مقدمة الكتاب
الحمد لله على ما حجر عنا حجارة إبن حجر وصير نار صواعقه رمادا بلا أثر فبهت الذي كفر وكأنه التقم الحجر والشكر على ما أيدنا بصوارم حجج قاطعة حاكمة فيما شجر وأعلمنا إنا على الحق الذي لا يزدجر ولو ساقونا إلى سعفات هجر ثم الصلاة على سيد الوبر والمدر الذي سبح في كفه الحصى وإستلمه الحجر وعلى إثنتي عشرة عينا بإشارتهم الى الحجر قد نبع الماء منه وإنفجر وشهد بإمامتهم البيت والركن والحجر وبعد فإن الشيخ الجاهل الجامد الحامل للزجاج الكامل في نقص الفطرة وسوء المزاج أبو المدر إبن حجر رخام الإنحراف وبرام الأعوجاج وراج بمشاركة إسم الحافظ العسقلاني بعض الرواج قد أظهر في مقام إيراد الشبهة والإحتجاج غاية الحماقة واللجاج فلم يميز العذب الفرات من الملح الأجاج ولا ضوء الصبح على المظلم الداج ورام رمي الناس بالحجر مع كون بيته من الزجاج بل حاول بيد قاصرة عن إقتباس قبس الإحتحاج وقدم داحضة في ميادين الحجاج
الرد على خطبة كتاب ابن حجر و حديث اصحابي كالنجوم
1 ـ قال: أحرقه الله بنار صواعقه في خطبة كتابه المذموم: الحمد لله الذي خص نبيه محمداً بأصحاب كالنجوم وأوجب على الكافة تعظيمهم وإعتقاد حقية ماكانوا عليه من حقائق المعارف والعلوم.
أقول: أشار بقوله أصحاب كالنجوم الى مارووا من قوله صلى الله عليه وآله أصحابي كالنجوم فبأيهم أقتديتم إهتديتم وفيه بحث سنداً ومتناً.
أما أولاً فلما قال بعض الفضلاء من أولاد الشافعي في شرح كتاب الشفاء للقاضي عياض المالكي إن حديث أصحابي كالنجوم أخرجه الدار قطني في الفضائل وإبن عبد في العلم من طريقه من حديث جابر وقال هذا إسناد لا يقوم به حجة لأن في طريقه الحارث بن غضين وهو مجهول ورواه عبد بن حميد في مسنده من رواية عبدالرحيم بن زيد عن أبيه عن المسيب عن عمر قال البزار منكر ولا يصح ورواه إبن عدي في الكامل
وأما ثانيا فلأن المخاطبين في متن الحديث بلفظ إقتديتم وإهتديتم إن كانوا هم الصحابة أو الصحابة مع غيرهم فلا يستقيم إذ لا مساغ للفصيح أن يقول لأصحابه أولهم مع غير هم أصحابي كالنجوم بأيهم إقتديتم وهو ظاهر وإن كانوا غير الصحابة فهو خلاف الظاهر إذ الظاهر {ن كل من خاطبه النبي صلى الله عليه وآله بهذا الخطاب المتبادر من الخطاب الشفاهي كان بمرأى منه صلى الله عليه وآله فكان صحابيا ولو سلم ذلك لكان الظاهر اخبار رواية بأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لجميع من اسلم غير الصحابة اصحابي كالنجوم الخ ولما لم يكن في روايتكم شيء من هذا التخصيص بطل إدعاؤكم في ذلك
وأيضا يلزم على هذا التقدير {ن كل من إقتدى بقول بعض الجهال بل الفساق من الصحابة او المنافقين منهم وترك العمل بقول بعض العلماء الصالحين منهم يكون مهتدياً وان يكون المقتدي بقتلة عثمان والذي تقاعد عن نصرته تابعاً للحق مهتديا وان يكون المقتدي بعائشة وطلحة والزبير الذين بغوا وخرجوا على علي عليه السلام وقتلوه مهتديا وان يكون المقتول من
