المقدمة
عندما يشعر الإنسان بأنَّه مخلوق من أجل غايةٍ مقدسةٍ خالدة، وخاضع لرقابةِ الله، ومسؤول عن الصغيرةِ والكبيرة من أفعاله، فإنَّه يسعى جاهداً من أجل نيلِ السعادةِ الأبدية، من خلال تطبيقِ أحكامِ الخالقِ المبدع، وتجسيدِ تعاليمه، ليكونَ فكرُه، وخلُقُه، وسلوكُه، موافقاً لما أراده اللهُ تعالى منه، ومكلَّلاً بعنايته ومرضاته.
فينظرُ الإنسانُ على صعيدِ الفكرِ في معتقداته، لينهضَ بها إلى مستوى النُّضج، والمعرفةِ اليقينية الشاملة، فيؤسّسَ بذلك قاعدةً فكريةً محكمة، ورؤيةً كونيةً واضحة، تمنحُه الثقةَ والثبات، وترفدُه بالطمأنينةِ والأمان.
وينظرُ ثانيةً على صعيدِ النفسِ في سجاياه، ليرتقيَ بها نحوَ التتميمِ والتهذيب، ويخلِّصَها من الشوائبِ والنقائص، ويعوِّدَها على محاسنِ الأفعال، ومكارمِ الأخلاق، ويروضَها على الفضيلةِ والإخلاصِ والصفاء، ليردفَ من خلالِ ذلك العقيدةَ السليمةَ بالخُلُقِ الرفيع.
وينظرُ ثالثةً على صعيدِ السلوكِ في مواقفه العملية تجاه خالقِه، ونفسِه، وعائلتِه، والمجتمعِ المحيطِ به، لينظِّمَ عباداتِه، ومعاملاتِه، وفقاً لتعاليمِ الإسلامِ العظيم، ويجعلَ من شريعةِ الإسلام محوراً لحركاتِه وسكناتِه، ورافداً لأساليبِ حياتِه.
ومن أهم ملامح هذا النظرِ المتجدّدِ للفكرِ، والنفسِ، والسلوكِ، أن يكونَ هذا النظرُ حرّاً طليقاً، يعتمدُ المنهجَ العلمي، والمنطقَ السليم، والحوارَ البنّاء، بعيداً عن عشوائيةِ التقليد، وقيودِ العادات.
وبما أنَّ الجانبَ العبادي يحتلُّ الموقعَ المتقدم في تحديدِ طبيعةِ الالتزامِ الديني لدى الفردِ المسلم، ويكشفُ عن شفافيةِ الروح، ورقَّةِ القلب، وصدقِ المشاعر فلا بدَّ أن يكونَ نقياً من الزيادات، وخالصاً من الاجتهادات، وموافقاً للواقعِ المفروض.
ومن أجلى مصاديقِ العبادات موضوعُ الصلاة، لأنَّها تمثِّلُ الصلةَ الدائمةَ المتجددةَ بين العبدِ والمعبود، والرابطةَ الوثيقةَ بين الخالقِ والمخلوق.
وللصلاةِ المفروضةِ على المكلَّفِ المسلمِِ كيفيَّةٌ توقيفيةٌ مخصوصة، وردت محددةً في القرآنِ الكريم، والسنَّةِ الشريفة، فليس من حقِّ أيِّ بشرٍ أن يغيِّر فيها شكلاً أو مضموناً، وليس بوسع أيِّ أحدٍ أن يجتهدَ في مقابل النصوصِ الواردةِ بشأنها، لأنَّها لغةٌ إلهيةٌ خاصةٌ، لقَّنَها اللهُ لعبادِه، بكيفيَّةٍ معينةٍ، وبعددٍ محدد.
وما على المخلوقِ إلاّ الانقياد والتسليم لإرادةِ الخالقِ المهيمن، الذي جرت أمورُه وفقاً للحكمةِ البالغة، ودلَّ بديعُ نظامه على كمالِه المطلق، فهو المحيطُ بالكونِ كلِّه، والعارفُ بمصالح الإنسانِ ومفاسده، فشرعَ لهُ من الدين ما يكفلُ سعادتَه الأبديةَ، وخلودَه الدائم.
وقد بالغت الشريعةُ الإسلامية في بيانِ مقدّماتِ الصلاة، وحدودِها، وشرائطِها، وأجزائِها، وموانعِها، ومن ثمَّ بالغَ صاحبُ الرسالةِ محمدٌ (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) في معاهدتِها، وتعليمِ الصحابةِ بتفاصيلها، وجعلَ لهم ميزاناً عملياً ثابتاً يرجعون إليه في ذلك، حيثُ قالَ في الحديثِ المتفَقِ عليه: (صَلُّوا كَما رَأيتُمُوني أُصَلِّي)، فأصبحَ المسلمونَ ملزمينَ باتباعِ النبي الخاتَم (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) في حذافيرِ صلاتِه وتفاصيلها.
