قال: فبينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم قد خرج فبدا(1) مع الناس نحو حراء، وقد صنعت له خديجه طعاماً، فأرسلت في طلبه فلم تجده، فطلبته في بيت أعمامه وعند أخواله فلم تجده، إذ أتاها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متغيّراً وجهه، فظنّت خديجة أنّه غبار على وجهه، فجعلت تمسح الغبار عن وجهه فلم يذهب، فإذا هو كسوف.
فقالت: ما بالك يابن عبدالله؟
قال: «أرأيتك الّذي أخبرتك أنّي أسمعه، قد والله بدا لي اليوم، بينا أنا قائم(2) على حرّاء إذ أتاني آت فقال: أبشر يا محمد، فإنّي جبرئيل وأنت رسول هذه الامّة، ثمّ أخرج قطعة نمط(3) فقال لي: اقرأه، قلت: والله ما قرأت كتاباً قطّ وإنّي لامّي، قال: فغنني غنّة ثمّ أقلع عني فقال: اقرأه، قلت: والله ما قرأتُ قطّ ولا أرى شيئاً أقراه، فقال: (اْقرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الّذِي خَلَقَ خَلَقَ الاْنْسَانَ مِنْ عَلَق) حتّى بلغ إلى قوله: (عَلَّمَ الاْنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)(4) حتّى انتهى إلى هذا
____________
(1) ط: فذهب.
(2) ع. ض: بذاك اليوم أنا قائم.
(3) ط: خط.
(4) العلق: 96 / 1 ـ 5.
فقالت له خديجة: ألم أخبرك أنّ ربّك لا يصنع بك إلاّ خيراً.
ثمّ انطلقت إلى عدّاس الراهب وهو غلام شيبة بن ربيعة، فقال لها حين رآها: ما لَكِ يا سيّدة نساء قريش؟ وكانت تسمّى بهذا الاسم.
قالت: أنشدك بالله يا عدّاس هل سمعت فيما سمعت بجبرئيل؟
فقال عداس الراهب(3): ما لك ولجبرئيل تذكرينه بهذا البلد؟
فذكرت له ما أخبرها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
فقال: نعم، إنّه والله لرسول الله.
ثمّ انطلقت إلى ورقة بن نوفل بن أسد ـ وهو ابن عمّها لحاً،
____________
(1) ع. ض: فيها، والمثبت من حاشية ع.
(2) ع. ض: توضّه.
(3) كذا في ط، وفي ع: عداس ظاهى، وفي ض: عداس ظاهر.
فقال لها: وما ذاك؟
فذكرت له الّذي كان من أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم.
فقال لها: والله لئن كانت رِجلا جبرئيل استقرّتا على الارض لقد نزل على خير خلق الله، إرسلي محمّداً إليّ.
فوجّهت إليه فأرسلته فأتاه.
فقال له ورقة: وهل أخبرك جبرئيل بشيء؟
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا».
فقال: أمرك أن تدعو أحداً؟
فقال: «لا».
فقال ورقة: والله لئن بعثت لا القاني(1) الله عذراً في نصرتك، فمات قبل أن يدعو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يدركه وفشى أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
فبينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قائماً يصلّي إذ(2) طلع عليه عليّ بن أبي طالب، وذلك بعد إسلام خديجة بثلاثة أيام، فقال ما هذا يا محمد؟
____________
(1) كذا في ط، وفي ع. ض: لا يليني، وفي حاشية ع: لا بلين.
(2) ع. ض: أن، والمثبت من ط.
فقال: إنّ هذا دين يخالف دين أبي، فحتّى أنظر.
فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «انظر واكتم عليّ» فكتم عليه يومه، ثمّ أتاه فآمن به وصدّقه.
وفشى الخبر بمكّة أنّ محمّداً قد جنّ، فنزل (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ)(1) إلى خمس آيات، وهي الثانية ممّا نزل.
