الصفحة 232

ومنها: تسيير حذيفة بن اليمان إلى المدائن، حين أظهر ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله فيه وأنكر أفعاله، فلم يزل يعرض بعثمان حتى قتل.

ومنها: نفي الأشتر ووجوه أهل الكوفة عنها إلى الشام، حين أنكروا على سعيد بن العاص، ونفيهم من دمشق إلى حمص.

ومنها: معاهدته لعلي عليه السلام ووجوه الصحابة على الندم على ما فرط منه، والعزم على ترك معاودته ونقض ذلك، والرجوع عنه مرة بعد مرة، وإصراره على ما ندم منه، وعاهد الله تعالى وأشهد القوم: على تركه من الاستئثار بالفئ، وبطانة السوء، وتقليد الفسقة أمور المسلمين.

ومنها: كتابه إلى ابن أبي سرح بقتل رؤساء المصريين، والتنكيل بالأتباع وتخليدهم الحبس، لإنكارهم ما يأتيه ابن أبي سرح إليهم ويسير به فيهم من الجور الذي اعترف به وعاهد على تغييره.

ومنها: تعريضه نفسه ومن معه من الأهل والأتباع للقتل، ولا يعزل ولاة السوء ومنها: استمراره على الولاية مع إقامته على المنكرات الموجبة للفسخ، وتحريم التصرف في أمر الأمة، وذلك تصرف قبيح، لكونه غير مستحق عندهم مع ثبوت الفسق.

(ما يقدح في عدالة القوم)

ومما يقدح في عدالة الثلاثة:

قصدهم أهل بيت نبيهم عليهم السلام بالتحيف (1)، والأذى، والوضع من أقدارهم، واجتناب ما يستحقونه من التعظيم.

____________

(1) كذا في النسخة، وفي البحار: " بالتخفيف ".

الصفحة 233
فمن ذلك: أمان كل معتزل بيعتهم ضررهم، وتصدهم عليا عليه السلام بالأذى لتخلفه عنهم، والإغلاظ له في الخطاب، والمبالغة في الوعيد، وإحضار الحطب لتحريق منزله، والهجوم عليه بالرجال من غير إذنه، والإتيان به ملببا، واضطرارهم بذلك زوجته وبناته ونساؤه وحامته من بنات هاشم وغيرهم إلى الخروج عن بيوتهم، وتجريد السيوف من حوله، وتوعده بالقتل إن امتنع من بيعتهم، ولم يفعلوا شيئا من ذلك بسعد (1) بن عبادة، ولا بالخباب بن المنذر وغيرهما ممن تأخر عن بيعتهم، حتى مات أو طويل (2) الزمان.

ومن ذلك: ردهم دعوى فاطمة عليها السلام وشهادة علي والحسنين عليهم السلام، وقبول (3) دعوى جابر بن عبد الله في الجنينات، وعائشة في الحجرة والقميص والنعل وغيرهما.

ومنها: تفضيل الناس في العطاء، والاقتصار بهم على أدنى المنازل.

ومنها: عقد الرايات والولايات لمسلمة القبح (4) والمؤلفة قلوبهم ومكيدي الإسلام من بني أمية وبني مخزوم وغيرها، والإعراض عنهم (5) واجتناب تأهلهم (6) لشئ من ذلك.

ومنها: موالاة المعروفين ببغضهم وحسدهم وتقديمهم على رقاب العالم، كمعاوية وخالد وأبي عبيدة والمغيرة وأبي موسى ومروان وعبد الله بن أبي سرح

____________

(1) في البحار: " لسعد ".

(2) في البحار: " وطويل ".

(3) في البحار: " شهادة ".

(4) كذا في النسخة، وفي البحار: " لمسلمية الفتح ".

(5) أي: عن أهل البيت.

(6) في البحار: " تأهيلهم ".

الصفحة 234
وابن كريز ومن ضارعهم في عداوتهم، والغض من المعروفين بولايتهم وقصدهم بالأذى، كعمار وسلمان وأبي ذر والمقداد وأبي بن كعب وابن مسعود ومن شاركهم في التخصص (1) بولايتهم عليهم الصلاة والسلام.

