قلتُ: لابي جعفر ومثله لابي عبدالله (عليهما السلام)، قوله تعالى: (وَأقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَموُتُ بَلَى)(1).
قال: «بلى فما لمن قال هذا؟»(2).
قال: «سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أو بالّلات والعزّى؟».
قلتُ: جعلتُ فداك حدّثنيه أنت.
قال: «يا أبا محمد(3) لو قام قائم آل محمد لبعث الله قوماً من شيعتهم تتابع سيوفهم على عواتقهم، فبلغ ذلك قوم من شيعتنا لم يموتوا فيقولون: بعث فلان وفلان من قبورهم وهو معهم الامام، فيبلغ ذلك قوم من عدوّنا فيقولون: يا معشر الشيعة ما أكذبهم هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب، لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيامة، فيحكي الله قولهم: (وَأقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ)»(4).
____________
(1) النحل: 16 / 38.
(2) ب: قال: فقال لي: يا أبا بصير ما تقول في هذه الاية؟ قال: قلت: إنّ المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أن الله لا يبعث الموتى، قال: فقال: تبّاً لمن قال هذا.
(3) ب: بصير.
(4) ومثله في تفسير العياشي: 2 / 259.
يقول عليّ بن موسى بن طاووس:
قد تقدّم ما ذكرناه في الرجعة، ومن العجب إحالتها عند المخالف، وهو قريب مما أنكره غيرهم من البعث، ومن صدّق بحال الامم الماضية من لفظ القرآن عرف أنّ الله ردّ خلقاً كثيراً بعد الموت في الحياة الدنيا، وكلّ داخل تحت قدرة الله جلّ جلاله ممكن، والنوم أخو الموت وقد سمّاه الله تعالى وفاة وسمّى اليقظة بعثاً.
[37] فصل:
فيما نذكره من كتاب تفسير القرآن عن أهل بيت رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين، رواية أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة، وهو من مجلّد واحد قالب الربع، ذكر فيه في الوجهة الثانية من القائمة الثانية من الكراس الثالث ما هذا لفظه:
النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، في قول الله: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أنّى يُحْيِ هَـذِهِ اللهُ بَعْدَ مَـوْتِهَا)(1).
قال: إنّ الله بعث من بني إسرائيل نبيّاً يقال له أرميا، فقال: قل لهم ما بلد تنقيته من كرام البلدان وغرس فيه من كرام الغروس نقيته من كلّ غريبة، وأخلف فأنبت خُرنوباً(2) قال: فضحكوا منه واستهزءوا به.
____________
(1) البقرة: 2 / 259.
(2) نبت معروف.
فشكاهم إلى الله، فأوحى الله إليه أن قل لهم: البلد بيت المقدس والغرس بنو إسرائيل، نقيته من كلّ غريبة ونحّيتُ عنهم كلّ جبار، فاختلفوا فعملوا بمعاصي الله، فلاسلّطن عليهم في بلدانهم من يسفك دماءهم ويأخذ أموالهم، فان بكوا لم أرحم بكاءهم، وإن دعوا لم أستجب دعاءهم، بسلتهم وبسلت(1) أعمالهم، ثمّ لاخربنها مائة عام، ثمّ لاعمرنها.
فلمّا حدّثهم جزَعَت العلماء فقالوا: يا رسول الله فما ذنبنا نحن ولم نعمل بعملهم؟ فعاود لنا ربك.
فصام سبعاً فلم يوح إليه شيء، فأكل أكلة ثمّ صام سبعاً فلم يوح إليه شيء، ثمّ صام سبعاً، فلما كان يوم إحدى وعشرين يوماً أوحى الله إليه: لترجعن عما تصنع أن تراجعني(2) في أمر قد قضيته أو لاردن وجهك على دبرك، ثمّ أوحى إليه: إنّكم رأيتم المنكر فلم تنكروه.
فسلّط عليهم بخت نصر يصنع بهم ما قد بلغك(3)، ثمّ بعث بخت نصر إلى النبيّ فقال: إنّك قد بيّنتَ(4) عن ربّك
____________
(1) وفي تفسير العيّاشي: فشّلتهم وفشّلت.
(2) ع. ض: لتراجعني، والمثبت من حاشية ع.
(3) ض: بلغت.
(4) حاشية ع: تبيّنتَ.
قال: بل أخرج، فتزوّد عصيراً وتيناً، ثمّ خرج، فلمّا أن كان مدّ البصر التفتَ إليها قال: (أنَّى يُحْي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَام)، أماته غدوة وأحياه عشية قبل أن تغيب الشمس، فكان أول شيء خلق منه عيناه في مثل غِرقئ البيض(1).
