لو صدر عن سلطان من العبيد منع لذّة
____________
(1) ض: المائن.
(2) ع. ض: بأزراقي، والمثبت من ط.
(3) لقمان: 31 / 33.
[10] فصل:
فيما نذكره من مصحف لطيف شريف، قلّدته لولدي محمد لمّا انحدر معي إلى سورا، وقفته عليه، في وجهة أولة في سابع سطر وآخرها في سطر العاشر:
(وَقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاّ إيّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَاناً إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أحَدُهُمَا أوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)(1).
أقول:
لمّا كان الوالدان كالساعيين في الانشاء، قرن جلّ جلاله حقهما بحقه في الشكر والنعماء، وجعل ذلك داعياً إلى ترغيب الاباء في ولادة الابناء لعمارة دار الفناء وللاقامة في دار البقاء، وأمر الولد بخفض الجناح لوالديه فانهما خفضا جناحهما له أيام كان محتاجاً إليهما فكان ذلك كالقرض عليه وقاما بما كان يحتاج إليه، وما كانا من كسبه ولا سعى في إيجادهما، وهما سعيا في وجوده وهو من كسبهما، فالمنّة لله ولهما سالفة ومتضاعفة عليه.
[11] فصل:
فيما نذكره من مصحف شريف، ترتيب سوره مخالف للترتيب المعهود، وقفناه على صفة وقفية كتب الخزانة بتلك الشروط والحدود، وقال الله:
____________
(1) الاسراء: 17 / 23 ـ 24.
أقول:
إنّ هذا التهديد وهذا الاشفاق والتعريف باطلاع الله جلّ جلاله على أعمال العباد يكاد أن يأخذ بالاعناق إلى طاعة سطان الدنيا والمعاد، وأيّ عبد يطّلع مولاه عليه فليستحسن أن يقع منه ما يقتضي غضبه عليه، بل كيف يقدم عبد على عمل يعلم أنّه ينتهي إلى سيّده ويبلغ إليه ويواقف(2) عليه ويكرهه منه مع دوام حاجته إليه؟!
[12] فصل:
فيما نذكره من مصحف قديم، يقال إنه قرأه(3) عبدالله بن مسعود، وقفيّته على صفة وقف تصانيفي، من وجهة أولة من السطر الحادي عشر وآخرها في آخر سطر من الوجهة المذكورة، قال الله جل جلاله:
(يَا أيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَة عَمَّا أرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْل حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ)(4).
أقول:
____________
(1) الحشر: 59 / 18.
(2) ض. ط: ويوافق.
(3) ع: قراءة.
(4) الحج: 22 / 1.
[13] فصل:
فيما نذكره من جزء من ربعة شريفة عددها أربعة عشر جزءاً، مشتملة على القرآن العظيم مذهّبة، وقفتها على شروط كتب خزانتي، من وجهة ثانية من الجزء السابع من سابع سطر منه وتمامها في السطر الثاني عشر من الوجهة الاولة، قال الله جل جلاله:
(يَوْمَ تَبَدَّلُ الاْرْضُ غَيْرَ الاْرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا للهِِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ وَتَرَى الْـمُـجْرِمِينَ يَوْمَئِذ مُقَرَّنِينَ فِي الاْصْفَادِ سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَان وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ)(3).
أقول:
يا أيها الضعيف عن كلمة تذمّ بها! كيف قويتَ على هذه الاهوال التي تتعرض بالغفلة لها؟! قبّح الله شهوة تسوف نفساً لئيمة إلى خطر هذه الامور العظيمة.
[14] فصل:
فيما نذكره من جزء من ربعة شريفة عددها ثلاثون جزءاً، وقفتها على شروط وقف كتب خزانتي، من الجزء السابع والعشرين من أول سطر من الوجهة الاولة فآخرها في سطر الاول من
____________
(1) ع. ط: فما.
(2) ض. ط: في.
(3) إبراهيم: 14 / 48 ـ 50.
(وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَاَل عَلَيْهِمُ الاْمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)(1).
وقال جل جلاله:
(أفَرَأَيْتَ إنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ)(2).