ومنها: قبض أيديهم عن فدك مع ثبوت استحقاقهم لما على ما بيناه، وإباحة معاوية الشام، وأبي موسى العراق، وابن كريز البصرة، وابن أبي سرح (2) مصر والمغرب، وأمثالهم من المشهورين بكيد الإسلام وأهله.

وتأمل هذا بعين إنصاف يكشف لك عن شديد عداوتهم، وتحاملهم عليهم، كأمثاله من الأفعال الدالة على تميز العدو من الولي.

ولا وجه لذلك إلا تحققهم بصاحب الشريعة صلوات الله عليه وعلى آله في النسب، وتقدمهم لديه في الدين، وتحققهم من (3) بذل الجهد في طاعته، والمبالغة في نصيحته ونصرة ملته، بما لا يشاركون فيه.

وفي هذا ما لا يخفى مما فيه (4) على متأمل.

____________

(1) في البحار: " التخصيص ".

(2) في البحار: " صرح ".

(3) " وتحققهم من "، لم يرد في البحار.

(4) كذا في النسخة.

الصفحة 235


(النكير على أبي بكر وعمر وأمور متفرقة)





الصفحة 236

الصفحة 237
ومما يقدح في عدالتهم: ما حفظ عن وجوه الصحابة وفضلاء السابقين والتابعين من الطعن عليهم، وذم أفعالهم، والتصريح بذمهم، وتصريحهم هم بذلك عند الوفاة، وتحسرهم (1) على ما فرط منهم.

فأما أقوال الصحابة والتابعين القادحة في عدالتهم:

(نكير أمير المؤمنين عليه السلام)

ما حفظ عن علي أمير المؤمنين عليه السلام من التظلم منهم، والتصريح والتلويح بتقدمهم عليه بغير حق في مقام بعد مقام.

كقوله حين أرادوه بالبيعة لأبي بكر: والله (أنا) (2) لا أبا يعكم وأنتم أحق بالبيعة لي.

وقوله عليه السلام: يا (ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا تقتلونني) (3).

وقوله عليه السلام في عدة مقامات: لم أزل مظلوما - أو ما زلت مظلوما - منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله.

وقوله عليه السلام: ظلمت الهجر والمدر.

وجوابه عليه السلام لمعاوية: زعمت للأكل الخلفاء حسدت وعلى كلهم بغيت، وإني كنت أقاد إلى بيعتهم كما يماد الجمل المخشوش، أما والله لقد أردت أن تذم فمدحت، وما على المؤمن أن يكون مظلوما إذا لم يكن شاكا في دينه ولا مرتابا في يقينه، ولقد قال نوح: رب (إني مغلوب فانتصر) (4)، وقال لوط: (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن

____________

(1) في النسخة: " وبحشرهم "، والمثبت من البحار.

(2) من البحار.

(3) الأعراف 7: 150.

(4) القمر 54: 10.

الصفحة 238
شديد) (1). (2) فصرح بظلم القوم له، ووضوح عذره بقصور يده عن الانتصار منهم.

وجوابه له في هذا الكتاب: ولقد بارا من قدمت وفضلت بنو قيلة يوم السقيفة، فاحتجوا بالقربى، فإن يكن الفلج (3) برسول صلى الله عليه وآله فنحن أحق به، أو لا فالأنصار على دعواها (4).

فصرح أن القوم المتقدمين عليه لا يعدون أن يكونوا ظالمين له والأنصار.

وقوله عليه السلام في خطبته المشهورة بعد قتل عثمان: وقد أهلك الله الجبابرة على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا، ومات هامان، وهلك فرعون، وقتل عثمان، ألا وإن بليتكم قد عادت كيوم بعث الله فيه نبيكم.

