الصفحة 300
جميع المصالح والاحكام، فكيف يصحّ بعد ذلك أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان محتاجاً إلى إستشارتهم، ويعمل بآرائهم، ويقفوا أثر أهواءهم؟! هل هذا إلاّ من افتراآت الكذّابين، وهفوات المرتابين (فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الذِينَ ظَلَمُوا وَالحَمْدُ للهِِ رَبِّ العَالَمِينَ)(1).

ومن البدائع! إنّ سياق هذا الطريق الشنيع السخيف، يدلّ دلالة واضحة على أفضليّة أبي بكر ورجحانه وتفوقه على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لانّ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) (إنّي فيما لم يوح كأحدكم)، صريح في أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما لم يوح اليه كأحد من الناس، يجوز عليه الخطأ والصواب كسائر الناس ليس بينه وبينهم فارق مميّز، وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّ الله عزّ وجلّ من فوق سمائه يكره أن يخطأ أبو بكر) صريح في أنّ أبا بكر لا ينسب إلى الخطأ في شيء من الامور التي يجوز الخطأ فيها على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ; لانّ مورد القولين واحد وهو توجيه معاذ بن جبل إلى اليمن.

فقد بيّن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) على حسب هذا الافتراء الشنيع، كونه (صلى الله عليه وآله وسلم) جائز الخطأ في هذا التوجيه كأحد من الناس، وبيّن كون أبي بكر ممّن لا يعزى إلى خطاء، وممّن يكره الله تخطئته في الاشارة بشيء في هذا التوجيه بل في جميع الامور، وهذا صريح في تفضيل أبي بكر على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)!!.

فيا سبحان الله! إذا سمعوا الاحاديث الدالّة على تفضيل عليّ (عليه السلام) على الانبياء السابقين، أنكروها وغمزوا، وهمزوا وطعنوا، وشنّعوا عليها بما لا مزيد عليه، مع أنّه لم يدلّ دليل من العقل أو النقل على شناعة تفضيل عليّ (عليه السلام) على

____________

(1) الانعام الاية: 45.


الصفحة 301
الانبياء، ثمّ يصدّقون هذه الاباطيل الشنيعة الدالّة على تفضيل أبي بكر على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يستحيون، مع أنّ في تفضيل أحّد على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ما لا يخفى من الشناعة والفضاعة، وإبطال أحكام الدين، والردّ على الشرع المبين، والمضادة والمشاقة لربّ العالمين، والغض والازراء بسيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه وآله أجمعين.

فياليتهم! إذا لم يصدّقوا الاحاديث النبويّة الصحيحة، لم يؤمنوا بهذه الاكاذيب الفضيحة القبيحة، ولم يشربوا السمّ إذ نبذوا الشهد، ولم يقربوا الفسوق إذ هجروا الزهد، وإذا لم يتّخذوا الرحمن وكيلاً لم يجعلوا الشيطان عضيدا، وإذا لم يتّخذوا مع الرسول سبيلاً فياليتهم لم يتّخذوا فلاناً خليلاً.

واعلم! إنّ عليّ بن محمّد بن العراق وتلميذه أيضاً لم يرتضيا ماذكره السيوطي، بل ردّا عليه بما يوهن أركانه، فقالا: إنّ في هذا الطريق مسرفاً وأبا العطوف، فلا يصلح ذلك أن يورد شاهداً لما حكم ابن الجوزي بوضعه، ففي مختصر تنزيه الشريعة:

«حديث: (إنّ الله يكره أن يخطأ أبو بكر الصدّيق في الارض) الحارث، وفيه أبو الحارث تعقب بأنّ له طريقاً آخر عند ابن شاهين، قلت: فيه مسروف وأبو العطوف فلا يصلح شاهداً»(1) إنتهى.

وهذا كما تراه صريح في أنّ الطريق الذي أورده السيوطي مقدوح مجروح، لا يصلح للالتفات والاستشهاد، وإنّ مسرفاً وأبا العطوف الذين وقعا

____________

(1) انظر تنزيه الشريعة لابن العراق: 1 / 373، وفيه بعد ذكر الحديث: قلت: فيه مسرف بن عمرو وقال ابن القطان: لا يعرف، وفيه أيضاً أبو العطوف الجراح بن منهال فلا يصلح شاهداً والله أعلم.


الصفحة 302
فيه مقدوحان مجروحان عند النقّاد.

