قال: آخيت بيني وبين زفر، وقال للثاني: فقال: برح الحفابي، وقال لفعيل قال: خفت الفوت فسبقت، وقال للثالث: فقال: أمرني الثاني، فقال: أما أنت يا فعيل فروثة حمار خير منك وأما أنت يا عثمان فجيفة الصراط يطأك المنافقون، و أما أنتم فمنافقون إلى يوم القيامة.
وسيأتي في باب المجادلة جواب بين لما اقترحوه من البهتان، في عمر وعثمان.
وقد ذكر مسلم حديث العقبة في الجزء الثالث من صحيحه وفي الخامس أيضا، وفي الجمع بين الصحيحين في الحديث الأول من أفراد مسلم، وفي الجزء الثالث من الجمع بين الصحاح الستة وذكرها الكلبي والثعلبي ومحمد بن إسحاق وابن حنبل والحافظ في حليته.
وفي تفسير الثعلبي قال حذيفة: يا رسول الله ألا تقتلهم؟ فقال: يكفيناهم الله بالدبيلة وهي شهاب من جهنم، يضعه على فؤاد أحدهم، حتى يريق نفسه و كان كذلك.
فصل
* (في بدع معاوية) *
في حلية الأولياء سبه سعيد بن المسيب برده قضاء رسول الله صلى الله عليه وآله بأن الولد للفراش وللعاهر الحجر، وفي تفسير الثعلبي صلى بالمدينة ولم يقرأ البسملة في الفاتحة، رواه عن جماعة، ونحوه في مسند الشافعي.
قال صاحب المصالت: كان على المنبر يأخذ البيعة ليزيد فقالت عائشة: هل استدعى الشيوخ لبنيهم البيعة؟ قال: لا، قالت: فبمن تقتدي؟ فخجل وهيأ لها حفرة فوقعت فيها فماتت.
وفي رواية ابن أبي العاص قال لها: أي موضع ترضين لدفنك قالت: كنت عزمت على جنب رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أني أحدثت بعده، فادفنوني بالبقيع وروي
لقد ذهب الحمار بأم عمرو | فلا رجعت ولا رجع الحمار |
وفي الحديث الثاني من أفراد البخاري من الجمع بين الصحيحين أنه نازع عمر في الخلافة وقال: من أراد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنة، فنحن أحق به منه، ومن أبيه، فإذا كان لعمر فيها منازعا، ولعلي مقاتلا، فقد كفر بخروجه عن إجماع أهل الاسلام.
وذكر الكلبي منهم في المثالب أن معاوية كان لأربعة لعمارة ولمسافر ولأبي سفيان، ولرجل آخر سماه، قال: وكانت أمه هند من المغتلمات تحت السودان قال: وكانت حمامة بعض جداته لها راية بذي الحجاز لأجل الزنا، وكان يكتب عن نفسه كاتب الوحي، وقد صح من التاريخ أنه أظهر الاسلام سنة ثمان من الهجرة وقيل قبل وفاة النبي بخمسة أشهر، فكيف يثق النبي بكتبه مع قرب عهد إسلامه ولو سلم ذلك لهذه القبيلة، فبدعة تسقط تلك الفضيلة.
وقد ذكر في كتبهم أن ابن أبي سرح كان منهم فارتد فمات فدفن، فلم تقبله الأرض.
وفي الثامن والأربعين بعد المائة من المتفق عليه في الجمع بين الصحيحين أن رجلا من بني النجار قرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب الوحي فارتد، فمات عند أهل الكتاب، فدفن فقذفته الأرض ثلاث مرات فترك منبوذا على وجهها، وقد ظهر من معاوية من مخالفة قواعد الدين، ومن قتل الصالحين، ما يزيد على أفعال المرتدين.
إن قيل: فما بال الأرض لم تقذفه قلنا: هذا ليس بواجب، فإن كثيرا من المرتدين لم تقذفهم الأرض، وكذا قاتلي الحسين عليه السلام وغيرهم فإن لله العقوبة والفضيحة بما يشاء.
(إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار (2)) والدعاء إنما هو بأمر شديد القوى لعموم (وما ينطق عن الهوى (3)) فلولا علمه بنفاقه لم يأمر نبيه بدعائه عليه وشقاقه.
وفي المجلد الثالث من صحيح مسلم: المؤمن يأكل في معاء واحد، والكافر في سبعة أمعاء، وذكره في الجمع بين الصحيحين في الثاني والتسعين من المتفق عليه.
