الصفحة 236

فلم أكتب عنه لأنه كان يؤمن بالرجعة، فتركوا الانتفاع بتلك الأحاديث لأجل قول جاء القرآن به في (الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف (1)) وغيرهم، و جاءت أخبار بحياة أصحاب الكهف.

وأباحوا الخطأ في الشريعة فقد ذكر في الجمع بين الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد.

خاتمة:

أتباع كل قوم أعرف بمذاهبهم، فالشيعة أعرف بمذاهب العترة التي رفع النبي صلى الله عليه وآله الضلالة عن من تمسك بها، والعترة قد أثنت على الشيعة بالورع و الديانة، فيعلم كل عاقل مرافقتهم لها في العقايد والأمانة، ومن الله الإعانة.

____________

(1) البقرة: 243.


الصفحة 237

(16)
(باب)
* (ذكر رواة أحاديثهم، وطعن بعضهم في بعض، الموجب ذلك) *
* (لفسقهم، الموجب لرد حديثهم، الموجب لهدم) *
* (قاعدتهم في تصحيح دينهم) *


فمن الصحابة جماعة مالوا إلى دنياهم، وتداولوا الأموال ودخلوا بني أمية في ولايتهم، ورووا لهم ما أحبوا، حتى وصلوا إلى حاجتهم، وقتلوا عثمان، و سبوا عليا في زمان إمامته بالاعلان وخذلوا أبا عبد الله الحسين عليه السلام مع كونه من أحد الثقلين.

إن قيل: العدول عن ذلك أحرى بأولي الألباب، لما فيه من الاغتياب المنهي عنه بنص الكتاب.

قلنا: قد ألحق الله بالظالمين من يتولى الظالمين، وقال النبي الأمين صلى الله عليه وآله:

قولوا في الفساق ما فيهم ليجتنبهم الناس وقد وضعت العلماء كتب الرجال، ونصوا فيها على فسق جماعة وكذبهم في المقال، ولم يلحق ذلك بالضلال.

وذكر النبي صلى الله عليه وآله أهل العقبة وما انطووا عليه من العدوان، وأشار إلى بيت عائشة وقال: من هنا تطلع الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان، وقال لأصحابه:

لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، وقال: لتركبن سنن من كان قبلكم حذوا النعل بالنعل، والقذة بالقذة (1) وقال من أصحابي من لا يراني بعد خروجي من الدنيا.

____________

(1) روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله، لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم قلنا يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ ورواه في مشكاة المصابيح ص 458، وقال متفق عليه.


الصفحة 238
ولولا أن الله يقول: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله الآية (1)) لسكتنا عنهم، ولم نعادهم، وهذا علي ومن كان في حزبه لم يتعافوا عن طلحة والزبير وعائشة، والآخرون والأمر مشهور.

وهذا معاوية وابن العاص وأتباعهما برئوا من علي وأصحابه وحزبهم ولعنهم لهم معروف وقد روى جرير بن عبد الحميد الضبي أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان بصفين متقلدا بسيفين، يقاتل عليا عليه السلام ويقول: هذا عن نفسي، و هذا عن أبي.

وهذا سعد (2) وابن عمر وأصحابهما لم يروا تقليد علي وهو إمامهما، وهذا عثمان نفا أبا ذر، وهذا عمار وابن مسعود لعنا عثمان، حتى دق ضلع ابن مسعود وفتق بطن عمار، ولم ينكر أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله عليهم.

وقال ابن مسعود: وددت أني وعثمان برمل عالج يحثو علي وأحثو عليه حتى يموت الأعجز منا، فيريح الله المسلمين منه. وفي رواية ابن مرة أنه قال:

عثمان جيفة على الصراط (3) ومثله روي عن عمار.

____________

(1) المجادلة: 22.

(2) هو سعد بن مالك أبي وقاص بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن النضر بن كنانة القرشي الزهري يكنى أبا إسحاق و أمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس وقيل حمنة بنت أبي سفيان بن أمية، اعتزل عن بيعة علي وفتنة معاوية مع ابن عمر ومحمد بن مسلمة بعد قتل عثمان.

وقد عذله معاوية حين وفد سعد عليه فقال: مرحبا بمن لم يعرف الحق فينصره، ولا الباطل فيخذله، وقد قال الله عز وجل في كتابه: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله).