ويتوجه على ماذكره آخراً من تعليل ذكر العلماء المحامل والتأويلات لما وقع بين الصحابة بحسن ظنهم فيه إن بعد العلم بوقوع ماوقع بينهم لا وجه لحسن الظن بالكل الى التعصب فيهم وأما من زعموه كبار الصحابة وعنوا به الثلاثة فهم أول من أسس أساس الظلم والعدوان بغصب الخلافة عن أهل البيت والإقدام بكيت وكيت وإنما صاروا كباراً بغصبهم الخلافة وحكومتهم على الناس بالجلافة ولهذا قال بعض علماء الامة كل زينته الخلافة إلا علي بن أبي طالب عليه السلام وروى هذا الشيخ الجامد في الفصل الثالث في ثناء الصحابة والسلف على علي عليه السلام
وأما ماذكره من البشارة لهم بالثواب في دار القرار فإن أشار به الى حديث بشارة العشرة فهو موضوع لا يصح إلا في واحد منه عليه السلام كما سيأتي بيانه وإن أشار به الى غيره من الأحاديث فلعل بعد ظهور صحته يكون بشارة الثواب فيه مشروطا بشروطه كما روي عن مولانا الرضا عليه السلام إنه لما سئل عن صحة رواية قوله صلى الله عليه وآله «من قال لا إله إلا الله وجبت له الجنة» فقال نعم بشروطها وأنا من شروطها أي من ملة شروطها الإعتقاد بإمامتي ووجوب طاعتي والحاصل إنه لا يتحتم بمجرد الصحابية الحكم بإن الإيمان والعدالة وحسن الظن فيهم واستيهالهم للإقتداء بهم والإستهداء منهم وذلك لأنه لاريب في أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وآله مؤمنا به وموته على الإسلام وإن الإيمان والعدالة مكسبان ليسا طبيعين جبليين فالصحابي كغيره في إنه لايثبت إيمانه إلا بحجة لكن قد جازف اهل السنة كل المجازفة فحكموا بعدالة كل الصحابة من لابس منهم الفتن ومن لم يلابس وقد كان فيهم المقهورون على الإسلام والداخلون على غير بصيرة والشكاك كما وقع من فلتات ألسنتهم كثيرا وكان فيهم شاربوا الخمر وقاتلوا النفس وسارقوا الرداء وغيرها من المناكير بل كان فيهم المنافقون كما أخبر به الباري جل ثناؤه ورواه البخاري في صحيحه وغيره في غيره وكانوا في عهده صلى الله عليه وآله ساكنين في مدينته يصحبونه ويجلسون في مجلسه ويخاطبهم ويخاطبونه ويدعون بالصحابة ولم يكونوا بالنفاق معروفين ولا متميزين ظاهراً قال الله سبحانه
وبعد موته ليعلم من مات منهم على الإيمان والعدالة ومن مات ميتة الجاهلية مثل أبي بكر الذي إدعى الإمامة ونص الكتاب والحديث المتواتر ودليل العقل ناطق بأنه حق علي عليه السلام ومن فاطمة عليها السلام أرثها وكتاب الله ناطق بأن لها الإرث
وقتاله لبني حنيف الملتزمين للدين الحنيف الى غير ذلك مما يخالف الشرع الشريف وعمر الذي إدعى ما إدعاه وقال للنبي صلى الله عليه وآله في مرض موته من الهجر والهذيان ما قال وفعل مافعل من منع كتابته (ص) ما يصون الأمة من الضلال وإقدامه بتخريق الكتاب الذي كتبه أبو بكر لفاطمة عليها السلام في أخذها لفدك وقوله متعتان كانتا على عهد رسول الله حلالين وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما وإحداثه بدعة الجماعة في التراويح
وتفضيل العرب على العجم في العطايا، الى غير ذلك من الطوام التي لا تحملها المطايا، وعثمان الذي ولى أمور المسلمين وولى عليهم من لا يصلح لها مع ظهور فسقه وفساد حاله ودعائه حكم بن العاص طريد رسول الله صلى الله عليه وآله وإيوائه وإعطائه المال العظيم من بيت مال المسلمين رعاية لقرابته وإعراضا عن الدين وهتكاً لحرمة سيد المرسلين وإيذائه لأبي ذر وعمار بن ياسر وإبن مسعود وغيرهم من أكابر الصحابة الذين كانوا أسود الغابة وغيرها مما هو بهذه المثابة ومعاوية الطليق الباغي الفاسق الذي مال عن علي وسمّ الحسن عليهما السلام وغيّر سنّة النّبي صلى الله عليه وآله في كثير من الأحكام حتى إنه كان يلبس الحرير فقال له إبن عباس رض: إن النّبي صلى الله عليه وآله قال «إنه محرم على رجال أمتي» فقال هواناً: لا أرى به بأساً فقال إبن عباس: من عذيري من معاوية إبن