فلم يزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلّي ركعتين، حتّى كان قبل خروجه من مكّة إلى المدينة بسنة، ثمّ فرضت عليه الصلاة أربعاً، فصلّى في السفر ركعتين وصلاة المقيم أربعاً.
[122] فصل:
فيما نذكره من الجزء الاوّل من مختصر تفسير الثعلبي، من الوجهة الاوّلة من القائمة الثانية من سابع كرّاس، في تفسير قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ)(2)، فقال ما هذا لفظه:
إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا أراد الهجرة خلّف عليّاً صلوات الله عليه(3) بمكّة لقضاء ديونه الّتي كانت عنده،
____________
(1) القلم: 68 / 1.
(2) البقرة: 2 / 207.
(3) حاشية ع: رضي الله عنه.
فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل (عليهما السلام) إنّي آخيتُ بينكما وجعلتُ عمر أحدكما أطول من عمر الاخر، فأيّكما يؤثر صاحبه الحياة؟»، فاختارا كلاهما الحياة، فأوحى الله عزّوجلّ إليهما: «أفلا كنتما مثل عليّ بن أبي طالب آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة؟ إهبطا إلى الارض فاحفظاه من عدوّه، فنزلا، فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه وجبرئيل ينادي: بخ بخ مَن مثلك يابن أبي طالب باهى الله عزّوجلّ بك الملائكة.
فأنزل الله تعالى على رسوله وهو متوجّه إلى المدينة في شأن عليّ: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ)الاية.
أقول:
قوله في الحديث: «فانّه لا يصل إليك منهم مكروه»، زيادة وليست منه، ولو كان قد قال له ذلك كيف كان يقول في الحديث عن الله
____________
(1) ط: الحضرمي.
(2) حاشية ع: بإذن الله.
[123] فصل:
فيما نذكره من الجزء الثاني من مختصر تفسير الثعلبي، من الوجهة التي فيها سورة النور في ثاني سطر بعد ذكر السورة بلفظه:
وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ أعمال أمّتي تعرض عليّ في كلّ جمعة مرّتين، فاشتدّ غضب الله على الزناة».
[124] فصل:
فيما نذكره من الجزء الاول من حقائق التفسير، لابي عبد الرحمن السلمي، من الوجهة الاوّلة من القائمة الثامنة من الكرّاس الثاني، في تفسير قوله تعالى: (يَا بَنِي إسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ)(1)، قال:
بعضهم ربط(2) بني إسرائيل بذكر النعم وأسقط عن أمّة محمد صلّى الله عليه وسلّم ذلك ودعاهم إلى ذكره فقال: (اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)(3) ليكون نظر الامم من النعم إلى المنعم ونظر أمّة محمدصلّى الله عليهوسلّم من المنعم إلى النعمة.
____________
(1) البقرة: 2 / 40 و 47 و 122.
(2) حاشية ض: رهط.
(3) البقرة: 2 / 152.
أقول:
وهذا الكتاب عندنا منه الان المجلّد الاول فحسب، وهو على هذا النحو من التأويل.
[125] فصل:
فيما نذكره من كتاب زيادات حقائق التفسير(5)، لابي عبد الرحمن محمد بن الحسين(6) السلمي، من الوجهة الاوّلة من القائمة العاشرة بلفظة ما ننقله منه:
قوله تعالى: (ألم ذَلِكَ الْكِتَابُ)(7)، قال جعفر بن
____________
(1) الانعام: 6 / 75.
(2) ع. ض: سرّ، والمثبت من ط.
(3) الفرقان: 25 / 45.
(4) حقائق التفسير، الحديث رقم 55 من تفسير سورة البقرة.
وهو في طريقه إلى الطبع كما ذكره أتان گلبرگ.
(5) قيل: هذا الكتاب تحت الطبع، والمطلب المذكور هنا يقع في الصفحة السادسة منه الرقم 19.
(6) ب: الحسن.
(7) البقرة: 2 / 1 ـ 2.