ثمّ إنّ نحريرهم الحاذق، ومحقّقهم الفائق، وناقدهم السابق عبد الرؤف المناوي، أيضاً ردّ على السيوطي المتغافل، وقال: إنّه لم يجيء في نزاع ابن الجوزي بطائل ; حيث قال في فيض القدير بشرح الجامع الصغير في شرح هذا الحديث:

«الحارث بن أبي أسامة في مسنده، عن أحمد بن يونس، عن أحمد بن أبي الحارث الورّاق، عن بكر بن خنيس، عن محمّد بن سعيد، عن عبادة، عن عبد الرحمن، عن بن غنم، عن معاذ (طب). عن الحسن بن العباس، عن سهل ابن عثمان، عن أبي يحيى الحماني، عن أبي العطوف جراح بن المنهال، عن الوضين، عن عطاء، عن عبادة، عن أبي غنم، عن معاذ ; وابن شاهين في كتاب السنة، عن إبراهيم بن حماد، عن عبد الكريم بن هيثم، عن الحماني ـ فما فوقه ممّن ذكر ـ عن معاذ بن جبل، قال: (لمّا أراد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يسرّحني إلى اليمن، إستشار ناساً من أصحابه، فتكلّم كلّ برأي، فقال: ما ترى يا معاذ؟ قلت: أرى ما قال أبو بكر (رضي الله عنه)...) فذكره، قال الهيثمي: وفيه أبو العطوف، لم أر من ترجمه، يروي عن الوضين عن عطاء وبقيّة رجاله موثقون، انتهى ; وأورده ابن الجوزي في الموضوع، وقال: تفرّد به أبو الحارث نصر بن حماد عن بكر بن خنيس، وقال يحيى: نصر كذّاب، ومحمّد بن سعيد وهو المصلوب كذّاب يضع، إلى هنا كلامه، ونازعه المؤلّف على عادته فلم يأت بطائل»(1)، إنتهى.

____________

(1) فيض القدير للمناوي: 2 / 399 (1938)، وانظر بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث: 289، مجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 28 (14327).


الصفحة 303
وهذا ظاهر كلّ الظهور في أنّ حكم ابن الجوزي ـ عمدة الاماثل ـ بأنّ الحديث موضوع باطل، صحيح معتمد لا يحوم حوله قيل قائل، وأنّ السيوطي المجادل وإن جرى على عادته في النزاع والخلاف الذي ليس فيه حاصل، لكنّه لم يأت بطائل.

أمّا ما نقل عن الهيثمي: إنّ رجال طريق ابن شاهين عدا أبا العطوف من الموثقين: فقد سمعت إنّ منهم الوضين وهو مقدوح عند بعضهم باليقين، وأيضاً منهم الحماني وهو أيضاً عند أحمد وأحزابه مجروح، بل كذّاب وضّاع، ومرتاب خدّاع.

وأمّا ماذكره من أنّه: لم ير أحداً ترجم أبا العطوف: فهو دليل على قصور باعه وعدم إطلاعه، ويستغرب صدور مثل ذلك عن مثله، فإنّ عدم الاطلاع على حاله بعيد عن نبله وفضله، وكيف! وقد عرفت أنّ الذّهبي ترجم له ونقل قدحه وجرحه عن أحمد، وابن المديني، والبخاري، والنسائي، والدارقطني، وابن حبّان.

ثمّ إنّ سكوت المناوي على كلامه، وعدم تعرّضه لنقل ترجمة ابن المنهال من كتب الرجال، أعجب وأغرب! من كلام الهيثمي عند أهل الكمال، فإنّه شديد التفحّص كثير التتبع لحال الرواة، وقلّما يترك قدح راو قُدح، وجرح رجل جُرح.

وأعجب! من هذا كلّه ادعاء ابن حجر أنّ رجال سند الطبراني ثقات(1)، ولعمري، إنّ ذلك من غريب الهفوات، وغريب العثرات، يا لله وللمسلمين! يوثق

____________

(1) انظر الصواعق المحرقة لابن حجر: 1 / 203.


الصفحة 304
مثل ذلك السند المقدوح الذي سمعت من حاله ما سمعت، حيث وقع فيه أربعة رجال منكرين، ومنهم أبو العطوف الذي ليس أحدهم يوثقه، أو يحكم على مثل ذلك الفاسق الفاجر الخبيث الكاذب في الحديث، بالثقة والاعتماد والصلاح والرشاد.

سبحان الله! يتكلّم هذا الرجل في أحاديث تحتجّ بها الشيعة بخرافات وهفوات يردّها تصريحات أئمّة الثقات، ويوثّق مثل ذلك السند المطعون الذي لم يوثّقه أحّد من أهل نحلته، ولو كان غير صالح للالتفات.

أو ما ترى! كيف هام به التعصّب حتى ذكر في كتابه قدح حديث الغدير عن أهل نحلته، وجرح حديث المنزلة، مع ما هما عليه من الاستفاضة والشهرة، والصحة والتواتر، وثقة الرجال، وعدالة الرواة(1)، ثمّ وثّق هذا السند المقلوب المعيوب!، فالله المستعان وبيده أزمّة القلوب.