فكنى عن الأول بهامان، وعن الثاني بفرعون، وصرح بذكر عثمان لارتفاع التقية عنه في أمره، لمشاركة السامعين له في الطعن عليه، وشبه حالهم والمتبعين لهم كيوم بعث فيه محمد صلى الله عليه وآله، وهذا صريح بالتضليل.

وقال عليه السلام فيها: ولقد سبقني في هذا الأمر من لم أشركه (5) فيه، ومن لم أهبه له، ومن ليس له منه توبة إلا بني يبعث، ألا ولا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله، أشرف منه على شفا جرف هار، فانهار به في نار جهنم.

فصرح بأن المتقدم عليه تقدم من غير استحقاق ولا إذن من المستحق، وأنه أتى بذلك ما لا يغفر إلا بني يبعث، فغلق الغفران بما لا يكون، ولم يكتف بذلك حتى أخبر أنه أشرف منه على شفا جرف هار، ولم يرض بذلك حتى قال: فانهار به في نار جهنم.

____________

(1) هود 11: 80.

(2) نهج البلاغة - شرح محمد عبده - 3: 33، باختلاف.

(3) في النسخة: " فإن لم يكن الفلج ".

(4) نهج البلاغة 3: 33، باختلاف.

(5) في النسخة: " اشتركه "، والمثبت من المصدر.

الصفحة 239
وقال فيها: ولقد مضت منكم أمور (1) وسلفت، ملتم علي فيها ميلة واحدة، كنتم فيها غير محمودي الرأي، أما لو (أ) شاء أن أقول لقلت: سبق الرجلان، وقام الثالث كالغراب همته بطنه، وفرجه أمله، لو قص جناحاه وقطع رأسه كان خيرا له، شغل عن الجنة، والنار أمامه (2).

فأخبر عليه السلام بتحاملهم عليه وظلمهم جميعا له، وأن الثالث يلي بذلك السابقين إلى ظلمه.

وقوله عليه السلام في خطبته الوسيلة: ولئن تقمصها دوني الأشقيان، ونازعاني فيما ليس لهما بحق وهما يعلمان، فركباها ضلالة واعتقداها جهالة، فلبئس (ما) عليه وردا، وبئس ما لأنفسهما مهدا، ببلاغتان (3) من محلهما، ويبر أكل منهما من صاحبه بقوله لقرينه إذا التقيا: (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين) (4).

وقوله فيهما: وليس رتعا في الحطام المتصرم والغرور المنقطع، وكانا منه على شفا من الأجل ومندوحة من الأمل، فقد أمهل الله شداد بن عاد وبلعم بن باعورا وثمود بن عبود، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، حتى إذا أتتهم الأرض بركاتها أخذهم الله بغتة، فمنهم من أردته الخسفة، ومنهم من أحرقته الظلمة، ومنهم من أخذته الصيحة، ومنهم من أهلكته الرجفة، (وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) (5)، ولم يكن حال الظالمين إلا كخفقة أو وميض برقة، حتى لو كشف لك عما هو (ى) إليه الظالمون وآل إليه الأخسرون لهربت إلى الله عز ذكره مما هم فيه مقيمون، (خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون) (6).

____________

(1) في النسخة: " أمر "، والمثبت من المصدر.

(2) أنظر مصادر هذه الخطبة في البحار 32: 9 - 16، باختلاف.

(3) كذا.

(4) الزخرف 43: 38.

(5) العنكبوت 29: 40.

(6) البقرة 2: 85.

الصفحة 240
وهذا نص جلي منه عليه السلام على ضلال المتقدمين عليه.

وقوله عليه السلام في خطبة الشقشقية: والله لغد تقمصها ابن أبي قحافة، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا، ينحدر منه السيل ولا يرقى إليه الطير، فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء، فرأيت أن الصبر على هاتيك أحجى، فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا أرى تراثي نهبا (1).