(3) قال الشيخ في تلخيص الشافي ج 4 ص 101: قد روى كل من روى السيرة من أصحاب الحديث على اختلاف طرقهم أن ابن مسعود كان يقول: ليتني وعثمان برمل عالج يحثي علي وأحثي عليه حتى يموت الأعجز مني ومنه، ورووا أنه كان يطعن عليه فقال له: ألا خرجت عليه لنخرج معك!؟ فيقول، والله لئن أزاول جبلا راسيا أحب إلى من أن أزاول ملكا مؤجلا.

وكان يقول في كل يوم جمعة بالكوفة معلنا: إن أصدق القول كتاب الله، وأحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وشر الأمور محدثاتها، وكل محدث بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

وإنما كان يقول ذلك معرضا بعثمان حتى غضب الوليد من استمرار تعريضه، ونهاء عن خطبته هذه، فأبى أن ينتهي، فكتب الوليد إلى عثمان فيه فكتب عثمان يستقدمه.

راجع شرح النهج ج 1 ص 236، الأنساب للبلاذري ج 5 ص 36، حلية الأولياء ج 1 ص 138.


الصفحة 239
وروى شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن ابن مسعود أن عثمان لا يزن عند الله جناح بعوضة وروى خالد وابن حماد ومنصور عن الأعمش عن عمر بن مرة عن أم سلمة عن أبي عبيدة عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يدخل عليكم رجل من أهل النار فدخل عثمان (1).

وهذا عمر يشهد لأهل الشورى بالجنة ويأمر بقتلهم، وهذه عائشة تخرج قميص النبي صلى الله عليه وآله وتقول: لم يبل وقد أبلى عثمان سنته، وهذا عمر قد قال:

اقتلوا سعدا لعن الله سعدا، وهو سيد الأنصار، وهم بإحراق بيت فاطمة وأنكر على أبي بكر ترك قتل خالد، وقد قذفه بالزنا بامرأة مالك، وأنكر عليه أشياء حتى قال: كانت بيعة أبي بكر فلتة (2).

وهذا طلحة وعثمان يوم أحد فقال له عثمان: ألست خطبت يهودية فأبت

____________

(1) لما مرض ابن مسعود مرضه الذي مات فيه، أتاه عثمان عائدا فقال: ما تشتكي؟

قال: ذنوبي قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي، قال: ألا أدعو لك طبيبا! قال: الطبيب أمرضني، قال: أفلا آمر لك بعطائك! قال: منعتنيه وأنا محتاج إليه، وتعطينيه وأنا مستغن عنه، قال: يكون لولدك قال: رزقهم على الله، قال: استغفر لي يا أبا عبد الرحمن قال: أسأل الله أن يأخذ لي منك بحقي، راجع الأنساب للبلاذري ج 5 ص 37.

(2) مر ذلك مشروحا في أوائل هذا المجلد فراجع.


الصفحة 240
أن يتزوجك؟ حتى تهودت فأنت أول صحابي تهود.

وهذا أبي بن كعب وابن مسعود تسابا حتى نفى كل واحد منهما الآخر عن أبيه، وقال عثمان لابن عوف: يا منافق! فقال: متى نافقت أفي توليتي إياك؟

أم برضاي بمن لم يكن رضى.

فهذه أمور شرحناها، ليعلم الناظر في كتابنا أن القوم بدلوا وغيروا كالأمم السالفة، فإن كان الله ورسوله مدحاهم في حال طاعتهم، فقد ذماهم في حال معصيتهم وقد خاطب الله نبيه ب (لئن أشركت ليحبطن عملك (1)) وقال: (إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم (2)) وذلك تأديب وتحذير لأمته.

____________

(1) الزمر: 65.

(2) الأنعام، 15، يونس: 15، الزمر، 13.


الصفحة 241

(1)
فصل


فمن فقهاء الجمهور ورواتهم عبد الله بن عمر، قعد عن بيعة علي ونصرته، و تمسك بيزيد وبيعته، ففي الحديث الحادي والثمانين من الجمع بين الصحيحين لما خلع أهل المدينة يزيد، جمع أهله وحشمه، وقال: سمعنا النبي صلى الله عليه وآله يقول:

ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة، وإني لا أعلم أغدر ممن بايع رجلا ثم نصب له القتال.

وفي الحديث الخامس والخمسين منه أنه كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه، وفي الحديث الخامس والستين بعد المائة من المتفق عليه لما سمعت عائشة عنه أن الميت ليعذب ببكاء الحي فقالت: نسي أو أخطأ (1) إنما قال النبي صلى الله عليه وآله في

____________

(1) قال البخاري في صحيحه باب قول النبي صلى الله عليه وآله: يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه (ج 1 ص 222 الطبعة التي بهامشها الحاشية السندي): حدثنا عبدان حدثنا عبد الله أخبرنا ابن جريج قال أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة قال: توفيت ابنة لعثمان بمكة وجئنا لنشهدها وحضرها ابن عمر وابن عباس وإني لجالس بينهما...

فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان: ألا تنهى عن البكاء فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه.

إلى أن قال: قال ابن عباس: فلما أصيب عمر، دخل صهيب يبكي يقول: واأخاه وا صاحباه فقال عمر: يا صهيب أتبكي علي وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه؟

قال ابن عباس فلما مات عمر، ذكرت ذلك لعائشة فقالت: رحم الله عمر، والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وآله إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله قال: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه، وقالت: حسبكم الآن (ولا تزروا وازرة وزر أخرى).

وروى في حدويث آخر عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أنها سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله قالت: إنما مر رسول الله على يهودية يبكى عليها أهلها فقال:

إنهم ليبكون عليها، وإنما لتعذب في قبرها.

وروى البخاري أيضا في باب البكاء عند المريض ج 1 ص 226 من صحيحه عن عبد بن الله عمر في حديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، وزاد بعده: وكان عمر يضرب فيه بالعصا ويرمى بالحجارة ويحثى بالتراب.

قال السيد شرف الدين في النص والاجتهاد ص 174: كانت عائشة وعمر في هذه المسألة على طرفي نقيض، فكان عمرو ابنه عبد الله يرويان عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، وفي رواية ببعض بكاء أهله عليه، وفي ثالثة: ببكاء الحي عليه، وفي رابعة يعذب في قبره بما ينح عليه، وفي خامسة: من يبك عليه يعذب وهذه الروايات كلها خطأ من راويها بحكم العقل والنقل.

أقول: قد أورد قدس سره في ذاك الفصل من كتابه، روايات كثيرة صحيحة في أن النبي صلى الله عليه وآله بكى على حمزة سيد الشهداء، وأنه بكى حين بكت فاطمة ابنته وأنه بكى على جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وقال: أخواي ومؤنساي ومحدثاي.

وروى عن البخاري في صحيحه باب قول النبي إنا بك محزونون من أبواب الجنائز ص 226 ج 1 عن أنس قال: دخلنا عليه صلى الله عليه وآله وإبراهيم - ابنه صلى الله عليه وآله - يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال: يا ابن عوف إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى فقال: إن العين تدمع، و القلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون.


الصفحة 242
يهودية ماتت إنه يبكي عليها وإنها لتعذب، فهذا طعن منها فيه إن كانت صادقة وإلا ففيها.

ومنه في الحديث الثاني عشر بعد المائة من المتفق عليه أن ابن عمر قال:

اعتمر النبي صلى الله عليه وآله في رجب فبلغها فقالت: ما اعتمر في رجب، وما اعتمر قط يوما عمرة إلا وأنا معه، فكيف جاز لها أن تقول ذلك، ولعله اعتمر فيه بمكة بهذا طعن في ابن عمر أو فيها.

ومنهم: عائشة التي أكثروا الرواية عنها، مع نقلهم في صحاحهم نقصها، و

الصفحة 243
ما يوجب رد قولها، ففي الحديث الثاني والثمانين من المتفق عليه: كنت ألعب بالبنات وكانت لي صواحب يلعبن معي، فإذا دخل النبي صلى الله عليه وآله امتنعن، فيشير لهن فيلعبن معي والبنات اللعب (1) ونحوه في حديث جرير.

وقد روت هي في الحديث السادس من المتفق عليه في عدة طرق إنكار النبي صلى الله عليه وآله لعمل الصور والأمر بإبطالها، فكيف يرضى بجعلها في منزله وقد رووا عنه في صحاحهم أن الملائكة لا تدخل بيتا يكون فيه كلب ولا صورة ولا تمثال أفكان يؤثر لعب عائشة باللعب على دخول الملائكة بيته الذي أسس على العبادات ونفي المنكرات، وكيف يمتنع النبي صلى الله عليه وآله من دخول الكعبة حتى يجنب عنها الصور كما ذكره في الجمع بين الصحيحين في الحديث التاسع عشر من أفراد البخاري ويجمع لعائشة النساء يلعبن معها أو يريد لعبها بلعبتها.

وفي الجمع بين الصحيحين في الحديث الخامس والعشرين من المتفق عليه أن عائشة تفرجت على الحبشة وهم يلعبون في المسجد بالحراب (2) وقد صان النبي صلى الله عليه وآله المسجد عن إنشاد الضوال وقال: لا أداها الله إليك إن المساجد لم تبن لهذا.