أقول:
أمَا آن لمعرض عن الله أن يسمع نداءه وهو يطلب منه الاقبال عليه؟! أمَا آن لمهون بعظمة الله أن(3) يعرف أنه عبد(4) أسير بين يديه؟! أمَا آن لساع(5) في هلاك نفسه ومهجته أن يرحمها ويذكر ضعف قوته ويدخل على مولاه من باب رحمته؟! أمَا يرى المتعلّقين بالدنيا كيف ندموا عند الممات؟! أمَا يرى الغافلين عن الله كيف تلهفوا على التفريط بعد الفوات؟! أمَا يسمع صوت الداعي من سائر جهاته يحذّره بلسان الحال من غفلاته ويأمره بالاستعداد لمماته؟! إلى متى
____________
(1) الحديد: 57 / 16.
وجاء في حاشية ع قبلها: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ).
(2) الشعراء: 26 / 205 ـ 207.
(3) من حاشية ع، وفي ع. ض: أما.
(4) حاشية ع: غداً.
(5) من حاشية ع، وفي ع: نسلخ، وفي ض: لتسلخ.
[15] فصل:
فيما نذكره من صحائف إدريس (عليه السلام)، وجدت هذه الصحف بنسخة عتيقة يوشك أن يكون تاريخها من مائتين من السنين، بخزانة كتب مشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، وقد ذهب أولها وآخرها، فكان الموجود منها نحو سبعة عشر كرّاساً وقوائمه بقالب ربع الورقة الكبيرة، فذكر بدء الخلق وقد سقط منه، وإنّما نذكر ما ذكر من أول أيام الاسبوع، فذكر:
إنّ أول يوم خلق الله جلّ جلاله يوم الاحد، ثم كان صباح يوم الاثنين فجمع الله جلّ جلاله البحار حول الارض وجعلها أربعة بحار: الفرات والنيل وسيحان وجيحان، ثم كان مساء ليلة الثلاثاء فجاء الليل بظلمته ووحشته، ثم كان صباح يوم الثلاثاء فخلق الله جلّ جلاله الشمس والقمر.
وشرح ذلك وما بعده شرحاً طويلاً وقال:
ثمّ كان مساء ليلة الاربعاء فخلق الله ألف ألف صنف من
____________
(1) ض. ط: يشعر.
(2) حاشية ع: المهالب.
(3) ط: الهالك.
____________
(1) ع: النبات.
(2) من حاشية ع، وفي ع. ض. ب: الزهراء.
(3) ب: وأرسل ملائكة الرحمة للارض تأمر السحاب تمطر.
[16] فصل:
فيما نذكر معناه من الكراس الثالث، في خلق آدم(عليه السلام)، يتضمّن:
أنّ الارض عرّفها الله جلّ جلاله ـ ولعلّه بلسان الحال ـ أنّه يخلق منها خلقاً فمنهم من يطيعه ومنهم مَن يعصيه، فاقشعرّت الارض واستعطفت(1) الله وسألته لا يأخذ منها مَن يعصيه ويدخله النار.
وأنّ جبرئيل (عليه السلام) أتاها ليأخذ منها طينة آدم (عليه السلام)، فسألته بعزة الله ألاّ يأخذ منها شيئاً حتّى تتضرع إلى الله تعالى، وتضرعت، فأمره الله تعالى بالانصراف عنها.
فأمر الله ميكائيل (عليه السلام)، فاقشعرّت وتضرّعت وسألت، فأمره الله تعالى بالانصراف عنها.
فأمر الله تعالى إسرافيل (عليه السلام) بذلك، فاقشعرّت وسألت وتضرّعت، فأمره الله بالانصراف عنها.
فأمر عزرائيل، فاقشعرّت وتضرّعت، فقال: قد أمرني ربّي بأمر أنا ماض له سرّك ذلك أم ساءك، فقبض منها كما أمر الله ثمّ صعد بها إلى موقفه، فقال الله له: كما وليت قبضها لله من الارض وهي كارهة لذلك(2) تلي قبض أرواح كلّ مَن عليها وكلّ ما قضيتُ عليه الموت من اليوم إلى يوم القيامة.
____________
(1) ب: واستعفت.
(2) ض: كاره لذلك، ب: كارهة كذلك.