ثمّ قيل له: (كَمْ لَبِثْتَ قَالَ... يَوْماً)، فلمّا نظر إلى الشمس لم تغب قال: (أوْ بَعْضَ يَوْم قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَام فَانْظُرْ إلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إلَى حِمَارِكَ... وَانْظُرْ إلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً)، فجعل ينظر إلى عظامه كيف يصل بعضها إلى بعض ويرى العروق كيف تجري.
فلمّا استوى قائماً قال: أشهد (أنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ)(2).
[38] فصل:
فيما نذكره من تفسير أبي عباس ابن عقدة أيضاً، من الوجهة الاوّلة من الكراس السادس بلفظه:
عليّ بن الحسن، قال: حدّثنا عمرو بن عثمان، عن الحسن
____________
(1) الغِرقئ: بياض البَيض الذي يؤكل.
(2) مثله في تفسير العياشي: 1 / 140 ـ 141.
«وجدنا في كتاب عليّ (عليه السلام): أنّ قوماً من أهل أيْلة(1) من قوم ثمود وأنّ الحيتان كانت سبقت لهم يوم السبت ليختبر الله عزّوجلّ طاعتهم في ذلك، فشرعت لهم يوم سبتهم في ناديهم وقدّام أبوابهم في أنهارهم وسواقيهم، فتبادروا إليها وأخذوا يصطادونها ويأكلونها، فلبثوا بذلك ما شاء الله لا ينهاهم الاحبار ولا تمنعهم العلماء من صيدها.
ثمّ أنّ الشيطان أوحى إلى طائفة منهم: إنّما نهيتم عن أكلها يوم السبت ولم تنهوا عن صيدها، فاصطادوها يوم السبت وأكلوها في ما سوى ذلك من الايام.
فقالت طائفة منهم: إلاّ أن تصطادوها(2)، فعتت.
وانحازت طائفة منهم أخرى ذات اليمين، فقالوا: الله الله، ننهاكم عن عقوبة الله أن تتعرضو لخلاف أمره.
واعتزلت طائفة منهم ذات اليسار فسكتت(3) ولم تعظهم، وقالت للطائفة الّتي وعظتهم (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ
____________
(1) مدينة على ساحل بحر القُلْزُم ممّا يلي الشام. معجم البلدان 1 / 422.
(2) ب: فقالت طائفة منهم: الان نصطادها.
(3) ب: فتنكبت.
قالت الطائفة التي وعظتهم: (مَعْذِرَةً إلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).
قال الله تبارك وتعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا)، يعني: لما تركوا ما وعظوا به ومضوا على الخطيئة، قالت الطائفة التي وعظتهم: لا والله لانجامعكم ولا نبايتكم الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم الله عزّوجلّ فيها مخافة أن ينزل بكم البلاء فيعمّنا معكم.
قال: فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء، فنزلوا في ميامن المدينة(1)، فباتوا تحت السماء.
فلمّا أصبح أولياء الله عزّوجلّ المطيعون لله تبارك وتعالى، غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية، فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت، فدقّوه فلم يجابوا ولم يسمعوا منها حسّ أحد، فوضعوا سلّماً على سور المدينة ثمّ أصعدوا رجلاً منهم، فأشرف المدينة فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون.
فقال الرجل لاصحابه: يا قوم أرى والله عجباً!
قالوا: وما ترى؟
قال: أرى القوم قد صاروا قردةً تعاوى لها أذناب.
____________
(1) ب: قريباً من المدينة.
فقال عليّ: والله الّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنّي لاعرف أشباهها من هذه الامّة لا ينكرون ولا يغيّرون، بل تركوا ما أمروا به فتفرّقوا، وقد قال الله تبارك وتعالى فـ (بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(2)، فقال الله تبارك وتعالى: فـ (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَاب بَئِيس بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)»(3) (4).
يقول عليّ بن طاووس:
إنّي وجدتُ في نسخة حديثاً(5) غير هذا:
إنّهم كانوا ثلاث فرق: فرقة باشرت المنكر، وفرقة أنكرت عليهم، وفرقة داهنت أهل المعاصي فلم تنكر ولم تباشر المعصية، فنجّى الله الّذين أنكروا، وجعل الفرقة المداهنة ذراً، ومسخ الفرقة المباشرة للمنكر قردة.
____________
(1) ب: أنسابها، وكذا في المورد الاتي.
(2) هود: 11 / 44.