ومن ذلك الحديث أن أباها دخل عليها في أيام منى، وعندها جاريتان يدففان، والنبي متغش بثوبه، فنهرها وقال: أمزامير الشيطان عند رسول الله؟

فنهاه النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك. فكيف حسن من القوم تصحيح ذلك عن نبيهم الذي هو أكمل العقلاء، وأفضل الفضلاء وكيف جعل النبي صلى الله عليه وآله بيوتا أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه كما جاء في القرآن محلا للعب والغناء، وأبو بكر ينهي عن المنكر فيرده النبي صلى الله عليه وآله عن النهي، وإذا كان النبي لا ينطق عن الهوى، بل بوحي يوحى فرد النبي عن المنكر من رب السماء وكيف ساغ لأبي بكر النهي عن ذلك وكان له برسول الله أسوة حسنة، وهل ذلك إلا تقدم بين يدي الله ورسوله؟. وقد ذكر الحميدي في الحديث الرابع بعد المائة من المتفق عليه عن عائشة من طرق عدة قالت: سحر النبي صلى الله عليه وآله حتى كان يخيل إليه أنه فعل الشئ وما فعله، فكيف

____________

(1) اللعب - كصرد - جمع اللعبة - بالضم - التمثال يلعب بها.

(2) صحيح البخاري ج 1 ص 90.


الصفحة 244
صححوا ذلك وقد صانه الله بألطافه وقال: (فسيكفيكهم الله (1)) وكان يعلم الناس التحرس من السحر، (2) ولو جاز عليه ذلك التنفيذ، جاز أن ينقص عن الشريعة أو يزيد، وفي ذلك إسقاطه وإسقاط مذهب الاسلام، عند أعدائه من الأنام.

ومنهم: مقاتل، قال الجزري: كان كذابا بإجماع المحدثين، وقال وكيع:

كذاب وقال السعدي: كان حسودا وقال البخاري: كان مقاتل لا شئ البتة، و قال الساجي: كذاب متروك، وقال الرازي: متروك الحديث، وقال النسائي:

من الكذابين المعروفين بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وآله أربعة: ابن أبي يحيى بالمدينة، والواقدي ببغداد، ومقاتل بخراسان، وابن سعيد بالشام.

ومنهم: أبو حنيفة قال الغزالي: أجاز أبو حنيفة وضع الحديث على وفق

____________

(1) البقرة، 137.

(2) وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عائشة قالت: كان لرسول الله غلام يهودي يخدمه، يقال له لبيد بن أعصم، فلم تزل به يهود حتى سحر النبي صلى الله عليه وآله وكان النبي يذوب ولا يدري ما وجعه.

فبينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات ليلة نائم، إذ أتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه. والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رأسه للذي عند رجليه: ما وجعه؟ قال: مطبوب قال: من طبه؟ قال: لبيد بن أعصم، قال: بم طبه! قال: بمشط ومشاطة، وجف طلعة ذكر بذي أروان، وهي تحت راعوفة البئر.

فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله غدا ومعه أصحابه إلى البئر فنزل رجل فاستخرج جف طلعة من تحت الراعوفة، فإذا فيها مشط رسول الله، ومن مشاط رأسه و إذا تمثال من شمع تمثال رسول الله صلى الله عليه وآله، وإذا فيها أبر مغروزة وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة.

فأتاه جبرئيل بالمعوذتين فقال: يا محمد! قل أعوذ برب الفلق - وحل عقدة - من شر ما خلق - وحل عقدة - حتى فرغ منها وحل العقد كلها، وجعل لا ينزع إبرة إلا يجد لها الما، ثم يجد بعد ذلك راحه فقيل: يا رسول الله لو قتلت اليهودي، فقال: قد عافاني الله، وما وراءه من عذاب الله أشد، أخرجه السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 417.


الصفحة 245
مذهبه، وقال: إشعار البدن مثلة، وقد روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله أشعر بدنة (1) وقال: لو تزوج إنسان أمه على عشرة دراهم لم يكن زانيا، ولو لف ذكره بحريرة وأدخله فرج امرأة لم يكن زانيا، ولو غاب عن امرأة عشرين سنة ثم قدم وبها حبل كان منه، وقد أسلفنا في الباب السالف جانبا من مخازيه.

ومنهم: هشام السني زعم أن شرب النبيذ سنة، وتركها مروة، فقد جعل ترك السنة مروة، وأن الروح التي في عيسى غير مخلوقة، فأراد قاضي الري أن ينكل به فهرب.