وروى مسلم في صحيحه عن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم إنه قال: ليردنّ على الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم رفعوا الي واختلجوا دوني فلا قولن أي أصيحابي أصيحابي فليقالن إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك إنتهى
ومثله مذكور في صحيح البخاري الذي هو أصح كتب الأحاديث عندهم في تفسير قوله تعالى: (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم) الآية
قال النووي في حديث مسلم «أما إختلجوا فمعناه إقتطعوا وأما اصحابي فقد وقع في الروايات مصغرا مكررا وفي بعض النسخ أصحابي مكبرا مكرراً
وقال القاضي هذا دليل لصحة تأويل من تأول إنهم أهل الردة ولهذا قال فيهم سحقاً سحقاً ولا يقول ذلك في مذنبي الأمة بل يشفع لهم ويهتم لأمره قال وقيل هؤلاء صنفان أحدهما عصاة مرتدون عن الإستقامة لا عن الإسلام وهؤلاء مبدلون الأعمال الصالحة بالسيئة والثاني مرتدون الى الكفر حقيقة ناكصون على أعقابهم واسم التبديل يشمل الصنفين إنتهى.
واقول: بل المراد بالمرتدين المحدثون في دين الله الغاصبون للخلافة والآكلون لمال فدك ظلما وجورا على فاطمة عليها السلام ولهذا قال فيهم في بعض الروايات سحقا سحقا فافهم واذا كان الحال بهذا المنوال من الإختلاف ووقع الإرتداد من الصحابة فلا يجوز الحكم بالإيمان والعدالة لأحد منهم إلا إذا تحقق إتصافه بهما وموته عليهما ولا يعلم ذلك إلا بتتبع الأحوال وإستقراء الآثار الدالة على بقاء الإيمان والعدالة أو الزوال
قال الفاضل التفتازاني في التلويح «إن الجزم بالعدالة يختص بمن
وقال الفقيه الأسنوي الشافعي «إن المراد من قول العلماء: الصحابة بأسرهم عدول مطلقا إن مجرد الصحبة شاهد التعديل مغن عن البحث عنهم فإن ظهر عن أحد منهم ما يفضي الى التفسير فليس بعدل كسارق رداء صفوان ومن ثبت زنائه ولذا غير بعضهم عبارتهم بأن قال: انهم عدول إلا من تحققنا قيام المانع فيه وليس المراد من كونه عدولا إنه يلزم إتصافهم بذلك ويستحيل خلافه فإن هذا معنى العصمة المختصة بالأنبياء عليهم السلام إنتهى كلامه.
ومن العجب إنه زاد بعضهم في المجازفة والمخارفة فحكم بأنهم كلهم كانوا مجتهدين وهذا مما يقطع من له أدنى عقل بفساده لأنه كان فيهم الأعراب ومن أسلم قبل موت النبي صلى الله عليه وآله بيسير والأميون الذين يجهلون أكثر قواعد الإحكام وشرائع الدين فضلاً عن الخوض فيه في الإستدلال كيف والإجتهاد ملكة لا تحصل إلا بعد فحص كثير وممارسة تامة بغير خلاف، وإمكان حصول التفقه والإجتهاد لهم لا يمنعه إلا إنه لا يقتضي الحكم بذلك لأنه خلاف العلم العادي والذي ألجأهم الى هذا القول البارد السمج الناشيء عن العصبية ما قد تحققوه من وقوع الإختلاف والفتن بينهم وإنه كان يفسق ويكفر بعضهم بعضا ويضرب بعضهم رقاب بعض، فحاولوا أن يجعلوا له طريقا الى التخلص كما جوّزوا الأتمام بكل بر وفاجر ليروّجوا أمر الفساق الجهال من خلفائهم وأئمتهم.