واتفقَ المسلمونِ جميعاً على عددِ ركعاتِ الصلاةِ المفروضة، وجوهرِها، واختلفوا قليلاً في كيفيتِها، كما اختلفوا قليلاً في الصلواتِ الأخرى، بعدَ الاتفاقِ فيها على الروحِ، والمضمونِ، والحقيقة.
ومما لا يختلفُ عليه اثنانِ من المسلمين أنَّ صلاةَ رسولِ الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) قد جاءَت على النحوِ الأكملِ والأتم الذي أمرَ اللهُ تعالى عبادَه به، فهيَ قرّةُ عينِه، ومعراجُ روحِه، وراحلةُ سلوكِه نحوَ الحقِّ (جَلَّ وعَلا)، وهيَ صلاةٌ واحدةٌ، لا تعددَ في واقعها، ولا اختلاف في حقيقتِها.
ويدورُ الخلافُ فقهياً بين المسلمينَ بمختلفِ مذاهبهم في إطار التفاصيلِ والكيفيات التي تشتملُ عليها الصلاة، كعدد التسبيحات، ومقدارِ الذكرِ، وطريقة التشهد والتسليم، بما لا يفسد للودٍّ قضيةً، ومن بابِ الاجتهادِ المشروع، بعد الاتفاقِ على حدودِها الرئيسيةِ العامة، وخطوطِها العريضة، فالسعيدُ من حظيَ بالطريقِ الآمنِ الذي يوصلُه إلى معرفةِ صلاةِ النبي الخاتَم (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) بكيفيتِها الواقعية؛ لكي يكونَ له في رسولِ اللهِ أسوةٌ حسنةٌ، وتكونَ صلاتُه محاكيةً لصلاتِه (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)، ويكونَ متبعاً لسنتِه وهَديِه، فتُؤتي بذلك صلاتُه ثمارَها، وتشعُّ على حياتِه بركاتُها وآثارُها، وتكفلُ له العروجَ السليمَ نحوَ السعادةِ الخالدة، والكمالِ الإنساني.
وطبقاً لقاعدةِ: (إنَّ أهلَ البيتِ أدرى بما فيه)، ولأنَّ العترةَ الطاهرةَ (عَليهمُ السَّلامُ) هم قرناءُ الكتابِ الكريم، ولأنَّهما لن يفترقا حتى يردا الحوضَ، بنصِّ (حديثِ الثقلين)، المروي عن طريقِ أكثر من بضعة وثلاثينَ صحابياً وصحابيَّةً، فقد كانَ التمسُّكُ بحبلهِم، والركوبُ في سفينتِهم، هو الطريقَ الأمثلَ لمحاكاةِ صلاةِ رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)، ورجاءِ موافقةِ الأمرِ الواقع في تطبيقِها، وكانَ هذا هو المنهج الذي اختارَهُ أتباعُ مدرسةِ أهلِ البيت (عَليهمُ السلامُ)، وساروا على هَديِه.
ولكنْ ثَمةَ خطورة تكمنُ في طريقِ البحثِ الفقهي الذي يتحملُ وجهاتِ النظر المتعددة؛ وذلك عندما تتطورُ المواقفُ إلى درجةِ المسِّ بثوابتِ الشريعة الإسلاميةِ الأساسية، والاحتكاكِ مع خطوطِها التوقيفيةِ الحمراء، إذ يتحولُ الجدلُ الدائرُ بينَ الأطرافِ من الإطارِ الفقهي الاجتهادي المحض إلى الإطارِ الفقهي العقائدي الذي يتصلُ بأساسِ فهمنا للتشريع.
فمن أولياتِ البحثِ الفقهي الأساسية، هو أن يكونَ للمسألة المبحوثِ حولها أصلٌ في الدين، وأن تكونَ مشرَّعةً على لسانِ سيدِ المرسلين (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)، وأما إذا لم يكن للمسألةِ المبحوثِ فيها هذا الانتماءُ المشروعُ للدين، ولم تولد هذه المسألةُ من رحمِ الشريعةِ الغرّاء، وإنَّما استُفيدت شرعيتُها من خلالِ اجتهاداتٍ شخصية، وآراءَ بشرية، في مقابل النصوصِ الشرعيةِ الثابتة.. فلا شكَ أنَّ البحثَ سيأخذُ منحىً عقائدياً، لتصحيحِ مسارِ المسألة، ووضعِها في دائرةِ الخلافِ الفقهي، أو إقصائِها كبدعةٍ دخيلةٍ على الدين.