ثمّ إنّ القاضي محمّد بن الشوكاني أيضاً قال جازماً باتّاً: إنّ هذا الخبر موضوع، ولم يلتفت إلى تعقب السيوطي فإنّه عين تعصّب، قال في الفوائد المجموعة في الاحاديث الموضوعة:

«حديث: (إنّ الله في السماء يكره أن يخطأ أبو بكر الصديق). رواه الحارث في مسنده وهو موضوع، وفي إسناده محمّد بن سعيد المصلوب في الزندقة، وكذلك في إسناده نصر بن حماد الورّاق وهو كذّاب»(2) إنتهى.

ومن سخيف هفوات هؤلاء الاكابر، ما تفوّه به محمّد بن طاهر ; حيث ذكر

____________

(1) انظر الصواعق المحرقة لابن حجر: 1 / 73، 106.

(2) الفوائد المجموعة للشوكاني: 335.


الصفحة 305
هذا الحديث في تذكرته ونقل بعده قدح أبي الحارث الورّاق، وتعقّب عليه بما يعجب النقّاد الحذّاق، وهذه عبارته في تذكرة الموضوعات:

«(إنّ الله يكره في السماء أن يخطأ أبو بكر في الارض) تفرّد به أبو الحارث، ذاهب الحديث، قلت: هو من رجال ابن ماجة ولم يتفرّد»(1) انتهى.

أنظر! ـ رحمك الله ـ أوّلاً إلى تدليس هذا الشيخ الكابر، واقض منه العجب!، كيف إستحى من نقل التصريح بوضع هذا الخبر، واقتصر من القدح في رواية على قدح أبي الحارث، ثمّ لم يذكر قدحه أيضاً مفصّلاً، بل أورد أنّه ذاهب الحديث فقط، مع أنّك دريت سابقاً أنّ ابن الجوزي صرّح بأنّ هذا الحديث موضوع على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

ثمّ إنّ في اسناده وراء أبي الحارث الورّاق إثنان من المقدوحين، وهما ابن سعيد وبكر، وابن سعيد هو المصلوب في الزندقة كذّاب(2)، وبكر بتصريح الدارقطني متروك(3)، ثمّ إنّ الحارث قد قال يحيى فيه: إنّه كذّاب، وقال النسائي: ليس بثقة(4).

وأمّا تعقب ابن طاهر: بأنّ الحارث من رجال ابن ماجة: فهو ممّا يضحك عليه عند التحقيق ; لانّ أبا الحارث مقدوح باجماع أرباب الرجال، ولم ينقل توثيقه عن أحد، وإلاّ لذكره أيضاً لمسيس الحاجة، ويشهد على ذلك أيضاً

____________

(1) تذكرة الموضوعات للفتني: 93.

(2) انظر ميزان الاعتدال: 6 / 164 (7598).

(3) انظر الضعفاء والمتروكين للدارقطني: 160 (128).

(4) واسم ابن سعيد: نصر بن حمّاد.


الصفحة 306
مطالعة الميزان للذّهبي، فإنّه لم ينقل فيه إلاّ جرحه ولم يذكر توثيقه عن أحد، وهذه عبارته:

«نصر بن حماد الورّاق أبو الحارث، حدث ببغداد عن شعبة ; قال النسائي وغيره: ليس بثقة ; وقال البخاري: يتكلّمون فيه ; وذكر له ابن عدي مناكير، منها: محمّد بن إسحاق بن يزيد الضبي، حدّثنا نصر بن حمّاد البجلي، ثنا شعبة عن السدي، عن مقسم، عن ابن عباس: (وقف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على قتلى بدر فقال: جزاكم الله من عصابة عنّي شرّاً، فقد خونتموني أميناً وكذّبتموني صادقاً، ثمّ إلتفت إلى أبي جهل فقال: هذا أعتى من فرعون، إنّ فرعون لمّا أيقن بالهلكة وحدّ الله، وإنّ هذا لما أيقن بالموت دعا باللات والعزى) ; ولنصر بن حمّاد عن شعبة، عن توبة العنبري، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً: (إذا صلّيتم فاتزروا وارتدوا ولا تشبهوا باليهود) ; وقال فيه مسلم: ذاهب الحديث ; وقال صالح جزرة: لا يكتب حديثه ; وقال عبد الله بن أحمد عن ابن معين: كذّاب»(1) إنتهى.

فظهر من هناك أنّ النسائي والبخاري وابن عدي ومسلم بن الحجاج وصالح جزرة وابن معين، قد قدحوا في أبي الحارث، بل قال ابن معين: إنّه كذّاب، فكيف يلتفت بعد أقوال هؤلاء ـ الذين هم أئمّة دينهم وأساطين الجرح والتعديل إليهم في كلّ باب إستناد وعلى نصوصهم الاعتماد ـ إلى رواية ابن ماجة عن هذا المقدوح الكذّاب؟!.

