ورووا عن محمد بن فرات الجرمي قال: سمعت زيد بن علي يقول: إنا لنلتقي وآل عمر في الحمام فيعلمون أنا لا نحبهم ولا يحبونا، والله إنا لنبغض الأبناء لبغض الآباء.
ورووا عن فضيل بن الزبير قال: قلت لزيد بن علي عليه السلام: ما تقول في أبي بكر وعمر؟ قال: قل فيهما ما قال علي، كف كما كف لا تجاوز قوله، قلت: أخبرني عن قلبي أنا خلقته؟ قال: لا، قلت: فإني أشهد على الذي خلقه أنه وضع في قلبي بغضهما، فكيف لي بإخراج ذلك من قلبي، فجلس جالسا وقال: أنا والله الذي لا إله إلا هو إني لأبغض فيهما من بغضهما، وذلك أنهم (2) إذا سمعوا سب علي عليه السلام فرحوا.
ورووا عن العباس بن الوليد الاعذاري قال: سئل زيد بن علي عن أبي بكر وعمر فلم يجب فيهما، فلما أصابته الرمية نزع (3) الرمح من وجهه (و) استقبل الدم بيده حتى صار كأنه كبد، فقال: أين السائل عن أبي بكر وعمر؟! هما والله شركاء في هذا الدم، ثم رمى به وراء ظهره.
وعن نافع الثقفي - وكان قد أدرك زيد بن علي - قال: سأله (4) رجل عن أبي بكر وعمر، فسكت فلم يجبه، فلما رمي قال: أين السائل عن أبي بكر وعمر؟! هما أوقفاني هذا الموقف.
(نكير يحيى بن زيد الشهيد)
ورووا عن يعقوب بن عدي قال: سئل يحيى بن زيد عنهما ونحن بخراسان وقد التقى الصفان؟ فقال: ها أقامانا هذا المقام، والله لقد كانا لئيما جدها، ولقد ها بأمير المؤمنين أن يقتلاه.
____________
(1) في النسخة: " ما يقولون ".
(2) في البحار: " لأنهم ".
(3) في النسخة: " فنزع ".
(4) في البحار: " فسأله ".
(نكير عبد الله بن الحسن وابنه موسى)
ورووا عن قليب بن حماد، عن موسى بن عبد الله بن الحسن قال: كنت مع أبي بمكة، فلقيت رجلا من أهل الطائف مولى لثقيف نال (1) من أبي بكر وعمر، فأوصاه أبي بتقوى الله، فقال الرجل: يا أبا محمد أسألك (2) برب هذه البنية (3) ورب هذا البيت هل صليا على فاطمة؟ قال اللهم لا، قال: فلما مضى الرجل قال موسى: سببته وكفرته، فقال: أي بني لا تسبه ولا تكفره، والله لقد فعلا فعلا عظيما.
وفي رواية أخرى: أي بني لا تكفره، فوالله ما صليا على رسول الله صلى الله عليه وآله، ولقد مكث ثلاثا ما دفنوه، إنه شغلهم ما كانا يبرمان.
ورووا أنه أتى يزيد بن علي الثقفي إلى عبد الله بن الحسن وهو بمكة، فقال: أنشدك الله أتعلم أنهم منعوا فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ميراثها؟ قال:
نعم، قال فأنشدك الله أتعلم أن فاطمة ماتت وهي لا تكلمهما - يعني: أبا بكر وعمر - وأوصت أن لا يصليا عليها؟ قال: نعم، قال: فأنشدك بالله أتعلم أنهم بايعوا قبل أن يدفن رسول الله صلى الله عليه وآله واغتنموا شغلهم؟ قال: نعم، قال: وأسألك بالله أتعلم أن عليا عليه السلام لم يبايع لهما حتى أكره؟ قال: نعم، قال: فأشهدك أني منهما بري وأنا على رأي علي وفاطمة عليهما السلام، قال موسى: فأقبلت عليه، فقال أبي: أي بني والله لقد أتيا أمرا عظيما.
ورووا عن مخول بن إبراهيم قال: أخبرني موسى بن عبد الله بن الحسن، وذكرهما، فقال: قل لهؤلاء نحن نأتم بفاطمة عليها السلام، فقد جاء الحديث (4) عنها أنها ماتت
____________
(1) في البحار: " فنال ".