وكانت (صلاةُ التراويحِ) مسرحاً لهذا الجدلِ الفقهي العقائدي، وقد دارت حولَها رحى البحوثِ في المدرستين، فمدرسةُ الخلفاءِ اعتبرتها في الأغلب سُنَّةً مؤكدةً على الكيفيةِ التي يُؤتى بها في شهرِ رمضانَ جماعةً، وأطلقت عليها اسمَ (التراويح)، وأمّا مدرسةُ أهلِ البيتِ (عَليهمُ السَّلامُ) فقد اعتبرت القيامَ في ليالي شهرِ رمضانَ بالنوافل من السُّننِ المؤكَّدة، إلا أنَّها عدَّت الإتيانَ بالنوافل جماعةً (بدعةً) محدثةً لا علاقةَ لها بالدين.
وسوف نقومُ من خلال هذه الدراسة بالبحثِ في هذه المسألة من جوانبها المختلفة، إدراكاً منّا بأهميّةِ طرقِ هذا الموضوعِ الإسلامي الحساس، الذي أصبحَ يشكِّلُ بهيئتِه المألوفة لدى مدرسةِ الخلفاء في ليالي شهرِ رمضانَ ظاهرةً راسخة، تتعمقُ
مشروعيتُها مع مرورِ الزمان، وينساقُ لأدائها الملايينُ من الناس، ظناً بأنفسِهم أنَّهم يُحسنونَ صُنعاً، ويتقربونَ بها إلى اللهِ زُلفى.
ومن شأنِ الإنسانِ المفكرِ الحرِّ أن يبحثَ عن الحقيقة، ويجري خلفَها، لاسيما إذا شعر بوجود مخاطرةٍ عاليةِ المستوى على صعيد عباداتِه، التي هي من أجلى المصاديقِ التي يتقرب بها إلى خالقِه.
وتترسخُ ضرورةُ هذا البحث لدى كلِّ مسلمٍ عندما يشعرُ بوجود مثل هذا الخلاف العقائدي الحسّاس، الذي يمكنُ أن لا تكونَ النتائجُ فيه إلى صالحه، مما يؤدي بعملِه إلى مواجهةِ الله ورسولِه، فضلاً عن عدم مشروعية العملِ وقبوله؛ لذا أدعو القارئَ المسلمَ الحرَّ طليقَ الفكر، والباحثَ عن الحقيقة، أن يفتحَ عقلَه وقلبَه لهذا البحث، وأن يتسعَ صدرُه لمواجهة نتائجِه، والسيرِ على هَدي الحقيقة، مهما كان الثمنُ غالياً، إذ لا خسارةَ أكبرُ من أن يصادرَ الإنسانُ عقلَه وفكرَه، ولا ثمنَ أغلى من نيلِ الحقيقةِ، والظفرِ بها، وقطفِ ثمارِها.
ولا أنسى أن أتقدم بالشكرِ الجزيل والثناء الجميل إلى (مركز الأبحاث العقائدية) الذي يحظى برعاية المرجع الديني الكبير السيد علي السيستاني دام ظله الوارف، وبإشرافٍ من قبل الأخ الحجة الشيخ فارس الحسّون النجفي على احتضانهم لمجموعة البحوث التي أعددتُها في مجال الدفاع عن العقيدة الغرّاء، وتهيئة الأجواء الملائمة لنشرها ضمن السلسلة العلمية الموسومة بـ (سلسلة المعارفِ الإسلامية ودرءِ الشُبهات)، التي يقدمونها للقرّاءِ الكرام من أبناءِ العالمِ الإسلامي لرفعِ غُبارِ الشبهات عن منهج أهل البيت (عَليهمُ السلامُ)، وتبيانِ الحقائقِ الناصعةِ التي غطَّت عليها السياساتُ القمعيةُ، والتعصباتُ المقيتةُ عبرَ السنينَ الطويلة.
كما أنّي أستميحُ القارئَ الكريمَ عذراً إذا ما وجدَ بعضَ المصطلحات العلميةِ التخصصية، أو العباراتِ الشائكة، بينَ طياتِ البحث، لأنَّ ضرورةَ مثل هذا البحث
تقتضي إيرادَها، على الرغم من أنّي بذلتُ قصارى جُهدي من أجلِ طرح مضامين هذه الدراسة بلغةٍ واضحة، بعيدةٍ عن التعقيد؛ ليتمَّ الانتفاعُ بها من خلال أكبر عدد ممكنٍ من القرّاء الكرام.
كما أرجو العذرَ إذا ما وُجدت زلَّةٌ هنا، أو عثرةٌ هناك، إذ لا عصمةَ إلاّ لمن عصمَ الله، ولا كمالَ إلا لله الواحدِ القهّار.