ورووا في كتبهم لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله وماله، و أكل معاوية أحب إليه من النبي صلى الله عليه وآله وكان هو مع أقاربه أعداء للنبي ولأقاربه أسلم طمعا في الملك لما سمع من كعب الأحبار وسطيح: كيف لا تؤمن بمحمد وأنت ولي الثارات من أولاده، ففرحت هند بذلك وأسلما.
وفي صفوة التاريخ لأبي الحسن الجرجاني أنه لعن علي عليا المنبر وكتب إلى سائر البلاد بذلك فلعنوه، فإن كان علي ملعونا ظلما على المنابر فمعاوية ملعون عدلا من القنابر (4).
وفي الكتاب قال عتيبة الأسدي:
معاوي إننا بشر فأسجح (5) | فلسنا بالجبال ولا الحديد |
أكلتم أرضنا فجزدتموها | فهل من قائم أو من حصيد |
____________
(1) براءة: 128.
(2) النساء: 145.
(3) النجم: 3.
(4) في تفسير الثعلبي في قوله تعالى: (علمنا منطق الطير) أن القنبر يقول (اللهم العن [ ظالم ] آل محمد. كذا في هامش بعض النسخ.
(5) السجاحة السهولة، منه رحمه الله.
مشعشعة كانت قريش تكنها | فلما استحلوا قتل عثمان حلت |
فقال: مع من شربت؟ فقال:
شربت مع الجوزاء كأسا روية | وأخرى مع الشعرى إذا ما استقلت |
فدرأ عنه الحد.
وقيل لأبي نعيم: تركت ذكر معاوية في كتابك قال: إنما ألفت حلية الأولياء لا حلية الأمراء.
وروى أبو بكر الهذلي قال: ضرط عند معاوية أبو الأسود الدئلي فاستكتمه فلما خرج حدث بها ابن العاص ومروان، فلما غدا أبو الأسود قال عمرو: ما فعلت ضرطتك بالأمس؟ قال: ذهبت كما يذهب الريح من شيخ ألان الدهر أعضاءه من إمساكها، وكل أجوف ضروط، وكيف نجاك دبرك يا عمرو يوم صفين ثم أقبل على معاوية وقال: إن امرءا ضعفت أمانته ومروته عن كتمان ضرطة، فحقيق أن لا يؤتمن على المسلمين.
فقال رجل أنصاري: على رسلك يا معاوية قال الله: (وكذب به قومك (3)) وأنت من قومه (إذا قومك منه يصدون) (4) وأنت من قومه (إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) (5) وأنت من قومه، فهذه ثلاث بثلاث ولو زدتنا لزدناك فأفحمه.
وقال لرجل من اليمن: ما كان أجهل قومك حين ولو أرهم امرأة، فقال:
أجهل منهم قومك إذ قالوا حين دعاهم النبي صلى الله عليه وآله (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (6) ولم يقولوا: إن كان هو الحق فاهدنا له.
ولما دخل عليه عقيل قال له: كيف رأيت عليا وأصحابه؟ قال: كأنه رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه، قال: فأنا؟ قال: فكأنك أبا سفيان وأصحابه، فقال له: أنت ضرير، قال: هو أولى أن لا أراك قال: أنتم تصابون في أبصاركم قال: و أنتم تصابون في بصائركم.
ثم قال لأهل الشام: هذا ابن أخي أبي لهب، فقال: هذا ابن أخي أم جميل حمالة الحطب، فقال: يا عقيل أين تراهما قال: إذا دخلت النار فانظر على يسارك تراه مفرشا لها، فانظر أيهما أسوء؟ الناكح أم المنكوح؟ فقال: واحدة بواحدة والبادي أظلم.
ودخل مولى أبي ذر فقال: أتعلم متى قامت القيامة؟ قال: نعم حين هدموا بيت النبوة والبرهان، وسلبوا أهل العزة والسلطان، وأطفأوا مصابيح النور والفرقان، وعصوا في صفوة الملك الديان، ونصبوا ابن آكل الذبان، شر كهول الورى والشبان، وأحيوا بدعة الشيطان، وأماتوا سنة الرحمن، فقد قامت القيامة
____________
(1) الشعراء: 214.
(2) الزخرف: 44 (3) الأنعام: 66.