ومن ذا ابن ماجة؟! حتى يحتفل بروايته وتحديثه، وهل هو إلاّ الذي عاب

____________

(1) ميزان الاعتدال: 7 / 20 (9036)، وانظر تهذيب التهذيب للعسقلاني: 5/597 (8350)، والضعفاء الصغير للبخاري: 118 (373)، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي: 8/287 (1974).


الصفحة 307
عليه المنقدون في إخراج كثير من الروايات في كتابه، والرواية عن كثير من الضعفاء والمقدوحين(1).

وقد عدّ صاحب التحفة ووالده سنن ابن ماجة من كتب الطبقة الثالثة، التي قالا فيها: إنّها جمعت بين الصحيح والحسن، والضعيف والمعروف، والغريب والشاذ، والمنكر والخطأ، والثابت والمقلوب، والمتّهم بالوضع، ورجالها بعضهم موصوف بالعدالة، وبعضهم مستور، وبعضهم مجهول، وأكثر أحاديثها غير معمول بها عند الفقهاء، بل انعقد الاجماع على خلافها، بل في كتاب ابن ماجة نبذ من الاحاديث الموضوعة، كما ستطلع عليه فيما بعد إن شاء الله تعالى.

وهل يجعل ابن ماجة الحديد ذهباً، والنحاس لجيناً، والباطل حقّاً، والمقدوح سليماً، والمجروح موثقاً، والمطعون معدّلاً!، بل الاعتماد في الرجال إنّما هو أقوال المنقدين، وأرباب الجرح والتعديل، فمن وثّقوه فهو ثقة، ومن جرحوه فهو مجروح.

ثم لا أدرى! ماذا حداه على عدم التعرّض لوقوع محمّد بن سعيد الشامي المصلوب في هذا الكذب المعيوب، فإنّ مثل ذلك التعقّب الذي أورده في أبي

____________

(1) قال الذهبي معلقاً على قول الامام الرازي: قد كان ابن ماجة حافظاً ناقداً صادقاً واسع العلم، وإنما عصّ من رتبة (سننه) مافي الكتاب من المناكير وقليل من الموضوعات، وقول ابي زرعة ان صح، فإنما عني بثلاثين حديثاً، الاحاديث المطرحة الساقطة، واما الاحاديث التي لا تقوم بها حجة فكثيرة لعلها نحو الالف.

وقال ابن حجر: كتابه في السنن جامع جيد كثير الابواب والغرائب، وفيه أحاديث ضعيفة جداً، ونقل ان السري كان يقول:... وفي الجملة نفيه احاديث كثيرة منكرة، وقال المزي: كل ما انفرد به ابن ماجة فهو ضعيف.


الصفحة 308
الحارث كان ممكناً في حقّه أيضاً، فإنّه أيضاً قد روى ابن ماجة عنه، ولعلّه لكثرة فضائحه وعظمة قبائحه وانتشار مخازيه وظهور مساويه احتشم عن ذكره، ولم يجترء بمثل ذلك التعقّب في حقّه.

وها [ أنا ] أنقل عبارته الميزان في ترجمة ابن سعيد ـ الشقي الغير السعيد ـ لتظهر طرف من مثالبه، ويتّضح مزيد وهن هذا الكذب، وتنكشف أيضاً خرافة ابن ماجة في الرواية عن مثل ذلك الزنديق الملحد الكذّاب، المقدوح عند سائر المحقّقين الانجاب، قال في الميزان:

«محمّد بن سعيد بن المصلوب الشامي من أهل دمشق، هالك، اتّهم بالزندقة فصلب، والله أعلم، وكان من أصحاب مكحول، وروى عن الزهري وعُبادة بن نسيّ وجماعة، وعنه ابن عجلان والثوري ومروان الفزاري وأبو معاوية والمحاربي وآخرون، وقد غيّروا اسمه على وجوه ستراً له وتدليساً لضعفه، فقيل: محمّد بن حسان فنسب إلى جدّه، وقيل: محمّد بن أبي قيس، وقيل: محمّد بن أبي سهل، وقيل: محمّد بن الطبري، وقيل: محمّد مولى بني هاشم، وقيل: محمّد الاردني، وقيل: محمّد الشامي.

وروى سعيد بن أبي أيّوب، عن ابن عجلان، عن محمّد بن سعيد بن حسان بن قيس، وقال بعضهم: محمّد بن أبي زينب، وقال آخر: محمّد بن أبي زكريا، وقال آخر: محمّد بن أبي الحسن، وآخر يقول: عن أبي عبد الرحمن الشامي، وربما قالوا: عبد الرحمن وعبد الكريم وغير ذلك، حتى يتسع الخرق، وقال النسائي: محمّد بن سعيد، وقيل: ابن سعد بن حسان بن قيس، وقال: ابن أبي قيس أبو عبد الرحمن، غير ثقة ولا مأمون ; وقال البخاري: المصلوب، يقال له ابن الطبري، وزعم العقيلي أنّه عبد الرحمن بن أبي شميلة فوهم.