(2) في البحار: " سائلك ".
(3) أي: الكعبة، الصحاح 6: 2286 بنا.
(4) في البحار: " البيت ".
قال مخول: وسألت موسى بن عبد الله عن أبي بكر وعمر؟ فقال لي ما أكره ذكره، قلت (3) لمخول: قال فيهما أشد من الظلم والفجور والغدر؟ قال: نعم.
قال مخول: وسألته (4) عنهما مرة؟ فقال: أتحسبني بتريا، ثم قال فيهما قولا سيئا.
وعن ابن مسعود قال: سمعت موسى بن عبد الله يقول: هما أول من ظلمنا حقنا وميراثنا من رسول الله صلى الله عليه وآله، فغصبانا فغصب الناس.
(نكير يحيى بن عبد الله بن الحسن)
ورووا عن يحيى بن مساور قال: سألت يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبي بكر وعمر؟ فقال لي: إبرأ منهما.
(نكير محمد بن عمر بن الحسن)
ورووا عن عبد الله بن محمد بن عمر (5) بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال:
شهدت أبي: محمد بن عمر، ومحمد بن عمر بن الحسن - وهو: الذي كان مع الحسين بكربلاء، وكانت الشيعة تنزله بمنزلة أبي جعفر عليه السلام، يعرفون حقه وفضله - قال:
فكلمه في أبي بكر وعمر، فقال محمد بن عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام لأبي: أسكت، فإنك عاجز والله، إنهما لشركاء في دم الحسين عليه السلام.
وفي رواية أخرى عنه أنه قال: والله لقد أخرجهما رسول الله صلى الله عليه وآله
____________
(1) من البحار.
(2) في النسخة: " غضبهما ".
(3) في البحار: " فقال: ما أكره ذكره وقلت ".
(4) في البحار: " وسألت ".
(5) في البحار: " عمير ".
(نكير عبد الله بن الحسن)
ورووا عن أبي حذيفة من أهل اليمن - وكان فاضلا زاهدا - قال: سمعت عبد الله بن الحسن (1) بن علي بن الحسين عليه السلام وهو يطوف بالبيت، فقال: ورب هذا البيت ورب هذا الركن ورب هذا الحجر (2)، ما قطرت منا قطرت دم ولا قطرت من دماء المسلمين قطرة إلا وهي (3) في أعناقهما، يعني: أبا بكر وعمر.
(نكير محمد بن الحسن)
ورووا عن إسحاق بن أحمر قال: سألت محمد بن الحسن بن علي بن الحسين عليه السلام، قلت: أصلي خلف من يتوالى أبا بكر وعمر؟ قال: لا، ولا كرامة.
(نكير محمد بن عمر بن الحسن)
ورووا عن أبي الجارود قال: سئل محمد بن عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام عن أبي بكر وعمر؟ فقال: قتلتم منذ ستين سنة في أن ذكرتم عثمان، فوالله لو ذكرتم أبا بكر وعمر لكانت دماؤكم أحل عندهم من دماء السنانير.
(نكير الحسن بن علي بن الحسين)
ورووا عن أرطاة بن حبيب الأسدي قال: سمعت الحسن بن علي بن الحسين الشهيد عليه السلام بفخ يقول: ها والله أقامانا هذا المقام وزعما أن رسول الله صلى الله
____________
(1) في النسخة: " سمعت أبا عبد الله بن الحسن ".
(2) في النسخة: " الجمر "، والمثبت من البحار.
(3) في البحار: " وهو ".
(نكير الحسن بن محمد)
ورووا عن إبراهيم بن ميمون، عن الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي عليهما السلام قال: ما رفعت امرأة منا طرفها إلى السماء فقطرت منها قطرة إلا كان في أعناقهما.
(نكير الحسن بن إبراهيم والحسين بن زيد وعدة من أهل البيت)
ورووا عن قليب بن حماد قال: سألت الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن زيد بن الحسن، والحسين بن زيد بن علي عليه السلام، وعدة من أهل البيت، عن رجل من أصحابنا لا يخالفنا في شئ إلا أنه إذا انتهى إلى أبي بكر وعمر أوقفهما وشك في أمرهما.