فعدل عليه السلام عن تسمية المتقدم عليه وتكنيته وتلقيبه (2) بما تدعى له من الألقاب الحسنة إلى أقبح الألقاب، وذلك غاية في الاستخفاف به، وصرح بأنه تولى الأمر دونه مع علمه بكونه منه كالقطب من الرحى الذي لا يتم صلاحها من دونه، مع كونه في الذروة منه التي ينحدر عنها السيل ولا يرقى إليها الطير لعلوها، وأنه ظل مرتئيا في الصولة بالظالم مع عدم الناصر المعبر عنه بقصر اليد، أو يصبر على العظيمة، وأنه رجح الصبر من حيث كانت الصولة بغير ناصر لا ترفع ظلما وتؤثر هلاك الصايل، ثم وصف حاله صابرا في عينه القذى وفي حلقه الشجا، وذلك مؤكد لما قلناه.

ومر في كلامه مصرحا بالتظلم من الثاني والثالث، ووصف خلافتيهما بالضلال كالأول.

وقال: فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة وقسطت شرذمة ومرق آخرون، كأنهم لم يسمعوا الله تعالى يقول: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) (3)، بلى والله لقد سمعوها ولكن حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر ولزوم الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على ولاة الأمر أن لا يقاروا (4) على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفوا دنياهم أهون

____________

(1) نهج البلاغة 1: 30 - 37.

(2) في النسخة: " ويلقبه ".

(3) القصص 28: 83.

(4) في النسخة: " أن لا تفارقوا "، والمثبت من المصدر.

الصفحة 241
عندي من عفطة عنز (1).

فوصفهم بإيثار الدنيا على الآخرة على وجه يوجب على المتمكن من ذلك منعهم بالقهر، وسوى بينهم وبين المتقدمين عليه يجعلهم آخرا لأولهم، وصرح باستحقاق الجميع الموافقة عن الظلم وإيثار العاجلة على الآجلة، وأنه إنما أمسك عن أولئك وقاتل هؤلاء لعدم التمكن هناك، لفقد الناصر، وحصوله هاهنا لكثرته، وهذا تصريح منه عليه السلام بظلم القوم له.

وقوله عليه السلام في رسالته إلى ابن حنيف: بلى قد كانت لنا فدك من جميع ما أظله الفلك، فسحت فيها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين.

فهذا نص على ظلم الآخذين لفدك منه ومن آله عليهم السلام.

وقوله عليه السلام المشهور: أنا أنف الهدى وعيناه، ألا أنبئكم بحاجبي الضلالة، تبدو مخازيهما في آخر الزمان.

وقوله عليه السلام: والله لأخاصمن أبا بكر وعمر إلى الله تعالى، والله ليقضين لي الله وقوله عليه السلام المستفيض: بايع والله الناس أبا بكر وأنا أولى بها مني بقميصي هذا، فكظمت غيظي وانتظرت أمر ربي وألزقت كلكلي بالأرض، ثم أن أبا بكر هلك واستخلف عمر، وقد والله علم أني أولى الناس بها مني بقميصي هذا، فكظمت غيظي وانتظرت أمر ربي، ثم أن عمر هلك وجعلها شورى، وجعلني سادس ستة كستهم الجدة، وقال: اقتلوا الأقل، وما أراد غيري، فكظمت غيظي وانتظرت أمر ربي وألزقت كلكلي با رص... (2) وقوله عليه السلام: قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله (و) أنا أولى بالناس مني بقميصي هذا، وإن أول شقصنا إبطال حقنا من الخمس، فلما رق أمرنا طمعت رعيان

____________

(1) نهج البلاغة 1: 30 - 37.

(2) ورد هنا بياض في النسخة

الصفحة 242
الهيم (1) من قريش فينا، وإنما يعرف (2) الهدى بالأبرار، في كلام طويل.

وهذا تصريح منه عليه السلام بكونه أولى الناس بالأمر، وأن المتقدم عليه ظالم.