ومنهم: محمد بن سيرين: كان مؤدبا للحجاج على ولده، وكان يسمعه يلعن عليا فلا ينكر عليه، فلما لعن الناس الحجاج خرج من المسجد وقال: لا أطيق أسمع شتمه (2).

ومنهم: سفيان الثوري كان في شرطة هشام بن عبد الملك.

ومنهم: الزهري قال سفيان بن وكيع: إنه كان يضع الأحاديث لبني مروان وكان مع عبد الملك يلعن عليا، وروى الشاذكوني بطريقين أنه قتل غلاما له.

ومنهم: سعيد بن المسيب فقيه الحجاز، روى أبو معشر أنه تأبى من حضور جنازة علي بن الحسين، وهو ابن ناقل هذا الدين، ومحمود عند ساير المسلمين

____________

(1) قال السجستاني في سننه ج 1 ص 406: حدثنا أبو الوليد الطيالسي وحفص بن عمر، المعنى قالا: ثنا شعبة، عن قتادة قال أبو الوليد: قال: سمعت أبا حسان عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الظهر بذي الحليفة، ثم دعا ببدنة فأشعرها من صفحة سنامها الأيمن ثم سلت عنها الدم وقلدها بنعلين ثم أتى براحلته. فلما قعد عليها واستوت به على البيداء أهل بالحج.

وقال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد، ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان أنهما قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله عام الحديبية فلما كان بذي الحليفة قلد الهدى وأشعره وأحرم.

(2) قيل: وكان بينه وبين الحسن البصري من المنافرة ما هو مشهور حتى قيل:

جالس إما الحسن أو ابن سيرين، توفى ابن سيرين سنة 110 بعد الحسن البصري بمائة يوم.


الصفحة 246
وقال: ركعتين أحب إلي من حضور علي بن الحسين (1)

____________

(1) روى الكشي عن عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، و عبد الرزاق، عن معمر، عن علي بن زيد قال: قلت لسعيد بن المسيب إنك أخبرتني أن علي بن الحسين النفس الزكية وإنك لا تعرف له نظيرا؟ قال: كذلك، وما هو مجهول ما أقول فيه، والله ما رؤى مثله قال علي بن زيد: فقلت: والله إن هذه الحجة الوكيدة عليك يا سعيد فلم لم تصل على جنازته؟ فقال: إن القراء كانوا لا يخرجون إلى مكة حتى يخرج علي بن الحسين عليه السلام فخرج وخرجنا معه ألف راكب، فلما صرنا بالسقيا نزل فصلى وسجد سجدة الشكر فقال فيها -.

وفي رواية الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: كان القوم لا يخرجون من مكة حتى يخرج علي بن الحسين سيد العابدين، فخرج عليه السلام فخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين فسبح في سجوده، فلم يبق شجر ولا مدر إلا سبحوا معه ففزعنا فرفع رأسه و قال: يا سعيد أفزعت؟ فقلت: نعم يا ابن رسول الله فقال: هذا التسبيح الأعظم حدثني أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: لا تبقى الذنوب مع هذا التسبيح فقلت:

علمناه -.

وفي رواية علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب أنه سبح في سجوده فلم يبق حوله شجرة ولا مدرة إلا سبحت بتسبيحه، ففزعت من ذلك وأصحابي، ثم قال: يا سعيد إن الله جل جلاله لما خلق جبرئيل ألهمه هذا التسبيح فسبحت السماوات ومن فيهن لتسبيحه الأعظم و هو اسم الله عز وجل الأكبر، يا سعيد أخبرني أبي الحسين، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن جبرئيل، عن الله جل جلاله أنه قال: ما من عبد من عبادي آمن بي و صدق بك وصلى في مسجدك ركعتين على خلاء من الناس إلا غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلم أر شاهدا أفضل من علي بن الحسين عليه السلام حيث حدثني بهذا الحديث، فلما أن مات شهد جنازته البر والفاجر، وأثنى عليه الصالح والطالح، وانهال الناس يتبعونه حتى وضعت الجنازة فقلت: إن أدركت الركعتين يوما من الدهر فاليوم هو، ولم يبق إلا رجل وامرأة ثم خرجا إلى الجنازة وثبت لا صلى فجاء تكبير من السماء فأجابه تكبير من الأرض، و أجابه تكبير من السماء فأجابه تكبير من الأرض، ففزعت وسقطت على وجهي فكبر من في السماء سبعا ومن في الأرض سبعا وصلى على علي بن الحسين صلوات الله عليهما ودخل الناس المسجد فلم أدرك الركعتين ولا الصلاة على علي بن الحسين صلوات الله عليهما. فقلت؟

يا سعيد لو كنت أنا لم أختر إلا الصلاة على علي بن الحسين، إن هذا لهو الخسران المبين فبكى سعيد، ثم قال: ما أردت إلا الخير ليتني كنت صليت عليه، فإنه ما رؤى مثله.