(4) الزخرف: 57 (5) الفرقان: 30 (6) الأنفال: 32.
قال: أفتعلم متى هلكت الأمة؟ قال: نعم حين كنت أنت أميرها، وابن عاصي الله خطيبها، وابن طريد رسول الله صلى الله عليه وآله فقيهها، وصار غلام ثقيف يسوسها و ابن أبي معيط يتلف بأحقاد الجاهلية نفوسها، وزياد سوء العذاب يسومها، ويزيد السوء بعدك الخلافة يرومها.
وجد على بساطه يوم صفين:
معاوي لله من خلقه | عباد قلوبهم قاسية |
وقلبك من شر تلك القلوب | وليس المطيعة كالعاصية |
أردت الخلافة من دونه | وغرتك أكلبك العاوية |
وأنت طليق فلا ترجها | وإن ترجها تهو في الهاوية |
وروى سعيد بن حسان أنه كان في مرضه يقول: اسقوني ونغب ولا يروي ويقول: ما لي وما لك يا حجر! ما لي وما لك يا ابن أبي طالب، ويتململ على فراشه ويقول: لولا هواي في يزيد لأبصرت به رشدي، ونحو ذلك في تاريخ النشوي.
سلمة ابن كهيل قال الأحنف: سمعت عليا يقول: ما يموت فرعون حتى يعلق الصليب في عنقه، فدخلت عليه وعنده عمرو والأسقف فإذا في عنقه صليب من ذهب، فقال: أمراني وقالا: إذا أعيا الداء الدواء تروحنا إلى الصليب فنجد له راحة.
الزهري دخل عليه راهب وقال: مرضك من العين، وعندنا صليب يذهب العين فعلقه في عنقه فأصبح ميتا فنزع منه على مغتسله.
وفي المحاضرات لما علقه قال الطبيب: إنه ميت لا محالة، فمات من ليلته فقيل له في ذلك فقال: روي عن علي عليه السلام الخبر السالف.
فصل
* (في عمرو بن العاص) *
في التفاسير لما مات إبراهيم (1) ابن رسول الله صلى الله عليه وآله هجاه بثمانين بيتا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم إن عمرا هجاني ولا أحسن الشعر اللهم فالعنه بكل بيت سبعين لعنة، فنزل فيه (إن شانئك هو الأبتر).
وقال بمصر على المنبر: محي من كتاب الله ألف حرف وزيد فيه ألف حرف وبذلت مائة ألف على أن تمحى (إن شانئك هو الأبتر) فما استوى.
وفي العقد سمعه ابن عباس يزكي نفسه، فقال: بعت دينك من معاوية، و مناك ما بيد غيره، فلما صارت مصر بيدك، كدرها بالعزل عليك، وكدرت مشاهدك بصفين، فوالله ما ثقلت علينا وطأتك ولقد كشفت فيها عورتك ولقد كنت طويل اللسان، قصير السنان، آخر الخيل إذا أقبلت، وأولها إذا أدبرت، لك يد لا تبسطها إلى خير، وأخرى لا تقبضها عن شر، فأصغر عيب فيك أعظم عيب في غيرك، وهذا على قول عمر: لما بعث يطلب مصر من معاوية:
معاوي لا أعطيك ديني ولم أنل | به منك دنيا فانظرن كيف تصنع |
فإن تعطني مصرا فأربح بصفقة | أخذت بها شيخا يضر وينفع |
ولما عزله قال ابن عمر له:
ألا يا عمرو ما أحرزت مصرا | ولا أنت الغداة إلى رشاد |
أبعت الدين بالدنيا خسارا | فأنت بذاك من شر العباد |
وروي أنه بارز بصفين قائلا:
يا قادة الكوفة يا أهل الفتن | يا قاتلي عثمان ذاك المؤتمن |
كفى بهذا حزنا من الحزن | أضربكم ولا رأى أبا الحسن |
____________
(1) الصحيح: القاسم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فإن القصة وقعت في مكة، و سورة الكوثر مكية.