ثمّ كان صباح يوم السبت فميّز الله لغات الكلام فسبّح جميع الخلائق لعزة الله جلّ جلاله(3) فتمّ خلق الله وتمّ أمره في الليل والنهار.
ثمّ كان صباح يوم الاحد الثاني اليوم الثامن من الدنيا فأمر الله ملكاً يعجن طينة آدم (عليه السلام) فخلط بعضها ببعض ثمّ خمرها أربعين سنة ثمّ جعلها لازباً ثم جعلها حمأً مسنوناً أربعين سنة ثمّ جعلها صلصالاً كالفخّار أربعين سنة ثمّ قال للملائكة بعد عشرين ومائة سنة مذ(4) خمر طينة آدم: إنّي خالق بشراً من طين فاذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فقالوا: نعم.
____________
(1) حاشية ع: وخلقت.
(2) حاشية ع: وخلقت.
(3) حاشية ع: لعزّة جلال الله.
(4) حاشية ع: منذ.
فخلق الله آدم على صورته الّتي صوّرها في اللوح المحفوظ.
يقول عليّ بن موسى بن طاووس:
فأسقط بعض المسلمين بعض هذا الكلام وقال: إنّ الله خلق آدم على صورته، فاعتقد التجسيم، فاحتاج المسلمون إلى تأويلات الحديث، ولو نقله بتمامه استغنى عن التأويل وشهد بتصديقه العقل المستقيم(1).
وقال في الصحف:
ا ثمّ جعلها جسداً ملقى على طريق الملائكة الذي تصعد فيه إلى السماء أربعين سنة.
ثمّ ذكر تناسل الجن وفسادهم وهرب إبليس منهم إلى الله وسؤاله أن يكون مع الملائكة وإجابة سؤاله وما وقع من الجن حتّى أمر الله إبليس أن ينزل مع الملائكة لطرد الجن فنزل وطردوهم(2) عن الارض الّتي أفسدوا فيها.
وشرح كيفيّة خلق الروح في أعضاء آدم واستوائه جالساً وأمر الله الملائكة بالسجود فسجدوا له إلاّ إبليس كان من الجنّ فلم يسجد له، فعطس آدم فقال الله: يا آدم قل: الحمد لله ربّ العالمين، فقال: الحمد
____________
(1) من ب. حاشية ع، وفي ع. ض. ط: استغنى عن التأويل بتصديق وشهد العقل المستقيم.
(2) ب: وطردهم.
[17] فصل:
فيما نذكره من القائمة الثامنة من الكراس الخامس، من سؤال إبليس وجواب الله جلّ جلاله، بلفظ ما وجدناه:
قال: ربّ فانظرني إلى يوم يبعثون، قال: لا ولكنّك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم(1)، فإنه يوم قضيته وحتمته(2) أن أطهّر الارض ذلك اليوم من الكفر والشرك والمعاصي، وأنتخب(3) لذلك الوقت عباداً لي امتحنتُ قلوبهم للايمان وحشوتها بالورع والاخلاص واليقين والتقوى والخشوع والصدق والحلم والصبر والوقار والعفاف(4) والزهد في الدنيا والرغبة فيمـا عندي بعد الهدى(5)، وأجعلهم دعاة الشمس والقمر، وأستخلفهم
____________
(1) جاء في القرآن الكريم في سورة الحجر: 15 / 36 ـ 38: (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ).
(2) ب. ط: قضيت وحتمت.
(3) ب: وانتخبت.
(4) من حاشية ع، وفي ع. ض: والفقار، وفي ط: والشعار، وفي ب: والتقى.
(5) في حاشية ع: في الحاشية: يعني المهدي وأصحابه، وفي ع. ض: بغير الهدى، ولم يرد في ب.
____________
(1) جاء في القرآن المجيد في سورة النور: 24 / 55، (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلفَنَّهُمْ فِي الاَْرْض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قبْلِهمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دينَهُمُ الّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شيْئاً).
(2) حاشية ع: ويؤدّون.
(3) ب: بعضهم بعضاً.
(4) ب: اوليائي حقّاً.
(5) ب: لنبيّي.