فكلهم قالوا: من أوقفهما شكا في أمرهما فهو ضال كافر.
(نكير فاطمة بنت الحسين)
ورووا عن محمد بن الفرات قال: حدثتني فاطمة الحنفية، عن فاطمة ابنة الحسين عليه السلام: أنها كانت تبغض أبا بكر وعمر وتسبهما.
(نكير عبد الله بن محمد بن عقيل)
ورووا عن عمر بن ثابت قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب قال: إن أبا بكر وعمر عدلا في الناس وظلمانا فلم يغضب الناس لنا، وإن عثمان ظلمنا وظلم الناس فغضب الناس لأنفسهم فآلوا إليه فقتلوه.
(حديث مرض علي (ع) وما قاله النبي (ص) لأبي بكر وعمر)
ورووا عن القاسم بن جندب، عن أنس بن مالك قال: مرض علي عليه السلام فثقل، فجلست عند رأسه، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه الناس، فامتلأ البيت، فقمت من مجلسي فجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، فغمز أبو بكر عمر، فقام فقال: يا رسول الله إنك كنت عهدت إلينا في هذا عهدا، وإنا لا نراه إلا لما به، فإن كان شئ فإلى من؟ فسكت رسول الله عليه السلام فلم يجب (1)، فغمزه الثانية فكذلك، ثم الثالثة، فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه ثم قال: إن هذا لا يموت من وجعه هذا، ولا يموت حتى تملياه غيظا وتوسعاه غدرا وتجداه صابرا.
(نكير حذيفة بن اليمان)
ورووا عن يزيد بن معاوية البكالي (2) قال: (3) سمعت حذيفة بن اليمان يقول: ولي أبو بكر فطعن في الإسلام طعنة أوهنه، ثم ولي عمر فطعن في الإسلام طعنة حل وسطه، ثم ولي عثمان بعده فطعن في الإسلام طعنة مرق منه.
وفي رواية أخرى عنه رضي الله عنه قال: ولينا أبو بكر فطعن في الإسلام طعنة، ثم ولينا عمر فحل الأزرار، ثم ولينا عثمان فخرج منه عريانا.
(نكير الحكم بن عيينة)
ورووا عن أبان بن تغلب، عن الحكم بن عيينة قال: كان إذا ذكر عمر أمضه (4) ثم قال: كان (5) يدعو ابن عباس فيستفتيه مغايظة لعلي عليه السلام.
____________
(1) في البحار: " فلم يجبه ".
(2) في النسخة: " البكاني " والمثبت من البحار.
(3) في النسخة والبحار: " قالت ".
(4) أمض: أوجع وأحرق.
(5) أي: عمر.
(نكير الأعمش)
ورووا عن الأعمش أنه كان يقول: قبض نبيهم صلى الله عليه وآله فلم يكن بهم هم إلا أن يقولوا: منا أمير ومنكم أمير، وما أظنهم يفلحون.
ورووا عن معمر بن زايدة الوشا قال: أشهد على الأعمش أني (1) سمعته يقول: إذا كان يوم القيامة يجاء بأبي بكر وعمر كالثورين العقيرين، لهما في نار جهنم خوار.
ورووا عن سليمان بن أبي الورد قال: قال الأعمش في مرضه الذي قبض فيه: هو برئ منهما وسماها، قلت للمسعودي: سماهما؟! قال: نعم أبو بكر (وعمر.
ورووا عن معمر بن زائدة قال: كنا عند حبيب بن أبي ثابت، قال بعض القوم:
أبو بكر) (2) أفضل من علي عليه السلام، فغضب حبيب ثم قام قائما فقال: والله الذي لا إله إلا هو لفيهما نزلت: (الظانين بالله الظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم) الآية (3).
(نكير أبي الجارود)
ورووا عن يحيى بن أبي المساور (4)، عن أبي الجارود قال: إن لله عز وجل مدينتين:
مدينة بالمشرق ومدينة بالمغرب، لا يفتران من لعن أبي بكر وعمر.
(نكير شريك)
ورووا عن ابن عبد الرحمن قال: سمعت شريكا يقول: ما لهم ولفاطمة عليها السلام، والله ما جهزت جيشا ولا جمعت جمعا، والله لقد أذيا رسول الله صلى الله عليه وآله في قبره.