ومن الوجهة الثانية من القائمة المذكورة بلفظه:
أخبرنا عمر بن شاهين، حدّثنا موسى بن عبدالله، حدّثنا بن أبي سعيد، حدّثني محمد بن حاتم المؤدّب، حدثنا أحمد ابن غسان، حدثنا حامد بن يونس، عن عبدالله بن سعد قال: عرضت الاحرف المعجمة على الرحمن وهي تسعة وعشرون حرفاً، فتواضع الالف من بين الحروف، فشكر الله تعالى له تواضعه فجعله قائماً وجعله مفتاح كلّ إسم من أسمائه.
[126] فصل:
فيما نذكره من مجلّد آخر ابتعناه(2) ووقفناه، من تفسير الكلبي، يشتمل عليه سبعة أجزاء، أوّلها الثامن عشر إلى آخر الرابع والعشرين، وقد تقدّم ما اخترناه(3) من الثامن عشر والتاسع عشر، فنبدأ هاهنا بما نختاره من الجزء العشرين من التفسير في هذه المجلّدة، من الوجهة الاوّلة من القائمة العاشرة بلفظه:
محمّد(4)، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس:
____________
(1) ع. ض: سواها، والمثبت من ط.
(2) ع. ض: معناه، والمثبت من حاشية ع.
(3) كذا في ط، وفي ع. ض: أخبرناه.
(4) ع. ض: فحد، ط: حدّثني، والمثبت من حاشية ع.
قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «وما كان شدّة غضبك عليه يا جبرئيل؟».
قال: لقوله (أنَا رَبُّكُمُ الاَْعْلَى)(3)، وهي كلمة الاخرة منهما، وإنّما قالها حين انتهى إلى البحر وكلمته: ما علمتُ لكم من إله غيري، فكان بين الاولى والاخرة أربعون سنة، وإنّما قال ذلك لقومه: (أنَا رَبُّكُمُ الاْعْلَى) حين انتهى إلى البحر فرآه قد يبست فيه الطريق، فقال لقومه: ترون البحر قد يبس من فرقي، فصدّقوه لمّا رأوا ذلك، فذلك قوله: (وَأضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى)(4).
[127] فصل:
فيما نذكره من الجزء الحادي والعشرين من تفسير محمد بن السائب الكلبي، من سورة الرعد، أوّله من الوجهة الثانية من
____________
(1) يونس: 10 / 90.
(2) ط: أدفنته.
(3) النازعات: 79 / 24.
(4) طه: 20 / 79.
محمد، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال:
أقبل عامر بن الطفيل وزيد(2) بن قيس ـ وهما عامريان ابنا عم ـ يريدان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو في المسجد جالس في نفر من أصحابه.
قال: فدخلا المسجد، فاستشرف الناس لجمال(3) عامر بن الطفيل ـ وكان من أجمل الناس أعور ـ فجعل يسأل أين محمد؟ فيخبرونه، فيقصد نحو رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: هذا عامر بن الطفيل يا رسول الله فأقبل حتّى قام عليه فقال: أين محمد؟
فقالوا: هو ذا.
قال: أنت محمد؟
قال: «نعم».
فقال: ما لي إن أسلمت؟" .
قال: «لك ما للمسلمين وعليك ما على المسلمين».
____________
(1) الرعد: 13 / 13.
(2) ب: وأربد.
(3) ب: بجمال.
قال: «ليس ذلك لك ولا لقومك، ولكن ذاك إلى الله تعالى جلّ وعزّ يجعل حيث يشاء».
وقال: فتجعلني على الوبر ـ يعني: على الابل ـ وأنت على المدر؟
قال: «لا».
قال: فماذا تجعل لي؟
قال: «أجعل لك أعنّة الخيل تغزو عليها».
قال: أو ليس ذلك(1) لي اليوم؟ قم معي فأكلّمك.
قال: فقام معه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأوصى لزيد(2)ابن قيس ابن عمّه: أن اضربه(3).