ومنه ما روي عن الأصبغ بن نباتة، وعن رشيد الهجري، وعن أبي كدينة الأسدي (3)، وغيرهم من أصحاب علي عليه السلام بأسانيد مختلفة قالوا: كنا جلوسا في المسجد إذ خرج علينا أمير المؤمنين عليه السلام من الباب الصغير يهوي بيده عن يمينه يقول: أما ترون ما أرى؟ قلنا: يا أمير المؤمنين وما الذي ترى؟ قال: أرى أبا بكر عتيقا في (سدف) (4) النار يشير إلي بيده يقول: استغفر لي، لا غفر الله له.

وزاد أبو كدينة: أن الله لا يرضى عنهما حتى يرضياني، وأيم الله لا يرضياني أبد.

وسئل عن السدف؟ فقال: الوهدة العظيمة.

ورروا عن الحارث الأعور قال: دخلت على (علي) عليه السلام في بعض الليل، فقال لي: ما جاء بك في هذه الساعة؟ قلت: حبك يا أمير المؤمنين، قال: الله؟ قلت: الله، قال: ألا أحدثك بأشد الناس عداوة لنا وأشدهم عداوة لمن أحبنا؟ قلت: بك يا أمير المؤمنين، أما والله لقد ظننت ظنا، وقال: هات ظنك، قلت: أبو بكر وعمر؟ قال: ادن مني يا أعور، فدنوت منه، فقال: أبرأ منهما.

وفي رواية أخرى: إني لأتوهم توهما فأكره أن أرمي به بريئا: أبو بكر وعمر؟

فقال: إي والذي فلق الحبة وبرأ (5) النسمة، إنهما لهما ظلماني حقي وتغاصاني ريقي، وحسداني، وآذياني، وإنه ليؤذي أهل النار ضجيجهما ونصبهما ورفع أصواتهما وتعيير (6) رسول الله صلى الله عليه وآله إياهما.

____________

(1) في النسخة: " إليهم ".

(2) في النسخة: " نعرف ".

(3) في البحار " كديبة "، وكذا باقي الموارد الآتية. ويأتي التعبير عنه بالأزدي.

(4) من البحار.

(5) في النسخة: " وأبرأ ".

(6) في المسخة: " وتغير ".

الصفحة 243
ورووا عن عمارة قال: كنت جالسا عند أمير المؤمنين عليه السلام، وهو في ميمنة مسجد الكوفة وعنده الناس، إذ أقبل رجل فسلم عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين والله إني لأحبك، فقال: لكني والله ما أحبك، كيف حبك لأبي بكر وعمر؟ فقال: والله إني لأحبهما حبا شديدا، قال: كيف حبك لعثمان؟ قال: قد رسخ (1) حبه في السويداء من قلبي، فقال (2) علي عليه السلام: أنا أبو الحسن، الحديث.

ورووا عن سفيان، عن فضيل بن الزبير قال: حدثني نقيع، عن أبي كدينة الأزدي (3) قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فسأله عن قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) (4) فيمن نزلت؟ قال: ما تريد، أتريد أن تغري بي الناس؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، ولكن أحب أن أعلم، قال: إجلس، فجلس، فقال: أكتب عامرا، أكتب معمرا، أكتب عمرا، أكتب عمارا، أكتب معتمرا، في أحد الخمسة نزلت.

قال سفيان؟ قلت لفضيل: أتراه عمر؟ قال: فمن هو غيره.

(نكير الإمام الحسين عليه السلام)

ورووا عن المنذر الثوري قال: سمعت الحسين بن علي عليهما السلام يقول: إن أبا بكر وعمر عمدا إلى الأمر وهو لنا كله، فجعلا لنا فيه سهما كسهم الجدة، أما والله لتهمز (5) بهما أنفسما يوم يطلب الناس فيه شفاعتنا.

ورووا عنه عليه السلام، وسأله رجل عن أبي بكر وعمر؟ فقال: والله لقد ضيعانا، وذهبا بحقنا، وجلسا مجلسا كنا أحق به منهما، ووطئا على أعناقنا، وحملا الناس

____________

(1) في النسخة: " رشح "، والمثبت من البحار.

(2) في النسخة: " قال، والمثبت من البحار.