____________
(1) في النسخة: " وأني ".
(2) من البحار.
(3) الفتح 48: 6.
(4) في النسخة " المشاور " والمثبت من البحار.
(النكير على عثمان وأمور متفرقة)
فن ذلك:
نكير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
ما رواه الثقفي من عدة طرق، عن قيس بن أبي حازم قال: أتيت عليا عليه السلام أستشفع به إلى عثمان، فقال: إلى حمال الخطايا!
وروى الثقفي أن العباس كلم عليا عليه السلام في عثمان، فقال: لو أمرني (2) عثمان أن أخرج من داري لخرجت، ولكن أبي أن يقيم كتاب الله.
وروى الثقفي عن علي عليه السلام قال: دعاني عثمان فقال: اغن عني نفسك ولك عير أولها بالمدينة وآخرها بالعراق، فقلت: (3) بخ بخ قد أكثرت لو كان من مالك، قال:
فن مال من هو؟ قلت: من مال قوم ضاربوا بأسيافهم، قال لي: أو هناك تذهب، ثم قام إلي ففربني حتى حجزه عني الربو (4)، وأنا أقول له: أما أني لو شئت لانتصفت.
وذكر الواقدي في كتاب الدار قال: دخل سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف والزبير وطلحة وعلي بن أبي طالب عليه السلام على عثمان، فكلموه في بعض ما رأوا منه، فكثر الكلام بينهم، وكان علي عليه السلام من أعظمهم عليه، فقام علي عليه السلام مغضبا، فأخذ الزبير بثوبه فقال: أجلس، فأبى، فقال عثمان: دعه فوالله ما علمت
____________
(1) في النسخة: " جملة "، والمثبت من البحار.
(2) في البحار: " لو أمر بي ".
(3) في النسخة: " فقال "، والمثبت من البحار.
(4) في النسخة: " الزبو "، والربو هو: النهيج وتواتر النفس الذي يعرض للمسرع، اللسان 14: 305 ربو.
وروى الواقدي في كتابه عن ابن عباس: أن أول ما تكلم الناس في عثمان ظاهرا أنه صلى بمنى أول ولايته ركعتين، حتى إذا كانت السنة السادسة أتمها، فعاب ذلك غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، وتكلم في ذلك من يريد أن يكثر عليه، حتى جاءه (2) علي فيمن جاءه، فقال: والله ما حدث امرؤ لأقدم عهد، ولقد عهدت نبيك صلى الله عليه وآله صلى ركعتين ثم أبا بكر وعمر، وأنت صدرا من ولايتك، فما هذا؟ قال عثمان: رأي رأيته.
نكير أبي بن كعب
وذكر الثقفي في تاريخه بإسناده قال: جاء (رجل) (3) إلى أبي بن كعب فقال: يا أبا المنذر إن عثمان قد كتب لرجل من آل أبي معيط بخمسين ألف درهم إلى بيت المال، فقال أبي: لا يزال تأتوني بشئ ما أدري ما هو فيه، فبينا هو كذلك إذ مر به الصك، فقام فدخل على عثمان فقال: يا بن الهاوية يا بن النار الهامية أتكتب لبعض آل أبي معيط إلى بيت مال المسلمين بصك بخمسين ألف درهم، فغضب عثمان فقال (4): لولا أني قد نفيتك (5) لفعلت بك كذا وكذا.
وذكر الثقفي في تاريخه قال: فقام رجل إلى أبي بن كعب فقال: يا أبا المنذر ألا تخبرني عن عثمان ما قولك فيه؟ فأمسك عنه، فقال له الرجل: جزاكم الله شرا يا أصحاب محمد، شهدتم الوحي وعاينتموه ثم نسألكم التفقه في الدين فلا تعلمونا! فقال أبي عند ذلك: هلك أصحاب العقدة ورب الكعبة، أما والله ما عليهم آسى، ولكن آسى على من
____________
(1) في البحار: " لما يكل ".
(2) في البحار: " جاء به ".
(3) من البحار.
(4) في البحار: " وقال ".
(5) في البحار: " كفيتك ".