الصفحة 309
وقال أبو أحمد الحاكم: كان يضع الحديث ; وقال أبو زرعة الدمشقي: حدثنا محمود بن خالد، عن أبيه: سمعت محمّد بن سعيد يقول: لا بأس إذا كان كلاماً حسناً أن نضع له إسناداً ; وروى عيسى بن يونس، عن الثوري، قال: كذّاب ; وروى أبو زرعة الدمشقي عن أحمد بن حنبل: كان كذّاباً ; وروى عبد الله ابن أحمد، عن أبيه، قال: صلبه أبو جعفر على الزندقة ; وروى الحسن بن رشيق، عن النسائي، قال: والكذّأبون المعروفون بوضع الحديث: ابن أبي يحيى بالمدينة، والواقدي ببغداد، ومقاتل بن سليمان بخراسان، ومحمّد بن سعيد بالشام ; وقال الدارقطني وغيره: متروك.

وروى عباس، عن يحيى، قال: محمّد بن سعيد الشامي منكر الحديث، قال: وليس كما قالوا صُلب في الزندقة لكنه منكر الحديث ; وروى أبو داود عن أحمد بن حنبل قال: عمداً كان يضع الحديث»(1) إنتهى.

وقال ابن حجر العسقلاني: «ومحمّد بن سعيد بن حسان بن قيس الاسدي المصلوب، ويقال: محمّد بن سعيد بن عبد العزيز، ويقال: ابن أبي عتبة، ويقال: ابن أبي قيس، ويقال: ابن أبي حسان، ويقال: ابن الطبري، ويقال: غير ذلك في نسبه أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو قيس، وقد يُنسب لجدّه، وقيل: أنّهم قلبوا اسمه على مائة وجه ليخفى كذبه، وقال أحمد بن صالح: وضع أربع آلاف حديث، وقال أحمد: قتله المنصور على الزندقة وصلبه، من السادسة»(2).

____________

(1) ميزان الاعتدال: 6 / 164 (7598)، وانظر الجامع في العلل لابن حنبل: 1 / 336 (2605)، الكاشف للذهبي 2 / 174 (4871)، سؤالات أبي داود السجستاني لاحمد بن حنبل: 193 (121).

(2) انظر تهذيب التهذيب للعسقلاني: 5 / 112 (6971).


الصفحة 310
وأمّا بكر بن خنيس: فهو أيضاً شيطان خنّاس يوسوس بأكاذيبه في صدور الناس، وقد اعترف ابن حبّان بأنّه يروى أشياء موضوعة، يسبق إلى القلب أنّه المتعمّد لها ـ يعني واضعها ومقمر بها ـ وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال مرّة: ضعيف، فما قال مرّة اُخرى أنّه شيخ صالح لا بأس به، فهو ممّا لا يحتفل به لمخالفته إيّاه مرّتين، وقال النسائي وغيره: ضعيف، وقال الدارقطني: متروك، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، قال في الميزان:

«بكر بن خنيس الكوفي العابد، نزيل بغداد، عن ثابت البناني وليث بن أبي سليم والطبقة، وعنه وكيع وطالوت بن عباد وآدم وعدّة ; قال ابن معين: ليس بشيء، وقال مرّة: ضعيف، وقال مرّة: شيخ صالح لا بأس به ; وقال النسائي وغيره: ضعيف ; وقال الدارقطني: متروك ; وقال أبو حاتم: صالح ليس بالقويّ ; وقال ابن حبّان: يروي عن البصريين والكوفيين أشياء موضوعة يسبق إلى القلب أنّه المتعمّد لها»(1).

وأمّا قول ابن طاهر: إنّ أبا الحارث لم يتفرّد به: فهو ممّا لم يتفرّد به، بل سبقه إلى ذلك السيوطي ومن هناك أخذ، ولكن قد دريت إنّ من تابعه ووافقه هو أيضاً مثل نصر بن حمّاد كذّاب وضّاع، أحد الاشرار الاوغاد، منهمك في الفسق والفجور، منتهك المحرّمات، شارب الخمور.

____________

(1) ميزان الاعتدال: 2 / 59 (1280)، وانظر الضعفاء والمتروكين للنسائي: 64 (86)، الضعفاء والمتروكين للدارقطني: 160 (128)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: 2 / 384 (1497) وفيه: صالحاً غراً وليس هو بقوي الحديث، المجروحين لابن حبّان: 1 / 195، تهذيب التهذيب للعسقلاني: 1 / 361 (886).


الصفحة 311
وقد دريت بعد ذلك أنّ السيوطي أيضاً ذكر في النكت البديعات، في التعقّب على حكم وضع هذا الخبر ماذكره ابن طاهر، فعلم أنّه أخذ كلّ ذلك من هناك، قال في النكت:

«حديث معاذ بن جبل: (إنّ الله يكره في السماء أن يخطأ أبو بكر في الارض) تفرّد به نصر بن حمّاد، وهو ذاهب الحديث، قلت: هو من رجال ابن ماجة، ولم ينفرد به، فله طريق آخر في السنّة لابن شاهين»(1) إنتهى.