(3) مر التعبير عنه بالأسدي.

(4) الحجرات 49: 1.

(5) في البحار: " ليهم ".

الصفحة 244
على رقابنا.

(نكير الإمام السجاد عليه السلام)

ورووا عن أبي الجارود زياد بن المنذر قال: سئل علي بن الحسين عليهما السلام عن أبي بكر وعمر؟ فقال: أضعنا بآياتنا (1)، واضطجعا بسبيلنا، وحملا الناس على رقابنا.

وعن أبي إسحاق أنه قال: صحبت علي بن الحسين عليهما السلام بين مكة والمدينة، فسأله عن أبي بكر وعمر ما تقول فيهما؟ قال: ما عسى أن أقول فيهما، لا رحمهما الله ولا غفر لهما.

وعن القاسم بن مسلم قال: كنت مع علي بن الحسين عليهما السلام بينبع، يدي في يده، فقلت: ما تقول في هذين الرجلين أتبرأ من عدوهما؟ فغضب ورمى بيده من يدي، ثم قال: ويحك يا قاسم هما أول من أضعنا بآياتنا (2)، واضطجعا بسبيلنا، وحملا الناس على رقابنا، وجلسا مجلسا كنا أحق به منهما.

وعن حكيم بن جبير، عنه عليه السلام مثله، وزاد: فلا غفر الله لهما.

وعن أبي علي الخراساني، عن مولى لعلي بن الحسين عليهما السلام قال: كنت مع علي بن الحسين عليهما السلام في بعض خلواته، فقلت: إن لي عليك حقا، ألا تخبرني عن هذين الرجلين، عن أبي بكر وعمر؟ فقال: كافران، كافر من أحبهما.

وعن أبي حمزه الثمالي قال: قلت لعلي بن الحسين عليهما السلام وقد خلا: أخبرني عن هذين الرجلين؟ قال: ها أول من ظلمنا حقنا، وأخذا ميراثنا، وجلسا مجلسا كنا أحق به منهما، لا غفر الله فما ولا رحمهما، كافران، كافر من تولاها.

وعن حكيم بن جبير قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: أنتم تقتلون في

____________

(1) في البحار: " أضغنا بآبائنا ".

(2) في البحار: " أضغنا بآباوئنا ".

الصفحة 245
عثمان من (1) ستين سنة، فكيف لو تبرأتم من صنمي قريش.

(نكير الإمام الباقر عليه السلام)

ورووا عن سورة بن كليب قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أبي بكر وعمر؟

قال: هما أول من ظلمنا حقنا، وحملا الناس على رقابنا، قال: فأعدت عليه فأعاد علي ثلاثا، فأعدت عليه الرابعة فقال:... (2) (شعر) (3)
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع (4)العصا وما علم الانسان إلا ليعلما

وعن كثير النوا، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن أبي بكر وعمر؟ فقال:

ما أول من انتزى (5) على حقنا، وحملا (6) الناس على أعناقنا وأكتافنا (7)، وأدخلا الذل بيوتنا.

وعنه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: والله لو وجد (8) عليهما أعوانا لجاهدهما، يعني: أبا بكر وعمر.

وعن بشير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أبي بكر وعمر فلم يجبني، ثم سألته فلم يجبني، فلما كان من الثالثة قلت: جعلت فداك أخبرني عنهما؟ فقال: ما قطرت قطرة دم من دمائنا ولا من دماء أحد من المسلمين إلا وهي في أعناقهما إلى يوم القيامة.

ورووا أن ابن بشير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إن الناس يزعمون أن

____________

(1) في البحار: " منذ ".

(2) ورد بياض في النسخة.

(3) من البحار.

(4) في النسخة: " ما يفرغ "، والمثبت من لسان العرب 8: 263 والبحار.

(5) في النسخة: " انبرى " والمثبت من البحار، (6) في النسخة: " وحمل "، والمثبت من البحار.

(7) في البحار: " وأكنافنا ".