وأما ثالثا فلما ذكر شارح الشفاء ايضا من أن للقائل بالمذهب المختار من أن
ويؤيد وجوب إرتكاب التخصيص فيه إن هذا الشيخ الجامد المتولد من الحجر، إستحسن أن يكون المراد بأهل البيت الذين هم أمان في الحديث الذي أسبقنا (1) نقله من علمائهم معللاً بأنهم الذين يهتدى بهم كالنجوم ولا ريب إن إستحسان التخصيص المذكور في ذلك الحديث يوجب إستحسان مثله في هذا الحديث بطريق أولى وما ذكره من التعليل يقتضي وجوب التأويل بذلك كما لا يخفى ولنعم ماقال بعض الفضلاء رحمة الله تعالى عليهم:
التعريف بالشيعة
2 ـ قال: فإني سئلت قديما في تأليف كتاب يبين حقيقة خلافة الصديق وإمارة ابن الخطاب فأجبت الى ذلك مسارعة في خدمة هذا الجناب، ثم سئلت في إقرائه لكثرة الشيعة والرفضة ونحوهما الآن بمكة المشرفة أشرف بلاد الإسلام فأجبت الى
____________
(1) كذا كان والظاهر إنه سهو لأنه لم يسبق شيئا بالنسبة الى هذا الحديث.
أقول: أيها الشيخ الجامد، لعمرك ما زدت بذلك إلا إبراز زلة قدمك وإظهار جهلك المركب على الشيعة بحيث يضحكون على تأليف هذا لما أشرنا اليه من إبتنائه على مجرد المصادرة وسوء المكابره الذين أخذتهما بإرث التعصب من الأشاعرة …. لكن قد عمى منكم القلب والبصر والمسمار لا يؤثر في الحجر
ثم إن أراد بالرفضه الغلاة من الشيعة الذين قالوا بإلوهية علي عليه السلام أو نبوته فهم كانوا جماعة قليلة قد حكم سائر طوائف الشيعة أيضاً بكفرهم بل بنجاستهم العينية وقد إنقرضوا قبل خمسمائة من زماننا هذا
وأن اراد بهم الشيعة الإمامية الذين هم عيون طوائف الشيعة المدار عليهم الطاعنين في خلافة المشايخ الثلاثة فليس في تلقبهم بهذا الأجل ماذكر شناعة كما يشعر به سياق كلام هذا الشيخ الجاهل وأصحابه لأنه مآل هذا الرفض يرجع عند التحقيق الى رفض الباطل وهو إعتقاد صحة خلافة المشايخ الثلاثة وإنما الشناعة في أصل تلقب مخالفيهم بأهل السنة والجماعة فإن هذا اللقب قد وضع في زمان معاوية وأرادوا بالسنة سنة معاوية من سب علي عليه السلام على المنابر ونحوه من الكفر والبدعة وبالجماعة جماعته كما يشعر به ما سيذكره هذا الجامد في باب خلافة الحسن عليه السلام حيث قال «وكان نزول الحسن عن الخلافة في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين فسمي هذا العام عام الجماعة لإجتماع الأمة على خليفة واحد إنتهى
ثم لما ظهرت دولة بني العباس ومعاداتهم لبني أمية وأتباعهم خافوا عن الحمل على ذلك وقالوا مرادنا بالسنة سنة النبي وبالجماعة جماعة أصحابه فقد ظهر إنهم في الحقيقة أهل السنة والجماعة
____________
(1) ذكرهما الزمخشري في الكشاف في تفسير قوله تعالى (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه، قال ربي أرني أنظر اليك، قال لن تراني ولكن إنظر الى الجبل فإن إستقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً، وخر موسى صعقاً فلما أفاق، قال سبحانك تبت اليك وأنا أول المؤمنين) وهي الآية الثانية والأربعون بعد المائة من سورة الأعراف يعير بهما القائلين بالرؤية وعبارته قبل البيتين هكذا (350 /1 المطبوع بمصر سنة 1307) «ثم تعجب من المتسمين بالإسلام، المتسمين بأهل السنة والجماعة، كيف إتخذوا هذه العظيمة مذهبا ؟ ولا يغرنك تسترهم بالبلفكة فإنه من منصوبات أ شياخهم والقول ماقال بعض العدلية فيهم لجماعة سمو الخ»