قال: فدار زيد(4) بن قيس خلف النبي صلّى الله عليه وسلّم، فذهب ليخترط السيف، فاخترط منه شبراً أو ذراعاً، فحبسه الله عزّوجلّ فلم يقدر على سلّه، فجعل عامر يومي إليه فلا يستطيع سلّه.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللّهم هذا عامر بن الطفيل
____________
(1) حاشية ع: ذاك.
(2) ب: وأومأ لاربد.
(3) ض: بن قيس بن عمران اضربه.
(4) ب: أربد، وكذا في الموارد الاتية.
قال: وأرسل(3) الله على زيد بن قيس صاعقة فأحرقته، ورأى(4) عامر بن الطفيل بيت سلوليّة فنزل عليها فطعن في خنصره، فجعل يقول: يا عامر غدة كغدة البعير وتموت في بيت سلوليّة، وكان يعيّر(5) بعضهم بعضاً بنزوله على سلول ذكراً كان أو أنثى(6).
قال: فدعا عامر بفرسه فركبه، ثمّ أجراه حتّى مات على ظهره خارجاً من منزلها.
فذلك قول الله جلّ وعزّ: (فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللهِ) في آيات الله (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ)(7)يقول العقاب، فقتل عامر بن الطفيل بالطعنة وقتل
____________
(1) ب: أوعر، حاشية ع: أو اعز.
(2) ع. ض: ثمّ سبب، ب: اكفنيهما بما شئت، والمثبت من ط.
(3) ع. ض: ويرسل.
(4) ع: وأري.
(5) ع: يغير.
(6) حاشية ع: ذكراً كان منهم أم أنثى.
(7) الرعد: 13 / 13.
[ ] فصل:
فيما نذكره من الجزء الثاني والعشرين من تفسير الكلبي، من الوجهة الثانية من القائمة الثانية منه، من تأويل: (جَنَّاتُ عَدْن)(2) بلفظه:
حدثنا محمّد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال:
هي دار الرحمن، خلقها وهي بطنان الجنّة، وبطنانها وسطها، وهي الدرجة العليا والجنان حولها جنّة الرحمن وفيها عين التسنيم وأهلها الصديقون والشهداء والصالحون (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ) ومن كان صالحاً من آباء المسلمين (وَأَزْوَاجِهِمْ وُذُرِّيَّاتِهِمْ) دخلها (وَالْمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَاب).
قال ابن عباس: لهم خيمة من درّ مجوّفة طولها فرسخ وعرضها فرسخ لها أربعة آلاف باب مصراع من ذهب يدخلون عليهم كلّ باب ملائكة يقولون: (سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ)على أمر الله (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) الجنة بأعمالكم الّتي عملتم في الدنيا.
____________
(1) وعنه باختصار في مجمع البيان: 6 / 283.
(2) الرعد: 13 / 23.
ووردت الاية أيضاً في التوبة: 9 / 72، النحل: 16 / 31، الكهف: 18 / 31، مريم: 19 / 61، طه: 20 / 76، فاطر: 35 / 33، سورة ص: 38 / 50، غافر: 40 / 8، الصف: 61 / 12، البينة: 98 / 8.
[128] فصل:
فيما نذكره من الجزء الثالث والعشرين من تفسير محمد بن السائب الكلبي، من حديث أصنام كانت في الحجر لمّا فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكّة، وهو من سادس سطر من قائمة منه بلفظه:
وذاك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا فتح مكّة وجد في الحجر أصناماً مصفوفة حوله ثلثمائة وستين صنماً، صنم كلّ قوم بحيالهم، ومعه مخصرة بيده، فجعل يأتي الصنم فيطعن في عينيه أو في بطنه، ثمّ يقول: (جَاءَ الْحَقُّ)يقول ظهر الاسلام(1) (وَزَهَقَ الْبَاطِلُ) يقول وهلك الشرك وأهله والشيطان وأهله (إنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً)(2)يقول هالكاً، فجعل الصنم ينكب لوجهه إذا قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذلك، فجعل أهل مكّة يتعجّبون ويقولون فيما بينهم: ما رأينا رجلاً أسحر من محمد.