(8) أي: أمير المؤمنين عليه السلام.

الصفحة 246
رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اللهم أعز الإسلام بأبي جهل أو بعمر، فقال أبو جعفر عليه السلام: والله ما قال هذا رسول الله صلى الله عليه وآله قط، إنما أعز الله الدين بمحمد عليه الصلاة والسلام، ما كان الله ليعز الدين بشرار خلقه.

ورووا عن قدامة بن سعد الثقفي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أبي بكر وعمر؟ فقال: أدركت أهل بيتي وهم يصيبونهما (1).

وعن أبي الجارود (2) قال: كنت أنا وكثير النوا عند أبي جعفر عليه السلام، فقال كثير: يا أبا جعفر رحمك الله هذا أبو الجارود تبرأ من أبي بكر وعمر، فقلت لأبي جعفر عليه السلام: كذب والله الذي لا إله إلا هو ما سمع ذلك مني قط، وعنده عبد الله بن علي أخو أبي جعفر عليه السلام، فقال: هلم إلي أقبل إلي يا كثير، كانا والله أول من ظلمنا حقنا، وأضعنا بآياتنا (3)، وحملا الناس على رقابنا، فلا غفر الله لهما ولا غفر لك معهما يا كثير.

وعن أبي الجارود قال: سئل أبو جعفر عليه السلام عنهما وأنا جالس؟ فقال: ما أول من ظلمنا حقنا، وحملا الناس على رقابنا، وأخذا من فاطمة عليها السلام عطية رسول الله صلى الله عليه وآله فدك بنواضحها، فقام ميسر فقال: الله ورسوله منهما بريئان، فقال أبو جعفر عليه السلام:... (4).

(شعر) (5)
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرعالعصا وما علم الانسان إلا ليعلما

ورووا عن بشير بن أبي أراكة البتال (6) قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن

____________

(1) في البحار: " يعيبونهما ".

(2) في النسخة: " وعن أبي الجارود وزياد بن المنذر قال " والمثبت من البحار.

(3) في البحار: " وأضغنا بآبائنا ".

(4) ورد بياض في النسخة.

(5) من البحار.

(6) في البحار: " النبال ".

الصفحة 247
أبي (1) بكر وعمر؟ فقال كهيئة المنتهر: ما تريد من صنمي العرب، أنتم تقتلون على دم عثمان بن عفان، فكيف لو أظهرتهم البراءة منهما، إذا لما ناظروكم طرفة عين.

وعن حجر البجلي قال: شككت في أمر الرجلين، فأتيت المدينة فسمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن أول من ظلمنا وذهب بحقنا وحمل الناس على رقابنا أبو بكر وعمر.

وعنه عليه السلام قال: لو وجد علي أعرانا لضرب أعناقهما.

وعن سلام بن سعيد المخزومي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ثلاثة لا يصعد عملهم إلى السماء ولا يقبل منهم عمل: من مات ولنا أهل البيت في قلبه (2) بغض، ومن تولى عدونا وترك ولايتنا، ومن تولى أبا بكر وعمر.

وعن ورد بن زيد أخي الكميت قال: سألنا محمد بن علي عليهما السلام عن أبي بكر وعمر؟ فقال: من كان يعلم أن الله حكم عدل بري منهما، وما من محجمة دم تهراق إلا وهي في رقابهما.

وعنه عليه السلام وسئل عن أبي بكر وعمر؟ فقال: هما أول من ظلمنا، وقبض حقنا، وتوثب على رقابنا، وفتح علينا بابا لا يسده شئ إلى يوم القيامة، فلا (3) غفر الله لهما ظلمهما إيانا.

وعن سالم بن أبي حفصة قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت: أئمتنا وسادتنا، نوالي من واليتم ونعادي من عاديتم ونتبرأ (4) من عدوكم، فقال: بخ بخ يا شيخ إن كان لقولك (5) حقيقة، قلت: جعلت فداك إن له حقيقة، قال: ما تقول في أبي بكر وعمر؟ قلت (6): إماما عدل رحمهما الله، قال: يا شيخ والله لقد أشركت في هذا الأمر من لم

____________

(1) في النسخة: " أبا "، والمثبت من البحار.