(3) الاعراف: 7 / 164 ـ 165.
(4) ومثله في تفسير القمي: 1 / 244.
(5) ع. ض: حديث.
أقول:
ولعلّ مسخ المداهنة ذراً كأنه: أنّكم صغّرتم عظمة الله وهوّنتم بحرمة الله وعظّمتم أهل المعاصي وأعظمتم حرمتهم ورضيتم بحفظ حرمتكم بتصغير حرمتنا فعظّمتم ما صغّرنا وصغّرتم ما عظّمنا، فمسخناكم ذراً تصغيراً لكم عوض تصغيركم لنا.
أقول:
واعلم أنّ المصغّرين لما عظمه الله والمعظّمين لما صغّره وإن لم يمسخوا قردة، في هذه الامّة ذراً، فقد مسخوا في المعنى ذراً عند الله جلّ جلاله وعند رسوله (صلى الله عليه وآله) وعند مَن يصغّر ما صغّر الله ويعظّم ما عظّم الله، فإنّهم في أعينهم كالذر وأحقر من الذرّ، بل ربما لا يتناهى مقدار تصغيرهم وتحقيرهم.
[39] فصل:
فيما نذكره من تفسير أبي العباس ابن عقدة، من الوجهة الثانية من القائمة السابعة من الكراس السابع منه بلفظه:
عثمان بن عيسى، عن المفضل(1) عن جابر قال:
قلتُ لابي عبدالله (عليه السلام): ما الصبر الجميل؟
قال: «ذاك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس، إنّ إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان عابد من العباد في حاجة.
فلمّا رآه الراهب حسبه إبراهيم، فوثب إليه فاعتنقه وقال: مرحباً بك يا خليل الرحمن.
____________
(1) ب: الفضل.
فقال له الراهب: فلما بلغ بك ما أرى من الكبر؟
قال: الهمّ والحزن والسقم.
فما جاوز صغير(1) الباب حتّى أوحى الله إليه: يا يعقوب شكوتني إلى العباد.
فخرّ ساجداً على عتبة الباب يقول: ربّ لا أعود.
فأوحى الله إليه: إنّي قد غفرتها لك فلا تعودنّ لمثلها.
فما شكى شيئاً ممّا أصابه من نوائب الدنيا إلاّ أنّه قال: (إنَّما أشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إلَى اللهِ وَأعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)(2)»(3).
[40] فصل:
فيما نذكره من كتاب تفسير عن أهل البيت صلوات الله عليهم، قد سقط أوّله وآخره، مجلّداً واحداً، خطّه عتيق دقيق، قالب الطالبي، نحو عشرين كرّاساً أو أكثر، فيه روايات غريبة، نذكر من الوجهة الاوّلة من القائمة الحادية عشر ما هذا لفظه:
____________
(1) ب. ط: عتبة.
(2) يوسف: 12 / 86.
(3) مثله في تفسير العياشي: 2 / 188.
«أنّه لمّا رجع إخوة يوسف إلى أبيهم بقميصه ملطّخاً بالدم وقالوا: نقول إنّ الذئب أكله.
فقال لهم أخوهم لاوي وهو أكبرهم: ألسنا نؤمن أنّ أبانا هو إسرائيل الله عزّوجلّ ابن إسحاق نبيّ الله بن إبراهيم خليل الله؟! أفتظنّون أنّ الله عزّوجلّ يكتم هذا الخبر عن أبينا قالوا: فما الحيلة؟
؟
قال بعضهم: نغتسل ونصلّي جماعة ثمّ نتضرّع إلى الله عزّوجلّ أن يخفي هذا الخبر عن يعقوب، فإنّه جواد كريم، ففعلوا ذلك.
وكان سنّة إبراهيم وإسحاق: أنّهم لا يصلّون جماعة حتّى يبلغوا أحد عشر رجلاً فيكون واحد إمامهم وعشرة يصلّون خلفه.
فقال إخوة يوسف: كيف نصنع ونحن عشرة وليس لنا إمام؟
فقال لاوي: الله إمامنا.
فصلّوا كذلك وتضرّعوا إلى الله تعالى وبكوا وسألوا الله عزّوجلّ أن يخفي عن يعقوب علم ذلك.
____________
(1) ع. ض: ابن خاله، بدلاً من: رجاله، والمثبت من حاشية ع. ط.
فأجابهم يعقوب: (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أنْفُسُكُمْ أمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)(1).
ثمّ قال لهم يعقوب: ما كان أشفق هذا الذئب على القميص وأشدّه على يوسف إذ أكله ولم يخرق القميص»(2).