وقد تعجّبت طويلاً!! كيف يوثّق السيوطي نصر بن حماد ; بكونه من رجال ابن ماجة مع أنّه نحرير ماهر، وخرّيت حاذق، بصير بالاحوال والقواعد، ناقب عن الحقائق والمصادر والمخارج.

ولعلّ التعصّب ذهب به ذلك المذهب، فإنّه قد صرّح في ذيل الموضوعات: «بأنّ عمر بن صبح يضع الحديث»، وردّ بوقوعه في السند حديث فضيلة أبي بكر وأبطله، وحكم بوضعه حيث عدّه من الموضوعات، واستدرك به على ابن الجوزي، مع أنّ عمر بن صبح من رجال ابن ماجة، كما يظهر من كتب الرجال(2).

فهذا هو العجب! المحيّر للعقول، حيث يحكم السيوطي في حديث بالوضع بوقوع عمر بن صبح فيه، ويحكم قطعاً بأنّه يضع الحديث، ومع ذلك يردّ إعلال حديث آخر بهذا الكذّاب الواضع، ويقول: إنّه من رجال ابن ماجة، يعني أنّه موثّق معتمد ليس ممّن يكذب ويضع، وهل ذلك إلاّ تناقض صريح، وتهافت

____________

(1) النكت البديعات للسيوطي: 277 (296).

(2) انظر ذيل اللالئ للسيوطي، كتاب المناقب: 52.


الصفحة 312
قبيح لم يعتضد بشيء من أسباب الترجيح؟!.

وبالجملة: تبيّن ممّا ذكرنا أنّ هذه الرواية موضوعة عند ابن الجوزوي، وعليّ بن محمّد بن العراق، وتلميذه الشيخ (رحمه الله)، والقاضي محمّد بن الشوكاني، والمحقّق المدقّق عبد الرؤف المنّاوي، وإنّ نزاع من نازع القول بالوضع ليس تحته طائل، وقول الحاكمين بالوضع مؤيّد مسدّد بالدلائل، فالعجب كلّ العجب!! من الطبراني، وأبي نعيم، والحارث بن اسامة، وابن شاهين، وابن حجر، والمحبّ الطبري، والسيوطي وأحزابهم، كيف رووا وصدّقوا مثل هذا البهتان الجالب عليهم للنيران والهوان.


الصفحة 313

الفصل السادس عشر
[ في ركوب أبي بكر فرس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ]

ومن تكاذيبهم الشنيعة التي أرادوا بها تلويث الشريعة، ما افتروه: (من أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أتى بفرس فركبه، ثمّ قال: يركب هذا من كان خليفة بعدي، فركبه أبو بكر). ولعمري! لقد ركبوا في افتراء حديث الركوب متن عمياء، وخبطوا فيه خبط عشواء، فافتضحوا على الملا.

قال ابن الجوزي في الموضوعات:

«الحديث الخامس عشر: روى هارون بن محمّد المستملي، عن يعلي بن الاشدق، عن ابن جراد، قال: (كنّا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتى بفرس فركبه، ثم قال: «يركب هذا من كان خليفة بعدي» فركبه أبو بكر الصدّيق)، [قال المصنف ]: هذا حديث موضوع، ويعلي ليس بشيء ; قال البخاري: لا يكتب حديثه ; وقال ابن حبّان: لما كبر يعلي اجتمع عليه من لا دين له، فوضعوا له نسخة فحدّث بها، لا يحلّ الرواية عنه بحال»(1).

____________

(1) الموضوعات: 1 / 227، وانظر التاريخ الاوسط للبخاري: 2 / 133 (1301)، المجروحين لابن حبّان: 3 / 141.


الصفحة 314
وقال السيوطي في اللالئ المصنوعة:

«هارون بن محمّد المستملي، عن يعلي بن الاشدق، عن ابن جراد، قالوا: (كنّا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتى بفرس فركبه، ثمّ قال: «يركب هذا الفرس من يكون الخليفة بعدي» فركبه أبو بكر)، مرجوع بيعلي ليس بشيء(1)، قلت: قال ابن عدي: روى عن عبد الله بن جراد أحاديث كثيرة منكرة، وزعم أنّه لعمه صحبة وهو وعمه غير معروفين ; وقال ابن حبّان: وضعوا له أحاديث فحدّث بها ولم يدر ; وقال أبو مسهر: كنا نسخر به وكان سائلاً يدور في الاسواق، قلت له: ما سمع عمّك من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)؟، قال: جامع سفيان، وموطأ مالك، وشيئاً من الفوائد.