(2) في النسخة: " ولنا في قلبه أهل البيت " والمثبت من البحار.

(3) في البحار: " ولا ".

(4) في البحار: " ونبرأ ".

(5) في النسخة: " بقولك " والمثبت من البحار.

(6) في النسخة: " قال ".

الصفحة 248
يجعل الله له فيه نصيبا.

وعن فضيل بن عثمان (1)، عن أبي جعفر عليه السلام قال: مثل أبي بكر وشيعته مثل فرعون وشيعته، ومثل علي عليه السلام وشيعته مثل موسى عليه السلام وشيعته.

ورووا عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا) (2)، قال: أسر إليهما أمر القبطية، وأسر إليهما أن أبا بكر وعمر يليان أمر الأمة (3) من بعده ظالمين فاجرين غادرين.

(نكير الإمام الصادق عليه السلام)

ورووا عن عبيد بن سليمان النخعي، عن محمد بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي قال: أخبرني ابن أخي الأرقط (4)، قال: قلت لجعفر بن محمد عليهما السلام: يا عماه إني أتخوف علي وعليك الفوت أو الموت ولم يفرش لي أمر هذين الرجلين، فقال لي جعفر عليه السلام: إبرأ منهما برأ الله ورسوله منهما.

ورووا عن عبد الله بن سنان، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال، قال لي:

أبو بكر وعمر صنما قريش اللذان يعبدونهما.

ورووا عن إسماعيل بن يسار، عن غير واحد، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: كان إذا ذكر عمر زناه، وإذا ذكر أبا جعفر أبا الدوانيق زناه، ولا يزني غيرها.

(نكير أئمة أهل البيت عليهم السلام)

وتناصر الخبر عن علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد عليهم السلام

____________

(1) في البحار: " وعن فضيل الرسان ".

(2) التحريم 66: 3.

(3) في النسخة: " الإمامة "، والمثبت من البحار.

(4) في البحار: " عن محمد بن الحسين بن علي بن الحسين عن ابن أخيه الأرقط ".

الصفحة 249
من طرق مختلفة، أنهم قالوا كل (1) منهم: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من زعم أنه إمام وليس بإمام، ومن جحد إمامة إمام من الله، ومن زعم أن لهما في الإسلام نصيبا.

ومن طرق أخر: (أن) (2) للأولين.

ومن آخر: للأعرابي في الإسلام نصيبا.

إلى غير ذلك من الروايات عمن ذكرناه.

وعن أبنائهم: (3) أبي الحسن موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي ابن محمد والحسن بن علي عليهم السلام، مقترنا بالمعلوم من دينهم لكل متأمل حالهم، وأنهم يرون في المتقدمين على أمير المؤمنين ومن دان بدينهم أنهم كفار.

وذلك كاف عن إيراد رواية.

وإنما ذكرنا طرقا منها استظهارا.

وقد روت الخاصة والعامة عن جماعة من وجوه الطالبيين ما يضاهي المروي من ذلك عن الأئمة عليهم السلام.

(نكير زيد بن علي الشهيد)

فرووا عن معمر بن خيثم قال: بعثني زيد بن علي داعية، فقلت: جعلت فداك ما أجابتنا إليه الشيعة فإنها لا تجيبنا إلى ولاية أبي بكر وعمر، قال لي: ويحك أحد أعلم (4) مظلمته منا، والله لئن قلت إنهما جارا في الحكم لتكذبن، ولئن قلت إنهما استأثرا بالفئ لتكذبن، ولكنهما أول من ظلمنا حقنا وحمل الناس على رقابنا، والله إني لأبغض أبناءها

____________

(1) في النسخة: " وكل ".

(2) من البحار.

(3) في النسخة: " آبائهم "، والمثبت من البحار.

(4) كذا.