أهلكوا، والله لئن أبقاني الله إلى يوم الجمعة لأقومن مقاما أتكلم فيه بما أعلم، قتلت أو استحييت، فمات رحمه إلى يوم الخميس.
نكير أبي ذر
روى الثقفي في تاريخه بإسناده عن ابن عباس قال: استأذن أبو ذر على عثمان، فأنى أن يأذن له، فقال لي (1): استأذن لي عليه، قال ابن عباس: فرجعت إلى عثمان فاستأذنت له عليه، قال: إنه يؤذيني قلت: (2) عسى أن لا يفعل، فأذن له من أجلي، فلما دخل عليه قال له: اتق الله يا عثمان، فجعل يقول: اتق الله وعثمان يتوعده، قال أبو ذر: إنه قد حدثني النبي صلى الله عليه وآله: أنه يجاء بك وبأصحابك يوم القيامة فتبطحون على وجوهكم فتمر عليكم البهائم فتطوكم، كلما مرت أخراها (3) ردت أولاها، حتى يفصل بين الناس.
قال يحيى بن سلمة: فحدثني العزرمي (4) أن في هذا الحديث: ترفعون حتى إذا كنتم مع الثريا ضرب بكم على وجوهكم فتطأكم البهائم.
وذكر الثقفي في تاريخه: أن أبا ذر رأى أن عثمان قد أمر بتحريق المصاحف، فقال له: يا عثمان لا تكن أول من حرق كتاب الله فيكون دمك أول دم يهراق.
وذكر في تاريخه، عن تغلبة (5) بن حكيم قال: بينا أنا جالس عند عثمان وعنده أناس من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله من أهل بدر وغيرهم، فجاء أبو ذر يتوكأ على عصاه، فقال: السلام عليكم، فقال: اتق الله يا عثمان إنك تصنع (6) كذا وكذا وتصنع
____________
(1) في النسخة: " له ".
(2) من البحار.
(3) في النسخة: " أخراكم "، والمثبت من البحار.
(4) في النسخة: " العذرمي " والمثبت من البحار.
(5) في البحار: " اثعلبة ".
(6) في البحار: " تسمع ".
بفيك التراب، قال له علي عليه السلام، (بل) (3) بفيك التراب، ثم انصرف.
وروى الثقفي في تاريخه: أن أبا ذر دخل على عثمان وعنده جماعة فقال: أشهد أني جماعة رسول الله صلى عليه وآله يقول: يجاء بي يوم القيامة وبك (4) وبأصحابك حتى نكون بمنزلة الجوزاء من السماء، ثم يرمى بنا إلى الأرض فتوطئ علينا البهائم حتى يفرغ من محاسبة العباد، فقال عثمان: يا أبا هريرة هل سمعت هذا من النبي صلى الله عليه وآله؟ فقال: لا، قال أبو ذر: أنشدك الله سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبا ذر؟ قال: أما هذا فقد سمعته، فرجع أبو ذر وهو يقول: والله ما كذبت.
وذكر الثقفي في تاريخه عن عبد الله بن سياق السلمي (5) أنه قال: قلت لأبي ذر: ما لكم ولعثمان ما تنقمون عليه، فقال: (بك) (6) وإذ لو أمرني أن أخرج من داري لخرجت ولو حبوا، ولكنه أبى أن يقيم كتاب الله.
وذكر الثقفي في تاريخه: أن أبا ذر ألقي بين يدي عثمان، فقال: يا كذاب، فقال
____________
(1) في النسخة " الذر "، وكذا في سائر الموارد الآتية.
(2) غافر: 40: 28.
(3) من البحار.
(4) في النسخة: " أو بك ".
(5) في البحار: " عن عبداق شيدان السلمي ".
(6) من البحار.