أنا الغلام القرشي المؤتمن | الماجد الأبلج ليث كالشطن |
رضي به السادة من أهل اليمن | أبو الحسين فاعلمن أبا الحسن |
فهرب فطعنه فوقعت في ذيل درعه، فاستلقى وأبدى عن عورته، فصفح عنه حياء وتكرما وأنشأ معاوية:
ألا لله من هفوات عمرو | يعاتبني على ترك البراز |
فقد لاقى أبا حسن عليا | فآب الوائلين مآب خاز |
ولو لم يبد عورته لأدى | إلى الشيخ يذلل كل باز |
فقال عمرو:
معاوي لا تشمت بفارس بهمة | لقى فارسا لا تعتليه الفوارس |
معاوي لو أبصرت في الحرب مقبلا | أبا حسن صدتك عنه الفوارس |
وقد تمثل الشعراء بفعله فقال أبو فراس:
فلا خير في دفع الردا بمذلة | كما رده يوما بسوءته عمرو |
ومن العجب تسليم نفوس أعدائه لما يعلمونه من وقايعه هذا مع هيجان الغضب وتراكمه، وثوران الحرب وتزاحمه، قال جامع الكتاب في هذا الباب:
ليس العجيب لعمرو عند سورته | عن سوء تيه بلى من عفة العافي |
هذا وقد هاجت الهيجاء من غضب | والحرب تسقي بكأس مترع وافي |
لولا الوثوق به لم يبد عورته | له وذلك أبين (1) ليس بالخافي |
وسيأتي في باب رد الشبهات طرف من ذلك.
____________
(1) وذاك مبين، خ.
(13)
(باب)
* (في المجادلة لنصرة دينه) *
وفيه فصول ومناظرات فيما وقع من ذلك للمنحرفين عنه ولأصفيائه، و يلحق بذلك بحث في التقية وبحث في البراءة من أعداء العترة النقية.
فلا خفاء في العقل لشرف العلم، للقضاء الضروري حتى أنه نسب إلى الجاهل فرح به، وإن علم بكذبه:
كفى شرفا للعلم دعواه جاهل | ويفرح إذا يعزى إليه وينسب |
وقد اشتهر فضله في الذكر الإلهي (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون (1)) (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط (2)).
قال الزمخشري في كشافه: فيه دليل على أن من ذهب إلى تشبيه أو جواز رؤية أو جبر الذي هو محض الجور لم يكن على دين الله.
قال الإمام الطبرسي: وفي اقتران العلماء بالملائكة، دليل فضلهم وأنه لا عبرة بغيرهم، والعلم هنا التوحيد وعلوم الدين، لأن الشهادة وقعت فيه، واشتهر فضله أيضا في الحديث النبوي في قوله: ساعة من العالم متكئ على فراشه ينظر في علمه، خير من عبادة العباد سبعين عاما، تعلموا العلم فإنه لله حسنة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه صدقة، وتذكيره قربة، لأنه منار سبيل الجنة والنار، والأنيس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة والسلاح على الأعداء، والقرب عند الغربا، يرفع الله به قوما فيجعلهم في الخير قادة يقتص بآثارهم، وينتهي إلى آرائهم، ترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم. وفي صلاتها مع كل رطب ويابس تستغفر لهم، حتى حيتان البحار و
____________
(1) الزمر: 9.
(2) آل عمران: 18.
فصل
ذكر عند الصادق عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام نهوا عن الجدال فقال: المنهي عنه هو الجدال بغير التي هي أحسن، فإن الله أمر نبيه في قوله: (و جادلهم بالتي هي أحسن (1)) وغير الحسن أن يجادل مبطلا فيورد عليك باطلا فلا ترده بحجة نصبها الله، والتي هي أحسن مثل جدال النبي صلى الله عليه وآله لجاحدي البعث بقوله: (يحييها الذي أنشأها أول مرة (2)) نبه سبحانه على عظيم قدرته بقوله:
(الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا (2)) على أن من كمن النار الحارة في الأخضر، هو على إعادة ما يفنى أقدر.
وقال: (أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم (4)) وقد جادل النبي أهل خمسة أديان: اليهود، والنصارى والدهرية، والثنوية، ومشركي العرب، من أراد وقف عليه من تفسير الإمام العسكري واحتجاج الطبرسي.
وقد أورد المفيد في كتاب الكامل وكتاب الأركان وكتاب المحاسن حديثا مسندا إلى الصادق عليه السلام (خاصموهم وبينوا لهم الهدى الذي أنتم عليه، وضلالهم و باهلوهم في علي عليه السلام).
وقد جادل النبي صلى الله عليه وآله المشركين مرارا عند قولهم: (ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق (5)) (لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين
____________
(1) النحل: 125.
(2) يس: 79.
(3) يس: 80.
(4) يس: 81.