[41] فصل:
فيما نذكره من كتاب تفسير للقرآن، عتيق مجلّد، عليه مكتوب: كتاب تفسير القرآن وتأويله وتنزيله وناسخه ومنسوخه وأحكامه(3) ومتشابهه وزيادات حروفه وفضائله وثوابه بروايات(4) الثقات عن الصادقَيْن من آل رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين، نذكر من الوجهة الثانية من القائمة من الكراس الرابع منه في تفسير سورة المائدة بلفظه:
حفص، عن عبد السلام الاصفهاني، عن أبي جعفر عليه وعلى آبائه السلام، في قوله: (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أوْفُوا
____________
(1) يوسف: 12 / 17 ـ 18.
(2) راجع: تفسير القمي: 1 / 341 ـ 342.
(3) كذا في النسخ، والظاهر أنّ الصحيح: ومحكمه.
(4) ض. ط: وروايات، وما أثبتناه هو ما استظهرناه من ع.
«إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخذ لعليّ (عليه السلام)بما أمر أصحابه وعقد له عليهم الخلافة في عشر مواطن، ثمّ أنزل الله عليه: (يَا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أوْفُوا بِالْعُقُودِ)، يعني: الّتي عقدتُ عليهم لعليّ أمير المؤمنين»(2).
[42] فصل:
فيما نذكره من مجلّد، قالب الثمن عتيق، عليه مكتوب: فيه مقرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمد وزيد ابني عليّ بن الحسين وجعفر ابن محمد وموسى بن جعفر صلوات الله عليهم، من الوجهة الثانية من القائمة الثالثة من الكراس الثالث بلفظه:
حدّثني أبو العباس، قال: أخبرنا الحسن بن القاسم، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، قال: حدّثني أبي، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبدالله:
(لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)(3)، بميم واحدة.
[43] فصل:
فيما نذكره من مجلّد، قالب الثمن عتيق، عليه مكتوب: الاول من تفسير أبي جعفر محمد بن عليّ بن
____________
(1) المائدة: 5 / 1.
(2) ومثله في تفسير القمي: 1 / 160.
(3) آل عمران: 3 / 92.
«وأمّا قوله: (إنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً)(2)، وذلك أنّ رجلين من بني إسرائيل وهما أخوان، وكان لهما ابن عم أخ أبيهما، وكان غنيّاً مكثراً، وكانت لهما ابنة عم حسناء شابّة كانت مثلاً في بني إسرائيل بحسنها وجمالها، خافا أن ينكحها ابن عمّها ذلك الغني، فعمدا فقتلاه، فاحتملاه فألقياه إلى جنب قرية ليتبرّأوا(3) منه، وأصبح القتيل بين ظهرانيّهم، فلمّا غمّ عليهم شأنه ومَن قتله قال أصحاب القرية الذين(4) وجد عندهم: يا موسى أدع الله أن يطلع على قاتل هذا الرجل، ففعل موسى».
ثمّ ذكر ما ذكره الله جلّ جلاله في كتابه، وقال ما معناه:
«إنّهم شدّدوا فشدّد الله عليهم، ولو ذبحوا في الاول أيّ بقرة كانت كافية، فوجدوا البقرة لامرأة فلم تبعها لهم إلاّ بملء جلدها ذهباً، وضربوا المقتول ببعضها فعاش فأخبرهم بقاتله فأخذا فقتلا(5) فأهلكا في الدنيا وهلكوا بقتله دنيا
____________
(1) احتمل البعض كونه تفسير أبي الجارود عن الباقر (عليه السلام)، فتأمّل.
(2) البقرة: 2 / 67.
(3) ط: ليستريحوا، ب: ليبرأوا.
(4) ع. ض: الذي، والمثبت من ب. ط.
(5) حاشية ع: فعاش وأخبرهم بقاتليه فأخذا وقتلا.
[44] فصل:
فيما نذكره من الجزء الثاني من تفسير أبي جعفر محمد بن عليّ بن الحسين (عليه السلام)، من ثاني عشر سطر منه من وجهة أوله منه بلفظه:
«وأمّا قوله: (إنّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أنْ تُؤَدُّوا الاْمَانَاتِ إلَى أهْلِهَا)(1)، فهذه الاية في أمر الولاية أن تسلّم إلى آل محمد (صلى الله عليه وآله)».