وانت خبير بأن صريح عبارته إنهما من إنشائات بعض العدلية ويمكن أن يقال إن هذا التعبير خوفاً من متعصبي العامة وجهالهم ولذا قال محب الدين الأفندي في كتاب تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات المطبوع في ذيل الجزء الثاني من الكشاف (ص 88) بعد نقل البيتين «البيتان للزمخشري عند قوله تعالى: لن تراني ولكن إنظر الى الجبل الى آخر الآية
موكفة من الأكاف وهو البردعة
والبلتفة قولك بلا كيف يقرر مذهبه في نفي الرؤية ويقدح في أهل السنة والجماعة الذين يصدقون بأن رؤية الله تعالى حق ويقولون نرى ربنا يوم القيامة بل كيف كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم «إنكم ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته» وكان الشافعي رضي الله عنه يتمسك في إثبات الرؤية بقوله تعالى (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) قال لم حجب الكفار بالسخط دل على أن الأولياء يرونه في الرضا وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن رؤية العباد ربهم يوم القيامة فقال منهم من ينظر الى ربه في الجمعة مرة ومنهم من ينظر الى ربه بكرة وعشية رزقنا الله تعالى رؤيته في الآخرة كما رزقنا في الدنيا بكرمه معرفته ولقد عورض ما أنشده وأنشأه من الهذيان بأبيات ذكرها السكوني في التمييز وهي
أقول: إعترافه بالقصور عن حقائق هذه المسألة حق كما سيظهر وليس فيه هضم نفس كما قد يتوهمه بعض أوليائه وما ذكره من الحديث فلا يصلح حاملا باعثاً على تأليفه هذا، لجواز أن يكون المراد من البدع ما أبدعه خلفائه الثلاثة في دين رب العالمين كما أشرنا اليه سابقا وسيأتي لاحقاً والمراد بمن سب من الأصحاب هو مولانا أمير
4 ـ قال: والطبراني «من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام».
أقول: هذا حجة عليه لا له حيث وقر في كتابه هذا جماعة هم أول من أبدعوا في دين الإسلام بل حجة على الصحابة الذين وقروا الثلاثة ومكنوهم من غصب الخلافة وإحداث فنون البدع والكثافة.
5 ـ قال: وسيتلى عليك ما تعلم منه علما قطعيا إن الرافضة والشيعة وما نحوهما من أكابر أهل البدعة.
6 ـ قال: وأخرج المحاملي والطبراني والحاكم عن عويمر بن ساعدانه عن النبي صلى الله عليه وآله قال «إن الله إختارني وإختار لي أصحاب فجعل لي منهم وزراء وأنصارا وأصهاراً فمن حفظني فيهم حفظه الله ومن آذاني فيهم آذاه الله.
آقول: لو صح هذا الحديث فالمراد بالوزراء فيه علي عليه السلام والجميع بالتعظيم كما قاله المفسرون فيما نزل في شأنه (ع) من قوله تعالى (والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) إذا لم يتعدد وزيره صلى الله عليه وآله كما هو الأصل بل كان واحداً وهو علي عليه السلام عند الشيعة ولو سلم إن المراد غيره فهو من الأنصار لما سيذكر هذا الرجل في الفصل الأول من الباب الأول رواية عن أحمد مايدل على حصر الوزارة في الأنصار وعلى هذا يكون لفظ الأنصار في هذا الحديث بمنزلة عطف تفسير للوزراء فإفهم وكذا الكلام في الأصهار لظهور أن الأصهار على تقدير سليم كون عثمان صهراً للنبي (ص) أيضاً لا يبلغ مرتبة الجمعية بالأتفاق.