الصفحة 247
ومنهم: خالد الواسطي روى: الجنة والنار يخربان.

ومنهم: منصور بن المعتمر كان شرطيا لهشام بن عبد الملك.

ومنهم: سعيد بن جبير كان على عطاء الخيل في زمرة الحجاج، وتخلف عن الحسين.

ومنهم: الحسن البصري خرج مع ابن الأشعث وتخلف عن الحسين، و خرج في جند الحجاج إلى خراسان وقال في عثمان: قتله الكفار، وخذله المنافقون فنسب جميع المهاجرين والأنصار إلى النفاق.

ومنهم: مسروق بن الجذع ومرة الهمدانيان لم يخرجا مع علي إلى صفين بل أخذا عطاءهما منه، وهربا إلى قزوين، وكان مسروق يلي الجسر بالبصرة لعبيد الله بن زياد يأخذ له المكس.

ومنهم: أبو موسى الأشعري رويتم عن حذيفة بن اليمان أنه شهد عليه بالنفاق (1).

ومنهم المغيرة بن شعبة شهد عليه ثلاثة بالزنا فلقن عمر الرابع فتلجلج حتى رفع الحد عنه (2)

____________

(1) ورأيت في بعض الكتب أنه جرى بينه وبين حذيفة بن اليمان كلام ومجاراة فقال له حذيفة بن اليمان: أنشدك الله لو كنت مع أهل العقبة - وهم أربعة عشر رجلا - كم كان عددهم! فلم يجبه، وهذا مشعر بأنه كان من أصحاب العقبة.

(2) قال ابن خلكان في كتابه وفيات الأعيان عند ترجمته يزيد بن زياد الحميري:

وأما حديث المغيرة بن شعبة والشهادة عليه، فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان قد رتب المغيرة أميرا على البصرة، وكان يخرج من دار الإمارة نصف النهار، وكان أبو بكرة يلقاه فيقول: أين يذهب الأمير. فيقول: في حاجة. فيقول: إن الأمير يزار ولا يزور.

قال: وكان يذهب إلى امرأة يقال لها أم جميل بنت عمرو، وزوجها الحجاج بن عتيك ابن الحارث بن وهب الجشمي، ثم ذكر نسبها.

ثم روى إن أبا بكرة بينما هو في غرفته مع إخوته، وهم نافع، وزياد، وشبل بن معبد، أولاد سمية فهم إخوة لأم، وكانت أم جميل المذكورة في غرفة أخرى قبالة هذه الغرفة فضربت الريح باب غرفة أم جميل ففتحته ونظر القوم فإذا هم بالمغيرة مع المرأة على هيئة الجماع.

فقال أبو بكرة: هذه بلية قد ابتليتم بها فانظروا فنظروا حتى أثبتوا فنزل أبو بكرة فجلس حتى خرج عليه المغيرة، فقال له: إنه كان من أمرك ما قد علمت فاعتزلنا. قال:

وذهب المغيرة ليصلي بالناس الظهر ومضى أبو بكرة. فقال أبو بكرة: لا والله لا تصل بنا وقد فعلت ما فعلت. فقال الناس: دعوه فليصل فإنه الأمير واكتبوا بذلك إلى عمر رضي الله عنه فكتبوا إليه فأمرهم أن يقدموا عليه جميعا، المغيرة والشهود.

فلما قدموا عليه جلس عمر رضي الله عنه فدعا بالشهود والمغيرة، فتقدم أبو بكرة.

فقال له: رأيته بين فخذيها؟ قال: نعم والله لكأني أنظر إلى تشريم جدري بفخذيها، فقال له المغيرة: ألطفت النظر، فقال أبو بكرة: لم آل أن أثبت ما يخزيك الله به. فقال عمر رضي الله عنه: لا والله حتى تشهد لقد رأيته يلج فيه إيلاج المرود في المكحلة. فقال: نعم أشهد على ذلك. فقال؟: اذهب مغيرة ذهب ربعك.