وذكر الثقفي في تاريخه، عن سهل بن سعد الساعدي قال: كان أبو ذر جالسا عند عثمان وكنت عنده جالسا، إذ قال عثمان: أرأيتم من أدى زكاة ماله هل في ماله حق غيره؟
قال كعب: لا، فدفع أبو ذر بعصاه في صدر كعب ثم قال: يا بن اليهوديين (2) أنت تفسر كتاب الله برأيك، (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله)، إلى قوله: (وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين) (3)، قال: ألا ترى أن على المصلي بعد إيتاء الزكاة حقا في ماله، ثم قال عثمان: أترون بأسا أن نأخذ من بيت مال المسلمين مالا فنفرقه فيما ينوبنا من أمرنا ثم نقضيه؟ ثم قال أناس منهم: ليس بذلك بأس، وأبو ذر ساكت، فقال عثمان: يا كعب ما تقول؟ فقال كعب: لا بأس بذلك، فرفع أبو ذر عصاه فوجى بها في صدره ثم قال: أنت يا بن اليهوديين تعلمنا ديننا! فقال عثمان: ما أكثر أذاك (4) لي وأولئك بأصحابي، إلحق بمكينك وغيب عني وجهك.
وذكر الثقفي، عن الحسين بن عيسى بن زيد، عن أبيه: أن أبا ذر أظهر عيب عثمان وفراقه للدين، وأغلظ له حتى شتمه على رؤوس الناس وبرأ منه، فسيره عثمان إلى الشام.
____________
(1) في النسخة: " التربا " وكذا في الموارد الآتية.
(2) في النسخة: " الهودين "، والمثبت من البحار.
(3) البقرة 2: 177.
(4) في النسخة: " ذلك "، والمثبت من البحار.
قال: نعم والله، فاسترجع أبو الدرداء وصاحبه قريبا من عشر مرات، ثم قال أبو الدرداء:
فارتقبهم واصطبر كما قيل لأصحاب الناقة، اللهم إن كانوا كذبوا أبا ذر فإني لا أكذبه، وإن اتهموه فإني لا أتهمه، وإن استغشوه فإني لا أستغشه، إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأتمنه حيث لا يأتمن أحدا، ويسر إليه حتى لا يسر إلى أحد، أما والذي نفس أبي الدرداء بيده لو أن أبا ذر قطع يميني ما أبغضته بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.
وذكر الثقفي في تاريخه بإسناده قال: قام معاوية خطيبا بالشام فقال: أيها الناس إنما أنا خازن، في أعطيته فالله يعطيه، ومن حرمته فالله يحرمه، فقام إليه أبو ذر فقال:
كذبت والله يا معاوية، إنك لتعطي من حرم الله وتمنع من أعطى الله.
وذكر الثقفي عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر قال: قلت لمعاوية: أما أنا فأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن أحدنا فرعون هذه الأمة، فقال معاوية: أما أنا فلا.
وعنه، عن عبد الملك ابن أخي أبي ذر قال: كتب معاوية إلى عثمان: أن أبا ذر قد حرف قلوب أهل الشام وبغضك إليهم، فما يستفتون غيره ولا يقضي بينهم إلا هو، فكتب عثمان إلى معاوية: أن أجمل أبا ذر على ناب صعبة وقتب، ثم أبعث معه من يخشن به
____________
(1) ورد بياض في النسخة، والظاهر أنه: عبد الرحمن بن معمر، كما تأتي رواية الثقفي عنه.
لا أنعم الله بعمر وعينا | تحية السخط إذا التقينا |
فقال له أبو ذر: لم (2)، فوالذ ما صأف! اللا عمروأ، ولا كأني أبواي عمروأ، وإني على العهد الذي فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وآله، ما غيرت ولا بدلت، فقال له عثمان: كذبت، لقد كذبت على نبينا وطعنت في ديننا وفارقت رأينا وضغنت قلوب المسلمين علينا، ثم قال لبعض غلمانه: ادع لي قريشا، فانطلق رسوله، فما لبثنا أن امتلأ البيت من رجال قريش، فقال لهم عثمان: إنا أرسلنا إليكم في هذا الشيخ الكذاب الذي كذب على نبينا وطعن في ديننا وضغن قلوب المسلمين علينا، وإني قد رأيت إن أقتله أو أصلبه أو أنفيه من الأرض، فقال بعضهم: رأينا لرأيك تبع، وقال بعضهم: لا تفعل فإنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وله حق، فما منهم أحد أدى الذي عليه، فبينا هم كذلك إذ جاء علي بن أبي طالب عليه الإسلام يتركا على عصا سوا (3)، فسلم عليه ونظر ولم يجد مقعدا، فاعتمد على عصاه، فما أدري أتخلف عمدا (4) أم يظن به غير ذلك، ثم قال علي عليه السلام: فيما أرسلتم إلينا؟ قال عثمان: أرسلنا إليكم في أمر قد فرق لنا فيه الرأي، فابهع رأينا ورأي المسلمين فيه على أمر، قال علي عليه السلام: ولله الحمد، أما أنكم لو
____________
(1) في البحار: " من ينجئى به نجثما عنيفا ".