وقال الحافظ ابن حجر في الاصابة: عبد الله بن جراد اثنان، أحدهما: عبد الله بن جراد بن المنتفف بن عامر بن عقيل العامري العقيلي، وهذا ذكره البخاري وغيره في الصحابة ; وقال البخاري: يروي عنه أبو قتادة الشامي، والاخر: عبد الله بن جراد بن معاوية بن فرج بن خفاجه الذي يروي عنه يعلي بن الاشدق، وهذا لا صحبة له، كذا فرّق بينهما البخاري، فذكر الاوّل في الصحابة، وذكر الثاني فيمن بعد الصحابة، وقال: عبد الله بن جراد واه ذاهب الحديث ولم يثبت حديثه، والله أعلم»(2).

وقال الذّهبي في الميزان:

____________

(1) في المصدر [ موضوع، ابن جراد ليس بشيء ].

(2) اللالئ المصنوعة للسيوطي: 1 / 276، وانظر الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي: 9 / 184 (2186)، المجروحين لابن حبّان: 2 / 141، الاصابة في تميز الصحابة للعسقلاني: 4 / 34 (4606).


الصفحة 315
«عبد الله بن جراد مجهول لا يصحّ خبره، لانّه من رواية يعلي بن الاشدق الكذّاب عنه ; قال أبو حاتم: لا يُعرف، ولا يصحّ خبره»(1).

  • وقال في الميزان:

    «يعلي بن الاشدق [ الاشدق العقيلي، أبو الهيثم الجزري الحراني، كان حيّاً في دولة الرشيد ; قال بن عدي: روى عن عمه عبد الله بن جراد، وزعم أنّ لعمه صحبة، فذكر أحاديث كثيرة منكرة، وهو وعمه غير معروفين ; قال البخاري: لا يكتب حديثه ; وقال ابن حبّان: وضعوا له أحاديث فحدث بها ولم يدر، وقال أبو زرعة: ليس بشيء لا يصدق ; قلت: وروى عن رقاد بن ربيعة وكليب بن جري، وزعيم أنّهما، صحابيان»(2) ](3).

    وفي مختصر تنزيه الشريعة في الفصل الاوّل من باب مناقب الخلفاء الاربعة، من كتاب المناقب والمثالب:

    «حديث عبد الله بن جراد: (كنّا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتى بفرس وركبه، ثم قال «يركب هذا الفرس من يكون الخليفة بعدي» فركبه أبو بكر) هارون المستملي، وفيه يعلي بن الاشدق ليس بشيء، لا تحل الرواية»(4).

    ____________

    (1) ميزان الاعتدال: 4 / 71 (4247)، انظر الجرح والتعديل: 5 / 21.

    (2) ميزان الاعتدال: 7 / 284 (9842)، وانظر التاريخ الاوسط للبخاري: 2/133 (1301)، الضعفاء والمتروكين للنسائي: 405 (605).

    (3) مابين المعقوفتين نقلناه من الميزان.

    (4) أنظر تنزيه الشريعة لابن العراق: 1 / 346.


    الصفحة 316

    الصفحة 317

    الفصل السابع عشر
    [ في أنّ حبّ أبي بكر وشكره واجب على الامّة ]

    ومن مفترياتهم المدحورة، وموضوعاتهم الغير المشكورة، التي عملوها إبتلاءً بحبّ أبي بكر، المولج إيّاهم في عظائم الخطر، الموصل إيّاهم إلى سقر، مافي الرياض النضرة:

    «عن سهل، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّ آمن الناس عليَّ في صحبته، وذات يده أبو بكر الصدّيق، فحبّه وشكره وحفظه واجب على اُمّتي) الخطيب في تاريخه وصاحب الفضائل»(1) إنتهى.

    وروى هذا الخبر الاسمج(2)، والباطل البهرج(3)، والبهتان اللجلج، والكذب الاعوج، جمع من أكابرهم كالحاكم، وأبي نعيم، والديلمي وغيرهم.

    قال الوصابي في كتاب الاكتفاء:

    ____________

    (1) الرياض النضرة للطبري: 2 / 15 (411)، وانظر تاريخ بغداد للخطيب: 5 / 277 (2772).

    (2) سمج الشيء ـ بالضم ـ: قبُح / لسان.

    (3) البهرج: الباطل والرديء من الشيء / لسان.


    الصفحة 318
    «وعن سهل بن سعد (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (حبّ أبي بكر وشكره واجب على اُمّتي) أخرجه الحاكم في تاريخه، وأبو نعيم في فضائل الصحابة، والخطيب في تاريخه، والديلمي في مسند الفردوس»(1).

    وأيضاً قال الوصابي: «وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي الانصاري رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّ آمن الناس عليّ في صبحته ذات يده أبو بكر الصدّيق، محبته وشكره وحفظه واجب على اُمّتي) أخرجه الدارقطني في سننه، والخطيب في تاريخه»(2).