(5) الفرقان: 7.
وفي كتاب مشكاة الأنوار مسندا إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: نحن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا ومسندا إلى الإمام العسكري عليه السلام عن آبائه إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: أشد من يتم يتيم انقطع عن أبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه، لا يقدر على الوصول إليه، ألا ومن كان من شيعتنا عالما لعلمنا، فهداه وعلمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى.
وإلى العسكري إلى علي عليه السلام من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا، فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلم جهلهم إلى نور العلم الذي حبوناه به، جاء يوم القيامة على رأسه تاج من نور يضئ لأهل العرصات، وحلة لا يقوم لأقل سلك منها الدنيا بحذافيرها، ثم ينادي مناد هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمد، ألا فمن أخرجه من ظلمة جهله فليتشبث بنوره، ليخرجه من ظلمة هذه العرصات إلى نزه الجنات فيخرج كل من علمه خيرا أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا.
وإلى العسكري: فضل كافل يتيم آل محمد، المنقطع عن مواليه، الناشب في تيه الجهل يخرجه ويوضح له، على فضل كافل يتيم يطعمه ويسقيه، كفضل الشمس على السها.
وإلى العسكري إلى الحسين بن علي عليهم السلام: من كفل لنا يتيما قطعته عنا محنتنا باستتارنا، فواساه من علومنا التي سقطت إليه حتى أرشده قال الله عز وجل:
أيها العبد الكريم المواسي، أنا أولى بالكرم اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بكل حرف علمه ألف ألف قصر، وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعم.
وإلى الصادق عليه السلام علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الذي يلي إبليس وعفاريته وشيعته النواصب، يمنعونهم من الخروج والتسلط على ضعفاء شيعتنا، ألا ومن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة، لأنه
____________
(1) الزخرف: 31.
(2) أسرى: 90.
وإلى الكاظم عليه السلام فقيه واحد ينقذ يتيما من أيتامنا المنقطعين عن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه أشد على إبليس من ألف ألف عابد، وألف ألف عابد، لأن العابد همه ذات نفسه فقط، وهذا همه ذات نفسه وذات عباد الله وإمائه ينقذهم من إبليس ومردته.
وعن الرضا عليه السلام: يقال للعابد يوم القيامة: نعم الرجل كنت، همتك ذات نفسك وكفيت الناس مؤنتك فادخل الجنة ويقال للفقيه: أيها الكافل لأيتام آل محمد، الهادي لضعفاء محبيهم: قف حتى تشفع في كل من تعلم منك أو تعلم ممن تعلم منك إلى يوم القيامة، فيدخل الجنة ومعه فئاما وفئاما حتى عد عشرا فانظركم حرف ما بين المنزلتين.
وعن الجواد عليه السلام من تكفل لأيتام آل محمد، المنقطعين عن إمامهم، المتحيرين في جهلهم، الأسرى في أيدي النواصب وشياطينهم، فاستنقذهم من حيرتهم، وقهر شياطينهم برد وساوسهم، والناصبين بحجج ربهم دليل أئمتهم، ليفضلون عند الله العباد بأكثر من فضل السماء على الأرض، والعرش والكرسي والحجب على السماء فضلهم على هذا العابد، كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء.
وعن الهادي عليه السلام لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء الدالين عليه، و الداعين إليه، والذابين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شياطين إبليس ومردته؟ ومن محاج لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكانها أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل.
وعنه عليه السلام شيعتنا القائمون بضعفاء محبينا يوم القيامة، والأنوار تسطع من تيجانهم، قد انبثت في عرصات القيامة ودورها ثلاثمائة ألف سنة، فلا يبقى يتيم قد كفلوه، ومن ظلمة الجهل أخرجوه، إلا تعلق بشعبة من أنوارهم حتى ينزلون في جوار استاديهم وأئمتهم، ولا يصيب النور ناصبيا إلا عميت عيناه من ذلك النور
وقال أبو محمد عليه السلام: إن من محبي محمد وآله مساكين مواساتهم أفضل مواساة الفقراء وهم الذين سكنت جوارحهم، وضعفت قواهم عن مقابلة أعداء الله، الذين يعيرونهم بدينهم، ويسفهون أحلامهم، ألا فمن قواهم بفقهه، ثم سلطهم على الأعدا الظاهرين النواصب، والباطنين إبليس ومردته، حتى هزموهم عن دين الله وأوليائه؟
حول الله تلك المسكنة إلى شياطينهم فأعجرهم عن إضلالهم قضاء الله بذلك.