(2) في البحار: " ولم ".
(3) في البحار: " سترا ".
(4) في البحار: " صدا ".
وعنه في تاريخه، بإسناده عن عبد الرحمن بن سر، عن أبيه قال: لما قدم بأبي ذر من الشام إلى عثمان، كان ممّا أبنه (3) به أن قال: أيها الناس إنه يقول: إنه خير من أبي بكر وعمر، قال أبو ذر: أجل أنا أقول، ذلك لقد رأيتني رابع أربعة مع رسول الله صلى الله عليه وآله ما أسلم غيرنا، وما أسلم أبو بكر ولا (4) عمر، ولقد وليا وما وليت، ولقد ماتا وإني لحي، فقال علي عليه السلام: والله لقد رأيته وإنه لرابع الإسلام، فرد عثمان ذلك على علي عليه السلام، وكان بينهما كلام، فقال عثمان: والله لقد همت به، قال علي عليه السلام: وأنا والله لأهم بك (5)، فقام عثمان ودخل بيته وتفرق الناس.
وعنه في تاريخه، عن الأحنف بن قيس قال: بيا نحن جلوس مع أبي هريرة إذ جاء أبو ذر فقال: يا أبا هريرة هل افتقر الله منذ استغنى؟ فقال أبو هريرة: سبحان الله، بل الله الغني الحميد، لا يفتقر أبدا ونحن الفقراء إليه، قال أبو ذر: فما بال هذا المال مجمع بعضه إلى بعض، فقال: مال الله قد منعوه أهله من اليتامى والمساكين، ثم انطلق، فقلت لأبي هريرة: ما لكم لا تأبون مثل هذا، قال: إن هذا رجل قد وطن نفسه على أن يذبح في
____________
(1) في النسخة: " لكم نيحة "، والمثبت من البحار.
(2) غافر 528040 (3) أبنه: اتهمه. الصحاح 5: 2066 ابن.
(4) من البحار 3.
(5) في النسخة: " وأنا والله انّي لأهم بك "، والمثبت من البحار.
وعنه في تاريخه، عن المغرور (1) بن سويد قال: كان عثمان يخطب، فأخذ أبو ذر بحلقة الباب فقال: أنا أبو ذر من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح في قومه، من تخلف عنها هلك، ومن ركبها نجا، قال له عثمان: كذبت، فقال له علي عليه السلام: إنما كان عليك أن تقول كما قال العبد الصالح: (إن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم) (2)، فما أتم حتى قال عثمان: بفيك التراب، فقال علي عليه السلام: بل بفيك التراب.
وذكر الواقدي في تاريخه، عن سعيد بن عطاء، عن أبي مروان الأحمر (3)، عن أبيه، عن جده قال: لما صد الناس عن الحج في سنة ثلاثين أظهر أبو ذر بالشام عيب عثمان، فجعل كلما دخل المسجد أو خرج شتم عثمان، وذكر منه خصال كلها قبيحة، فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى عثمان كتابا يذكر له ما يصنع أبو ذر، وذكر (الواقدي) (4) ما تضمنه الكتاب، حذفناه اختصارا، فكتب إليه عثمان: أما بعد، فقد جاءني كتابك وفهمت ما ذكرت من أبي ذر جندب (5)، فابعث إلي به، واحمله على أغلظ المراكب وأوعرها، وابعث معه دليلا يسير به الليل والنهار حتى لا ينزل عن مركبه، فيغلبه النوم فينسيه ذكري وذكرك، قال: فلما ورد الكتاب على معاوية حمله على شارف ليس عليه إلا قتب، وبعث معه دليلا، وأمر أن يفذ به السير، حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم
____________
(1) في الطبقات 6: 118: المعرور بالعين المهملة.
(2) غافر 40: 28.
(3) في البحار: " الأسلمي ".
(4) من البحار.