[129] فصل:
فيما نذكره من الجزء الرابع والعشرين من تفسير الكلبي، من السطر الثامن من قائمة منه:
محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال:
إنّ قريشاً أجمعوا، منهم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل السهمي وأبو جهل بن هاشم وأميّة وأبيّ ابنا خلف والاسود
____________
(1) حاشية ع: الاسلام والقرآن.
(2) الاسراء: 17 / 81.
فلمّا قدموا المدينة أتوا أحبارهم وعلماءهم فوجدوهم قد اجتمعوا في عيد لهم، فسألوهم عنه ووصفوا مخرجه ونعته(2) ومبعثه وأنّه يزعم أنّه رسول الله وخاتم النبوة بين كتفيه، ونحن نزعم أنّ مسيلمة الكذاب يعلمه، فما تقولون؟(3).
فقالوا: إن كان كما وصفتموه فهو نبيّ مرسل وأمره حقّ فاتّبعوه.
ثمّ ذكر الكلبي ما معناه(4):
ما علموهم من رسول الله (عليه السلام) عن ذي القرنين وعن أصحاب الكهف وعن الروح، وقالوا: إن كان نبيّاً فهو يخبركم عن
____________
(1) حاشية ع: أظهرها.
(2) ع. ض: ولقبه، والمثبت من حاشية ع.
(3) حاشية ع: ونحن نزعم أن مسيلمة الكذاب يعلّمه ما يقول، فما تقولون.
(4) ما معناه، محذوف في حاشية ع.
أقول:
فإنّ مرض الحسد لا ينفع مع إقامة الحجج والدلائل، وهو سقم قاتل.
[130] فصل:
فيما نذكره من مجلّد لم يذكر اسم مصنّفه، أوّله عن ابن عباس (رضي الله عنه)، نذكر منه من رابع سطر من قائمه منه بلفظه:
(وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ) يأمرون بالحقّ (وَبِهِ) وبالحق (يَعْدِلُونَ) يعملون وهم الذين من ورائهم الرسل (وَقَطَّعْنَاهُمُ) وفرّقناهم (اثْنَتَيْ عَشْرةَ أَسْبَاطاً أُمَماً)(1) سبطاً سبطاً تسعة أسباط ونصف سبط من قبل الشرق عند مطلع الشمس خلف الصين على نهر رمل(2) يسمّى أردف(3) وسبطين ونصف في جميع العالم.
[131] فصل:
فيما نذكره من الجزء الثاني من غريب القرآن
____________
(1) الاعراف: 7 / 159 ـ 160.
(2) ط: وصل.
(3) ع: ردف.
وحدّثني سماك بن حرب(3)، عن المغيرة بن شعبة: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم بعثه إلى نجران، فقالوا: ألستم تقرأون: (يَا أُخْتَ هَارُونَ) وبينهما كذا وكذا؟ فذكر ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «ألا قلت لهم: إنّهم كانوا يسمّون بأنبيائهم والصالحين منهم؟».
أقول:
يعني عليه الصلاة والسلام: أنّ الاسماء وإن اتّفقت في اللفظ فليس كلّ هارون يكون أخا موسى (عليه السلام)، وإنّما كان إسماً وافق إسماً.
[132] فصل:
فيما نذكره من تفسير ابن جريح، من نسخة عتيقة جيّدة، من الوجهة الثانية من القائمة الثانية من الكرّاس الرابع بلفظه:
ابن ثور، عن ابن جريح، عن مجاهد: (مُصَدِّقاً بِكَلِمَة مِنَ اللهِ)(4) قال: مصدّقاً بعيسى بن مريم.
وقال ابن عباس: كان يحيى وعيسى ابني خالة.
____________
(1) كذا، والظاهر أنّ الصحيح: بشواهد.
(2) مريم: 19 / 28.
(3) ع. ض: سمّات بن حرث، والمثبت من حاشية ع.
وراجع ترجمته في سير أعلام النبلاء: 5 / 245 رقم 109.
(4) آل عمران: 3 / 39.