ثمّ ذكر عن الله جلّ جلاله بعد كلام في التخويف ما هذا لفظ ما وجدناه:
ثمّ قال الله لادم: قم فانظر إلى هؤلاء الملائكة الذين قبالك فانّهم من الذين سجدوا لك فقل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فأتاهم فسلّم عليهم كما أمره الله.
فقالوا: وعليك السلام يا آدم ورحمة الله وبركاته.
فقال الله: هذه تحيّتك يا آدم وتحيّة ذريتك فيمـا بينهم إلى يوم القيامة.
ثمّ ذكر شرح خلق ذرّية آدم وشهادة مَن تكلّف منهم بالربوبيّة والوحدانية لله جلّ جلاله، ثمّ قال ما هذا لفظ ما وجدناه:
ونظر آدم إلى طائفة من ذريّته يتلالا نورهم يسعى(1)، قال آدم(2): ما هؤلاء؟
قال: هؤلاء الانبياء من ذرّيتك.
____________
(1) حاشية ع: يتلالا نورهم وإذا في آخرهم واحد نوره ساطع على نورهم يسعى.
(2) حاشية ع: قال آدم: يا رب.
قال: هم مائة ألف نبيّ وأربعة وعشرون ألف نبيّ المرسلون منهم ثلثمائة وخمسة عشر نبيّاً مرسلاً.
قال: يا ربّ فما بال نور هذا الاخير ساطعاً على نورهم جميعاً؟
قال: لفضله عليهم جميعاً.
قال: ومَن هذا النبيّ يا رب وما اسمه؟
قال: هذا محمد نبيّي ورسولي وأميني ونجيبي ونجيّي وخيرتي وصفوتي وخالصتي وحبيبي وخليلي وأكرم خلقي عليّ وأحبّهم إلي وآثرهم عندي وأقربهم منّي وأعرفهم بي(2) وأرجحهم حلماً وعلماً وإيماناً ويقيناً وصدقاً وبرّاً وعفافاً وعبادةً وخشوعاً وورعاً وسلماً وإسلاماً، أخذتُ له ميثاق حملة عرشي فما دونهم من خلائقي في السماوات والارض بالايمان به والاقرار بنبّوته، فآمن به يا آدم تزدد(3) منّي قربةً ومنزلةً وفضلاً(4) ونوراً ووقاراً.
____________
(1) حاشية ع: قال: كم هم يا ربّ فانّي لا أستطيع أن أحصيهم.
(2) من حاشية ع، وفي ع. ض: لي.
(3) من حاشية ع. ب، وفي ع. ض: تزد.
(4) حاشية ع: وفضيلة.
قال الله: قد أوجبتُ لك(1) يا آدم وقد زدتك فضلا وكرامةً، أنت يا آدم أوّل الانبياء والرسل وابنك محمد خاتم الانبياء والرسل وأوّل من تنشقّ عنه الارض يوم القيامة وأوّل مَن يُكسى ويُحمل إلى الموقف وأوّل شافع وأوّل مشفّع وأوّل قارع لابواب الجنان وأوّل مَن يفتح له وأوّل مَن يدخل الجنة، قد كنّيتك به فأنت أبو محمد.
فقال آدم: الحمد لله الّذي جعل من ذرّيّتي مَن فضله بهذه الفضائل وسبقني إلى الجنّة ولا أحسده.
ثمّ ذكر مشاهدة آدم (عليه السلام) لمن أخرج الله جلّ جلاله من ظهره من جوهر ذريّته إلى يوم القيامة واختياره للمطيعين(2) وإعراضه (عليه السلام) عن العصاة له سبحانه، وذكر خلق حواء(3) من ضلع آدم (عليهما السلام) وقال: ما هذا لفظ ما وجدناه.
ثمّ أمر الله الملائكة فحملت آدم وزوجته حواء على كرسي من نور وأدخلاهما الجنة فوضعا في وسط الفردوس من ناحية المشرق.
ثمّ ذكر حديث إقامة آدم (عليه السلام) خمس ساعات من نهار ذلك اليوم
____________
(1) حاشية ع: لك أجرك.
(2) حاشية ع: للمطيعين لله جلّ جلاله.
(3) ع. ض: حوي، وكذا في سائر الموارد.