ثم دعا نافعا فقال له: على ما تشهد، قال: على مثل ما شهد أبو بكرة. قال: لا حتى تشهد أنه ولج فيها ولوج الميل في المكحلة. قال: نعم حتى بلغ قذذه. فقال له عمر رضي الله عنه، اذهب مغيرة قد ذهب نصفك.

ثم دعا الثالث فقال له: على ما تشهد. فقال: على مثل شهادة صاحبي، فقال له عمر.

اذهب مغيرة فقد ذهب ثلاثة أرباعك.

ثم كتب إلى زياد وكان غائبا وقدم، فلم رآه جلس له في المسجد واجتمع عنده رؤوس المهاجرين والأنصار، فلما رآه مقبلا قال: إني أرى رجلا لا يخزى الله على لسانه رجلا من المهاجرين، ثم إن عمر رضي الله عنه رفع رأسه إليه فقال: ما عندك يا سلح الحبارى فقيل إن المغيرة قام إلى زياد. فقال: لا مخبأ لعطر بعد عروس. فقال له المغيرة: يا زياد اذكر الله تعالى واذكر موقف يوم القيامة فإن الله تعالى وكتابه ورسوله وأمير المؤمنين قد حقنوا دمي إلا أن تتجاوز إلى ما لم تر مما رأيت فلا يحملنك سوء منظر رأيته على أن تتجاوز إلى ما لم تر فوالله لو كنت بين بطني وبطنها ما رأيت أن يسلك ذكري فيها.

قال: فدمعت عينا زياد واحمر وجهه وقال: يا أمير المؤمنين أما أن أحق ما حقق القوم فليس عندي، ولكن رأيت مجلسا وسمعت نفسا حثيثا وانتهازا ورأيته مستبطنها.

فقال له عمر رضي الله عنه: رأيته يدخله ويولجه كالميل في المكحلة فقال: لا. وقيل قال زياد: رأيته رافعا رجليها فرأيت خصيتيه تردد ما بين فخذيها ورأيت حفزا شديدا وسمعت نفسا عاليا. فقال عمر رضي الله عنه: رأيته يدخله ويولجه كالميل في المكحلة. فقال: لا.

فقال عمر: الله أكبر قم يا مغيرة إليهم فاضربهم فقام إلى أبي بكرة فضربه ثمانين و ضرب الباقين، وأعجبه قول زياد ودرأ الحد عن المغيرة. فقال أبو بكرة بعد أن ضرب:

أشهد أن المغيرة فعل كذا وكذا، فهم عمر أن يضربه حدا ثانيا، فقال له علي بن أبي طالب: إن ضربته فارجم صاحبك، فتركه واستتاب عمر أبا بكرة فقال: إنما تستتيبني لتقبل شهادتي؟ فقال: أجل. فقال: لا أشهد بين اثنين ما بقيت في الدنيا، فلما ضربوا الحد قال المغيرة: الله أكبر الحمد لله الذي أخزاكم. فقال عمر رضي الله عنه: أخزى الله مكانا رأوك فيه.

قال وذكر عمر بن شيبة في كتاب أخبار البصرة: أن أبا بكرة لما جلد أمرت أمه بشاة فذبحت وجعل جلدها على ظهره. فكان يقال: ما كان ذاك إلا من ضرب شديد.

قال وحكى عبد الرحمن بن أبي بكرة: أن أباه حلف لا يكلم زيادا ما عاش، فلما مات أبو بكرة كان قد أوصى أن لا يصلى عليه إلا أبو برزة الأسلمي، وكان النبي صلى الله عليه وآله آخى بينهما، وبلغ ذلك زيادا فخرج إلى الكوفة، وحفظ المغيرة بن شعبة ذلك لزياد وشكره.

ثم إن أم جميل وافت عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالموسم والمغيرة هناك، فقال له عمر: أتعرف هذه المرأة يا مغيرة؟ فقال: نعم هذه أم كلثوم بنت علي، فقال عمر:

أتتجاهل علي والله ما أظن أبا بكرة كذب فيما شهد عليك، وما رأيتك إلا خفت أن أرمى بحجارة من السماء.

قال: ذكر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في أول باب عدد الشهود في كتابه المهذب، و شهد على المغيرة ثلاثة أبو بكرة، ونافع، وشبل بن معبد، قال وقال زياد: رأيت إستا تنبو ونفسا يعلو ورجلين كأنهما أذنا حمار ولا أدري ما وراء ذلك فجلد عمر الثلاثة ولم يحد المغيرة.

قل قلت: وقد تكلم الفقهاء على قول علي رضي الله عنه لعمر: إن ضربته فارجم صاحبك فقال أبو نصر بن الصباغ: يريد أن هذا القول إن كان شهادة أخرى فقدتم العدد، وإن كان هو الأولى فقد جلدته عليه والله أعلم. إنتهى.