قال: والكلمة عيسى(1).
[133] فصل:
فيما نذكره من مجلّد في تفسير القرآن، أوله: (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ)(2)، نذكر من ثالث عشر سطر من قائمة منه، من تفسير: (والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)(3)، بلفظ ما نذكره، فقال:
احتجّ بعض مَن يدّعي علم التأويل: أنّ الراسخين يعلمونه بإعلام الله إيّاهم ولذلك وصفهم بالرسوخ في العلم، لانّ المسلمين جميعاً يقولون: آمنّا به، فما فضل هؤلاء مع قول الله عزّ وجلّ: (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ)(4) و (تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْء)(5) و (فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْم)(6)، وما كانت هذه
____________
(1) وراجع تفسير الطبري جامع البيان: 3 / 172.
(2) البقرة: 2 / 235.
(3) آل عمران: 3 / 7.
(4) آل عمران: 3 / 138.
(5) النحل: 16 / 89.
(6) الاعراف: 7 / 52.
ثمّ أجاب صاحب هذا التفسير بما هذا لفظه:
قيل له: لم نر الله عزّ وجلّ أثبت شيئاً لنفسه ونفاه عن الخلق، فجاز أن يشركه فيه أحد، ألا نراه(2) قال: (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيء مِنْ عِلْمِهِ إلاّ بِمَا شَاءَ)(3) فاستثناه، فقوله: (وَمَا يَعْلَمُ تَأوِيلهُ إلاَّ اللهُ) هو دليل على أنّهم لم يعلموه من قبل الله عزّوجلّ، وقول نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم: «اتّعظوا بأمثاله وآمنوا بمتشابهه» دليل على أنّهم لم يعلموه من قبله صلّى الله عليه وسلّم.
يقول عليّ بن موسى بن طاووس:
أمّا احتجاج الاوّل بقوله: (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ)و(تِبْيَاناً لِكُلِّ شَىْء) و (فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْم).
فلا يليق(4) بمنصف أن يدّعي أنّ هذه الايات تقتضي أن يعلم تأويله كلّ أحد من عالم أو جاهل ومسلم وكافر، ولو كان الامر في البيان يقتضي معرفة الخلائق كلّهم به، لادّى إلى أنّه لا يسمعه أحد إلاّ
____________
(1) حاشية ع: ما لا يعلم.
(2) ع. ض. ط: قيل له لمن نزل الله عزوجل أثبت شيئاً لنفسه ونفاه عن الخلق لجاز أن يشركه فيه أحد لا يراه، والمثبت من حاشية ع.
(3) البقرة: 2 / 255.
(4) ع. ض: فلا يطيق، والمثبت من حاشية ع.
أقول:
وأمّا جواز المفسر بأنّ فيه ما لا يعلمه إلاّ الله.
فما يجحد ذلك إلاّ جاهل أو مكابر.
وأمّا قولـه: إنّ الراسخيـن في العلـم علمـوه مـن الله دون رسولـه (صلى الله عليه وآله).
فمن أين عرف ذلك؟ وليس في الحديث الضعيف الّذي أورده ما يقتضي هذا، وكيف يقبل العقل أن يكون الرسول الذي كان القرآن حجّة له ومنزلاً لاجله لا يعلم منه ما يعلمه بعض أمّته؟! هذا غلط عظيم من المدعي لحقيقته.
[134] فصل:
فيما نذكره من كتاب أسباب النزول، تأليف عليّ بن أحمد النيسابوري المعروف بالواحدي، من تاسع سطر من وجهة أوّله من قائمة منه بلفظه:
قوله: (مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ)(1) قال السدي: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «عُرِضَتْ عليّ أمّتي في صورها كما عُرِضَتْ على آدم، وأُعلمت مَن يؤمن بي ومَن يكفر»، فبلغ المنافقين فاستهزأوا وقالوا: أيزعم محمّد أنّه يعلم مَن يؤمن به ومَن يكفر به ونحن معه ولا
____________
(1) آل عمران: 3 / 179.