(سُبحانَكَ لا عِلمَ لَنا إلاّ ما عَلَّمتَنا إنَّكَ أنتَ العَليمُ الحَكيمُ).
جعفر الباقري (أبو أُسامة سامي صبيح علي) imamali14@hotmail.com قم المقدسة 13/ رجب / 1424 هـ / 10 / 9 / 2003م |
الفصل الأول
صلاةُ التراويح..
نقطةُ الخلافِ حولَها
1 ـ نص الروايةِ ومضمونُها 2 ـ قيام الليلِ سُنَّة مؤكَّدة عموماً 3 ـ قيامُ الليلِ سُنَّة مؤكَّدة في شهر رمضان 4 ـ نقطة الخلافِ بينَ المدرستين |
نظرة
على الفصل الأول
نستعرضُ من خلالِ هذا الفصل روايةَ صلاةِ (التراويحِ) نصاً ومضموناً، اعتماداً على أكثرِ المصادرِ وَثاقةً لدى مدرسةِ الصحابة، لكي نأخذَ فكرةً عن جذورِ (التراويحِ) في حياةِ المسلمين.
ومن خلالِ هذا الاستعراض سوف نتوصلُ إلى النتيجةِ القائلةِ: بأنَّ صلاةَ (التراويحِ) تعني إقامةَ نافلةِ الليلِ في شهرِ رمضانَ جماعةً، وقد ابتكرها (عمرُ بنُ الخطاب) في زمنِ خلافتِه، واعتبرَها (بدعةً) بقوله: (نعمتِ البدعةُ هذهِ).
وسوفَ نتعرفُ على أنَّ القدرَ المتفقَ عليهِ بينَ (مدرسةِ الصحابة) ومدرسةِ أهلِ البيتِ (ع) هوَ أنَّ قيامَ الليلِ في جميعِ الليالي سُنَّةٌ مؤكدةٌ، وثابتةٌ في التشريعِ بشكلٍ قاطعٍ، وقد التزمَ النبيُّ الخاتَم (ص) بها، وكذلكَ الأمرُ بالنسبةِ إلى قيامِ الليلِ في ليالي شهرِ رمضانَ فرادى، فهو سُنَّةٌ مؤكدةٌ أيضاً على النحوِ المذكور.
ونقطةُ الخلافِ بينَ المدرستينِ تتمحورُ في مشروعيةِ إقامةِ نافلةِ الليلِ في شهرِ رمضانَ جماعةً، فـ (مدرسةُ الصحابة) تدّعي بأنَّ ذلكَ مشروع، وتعتمدُ أساساً على تشريعِ (عمر) لها، وأما مدرسةُ أهلِ البيتِ (ع) فتعتقدُ بأنَّ إقامةَ هذهِ النافلةِ جماعةً أمرٌ لا علاقةَ له بالدين؛ لأنَّه لا يختزنُ خصوصياتِ الأمرِ المشروع، فيكونُ (بدعةً) في مقابلِ (السُنَّة).
صلاةُ التراويح
(1)
نصُّ الروايةِ ومضمونُها
وردَ في أُمهات الكتبِ الحديثية لدى (مدرسةِ الصحابة) بما في ذلك (البخاري) و(الموطأ) ـ واللفظ للبخاري ـ:
(وعن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاريِّ أنَّه قالَ: خرجتُ مَعَ عمر بن الخطّاب رضي اللّهُ عنه ليلةً في رمضان إلى المسجد، فإذا الناسُ أوزاعٌ متفرّقون، يصلي الرجلُ لنفسه، ويصلي الرجلُ فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمرُ:
ـ إنِّي أرى لو جمعتُ هؤلاءِ على قارئ واحدٍ لكانَ أمثل.
ثمَّ عزمَ فجمعهم على (أُبي بن كعب). ثم خرجتُ معه ليلةً أخرى، والناسُ يصلّون بصلاة قارئهم، قالَ (عمر):
ـ نعم البدعةُ هذه، والتي ينامونَ عنها أفضل من التي يقومون ـ يريدُ آخرَ الليل ـ وكانَ الناسُ يقومون أوَّله)(1) .
وفي (الموطأ) أنَّ (عمر بن الخطّاب) قالَ:
(نعمتِ البدعةُ هذه).
إنَّ مضمونَ هذه الرواية الذي وردَ بصياغاتٍ لفظية مختلفة في أكثر كتب مدرسة الصحابة وثاقةً قد أصبحَ المستندَ الأساسي لصلاة (التراويح)، والمرجعَ الرئيسي لمشروعيتها، وتوالت الأجيالُ من بعد هذه الحادثة متمسكةً بها، ودائبةً في أدائها، ومصرةً على المحافظة عليها، ومتشددةً على المتهاونين فيها، وقد أفردَ لها الفقهاءُ
____________
(1) البخاري، صحيح البخاري، ج: 2، ص: 252، والموطأ لمالك بن أنس، ص: 73. وانظر: كنز العمال للمتقي الهندي، ج: 8، ح: 23466، ص: 408.