[45] فصل:
فيما نذكره من الجزء الثالث من تفسير الباقر (عليه السلام)، من وجهة ثانية من ثاني سطر بلفظه:
«وأمّا قوله: (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)(2)، يقول: كونوا مع عليّ بن أبي طالب وآل محمد، قال الله تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) وهو حمزة بن عبد المطلب، (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) وهو عليّ بن أبي طالب، يقول الله (وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)(3)، وقال الله: (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) وهم ها هنا آل محمد.
[46] فصل:
فيما نذكره من الجزء الرابع منه، من تفسير قوله
____________
(1) النساء: 4 / 58.
(2) التوبة: 9 / 119.
(3) الاحزاب: 33 / 23.
«فبلغنا أنّ عثمان بن مظعون الجحمي قال: نزلت هذه الاية على النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأنا عنده.
قال: مررتُ عليه وهو بفناء بابه، فجلستُ إليه، فبينا هو يحدّثني أذ رأيت بصره شاخصاً إلى السماء حتّى رأيتُ طرفه قد انقطع، ثمّ رأيته خفضه(2) حتّى وضعه عن يمينه، ثمّ ولاّني ركبته وجعل ينفض برأسه كأنّه أُلهم(3) شيئاً.
فقال(4): ثمّ رأيته أيضاً رفع طرفه إلى السماء ثمّ خفظه عن شمال(5)، ثمّ أقبل إليّ محمرّ الوجه يفيض عرقاً.
فقلت: يا رسول الله ما رأيتك فعلتَ الّذي فعلت اليوم، ما حالك؟
قال: ولقد رأيته؟
قلت: نعم.
____________
(1) النحل: 16 / 90.
(2) ع: يفضه.
(3) حاشية ع: يفهم.
(4) ع. ض. ط: فقال له، والمثبت من ب.
(5) حاشية ع: يساره.
قال عثمان: فقمتُ من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) معجباً بالّذي رأيتُ، فأتيتُ أبا طالب فقرأتهما عليه، فعجب أبو طالب فقال: يا آل غالب إتّبعوه ترشدوا(1) وتفلحوا، فو الله ما يدعو إلاّ إلى مكارم الاخلاق، لئن كان صادقاً أو كاذباً ما يدعو إلاّ إلى الخير».
أقول:
ورأيت في غير هذا التفسير:
أنّ هذا العبد الصالح قال: كان أول إسلامي حبّاً(2) من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثمّ تحقّق إسلامي ذلك اليوم لمّا شاهدتُ الوحي إليه(3).
[47] فصل:
فيما نذكره من الجزء الخامس منه، من وجهة أوّله من ثاني سطر منها بلفظه:
«وكانت عصى موسى هي عصى آدم (عليه السلام)، بلغنا ـ والله أعلم ـ أنّه هبط بها من الجنة، كانت من عوسج الجنة،
____________
(1) حاشية ع: تزيدوا.
(2) ع: حياءاً.
(3) راجع عن عثمان بن مظعون وإسلامه وما جرى بينه وبين رسول الله في مشاهدته للوحي: مسند أحمد: 1 / 318، المنتظم: 3 / 190، بحار الانوار: 22 / 112 عن قصص الانبياء، «عثمان بن مظعون» مقال نشر في مجلة ميقات الحج العدد: 2، الصفحة 119 ـ 149.
وبلغني أنّها كانت في فراش شعيب صلوات الله عليه فدخل موسى فأخذها.
فقال له شعيب: لقد كنتَ عندي أميناً، أخذت العصا بغير أمري.
قال له موسى: إنّ العصى لولا أنّها لي ما أخذتها.
فأقرّ شعيب ورضي وعرف أنّه لم يأخذها إلاّ وهو نبيّ».
أقول:
وروي في أخذ موسى للعصى غير هذا الوجه، ولم نقصد ذكر كلّما نعرفه من اختلاف الروايات.
[48] فصل:
فيما نذكره من كتاب قصص الانبياء صلوات الله عليهم، جمع الشيخ السعيد هبة الله بن الحسن الراوندي (رحمه الله)(1)، قصّة إدريس، أوّلها من الوجهة الثانية من القائمة الخامسة والعشرين من أول المجلّد بلفظه وإصلاح كلمات فيه:
أخبرنا السيد أبو(2) الصمصام ذو الفقار أحمد بن سعيد(3) الحسني(4)، حدّثنا الشيخ أبو جعفر الطوسي،
____________
(1) ومرّ في فهرس الكتاب: جمع الشيخ الشهيد سعيد بن هبة الله الراوندي.
(2) ض. ط: ابن.
(3) في المصدر: معبد.
(4) ع. ض: الحسيني، والمثبت من حاشية ع. ط. المصدر.