    وأعجب! من ذلك كلّه، إنّ صاحب الصواقع ومؤلّف التحفة قد ركبا بالناس الزّلل، وزيّنا لهم الخطل، وحسّنا لهم الخلل، فاستدلاّ بهذا البهتان على وجوب مودّة أبي بكر، وعارضا بها الخبر المتضمّن نزول آية المودّة في آل العباء عليهم آلاف التحيّة والثناء، فقال في الصواقع في جواب الاستدلال بآية المودّة على خلافة عليّ:

    «ولانّ نفي وجوب محبّة غير عليّ من الصحابة كذب مفترى، فقد روى الحافظ أبو طاهر السلفي في مشيخته، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (حبّ أبو بكر وشكره واجب على كلّ اُمّتي) وأخرج ابن عساكر عنه نحوه،

    ____________

    (1) الاكتفاء للوصابي مخطوط، وانظر جامع الحاديث للسيوطي: 3 / 780 (124) وذكره عن تاريخ الحاكم وفضائل أبي نعيم، كنز العمال: 11 / 552 (22593) عن الحاكم وأبو نعيم، تاريخ بغداد للخطيب: 3/70 (1057)، فردوس الاخبار للديلمي: 2 / 227 (2546).

    (2) الاكتفاء للوصابي مخطوط، وانظر تاريخ دمشق لابن عساكر: 30 / 143، عن الدارقطني، تاريخ بغداد للخطيب: 5 / 277 (2772)، كنز العمّال: 11 / 502 (32092) عن الدارقطني.


    الصفحة 319
    ومن طريق آخر عن سعيد بن سهل الساعدي نحوه... الخ»(1).

    وقال صاحب التحفة في جوابه الاستدلال بهذه الاية:

    «[ جواب آخر: لا نسلم بأنّ وجوب المحبّة منحصر بهؤلاء الاربعة بل يوجد غيرهم، فقد روى الحافظ أبو طاهر السلفي في مشيخته، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (حبّ أبي بكر وشكره واجب على كلّ امتي) وروى ابن عساكر عنه نحوه، ومن طريق آخر عن سهل بن سعد الساعدي نحوه.

    وأخرج الحافظ عمر بن محمّد بن خضر الملاّ في سيرته عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، أنّه قال: (إنّ الله تعالى فرض عليكم حبّ أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ كما فرض عليكم الصلاة والزكاة والصوم والحج).

    وروى ابن عدي، عن أنس، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: (حبّ أبي بكر وعمر إيمان وبغضه نفاق).

    وروى ابن عساكر، عن جابر أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (حبّ أبي بكر وعمر من الايمان وبغضهما كفر).

    وروى الترمذي: إنّه اُتي بجنازة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يصلّ عليه وقال: (انّه كان يبغض عثمان فأبغضه الله).

    فهذه الاحاديث وإن وردت في كتب أهل السنّة، لكن بما أنّ الشيعة يريدون إلزامهم، فلا يحصل هذا الالزام بدون لحاظ جميع رواياتهم، ولا يلزمون برواية واحدة ]»(2) إنتهى.

    ____________

    (1) الصواقع للكابلي مخطوط، وانظر تاريخ دمشق لابن عساكر: 30 / 141 ـ 142.

    (2) تحفه اثنا عشرية للدهلوي: الباب السابع: 410، وفيه:

    «جواب ديگر: لا نسلم كه وجوب محبت منحصر است در چار شخص مذكور بلكه در ديگران نيز يافته ميشود وروى الحافظ أبو طاهر السلفي في مشيخته عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)«حب أبي بكر وشكره واجب على كلّ امتي» وروى ابن عساكر عنه نحوه، ومن طريق آخر عن سهل بن سعد الساعدي نحوه، وأخرج الحافظ عمر بن محمّد بن خضر الملاّ في سيرته عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: «ان الله تعالى فرض عليكم حبّ أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ كما فرض عليكم الصلوة والزكاة والصوم والحج» وروى ابن عدي عن انس عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)انه قال «حب أبي بكر وعمر ايمان وبغضهما نفاق»، وروى ابن عساكر عن جابر ان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)قال «حب أبي بكر وعمر من الايمان وبغضهما كفر» وروى الترمذي: انه اتي بجنازة الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يصل عليه وقال «انه كان يبغض عثمان فابغضه الله» هر چند اين روايات در كتب أهل سنت است، ليكن چون شيعه را در اين مقام الزام أهل سنت منظور است بدون ملاحظه جميع روايات ايشان اين مقصود حاصل نميشود، وبيك روايت ايشان الزام نمي خورند»، وانظر الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي: 3 / 529 (621)، تاريخ دمشق لابن عساكر: 30 / 143، الجامع الكبير للترمذي: 6 / 76 (3709).