باباً خاصاً في مصنفاتهم، وأشبعوها بحثاً وتحليلاً، وأدخلوها في الكثير من أبواب الفقه المختلفة، ومسائله المتنوعة.
إنَّ شيوعَ هذه الصلاة في شهر رمضان، وسعةَ انتشارِ صيتها لدى القاصي والداني من المسلمين، يجعلُنا في غنىً عن الخوض في تعريفها وبيان معناها بالتفصيل، ونكتفي هنا بالقول بأنَّها إنما سُميت بصلاة (التراويح)؛ لأنَّ المصلين يستريحون بعدَ كلِّ أربع ركعاتٍ منها، أي بعدَ كل تسليمتين (1)، ثمَّ يبادرون للأربع الأخرى، ثم صارت (الترويحة) اسماً لكل أربع ركعات من هذه الصلاة (2).
و(التراويح) مفردها (ترويحة) وهي (الاستراحة) في اللغة (3)، مأخوذة من (الراحة) التي تعني زوالَ المشقة والتعب (4)، وهي تُطلقُ على (الجلسة) مطلقاً، فأُطلقت على الاستراحة المخصوصة بعد كلِّ تسليمتين من هذه الصلاة، ثم على كلِّ أربع ركعاتٍ منها كما تقدم.
إنَّ مضمونَ الرواية ينصُّ على أنَّ (عمر بن الخطاب) شاهد المصلين يتنفلون بالصلاة ليلاً في المسجد النبوي الشريف تقرباً إلى الله (جَلَّ وَعَلا) في زمن خلافته سنة أربع عشرةَ للهجرة، وكانوا يصلون نوافلهم فرادى كما هو دأبهم من قبل، وكما تعلّموا ذلك من رسول الله (صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)، وكما كانَ أمرُهم عليه في زمن خلافة (أبي بكر)، ولكنَّ (عمر بن الخطاب) لم يرقه هذا المشهد، ولم يعجبه منظرهم متفرقين أشتاتاً؛ فرأى في تلك اللحظة أن يجمعهم على إمامٍ واحدٍ، ويحولَّ أداءهم للصلاة من أداءٍ فرديٍّ إلى أداءٍ جماعي، فاختار الصحابي (أبيَّ بن كعب)، وطلب منه أن يؤم
____________
(1) سعدي أبو حبيب، القاموس الفقهي لغةً واصطلاحاً، ص: 55. وانظر: الزبيدي، تاج العروس، ج: 2، ص: 151. (2) السيد سابق، فقه السنة، ج: 1، ص: 205. (3) قلعجي، د. محمد و قنيبي، د. حامد، معجم لغة الفقهاء، ص: 127. وانظر: ابن منظور، لسان العرب، ج: 2، ص: 462. (4) ابن منظور، لسان العرب، ج: 2، مادة: روح.
المصلين في هذه النافلة، وفي رواياتٍ أُخرى أنَّه عيَّنه إماماً للرجال، وعيَّنَ (تميمَ الداري) إماماً للنساء.. فامتثل الإمامُ والمأمومون لهذا الطلب، وأخذوا يصلونها جماعةً، وحينما شاهدَ (عمرُ) منظرَ المصلين في ليلةٍ أخرى، أعجبَه ذلك المشهد الجديد، فقال:
(نعمتِ البدعةُ هذه).
ومن خلال هذا البحث نحاولُ أنْ نسلّطَ الضوءَ على هذه الصلاة بكيفيتها الجديدة التي ابتكرها (عمر)؛ لنرى مدى شرعيتها، وارتباطها بالدين الحنيف.
(2)
قيامُ الليلِ سُنَّة مؤكدة عموماً
من المتفق عليه بين (مدرسة الصحابة) ومدرسة أهل البيت (عَلَيهِمُ السَّلامُ) أنَّ قيام الليل والتهجُّدَ فيه للعبادة من السُنن المؤكدة، وقد نصَّ (القرآنُ المجيد) على ذلك في مواضع عديدة، فمن ذلك قوله (جَلَّ وَعَلا):
(ومن الليلِ فتهجَّدْ بهِ نافلةً لكَ عسى أن يبعثكَ ربُّكَ مقاماً محموداً)(1) .