وقال: اختصم إلى فاطمة عليها السلام في أمر الدين معاندة، ومؤمنة، ففتحت على المؤمنة حجتها فاستظهرت على المعاندة، ففرحت فرحا شديدا فقالت فاطمة: فرح الملائكة أشد من فرحك، وحزن الشيطان ومردته لحزنها أشد من حزنها، وإن الله قال للملائكة: أحبوا لفاطمة بما فتحت على هذه المسكينة الأسيرة من الجنان ألف ألف ضعف ضعف ما كنت أعددته لها، واجعلوا ذلك سنة في كل من فتح على مسكين فغلب معاندا.
وقال: حمل رجل إلى الحسن بن علي هدية فقال أيما أحب إليك أن أرد لك بدلها عشرين ضعفا وعشرين ألف درهم أو أفتح لك بابا من العلم تقهر به فلانا الناصبي في قريتك، تنقذ به ضعفاءها وإن أحسنت الاختيار جمعت لك الأمرين فقال:
قهري له قدر عشرين ألف؟ قال: بل قدر الدنيا عشرين ألف مرة قال: فكيف أختار الأدون؟ فعلمه كلمة وأعطاه عشرين ألف درهم، فذهب فأفحم الرجل ثم حضر فقال له: ما ربح أحد مثل ربحك كسبت مودة الله أولا، ومودة محمد وعلي ثانيا والسبطين والأئمة ثالثا، وجبرائيل والملائكة رابعا، وإخوانك المؤمنين خامسا واكتسبت بعدد كل مؤمن وكافر ما هو أفضل من الدنيا ألف مرة، واكتسبت مالا.
وقال علي عليه السلام: من قوى مسكينا في دينه، ضعيفا في معرفته، على ناصب مخالف فأفحم لقنه الله يوم يدلى في قبره أن يقول: الله ربي، ومحمد نبيي، وعلي وليي، والكعبة قبلتي، والقرآن عدتي، والمؤمنون إخواني فيقول الله أدليت
وقال الصادق عليه السلام: من كان همه في كسر النواصب عن موالينا، وكشف مخازيهم، جعل الله همة أملاك الجنان في بناء قصوره ودوره، يشغل بكل حرف من حروف حجته أكثر من عدد أهل الدنيا، قدرة كل واحد يفضل عن حمل السماوات والأرضين، فكم من نعمة وكم من قصور لا يعرف قدرها إلا رب العالمين.
وقال الرضا عليه السلام: أفضل ما يقدمه العالم من محبينا ليوم فقره ومسكنته أن يعين في الدنيا مسكينا من يد ناصب عدو الله ورسوله، يقوم من قبره والملائكة صفوف إلى محل من الجنان، فيحملونه على أجنحتهم، ويقولون: طوباك طوباك يا دافع الكلاب عن الأبرار، ويا أيها المتعصب للأئمة الأخيار.
وقال بعض الموالي لأبي الحسن عليه السلام: إن لنا جارا ناصبيا يحتج علينا في تفضيل من تقدم على علي عليه السلام ولا ندري ما جوابه؟ فأمر بعض تلامذته بالمصير إليه فذهب فأفحمه، ففرحوا وحزن الرجل وقبيلته، فرجعوا فأخبر الإمام فقال: ما في السماء من الفرح أكثر من ذلك وما بإبليس وشياطينه أشد من حزن أولئك، ولقد صلى على هذا الكاسر ملائكة السماء والعرش والكرسي، وقابلها الله بالإجابة فأكرم إيابه، وعظم ثوابه، ولعنت تلك الأملاك عدو الله المكسور، وقابلها الله بالإجابة فشدد حسابه وأطال عذابه.
تذنيب:
كان محمد بن الحنفية يحدث عن أبيه عليه السلام: ما خلق الله شيئا أشر من الكلب والناصب شر منه.
أبو بصير: مدمن الخمر كعابد وثن، والناصب شر منه، لأن الشارب تدركه الشفاعة يوما، والناصب لو شفع فيه أهل السماوات والأرض لم يشفعوا.
تذنيب آخر:
أبو ذر قال النبي صلى الله عليه وآله: يؤتى بجاحد حق علي يوم القيامة أعمى أبكم يكبكب