وأخرج الحاكم هذه القضية في ترجمة المغيرة ص 448 والتي بعدها من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك، وأوردها الذهبي في تلخيص المستدرك أيضا، وأشار إليها مترجمو كل من المغيرة، وأبي بكرة، ونافع، وشبل بن معبد، ومن أرخ حوادث سنة 17 للهجرة من أهل الأخبار. (راجع النص والاجتهاد ص 202 - 205).


الصفحة 248
ومنهم: أبو هريرة ضرب عمر بن الخطاب رأسه بالدرة وقال: أراك قد أكثرت الرواية، ولا أحسبك إلا كذابا وقال له: يا عدو الله وعدو الاسلام أخنت ماله؟

وغرمه اثني عشر ألف درهم، وقال فيه علي عليه السلام: أكذب رجل على رسول الله صلى الله عليه وآله هذا الغلام الدوسي.

وروى أحمد بن مهدي عن نعيم عن أبي حازم عن أبيه عن أبي صالح قال: سب أبو هريرة فقال له النبي صلى الله عليه وآله: إن فيك لشعبة من الكفر، فسأل النبي أن يستغفر

الصفحة 249
له، فلم يعلم أحد أنه استغفر له، وحلف لا يسب مسلما، وكان بعد ذلك يلعن عليا.

وفي المعارف كان يلاعب الصبيان، ويقرعهم برجليه، ويواكلهم، ويركب الحمار وفي رأسه حلية من ليف، ويقول: الطريق جاء الأمير.

وفي نزهة الأبصار قيل له: يا أبا هريرة يا سارق الذريرة، وفي ربيع الأبرار عن الزمخشري أنه كان يقول: اللهم ارزقني ضرسا طحونا، ومعدة هضوما، و دبرا نثورا.


الصفحة 250
وروى الثوري عن منصور عن إبراهيم أنهم كانوا لا يأخذون عن أبي هريرة إلا ما كان من ذكر جنة أو نار، قال صاحب المصالت: عائشة [ جاءت ] تكذبه فقال:

اسكتي غيرت فضائل علي.

وقال أبو حنيفة: كل الأصحاب آخذ عنهم الحديث، ما خلا أنس وأبي هريرة وأعطي أربعمائة ألف درهم، على وضع أربعمائة حديث، وقدم العراق مع

الصفحة 251
معاوية فقال: أشهد أن عليا أحدث في المدينة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله من أحدث فيها فعليه لعنة الله.

وقال له رجل: شهدت قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي: اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه؟ قال: نعم، قال: فبرئ الله منك إذ عاديت وليه، وواليت عدوه وتولى خلافة معاوية بين يدي بشر بن أرطاة.

وروى الشاذكوني أن ابن عمر مر من مكة إلى المدينة ما سمع منه إلا حديث واحد وأسند إلى ابن عباس: كنا نحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله إذ كان لا يكذب عليه، فأما إذا ركب الناس الصعب وكذبوا، تركنا الحديث عنه.

وأسند أحمد بن مهدي إلى ابن الزبير قال: قلت لأبي مالك: ألا تحدث عن النبي صلى الله عليه وآله كأصحابك؟ قال: سمعته يقول: من كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار، وهم يقولون تعمدا والله ما قال تعمدا.

وقد روى أبو هريرة: لا عدوي ولا طيرة، وفر من المجذوم فرارك من الأسد ولا يورد ممرض على مصح (1)، وروى الحميدي في الحديث السادس والثلاثين بعد المأتين أنه غسل يديه في الوضوء إلى إبطيه فقيل له في ذلك: فروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يبلغ الحلية من المؤمن من حيث يبلغ الوضوء، وهذا تلاعب منه بدين الله إذ لا يعلم أحد يعمل به من خلق الله.

فإذا جعلوا هذا الحديث صحيحا متفقا عليه بين الأئمة الناقلين، فقد خطاؤا جميع المسلمين.

ومنهم كعب الأحبار ضربه أبو ذر بمحجنه فشجه، وقال له: ما خرجت اليهودية من قلبك.

ومنهم: إبراهيم النخعي تخلف عن الحسين، وخرج مع ابن الأشعث، و في جيش عبيد الله ابن زياد إلى خراسان.

____________

(1) يريد أن روايته (لا عدوي ولا طيرة) يناقض روايته (فر من المجذوم، ولا يورد ممرض على مصح).