وقوله (جَلَّ وَعَلا):
(إِنَّ المُتَّقِينَ في جَنّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ ما ءَاتاهُم رَبُّهُم إِنَّهُم كَانُوا قَبلَ ذلِكَ مُحسِنينَ * كَانُوا قَليلاً مِنَ اللَّيلِ ما يَهجَعُونَ * وَبِالأَسْحارِ هُم يَستَغْفِرُونَ)(2) .
وقوله (جَلَّ وَعَلا):
____________
(1) الإسراء / 79. (2) الذاريات / 15 - 18.
(تَتَجافى جُنُوبُهُم عَنِ المَضاجِعِ يَدعُونَ رَبَّهُم خَوفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ * فَلا تَعلَمُ نَفس ما أُخفِيَ لَهُم مِن قُرَّةِ أَعيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعمَلون)(1) .
ولدى (مدرسة الصحابة) ورد في الحديث الشريف حول هذه الآية الكريمة أنَّ رسول الله (صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) قال:
(يُحشر الناسُ على صعيدٍ واحدٍ يومَ القيامة، فينادي منادٍ فيقولُ: أينَ الذين كانوا تتجافى جنوبُهم عن المضاجع؟ فيقومون وهم قليل، فيدخلونَ الجنةَ بغير حساب، ثمَّ يؤمرُ بسائرِ الناس الى الحساب)(2) .
وقال (صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ):
(عليكم بقيام الليل؛ فانَّه دأبُ الصالحين قبلكم، ومقربة لكم الى ربِّكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد)(3) .
ولدى مدرسة أهل البيت (عَلَيهِمُ السَّلامُ) ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلامُ) أنَّه قال:
(قيامُ الليلِ مصحةٌ للبدن، ورضاءُ الرب، وتمسّكٌ بأخلاق النبيين، وتعرّضٌ للرحمة)(4) .
فنافلة الليل إذنْ، مما اتفقت على استحبابها المدرستان في الجملة من دون خلاف.
____________
(1) السجدة / 16 - 17. (2) المنذري، الترغيب والترهيب، تعليق: مصطفى محمد عمارة، ج: 1، ص: 425، ح: 9. (3) المنذري، الترغيب والترهيب، تعليق: مصطفى محمد عمارة، ج: 1، ص: 426، ح: 10. (4) البرقي، أبو جعفر، المحاسن، ج: 1، ص: 125، ح: 89.
(3)
قيامُ الليلِ سُنَّة مؤكَّدة في شهرِ رمضان
واتفقت (مدرسةُ الصحابة) ومدرسةُ أهل البيت (عَلَيهمُ السَّلامُ) كذلك على أنَّ أداءَ نافلة الليل في شهر رمضان من السُنن المؤكدة، وأنَّ للقيام في لياليه ثواباً عظيماً، وأجراً كبيراً.. ففي (مدرسة الصحابة) رُويَ في (صحيح البخاري):
(عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنَّ رسولَ الله صلى اللهُ عليه وسلَّم قالَ: مَن قامَ رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه)(1) .
ورُويَ فيه أيضاً عن (عائشة):
(حدثنا إسماعيل قال حدّثني مالك عن سعيد المغبري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنَّه سألَ عائشةَ رضيَ اللّهُ عنها: كيف كانت صلاةُ رسول اللّه صلى اللّهُ عليهِ وسلَّم في رمضان؟ فقالت: ما كانَ يزيدُ في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلّي أربعاً فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثمَّ يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي ثلاثاً، فقلت: يا رسول اللّه، أتنامُ قبل أن توتر؟ قال: يا عائشةُ إنَّ عينيَّ تنامان، ولا ينامُ قلبي)(2) .
وفي مدرسة أهل البيت (عَلَيهمُ السَّلامُ) رُويَ عن الإمام جعفر الصادق (عَلَيهِ السَّلامُ) أنَّه قال:
____________
(1) البخاري، صحيح البخاري، ج: 2، ص: 249 - 250. (2) البخاري، صحيح البخاري، ج: 2، ص: 252 - 253. وانظر: كنز العمال للمتقي الهندي، ج: 7، ح: 17989، ص: 67.
(ممّا كانَ رسولُ الله صَلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسَلَّمَ يصنعُ في شهر رمضان، كانَ يتنفلُ في كلِّ ليلةٍ ويزيدُ على صلاته التي كانَ يصليها قبلَ ذلك، منذُ أول ليلة الى تمام عشرين ليلة في كل ليلة عشرين ركعة، ثماني ركعات منها بعد المغرب واثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة، ويصلّي في العشر الأواخر في كل ليلة ثلاثين ركعة اثنتي عشرة منها بعد المغرب وثماني عشرة بعد العشاء الآخرة، ويدعو ويجتهد اجتهاداً شديداً. وكان يصلّي في ليلة إحدى وعشرين مائة ركعة، ويصلّي في ليلة ثلاث وعشرين مائة ركعة، ويجتهد فيهما)(1) .