أقول: بعد منع صحة السند قد مر إن الكلام في هذا المبحث في كل عصر إنما كان مع الشيعة الأمامية دون من لايعبأ بهم من الغلاة، ومن الظاهر الذي لايخفى على كل أحد إن الإمامية لا يقولون بتعدد الآله ولا بإلوهية أحد من الأئمة المعصومين عليهم السلام حتى يكونوا مشركين فلو صح الحديث كان المراد من الرفضه المذكوره فيه الغلاة من الشيعة الذين يفرطون في حبّ علي عليه السلام الى أن يعتقدوا الربوبية فيه كما يدل عليه الحديث الذي سيذكره بعد ذلك بقوله: وأخرج الدارقطني عن علي كرم الله وجهه عن النبي صلى الله عليه وآله «سيأتي من بعدي قوم لهم نبز يقال لهم الرافضه فإن أدركتهم فإقتلهم فإنهم مشركون، قال قلت يارسول الله ما العلامة فيهم ؟ قال يفرطونك بما ليس فيك ويطعون على السلف» إنتهى
بل المراد بالرافضة كلما وقع في آثار السلف هم الغلاة وجعله شاملا للشيعة الإمامية تعنت من مخالفيهم وأما قوله «ويطعنون على السلف» فمن إضافات الخلف فهو خلف باطل كما لا يخفى.
الصحابة والخلفاء
8 ـ قال: الطبراني عن إبن عباس رضي الله عنه «من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
أقول: الظاهر إن المراد سب جميع الأصحاب بحيث يدخل فيه المقبول
وأيضاً المراد من السب الشتم والقذف دون اللعن الذي ربما يرتكبه الشيعة بالنسبة الى بعض المردودين من الصحابة والإخفاء في أن الشتم لا يحل بالنسبة الى كافر ذمي فضلا ً عن مسلم أو من ظاهره الإسلام وأما اللعن فهو دعاء من المظلوم أو من وليه على الظالم وليس بممنوع شرعاً بل قد يستحب كما صرح به الفاضل النيشابوري في تفسيره ويدل عليه لعن الجاري الشرع بين المتلاغين المسلمين بل الصحابيين بنص الكتاب وقوله صلى الله عليه وآله «لعن الله المحلل والمحلل له» مع جواز التحليل بنص الكتاب أيضاً غاية الأمر إنهما ليسا بحسنين في شرع التكرم كما لا يخفى تدبر.
9 ـ قال: الطبراني والحاكم عن جعدة بن هبيرة نقلاً (يعني عن النبي) «خير الناس قرني الذي أنا فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم والآخرون أراذل» ومسلم عن أبي هريرة «خير أمتي القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم الحديث».
أقول: بعد إلإغماض عما في السند لا دلالة لهذين الحديثين وأمثالهما مما تركنا ذكره على ما قصده هذا الرجل من خيرية جميع الناس الموجودين في قرن النبي (ص) حتى بعض الصحابة الذين حكم عليهم الشيعة بكونهم أشراراً فإن قولنا أن قريش
____________
(1) وهو الشريف أبو القاسم علي بن أحمد الكوفي العلوي المتوفى في سنة 352 المترجم حاله والمبين إعتبار كتابه هذا في كتب التراجم والأخبار.
قال: فإن قالوا إن أهل عصر الرسول لأجل مشاهدتهم له ومجاهدتهم معه أفضل وكذلك سبيل من شاهدهم من بعد الرسول من التابعين ونقلوا الينا العلوم وآلأخبار عنهم ومنهم قيل لهم اليس كل من تقدم خلقته في ذلك العصر فهو فعل الله فلا حمد للمتقدم في تقدم خلقه ولا صنع له في ذلك ولا فعل يحمد اليه ولا يذم منه فلا بد من نعم فيقال لهم أفتقولون إن الله تعالى يحمد العباد على افعاله ويذمهم عليها ؟ فإن قالوا ذلك جهلوا