وروي عن الإمام محمد الباقر (عَلَيهِ السَّلامُ) أنَّه قال:
(صلِّ في أول شهر رمضان في عشرين ليلة عشرين ركعة، صلِّ منها ما بين المغرب والعتمة ثماني ركعات وبعد العشاء اثنتي عشرة ركعة. وفي العشر الأواخر ثماني ركعات بين المغرب والعتمة واثنتين وعشرين ركعة إلاّ في ليلة إحدى وعشرين، فإنَّ المائة تجزيك إن شاء الله)(2) .
____________
(1) الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن، التهذيب، ج: 3، ص: 62، ح: 6. (2) الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن، التهذيب، ج: 3، ص: 67، ح: 3.
(4)
نقطةُ الخلافِ بينَ المدرستين
تكمنُ نقطةُ الخلاف حولَ صلاة (التراويح) في أنَّ أتباع مدرسة أهل البيت (عَلَيهِمُ السَّلامُ) يعتقدون بعدم مشروعية الإتيان بها جماعةً، وأنَّ أداءَها على هذه الهيئة يُعتبرُ بِدعةً دخيلةً على تشريعات الإسلام، وتعاليمه الثابتةِ بالنصوصِ الشرعيةِ القويمة.
وأما الأغلبيةُ الساحقةُ من أتباعِ (مدرسةِ الصحابة) فيعتقدون بأنَّ الإتيانَ بها جماعةً أمرٌ مشروع، بل هو مستحبٌ ومندوب.
فلا يوجدُ خلافٌ بين المدرستين في أصل نافلة الليل، ولا خلاف بينهما في أصل التنفل في ليالي شهر رمضان، وإنَّما يكمنُ الخلافُ في الكيفية التي تُؤدى بها هذه النوافل؛ حيثُ تقولُ مدرسةُ أهل البيت (عَلَيهمُ السَّلامُ) بعدم جواز الإتيان بها جماعةً، وإنَّما يشرعُ الإتيان بها فرادى وحسب، وأما (مدرسةُ الصحابة) فتلتزمُ في الأغلب بالإتيان بها جماعةً، وتنسبها الى التشريع بهذه الكيفية، وهذا الأمرُ هو الذي أدخلها في حيِّز (الابتداع) من وجهة نظر مدرسةِ أهل البيت (عَلَيهمُ السَّلامُ).
من هنا نعرفُ أنَّ نقطةَ الخلاف بين المدرستين حول (التراويح) ليست مسألةً فقهيةً محضة، تحتملُ وجهات النظر المتعددة وحسب، كما هو الأمرُ في عدد ركعات نافلة الليل، إذ بالإمكان الاختلاف حول ذلك بالطريقة التي تدرج رأي الجانبين في المصبِّ الفقهي المتنوع الآراء، وإنَّما نقطةُ الخلاف هنا مسألةٌ مشوبةٌ بجانب عقائدي، وتتعلقُ بأصل مشروعية (التراويح) بهذه الكيفية الجديدة التي لم تتصل جذورُها بالشريعة المقدَّسة.
وبعبارةٍ أخرى إنَّ الرأي الفقهي قائمٌ على أساس استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، التي من أهمها (القرآنُ المجيد) و(السُنَّة القطعيَّة)، فلابدَ من وجود
أساسٍ ومستندٍ قاطعٍ للأحكام المستنبطة فقهياً في (القرآن المجيد) و(السُنَّة القطعيَّة)، ولابدَّ من ولادة هذه المسائلِ المتنوعة من رحم الشريعةِ الإسلامية، وما من شكٍ في جواز (الاجتهاد) من قبل العلماء في حدودِ هذه الدائرة المشروعة، وبالتالي الخلاف في الآراء والنتائج، ومن أمثلة ذلك الخلاف في عدد ركعات القيام في ليالي شهر رمضان حسب الأدلة الشرعية، بعد الفراغ من كون أصل القيام منسوباً إلى الشريعة الغراء، ومنبثقاً عنها.
وأما إذا لم يكن هناك أصلٌ للعمل العبادي في الشريعة الإسلامية، ولم يولد من رحم القرآن والسُنَّة، ولا يوجدُ دليلٌ عامٌّ يشملُه، ولا دليلٌ خاصٌّ ينصُّ عليه، وإنَّما جاءَ لقيطاً من الخارج، وأُضفيت عليه صفةُ الشرعية من قبل البشر العاديين، ونُسبَ إلى الدين الحنيف بكيفيته المنحولة هذه، فلاشكَ أنَّه سوفَ يخرجُ عن دائرة الخلاف الفقهي المحض، ويدخلُ في دائرة البحث الممزوج بالعقيدة؛ لأنَّه سوف يحدّدُ مصيرَ العمل من الأساس، ويبحثُه في الجذور، ومن أمثلة ذلك البحثُ في أصل مشروعية صلاة (التراويح).
وبعبارةٍ أكثر شمولاً أنَّ التشريعات الإلهية الثابتة أُمورٌ توقيفية، يجبُ امتثالُها وعدمُ الاجتهاد في مقابلها، فلا يصحُّ إدخالُ ما ليس من الدين فيه كإدخال (التراويح) المبتدعة، كما لا يصحُّ إخراجُ ما هو من صميم الدين عنه كإخراج (المتعة) المشروعة، إذ لا يصحُّ التحليلُ والتحريمُ حسبَ الآراء الشخصية، والاجتهاداتِ الخاصة، كما قالَ (جَلَّ وَعَلا):
(ولا تَقُولوا لِما تَصفُ ألسنتُكُمُ الكذبَ هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتَفتروا على اللهِ الكذبَ إنَّ الذينَ يَفترونَ على اللهِ الكذبَ لا يُفلحونَ)(1) .
ووردَ هذا المعنى في حديث رسولِ الله (صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) حيثُ يقولُ:
____________
(1) النحل / 116.
(اتقوا تكذيب الله! قيل: يارسول الله وكيف ذاك؟ قال: يقول أحدكم: قال الله، فيقول الله: كذبت لم أقله، ويقول: لم يقلِ الله، فيقول عز وجل: كذبت قد قلته)(1) .
وقد عَدَّت الشريعةُ الإسلاميةُ ظهورَ (البدع) في حياة المسلمينَ من أكبر ما يهدّدُ حياةَ الإسلام، ويطعنُها في الصميم، وجعلت محاربةَ البدع والمحدثات من أوضح مصاديق الذود عن الشريعة الإسلامية.
قالَ رسولُ الله (صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ):
(إياكم والبدعَ، فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ تسيرُ الى النار)(2) .
وقالَ (صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ):
(إذا ظهرت البدعُ في أمتي فليظهرِ العالمُ علمَه، فمن لم يفعلْ فعليهِ لعنةُ الله)(3) .
وقد جهدَ علماءُ مدرسةِ أهل البيت (عَلَيهمُ السَّلامُ) من تقريب وجهات النظر مع (مدرسة الصحابة) في خصوص هذه المسألة، والتقليص من حدَّةِ الخلافات حولها؛ فعمدوا إلى إدراجها ضمنَ السياقات الفقهية المحضة، لتسكينِ ألمِ الفرقة، وتخفيفِ حدَّتِها، ولنِعمَ ما فَعلوا.
فنرى العلاّمةَ (جعفرَ السبحاني) يقول من هذا المنطلق في كتابه (صلاة التراويح بين السُنَّة والبدعة):
(فالخلافُ في صلاة التراويح ليسَ خلافاً في جوهرِ الدين وأُصوله حتّى يستوجبَ العداءَ والبغضاء، وإنَّما هو خلافٌ فيما رُويَ عنه
____________
(1) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج: 2، باب: 16، ح: 16، ص: 117. (2) المتقي الهندي، علاء الدين، كنز العمال، ج: 1، ح: 1113، ص: 221. (3) الكليني، محمد بن يعقوب، الأصول من الكافي، ج: 1، باب: البدع والرأي والمقاييس، ح: 2، ص: 54.
ـ صلّى اللهُ عَليهِ وآله وسَلَّمَ ـ وهو أمرٌ يسيرٌ في مقابل المسائل الكثيرة المتّفق عليها بين المذاهب الإسلامية)(1) .
وقالَ العلاّمةُ (نجمُ الدين الطبسي) في كتابه الذي يحملُ نفسَ العنوان السابق:
(قد يُتصَّورُ لأوّل وهلةٍ أنَّها من مختصاتِ أهل السُنَّة، ولكنَّ التتبّعَ والتحقيقَ ومراجعةَ كلمات الفريقين وآرائهم، يكشفُ عن خطأ هذا التصور، وأنَّ أصل المسألة وهو قيام شهر رمضان ونوافل لياليها والصلوات فيها من الأمور والمسائل المشتركة بين الفريقين، بل الاشتراك في عددها أيضاً كادَ أنْ يكونَ حاصلاً ـ في الجملة ـ وإنَّما الخلافُ هو في إقامة هذهِ النوافل جماعةً أم فرادى)(2) .
____________
(1) السبحاني، جعفر، صلاة التراويح بين السنة والبدعة، ص: 4. (2) الطبسي، نجم الدين، صلاة التراويح بين السنة والبدعة، ص: 6.